السامري إمام مدرسة الرأي و فكرة هدم الدين بالدين و الوحي بوحي شيطاني” من سورة طه رقم (43) في التنزيل من(تفسير البينة أو النبأ العظيم)

بقلم : الشريف خالد محيي الدين الحليبي 

مركز القلم للأبحاث و الدراسات 

الملف بصيغة : PDF 

السامري في الديانات الثلاثة من القرآن الكريم

 

ما يعرفه الناس عن قصة السامري

في بداية قصتنا لابد ان تعلم ان السامري ظهر و ولد في عهد سيدنا موسي علية السلام وكان اسمه موسي أيضا ، وكان ذلك في عهد حكم فرعون ونبي الله موسى علية السلام وقد عرف فرعون ببطشة وجبروته في الأرض ادعائه الألوهية والربوبية  ،  و السامري من القصص المحيرة جدا في التاريخ ، بسبب انه شخص عادى من البشر ليس بنبي ولا رسول أو من أولياء الله الصالحين ونحن نعلم أن حياه الرسول والأنبياء والأولياء حياه مختلفة عن سائر البشر، لذلك قصة السامري قصة شيقة جدا وقد يرى البعض فيها أنه شخص غريب وعجيب بما حدث منه من أفعال واحداث ، لأنه شخصية غير سائر البشر تماما بداية قصتنا في مصر قبل عام 1301 قبل الميلاد كان يعيش بنى إسرائيل في مصر ، وكانوا من أقل طبقه في المجتمع أي انهم كانوا يعملون في الحرف القاصية والصعبة ، وكانوا عبيد لفرعون الأكبر الذى قال للناس انا ربكم الأعلى ، وفى يوم من الأيام رأي فرعون حلم ناراُ  تخرج من بيت المقدس وتتجه الى مصر وعندما وصلت النار الى مصر حرقت البيوت مصر و قصر فرعون ما عدا بيوت السامري

و عندما استيقظ فرعون جمع كل العرافين والمتنبئين والكهان وروي لهم ما رآه في منامه ، فطلب منهم التفسير  فقيل له انه سوف يولد من بنى إسرائيل ولد وسوف تكون نهاية ملكك على يديه .

لذلك أمر فرعون جنوده ان يذبحوا أي طفل يولد من بنى إسرائيل ،ثم،   اجتمع وزراء فرعون وقالوا له بذلك سوف تصبح بدون عبيد في المستقبل بسبب قتل جميع أطفال بنى إسرائيل ، لذلك قرر فرعون انه يقتل جميع  الأطفال سنه ويترك الأطفال في السنه التالية.

ثم ولد النبي هارون عليه السلام  في السنه التالية من قتل أطفال بنى إسرائيل ، فمرت أيام آخرى وجاءت السنه التي سوف يقتل فيها جنود فرعون الأولاد حديثي الوالدة من بنى إسرائيل و ولد سيدنا موسى وألقته أمه في اليم ليتربى في بيت فرعون  لكن في نفس العام  ولد طفل اسمه موسي أيضا وهو (السامري) لذلك خشيت علية أمه وقررت ان تأخذه لكهف يوجد في الصحراء ، لكن توفت أمه في الكهف واصبح موسى (السامري) طفل رضيع لوحده بالكهف لذلك كلف الله سبحانه وتعالى الملك جبريل ان يرعى هذا الطفل موسي (السامري) ، فكان جبريل يأتي بالطعام عسل ولبن للطفل حتى جاء اليوم الذى كبر فيه الطفل موسي (السامري) ، ويقدر ان يعتمد على نفسة ويتعامل مع اهل المدينة وعندما ذهب موسي الى المدينة وتعامل مع البشر تم تسميته بالسامري لأنه كان لا يعلم باسمه الحقيقي موسي طول فترة حضانته .

كبر السامرى وذهب الى مصر واشتغل في معبد يقال انه معبد  العجل أبيس الإله المعبود عند الفراعنة ، فكبر شأن السامري فى هذا المعبد حتى أصبح  المسؤل عنه  وقدر للسامرى أن يصبح مقرب من قصر فرعون وتعرف على سيدنا موسي عليه السلام وتمر الأيام ويكلف الله عز وجل سيدنا موسي بأن يخرج هو وجميع بنى اسرائيل خارج مصر ، لكى يكمل سيدنا موسي علية السلام  دعوه شعب بنى اسرائيل لعبادة الله  ولذلك ادعوا بني اسرائيل انهم لديهم عيد خوفا من بطش الحاكم فرعون ،فسمح لهم فرعون بالإحتفال وقدر بنى اسرائيل ان يجتمعوا ليهربوا  .

علم فرعون بما يريدون بنى اسرائيل من الهروب من مصر لذلك جمع جنوده ليقتلوا بنى اسرائيل ، لكن حدثت المعجزة و اينشق البحر وغرق فرعون وجنوده ولكن كان هناك سيدنا جبريل علية السلام عند انشقاق البحر ، يقال ان سيدنا جبريل علية السلام لديه فرس يلقب فرس الحياة وأى بقعه يخطوها هذا الفرس علي الأرض تحي الأرض زرعا ، هنا نظر السامرى لفرس الحياه وذهب واخذ قطعه من اثر فرس الحياة ، جعل الأثر معه وعندما ذهب بنى اسرائيل لصحراء سينا استخلف موسي عليه السلام أخاه هارون  على بنى اسرائيل ، لكى يذهب موسي بمفرده ليأخد الألواح ( التوراه ) ، فلما ذهب موسي عليه السلام  في اليوم الثلاثين من غيابه ظهر السامرى واخبر بنى اسرائيل أن موسي عليه السلام لن يرجع أبدا لأنه فقد الطريق بالصحراء لذلك طلب  من بنى اسرائيل أن يعطوه كل الذهب الذى جمعوه من المصريين لأنه حرام عليهم ، .

فأخذ السامرى الذهب من بنى اسرائيل وغاب عده أيام وصهر الذهب ليصنع عجل مثل العجل ابيس ورمى على العجل قطعه الأثر التى كان يمتلكها من فرس الحياة ، فاصبح للعجل خوار اي له صوت ، ذهب لبنى اسرائيل وقال لهم هذا ربكم وطوفوا حولة .

و هنا انقسم بنى اسرائيل لفرقتين فرقه كبيرة مع السامرى وفرقه صغيرة مع سيدنا هارون علية السلام وكان سوف يحدث قتال بين الفرقتين ، لكن أوقف القتال سيدنا هارون واعتزل والمؤمنين معه فرقه السامرى ، بعد غياب أربعين ليله جاء سيدنا موسي باالألوح ورأى بنى اسرائيل يعبدون العجل ، فعاتب أخوه هارون عليه السلام وذهب سيدنا موسي لجماعة السامرى من بنى اسرائيل وطلب منهم التوبة .

وهنا ذهب سيدنا موسي علية السلام الى السامرى ، لكن تركه ولم يفعل معه شيئ ، بل وقال له اذهب فان لك فى الحياة ان تقول المساس وان لك موعدا لن تخلفه كما جاء في القرآن الكريم وهذا حدث غريب جدا لأن سيدنا موسي كان يعرف عنه أنه شديد حاد في عبادته لله والدين والمفترض وفق ما هو معلم عن شخصه أن يبطش به إلا أنه قال له { اذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس } وهذا بالتأكيد أمر بوحي من الله تعالى فالأنبياء لا يفعلون شيئاَ إلا بإذن من الله تعالى . و هنا تنتهى قصة السامري ولا يوجد أى معلومات أو كتب أو مراجع تتحدث عن ما حدث بعد ذلك للسامرى أو أين ذهب ، وبعض المفسرين يقولون انه هو المسيخ الدجال الذى سوف يظهر في آخر الزمان والله  أعلى وأعلم.

 

ملخص ما فصله القرآن عن قصة السامري

 من تفسير البينة

 

كما جعل الله تعالى فرعون إماماً للكفرة وأتى بمالم يأته أحداً من قبله فقال أنا ربكم الأعلى وأنه إله ففرعون أول من استحدث عقوبات لم تكن في الأمم من قبل كعقوبة السجن وقتل الأولاد وهتك حياء النساء والتعذيب والضجة الإعلامية التي تستخدمها الحكومات قبل قتل فرد أو جماعة أو طائفة من الناس سراً أو علانية أو سجنها وإخفاؤها سراً من الوجود و كذلك جعل الله تعالى السامري إماماً للمنافقين وأصحاب مدرسة الرأي في الديانات الثلاثة الذين يتقولون على الله ورسوله غير الحق بوحي شيطاني لضرب الوحي المنزل من عند الله وقال تعالى فيه { وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا – الأنعام} فكان السامري أول من أستخدم أثر الرسول في هدم دين الرسول ليكون هو الحاكم الآمر الناهي باستخدام أثر من آثار الرسول أي فكرة هدم الدين بالدين .

وكذلك الشعب الإسرائيلي كان أول الشعوب التي دمجت بين الدين الحق والوثنية فلم يثنيهم الوحي عن عبادة الأووثان بل قالوا { اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة } وقال تعالى فيهم { واتخذ قوم موسى من بعده عجلاً جسداً له خوار} وهذا الدمج لم تفعله أمة من الأمم من قبل إذ كانوا يعلنون كفرهم ثم يقتلون نبيهم أو يحاولون قتل رسولهم فيهلكهم الله تعالى وينصره عليهم وفي عصر فرعون كان هؤلاء أول الشعوب التي دمجت بين الوثنية والوحي ومازال العالم يعاني مما فعلوه بدينهم وما يخططون له من خطط لنشر الفجور والكفر والفسوق والعصيان والشذوذ والإباحية في العالم وقد علوا علواً كبيراً وينتظرون مخلصاً والمفترض أن يكون المستضعفين هم الذين ينتظرون المخلص وليس المستكبربن في خلط بين مفاهيم الدين الحق وما تم إدخاله على أنه من دين الله وهم  يحسبون أنهم يحسنون صنعا .

و يقول تعالى في فرعون وملئه بهذه المعتقدات أنهم أئمة لكل الأمم الظالمة من بعد  كما قال تعالى { وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون – القصص 41 } وفي السامري له عقوبتان الأولى باللامساس الجسدي مادام حياً بجسده على الأرض في الحياة الدنيا والثانية موعداً حدده الله تعالى آخر الزمان لفكرته الشيطانية التي ستجعل كل حاكم لا يحكم بما أنززل الله بمثابة عجل معبود و المحرفين لدين الله تعالى من علناء ضلالة حوله مثلهم كعابد العجل وهذ الفكرة هى التي سيقوم عليها معتقد دجال كل عصر ممن يستخدم دين الله ليثبت أنه مبعوث العناية الإلهية وأن  الله تعالى قد أمر بطاعته وولايته وهذه هى أساس فكرة حكم الدجال إلى أن يظهر الدجال الأكبر في آخر الزمان والذي سيستخدم نفس فكرة السامري ولكن باستخدام وسائل علمية حديثة وسلاح متقدم فيكون قد حل بنا  زمن الدجال الأكبر و هذا هو سبب خلط الكثير بين مفهوم السامري والدجال فكل من اتخذ السامري إماماً فقد تولى غير الله تعالى وأنبيائه ورسله وخاتمهم سيدنا محمد صلى الله عليه والأئمة من أهل بيته عليهم السلام في عبادة للعجل متوراثة منذ من السامري الأول حيث أن كل امة سامرييها الذي يحرف لها دينها فيخرجها من ولاية الله تعالى ورسله وأنبيائه لولاية مجاهيل النسب ممن لم يأمر الله تعالى بولايتهم في كل زمان ومكان وهؤلاء لهم موعد آخر الزمان حيث قال تعالى في عقوبة اللامساس مادام حياً بجسده ثم نهاية أمره آخر الزمان بعد أن خلق شيطاناً مريداً يتولاه حكام كل زمان إلى أن يشاء الله تعالى في موعد حدده تعالى للقضاء على هذا الشيطان الجني ومن تولاه من شياطين الإنس  : { قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 } .

هذا وبالله التوفيق وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب

خالد محيي الدين الحليبي

 

السامري

من تفسير البينة (النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون)

 

من تفسير سورة طه :

 

(85) قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري (85)

 

قصة نبي الله موسى عليه السلام و السامري :  

 

[ظهر السامري و ولد في عهد سيدنا موسي علية السلام وكان اسمه موسي أيضا ، و كان ذلك في فترة حكم فرعون والذي عرف ببطشة وجبروته في الأرض وخصوصا لبنى إسرائيل ، الذين عاشوا في مصر منذ كان سيدنا يوسف عزيز مصر . السامري من القصص المحيرة جدا في التاريخ ، بسبب انه شخص عادى من البشر ليس بنبي ولا رسول او من أولياء الله الصالحين ونحن نعلم ان حياه الرسول والأنبياء والأولياء حياه مختلفة عن سائر البشر، لذلك قصة السامري قصة شيقة جدا وقد يرى البعض فيها انه شخص غريب وعجيب بما حدث منه من أفعال واحداث ، لأنه شخصية غير سائر البشر تماما بداية قصتنا في مصر قبل عام 1301 قبل الميلاد كان يعيش بنى إسرائيل في مصر ، وكانوا من أقل طبقه في المجتمع أي انهم كانوا يعملون في الحرف القاصية والصعبة ، وكانوا عبيد لفرعون الأكبر الذى قال للناس انا ربكم الأعلى ، وفى يوم من الأيام رأي فرعون حلم وهو يوجد نار تخرج من بيت المقدس وتتجه الى مصر وعندما وصلت النار الى مصر حرقت بيوت مصر وأيضا قصر فرعون ما عدا بيوت السامري

 

عندما استيقظ فرعون من حلمه جمع كل العرافين والمتنبئين والكهان وروي لهم حلمة ، طلب منهم تفسير حلمه وتم تفسير هذا الحلم انه سوف يولد من بنى إسرائيل ولد وسوف تكون نهاية فرعون على يد هذا الولد .

 

لذلك أمر فرعون جنوده ان يذبحوا أي طفل يولد من بنى إسرائيل ، بالفعل أصبح أي طفل ولد يولد من بنى إسرائيل يتم قتلة على يد جنود فرعون ، لكن اجتمع وزراء فرعون وقالوا له بذلك سوف تصبح بدون عبيد في المستقبل بسبب قتل جميع أطفال بنى إسرائيل ، لذلك قرر فرعون انه يقتل جميع  الأطفال سنه ويترك  الأطفال في السنه التالية.

 

مرت الأيام وقد ولد النبي هارون في السنه الخالية من قتل أطفال بنى إسرائيل ، مرت أيام آخرة وجاءت السنه التي سوف يقتل فيها جنود فرعون الأولاد حديثي الوالدة من بنى إسرائيل و ولد سيدنا موسى ونحن جميعا نعرف ما حدث لسيدنا موسي وتربيته في قصر فرعون ، لكن في منزل لبنى إسرائيل آخر ولد طفل اسمه موسي أيضا في نفس العام لذلك خشيت علية أمه وقررت ان تأخذه لكهف يوجد في الصحراء ، لكن توفت أمه في الكهف واصبح موسى (السامري) طفل رضيع لوحده بالكهف لذلك كلف الله سبحانه وتعالى المالك جبريل ان يرعى هذا الطفل موسي (السامري) ، فكان جبريل يأتي بالطعام عسل ولبن للطفل حتى جاء اليوم الذى كبر فيه الطفل موسي (السامري) ، ويقدر ان يعتمد على نفسة ويتعامل مع اهل المدينة وعندما ذهب موسي الى المدينة وتعامل مع البشر تم تسميته بالسامري لأنه كان لا يعلم باسمه الحقيقي موسي طول فترة حضانته .

 

كبر السامرى وذهب الى مصر واشتغل في معبد يقال انه معبد أبيس ، هذا المعبد مختص بعباده العجول وتقديسها ، كبر شان السامري فى معبد ابيس لدرجه انه كان المسؤل عن المعبد وقدر السامرى أن يصبح مقرب لقصر فرعون وتعرف على سيدنا موسي وتمر الأيام ويكلف الله عز وجل سيدنا موسي بأن يخرج هو وجميع بنى اسرائيل خارج مصر ، لكى يكمل سيدنا موسي علية السالم دعوه شعب بنى اسرائيل لعبادة الله  ولذلك ادعوا بني اسرائيل انهم لديهم عيد خوفا من بطش الحاكم فرعون ، لذلك سمح لهم فرعون بالإحتفال وقدر بنى اسرائيل ان يجتمعوا ليهربوا  .

 

علم فرعون بما يريدون بنى اسرائيل من الهروب من مصر لذلك جمع فرعون جنوده ليقتلوا بنى اسرائيل ، لكن تحدث المعجزة بان ينشق البحر ويغرق فرعون وجنوده والكن كان هناك سيدنا جبريل علية السالم عند انشقاق البحر ، يقال ان سيدنا جبريل علية السلام لديه فرس يلقب فرس الحياة واى بقعه يخطوها هذا الفرس علي الأرض تحي الأرض زرعا ، هنا نظر السامرى لفرس الحياه وذهب واخذ قطعه من اثر فرس الحياة ، جعل الأثر معه وعندما ذهب بنى اسرائيل لصحراء سينا جعل سيدنا موسي هارون خليفته على بنى اسرائيل ، لكى يذهب موسي بمفرده ليكلم سيدنا موسي الله  وياخد الألواح اى التوراه ، ذهب سيدنا موسي ولكن في اليوم الثلاثين من غياب سيدنا موسي ظهر السامرى واخبر بنى اسرائيل ان سيدنا موسي لم يرجع ابدا لأنه فقد الطريق بالصحراء لذلك طلب السامرى من بنى اسرائيل ان يعطوه كل الذهب الذى جمعوه من مصر أنه حرام عليهم ، لأن الغنيمه فى زمن سيدنا موسي علية السلام كانت حرام على بنى اسرائيل .

أخذ السامرى الذهب من بنى اسرائيل وغاب عده أيام وصهر الذهب ليصنع عجل مثل العجل ابيس ورمى على العجل قطعه الأثر التى كان يمتلكها من فرس الحياة ، فاصبح للعجل خوار اي له صوت ، ذهب لبنى اسرائيل وقال لهم هذا ربكم وطوفوا حولة .

 

ومن هنا انقسم بنى اسرائيل لفرقتين فرقه كبيرة مع السامرى وفرقه صغيرة مع سيدنا هارون علية السالم وكان سوف يحدث قتال بين الفرقتين ، لكن وقف القتال سيدنا هارون عن طريق أنه ابتعد هو ومن آمن بالله الواحد واعتزل فرقه السامرى ، بعد غياب أربعين ليله جاء سيدنا موسي باالألوح ورأى بنى اسرائيل يعبدون العجل ، عاتب أخوه سيدنا هارون عليه السلام وذهب سيدنا موسي لجماعة السامرى من بنى اسرائيل وطلب منهم ان يرجعوا الى عباده الله عن طريق التوبة .

وهنا ذهب سيدنا موسي علية السلام الى السامرى ، لكن تركه ولم يفعل معه شيئ ، بل وقال له اذهب فان لك فى الحياة ان تقول المساس وان لك يا سامري  موعدا لن تخلفه كما جاء في القراءن الكريم وهذا حدث غريب جدا لأن سيدنا موسي كان يعرف عنه انه شديد جدا في عبادته الى الله والدين . ومن هنا تنتهى قصة السامري ولا يوجد أى معلومات أو كتب أو مراجع تتحدث عن ما حدث بعد ذلك للسامرى أو أين ذهب ، وبعض المفسرين يقولون انه هو المسيخ الدجال الذى سوف يظهر في آخر الزمان والله  أعلى وأعلم.  –   راجع كتب قصص الأنبياء و تفسير ابن كثير ]

 

ورد في تفسير البرهان :

 

[  علي بن إبراهيم : في قوله تعالى: { فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ } قال: اختبرناهم و أضلهم السامري، قال: بالعجل الذي عبدوه، و كان سبب ذلك أن موسى لما وعده الله أن ينزل عليه التوراة و الألواح إلى ثلاثين يوما أخبر بني إسرائيل بذلك، و ذهب إلى الميقات، و خلف هارون في قومه، فلما جاءت الثلاثون يوما و لم يرجع موسى (عليه السلام) إليهم غضبوا و أرادوا أن يقتلوا هارون، و قالوا: إن موسى كذبنا و هرب منا. فجاءهم إبليس في صورة رجل، فقال لهم: إن موسى قد هرب منكم و لا يرجع إليكم أبدا، فاجمعوا لي حليكم حتى أتخذ لكم إلها تعبدونه.

و كان السامري على مقدمة موسى يوم أغرق الله فرعون و أصحابه، فنظر إلى جبرئيل و كان على حيوان في صورة رمكة ، فكانت كلما وضعت حافرها على موضع من الأرض تحرك ذلك الموضع، فنظر إليه السامري و كان من خيار أصحاب موسى (عليه السلام)، فأخذ التراب من تحت حافر رمكة جبرئيل و كان يتحرك فصره في صرة و كان عنده يفتخر به على بني إسرائيل فلما جاءهم إبليس و اتخذوا العجل، قال للسامري: هات التراب الذي معك. فجاء به السامري فألقاه إبليس في جوف العجل، فلما وقع التراب في جوفه تحرك، و خار، و نبت عليه الوبر و الشعر، فسجد له بنو إسرائيل، و كان عدد الذين سجدوا سبعين ألفا من بني إسرائيل، فقال لهم هارون كما حكى الله: { يٰقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَٱتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوۤاْ أَمْرِي * قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ } ، فهموا بهارون فهرب من بينهم، وبقوا في ذلك حتى تم ميقات موسى أربعين ليلة، فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة أنزل الله عليه الألواح فيها التوراة و ما يحتاجون إليه من أحكام السير و القصص، ثم أوحى الله إلى موسى: { فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ } و عبدوا العجل و له خوار. فقال موسى (عليه السلام): يا رب، العجل من السامري، فالخوار ممن؟ فقال: ” مني – يا موسى – إني لما رأيتهم قد فاءوا عني إلى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة “.

{ فَرَجَعَ مُوسَىٰ } كما حكى الله عز و جل { إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ يٰقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِي } ، ثم رمى بالألواح و أخذ بلحية أخيه هارون و رأسه يجره إليه { قَالَ يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ * أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } فقال هارون كما حكى الله: { يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي }

– حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) :

– أخبرني عن هارون لم قال لموسى (عليه السلام): يا بن ام لا تأخذ بلحيتي و لا برأسي . و لم يقل يا بن أبي؟ فقال : ” إن العداوة بين الإخوة أكثر ما تكون إذا كانوا بني علات ، و متى كانوا بني ام قلت العداوة إلا أن ينزغ الشيطان بينهم فيطيعوه، فقال هارون لأخيه: يا أخي الذي ولدته امي، و لم تلدني غير امه، لا تأخذ بلحيتي و لا برأسي، و لم يقل يا بن أبي لأن بني الأب إذا كانت أمهاتهم شتى لم تستبعد العداوة بينهم إلا من عصمه الله منهم، و إنما تستبعد العداوة بين بني ام واحدة “.

قال: ” قلت: فلم أخذ برأس أخيه يجره إليه و بلحيته، و لم يكن له في اتخاذهم العجل و عبادتهم له ذنب. فقال: ” إنما فعل ذلك به لأنه لم يفارقهم لما فعلوا ذلك، و لم يلحق بموسى، و كان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب، ألا ترى أنه قال له موسى: { يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ * أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } ؟! قال هارون : لو فعلت ذلك لتفرقوا، و إني خشيت أن تقول: فرقت بين بني إسرائيل و لم ترقب قولي –  تفسير البرهان للسيد هاشم البحراني ] .

 

التفسير :

وهنا :

 

(قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري)

 

والفتنة تبديل وتغيير يقال رغيف فتين أي غيرته النار لذلك قال تعالى { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله – الأنفال 39 } . والفتنة هنا اختلاف في الدين على ولاية أهل بيت النبي عليهم السلام .

و [ الفتنة قال فيها أبو حذيفة بن اليمان أن يعرض عليك الخير والشر فلا تدري من تتبع – مصنف  ابن أبي شيبة ] ولذلك قال تعالى هنا { فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري – طه 85 }

والفتنة هنا بمعنى الإختبار لقوله تعالى { أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين– العنكبوت 2-3 } وبهذا الإختبار الإلهي والفتنة يضل بها من يشااء ويهدي بها من يشاء قال تعالى { إن هى إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي بها من تشاء – الأعراف 155 }

ولما عبدوا العجل بين تعالى أنهم قد فتنوا وأضلهم السامري كما في الآية هنا في قوله تعالى { قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري – طه 85 } .

وأول من فتن الناس عن دينهم إبليس لقوله تعالى { يابني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة – الأعراف 27 }

ولأن الفتنة عن بعض ما أنزل الله هى ولاية اهل بيت النبي عليهم السلام وقد حذر الله تعالى من ذلك في قوله تعالى { واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك لتفترى علينا غيره إذا لاتخذوك خليلا – الإسراء 73 } فلما سأل سائل عن هذه الولاية للإمام علي عليه السلام من بعده فجاء الحارث الفهري قائلاً للنبي صلى الله عليه وآله [ أهذا أمراً من نفسك أم من عند الله فقال صلى الله عليه وآله والذي لا إله إلا هو هو من عند الله فقال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فنزل عليه حجر من السماء شرخ رأسه وخرج من دبره – شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج 2 ] .

وهؤلاء هنا الخارجون على ولاية الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام كالذي عبد العجل وفي الحديث يقول صلى الله عليه وآله [ عجل أمتي الدرهم والدينار ] .

وهؤلاء  الذين يفتنون قومهم عن ولاية أنبيائهم وأهل بيته عليهم السلام لهم سامري يضلهم في كل زمن .

 

وأما :

(قومك من بعدك)

 

وهنا يبين تعالى أن هذه الفتنة كانت بعد غياب نبي الله موسى عنهم لقوله تعالى { واتخذ قوم موسى من بعده عجلاً جسداً له خوار – الأعراف 148 } وهذا العجل الذي عبدوه كان بواسطة السامري الذي أضل طائفة من قوم موسى عليهم السلام فعبدوه من دون الله بأثر قبضه من أثر الرسول وهى أول فكرة لاستخدام الدين في هدم الدين أو الوحي في هدم الوحي  لذلك قال تعالى هنا { قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري – طه 85 } .

 

وأما :

(وأضلهم)

 

وهنا يبين تعالى أن الضلال في عصيان الله تعالى ورسوله لقوله تعالى { ومن يعصي الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا – الأحزاب 36 } وهذا الضلال تهمة رمى بها كفار كل زمان أنبيائهم وصالحيهم ليستحلوا دمائهم  كما في قوله تعالى عن نبي الله نوح عليه السلام  { لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين – الأعراف 60 } والضلال هنا جمع ضلالات لما رموه بهذا الضلال رد عليهم نبي الله نوح عليه السلام    قائلا { قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين – الأعراف 60-61 } أي ليس به ضلالة واحدة مفردة فكيف يرمونه بضلالات وكما فعل قوم نوح فعل فرعون وملئه لعنهم الله تعالى نفس فعل الأمم الغابرة .

فلما أهلكهم الله تعالى قال تعالى فيهم هنا { وأضل فرعون قومه وما هدى – طه 79 }

وكما أضل فرعون قومه وكان إماماً للكفر والضلال باستحداثة أساليب التعذيب والسجن وهتك حياء النساء واستخدام الضجة الإعلامية قبل قتل الضحية كذلك أضل السامري بني إسرائيل بابتداعه أسلوب هدم الدين بالدين واستخدام أثر الرسول كما في قوله تعالى { قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري – طه 85 }

وكما أضل فرعون قومه والسامري بني إسرائيل كذلك في كل أمة يخرج فيها من أأتم بالسامري ممن ادعوا الإيمان وهم يعملون بالرأي أو من يقلد فرعون في ادعائه الألوهية وأنه المطاع الأوحد وفي أمتنا آخر الأمم جرياً على سنن الله تعالى قال أن إضلال الأمة كان بواسطة الظالم بألف ولام التعريف وخليله وشيطانهما كما في قوله تعالى  { ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا  يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا – الفرقان 27-29 }

 

وعند الحساب في يوم القيامة سيقول لهم الله تعالى : { ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون – يس 60-62 } .

وسيقول مجرمي كل زمان ممن تابعوا غيرهم بغير نص من كتاب الله أنهم قد اتخذوا نداً مع الله تعالى كما في قوله عز وجل : { قَالُواْ وَهُمۡ فِيهَا يَخۡتَصِمُونَ تَٱللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ إِذۡ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ وَمَآ أَضَلَّنَا إِلَّا ٱلۡمُجۡرِمُونَ– الشعراء 96-99 }

ومن هؤلاء المجرمين السامري إمام الذين عملوا بالرأي واستخدم الدين في هدم الدين بأثر الرسول كما في قوله تعالى تعالى { وأضلهم السامري – طه 85 } وكل حاكم لا يحكم بما أنزل الله تعالى يقوم مقام الشيطان وقد اتخذ السامري إماماً  لقوله تعالى { وقالوا ربنا إننا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا- الأحزاب }

وهذا الضلال  يقوم به رجال من الإنس بوحي من شيطان جني يجعل فكرة السامري مستمرة عبر العصور إلى أن يشاء الله تعالى في الموعد الذي حدده الله تعالى كما قال تعالى { وإن لك موعداً لن تخلفه – طه 97 } وهؤلاء المضلين من عالمي الإنس والجن قال تعالى فيهما  { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون – الأنعام 112 }

وبعد تبديل الدين ونشر مكذوبات على النبي ونشر الكذب في فضائلهم وتزكيتهم لأنفسهم  وقبائلهم وبلدانهم قال تعالى أن هؤلاء لا يوجد أظلم منهم كما في قوله تعالى : { فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً ليضل الناس بغير علم – الأنعام 144 } وبالتالي أضل هؤلاء الناس من بعدهم بأهوائهم كما في قوله تعالى { وإن كثيراً ليضلون بأهوائهم بغير علم – الأنعام 119 }

وبداية هذا الضلال خارجة من الجن تخرج سنة 35 للهجرة النبوية فإذا جاءت سنة خمس وثلاثون ومائة في العصر العباسي خرجت مردة الشياطين مع بداية التمذهب والإختلاف والقول بخلق القرآن والإرجاء والقدر والرأي والقياس والاستحسان والإجماع والمصالح المرسلة أي العمل بكل ما يرون فيه تحقيق مصلحة دنيوية وهذا ديدنهم ولو كان بالتحايل على النصوص باستخدام الحيل التي فعل قوم السبت:

 

[ قال صلى الله عليه وآله هنا إذا كان سنة خمس وثلاثون ومائة خرج مردة الشياطين الذين حبسهم سليمان بن داوود في جزائر البحر منهم تسعة أعشار إلى العراق يجادلون بالقرآن ويبقى عشرهم بالشام – منتخب كنز العمال ج4/ص48].

ويقول صلى الله عليه وآله في شياطين في خارجه آخر الزمان : [ لا تنقض الدنيا حتى تخرج شياطين من البحر يعلمون القرآن – منتخب كنز العمال ج4/ص48 ].

 

فإذا أضلوا الناس أهلكهم الله تعالى في الدنيا وفي الآخرة يدخلهم النار فيقولون يوم القيامة : { ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين – فصلت 29 }  وبالتالي لكل زمان سامري يضل الناس وحاكماً كالعجل المعبود في بني إسرائيل و قد عبدوه بأهوائهم .

– وعن هذا الضلال ورد عن النبي صلى الله عليه وآله :

[.. أخرج ابن مردويه، عن وهب بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إن الله لما وعد موسى أن يكلمه، خرج للوقت الذي وعده، فبينما هو يناجي ربه، إذ سمع خلفه صوتاً، فقال إلهي إني أسمع خلفي صوتاً، قال: لعل قومك ضلوا، قال: إلهي، من أضلهم؟ قال: السامري. قال: كيف أضلهم؟ قال: صاغ لهم { عجلاً جسداً له خوار } قال: إلهي هذا السامري صاغ لهم العجل: فمن نفخ فيه الروح حتى صار له خوار؟ قال: أنا يا موسى، قال: فبعزتك، ما أَضَلَّ قومي أحد غيرك. قال: صدقت. قال: يا حكيم الحكماء، لا ينبغي حكيم أن يكون أحكم منك “.

– وأخرج ابن جرير في تهذيبه، عن راشد بن سعد قال: إن موسى لما قدم على ربه – واعد قومه أربعين ليلة – قال: يا موسى، إن قومك قد افتتنوا من بعدك. قال: يا رب كيف يفتنون؟ وقد نجيتهم من فرعون، ونجيتهم من البحر، وأنعمت عليهم، وفعلت بهم؟! قال: يا موسى إنهم اتخذوا من بعدك عجلاً له خوار قال: يا رب، فمن جعل فيه الروح؟ قال: أنا. قال: فأنت يا رب أضللتهم. قال: يا موسى، يا رأس النبيين، ويا أبا الحكام، إني رأيت ذلك في قلوبهم، فيسرته لهم.

– وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن علي رضي الله عنه قال: لما تعجل موسى إلى ربه، عمد السامري فجمع ما قدر عليه من حلي بني إسرائيل فضربه عجلاً، ثم ألقى القبضة في جوفه، فإذا هو عجل جسد له خوار فقال لهم السامري: { هذا إلهكم وإله موسى } فقال لهم هارون: { يا قوم ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً } فلما أن رجع موسى أخذ رأس أخيه، فقال له هارون ما قال، فقال موسى للسامري: { ما خطبك } فقال: { قبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي } فعمد موسى إلى العجل، فوضع عليه المبارد فبرده وهو على شطر نهر، فما شرب أحد من ذلك الماء – ممن كان يعبد ذلك العجل – إلا اصفر وجهه مثل الذهب! فقالوا: يا موسى، ما توبتنا؟ قال: يقتل بعضكم بعضاً، فأخذوا السكاكين، فجعل الرجل يقتل أباه وأخاه وابنه، لا يبالي من قتل، حتى قتل منهم سبعون ألفاً! فأوحى الله إلى موسى: مرهم فليرفعوا أيديهم، فقد غفرت لمن قتل، وتبت على من بقي.
– وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: لما هجم فرعون على البحر وأصحابه – وكان فرعون على فرس أدهم حصان، هاب الحصان أن يقتحم البحر، فمثل له جبريل على فرس أنثى، فلما رآها الحصان هجم خلفها، وعرف السامري جبريل – لأن أمه حين خافت أن يذبح خلفته في غار وأطبقت عليه – فكان جبريل يأتيه فيغذوه بأصابعه، في واحدة لبناً، وفي الأخرى عسلاً، وفي الأخرى سمناً، فلم يزل يغذوه حتى نشأ، فلما عاينه في البحر عرفه، فقبض قبضة من أثر فرسه.

قال أخذ من تحت الحافر قبضة، وألقى في روع السامري: إنك لا تلقيها على شيء فتقول كن كذا إلا كان، فلم تزل القبضة معه في يده حتى جاوز البحر، فلما جاوز موسى وبنو إسرائيل البحر، أغرق الله آل فرعون. قال موسى لأخيه هارون { اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين } ومضى موسى لموعد ربه، وكان مع بني إسرائيل حلي من حلي آل فرعون، فكأنهم تأثموا منه، فأخرجوه لتنزل النار فتأكله، فلما جمعوه قال السامري: بالقبضة هكذا، فقذفها فيه، وقال: كن عجلاً جسداً له خوار فصار { عجلاً جسداً له خوار } فكان يدخل الريح من دبره ، ويخرج من فيه يسمع له صوت! فقال { هذا إلهكم وإله موسى فعكفوا } على العجل يعبدونه. فقال هارون: { يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري } { قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى } .– تفسير الدر المنثور للسيوطي ] .

 

وأما :

(السامري)

 

وهنا يبين تعالى فصة السامري ولم ترد إلا في سورة طه فقط  وقال تعالى فيها هنا { قَالَ فَإِنَّا قَدۡ فَتَنَّا قَوۡمَكَ مِنۢ بَعۡدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ فَرَجَعَ مُوسَىٰٓ إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ غَضۡباٰنَ أَسِفٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ أَلَمۡ يَعِدۡكُمۡ رَبُّكُمۡ وَعۡدًا حَسَنًاۚ أَفَطَالَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡعَهۡدُ أَمۡ أَرَدتُّمۡ أَن يَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبٞ مِّن رَّبِّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُم مَّوۡعِدِي قَالُواْ مَآ أَخۡلَفۡنَا مَوۡعِدَكَ بِمَلۡكِنَا وَلَٰكِنَّا حُمِّلۡنَآ أَوۡزَارٗا مِّن زِينَةِ ٱلۡقَوۡمِ فَقَذَفۡنَٰاهَا فَكَذَٰلِكَ أَلۡقَى ٱلسَّامِرِيُّ فَأَخۡرَجَ لَهُمۡ عِجۡلٗا جَسَدٗا لَّهُۥ خُوَارٞ فَقَالُواْ هَٰذَآ إِلَٰهُكُمۡ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ أَفَلَا يَرَوۡنَ أَلَّا يَرۡجِعُ إِلَيۡهِمۡ قَوۡلٗا وَلَا يَمۡلِكُ لَهُمۡ ضَرّٗا وَلَا نَفۡعٗا وَلَقَدۡ قَالَ لَهُمۡ هَاٰرُونُ مِن قَبۡلُ يَٰقَوۡمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِۦۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحۡمَٰنُ فَٱتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوٓاْ أَمۡرِي  قَالُواْ لَن نَّبۡرَحَ عَلَيۡهِ عَٰكِفِينَ حَتَّىٰ يَرۡجِعَ إِلَيۡنَا مُوسَىٰ قَالَ يَٰاهَٰرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذۡ رَأَيۡتَهُمۡ ضَلُّوٓاْ  أَلَّا تَتَّبِعَنِۖ أَفَعَصَيۡتَ أَمۡرِي قَالَ ياَبۡ أُمَّ لَا تَأۡخُذۡ بِلِحۡيَتِي وَلَا بِرَأۡسِيٓۖ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقۡتَ بَيۡنَ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓائِيلَ وَلَمۡ تَرۡقُبۡ قَوۡلِي قَالَ فَمَا خَطۡبُكَ يا سَٰامِرِيُّ قَالَ بَصُرۡتُ بِمَا لَمۡ يَبۡصُرُواْ بِهِۦ فَقَبَضۡتُ قَبۡضَةٗ مِّنۡ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذۡتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتۡ لِي نَفۡسِي قَالَ فَٱذۡهَبۡ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلۡحَيَاٰةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَۖ وَإِنَّ لَكَ مَوۡعِدٗا لَّن تُخۡلَفَهُۥۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰٓ إلهك ٱلَّذِي ظَلۡتَ عَلَيۡهِ عَاكِفٗاۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُۥ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُۥ فِي ٱلۡيَمِّ نَسۡفًا إِنَّمَآ إِلَٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ وَسِعَ كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمٗا – طه

 

ثم يقول تعالى :

(86) فَرَجَعَ مُوسَىٰٓ إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ غَضۡبَٰانَ أَسِفٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ أَلَمۡ يَعِدۡكُمۡ رَبُّكُمۡ وَعۡدًا حَسَنًاۚ أَفَطَالَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡعَهۡدُ أَمۡ أَرَدتُّمۡ أَن يَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبٞ مِّن رَّبِّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُم مَّوۡعِدِي (86)

 

وهنا :

(فَرَجَعَ مُوسَىٰٓ إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ غَضۡبَٰانَ أَسِفٗاۚ)

 

وأسفا [ الأسف : الحزن و الغضب معا ًوقد يقال لكل واحد  منهما على انفراد – معجم ألفاظ القرآن باب الهمزة فصل السين والفاء ] قال تعالى { وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم – يوسف 84 } وهنا يبين تعالى أن نبي الله موسى لما رجع كان غضبان أسفاً قائلاً لهم بئسما خلفتموني من بعدي قال تعالى { ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين – الأعراف 150 } ثم رجع إلى قومه قائلا (ألم يعدكم ربكم ووعدا حسنا) قال تعالى هنا {  فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي – طه 86 }

 

وأما :

(قال ياقوم)

 

أي أنه يقول تعالى { واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين – الأعراف 148 } وهذا الحدث وقع بعد غياب نبي الله موسى عنهم ويشير القرآن الكريم أنهم كانوا متأثرين بعبادة الأوثان في مصر بعهد فرعون ولذلك طلبوا من نبي الله موسى أن يجعل لهم صنماً إلهاً كما للمصريين أصنام قال تعالى { وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون – الأعراف 138 } .

 

وأما :

(ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً)

 

وهنا ورد لفظ (ألم) في قوله تعالى { وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين – الزمر 71 } وهنا يبين تعالى أنه لما بعث غليهم نبي الله موسى عليه السلام وعدهم الله تعالى بنزول أحكامه سبحانه وتعالى فيهم فأضلهم السامري قال تعالى هنا { قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي – طه 86 }  .

 

وأما :

(يعدكم ربكم وعداً حسناً)

 

والوعد الحسن وعد الصدق بدخول الجنة للذين آمنوا وعملوا الصالحات بالنصر في الدنيا لقوله تعالى { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون – النور 55 }

وفي الآخرة وعدهم الله تعالى بالجنة إن آمنوا بالله تعالى ورسوله وعملوا الصالحات قال تعالى { جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا – مريم 61 }

وهذا هو الوعد الحسن الذي وعدهم الله تعالى به في الدنيا والآخرة قال تعالى { أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين – القصص 61 } .

وهذا الوعد الحسن قال تعالى فيه { أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين – سورةالقصص 61 }  . وهنا لما قال لهم نبيهم عليه السلام { ألم يعدكم ربكم وعداً حسنا} فقالوا له ملقين تبعة عبادة العجل على ما فعله السامري بحجة أنه المسؤول عن تلك الجريمة وهل عهد إليهم نبيهم باستخلاف هارون أم السامري حيث قال لهارون { اخلفني في قومي واصلح ولا تتبع سبيل المفسدين – الأعراف } والمفسدين هنا هم الذين عبدوا العجل فلما واجههم نبي الله موسى بجريمتهم قالوا { قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري – طه 87 } .

 

وأما :

(حسناً)

 

أي أن الله تعالى قد أعد للذين آمنوا به تعالى وعملوا الصالحات أجراً حسناً في الدنيا والآخرة قال تعالى فيه { فإن تطيعوا يؤتكم أجراً حسنا – الفتح 16 } .

 

وأما :

(أفطال عليكم العهد)

 

الطول في كتاب الله يرد على طول العمر وطول الأمد بعيداً عن العمل بكتاب الله فتقسوا القلوب كما في قوله تعالى { بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون – الأنبياء 44 } وقال تعالى أيضاً { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون – الحديد 16 } .

والطول هنا في مدة غياب موسى عليه السلام والتي كانت أربعين يوماً السؤال الإستنكاري هنا يقول لهم فيه نبي الله موسى عليه السلام { أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي – طه 86 } .

 

وأما :

(العهد)

 

والعهد يقول تعالى فيه { وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا- الإسراء 34 } ولكن الله تعالى يبين أن الذين عبدوا العجل لا عهد لهم قال تعالى { أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون – البقرة 100 } وأول نقص لهذا العهد وهو ما عهده نبي الله موسى لأخيه هارون حيث قال له { وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين – الأعراف 142 } .

 

وأما :

(أم أردتم)

 

وهذا اللفظ يرد على المنافقين وتبريراتهم في قوله تعالى { وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون – التوبة 107 } وهنا نسوا أنهم قالوا لموسى عليه السلام من قبل { اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوماً تجهلون – الأعراف 138 } وهنا أيضاً بعد غياب نبي الله موسى عنهم عبدوا العجل وأطاعوا السامري ولم يطيعوا من استخلفه الله تعالى عليهم وهو هارون عليه السلام فهل استخلف موسى عليهم هارون أم السامري ؟

ولفظ يريد يرد في كتاب الله على الذين اخلفوا على أنبيائهم وفرقوا دينهم وقال تعالى في ذلك { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد – البقرة 253 }

ويرد أيضاً في الذين يريدون الحياة الدنيا وزينتها كما في قوله تعالى { منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة – آل عممران 152 } وبالتالي لما صنع لهم السامري عجلاَ من الذهب والحلي علموا أن الدنيا معه فتولوه وخرجوا على ولاية نبي الله هارون الذي استخلفه نبي الله موسى بأمر من الله تعالى وبالتالي :

 

لما أطاعوا السامري أصبح كل من تولى غير أهل بيت النبي عليهم السلام فهو من طلاب الدنيا كالسامري والذين تولوه من دون الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام فهم كعباد العجل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

 

وأما :

( أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم)

 

وهنا كأنه يقول تعالى لهم ألم تعلموا أن الله قد غضب عليكم ومن يحلل عليه غضب الله تعالى فقد هوى إلى جهنم قال تعالى { كلوا من طيبات ما رزقناكم  ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى – طه 81 } وهنا يبين تعالى أنهم لما طغوا أخلفوا الوعد قال تعالى { فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي – طه 68 }

 

وأما :

(فأخلفتم موعدي)

 

وهنا لما قال لهم نبيهم ذلك { فأخلفتم موعدي – طه 86 } قالوا بأن السامري هو من أضلهم قال تعالى { قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري – طه 87 } .

 

ثم يقول تعالى :

 

(87) قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري (87)

 

ورد في تفسير البرهان :

[عن علي بن إبراهيم قال بنو إسرائيل لموسى : { مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا } قال: ما خالفناك { وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ ٱلْقَوْمِ } يعني من حليهم { فَقَذَفْنَاهَا } قال: يعني التراب الذي جاء به السامري طرحناه في جوفه ثم أخرج السامري العجل و له خوار. فقال له موسى: { فَمَا خَطْبُكَ يٰسَامِرِيُّ }؟ قال السامري: { بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ } يعني من تحت حافر رمكة جبرئيل في البحر { فَنَبَذْتُهَا } أي أمسكتها { وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } أي زينت.

فأخرج موسى العجل و أحرقه بالنار و ألقاه في البحر، ثم قال موسى (عليه السلام) للسامري: { فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ } ، أي ما دمت حيا و عقبك، هذه العلامة فيكم قائمة أن تقولوا: لا مساس، حتى تعرفوا أنكم سامرية لا يقربكم الناس. فهم إلى الساعة بمصر و الشام معروفون ب (لا مساس).

ثم هم موسى (عليه السلام) بقتل السامري فأوحى الله إليه: ” لا تقتله – يا موسى – فإنه سخي “. فقال له موسى (عليه السلام) { وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً * إِنَّمَآ إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } …

– و عن علي بن إبراهيم: قيل : و إن من عبد العجل أنكر عند موسى (عليه السلام): أنه لم يسجد له، فأمر موسى (عليه السلام) أن يبرد العجل بالمبارد، و ألقى برادته في الماء، ثم أمر بني إسرائيل أن يشرب كل واحد منهم من ذلك الماء، فالذين كانوا سجدوا يظهر له من البرادة شيء فعند ذلك استبان من خالف ممن ثبت على إيمانه. – تفسير البرهان للسيد هاشم البحراني ] .

 

وهنا :

(ما أخلفنا موعدك)

 

وهذه الآيات إجابة على سؤال قال فيه { ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي – طه 86 } فقالوا هنا {   قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري – طه 87 }

 

وأما :

(بملكنا)

 

[ والملك : من مصادر ملك ويقال فعلت هذا الشيئ بملكي أي بتصرفي وقدرتي الخاصة وما فعلته بملكي أي لم أفعله بتصرفي الذاتي إنما غُلبت عليه أوقُهرت عليه – معجم ألفاظ القرآن باب الميم فصل اللام والكاف ] قال تعالى هنا { قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري- طه87 }

 

وأما :

(ولكنا حملنا أوزاراً من زينة القوم)

 

[ والوزر : الحمل ] ولكن فيه حملوا فيه أوزاراً وآثاماً لقوله تعالى { من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا – طه 100 } وهذه الأوزار كانت أمانات وزينة للقوم كانت لديهم قال تعالى فيها هنا { ولكنا حملنا أوزاراً من زينة القوم – طه 87 } . وهذه الأوزار تحملوها عند الله تعالى اوزاراً وأثاماً يعاقبون عليها يأتون يوم القيامة يحملونها على ظهورهم كما في قوله تعالى عن يوم القيامة { وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون – الأنعام 31 } .

 

وأما :

(من زينة القوم)

 

[ الزينة ما يتزين به ويتجمل – معجم ألفاظ القرآن باب الزاي فصل الياء والنون ] قال تعالى عن حلي قارون من ذهب ولؤلؤ وأحجار كريمة وغير ذلك من ألوان وأنواع الينة { فخرج على قزمه في زينته – القصص 79 } ولفظ القوم يرد ايضا على المصريين في قوله تعالى { ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم – الدخان 17 } وبالتالي الأوزار التي حملوها من زينة القوم أي من حلي بني إسرائيل والمصريين قال تعالى { ولكنا حملنا أوزاراً من زينة القوم – طه 87 } .

 

وأما :

(فقذفناها فكذلك ألقى السامري)

 

[ وقذف الشيئ يقذفه قذفاً : ألقاه أو رماه من بعد – معجم ألفاظ القرىن باب القاف فصل الذال والقاف ] قال تعالى { أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني – طه 39 } أي أنهم قذفوا هذه الأوزار من الحلي والمجوهرات وما استؤمنوا عليه في تابوت صنع منه السامري هذا العجل كما في قوله تعالى هنا { فقذفناها فكذلك ألقى السامري }  .

 

وأما :

(فكذلك ألقى السامري)

 

أي كذلك سولت له نفسه هذه الجريمة لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي – طه 96 }

 

وأما :

(ألقى)

 

وهنا ورد لفظ ألقى والقوا على السحرة لما جمعهم فرعون في قوله تعالى { قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم – الأعراف 116 } والسحر العظيم الثاني هنا كانت جريمة السامري وصناعة عجل له خوار ليعبدوه وقد صننعه من الحلي وباستخدام سحر للمصريين كان على دراية به قال تعالى لذلك هنا { قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري – طه 87 } .

 

وأما :

(السامري)

 

السامري هنا هو الذي أضل قومه بعجل صنعه لقومه ليعبدوه ويكون هو رسولا له بديلاً عن نبي الله موسى وهارون فأضل قومه وكل من أخرج الناس عن ولاية الله الحق فقد أضل قومه كما بينا بعد أن اتخذ السامري إماماً وقد بيناه في قوله تعالى { قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري – طه 85 } .

ثم يقول تعالى :

 

(88) فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي (88)

 

وهنا :

(فأخرج لهم)

الخروج للحياة الدنيا في كتاب الله بطريقين إما من بطون الإناث لقوله تعالى : { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون – النحل 78 }

أو الخروج من باطن الأرض كالزرع وهو من الماء والطين لقوله تعالى : { الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون – البقرة 22 } وهناإشارة إلى القبضة التي قبضها السامري من أثر الرسول (جبريل عليه السلام) في قوله تعالى { قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي – طه 96 }

وأما عن المادة التي استخدمها السامري في زينة القوم كما في قوله تعالى { ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري – طه87 } وهذه الزينة قال تعالى فيها { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون – الأعراف 32 }

ولورود لفظ الخروج مقترنا بالنار في الحديث عن أهلها وهم يصطرخون فيها { وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير- فاطر 37 } وبالتالي السامري استخدم الحلي والذهب وما يتزين به الناس من نفائس وقد أستخدم فيه ماء وطين ونار فصنع لهم عجلاً جسدا لا روح فيه أنه وضع شيئاً في رحم فخرج عجلاً مسحوراً أو صنعه من الأرض فأوقد عليه حتى أصبح له صوت خوار كالعجل الحقيقي فأخرج لهم دابة لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون – النمل 82 }

ورد في تفسير الدر المنثور :

[- .. أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: كان السامري رجلاً من أهل ماجرما، وكان من قوم يعبدون البقر، فكان يحب عبادة البقر في نفسه، وكان قد أظهر الإسلام في بني إسرائيل، فلما فصل موسى إلى ربه قال لهم هارون: إنكم قد حملتم { أوزاراً من زينة القوم } آل فرعون ومتاعاً وحلياً فتطهروا منها، فإنها رجس، وأوقد لهم ناراً، فقال: اقذفوا ما معكم من ذلك فيها، فجعلوا يأتون بما معهم فيقذفون فيها، ورأى السامري أثر فرس جبريل، فأخذ تراباً من أثر حافره، ثم أقبل إلى النار، فقال لهارون يا نبي الله، ألقي ما في يدي؟ قال: نعم. ولا يظن هارون إلا أنه كبعض ما جاء به غيره من ذلك الحلي والأمتعة فقذفه فيها فقال: كن { عجلاً جسداً له خوار } ، فكان للبلاء والفتنة. فقال: { هذا إلهكم وإله موسى } { فعكفوا عليه } وأحبوه حباً لم يحبوا مثله شيئاً قط: يقول الله: { فنسي } أي ترك ما كان عليه من الإسلام، يعني السامري { أفلا يرون أَلاَّ يرجع إليهم قولاً ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً } وكان اسم السامري : موسى بن ظفر وقع في أرض مصر، فدخل في بني إسرائيل، فلما رأى هارون ما وقعوا فيه قال: { يا قوم، إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى } فأقام هارون فيمن معه من المسلمين مخافة أن يقول له موسى: { فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي } وكان له سامعاً مطيعاً. – تفسير الدر المنثور للسيوطي – سورة طه الآية 88 ] .

 

وورد في تفسير الثعالبي [ وهذه الألفاظُ تقتضى أنَّ العِجْل لم يَصُغْهُ، ثم أخبر تعالى عن فِعْل السامري بقوله: { فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً } ومعنى قوله { جَسَداً } أَي شخصاً لا رُوحَ فيه، وقيل معناه، جسداً لا يتغذى، «والخُوَارُ» : صوت البقر. – الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي ]

فلما صنع ما صنع أخرج لهم عجلاً يشبه العجل الحقيقي جسدا له وخوار زاعماً أن هذا هو إله موسى وكأنه يرسخ في أذهانهم نفس قول فرعون وملئه أن موسى عليه السلام ساحر وما كانت حيلة السامري إلا سحراً باستخدام قبضة من أثر الرسول جبريل عليه السلام فأخرج لهم عجلاً لعنه الله ثم تركهم ليقرروا هم أن هذه الأعجوبة التي فتنهم بها هى إله موسى عليه السلام .

وبالتالي بطلان نبوة موسى و هارون و أن السامري هو رسول هذا العجل و من هنا أصبح كل من بدل دينه وغيره في كل ديانة كالسامري الذي بدل وغير في بني إسرائيل قال تعالى { فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي – طه 88 }

والغريب في الأمر هو ارتباط بني إسرائيل وجدانيا حتى الآن بمسألة البقرة الحمراء فمرة يعبدون عجل ومرة اعتداء في السبت فيمسخهم الله قردة وخنازير ثم مسألة البقرة الحمراء فهل هو الرباط  التراثي الوثيق بالسامري ومعتقده حتى الآن .

 

وأما :

(عجلا جسداً له خوار)

 

[ العجل : ولد البقر لتصور عجله ما يقدم إذا صار ثوراً – معجم المفصل لألفاظ القرآن باب العين فصل الجيم واللام ] .

قال تعالى { واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين – الأعراف 148 } و العجل وليد ثور وبقرة ولو كان مصنوعاً صناعة لصنع ثوراً وليس عجلاً وليدا وهذا العجل المولود بطريقة فيها سحر وبقبضة من أثر الرسول فخرج إلى الدنيا جسداً له خوار فعبدوه من دون الله تعالى كما في قوله عز وجل { ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون – البقرة 92 } وهنا يبين تعالى أن هؤلاء قد غضب الله تعالى عليهم لقوله تعالى { إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين – الأعراف 152 } .

ولأن هؤلاء قد ظلموا أنفسهم بهذا الجرم مع الله تعالى وعليهم أن يسارعوا بالتوبة قبل أن يغرغروا قال تعالى { وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم – البقرة 54 }

ويبين تعالى أنهم قد أشربوا في قلوبهم العجل بتزيين من الشيطان لقوله تعالى { وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين – البقرة 93 }

 

وأما :

(جسدا)

 

وهنا يبين تعالى أنهم لما اتخذوا إلهاً لهم غير الله تعالى وهو العججل كما في قوله تعالى { واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين – الأعراف 148 } ويبين تعالى أن هذا الجسد الذي سحرهم به هو جسد يأكل الطعام لورود هذا اللفظ في قوله تعالى عن بني آدم { وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين – الأنبياء 8 }  وقال تعالى أيضاً {   ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب – ص 34 } وبالتالي فعل السامري شيئاً بالحلي  أخرج لهم به عجلاً يشبه العجل الحقيقي له جسد ويخو خواراً وقال لهم لعنه الله هذا إلهكم وإله موسى  { فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي – طه 88 } .

 

وأما :

(له خوار)

 

[ وخار يخور خواراً : صاح قال تعالى { واتخذ قوم موسى من بعده عجلاً جسداً له خوار – الأعراف 148 } .

 

وأما :

(فقالوا هذا إلهكم وإله موسى)

 

وهنا يبين تعالى أن الذين عبدوا العجل هم الذين قالوا لموسى من قبل (اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة) قال تعالى { وَجَٰوَزۡنَا بِبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱلۡبَحۡرَ فَأَتَوۡاْ عَلَىٰ قَوۡمٖ يَعۡكُفُونَ عَلَىٰٓ أَصۡنَامٖ لَّهُمۡۚ قَالُواْ يَٰامُوسَى ٱجۡعَل لَّنَآ إِلَٰهٗا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةٞۚ قَالَ إِنَّكُمۡ قَوۡمٞ تَجۡهَلُونَ إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ مُتَبَّرٞ مَّا هُمۡ فِيهِ وَبَٰطِلٞ مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ قَالَ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡغِيكُمۡ إِلَٰهٗا وَهُوَ فَضَّلَكُمۡ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ وَإِذۡ أَنجَيۡنَٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَسُومُونَكُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبۡنَآءَكُمۡ وَيَسۡتَحۡيُونَ نِسَآءَكُمۡۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَآءٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِيمٞ وَوَٰعَدۡنَا مُوسَىٰ ثَلَٰثِينَ لَيۡلَةٗ وَأَتۡمَمۡنَٰهَا بِعَشۡرٖ فَتَمَّ مِيقَٰتُ رَبِّهِۦٓ أَرۡبَعِينَ لَيۡلَةٗۚ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَٰرُونَ ٱخۡلُفۡنِي فِي قَوۡمِي وَأَصۡلِحۡ وَلَا تَتَّبِعۡ سَبِيلَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ – الأعراف 138-142 } . وهنا علم نبي الله موسى بأن فيهم مفسدين هو ما دفعه لتحذير وإنذار أخاه هارون من هؤلاء  المفسيدين وهؤلاء المفسدين هنا هم الذين عبدوا العجل في قوله تعالى هنا { فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي – طه 88 } .

 

وأما :

(فنسى)

أي ما انساهم ربهم ودينهم وتعاليم نبيهم إلا الشيطان لقوله تعالى { وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره – الكهف 53 } وقال تعالى أيضاَ مبيناً أنهم ما فعلوا ذلك إلا باستحواذ الشيطان عليهم فأصبحوا من حزب الشيطان وجنوده كما في قوله عز وجل { استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون – المجادلة 19 } . وذكر الله تعالى هنا جائهم به نبي الله موسى كبقية رسل الله تعالى الذين يذكرون الناس بربهم قال تعالى { وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم – يس 78 } .

وفي آخر الزمان مع علامات الساعة وقبل القيامة إذا بعث الله تعالى في الناس إماماً من أهل بيت النبي الخاتم صلى الله عليه وآله بتأويل لكتاب الله تعالى سيكفر به ويحاربه هولاء الذين نسوا الله من قبل وعبدوا العجل وائتموا بسامري اليهود وسامري النصارى ثم سامري المسلمين ممن بدلوا دينهم وخرجوا على ولاية أهل بيت نبيهم في كل زمن قال تعالى { هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون – الأعراف 53 } .

 

ثم يقول تعالى :

 

(89) أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا (89)

 

وهنا :

(أفلا يرون)

ترد هذه الآيات على قرب القيامة وتسارع حركة الزمن بأن تكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم وزيادة الزلازل والأعاصير المدمرة وذلك لانكماش الأرض على حساب البحر من شرق الأرض وغربها واقتراب السماء من الأرض بصفة مستمرة بكفر الناس وعصيانهم لله تعالى وذلك معنىى قوله تعالى { بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون – الأنبياء 44 } وهنا يكون قد حل زمان هلاك هؤلاء المجرمين في كل الديانات ممن نسوا ذكر الله .

 

وأما :

(ألا يرجع إليهم قولا)

 

ورجوع القول يكون بين الكفار المكذبين والمنافقين المستكبرين ومن تولاهم من المستضعفين فيقول تعالى { وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون – سبأ 31-33 }

ومراجعة القول بينهم في جهنم يكون ندماً على ما فعلوه في الأرض من فساد ثم لم يتوبوا قال تعالى { ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون – الروم 41 } وقال تعالى أيضاً في عذابهم الأصغر وهو مرحلة ما قبل الإستئصال لهم { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون – السجدة 41 } فإذا أهلكهم الله تعالى ألقى كلاً منهم تبعة جريمته على غيره كما بينا بين المستكبرين والمستضعفين وكذلك بين آخر الأمم والأولين ممن تقلدوا بهم وأضلوهم قال تعالى { قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون – الأعراف 38 } .

 وأما :

 

(ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا)

 

وهنا يبين تعالى لبني آدم أن كل من تولوهم من دون الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام من أصنام حجرية قال تعالى فيها على لسان نبي الله إبراهيم { قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون – الشعراء 72-74 }

أو أجساداً بشرية من حكام و علماء مضلين كلاهما لا يملك لنفسه و لا لأحد نفعاً و لا ضراً في الدنيا والآخرة قال تعالى في الولاية لله تعالى ورسوله ثم الإمام علي عليه السلام { إنما وليكم الله ورسوله والين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون –المائدة } ومن خرج على هذه الولاية قال تعالى فيهم { قل من رب السماوات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار – الرعد 16 } وفي هذا العصرآخر الزمان قرب القيامة إذا صنع بني آدم صناعات وزعموا فيها أنهم صنعو ( إنساناً آلياً) وكأن ابن آدم غير آلي يبعث الله تعالى فيهم إمام آخر الزمان ليكون أجل هؤلاء مرهوناً ببعثته كما في قوله تعالى { وَلِكُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولٞۖ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمۡ قُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ قُل لَّآ أَمۡلِكُ لِنَفۡسِي ضَرّٗا وَلَا نَفۡعًا إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۗ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌۚ إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ فَلَا يَسۡتَـٔۡخِرُونَ سَاعَةٗ وَلَا يَسۡتَقۡدِمُونَ – يونس 47-49 } وفي ذلك الومن يقول تعالى لهؤلاء الذين عبدوا الرجال و ما صنعته أيديهم من خلق قدسوه على كتب ربهم قال تعالى لهؤلاء { قُلۡ أَتَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَمۡلِكُ لَكُمۡ ضَرّٗا وَلَا نَفۡعٗاۚ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ – المائدة 73-76 }

 

وهؤلاء بين تعالى أنهم آلهة مطاعة معبودة من دون الله لقوله تعالى { واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا – الفرقان 3 }

 

ثم يقول تعالى :

 

(90) ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري (90)

 

وهنا :

(ولقد قال)

 

وردت هذه الآيات في قوله تعالى { يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم– التوبة 74 } فلما عبدوا العجل قال لهم هارون هنا إنما فتنتم به قال تعالى { ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري – طه 90 } وهنا حاولوا قتله كما أشارت الآية في سورة التوبة

وهموا فعلاً بقتله كما قال لأخيه موسى عليهما السلام  { قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين – الأعراف 150 }

 

وأما :

(قال لهم هارون)

 

وهنا يبين تعالى أن موسى عليه السلام لما استخلف أخيه على قومه قال تعالى { وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين – الأعراف 142 }

فلما غاب عنهم عبدوا العجل كما في قوله تعالى { واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين –الأعراف 148 } فقال لهم هارون عليه السلام إنما فتنتم به قال تعالى { ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري – طه 90 }

فلما رجع موسى عليه السلام قال له : { قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري قال يابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بني إسرائيل ولم ترقب قولي – طه 92-94 } .

 

وأما :

(من قبل)

 

وهنا ورود هذه الآيات في أمر كفر فرعون وملئه بموسى عليه السلام وهارون وقولهم أنهما ساحران في قوله تعالى { فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون – القصص 48 } وهنا أيضاً لما وعظهم هارون عليه السلام كذبوه وكادوا يقتلونه بعد أن قال لهم إنما فتنتم به قال تعالى { ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري – طه 90 } ويبين تعالى أن هؤلاء هم الذين طلبوا من موسى عليه السلام صنما يعبدوه ويكون لهم إلهاً كما لهم آلهة قال تعالى لذلك لآخر الأمم { أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل – البقرة 108 } .

وأما :

(ياقوم)

 

اي أنه قال لهم ما قاله لهم موسى من قبل لما أرادوا أن يعبدوا صنماً فقال لهم نبيهم إنكم قوم تجهلون قال تعالى { وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون – الأعراف 138 } .

فلما عبدوا العججل قال هم هارون هنا إنما فتنتم به قال تعالى { ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري – طه 90 }

 

وأما :

(فتنتم به)

 

وهنا الفتنة ليسست اختبار كما في قوله تعالى من قبل { قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري – طه 85 } ومن يرد الله فتنته فلن يملك له أحد سبيلاً للنجاة قال تعالى { ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا – المائدة 41 } .

والفتنة هنا [ شرك وتبديل دين وإحراق – المعجم ] [ قال  تعالى { والفتنة أشد من القتل – البقرة 191 } وقال تعالى أيضاً  { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله – الأنفال 36 } . وفتنوا به بمعنى بدلوا دينهم بهذا العجل وخرجوا به على دين الإسلام . ولذلك قال لهم هارون هنا {  ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به – طه 90 } .

 

وأما :

(فاتبعوني وأطيعوا أمري)

وهنا يبين تعالى أن نتبع الهوى بغير علم منزل من عند الله فهو ضال قال تعالى { ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله – القصص 50 } ويبين تعالى أن المصريين لما أطاعوا فرعون بغير نص من كتاب الله فقد أضلهم كما في قوله تعالى { فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود – هود 97 } . وهنا يبين تعالى أن هارون عليه السلام قال لهم { فاتبعوني وأطيعوا أمري – طه 90} فلما عصوه قال موسى لهارون عليه السلام { ألا تتبعن أفعصيت أمري – طه 93  } .

 

وأما :

(وأطيعوا أمري)

 

هنا يبين تعالى أن نبي الله هارون قال لقومه كما قال كل نبي لقومه { فاتقوا الله وأطيعون – الشعراء 110&126&131&144&150&163&179 ] فقال تعالى لهم هنا { فاتبعوني وأطيعوا أمري – طه 90 } .

 

وأما :

(أمري)

 

وهذا الأمر كان من موسى عليه السلام بأمر من الله تعالى حيث قال تعالى { اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين – الأعراف 142 } وقول موسى عليه السلام هنا { ولا تتبع سبيل المفسدين} يؤكد وجودهم لقولهم من قبل { اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة } لذلك لما وقع أمر هذا العجل من السامري قال موسى عليه السلام لهارون { ألا تتبعن أفعصيت أمري قال يابن أم لا تأخذ برأسي ولا بلحيتي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي – طه 93-94 } .

 

ثم يقول تعالى فيما قاله قومه لنبي الله هارون عليه السلام :

 

(91) قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى (91)

 

ورد في تفسير البرهان :

[علي بن إبراهيم : في قوله تعالى: { فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ } قال: اختبرناهم و أضلهم السامري، قال: بالعجل الذي عبدوه، و كان سبب ذلك أن موسى لما وعده الله أن ينزل عليه التوراة و الألواح إلى ثلاثين يوما أخبر بني إسرائيل بذلك، و ذهب إلى الميقات، و خلف هارون في قومه، فلما جاءت الثلاثون يوما و لم يرجع موسى (عليه السلام) إليهم غضبوا و أرادوا أن يقتلوا هارون، و قالوا: إن موسى كذبنا و هرب منا. فجاءهم إبليس في صورة رجل، فقال لهم: إن موسى قد هرب منكم و لا يرجع إليكم أبدا، فاجمعوا لي حليكم حتى أتخذ لكم إلها تعبدونه. – البرهان للسيد هاشم البحراني ] .

وهنا :

(قالوا لن نبرح)

 

[ وبرح المكان وبرح الأرض برحاً وبراحاً : فارقها – معجمألفاظ القرآن باب الباء فصل الراء والحاء ] . قال تعالى { فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي – يوسف 80 } أي أن قولهم هنا { قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى – طه 91 } أي أنهم مكثوا إلى جوار العجل ليعبدوه من دون الله .

 

وأما :

(عاكفين)

 

[ العكوف هنا بمعنى الحبس والمنع والإقامة للعبادة كالعكوف في المسجد – المعجم باب العين فصل الكاف والفاء ] قال تعالى { إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون – الأنبياء 52 } وقال تعالى أيضاً { قالوا كنا نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين – الشعراء 71 }  وقال تعالى في طلبه عبادة الأصنام من قبل { وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون – الأعراف 138 } فلما فتنهم السامري بالعجل عكفول عليه متخذينه إلهاً من دون الله كما في قوله تعالى هنا { قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى – طه 91 } . وهنا يبين تعالى أن موسى لما رجع إليهم أحرقه ونسفه في اليم نسفا قال تعالى { قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 } .

وأما :

(حتى يرجع إلينا موسى)

ورجوعه عودته إلى قومه كما قال تعالى في فعل المنافقين  { يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم – التوبة 94 } وهذا العذر أنهم لم يفعلوا  ذلك بملكهم كما قال تعالى { قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزاراً من زينة القوم – طه 87 } [ فطلب منهم السامري إلقاء هذه الزينة في النار ليكفروا عن سيئاتهم كما أوردنا من قبل فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فعبدوه من دون الله تعالى عما يشركون  ] .

والرجوع لفظ يبين تعالى من خلاله أن الرجوع يكون لله تعالى لقوله تعالى { هو يحيي ويميت وإليه ترجعون – يونس 56 } فهل هذا العجل الذي عبدوه من دون الله يحيي ويميت ؟!

فلما رجع موسى عليه السلام وعلم بما حدث بعد غيابه عنهم غضب وحزن على هذا الفعل منهم قال تعالى { قَالَ فَإِنَّا قَدۡ فَتَنَّا قَوۡمَكَ مِنۢ بَعۡدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ فَرَجَعَ مُوسَىٰٓ إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ غَضۡبَٰنَ أَسِفٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ أَلَمۡ يَعِدۡكُمۡ رَبُّكُمۡ وَعۡدًا حَسَنًاۚ أَفَطَالَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡعَهۡدُ أَمۡ أَرَدتُّمۡ أَن يَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبٞ مِّن رَّبِّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُم مَّوۡعِدِي – طه 85-86 } .

ثم يقول تعالى فيما قاله لأخيه هارون :

 

(92) قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري (92)

وهنا :

(قال يا هارون)

أي أن نبي الله موسى قال لأخيه هارون { وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي واصلح ولا تتبع سبيل المفسدين – الأعراف 142 } فلمال عبدوا العجل ورجع موسى غضبان أسفاً سأل أخيه هارون { قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري – طه  91- 92 } .

 

وأما :

(ما منعك)

 

ولفظ منع مورد في قوله تعالى حيث قال تعالى لإبليس اللعين { قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي – ص 75 } وكأن نبي الله موسى هنا يسأل أخاه هارون ما منعك أن تمنعهم عن طاعة إبليس والسامري وعبادة العجل قال تعالى { قال ياهارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري – طه 92 } .

 

وأما :

(إذ رأيتهم)

 

وهنا يبين تعالى أن كفر هؤلاء واستكبارهم كان من منافقين يزعمون الإيمان قال تعالى { وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون – المنافقون 5 } والاية هنا تشير إلى أن نبي الله تعالى هارون لما نهاهم عن عبادة العجل استكبروا ولووا رؤوسهم وهم معرضون وحاولوا قتله ففر منهم كما في قوله تعالى { قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين – الأعراف 150 }  فلما سأله موسى هنا في قوله تعالى { قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا – طه 92 } .

 

وأما :

(ضلوا)

 

وهنا من عصى الله تعالى ورسوله فثد ضل ضلالَ مبينا قال تعالى فيه { ومن يعصي الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا – الأحزاب 36 } ولذلك قال تعالى أن السامري ومن تبعه قد عصوا ربهم ففتنهم الله تعالى كما قال عز وجل { قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري – طه85  } ومن الضلال عبادة الأصنام كما في قوله تعالى { رب اجنبني وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيراً من الناس – إبراهيم 36 } .

وما فعله السامري كان عجلاً جسداً له خوار أخرجه لقومه فعبده المنافقون من دون الله بعد أن زعم أنه إله موسى تعالى الله عما يشركون كما في قوله تعالى : { فَأَخۡرَجَ لَهُمۡ عِجۡلٗا جَسَدٗا لَّهُۥ خُوَارٞ فَقَالُواْ هَٰذَآ إِلَٰهُكُمۡ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ – طه88 } فقال لهم هارون هذه فتنة فتنتم بها فاتبعوني وأطيعوا أمري قال تعالى { وَلَقَدۡ قَالَ لَهُمۡ هَٰرُونُ مِن قَبۡلُ يَٰقَوۡمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِۦۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحۡمَٰنُ فَٱتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوٓاْ أَمۡرِي – طه 90 } . وهنا عصوا ربهم ورسوله فلما رجع موسى علليه السلام سأل هارون عليه السلام  { قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا – طه 92 } .

 

ثم يقول تعالى :

(93) ألا تتبعن أفعصيت أمري (93)

 

وهنا :

(ألا تتبعن أفعصيت أمري)

 

وهنا من خلال هذا اللفظ يبرئ الله تعالى هارون من تبعة التقصير في أمر الله تعالى ورسوله لقوله تعالى فيما قاله هارون لقومه { و لقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري – طه 90 } وكأنه هنا لما سأله موسى عليه السلام قال له (ألا تتبعن) فقال له أتبعتك وأمرتهم ولكنهم عصوني وكادوا يقتلوني قال تعالى { قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني – الأعراف 150 } .

وأما :

(أفعصيت أمري)

وهنا يبين تعالى أن أنبياء الله تعالى ورسله والأئمة من بعدهم يخافون من عصيان الله تعالى كما في قوله عز وجل { إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم – يونس 15 } وبالتالي هارون وموسى وكل أنبياء الله تعالى منزهون عن معصية الله تعالى وعن أمر الرسول أيضاً هنا فلم يعصي هارون أخيه موسى كما في قوله تعالى { ألا تتبعن أفعصيت أمري قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي – طه 93-94 }

 

ثم يقول تعالى :

 

(93) قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي (94)

 

وهنا :

(قال يابن أم)

 

والأم هى التي تلد كما في قوله تعالى { إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم – المجادلة 2 } وبالتالي {ابنن أم } هنا أي يا أخي قل تعالى { قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي- طه 93 }  .

 

وأما :

(قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي)

 

وهنا يبين تعالى أن نبي الله موسى كان غاضباً من ابن أمه أي أخيه والذي أخذ برأسه وجذبه من لحيته يجره إليه تعنيفاً له قال تعالى { وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين – الأعراف -150- 151 } . وأخيه هنا هو ابن أمه كما في قوله تعالى { قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي – طه 94 } .

 

وأما :

(بلحيتي)

 

[ واللحية : الشعر النابت على الخدين والذقن وجمعه لحى ولُحىَ – – معجم ألأفاظ القرآن باب اللام فصل الحاء والياء ] قال تعالى { قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي – طه 94 } .

 

وأما :

(خشيت)

 

و[ الخشية : خوف من أمر متوقع يتحاشاه الإنسان خشية وقوعه ] كقوله تعالى { وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه – الأحزاب 37 } وخشية هارون هنا أن يظن فيه موسى أنه قد تسبب في تفرقة بني إسرائيل قال تعالى {  قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي – طه 94 } .

 

وأما :

(أن تقول)

 

والقول يبين تعالى أن هارون قال لقومه ماقاله كل انبياء الله لقومهم { قال ياقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره – الأعراف 65&73&85&هود 50 &61&84} ثم قال لهم لما عصوا و عبدوا العجل خوفاً عليهم من الفتنة والشرك و التفرق ونزول السخط الإلهي عليهم فقال تعالى فيما قاله لقومه عليه السلام { ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري – طه 90 } . فلما رجع نبي الله موسى وقال له { قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا – طه 92 } وأخذ برأس أخيه يجره إليه كما في قوله تعالى { قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي – طه 94 } ثم قال له بأنهم كادوا يقتلونه كما  في قوله عز وجل { قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني – الأعراف 150 } .

 

وأما : 

(فرقت)

 

والتفرق لا يكون إلا على كتاب الله ورسوله والأئمة من أهل بيته عليهم السلام قال تعالى {  وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم– الشورى 14 } والواضح أن هؤلاء هم الفاسقين الذين عصوا نبيهم عليه السلام لقوله تعالى فيما فعلته طائفة منهم بعد ذلك { قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين – المائدة 24-25 } . وعلى ذلك في آخر الزمان وآخر الأمم كل من عصى الله تعالى ورسوله ثم الأئمة من أخل بيت النبي عليهم السلام الذين أذهب الله تعالى عنهم الجرس وطهرهم تطهيراً فهم الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً قال تعالى { منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون – الروم 31-32 } .

 

وأما :

(بين بني إسرائيل)

 

وبني إسرائيل هم أبناء يعقوب عليه السلام لقوله تعالى { كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين – آل عمران 93 } ويبين تعالى أن هؤلاء تفرقوا هنا بعد غياب نبي الله موسى عنهم وخشى هارون عليهم جميعاً من ضياع دينعهم فقال تعالى هنا { قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي – طه 94  }

ثم تفرقوا مرة ثانية بعد بعثة نبي الله عيسى عليه السلام فقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين – الصف 14 } فلما بعث فيهم النبي الخاتم أيضاً تفرقوا عليه فمنهم من آمن به ومنهم من كفر به قال تعالى { ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين – يونس 40 } ولذلك قال تعالى فيهم كلما جائهم رسول ففريقا كذبوا وفريقاً يقتلون قال تعالى { لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون – المائدة 70 } .

 

وأما :

(ولم ترقب قولي)

 

[ ورقبه يرقببه رقباً ورقوباً : دعاه وحفظه فهو رقيب – معجم ألفاظظ القرآن باب الراء فصل القاف والباء ] قال تعالى فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم – المائدة 117 } أي الحافظ المراعي لهم وعلى ذلك معنى قوله تعالى { ولم ترقب قولي } أي لم يراعي فيهم ويحفظ ما وصاه به موسى قبل غيابه عنهم .

ولورود هذا اللفظ في قوله تعالى { لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون – التوبة 10 } وهنا يشير الله تعالى إلى أن قرابتهم من قومه لم يرقبوا في هارون إلا ولا ذمة لذلك كادوا يقتلونه كما فيي قوله تعالى { إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني – الأعراف 150 }

 

وأما :

(قولي)

 

القول هنا هو قول موسى لأخيه عندما وصاه على قونه قبل غيابه عنهم حيث قال لأخيه هارون { وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين – الأعراف 142 } فلما عبدوا العجل وقال لهم هارون { ولقد قال لهم هارون ياقوم إنما فتنتم به – طه 90 } فقالوا له { قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى – طه 91 } فلما رجع موسى وقال لأخيه { قال ياهارون مامنعك إذ رأيتهم ضلوا – طه 92 } فقال هارون لأخيه هنا { قال إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي – طه 94 } .

 

ثم يقول تعالى :

(95) قال ما خطبك يا سامري (95)

 

وهنا :

(قال ما خطبك)

 

[ الخطب : الشأن الذي تقع فيه المخاطبة – معجم ألفاظ القرآن باب الخاء فصل طاء والباء ] وهو دائماً يأتي في القرآنن الكريم كاستفسار واستبيان عن قضية فيها حكم قال تعالى { وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب – ص 20 } وفص الخطاب الفصل والحكم في القضايا ولذلك ورد هذا اللفظ في قصة نبي الله يوسف في قوله تعالى  { قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين – يوسف 51 } وقال موسى عليه السلام للمرأتين في بلاد مدين { ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير – القصص 23 } .

 

وأما :

(يا سامري)

 

وهنا يبين تعالى اعتراف اقوم عن مسؤولية السامري في عبادتهم للعجل في قوله تعالى { قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري – طه 87 } وبعد سؤال القوم لاكتمال أركان التحقيق في هذه الجريمة سأل المتهم وهو السامري ماذا فعل فقال تعالى هنا { قال ما خطبك يا سامري قال قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي – طه 95-96 } .

ورد في تفسير البرهان : [.. علي بن إبراهيم: قال له بنو إسرائيل: { مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا } قال: ما خالفناك { وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ ٱلْقَوْمِ } يعني من حليهم { فَقَذَفْنَاهَا } قال: يعني التراب الذي جاء به السامري طرحناه في جوفه ثم أخرج السامري العجل و له خوار. فقال له موسى: { فَمَا خَطْبُكَ يٰسَامِرِيُّ }؟ قال السامري: { بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ } يعني من تحت حافر رمكة جبرئيل في البحر { فَنَبَذْتُهَا } أي أمسكتها { وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } أي زينت. – البرهان للسيد هاشم البحراني ] .

 

ثم يقول تعالى :

(96) قال قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي (96)

 

وهنا :

(قال قال بصرت بما لم يبصروا به)

 

وهنا يبين تعالى من خلال أقرار السامري بجريمته أنها جريمة مبتكرة غير معهودة أخرج لهم بها الجسد الذي يتشابه مع المخلوق الحي ولعل منه التماثيل المصرية المتحركة التي تنظر إليك من أي اتجاه كلما نظرت إليها كأنها تتحرك برأسها معك شاخصة إليك بوجهها أينما تحركت وأحد هذه التماثيل بمتاحف الغرب سرقها الروم من مصر في فترة الإستعمار والإنهيار العربي الكبير الذي يمر به العالم العربي والإسلامي وذلك بسحر كان المصريون فيه حاذقون لاتصالهم بعالم الجن والتسخير والسحر فبعث الله تعالى فيهم موسى عليه السلام بأعجوبة وهى العصا التي يفعل بها ما يشاء بأمر الله واليد البيضاء التي تضيئ كفلق الصبح ومن الإبتكارات الغير معهودة على أرض مصر ابتكار فرعون للجديد في عالم هدم دين الإسلام على الأرض فكانت كل الأمم من قبل تقول لأنبيائها والمؤمنين( لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم – يس ) وفي مصر وفي زمن فرعون ابتكر الجديد في عالم الإنتقام من المؤمنين وهو الإنتقام من كل أسرة لنبي أو المؤمن للقضاء عليهم إلى يوم القيامة واستأصالهم فقال لعنه الله { وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون – الأعراف 127 } وقال تعالى { قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين – الشعراء 29 } ولم يعهد عقوبة السجن إلا في مصر للمؤمنين وكذلك إمام آخر الزمان إذا من الله تعالى على المؤمنين فسيخرج بعلوم فيها العجائب الغير معهودة قال تعالى { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون – القصص 5-6 } وهنا أيضاً كان الجديد تأسيس السامري لمنهج تحريف دين الإسلام والكذب على الله تعالى ورسوله والقضاء على الفكرة بفكرة وعلى الدين بالدين وهذا لم يكن معهوداً في الأمم من قبل لذلك السامري كجسد وفكرة سيظل باقي في الأرض حتى زمن الدجال الأكبر في زماننا هذا ويكون نهايته مع ظهور علم إمام آخر الزمان وما كل ذلك إلا لروح تركها نبي الله إدريس عليه السلام  في مصر حتى أصبح فيها العجائب ومن هنا كل أنبياء الله عليهم السلام دخلوها ليتركوا فيها أثراً وأسراراَ ستكشف إذا قضى الله فيها أمراَ .

 

هنا :

(قال قال بصرت بما لم يبصروا به)

 

البصر هنا لشيئ لم يبصره الجميع ومن مكان خفي لا يبصره فيه أحد لورورد هذا اللفظ في قوله تعالى { وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون – القصص 11 } أي أن السامري بصر بشيئ لم يبصره أحد غيره فأخذ أثر من الرسول جبريل عليه السلام كما في الاية هنا { قال قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي – طه 96 } . وهذا من فعل الشيطان كما قال تعالى { وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين – العنكبوت 38 } والصد هنا كان بتحريف آيات الله المنزلة من عند الله وهى آثر من آثار الرسول وهى آيات يستبصر بها العبد الطريق إلى الله تعالى وذلك لأن والبصر و البصائر يأت على كتاب الله المنزل من السماء لقوله تعالى { قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ – الأنعام 104 } .

وبالتالي المعنى الخفي هنا أنه لم يقل في آيات الله أنها سحر مبين قال تعالى { فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين – النمل 13 } بل أخذ بصائر من أثر الرسول ليضل بها الناس وهو يعلم قال تعالى { قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي – طه 96 }

 

وما سولت له نفسه هنا أرادته تحريف شرع الله وتبديله بأثر مما أنزله الله تعالى كما في الآية وهذه أول محاولة في التاريخ الإنساني لهدم دين الله بدين الله ومن هنا قال بعض العلماء بحياة السامري وأنه لم يمت و الواقع يبين أن ما أسسه هو الذي استمر إلى أن يشاء الله في آخر الزمان .

ولا يتبعه إلا من لم يبصر كتاب ربه وعمل بالرأي في مقابل النص المنزل من عند الله ومن هنا جاء تحريف التوراة كما قال تعالى { يحرفون الكلم من بعد مواضعه – المائدة 41 } وهذا هو الذي أسسه السامري ولكل أمة سامريها الذي يبدل لها دينها ويتقول على الله بغير علم وقد قال تعالى إن السمع والبصر والفؤاد كل ذلك سيسأل عنه ابن آدم قال تعالى { ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا – الإسراء 36 } وبالتالي لا يتبعه إلا من أعمى الله تعالى قلبه و بصرة قال تعالى { وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون – الأعراف 198 } . وهؤلاء هم أهل جهنم الذين قال تعالى فيهم { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون – الأعراف 179 }

 

وأما :

(بما لم)

 

ترد هذه الآيات في قوله تعالى هنا { قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي – طه 96 } أي أنه بصر بشيئ لم يبصره به أحداً غيره وأحاط به علما لم يعلم به أحد غيره لورود هذه الآيات فيي قوله تعالى { فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين – النمل 22 }

ولورود هذه الآيات في قوله تعالى { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم – آل عمران 188 } أي أن السامري لم يفعل شيئاً فقبضة أثر الرسول فيها أثر من كينونة الكن فيكون والتي وهبها الله تعالى بعضاً من ملائكته ولكن السامري سرق واختلس خلسة قبضة من أثر الرسول فيها كن بأمر الله فكان عجلاً جسداً مسحوراً بسحر فيه عمل شيطاني وأثر من ملك مبعوث من قبل الله . ولذلك جاء بعجل فيه أعجوبة فتن بها المنافقين كما بينا من قبل .

 

وأما :

(فقبضت قبضة)

 

[ وقبض الشسئ تناوله بيده ]  قال تعالى { وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون – الزمر 67 } وبالتالي كانت هذه القبضة هنا من الأرض من أثر الرسول قال تعالى { قال قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي – طه 96 } .

ولورود هذا اللفظ في رهن الودائع في قوله تعالى { وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم  البقرة 283 } والاية هنا تشير إلى كتمان شهادة السامري على ما رآه من أثر الرسول وسلبه للودائع التي أودعها القوم  من زينة وحلي الوارد ذكرها في قوله تعالى { قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري – طه 87 } أي أنه أخذ قبضة من أثر الرسول وكتم هذا الأمر وبها و بالودائع التي سلبها من زينة القوم أخرج لهم بتلك العناصر عجلا جسدا له خوار كما أخبر الله تعالى في قوله عز وجل { فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي – طه 88 } .

 

وأما :

(من أثر الرسول)

 

[ وأثر الشيء ما يدل على وجوده قال تعالى { قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى – طه 84 } أي أن هذه القبضة من أثر الرسول خلطها بزينة القوم وبسحر استخدمه في ذلك لإخراج العجل وذلك لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { فقال إن هذا إلا سحرً يؤثر – المدثر 24 } وقد فعل ذلك الفعل بأثارة من علم كان عنده ورثه من المصريين لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين – الأحقاف 4 } كما أن الآية فيها إشارة إلى أن العاملين بالرأي في مقابل نصوص التوراة والإنجيل و القرآن فهم الذين يعملون بأثارة من علم بعدما ضلوا وفقدوا كثيراً من علمهم الحقيقي المنزل على نبي الله موسى وعيسى ومحمد النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وذلك بتقديمهم أهواء رجالهم على أنبياء الله فقتلوهم من قبل كما قتلت أمتنا أهل بيت نبيها ومن اتبعهم وهنا يكون قد أسس السامري لهم شيطاناً يتلبس بعلماء كل زمن ليصرفهم عن كتاب ربهم وعلم أنبيائهم ثم أئمة أهل بيت النبي عليهم السلام فلم يبقى للعالم سوى أثارة من علم وليس علماً لدنياً أو علماً راسخاً بعد أن عملوا بالهوى قروناً طويلة من الزمان بالهوى . ويمد الله تعالى لهؤلاء في الزمن حتى آخر الزمان فيظن هؤلاء أنه لا إله لهذا الكون وأنهم قادرون عليها فيأتيهم وعد الله تعالى كما في قوله تعالى { حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون – يونس 24 } وهلاكهم يكون مع القيامة والبداية تكون في ملحمة آخر الزمان حيث يجمع الله تعالى يها الظالمين فيهلكهم كما أهلك الأولين كما في قوله تعالى { وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتۡ لِأَيِّ يَوۡمٍ أُجِّلَتۡ لِيَوۡمِ ٱلۡفَصۡلِ وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا يَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِ وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ أَلَمۡ نُهۡلِكِ ٱلۡأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتۡبِعُهُمُ ٱلۡأٓخِرِينَ  كَذَٰلِكَ نَفۡعَلُ بِٱلۡمُجۡرِمِينَ – المرسلات 11-18 }

وفي هذه المعركة يكون هلاك كل أصحاب مدرسة الرأي في الديانات الثلاثة الذين انتهجوا نهج السامري في هدم دين الله بتحريف أثر من آثار رسول الله صلى الله عليه وآله ومنهم الذين أعدوا البقرات لذلك اليوم الذي يهدكون فيه دين الله من على الأرض وينتظرون عودة السامري وليس المسيح وإن كانوا يدعون ويزعمون ذلك إلا أن الناس سيؤمنون بدعووة السيد المسيح لما قال لهم { ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد – الصف } ومن هنا يكون دخول الغرب في دين الإسلام استجابة لما دعاهم إليه السيد المسيح عليه السلام كما قال تعالى فيهم { وإن منهم لمن يؤمن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شيدا – المائدة } وهنا تحتدم المعركة آخر المن بين المؤمنين في كل الديانات وبين الذين يعدون البقرة أو العجل ليذيحوه بعد هدم المسجد الأقصىى وهدم بيت الله الحرام كما يصرحون ذلك ويتابعهم في ذلك أصحاب الممصالح ممن يريدون الحياة الدنيا وهم النفير الذي قال تعالى فيهم { وجعلناكم أكثر نفيرا – الإسراء } .

 

وأما :

(الرسول)

 

والرسول هو جبريل عليه السلام لقوله تعالى { الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير – الحج 75 } ومن هؤلاء الملائكة جبريل عليه السلام الذي قال تعالى فيه { نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين } . وهذا الرسول لما نزل لإهلاك فرعون وجنوده قبض قبضة من أثره قال تعالى هنا { قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي – طه 96 } .

وأثر الرسول في الأمم علمهم الذي ورثوه قومهم وخاتمهم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وإخراجه في حياته جسداً قبلوه إذا ترك كتاب ربه ورفضوه جسداً ومنهجاً إن تمسك بكتاب الل وعمل بما أمر به عز وجل ولذلك قال تعالى في إخراجه جسداً من بيته ومنهجاً من حياة الناس إذا ارتدوا عن دينهم يقول تعالى هنا (يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم – الممتحنة) والآية { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل – الممتحنة 1 } وهنا في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله إخراجه جسدا بسبب إيمانه بالله تعالى وولايته الحق وولاية رسوله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام لذلك يقول تعالى عن إخراج المؤمنين من ديارهم بسبب إيمانهم وولايتهم لله الحق { الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله – الحج 40 } وبعد موت الرسول لا يمكن إخراجه إلا وفق  معنى واحد لا ثاني له وهو ترك الناس للعمل بسنته صلى الله عليه وآله وهجرهم لكتاب ربهم وهذا هو إخراج الرسول كما أخبرت آية الممتحنة .

وبالتالي السامري له جسداً و موعد وعده الله تعالى للقضاء عن منهجه في تحريف الولاية لغير أهل بيت النبي عليهم السلام  وهو موت ذلك العمل الذي ابتدأه الساممري ولم يفعله أحد من الأمم من قبل  حيث أخرج الناس من الدين بالدين وأثر لذلك قتلوا أنبيائهم ومنهم زكريا ويحى والأنبياء والصالحين من أصحاب الأخدود رحمهم الله ثم جاءت آخر الأمم يكلموا ما أسسه السامري فيقتلون أهل بيت النبي وفق مدرسة للرأي تم تأسيسها في عصور لاحقة بعد موت النبي صلى الله عليه وآله

وهؤلاء الذين تولوا السامري فيما فعله آخر الزمان لهم موعد لن يخلفه الله تعالى لهم وهى نهاية الدجال الذي يعمل وفق ما وضعه السامري من مدرسة الرأي في الديانات الثلاثة  حيث تولى هؤلاء السامري من الإنس ومعه شيطاناً من الجن لقوله تعالى { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون – الأنعام 112 } .

وهنا نكون قد فصلنا من خلال كتاب الله الصلة بين السامري والشيطان والدجال ومجرمي كل زمان ممن قتلوا أنبياء الله تعالى والصالحين ثم أهل بيت النبي عليهم السلام من أكابر   مجرمي كل ديانة .

 

بعد أن فعل السامري ذلك يبين تعالى أنه قد خلق شيطاناَ مريداً يظل في الأرض إلى أن يشاء الله تعالى وذلك لأنه الإنسان يخلق أعماله ويراها بعد يوم القيامة حتى يقول تعالى { قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون – الأنعام 31 } وفي القبر تتجسد أعمالهم أيضاً فيرونها بأعينهم [ كما في الحديث عند سؤال منكر ونكير في القبر إن كان صالحاً أتاه رجل جميل الصورة طيب الريح يفتح له من أبواب الجنة فيسأل الميت له من أنت ؟!  فيقول له أنا عملك الصالح والعكس إن كان مجرماً يضربه ويفتح له من أبواب جهنم ما شاء الله .. الحديث ] .

ولذلك يقول تعالى { والله خلقكم وما تعملون – الصافات 96 } وقال تعالى أيضاً { إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا العنكبوت 19 }

خلق السامري شيطاناً يظل في الأرض إلى أن يشاء الله ولذلك قال تعالى فيه { قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 } .

ولما خلق هذا الشيطان بعمله وسارت طائفه من بني إسرائيل على نهجه فقتلت الأنبياء والصالحين لذلك لعنهم نبي الله داووو عيسى ابن مريم عليهما السلام لتلك الجرائم التي اقترفوها في حق دينهم وأنبيائهم سريا على نهج السامري والقبضة التي قبضها لإضلال الناي عن ربهم وعبادة العجل وبالتالي كل زمان له العجل الذي يعبده الناس فلعنهم كما لعن داود نبي الله عيسى عليهما السلام : { لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون – المائدة 78-79 }

وفي أمتنا آخر الأمم تم ذلك بواسطة الظالم وخليله وشيطانهما كما في قوله تعالى { ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا – الفرقان 27-29 } وفي حديث الحوض لذلك يقول صلى الله عليه وآله في الحديث [ لا تدري ما أحدثوا بعدك لقد ارتدوا على أدبارهم القهقري .. الحدديث – البخاري ] .

 

وأما :

(فنبذتها)

 

[ ونبذ الشيئ : طرحه رماه ] قال تعالى { فانتبذت به مكانا قصيا – مريم 22 } أي أنه اختلى بنفسه بعيداً عن القوم بمكان قصي ونبذ ما معه وطرحه في النار لورود لفظ نبذ في قوله تعالى { كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك مالحطمة نار الله الموقدة – الهمزة } وعلى ذلك يؤكد لنا القرآن الكريم أن السامري لعنه الله قد استخدم في إخراج العجل أثر الرسول و زينة القوم من حلي ومجوهرات وذهب بالإضافة إلى النار و الماء عند مكان غرق فرعون حيث كان يتقدم جيش فرعون حبريل على برذزونة (انثى الخيل) لإغراء فرس فرعون على الركض خلف تلك البرذونة كما هو وارد في قصص الأنبياء قال تعالى { فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين – القصص 40 } .

ورد في تفسير البرهان [و كان السامري على مقدمة موسى يوم أغرق الله فرعون و أصحابه، فنظر إلى جبرئيل و كان على حيوان في صورة رمكة ، فكانت كلما وضعت حافرها على موضع من الأرض تحرك ذلك الموضع، فنظر إليه السامري و كان من خيار أصحاب موسى (عليه السلام)، فأخذ التراب من تحت حافر رمكة جبرئيل و كان يتحرك فصره في صرة و كان عنده يفتخر به على بني إسرائيل فلما جاءهم إبليس و اتخذوا العجل، قال للسامري: هات التراب الذي معك. فجاء به السامري فألقاه إبليس في جوف العجل، فلما وقع التراب في جوفه تحرك، و خار، و نبت عليه الوبر و الشعر، فسجد له بنو إسرائيل، و كان عدد الذين سجدوا سبعين ألفا من بني إسرائيل، فقال لهم هارون كما حكى الله : { يٰقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَٱتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوۤاْ أَمْرِي قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ } ، فهموا بهارون فهرب من بينهم، وبقوا في ذلك حتى تم ميقات موسى أربعين ليلة، فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة أنزل الله عليه الألواح فيها التوراة و ما يحتاجون إليه من أحكام السير و القصص، ثم أوحى الله إلى موسى: { فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ } و عبدوا العجل و له خوار. …. { فَرَجَعَ مُوسَىٰ } كما حكى الله عز و جل { إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ يٰقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِي } ، ثم رمى بالألواح و أخذ بلحية أخيه هارون و رأسه يجره إليه { قَالَ ياٰهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ * أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } فقال هارون كما حكى الله: { يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي }

  • ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد، و محمد بن أحمد الشيباني، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام (رضي الله عنه)، قالوا حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي الأسدي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
  • أخبرني عن هارون لم قال لموسى (عليه السلام): يا بن ام لا تأخذ بلحيتي و لا برأسي. و لم يقل يا بن أبي؟ فقال: ” إن العداوة بين الإخوة أكثر ما تكون إذا كانوا بني علات ، و متى كانوا بني ام قلت العداوة إلا أن ينزغ الشيطان بينهم فيطيعوه، فقال هارون لأخيه: يا أخي الذي ولدته امي، و لم تلدني غير امه، لا تأخذ بلحيتي و لا برأسي، و لم يقل يا بن أبي لأن بني الأب إذا كانت أمهاتهم شتى لم تستبعد العداوة بينهم إلا من عصمه الله منهم، و إنما تستبعد العداوة بين بني ام واحدة.

قال: ” قلت: فلم أخذ برأس أخيه يجره إليه و بلحيته، و لم يكن له في اتخاذهم العجل و عبادتهم له ذنب. فقال: ” إنما فعل ذلك به لأنه لم يفارقهم لما فعلوا ذلك، و لم يلحق بموسى، و كان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب، ألا ترى أنه قال له موسى: { يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ * أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي }؟! قال هارون: لو فعلت ذلك لتفرقوا، و إني خشيت أن تقول: فرقت بين بني إسرائيل و لم ترقب قولي “.- تفسير البرهان للسيد هاشمم البحراني ] .

 

ولفظ نبذ أيضاَ يرد في نبذ كتاب الله تعالى وهذه جريمة من سار على نهج السامري في العمل بمكذوبات على أنبياء الله تعالى كما قال في بني إسرائيل وتركهم لكتاب ربهم وعملهم بالرأي والهوى { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون – آل عمران 187 }  وبالتالي كاتم نبوة النبي والأئمة من أهل بيته عليهم السلام والحق المنزل فيهم فهو كالسامري وتابعينه كعباد العجل .

 

وأما :

(وكذلك)

وهنا ورود هذا اللفظ في قوله تعالى { وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين – الأنعام 53 } يبين تعالى من خلاله أن السامري فتنة فتن الله تعالى بها الناس لقوله تعالى { فإنا قد فتنا قومك من بعدك واضلهم السامري }

وهذه الفتنة يقوم بها غاليا أكابر مجرميها كما قال تعالى { وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون – الأنعام 123 }

وإذا كان هذا اللفظ جاء في تعلم نبي الله يوسف من تأوويل الأحاديث بإذن الله في قوله تعالى { وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم – يوسف 6 }

وذلك يعني أن السامري أخرج للناس منهجاً مخالف لما أوحاه الله تعالى لأنبيائه كما في قوله تعالى هنا { وكذلك سولت لي نفسي } وهذا المكر بشرع الله كان حسداً ليكون هو الحاكم على الناس بالباطل وذلك لقوله تعالى في نبي الله يوسف عليه السلام وإرادة الله تعالى أن يكون حاكما في قوله تعالى { ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين – يوسف 22 } وبالتالي محور ما أسسه السامري إلهاً آخر للناس وهو العجل ليكون هو الحاكم الآمر الناهي على قومه وهذا هو محور كل من حاربوا أنبياء الله تعالى وقتلوهم هم وأئمة أهل بيت النبي عليهم السلام وهؤلاء هم المجرمين لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا – الفرقان 31 } وهؤلاء المجرمين هم مترفي كل زمان ممن قال تعالى فيهم { وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون – الزخرف 23 }

وكما أن إدالله تعالى قد مكن ليوسف عليه السلام في أرض مصر في قوله تعالى { وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون – يوسف 21 } .

وهنا يتبين لنا بأن مصر أيضاً وفي تراثها الفرعوني جزء خاص بالسامري المجرم الأول يخفيه أكابر مجرمي العالم من المترفين كما بينا ولذلك تبنى هؤلاء الشعارات الفرعونية   لأنهم يعبدون الشيطان في الخفاء وفي ظاهر الأمر يزعمون أنهم يهود ومسيحيين ومسلمين .وما هم في الحقيقة إلا عبدة شيطان يتخذون السامري إماماً لهم وكما كانت مصر مصدر الفكر السامري فكذلك يخرج منها بإذن الله من يهدم مدرسة الرأي في الديانات الثلاثة التي أسسها السامري وذلك لأن الله تعالى قدر أن يحكمها أنبياء على فترات من التاريخ في زامنهم قضوا على مدرسة الرأي وردوا الناس إلى كتاب ربهم .

 

وأما :

 

(سولت لي نفسي)

 

[ وسولت له نفسه تسويلاً : زينته وحببت إليه ليفعله أو يقوله وسول له كذا : زينه وحببه إليه ليفعله – معجم الفاظ القرآن باب السين فصل الواو واللام ]  قال تعالى { وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون – 18 } و ما سولته أنفسهم قوله تعالى { اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً يخلوا لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوماً صالحين – يوسف } والآية هنا تشير لاستخدام السامري قرابين الدم في هذا العمل الإجرامي ليكون هو الحاكم على الناس وقد أعد لهم العجل إلهاً بديلاً عن الخالق عز وجل وباستخدام أثر من آثار الرسول كما بينا من قبل .

وهذا التسويل بفعل الشيطان الذي دفعه ومن تولاه إلى الردة عن دين الإسلام كما في قوله تعالى { إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم – محمد 25 } .

وهنا أيضاً وجه من وجوه الشبة في كل زمن بين السامري وزعيم المرتدين الذي يبدل للناس دينهم بعد موت كل نبي كما قال تعالى في نبي الله يوسف عليه السلام { ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب – غافر 34 }

وفي  نبي الله موسى عليه السلام يقول تعالى { قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري – طه 85 }

وقال تعالى لعيسى عليه السلام بعدما تولى الكثير منهم سامري زمانهم { وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد – المائدة 116-117 }

وفي أمتنا يقول تعالى { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين –آل عمران 144 }

وفي كل هذه الأمم من قبل يظهر فيهم سامري كل زمان ممن يكذب على الله تعالى ورسوله باستخدام آثار الرسل والأنبياء من علم ليخرج الناس من ولاية الأنبياء والمرسلين ثم أئمة أهل بيت النبي عليهم السلام إلى ولاية غيرهم  وهنا تكون استمرارية ما وضعه السامري من أساس إلى أن يشاء الله تعالى .

 

وأما :

(نفسي)

 

وهنا يبين تعالى أنه لما قال السامري (وكذلك سولت لي نفسي) في قوله تعالى { قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي – طه 96 } وهذا الفعل هنا يبين تعالى أنه تبديل شرع الله تعالى لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم – يونس  15 } وهنا يبين تعالى أن السامري بدل دين الله واستبدل الإله الحق بإله آخر وشريعه شيطانية موضوعه بشريعة أخرى من عند نفسه ولذلك قال { قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي – طه 96 }

فلما تبعه الكثير من بني إسرائيل حتى خشى نبي الله هارون من كثرتهم أن يقتلوه كما في قوله تعالى { ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين – الأعراف 150 } فلما تبعه الكثير من الناس واستضعفوا نبي الله هارون وكادوا يقتلونه كذلك قتلوا الأنبياء والصالحين فيما بعد وأصبح نبي الله موسى عليه السلام لا يملك إلا نفسه وأخيه عليهما السلام فدعا ربه تبارك وتعالى بأن يفرق بينه وبين القوم الفاسقين كما في قوله عز وجل : { قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين – المائدة 25 } .

 

ثم يقول تعالى :

(97) قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا (97)

 

وأما :

(قال اذهب)

 

وهذا اللفظ يرد على إبليس في قوله تعالى { قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا – الإسراء 63 } وفي ذلك دلالة على أن بدل دين الله تعالى وكذب على الله تعالى ورسوله فهو شيطان أو ولياً للشيطان كالسامري لذلك قال فيه نبي الله موسى هنا { قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 }

والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم يقتله نبي الله موسى عليه السلام وعاقبه باللامساس وعدم قتله هنا خوفاً من افتتان أتباعه به فيقدسونه بعد موته باعتباره بطلاً فيكون نبي الله موسى قد أسس ديانة العجل بغير علم ولذلك لم يقتله وعاقبه بعقوبة اللا مساس هنا .

 وأما :

(إن لك)

وهنا يبين تعالى كأنه استنكر على السامري من خرج على كتاب ربه فيقول تعالى هل أتاكم كتاباً غير كتاب الله تتخيرون منه أم تظنون أنكم رسل من الله أنزل عليكم الكتاب تتخيرون من أحكامه لقال تعالى { أم لكم كتاب فيه تدرسون إن لكم فيه لما تخيرون أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون – القلم 37-39 }

 

فلما فعل السامري ما فعل هنا عاقبه الله تعالى بعقوبة اللا مساس في الحياة الدنيا قال تعالى : { قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 } وهنا (إن لك) وورود هذه الآيات مرتين في الآية تدل على أن له وعدين في الحياة الدنيا وعد خاص بالجسد وله اللا مساس والثاني خاص بالفكرة التي ابتدعها في هدم دين الله إلى يوم القيامة وهى فكرة استخدام أثر الرسول في هدم دين الرسول

وبعد أن ورث بني إسرائيل مصر بعد هلاك فرعون كما في قوله تعالى

{ كذلك وأورثناها بني إسرائيل – الشعراء 59 } فلما كفروا بنعم الله تعالى و طلبوا من موسى عليه السلام استبدال المن والسلوى بالفوم والعدس والبطل فقال لهم الله تعالى ولمن خلفهم في حكم مصر والعالم من التابع والمتبوع ممن خرجوا على ولاية الله الحق فسيضرب الله تعالى عليهم الذلة والمسكنة والغضب من الله تعالى كما قال عز وجل { اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون – البقرة 61 }

ولذلك ترد هذه الآيات في إنذار الله تعالى لآدم وزوجه إن عصيا الله تعالى فسيخرجهما من الجنة إلى الجوع والعري والمكابدة قال تعالى { إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى – طه 118 } أي أإن كل من عصى الله تعالى وخرج على ولاية الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام فقد توعده الله تعالى بالجوع والعري والخوف .

وهى عقوبة لمن عمل بالرأي في مقابل نصوص القرآن الكريم وهو أثر الرسوول الذي تركه لأهل بيته عليهم السلام فتولتهم طائفة وخرجت على ولايتهم طائفة أخرى وقد أصبحوا أولياء للسامري وما اسسه من فكرة هدم الدين بالدين وله عقوبتان له ولمن تولاه في تكرار نفس العمل الذي هو إمامه في الضلالة ومؤسسه الأول بما لم يحدث من قبل في الأمم السالفة وقال تعالى في هاتان العقوبتان له ولأتباعه في موعد آخر الزمان  { قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 } ولمن تابعه في الخروج على حكم الله فلهم موعداً قرب يوم القيامة لن يخلفه لكل من عمل بالرأي في الدين في مقابل نصوص القرآن الكريم فخرجوا بالرأي والهوى على ولاية أهل بيت النبي عليهم السلام حتى يحكم الله تعالى فيهم يوم القيامة  لورود هذه الآيات في قوله تعالى { أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون – القلم 39 } وفي هذا الموعد آخر الزمان ويكون النصر للنبي محمد صلى الله عليه وآله ومن تولاه وأهل بيته عليهم السلام وذلك لأنه صاحب الخلق العظيم وصاحب الميثاق الذي أخذه الله تعالى على كل أنبياء الله تعالى في قوله عز وجل { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين – آل عمران 81 } .

ولذلك جعل الله تعالى له صلى الله عليه وآله أجر عند الله غير ممنون فهو صاحب الخلق العظيم الذي قال تعالى فيه  { وإن لك لأجرا غير ممنون وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون – القلم 3-6 } .

والمفتون هنا هم الذين عبدوا العجل من حكام وعلكاء كل زمن ممن قالوا بالرأي وعبدوا الدنيا لقوله صلى الله عليه وآله [ عجل أمتي الدرهم والدينار – الجامع الصغير للسيوطي ] .

وهؤلاء الذين عبدوا العجل فهم الذين خرجووا على ولاية الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام وقد أخبرهم  نبي الله موسى عليه السلام بصفاته والأئمة من أهل بيته عليهم السلام  حتى أصبحوا يعرفونه أكثر من معرفتهم أبنائهم كما في قوله تعالى { الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون – البقرة 146 } وبالتالي كل من خرج على ولاية الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام بعد ظهور الإسلام فهم من أتباع السامري .

 

وأما :

(في الحياة) 

 

ولفظ الحياة مجردة على إطلاقها هنا تدل على الحياة الدنيا قال تعالى { هو الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا – الملك 2 } وهذه الحياة مادامت الحياة فيها مستمرة فسيظهر متلبساً في أجساد أكابر مجرمي كل أمة ممن أضلوا قومهم قال تعالى { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون – الأنعام 112 } فيفعلون بوحي من جن السامري الذي كان متلبساً به نفس أفعاله وكأن السامري حياً لم يمت فعاقبه الله تعالى بعقوبة اللا مساس والثانية موعداً آخر الزمان على يد إمام آخر الزمان من أهل بيت النبي عليهم السلام وفي زمن نبي الله عيسى عليه السلام في وعد لن يخلفه الله تعالى يكون فيه نصرهم لقوله تعالى { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد – غافر 51 } وهنا تكون نهاية السامري وما بثة بين الناس من فكرة هدم الدين بالدين و هو أول من استخدم أثار الرسول في هدم دين الرسول فجاء ترسيخ أمر الحكام الذين يعبدون من دون الله كعجل بني إسرائيل في كل زمان في استمرارية لما أسسه السامري من عجل معبود في كل زمان إلى أن يشاء الله تعالى وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا لاستخدام الدين في هدم الدين كما قال تعالى { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا – الكهف 103-104 } وهؤلاء في كل زمن عبدوا عجل كل زمان من حكام وعلماء قال تعالى فيهم لذلك { خذوا ما آتيماكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم – البقرة 93 }

وهؤلاء بين وعدين الأول كجسد السامري وله عقوبة اللامساس في الحياة الدنيا وما بثه بين الناس من فكرة هدم الدين بأثر الرسول فلها موعد آخر الزمان لذلك قال تعالى هنا  { قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 }

ولذلك ورد في تفسير البرهان أن كل أمة لها سامري وهذا واضح من خلال قوله تعالى { ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ياويلتي ليتني لم أتخذ فلاناًخليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جائني وكان الشيطان للإنسان خذولا – الفرقان }  .

 

وأما :

(أن تقول)

 

وهنا يبين تعالى أنه لما أخذ الله تعالى منهم الميثاق للإيمان بني آخر الزمان صلى الله عليه وآله ورفع فوقهم الطور فقالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل فقال لهم الله تعالى ورسوله اسمعوا وأطيعوا فقالوا سمعنا وعصينا قال تعالى { وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين – البقرة 93 }

وقالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة في قوله تعالى { وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون – البقرة 55 } فلما عبدوا العجل قال لهم نبيهم هارون عليه السلام { وقال ياقوم لقد فتنتم به – طه }

ثم يذكرهم الله تعالى بنعمته عليهم قائلاً {  وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين – المائدة 20 } ثم ارتدوا على أعقابهم فقتلوا انبيائهم وكذبوا رسلهم كما في قوله تعالى { ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون – البقرة  87}

ثم يبين تعالى أنهم فعلوا جرائم منها :

– قولهم لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة في قوله تعالى { وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون – البقرة 80 }

وقالوا قلوبنا غلف في قوله تعالى { وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون – البقرة 88 }

وقالوا نحن أبناء الله وأحباؤه قال تعالى { وقالوا نحن أبناء الله وأحباؤه – البقرة}

وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى قال تعالى { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين – البقرة 111 }

وقالوا يد الله مغلولة لعنهم الله قال تعالى { وقالوا يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا – }

وقالوا كقول الفراعين اتخذ الله ولد قال تعالى { وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه } قال تعالى في هذا الولد { وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل – التوبة}

  • وتقولوا على الله غير الحق فحرفوا كتاب ربهم كما في قوله تعالى { وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون – آل عمران 78} وقال تعالى أيضاً { من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا – النساء 46 }

وهذا هو منهج السامري الذي وضعه لهم وسار على نهجه قتلة الأنبياء من حينها إلى يومنا هذا ممن يريدون رفع الهيكل وينتظرون بكفرهم وسفكهم للدماء ودعوتهم للشذوذ والزنا والإباحية والتحول الجنسي رسولاً يطلقون عليه المخلص بعد أن علوا في الأرض وقال تعالى في هذا الزمان الذي سيعلون فيه { ولتعلن علواً كبيرا – الإسراء } وبعد العلو ووالتمكين والظهور والبطش والكفر والإفساد في الأرض وظنهم أنهم قادرون عليها والمفترض أن يكون المستضعفون والفقراء والمظلومين هم الذين ينتظرون المخلص (بتشديد اللام) وبالتالي هؤلاء ينتظرون السامري وليس المسيح عليه السلام أو المهدي أو غيرهما من رسل الله والعجيب إعدادهم للبقرة وهى الأم في مخيلتهم للعجل الذي عبدوه من قبل وقد ذبحوا من قبل بقرة صفراء لما قتلوا نفساً بغيير حق .

وبالتالي لما قال له نبي الله موسى هنا { قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 }

والقول يرد بعد ذلك في قول الله تعالى عن السيد المسيح وقوله لهم عليه السلام بعد أن يخرج فيهم سامري زمانهم فيبدل دينهم  { لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار – المائدة 72 }

 

والقول يرد في القرآن الكريم على أنه القرآن الكريم كما في قوله تعالى { إنه لقول رسول كريم – التكوير 19 } وهذا القول أمر الله تعالى بالإهتداء به والعمل بمقتضى أواممره تعالى كما في قوله عز وجل { وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد – الحج 24 }

 

ثم يبين تعالى ظهور سامري أمة المسلمين الذي سيبدل دينها ويتقول على الله الكذب وعن علم { وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون – آل عمران 78 }

وهذا الكذب على ثلاثة أصناف قوم افتروا على الله الكذب وآخرين قالوا إن الحق ينزل في رجل منهم ومكذبا للنبي صلى الله عليه وآله مخطئاً له والثالث يقول أنه سينزل مثل كتاب الله قال تعالى { ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون – الأنعام 93 }

ثم يتوارث الناس مكذوبات سامري أمة محمد صلى الله عليه وآله ليستبدلوا ولاية أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بولاية  الصحابة ليقول الخلف على الله بعلم مختلط صحيح ومكذوب فقالوا في دينن الله وولايته الحق قول مختلف بغير علم حقيقي من كتاب الله تعالى لقوله عز وجل : { فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون – الأعراف 169 }

وهذه االتخرصات والتقول على الله تعالى بغير علم وتولي غير الله تعالى بتقدم أراء وأهوار رجالهم على كتاب الله وسنة رسوله ثم ولي غير أهل بيت نبيهم هى مدرسة الرأي التي في كل الديانات فقتلوا أنبياء الله من قبل ثم أكمل أتباع السامري جرائمهم بقتلهم أهل بيت نبيهم عليهم السلام  وهؤلاء لهم موعد وعدهم الله تعالى إياه آخر الزمان  بما  أفسدوا في الأرض في زمن علوا بني إسرائيل الكبير والذي هو علامة على هلاكهم كما في قوله تعالى : { وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا– الإسراء 104 } ويكون هذا الهلاك في  زمن إمام آخر الزمان الذ قال تعالى فيه { وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون – النمل 82 }

 

وأما :

(لا مساس)

 

[ ورد في تفسير البرهان :

[ فأخرج موسى العجل و أحرقه بالنار و ألقاه في البحر، ثم قال موسى (عليه السلام) للسامري: { فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ } ، أي ما دمت حيا و عقبك، هذه العلامة فيكم قائمة أن تقولوا : لا مساس، حتى تعرفوا أنكم سامرية لا يقربكم الناس. فهم إلى الساعة بمصر و الشام معروفون ب (لا مساس).

ثم هم موسى (عليه السلام) بقتل السامري فأوحى الله إليه : ” لا تقتله – يا موسى – فإنه سخي “. فقال له موسى (عليه السلام) { وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً * إِنَّمَآ إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } .

–  نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم: قيل: و إن من عبد العجل أنكر عند موسى (عليه السلام) : أنه لم يسجد له، فأمر موسى (عليه السلام) أن يبرد العجل بالمبارد، و ألقى برادته في الماء، ثم أمر بني إسرائيل أن يشرب كل واحد منهم من ذلك الماء، فالذين كانوا سجدوا يظهر له من البرادة شيء فعند ذلك استبان من خالف ممن ثبت على إيمانه.

– عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ” ما بعث الله رسولا إلا و في وقته شيطانان يؤذيانه و يفتنانه و يضلان الناس بعده، فأما الخمسة أولو العزم من الرسل: نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد (صلى الله عليه و آله و عليهم)، فأما صاحبا نوح فطنطينوس و خرام ، و أما صاحبا إبراهيم فمكيل و رذام، و أما صاحبا موسى ف السامري و مر عقيبا، و أما صاحبا عيسى فينواس و مريسون، و أما صاحبا محمد (صلى الله عليه و آله) فحبتر و زريق “. و قد تقدم هذا الحديث في تفسير:{ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ } [الآية: 112] من سورة الأنعام. – تفسير البرهان للسيد هاشم البحراني & تفسير نور الثقلين للحويزي ج 3 ص 391 ] .

 

و[ مسه : عرض له وأصابه ويقال مسه المرض وأكثر ما يستعمل في الأذى المعجم باب الميم فصل السين والسين  ] قال تعالى { إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله – آل عمران 140 } و[ مس المرأة : وطئها ] قال تعالى { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح– البقرة 237 } وبالتالي عقوبة السامري هنا لبدنه عدم مسه أو ملامسته كما في قوله تعالى هنا { قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 } وفي إشارة قرآنية على أتباع السامري لهم علامة وهو تقولهم على الله غير الحق فقد بين تعالى من خلال اختيار هذا اللفظ المحدد أن خلف السامري هم الذين اتبعوه وحرفوا دينهم و قالوا { وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة – البقرة 80 } وقال تعالى أيضاً { ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون – آل عمران 24 } .

وفي الديانة المسيحية أيضاً رموا السيدة مريم بالبهتان العظيم فإذا قالت السيدة مريم متعجبة { قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا – مريم 20 } وهنا أتباع السامري رموها بالزنا وقد أشار القرآن الكريم في ذلك { وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما – النساء 156 } وفي دين الإسلام فعلوا نفس الأفعال حيث حطوا من شأن النبي صلى الله عليه وآله ونسبوا له الأخطاء وهو الذي لا ينطق عن الهوى وحطوا من شأن أهل بيته عليهم السلام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وقال فيهم أنه لا يدرك  غور معناه إلا هؤلاء الذين مسهم  الطهر قال تعالى { لا يمسه إلا المطهرون – الواقعة 79 }

فنسبوا للإمام علي عليه السلام والأئمة من بعده القبائح زورا وأنهم قبوريين مشركين يعظمون القبور وهى أوثان فاستحلوا دمائهم بغير حق ومن تولايهم بعد أن نسبوا لهم القبائح وعظموا رجال قبائلهم قال تعالى  { ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا – النساء 112 } .

فإذا أراد إحقاق الحق وإبطال الباطل متع الله تعالى هؤلاء إلى حين ثم يمسهم عذاب أليم ليكون هذا هو الموعد الذي حدده نبي الله موسى للسامري قال تعالى { قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم – هود 48 } وهؤلاء لهم موعد قال تعالى فيه هنا { قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 } .

ولا مساس قال صاحب تفسير أنوار التنزيل [ “لا مساس” : خوفاً من أن يمسك أحد فتأخذك الحمى ومن مسك فتحامى الناس ويحاموك وتكون طريدا وحيداً كالوحش النافر- أنوار التنزيل للبيضاوي ج 2 ص 59 & تفسير كنز الدقائق للقمي المشهدي ج 8 ص 344 ] .

 

وأما :

(وإن لك)

 

أي في الحياة الدنيا لك موعد لا يخلفه الله تعالى  لورود هذه الايات في قوله تعالى لسيدنا آدم وقد أنذره الشجرة وتصديق إبليس قال تعالى {  إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى طه طه 118 } أي أن قوله تعالى هنا { وإن لك موعدا لن تخلفه }  أي لك موعد قد حدده الله تعالى لهلاكك ومن تبعك آخر الزمان كما بينا .

 

وأما :

(موعدا لن تخلفه)

 

والموعد توقيت محدد ووعد لقوله تعالى فيما قاله فرعون لنبي الله موسى عليه السلام { فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى – طه 58 } والموعد هنا الذي لن يخلفه السامري وعدين الأول مع إبليس في وعد وعده الله تعالى حيث قال تعالى { قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ص 79-81 } وهذا موعد وعده الله تعالى به مع القيامة

 

و قد عد الله تبارك و تعالى من تقلد به آخر الزمان ممن تولى سامري اليهود وسامري النصارى وسامري المسلمين وهم جمع كبيرقال تعالى في موعد هلاكهم آخر الزمان { أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر أم يقولون نحن جميع منتصر سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر – القمر 43-46 } وهذا الوعد بعده يكون استخلاف المؤمنين الذين تولوا الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام كما في قوله تعالى { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون – النور 55 }

وبداية هذا الوعد هلاك الروم في آخر الزمان لورود لفظ الوعد في قوله تعالى { غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذِ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم  وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون – الروم 1-6 }

لما سمع كفار قريش تلك الوعود الربانية في كتاب الله تعالى استعجلوا نزول العذاب ولن يخلف الله تعالى وعده كما في قوله عز وجل { ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون – الحج 47 } وهؤلاء وعدهم الله تعالى عذابين قال تعالى فيهما { سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم – التوبة } الأول قريب من وفاة النبي صلى الله عليه وآله لقوله تعالى { فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون – غافر 77 }

 

والعذاب الثاني آخر الزمان مع بني إسرائيل إذا علوا علواً كبيرا و قال فيهم { ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد – الرعد 31 }

وهذا الوعد بصاعقة مثل صاعقة عاد وثمود قال تعالى فيها { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود – فصلت 13 } .

وهلاك هؤلاء من أتباع السامري من زمن ظهوره إلى زمن مدرسة الرأي عند المسلمين وفي آخر الزمان تكون نهاية مدرسة الرأي وانتهاء وقت انتظارهم ويكون معه فتح للمسملين سأل عن توقيته كفار قريش في قوله تعالى { ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين – الأنبياء 38 } وهذا الوعد بهلاكهم فيه فتح قال تعالى فيه : { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡفَتۡحُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ  قُلۡ يَوۡمَ ٱلۡفَتۡحِ لَا يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِيمَٰنُهُمۡ وَلَا هُمۡ يُنظَرُونَ فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَٱنتَظِرۡ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ – السجدة 28- 30 }

 

وهذا الوعد الذي وعدهم الله تعالى بين أنه أجل وهو مرهون ببعثة إمام آخر الزمان ونبي الله عيسى عليه السلام الذي يقتل الدجال يقول تعالى في أجل الأمة وارتهانه ببعثة إمام أههل بيت النبي عليهم السلام : { وَلِكُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولٞۖ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمۡ قُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ قُل لَّآ أَمۡلِكُ لِنَفۡسِي ضَرّٗا وَلَا نَفۡعًا إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۗ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌۚ إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ فَلَا يَسۡتَـٔۡخِرُونَ سَاعَةٗ وَلَا يَسۡتَقۡدِمُونَ قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَتَىٰكُمۡ عَذَابُهُۥ بَيَٰتًا أَوۡ نَهَارٗا مَّاذَا يَسۡتَعۡجِلُ مِنۡهُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ ءَامَنتُم بِهِۦٓۚ ءَآلانَ وَقَدۡ كُنتُم بِهِۦ تَسۡتَعۡجِلُونَ  يونس 47-51 }

ومن هذه الوعود التي وعدها الله تعالى وعد بهلاك بني إسرائيل في زمن النبي صلى الله عليه وآله وقال تعالى فيه { فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا – الإسراء 5 } ثم يبين تعالى علوهم العلو الكبير آخر الزمان كما على فرعون وقال تعالى فيه { وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين – يونس 83 } قال تعالى في بني إسرائيل آخر الزمان عن علوهم وإفسادهم في الأرض { وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا – الإسراء  4 } وهنا وعدهم الله تعالى بالعود الآخر وقال تعالى فيه { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا – الإسراء 7 } وهذا الوعد له علامة وهو تجمعهم من شتى أقطار البلاد والأجناس فيهلكهم الله تعالى جميعاً لقوله تعالى { وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا – الإسراء 104 } ولفيفاً أي ( من قبائل شتى)

وفي هذا الموعد آخر الزمان يكون زمن هلاك القرى الظالمة بإفساد بني إسرائيل فيها وقريش الآخرة في الأرض فيكون ذلك موعد ونهاية ما وضعه وأسسه السامري من عمل عمله لإخراج الناس من دين الإسلام قال تعالى لذلك  { وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا – الكهف 59 } وهذا الموعد لن يخلفه كما قال له نبي الله موسى عليه السلام { وإن لك موعدا لن تخلفه – طه 97 }

 

وهنا جريمة السامري التي نفذها لها بعدين مادي إنسي وشيطاني مستتر جريمة تقوم على سلب واختلاس أثر من أثر الرسول الملاك ليضل به الناس و ليحرف لهم دينهم المنزل من عند الله على نبي الله  موسى عليه السلام  ومن جاءوا بعد ذلك  سيتلبث بهم هذا الشيطان لأن  هناك وحي بين مجرمي الإنس والجن قال تعالى فيه { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون – الأنعام 112 }

و لأن القرآن الكريم يبين لنا أن أعمال العباد مخلوقة تسعى وسيراها بعد موته ويوم القيامة ولذلك يقول عز وجل { والله خلقكم وما تعملون ” – الصافات 96 } وقال تعالى في عبادة الأوثان أنها تخلق إفك في قوله تعالى عن سيدنا إبراهيم عليه السلام  { إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون – العنكبوت 17 }  والمفترض يقول تعالى وتعملون إفكا وليس تخلقون بما يدلل على مسألة خلق الأعمال والتي قال تعالى فيها يوم القيامة { وهم يحملون أوزارهم على ظهور هم يوم القيامة ألا ساء ما يزرون – طه }  و لذلك يحذر رسول الله صلى الله عليه وآله من دخول مساكن الذين ظلموا قائلاً في الحديث الشريف [ ” إذا دخلتم مساكن الذين ظلموا أنفسهم فلا تدخلوها إلا باكين أو مستغفرين ” ]  وفي  القبر يأتي الإنسان رجلا جميل الصورة طيب الريح فيقول له من أنت فيقول له أنا عملك الصالح فيوسع له في قبره جنات بأمر الله تعالى ويأتي المجرم رجلا قبيح المنظر يضربه فيقول له من أنت فيقول أنا عملك الخبيث فيفنتح له أبواباً من العذاب .. والحديث معروف ] وبالتالي السامري لما فعل ما فعلا خلق به شيطاناً لإضلال علماء المسلمين في كل زمن ومن هنا بين لنا الله تعالى على لسان نبي الله موسى أن له موعد لن يخلفه قال تعالى {  قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 } .

وهذا الموعد موعدين الأول :

عند موته ورجوعه إلى الله تعالى بجسده فرداً كما خلقه أول مرة قال تعالى هنا { وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا – الكهف 48 }

والوعد الثاني :

هلاك شيطانه الذي خلقه وعمله الذي تركه في الحياة الدنيا ليتوارثه علماء الضلالة من أصحاب مدرسة الرأي في الديانات الثلاثة قال تعالى في هلاك تلك القرى التي اتبعتهم آخر الزمان { وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا – الكهف 59 }

 

فإذا أهلكهم الله تعالى في الدنيا بموتهم ثم هلاكهم بمعركة آخرالزمان مع الدجال والتي هى في مقدمة علامات القيامة الكبرى والتي قال تعالى فيها { أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر أم يقولون نحن جميع منتصر سيهزم الحمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر – القمر 43-45 } وفي هذه المعركة الكبرى تنزل ملائكة ذات ثلاث شعب  قال تعالى فيها { ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ مَا كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ نطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ ظِلّٖ ذِي ثَلَٰثِ شُعَبٖ لَّا ظَلِيلٖ وَلَا يُغۡنِي مِنَ ٱللَّهَبِ إِنَّهَا تَرۡمِي بِشَرَرٖ كَٱلۡقَصۡرِ كَأَنَّهُۥ جِمَٰلَتٞ صُفۡرٞ  وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ – المرسلات 29-34 }

ثم يجمعهم الله تعالى في الآخرة للمحاكمة على ماقترفوه في الحياة الدنيا من جرائم الظلم و الكفرو الفسوق والعصيان وهذا وعد حق وعد به تعالى جميع خلقه كما في قوله تعالى {  ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد – آل عمران 9 }

وفي هذا اليوم يكون المؤمنين به تعالى الذين تولوه ورسوله وأهل بيت عليهم السلام في أمن الله تعالى ولا يحزنهم الفزع الأكبر كما قال تعالى { لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون – الأنبياء 103 }

وأما :

(وانظر)

 

وورد لفظ النظر هنا في نزول العذاب على الأمم الظظالمة فقال تعالى { وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين – الأعراف 84 } وقال تعالى أيضاً في هلاك الأمم الظالمة المفسدة في الأرض { فانظر كيف كان عاقبة المفسدين – النمل 14 }

 

وهؤلاء المفسدين آخر الزمان ممن تولاه في آثاره وإفكه لهم موعداً لهلاكهم ولن يخلف الله وعده لذلك قال تعالى هنا : { اذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعداً لم تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 } .

فإذا ماتوا ورفعت عنهم الحجب عنهم قالوا ياليتنا كنا ترابا قال تعالى { إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا – النبأ 40 }

 

وأما :

(إلى إلهك الذي)

 

وهنا الإله الذي صنعه لهم هذا المجرم السامري هو العجل لقوله تعالى { فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي – طه 88 } وهنا يبين تعالى أن نبي الله موسى قد نسف هذا الإله نسفا كما في قوله تعالى { وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 } .

وإله السامري وكل من اتخذه إماماً من دون الله تعالى وهو لايدري هو الهوى والرأي والتقول على الله بغير علم وبغير نص من كتاب الله لقوله تعالى في هذا الإله الآخر في الديانات الثلاثة { أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون – الجاثية 23 } وهؤلاء لهم موعد آخر الزمان لن يخلفوه بتوليهم السامري من دون الله تعالى ورسوله وأئمة أهل بيته عليهم السلام قال تعالى هنا { اذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعداً لم تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 } .

 

وأما :

(ظلت)

 

[ وظل يفعل للعمل ليلاً ونهاراً على السواء ويفهم منه معنى الإستمرار وفي إسناد الفعل “ظل”  تصرفات فمنهم من يحذف لامه ويفتح الظاء مثل ( ظلت عليع عاكفا- طه 97 ) وقوله ( ولو نشاء لجعلناه حطاماً فظلتم تفكهون – الواقعة 65 ) ومنهم من يكسر الظاء فيقول “ظِلت” ووردت بهما قراءات – معجم ألفاظ القرآن باب الظاء فصل اللام واللام ] .

وظلت أي ظللت مستمراً عاكفاً على عبادته في قوله تعالى عن موعد وعده الله تعالى لهلاكه وأتباعه آخر الزمان { قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 } وعلامة هذا الووعد آخر الزمان آية تظهر في  السماء قال تعالى فيها { إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين – الشعراء 4 }

 

وأما :

(عليه عاكفا)

 

[ العكوف هنا بمعنى الحبس والمنع والإقامة للعبادة كالعكوف في المسجد – المعجم باب العين فصل الكاف والفاء ] قال تعالى { إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون – الأنبياء 52 } وقال تعالى أيضاً { قالوا كنا نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين – الشعراء 71 }  وقال تعالى في طلبه عبادة الأصنام من قبل { وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون – الأعراف 138 } فلما فتنهم السامري بالعجل عكفول عليه متخذينه إلهاً من دون الله كما في قوله تعالى هنا { قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى – طه 91 } . وهنا يبين تعالى أن موسى لما رجع إليهم أحرقه ونسفه في اليم نسفا كما في قوله تعالى هنا { وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 } .

 

وأما :

(لنحرقنه)

 

والحرق يكون بالنار لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت – البقرة 266 } وبالتالي لتحرقنه أي بالنار بما يشير لى أنه جسد أحرقه  موسى عليه السلام .قال تعالى فيه هنا { وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 } .

وق توعد الله تعالى هؤلاء المجرمين ممن تولى السامري في كل زمان بالعذاب ويبدأ هذا العذاب مع موتهم كما في قوله تعالى { ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق – الأنفال 50 }

في الآخرة توعد الله تعالى الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات بعذاب الحريق قال تعالى { إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق – البروج 10 } .

 

وأما :

(لننسفنه في اليم نسفا)

 

[ ونسفه : اقتلعه ] من أصله قال تعالى { ويسئلونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعاً صفصفا – طه 105 } فإذا نسفت حولت لذرات [ لأن معنى نسف الشيئ ينسفه نسفاً أي فرقته وذرته – معجم ألفاظ القرآن باب النون فصل السين والفاء ] . قال تعالى هنا { لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا – طه 97 } .

 

وأما :

(في اليم)

 

[ واليم : البحر يستوي في ذلك العذب والملح – معجم ألفاظ القرآن باب الياء فصل الميم والميم ] . قال تعالى في المياه بالمالحة بالبحر حيث اتبع فرعون نبي الله موسى مشرقين جهة البحر { فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا – الأعراف 136 } وهذا الغرق كان بعد أن غشيهم من اليم ما غشيهم فغطى الله تعالى أعينهم وعقولهم عن إدراك ما هم مقبلون عليه من الهلاك والموت المحقق قال تعالى لذلك { فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم – طه 78 } . واليم هنا جهة المشرق لقوله تعالى { فأتبعوهم مشرقين – الشعراء 60 }

 

ثم يقول تعالى :

(98) إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما (98)

 

وهنا أي أن إلهكم الله تعالى خالق السماوات والأرض ووليس عجل موسى الذي قال فيه السامري { هذا إلهكم وإله موسى فنسى } ولا الهوى لقوله تعالى { أفرأيت من أخذ إلهه هواه} وهو الإله المعبود في كل زمن لذلك قال تعالى هنا { إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما – طه 98 } .

 

وهنا :

(إنما)

إنما للحصر وردت في قوله تعالى هنا { إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما – طه 98 } أي أنه لا إله معبود ومطاع غير الله تعالى خالق كل شيئ كما في قوله تعالى { ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل – الأنعام 102 } والله تعالى أممر بأن يسلم الناس له تعالى كما في قوله تعالى { قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون – الأنبياء 108 }  ومن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحد قال تعالى { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا – الكهف 110 } .

ويبين هذا الإله الخالق سبحانه وتعالى بين حصراً أن الولاية له عز وجل ثم لرسوله النبي الخاتم ثم وصيه وخليفته الإمام علي عليه السلام وأئمة أهل البيت لما نزل في ذلك من قوله تعالى { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون – المائدة } ثم الأئمة من بعده لانقطاع النبيوة وهم الذين أهلهم الله تعالى لذلك وأعدهم لهذه المهمة بإذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم كما في قوله تعالى عنهم { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا }

وهنا الآية أكدت أن ولي أمر المسلمين رجلاً من أهل بيت النبي وهو ضمن أهل الكساء وهو الإمام علي كما في حديث غدير خم المعروف وهو الإمام علي عليه السلام لما نزل فيه قوله تعالى { ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد – الرعد 7 }

[ أخرج الطبري بإسناد حسن من طريق سعيد ابن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت هذه الآية : وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده على صدره ، وقال : أنا المنذر وأومأ إلى علي ، وقال : أنت الهادي بك يهتدي المهتدون بعدي ، فإن ثبت هذا فالمراد بالقوم أخص من الذي قبله أي بني هاشم.- ابن حجر العسقلاني – فتح الباري شرح صحيح البخاري -كتاب تفسير القرآن – سورة إبراهيم : 24 – باب قوله :{ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ } ج8 ص 284 ]  .

[عن ‏ ‏عبد خير ‏ ‏، عن ‏ ‏علي ‏ ‏في قوله :‏ ‏{ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ( الرعد : 7 ) } ‏قال رسول الله ‏ (صلى الله عليه وآله) :‏ ‏المنذر ‏ ‏والهاد رجل من ‏ ‏بني هاشم. – مسند الإمام أحمد بن حنبل – مسند العشرة المبشرين بالجنة – مسند الخلفاء الراشدين ومن مسند علي بن أبي طالب (ع) ج1 ص 126 ]  .

[عن عباد بن عبد الله الأسدي ، عن علي : { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ – الرعد : 7 ) } قال علي : رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنذر ، وأنا الهادي ، هذا حديث صحيح الاسناد ، ولم يخرجاه. – المستدرك على الصحيحين – كتاب معرفة الصحابة (ر) – كان علي (ع) امام البررة ج3 ص 103 ] .

وهؤلاء هم أشد الناس  خشية لله تعالى وأعلمهم ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله [ أنا مددينة العلم وعلي بابها .. الحديث ] ولذلك يقول تعالى في خشيتهم لله تعالى وكل من تابعهم وتولاهم قال تعالى { إنما يخشى الله من عبادده العلماء فاطر 28 }

و عن المجرمين من أتباع السامري ينكرون هذه الولاية لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه النبي الخاتم ثم الأئمة من أهل بيته عليهم السلام لقوله تعالى { إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون – النحل 22 }

وأما :

(إلهكم الله الذي لا إله إلا هو)

 

وهنا يبين تعالى أنه لا إله إلا هو سبحانه وتعالى فيقول { فاعلم أنه لاإله إلا هو واستغفر لذنبك وللمؤمنين } ثم يذكر الله تعالى الناس هل من أحد غيره تعالى يخرج لهم الزرع ويرزقهم من السماء والأرض غير خالقهما قال تعالى { يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون – فاطر 3 }

 

والله تعالى إله الناس سبحانه وتعالى هو خالق كل شيئ كما في قوله تعالى { ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل – الأنعام 102 } فماذا خلق السامري أو غيره قال تعالى { هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين – لقمان 11 }

وهو عز وجل وسع كل شيئ علما كما في قوله تعالى { إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما – طه 98 }  .

ويبين تعالى على الرغم من أن الإنسان لم يخلق شيئا ومع ذلك الكثير منهم اتخذ إلهه هواه كما في قوله تعالى { أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون – الجاثية 23 } ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله لقوله تعالى { فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين – القصص 50 }

وهذا الإله الثاني وهو الهوى نهى الله تعالى عن العمل به لقوه تعالى { وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون – النحل 51 } ولذلك نهى الله تعالى أن نعبد أو ندعوا غيره عز وجل كما في قوله تعالى { ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون – القصص 88 }

وكل شيئء هالك إلا وجهه أي إلا رسله وأنبياءه وأهل بيته عليهم السلام ومن تابعهم وذلك لأن لفظ الوجه ورد في قصة أبناء يعقوب حيث قالوا { اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً يخل لكم وجه أبيكم – يوسف } اي ويحد وجهته وبالتالي يقول تعالى { ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور – لقمان 22 }

ولذلك يقول تعالى إذا قامت القيامة فهؤلاء لا يحزنهم الفزع الأكبر كما في قوله تعالى { ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين – النمل 87 } وقال تعالى فيهم أيضاً { لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون – الأنبياء 103 } وبالتالي من أراد رضا الله تعالى والجنة فليتولى هؤلاء فهو في أمن في الدنيا والآخرة وهذا مخالف لما دعا إليه السامري حيث أخرج لهم عجلاً جسداً له خوار فقال له موسى عليه السلام { قَالَ فَٱذۡهَبۡ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَۖ وَإِنَّ لَكَ مَوۡعِدٗا لَّن تُخۡلَفَهُۥۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰٓ إِلَٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلۡتَ عَلَيۡهِ عَاكِفٗاۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُۥ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُۥ فِي ٱلۡيَمِّ نَسۡفًا إِنَّمَآ إِلَٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمٗا – طه 97-98 }

وهذا الإله الخالق سبحانه وتعالى له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه يرجع الخلق بموتهم ثم يوم القيامة لقوله تعالى { وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون – القصص 70 } .

 

وأما :

(وَسِعَ كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمٗا)

 

وهنا يقول تعالى أنه خالق كل شيئ علمه الإنسان أم لم يعلمه لقوله تعالى { ويخلق مالا تعلمون } هذا الخلق وخالقه تعالى أمر بعبادته وطاعته كما في قوله عز وجل  { ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل – الأنعام 102 } .

فإذا جاء آخر الزمان وصنع أتباع السامري الصناعات ليفتنوا بها الناس عن خالقهم هنا قال تعالى لهم قبل هلاكهم كما أهلك القرون من قبلهم {  قل من رب السماوات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار – الرعد 16 }  وهو على كل شيئ وكيل كما في قوله تعالى { لله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل – الزمر 62 } وهو سبحانه وتعالى وسع كرسيه والذي هو رمز لدولة الخالق عز وجل قال تعالى { الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم – البقرة 255 } وهو سبحانه وتعالى وسع كل شيئ خلقه في كرسيه الذي هو رمز لدلته عز وجل رحمة وعلما كما في قوله تعالى { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم – غافر 7 }

ولذلك يقول سيدناإبراهيم لقومه عندما حاججهم { وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون – الأنعام 80 } .

ولذلك قال نبي الله موسى للسامري هنا { قَالَ فَٱذۡهَبۡ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَۖ وَإِنَّ لَكَ مَوۡعِدٗا لَّن تُخۡلَفَهُۥۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰٓ إِلَٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلۡتَ عَلَيۡهِ عَاكِفٗاۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُۥ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُۥ فِي ٱلۡيَمِّ نَسۡفًا إِنَّمَآ إِلَٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمٗا – طه 97-98 } . فهل يعلم السامري ومن تبعه آخر الزمان في زمن صعودهم لغلاف السماء الأولى ما في سماووات الله تعالى وما في أرضه ؟! وهنا تنتهي قصة السامري في كتاب الله تعالى .

 

ثم يقول تعالى :

(99) كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا (99)

 

وهنا :

(كذلك)

 

وهنا يبين تعالى أن السامري كما سولت له نفسه تلك الجريمة في قوله تعالى {قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي – طه 96 } فأخرج لهم العجل لوورود هذا اللفظ في قوله تعالى { ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري – طه 87 }

وكذلك يبين تلله تعالى للمسلمين سبيل المجرمين لقوله تعالى { وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين – الأنعام 55}

{ وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون – الأنعام 123 }

وما كان هذا المكر إلا بوحي بين شياطين جن وإنس قال تعالى فيهما { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون – الأنعام 112 } وما يكون هلاك القرى إلا بأفعال أكابر مجرمي كل قرية بولايتهم لشياطينهم كما بينا فيعاقبهم الله تعالى بعقاب شديد قال تعالى فيه {  وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد – هود 102 }

وفي الآخرة هؤلاء قال تعالى فيهم { لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين – الأعرف 41 } ويبين الله تعالى آياته للناس لعلهم يعقلون لقوله تعالى { كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون – البقرة 242 }

وهذا ملخص لأنباء ما قد سبق قال تعالى {  كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا – طه 99 } .

 

وأما :

(نقص عليك من أنباء ما قد سبق )

 

أي أنه يقول تعالى عن هذه القرى { تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين – الأعراف 101 } وهذه الأنباء مما سبق قال تعالى { كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا – طه 99 } .

ومن هذه القصص قصة نبي الله يوسف لقوله تعالى { نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين – يوسف 3 } ومن هذا القصص قصة أهل الكهف لقوله تعالى عنهم { نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى – الكهف 13 } وهذه أنباء مما قد سبق لقوله تعالى هنا عن السامري والأمم من قبل { كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا – طه 99 }

وهذا القصص عن القرى التي أهلكها الله تعالى منها قائم وحصيد مهلك مدمر قال تعالى { ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد – هود 100 }

وهذا القصص لتثبيت فؤاد المؤمنين لقوله تعالى { وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين – هود 120 } .

 

وأما :

(من أنباء)

 

والنبأ ورد في كتاب الله تعالى كما في  قوله عن كتابه الكريم { قل هو نبأ عظيم – ص 67 } ومن هذه الأنباء ما فيه مزدجر عن القرى الظالمة التي أهلكها الله تعالى : { ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر – القمر 4 }

ومن هذه الأنباء ما قد سبق كما في الآية { ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون – التوبة 70 } وكذلك قوله تعالى هنا { كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا – طه 99 } . وهناك أنباء في المستقبل ستحدث وقال تعالى فيها { ولتعلمن نبأه بعد حين – ص 88 } وقال تعالى عن الإمام علي وأهل البيت عليهم السلام { عم يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم يه مختلفون كلا سيعلمون ثم كلا سوف يعلمون – النبأ }

وأما :

(ما قد سبق)

 

وهنا يبين تعالى أن أنباء ما قد سبقت فهو هلاك الأمم من قبل { كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا – طه 99 } .

وفي بني إسرائيل وما فعلوه يبين تعالى لولا كلمة من ربك سبقت لأجل مسمى لنزل بهم العذاب قال تعالى { ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب – هود 110 }

ولولا كلمة سبقت في أجل وموعد وعده الله تعالى السامري لكان هلاكه ومن تولاه وتبعه

لازما قبل موعده الذي واعده به عز وجل وقال تعالى فيه { وإن لك موعداً لم تخلفه – طه 97 } لذلك قال تعالى { وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَت مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامٗا وَأَجَلٞ مُّسَمّٗى – طه 129 }

وهذه الكلمة آخر الزمان يكون فيها النصر والغلبة للمسلمين ممن تولوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام قال تعالى { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهمم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون – الصافات 171-173 } .

 

وأما :

(وقد آتيناك)

 

أي أتاه الله تعالى القرآن وهو الحق كما في قوله تعالى { بل آتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون – المؤمنون 90 } وهذا الحق هو الذكر من الله تعالى كما في قوله تعالى هنا { وقد آتيناك من لدنا ذكرا – طه 99 }

وهذا الذكر ميثاق واثقه الله تعالى بني إسرائيل ليؤمنوا بنبي آخر الزمان صلى الله عليه وآله لقوله تعالى { وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون – البقرة 63 }

هذا هو الصدق من الله تبارك وتعالى كما في قوله عز وجل { وآتيناك بالحق وإنا لصادقون – الحجر 64 } .

 

وأما :

(من لدنا)

 

أي أن الله تعالى قد أتاه القرآن الكريم لقوله تعالى{ وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم – النمل 6 } ولورود هذا اللفظ في العلم اللدني الذي وهبه الله تعالى عبداً من عباده وهو الخضر عليه السلام في قوله تعالى { فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما – الكهف 65 } ومن أصحاب العلم اللدني وزير النبي الله سليمان عليه السلام الذي قال تعالى فيه { قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك – النمل } والذي عنده علم من الكتاب كذلك الإمام علي عليه السلام لما نزل فيه من قوله تعالى { أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه – هود 17 }

 

وأما :

(ذكرا)

 

والذكر كتاب الله تعالى كما في قوله تعالى { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون – الحجر 9 } والتذكرة في كتاب الله تعالى هى السبيل الوحيد إلى الله تعالى والذي قال تعالى فيه { إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا – المزمل 19 } والذي يذكر بهذه التذكرة رسول الله صلى الله عليه وآله الذي قال تعالى فيه { فذكر إنما أنت مذكر – الغاشية 21 } والمذكر هو النبي صلى الله عليه وآله لذلك يبين تعالى أن النبي بعد كتاب الله هو الذكر أيضاً كما في قوله تعالى { فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا – الطلاق 10-11 }

ثم يبين تعالى بعد ذلك أن أهل بيته عليهم السلام هم أهذ الذكر الذين أمر الله تعالى بالرجوع إليهم في بيان كتاب الله تعالى كما في قوله عز وجل { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون – الأنبياء } وهؤلاء هم أهل بيت النبي عليهم السلام وأولهم الإمام علي عليه السلام باب مدينة علم النبي صلى الل عليه وآله وأما غيرهم ممن قالوا في بعض آيات الله (الله أعلم بمراده من الآية) أو تأولوا خطاً بعذ آيات الله فهؤلاء قوماً تبوءوا مقاعد ليست لهم وذلك لأن الله تعالى اصطفى هذا الدين وبيانه لآل إبراهيم وآخرهم أهل بيت رسول الله النبي الخاتم صلى الله عليه وآله لذلك قال تبي الله إبراهيم لبنيه  { يابني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا و أنتم مسلمون – البقرة } . ومن تولى الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام فهو الذي يخشى الله تعالى كما في الآية هنا { إلا تذكرة لمن يخشى – طه 3 } .

 

ثم يقول تعالى فيمن أعرض وتولى عن ذكر الله تعالى وولايته وولاية رسوله النبي الخاتم صلى الله عليه ثم الأئمة من أهل بيته عليهم السلام :

  

(100) من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا (100)

أهـ .

الشريف خالد محيي الدين الحليبي 

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمتابعة مستقبل العالم و الأحداث الخطرة و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم في العالم على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها للمجامع والمراكز العلمية و الجامعات والعلماء في العالم.

شاهد أيضاً

سورة القمر من تفسير البينة رقم (35) في التنزيل

سورة-القمر-35 نسخة بي دي إف : سورة القمر (35) وورد في تفسير البرهان : [ …