سورة القمر من تفسير البينة رقم (35) في التنزيل

سورة-القمر-35

نسخة بي دي إف :

سورة القمر (35)

وورد في تفسير البرهان :

[  … عن محمد، قال: حدثنا يونس، قال: قال [لي] أبو عبد الله (عليه السلام): “اجتمع أربعة عشر رجلا أصحاب العقبة ليلة أربع عشرة من ذي الحجة، فقالوا للنبي (صلى الله عليه و آله): ما من نبي إلا و له آية، فما آيتك في ليلتك هذه؟ فقال [النبي (صلى الله عليه و آله)]: ما الذي تريدون؟ فقالوا: إن يكن لك عند ربك قدر فأمر القمر أن ينقطع قطعتين. فهبط جبرئيل (عليه السلام)، و قال: يا محمد، إن الله يقرئك السلام و يقول لك: إني قد أمرت كل شيء بطاعتك، فرفع رأسه فأمر القمر أن ينقطع قطعتين، فانقطع قطعتين، فسجد النبي (صلى الله عليه و آله) شكرا [لله]، و سجد شيعتنا، ثم رفع النبي (صلى الله عليه و آله) رأسه و رفعوا رؤسهم، ثم قالوا: يعود كما كان. فعاد كما كان، ثم قالوا: ينشق رأسه! فأمره فانشق، فسجد النبي (صلى الله عليه و آله) شكرا لله، و سجد شيعتنا، فقالوا: يا محمد، حين تقدم سفارنا من الشام و اليمن نسألهم ما رأوا في هذه الليلة، فإن يكونوا رأوا مثل ما رأينا، علمنا أنه من ربك، و إن لم يروا مثل ما رأينا، علمنا أنه سحر سحرتنا به فأنزل الله: { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ } إلى آخر السورة”.

– الحسين بن حمدان الخصيبي: بإسناده، عن المفضل بن عمر، عن الصادق (عليه السلام)، قال: “لما ظهر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالرسالة، و دعا الناس إلى الله تعالى، تحيرت قبائل قريش، و قال بعضهم لبعض: ما ترون [من الرأي في] ما يأتينا من محمد كرة بعد كرة مما لا يقدر عليه السحرة و الكهنة؟ و اجتمعوا على أن يسألوه شق القمر في السماء، و إنزاله إلى الأرض شعبتين، و قالوا: إن القمر ما سمعنا في سائر النبيين أحدا قدر عليه، كما قدر على الشمس، فإنها ردت ليوشع بن نون وصي موسى (عليه السلام)، و كان الناس يظنون أنها لا ترد عن موضعها.

و أجمعوا أمرهم و جاءوا إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: يا محمد، اجعل بيننا و بينك آية، إن أتيت بها آمنا بك و صدقناك. فقال لهم: سلوا، فإني آتيكم بكل ما تختارون. فقالوا: الوعد بيننا و بينك سواد الليل و طلوع القمر، و أن تقف بين المشعرين، فتسأل ربك الذي تقول إنه أرسلك رسولا، أن يشق القمر شعبتين و ينزله، من السماء حتى ينقسم قسمين، و يقع قسم على المشعرين و قسم على الصفا.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الله أكبر، أنا وفي بالعهد، فهل أنتم موفون بما قلتم إنكم تؤمنون بالله و رسوله؟ قالوا: نعم يا محمد. و تسامع الناس، ثم تواعدوا سواد الليل. و أقبل الناس يهرعون إلى البيت و حوله حتى أقبل الليل و أسود، و طلع القمر و أنار، و النبي (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام) و من آمن بالله و رسوله، يصلون خلف النبي (صلى الله عليه و آله) و يطوفون بالبيت.

و أقبل أبو لهب و أبو جهل و أبو سفيان على النبي (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: الآن يبطل سحرك و كهانتك و حيلتك، هذا القمر، فأوف بوعدك. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): قم- يا أبا الحسن- فقف بجانب الصفا، و هرول إلى المشعرين، و ناد نداء ظاهرا، و قل في ندائك: اللهم رب البيت الحرام، و البلد الحرام، و زمزم و المقام، و مرسل الرسول التهامي، ائذن للقمر أن ينشق و ينزل إلى الأرض، فيقع نصفه على الصفا و نصفه على المشعرين، فقد سمعت سرنا و نجوانا و أنت بكل شيء عليم.

قال: فتضاحكت قريش فقالوا: إن محمدا قد استشفع بعلي، لأنه لم يبلغ الحلم و لا ذنب له، و قال أبو لهب: لقد أشمتني الله بك- يا بن أخي- في هذه الليلة. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إخسأ، يا من أتب الله يديه، و لم ينفعه ما له، و تبوأ مقعده من النار. قال أبو لهب: لأفضحنك في هذه الليلة بالقمر و شقه و إنزاله إلى الأرض، و إلا ألفت كلامك هذا و جعلته سورة، و قلت: هذا اوحي إلي في أبي لهب.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): امض يا علي فيما أمرتك و استعذ بالله من الجاهلين. و هرول علي (عليه السلام) من الصفا إلى المشعرين، و نادى و أسمع و دعا، فما استتم كلامه حتى كادت الأرض أن تسيخ بأهلها، و السماء أن تقع على الأرض، فقالوا: يا محمد، حيث أعجزك شق القمر أتيتنا بسحرك لتفتنا به. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): هان عليكم ما دعوت الله به. فإن السماء و الأرض لا يهون عليهما ذلك، و لا يطيقان سماعه، فقفوا بأماكنكم و انظروا إلى القمر.

قال: ثم إن القمر انشق نصفين، قسم وقع على الصفا، و قسم وقع على المشعرين، فأضاءت دواخل مكة و أوديتها و شعابها، و صاح الناس من كل جانب آمنا بالله و رسوله. و صاح المنافقون: أهلكتنا بسحرك فافعل ما تشاء، فلن نؤمن لك بما جئتنا به، ثم رجع القمر إلى منزله من الفلك، و أصبح الناس يلوم بعضهم بعضا، و يقولون لكبرائهم: و الله لنؤمنن بمحمد، و لنقاتلنكم معه مؤمنين به، فقد سقطت الحجة و تبينت الأعذار، و تبين الحق.

و أنزل الله عز و جل في ذلك اليوم سورة أبي لهب و اتصلت به. فقال: آه لمحمد، نظر ما قلته له في تأليفه هذا الكلام، و الله إن محمدا ليعاديني لكفري به و تكذيبي له، فإنه ليس من أولاد عبد المطلب، لما أتت أمه بتلك الفاحشة و حرقها أبونا عبد المطلب على الصفا، و كان أشدهم له جحدا الحارث و الزبير و أبو لهب، فحلفت باللات و العزى أنه من أبينا عبد المطلب حتى ألحقت عبد الله بالنسب، فمن أجل ذلك شعر و ألف هذا الذي زعم أنه سورة أنزلها الله عليه في، فو حق اللات و العزى لو أتى محمد بما يملأ الأفق في من مدح ما آمنت به، و حسبي أن أباين محمدا من أهل بيته فيما جاء به، و لو عذبني رب الكعبة بالنار.فآمن في ذلك اليوم ستمائة و إثنا عشر رجلا أسر أكثرهم إيمانه و كتمه إلى أن هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و مات أبو لهب على كفره، و قتل أبو جهل، و آمن أبو سفيان و معاوية و عتبة يوم الفتح، و العباس و زيد بن الخطاب و عقيل بن أبي طالب، و آمن كثير منهم تحت القتل، ثمانون رجلا، و كانوا طلقاء و لم ينفعهم إيمانهم”.

– عمر بن إبراهيم الأوسي، قال: قال ابن عباس: سألوا أهل مكة رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يريهم أكبر الآيات، فأراهم القمر فرقتين حتى رأوا حراء بينهما.

قال: و قال ابن مسعود: انشقاق القمر لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و رد الشمس لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، لأن كل فضل أعطى الله لنبيه (صلى الله عليه و آله) أعطى مثله لوليه إلا النبوة. و قيل: هذا خاتم النبيين، و هذا خاتم الوصيين.

[ علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ } ، قربت القيامة، فلا يكون بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا القيامة، و قد انقضت النبوة و الرسالة، و قوله تعالى: { وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } ، فإن قريشا سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أن يريهم آية، فدعا الله فانشق القمر نصفين حتى نظروا إليه، ثم التأم، فقالوا: هذا سحر مستمر، أي صحيح. … – و أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي، قال: حدثنا عمرو بن عثمان، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فسمعت رجلا من همدان يقول [له]: إن هؤلاء العامة يعيرونا، و يقولون لنا: إنكم تزعمون أن مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر و كان متكئا، فغضب و جلس، ثم قال: “لا ترووه عني و ارووه عن أبي، و لا حرج عليكم في ذلك، أشهد إني [قد] سمعت أبي (عليه السلام) يقول: و الله إن ذلك في كتاب الله جل و عز لبين حيث يقول:

الأرض يومئذ أحد إلا خضع و ذلت رقبته [لها]، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء: ألا إن الحق في علي بن أبي طالب (عليه السلام) و شيعته. قال: فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهواء حتى يتوارى عن أهل الأرض، ثم ينادي: ألا إن الحق في عثمان بن عفان [و شيعته]، فإنه قتل مظلوما، فاطلبوا بدمه- قال:- فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحق، و هو النداء الأول، و يرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض، و المرض و الله عداوتنا. فعند ذلك يبرءون منا و يتناولونا، و يقولون: إن المنادي الأول سحر من أهل هذا البيت”. ثم تلا أبو عبد الله (عليه السلام) قول الله عز و جل: { وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ }.

و عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم و سعدان بن إسحاق، و أحمد بن الحسين بن عبد الملك، و محمد بن أحمد بن الحسن القطواني، جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، مثله سواء بلفظه. – تفسير البرهان للسيد هاشم البحراني ] .

وورد في تفسير الدر المنثور :

[ أخرج النحاس عن ابن عباس قال : نزلت سورة القمر بمكة

وأخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: نزلت بمكة سورة { اقتربت الساعة } .

وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.

وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس قال: قارىء اقتربت تدعى في التوراة المبيضة تبيض وجه صاحبها يوم تبيضّ الوجوه قال البيهقي: منكر.

وأخرج الديلمي عن عائشة مرفوعاً من قرأ بـ (الم تنزيل) و (يس) و { اقتربت الساعة } و { تبارك الذي بيده الملك } كن له نوراً وحرزاً من الشيطان والشرك، ورفع له في الدرجات يوم القيامة.وأخرج ابن الضريس عن إسحق بن عبد الله بن أبي فروة رفعه من قرأ { اقتربت الساعة وانشق القمر } في كل ليلتين بعثه الله يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر

.وأخرج ابن الضريس عن ليث عن معن عن شيخ من همدان رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”  من قرأ { اقتربت الساعة } غبا ليلة وليلة حتى يموت لقي الله تعالى ووجهه كالقمر ليلة البدر “….

وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: انشق القمر في زمان النبي صلى الله عليه وسلم.

 وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير عن أنس أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما.

وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن مردويه من طريق أبي معمر ” عن ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين، فرقة فوق الجبل وفرقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” اشهدوا ” “.

وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طريق مجاهد عن أبي معمر عن ابن مسعود قال: رأيت القمر منشقّاً شقتين بمكة قبل أن يخرج النبي صلى الله عليه وسلم شقة على أبي قبيس وشقة على السويداء، فقالوا: سحر القمر، فنزلت { اقتربت الساعة وانشق القمر } قال مجاهد: يقول كما رأيتم القمر منشقاً فإن الذي أخبركم عن { اقتربت الساعة } حق.

وأخرج مسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والحاكم والبيهقي وأبو نعيم في الدلائل من طريق مجاهد ” عن ابن عمر في قوله { اقتربت الساعة وانشق القمر } قال: ” كان ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم انشق فرقتين فرقة من دون الجبل وفرقة خلفه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” اللهم اشهد  “.

وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وابن جرير وابن المنذر والترمذي وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس قال: سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم آية فانشق القمر بمكة فرقتين فنزلت { اقتربت الساعة وانشق القمر } إلى قوله { سحر مستمر } أي ذاهب.

وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق الأسود عن عبد الله قال: رأيت القمر على الجبل وقد انشق فأبصرت الجبل من بين فرجتي القمر – الدر المنثور للسيوطي ]

[ ... وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير والحاكم وأبو نعيم والبيهقي عن جبير بن مطعم في قوله { وانشق القمر } قال: انشق القمر ونحن بمكة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صار فرقتين، فرقة على هذا الجبل، وفرقة على هذا الجبل، فقال الناس: سحرنا محمد، فقال رجل: إن كان سحركم فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم. – الدر المنثور للسيوطي ]

[ وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل من طريق مسروق عن ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة، فقالوا: انتظروا ما يأتيكم به السفار فإن محمداً لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فجاء السفار فسألوهم فقالوا : نعم قد رأيناه فأنزل الله { اقتربت الساعة وانشق القمر }.– الدر المنثور للسيوطي ]

وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق علقمة عن ابن مسعود قال : ”   كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى فانشق القمر حتى صار فرقتين، فتوارت فرقة خلف الجبل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” اشهدوا ” “.

[ وأخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله { اقتربت الساعة وانشق القمر } قال: قد مضى ذلك قبل الهجرة انشق القمر حتى رأوا شقيه.

وأخرج الطبراني وابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: كسف القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: سحر القمر، فنزلت { اقتربت الساعة وانشق القمر } إلى قوله { مستمر }.

وأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس في قوله { اقتربت الساعة وانشق القمر } قال: ” اجتمع المشركون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم الوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام والعاصي بن وائل والعاصي بن هشام والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والنضر بن الحرث، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت صادقاً فشق لنا القمر فرقتين نصفاً على أبي قبيس ونصفاً على قعيقعان، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ” إن فعلت تؤمنوا؟ قالوا: نعم، وكانت ليلة بدر فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن يعطيه ما سألوا فأمسى القمر قد مثل نصفاً على أبي قبيس ونصفاً على قعيقعان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي يا أبا سلمة، بن عبد الأسد والأرقم بن أبي الأرقم اشهدوا   “.

[ وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: خطبنا حذيفة بن اليمان بالمدائن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال { اقتربت الساعة وانشق القمر } ألا وإن الساعة قد اقتربت، ألا وإن القمر قد انشق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق، ألا وإن اليوم الضمار وغداً السباق.

وأخرج ابن المنذر عن حذيفة أنه قرأ [اقتربت الساعة وقد انشق القمر].وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال: كان انشقاق القمر ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل أن يهاجر، فقالوا: هذا سحر أسحر السحرة فاقلعوا كما فعل المشركون إذا كسف القمر ضربوا بطساسهم وعما اصفر أحبارهم، وقالوا: هذا فعل السحر وذلك قوله { وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر }.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: ثلاث ذكرهن الله في القرآن قد مضين { اقتربت الساعة وانشق القمر } قد انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شقتين حتى رآه الناس{ سيهزم الجمع ويولون الدبر } – القمر 45 }  وقد { فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد – المؤمنون 77  } .

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله { اقتربت الساعة وانشق القمر } قال: رأوه منشقاً فقالوا: هذا سحر ذاهب.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد { وكل أمر مستقر } قال: يوم القيامة.وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج { وكل أمر مستقر } قال : بأهله.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير عن قتادة { وكل أمر مستقر } قال: مستقر بأهل الخير الخير وبأهل الشر الشر. – الدر لمنثور للسيوطي ] .

 

التفسير :

  • اقتربت الساعة وانشق القمر (1)

وهنا :

(اقتربت)

واقترب : بمعنى دنت قال تعالى { اعدلوا هو أقرب للتقوى – المائدة 8 }

[ حدثنا عبيد الله بن علي، عن علي بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: انشق القمر بمكة ، فلقتين، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) : اشهدوا، اشهدوا بهذا ”. – البرهان للسيد هاشم البحراني ج4 ص 258 ط . قم المقدسة ] .

وتبدأ علامات الساعة هنا ببعثة نبي آخر الزمان ونزول القرآن الكريم عليه وهو آخر الكتب السماوية ولذلك لما سألوا عن الساعة في قوله تعالى { يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا – الأحزاب 31 } .

وبدايتها موت النبي صلى الله عليه وآله لانقلابهم على أوامر الله تعالى ورسوله وولاية أهل بيته عليهم السلام قال تعالى كما في قوله تعالى { ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد – الرعد 31 } وقد ذكرها القرآن الكريم صراحة في قووله تعالى { فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون – }

وبالتالي من بعد موت النبي صلى الله عليه وآله تنفك عرى الإسلام عروة عروة وينزل عليهم الإنتقام الإلهي بتباعدهم المستمر عن كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وولاية أهل بيته عليهم السلام قال صلى الله عليه وآله : [ عن أبي أمامة الباهلي عن النبي ﷺ أنه قال: لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضا الحكم، وآخرهن الصلاة اهـ ومعناه ظاهر، وهو أن الإسلام كلما اشتدت غربته كثر المخالفون له والناقضون لعراه يعني بذلك فرائضه وأوامره، كما في قوله ﷺ: بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ ؛ فطوبى للغرباء – أخرجه مسلم في صحيحه و الإمام أحمد في مسنده ، والطبراني في المعجم الكبير، وابن حبان ] .

وبداية الإنفكاك عن الحكم بتبديل نظام الحكم بالوصية كما أوصى الأنبياء من قبل في قوله تعالى { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب – الشورةى 13 } فلما أبلغهم رسول الله صلى الله عليه وآله رسالة ربه وأمرهم بولاية الإمام علي وأهل بيته من بعده وأمره تعالى بمودتهم كما في قوله تعالى {  ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور – الشورى 23 } وقال تعالى أيضاً في قربى رسول الله صلى الله عليه وآله أولاً ثم بقية القرابات كلها { إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون – النحل 90 }  وببين تعالى أن مودة غيرهم وثنية باسم الدين وهنا بدلوا وغيروا وزعم الكثير بغير علم حقيقي أن مودتهم حبهم وسكتوا ولكن القرآن الكريم بين أن مودة غيرهم وثنية لورود المودة في مخالفي ولاية الله تعالى ورسله وأنبيائه ثم الئمة من ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله { وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين –العنكبوت 25 } ثم يبين تعالى أنهم لما علموا الولاية في أهل بيته عليهم السلام نشروا مكذوبات في مناقب رجالهم من القبائل الأرى وهنا قال تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا   انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۖ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا –النساء 49-50 } وهنا يكونوا قد بدلوا دين الله تعالى ومن الناس من اتخذهم شركاء وورثة للنبي صلى الله عليه دون أهل بيته عليهم السلام كما في قوله تعالى { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم – الشورى 21 } فإن فعلوا ذلك فقد اقتربت ساعة هلاكهم وتفرقهم بعد موت النبي صلى الله عليه وآله كما في قوله تعالى { ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد – الرعد 31 } ووعد الله تعالى يأتي إذا خرج الناس على ولاية ربهم تبارك وتعالى وسنة نبيهم صلى الله عليه وإمامة أهل بيته عليهم السلام قال تعالى و هنا تكون قد اقتربت ساعتهم كما في قوله تعالى { اقتربت الساعة وانشق القمر– القمر } .

ولفظ الإقتراب ورد في قوله تعالى عن نواهي نهى الله تبارك وتعالى عنها كقوله تعالى في النهي عن الشرك وعقوق الوالدين وقتل الأولاد وتحديد النسل خشية الفقر والفواحش وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق  { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون – الأنعام 151 }

وفي النهي عن الخمر يقول تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا  – النساء 43 }

وفي النهي عن أكل مال اليتيم وبخس الميزان والغدر وعدم الوفاء بالعهود يقول تعالى {  ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون – الأنعام 152 } وقال تعالى في النهي عن الزنا { ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا – الإسراء 32 }

فإن فعلوا هذه الكبائر فقد وقع القول عليهم بما ظلموا وتكون قد حلت ساعتهم لذلك يقول تعالى حتى ولو عاشوا فكم سيعيشون وأعمارهم قليلة أي أنه قد اقترب حسابهم كما في قوله تعالى : { اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون – الأنبياء 1 }

وهنا تبدأ الساعة بنزول البلايا والأوجاع وتسلط الأمم ليتوبوا وإلا فلن يجدوا إلا المهالك والعذاب في حياتهم الدنيا كما في قوله صلى الله عليه وآله عن أسباب ومسببات الهلاك قبل الساعة [عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال: أقبل علينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: (يا معشر المهاجرين، خمسٌ إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولم يُنقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم) – رواه ابن ماجه في سننه ] . وفي الحديث الآخر عن علامات الساعة قال رسول الله صلى الله عليه وآله : [ “لاَ تَقُومُ السَّاعةُ حَتَّى لاَ يُقَالَ فِي الأَرْضِ : الله ، الله” – رواه مسلم  ] .د

أي حتى لا يتلى القرآن الكريم ولا يعملون حلالاً و لا حراماً كأنهم يصبحون لا دينيين مع زعمهم الإسلام . وهذه هى الغفلة التي تقع فيها هذه الأمة قبل قيام الساعة الكبرى  كما في قوله تعالى { اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم – الأنبياء 1-2 }

وهنا يكون قد اقترب الوعد الحق كما في قوله عز وجل { واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين – الأنبياء 97 } ومن اقتراب الساعة في زمن النبي صلى الله عليه وآله انشقاق القمر كما في قوله تعالى هنا { اقتربت الساعة وانشق القمر – القمر1 }  فإذا قامت الساعة فهى كلمح البصر أو أقرب قال تعالى { ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير – النحل 77 }

وأما :

(الساعة)

[ والساعة : أصلها جزء من الليل والنهار و لا يلحظ فيه التحديد وأطلقت الساعة معرفه بالألف واللام في القرآن على يوم القيامة – معجم ألفاظ القرآن باب السين فصل الواو والعين ] .

و هنا يبين الله تبارك وتعالى أن بعثة رسول الله صلى الله عليه وآله وانشقاق القمر في زمانه من علامات الساعة كما في قوله تعالى هنا { اقتربت الساعة وانشق القمر – القمر 1} .

وأما عن موضوع الساعة في القرآن الكريم فهو كما يلي :

 

  • علم الساعة :

وهنا يبين تعالى أن الساعة علم من علوم القرآن الكريم وذلك لأن قوله تعالى أكاد أخفيها لا تعني إخفاؤها بالكلية قال تعالى { إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى – طه 15 } و [ كاد أي قارب أن يفعله- معجم ألفاظ القرآن باب الكاف فصل الواو والدال ] بما يعني أنه تعالى فصلها واقترب أن يخفيها ولكنه لم يفعل سبحانه وتعالى و لذلك هى علم في كتاب الله تعالى قال تعالى فيه { إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير – لقمان 34 } و(عند الله) أي في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله جاء أشراطها كما في قوله تعالى { ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين – البقرة 89 } وقال تعالى أيضاً { قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين – الملك 26 } أي أن العلم في كتاب الله تعالى ولذلك قوله تعالى  { وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون – الزخرف 85 } أي في كتاب الله أشراطها وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله ذكر الكثير من أشراطها أيضاً لقوله تعالى أيضاً في هذا العلم : { يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا – الأحزاب 63 }

أي في كتاب الله أشراطها وعلمها يرد إلى الله تعالى كما في قوله تعالى  { إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذناك ما منا من شهيد – فصلت 47 } ولكن وقتها لا يعلمه إلا الله تعالى كما في قوله تعالى (لا يجلها لوقتها إلا هو) قال تعالى { يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ – الأعراف 187 }

  • التكذيب بهذا العلم :

ثم يبين تعالى أن الساعة قد كذبت بها قريشاً وبكل أسف فآم من أمتنا وقعت في ذلك الشرك الشيطاني  يقول تعالى مبيناً أن أكثر الناس  لا يصدقون بالساعة فلو صدقوا لعملوا الصالحات وأ‘دوا أنفسهم للموت ولقاء الله تعالى ولكنهم فرطوا في الطاعة وهذا في مصطلحات القرآن تكذيب قال تعالى هنا عن أكثر الناس  { بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا – الفرقان 11 } وهذا التكذيب إما تفريط وعدم إيمان بها كما في قوله تعالى { إن الساعة لآتية لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون – غافر 59 } أو جدال ومراء مع النبي صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام من بعده في وعيد توعده الله تعالى إياهم قال تعالى { ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم – الحج 55 } ثم يبين تعالى أن من هذه الأمة من قالوا بتضعيف أحاديث كثيرة من الساعة وما هى إلا عبارة عنن أحداث ستمر بها الأمة في عصور مختلفة وما هىإلا بنوءات بغيب خلطوا بعضه ببعض فلما عجزت عقولهم عن إدراك مراد الله تعالى ورسوله منها قالوا بضعف سندها والمتن عملوا فيه بالظن قال تعالى في هذا الظن : { وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين – الجاثية 32 } و ظنهم وعدم يقينهم كان بتضعيف رجال السند وكان حرياً بهم القول بأنه هذا غيب و الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله ونتركه لحين وقوعه فإذا ما وقع فهو خير دليل على صحة متن الحديث .

  • الساعة ساعتين صغرى يتخللها هلاك الأمم والبلدان وتنتهي بمعركة آخر الزمان والتي اقتربنا منها :

وهنا يبين تعالى أن هلاك القرى والبلدان بهلاك عام أو عذاب شديد من علامات الساعة الكبرى والبداية تكون بعد موت النبي مباشرة لقوله تعالى { قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون – النمل 72 } وذلك لانقلابهم على الوصية المأمور بها في كتاب الله تعالى وسنة رسوله وولاية أهل بيت النبي عليهم السلام كما في قوله تعالى {  وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين – آل عمران 144 } وقد حذر الله تعالى من الإختلاف وطالما حذر من الإختلاف فقد بين على ما يكون الإئتلاف والذي هو لأهل بيت النبي عليهم السلام الذين أمر بمودتهم وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا إعداداً منه تعالى لتولي مهمة ولاية المسلمين وهنا ينزل الإنتقام بعد قتلهم لأهل بيت نبيهم في كل زمن وحربهم حتى الآن فقال تعالى منذراً {  قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون- الأنعام 65 } وهذا العذاب النازل على هذه الأمة لتفرقهم شيعاً كما في قوله تعالى { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون – الأنعام 159 }  وتظل تتسع الهوة والفجوة بين الناس وشرع ربهم حتى يبدأ الله تعالى في إنزال العذاب العالم على القرى والبلدان مع اقتراب الساعة الكبرى

يقول تعالى هنا  { وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذاباً شديداً كان ذلك في الكتاب مسطورا – الإسراء } . وهذا العذاب قريب من الساعة الكبرى لقوله تعالى بعدما ينتشر الضلال بين الناس ويمد لهم الله تعالى في العذاب مداً ليمهلهم فإن لم يتوبوا أهلكهم الله تعالى قال تعالى : { قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا – مريم 57 }

ويبين تعالى أنه عز وجل إذا أراد هلاكهم بعث لهم إمام آخر الزمان من أهل بيت النبي عليهم السلام لإقامة الحجة عليهم فلا يعذب الله تعالى أمة حتى يبعث في أمها رسولا منهم وحيث أن النبوة والرسالة ختمت فهى الإمامة لختم النبوة و سكوت القرآن الكريم عن الرسالة في قوله تعالى { ماكان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله و خاتم النبيين – الأحزاب }  وهنا يتبين لنا أن الله تعالى لن يهلك أمة حتى يبعث فيهم إماماً من أهل بيت النبي عليهم السلام قال تعالى { وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون – القصص 59 } وبالتالي أجل الأمة مرهون ببعثة إمام لقوله تعالى { وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ – يونس 46-49 } . وهذا ميعاد أجل أمم وأفراد لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون قال تعالى فيه {  قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون – سبأ 30 }

ثم يبين تعالى أنهم بعتوهم وكفرهم وفعلهم نفس أفعال الأمم من قبل وهنا تكون معركة إبادة جيوش العالم حماة الكفر والفسوق والعصيان فقد ذكر الله تعالى كفر قوم نوح ثم قوم عاد  ثم ثمود وقتلهم الناقة وكفرهم بآيات الله تعالى ثم قوم لوط وجريمتهم الشنعاء الغير مسبوقة من قبل ثم قال تعالى في بيان عن كفر أهل آخر الزمان إذا حل زمان هلاكهم وفعلوا وكرروا نفس جرائم هذه الأمم بصورة أبشع هنا تكون نهايتهم كما في قوله تعالى لهؤلاء { أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُولَٰئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُر أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ – القمر 43-46 } .

  • وهذه الساعة لها اشراط قبل الساعة الكبرى قال تعالى فيها :

{ فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم – محمد 18 }

وأشراط الساعة وهلاك العالم التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وأهل بيته من بعده عليهم السلام والتي لها حكم المرفوع كما يلي :

 

أولاً:

: الأحاديث الجامعة المفصلة لصفات المجتمع قبل خروج الدجال الأكبر وإفساده شرقاً وغرباً : –

 

  • حديث ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله :
[عن ابن عباس قال :  لما حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع أخذ بحلقتي باب الكعبة ثم أقبل بوجهه على الناس قال: ياأيها الناس.. قالوا: لبيك يارسول الله تفديك اباؤنا وامهاتنا ثم بكى صلى الله عليه وسلم حتى على انتحابه ف قال: ياأيها الناس اني اخبرتكم بأشراط يوم القيامة ان من اشراط القيامة: • اماتة الصلوات • واتباع الشهوات• والميل مع الهوى• وتعظيم رب المال قال: فوثب سلمان فقال: بأبي انت وامي ان هذا لكائن؟ قال: اي والذي نفسي بيده عندها• يذوب قلب المؤمن كما يذوب الملح في الماء مما يرى ولا يستطيع ان يغير قال سلمان: بأبي انت وامي وان هذا لكائن؟ قال: اي والذي نفسي بيده • ان المؤمن ليمشي بينهم يومئذ بالمخافة. (وفيه ايضا حديث” لا تقوم الساعة حتى يكون اسعد الناس بالدنيا اللكع بن اللكع”واللكع هو اللئيم او الأحمق او اصاغر القوم) • يكون المطر قيظا- أي وفيرا -• والولد غيظا – من عقوقه بوالديه – (وفيه ايضا حديث ” اذا اقترب الزمان يربي الرجل جروا خير له من ان يربي ولدا له – من كثرة العقوق- ولا يوقر كبير ولا يرحم صغير ويكـثر أولاد الزنــــا حتى ان الرجل ليغشى المرأة على قارعة الطريق، يـلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب، أمثلهم في ذلك المداهن”)• ويفضي اللئام فيضا ويغيض الكرام غيضا- أي يفيض اللئام ويملؤون الدنيا ويقل الكرام فيها – قال سلمان: بأبي انت وامي وان هذا لكائن؟ قال: أي والذي نفسي بيده • يومئذ أذل من الأمة فعندها يكون المنكر معروفا والمعروف منكرا• ويؤتمن الخائن ويخون الأمين• ويصدق الكذاب ويكذب الصادق قال سلمان: بأبي انت وامي وان هذا لكائن؟؟ قال: اي،والذي نفسي بيده • عندها يكون امراء جورة• ووزراء فسقة • وأمناء خونة(وفيها ايضا حديث ” اذا وسد الأمر – وفي رواية اسند الأمر- الى غير اهله فانتظرو الساعة”وحديث” اذا كانت الفاحشة في كباركم والملك في صغاركم والعلم في رذالكم والمداهنة في خياركم”)• وامارة النساء• ومشاورة الاماء• وصعود الصبيان المنابر قال سلمان: بأبي انت وامي وان هذا لكائن؟؟ قال: اي،والذي نفسي بيده ياسلمان عندها• يليهم أقوام ان تكلمو قتلوهم وان سكتو استباحوهم ويستأثرون بفيئهم وليطؤن حريمهم ويجار في حكمهم• ويليهم اقوام جثاهم جثا الناس –اي جثتهم جثة الناس- وقلوبهم قلوب الشياطين لا يوقرون كبيرا ولا يرحمون صغيرا قال سلمان: بأبي انت وامي وان هذا لكائن؟ قال: اي،والذي نفسي بيده ياسلمان عندها• تزخرف المساجد كما تزخرف الكنائس والبيع (وفيه ايضا حديث ” لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد” وحديث ” إن من اعلام الساعة ان تزخرف المحاريب وتخرب القلوب “)• وتحلى المصاحف• ويطيلون المنابر• ويكثر العقوق • قلوبهم متباغضة وأهواؤهم جمة وألسنتهم مختلفة• يكون الكذب ظرفا• والزكاة مغرما أي تفرض على الناس فيدفعونها رغما عنهم-• ويظهر الرشا – ولها الان اسماء لا حصر لها: دهن السير، شرهة، عمولة، اكرامية، حلاوة… • ويكثر الربا• ويتعاملون بالعينة ويتخذون المساجد طرقا (وفيها ايضا حديث” اذا استحلت هذه الأمة الخمر بالنبيذ –اي يشربونها ويسمونها النبيذ– والربا بالبيع –اي يتحيلون باظهار الربا في صورة البيع- والسحت بالهدية –اي يأكلون الرشوة ويسمونها هدية- واتجرو بالزكاة –اي يعطون الزكاة لأجرائهم“وحديث ” ان من اعلام الساعة وأشراطها ان تظهر المعازف وتشرب الخمور”) قال سلمان: بأبي انت وامي وان هذا لكائن؟ قال: اي،والذي نفسي بيده ياسلمان عندها• تتخذ جلود النمور صفوفا• يتحلى ذكور امتي بالذهب• ويلبسون الحرير• ويتهاونون بالدماء• وتظهر الخمور والقينات – اي المغنيات – والمعازف• وتشارك المرأة زوجها في التجارةوفيه ايضا حديث ” في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله ومتى ذاك قال: إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور ” قال سلمان: بأبي انت وامي وان هذا لكائن؟؟ قال: اي،والذي نفسي بيده ياسلمان عندها• يطلع كوكب الذنب• ويكثر السيحان• ويتكلم الرويبضة، قال سلمان: وما الرويبضة؟ قال: يتكلم في العامة من لم يكن يتكلم• وتحتقن الرجل للسمنة• ويتغنى بكتاب الله عز وجل • ويتخذ القران مزامير• ويباع الحكم • ويكثر الشرط قال سلمان: بأبي انت وامي وان هذا لكائن؟ قال: اي والذي نفسي بيده • يحج امراء الناس لهوا وتنزها • وأوساط الناس للتجارة • وفقراء الناس للمسألة • وقراء الناس للرياء والسمعة • يغار على الغلام كما يغار على الجارية • ويخطب الغلام كما تخطب المرأة ويهيأ كما تهيأ المرأة • ويتشبه النساء بالرجال ويتشبه الرجال بالنساء • ويكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء وتركب ذوات الفروج السروج فعليهن من امتي لعنة الله وفيه ايضا حديث: ” يكون في اخر الزمان رجال يركبون المياثر حتى يأتون أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف – قال النووي في رياض الصالحين:أي يكبرن رؤوسهن ويعظمنها بلف عمامة او عصابة او نحوهما- العنوهن فانهن ملعونات ولو كانت ورائكم امة من الأمم لخدمتهم نساءكم كما خدمتكم نساء الأمم قبلكم ” قال ابن عمر: وقلت لأبي وما المياثر؟ قال: سروج عظام. قال سلمان: بأبي انت وامي وان هذا لكائن؟ قال: اي،والذي نفسي بيده • يظهر قراء عبادتهم التلاوم بينهم اولئك يسمون في ملكوت السماء الأنجاس الأرجاس قال سلمان: بأبي انت وامي وان هذا لكائن؟ قال: اي والذى نفسي بيده عندها يتشبب المشيخة ان الحمرة خضاب الإسلام والصفرة خضاب الايمان والسواد خضاب الشيطان قال سلمان: بأبي انت وامي وان هذا لكائن؟ قال: اي،والذي نفسي بيده عندها •يوضع الدين وترفع الدنيا• ويشيد البناء (وفيه ايضا حديث” اذا رأيت الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يطاولون في البنيان فانتظروا الساعة”)• وتعطل الحدود• ويميتون سنتي• فعندها ياسلمان لا يرون الا ذماً ولا ينصرهم الله:قال بأبي انت وامي، وهم يومئذ مسلون كيف لا ينصرون؟ قال: ياسلمان ان نصرة الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وان أقواما يذمون الله تعالى ومذمتهم اياه أن يشكوه وذلك عند تقارب الأسواق قال: وما تقارب الأسواق؟ قال: • عند كسادها كل يقول ما ابيع ولا أشتري ولا أربح، ولا رازق الا الله تعالى.• يجفو الرجل والديه ويبر صديقه(وفيه ايضا حديث “اذا أطاع الرجل امرأته وعق أمه وأدنى صديقه وأقصى أباه وارتفعت الأصوات في المساجد”)• ويتألفون بغير الله تعالى• ويحلف الرجل من غير أن يستحلف• ويتحالفون بالطلاق ياسلمان لا يحلف بها الا فاسق• ويفشو الموت، موت الفجأة• ويحدث الرجل سوطه قال سلمان: بأبي انت وامي وان هذا لكائن؟ قال: اي،والذي نفسي بيده • تخرج الدابة • وتخرج الشمس من مغربها• ويخرج الدجال• وريح حمراء • ويكون خسف ومسخ وقذف• ويأجوج ومأجوج• وهدم الكعبة• وتمور الأرض مورا.- الإشاعة للبرزنجي ص79-81&منتخب كنز العمال ج6 باب علامات الساعة].

 

وللحديث رواية أخرى من طرق أهل البيت بتفسير القمي:

 

[عن ابن عباس انه قال : (حججنا مع رسول الله حجة الوداع، فأخذ بحلقة باب الكعبة ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: ألا أخبركم باشراط الساعة؟ وكان أدنى الناس منه يومئذ سلمان(رحمه الله) فقال بلى يا رسول الله. فقال:(صلى الله عليه وآله وسلم) إن من اشراط القيامة: اضاعة الصلوات، واتباع الشهوات، والميل إلى الأهواء، وتعظيم أصحاب المال، وبيع الدين بالدنيا، فعندها يذوب قلب المؤمن في جوفه، كما يذاب الملح في الماء، مما يرى من المنكر فما يستطيع أن يغيّره. قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: إي والذي نفسي بيده يا سلمان، إن عندها يليهم أمراء جورة، ووزراء فسقة، وعرفاء ظلمة، وامناء خونة.فقال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟.قال(صلى الله عليه وآله وسلم): إي والذي نفسي بيده يا سلمان، إن عندها يكون المنكر معروفاً، والمعروف منكراً، ويؤتمن الخائن، ويخون الأمين، ويصدق الكاذب، ويكذب الصادق. قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): اي والذي نفسي بيده يا سلمان، فعندها تكون امارة النساء، ومشاورة الاماء، وقعود الصبيان على المنابر، ويكون الكذب طرفاً، والزكاة مغرماً،والفيء مغنماً، ويجفو الرجل والديه ويبر صديقه، ويطلع الكوكب المذنب. قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): اي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها تشارك المرأة زوجها في التجارة، ويكون المطر قيظاً، ويغيظ الكرام غيظاً، ويحتقر الرجل المعسر، فعندها تقارب الأسواق إذ قال هذا: لم أبع شيئاً وقال هذا لم اربح شيئاً، فلا ترى إلا ذامّا لله. قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): أي والذي نفسي بيده يا سلمان، فعندها يليهم أقوام ان تكلموا قتلوهم، وان سكتوا استباحوا حقهم، ليستأثرون أنفسهم بفيئهم وليطؤن حرمتهم وليسفكن دماءهم وليملأن قلوبهم ذعراً ورعباً، فلا تراهم إلا وجلين خائفين مرهوبين. قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): أي والذي نفسي بيده يا سلمان، إن عندها يؤتى بشيء من المشرق وشيء من المغرب يلون، أمتي فالويل لضعفاء أمتي منهم، والويل لهم من الله، لا يرحمون صغيراً ولا يوقرون كبيراً، ولا يتجاوزون من مسيء، جثتهم جثة الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين. قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): اي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها يكتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها، وتشبه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، ولتركبن ذوات الفروج السروج فعليهن من أمتي لعنة الله. قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: اي والذي نفسي بيده يا سلمان ان عندها تزخرف المساجد كما تزخرف البيع والكنائس، وتحلى المصاحف، وتطول المنارات، وتكثر الصفوف بقلوب متباغضة وألسن مختلفة. قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): اي والذي نفسي بيده، وعندها تحلى ذكور أمتي بالذهب، ويلبسون الحرير والديباج، ويتخذون جلود النمور صفافا ـ أي فراشا ـ. قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): اي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها يظهر الربا، ويتعاملون بالعينة والرشى، ويوضع الدين وترفع الدنيا. قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): أي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها يكثر الطلاق، فلا يقام لله حداً ولن يضروا الله شيئاً. قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): اي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها تظهر القينات والمعازف، ويليهم أشرار أمتي. قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): اي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها تحج أغنياء أمتي للنزهة، وتحج أوساطها للتجارة، وتحج فقراؤهم للرياء والسمعة، فعندها يكون أقوام يتعلمون القرآن لغير الله، ويتخذونه مزامير، ويكون أقوام يتفقهون لغير الله، وتكثر أولاد الزنا، ويتغنون بالقرآن، ويتهافتون بالدنيا. قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): أي والذي نفسي بيده يا سلمان، ذاك إذا انتهكت المحارم، واكتسبت المآثم، وتسلط الأشرار على الأخيار، ويفشو الكذب، وتظهر اللجاجة، وتغشو الفاقة، ويتباهون في اللباس، ويمطرون في غير أوان المطر، ويستحسنون الكوبة والمعازف وينكرون الأمر، بالمعروف والنهي، عن المنكر حتى يكون المؤمن في ذلك الزمان أذل من الأمة، ويظهر قراؤهم وعبادهم فيما بينهم التلاوم، فاولئك يدعون في ملكوت السماوات: الأرجاس الأنجاس. قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): أي والذي نفسي بيده يا سلمان، فعندها لا يحض الغني على الفقير حتى أن السائل يسأل فيما بين الجمعتين لا يصيب أحداً يضع في كفه شيئاً. قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): أي والذي نفسي بيده يا سلمان) الحديث- تفسير القمي ج2/ص303 تفسير سورة محمد].

 

  • خطبة البيان لأمير المؤمنين عليه السلام:

حدثنا محمد بن أحمد الأنباري، قال حدثنا محمد بن أحمد الجرجاني قاضي الري، قال: حدثنا طوق بن مالك عن أبيه عن جده، عن عبد الله ابن مسعود رفعه إلى الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام لما تولى الخلافة أتى إلى الكوفة، فرقى جامعها وخطب الناس. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله بديع السماوات وفاطرها، وباسط الأرض وعامرها، وساطع المدحيات وقادرها، ومؤيد الجبال وساغرها، ومفجر العيون وباقرها، ومرسل الريح وزاجرها، ومانع القواصف وآمرها، ومزين السماء وزاهرها، ومدير الأفلاك ومسيرها، ومظهر البدور ونائبها، ومسخر السحاب وماطرها، ومقسم المنازل ومقدرها، مدلج الحنادس وعاكرها، ومحدث الأجسام وقاهرها، ومنشيء السحاب ومسخرها، ومكور الدهور، ومكور هامورد الأمور ومصدرها، وضامن الأرزاق ومديرها، ومنشيء الرفات ومنشرها احمده على آلائه وتوافرها، واشكره على نعمائه وتوافرها، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. شهادة تؤدي الإسلام ذاكرها، ويؤمن من العذاب يوم الحساب ذاخرها، واشهد إن محمداً عبده الخاتم لما سبق من الرسالة وفاخرها، ورسوله الفاتح لما استقبل من الدعوة وناشرها. أرسله إلى امة قد شغل بعبادة الأوثان سايرها، وتغطمطت بظلالة دعاة الصلبان ماهرها، وفخر بعمل الشيطان فاخرها، وهداها عن لسان قول العصيان طائرها، والم بزخرف الجهالات والضلالات سوء ما كرها. فأبلغ رسول الله في النصيحة وساحرها ومحا بالقرآن دعوة الشيطان ودامرها، وأرغم مغاطس جهال العرب وأكابرها. حتى أصبحت دعوته بالحق بنق ثامرها، واستقامت به دعوة العليا وطابت عناصرها…… قال: فقام إليه مالك الاشتر فقال: متى يقوم هذا القائم من ولدك يا أمير المؤمنين؟ فقال عليه السلام:إذا زهق الباطل، وخفت الحقايق، ولحق اللاحق، وثقلت الظهور، وتقاربت الأمور، وحجت النشور، وراغم المالك، وسلك السالك، وهلك الهالك، وعمت الغنوات، وبغت العشيرات، وكثرت الغمرات، وقصر الأمد، ودهش العدد، وهاجت الوساوس، وغيطل العساس، وماجت الأمواج، وضعف الحاج، واشتد الغرام، وازدلف الخصام، واختلفت العرب، واشتد الطلب، ونكص الهرب، وطلبت الديون، وذرقت العيون، واغبن المغبون، وشاط النشاط، وحاط الهياط، وعجز المطاع، واظلم الشعار، وصمت الأسماع، وذهب العفاف، وسجسج الأنصاف، واستحوذ الشيطان، وعظم العصيان، وحكمت النسوان، وقد حث الحوادث، ونفثت النوافث، وهجم الواثب، واختلف الأهواء، وعظم البلوى، واشتد الشكوى، واستمر الدعوا، وقرض القارض، ولمض الملامض، وتلاحم الشداد، ونقل الملحاد، وعجت الفلاة، وعجعج الولاة،و فضل الباذخ، وعمل الناسخ، وزلزلت الأرض، وعطل الفرض، وكتمت الأمانة، وبدت الخيانة، وخشيت الصيانة، واشتد الغيض، وأراع الفيض، وقام الأدعياء، وقعد الاولياء، وخبثت الأغنياء، ونالوا الأشقياء، ومالت الجبال وأشكل الأشكال، وشيع الكربال، ومنع الكمال، وساهم الثحيح، ومنع الفليح، وكفكفت الترويج، وخدخد البلوع، وتكلكل الهلوع، وفدفد المذعور، وندند الديجور، ونكس المنشور، وعبس. أأنت حاضر ماذكرت وعالم بما أخبرت؟ قال: فالتفت إليه الإمام عليه السلام:و كشكش الهموس، واجلب الناموس، ودعدع الشقيق، وجرثم الأنيق، ونور الأفيق، واذاد الذائد، وذا الرايد، وجد الجدود، ومد المدود، وكد الكدود، وحد الحدود، وظل الضليل، وعلعل العليل، وفضل الفضيل، وشتت الشقات، وشمت الشمات، وكد الهرم، وقضم القضم، وسدم السدم، وبار الراهب، وداب الدائب، ونجم الثاقب، ورود القرآن، واحمر الديران، وسدس الشيطان، وربع الزبرقان، وثلث الحمل، وساهم زحل، وأفل الفرار، وأكثر الزخار، وانبت الاقدار، وكملت العشرة، وسدس الزهرة، وغمرت الغمرة، وطهرت الأفاطس، وتوهم الكساكس، وتقدمتهم النفايس، فيكدحون الحراثر، ويملكون الجراثر، ويحدثون في كيسان، ويخربون خرسان، ويصرفون الجيشان، ويهدمو الحصون، ويظهرون المصون، ويقتطفون الغصون، ويفتحون العراق، ويأججون الشقاق بدم يراق فعند ذلك ترقبوا خروج صاحب الزمان عليه السلام.ثم جلس عليه السلام اعلام قاه من المنبر وقال: آه ثم آه لتعريض الشفاه، وذيول الأفواه.قال: ثم ألتفت يميناً وشمالا ونظر إلى بطون العرب وسادتهم ووجوه أهل الكوفة بل كبار القبائين يديه وهم صموت كأن على رؤسهم الطير فتنفس الصعداء، وان كمداً وتململ حزناً وسكت هنيئة فقال إليه سويد ابن نوفل وهو كالمستهز، وهو من سادات الخوارج.فقال: يا أمير المؤمنين ورمقة بعينه رمقة الغضب فصاح سويد بن نوفل صيحة عظيمة كأن نزلت به نازلة فمات من وقته وساعته فأخرجوه من المسجد وقد تقطع ارباً ارباً.فقال عليه السلام: أبمثلي يستهزه المستهزون أم علي يتعرض المتعرضون أو يليق لمثلي أن يتكم بما لا يعلم ويدعي ما لبس له بحق هلك والله البطلون وايم الله لو شئت ما تركت عليها من كافر بالله ولا منافق برسوله ولا مكذباً بوصية وإنما أشكو بثي وحزني إلى الله واعلم من الله ما لا تعلمون. قال فقام إليه صعصعة بن صوحان وميتم وإبراهيم بن مالك الاشتر وعمر بن صالح فقالوا: يا أمير المؤمنين قل لنا بما يجري في آخر الزمان؟ فان قولك يحيي قلوبنا ويزيد في إيماننا؟ فقال: حباً وكرامة ثم نهض عليه السلام قائما وخطب خطبة بليغة تشوق إلى الجنة ونعيمها وتحذر من النار وجحيمها ثم قال عليه السلام: أيها الناس: أني سمعت أخي رسول الله (ص) يقول: نجتمع في أمتي ماءة خصلة لم نجتمع في غيرها. فقامت العلماء والفضلاء يقبلون بواطن قديمه ثم حمد الله وأثنى عليه وذكر النبي فصلى عليه وقال: أنا مخبركم بما يجري من بعد موتي وبما يكون إلى خروج صاحب الزمان القائم بالامر من ذرية ولدي الحسين وإلى ما يكون في آخر الزمان حتى تكونون على حقيقة من البيان فقالوا: متى يكون ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال عليه السلام: إذا وقع الموت في الفقهاء، وضيعت أمة محمد المصطفى الصلاة، واتبعوا الشهوات، وقلت الأمانات، وكثر الخيانات، وشربوا القهوات، واستهتروا بشتم الآباء والأمهات، ورفعت الصلاة من المساجد بالخصومات، وجعلوها مجالس الطعامات، واكنروا من لسيئات، وقللوا من الحسنات، وعوصرت السماوات فحينئذ تكون السنة كالشهر والشهر كالأسبوع والأسبوع كاليوم واليوم كالساعة، ويكون المطر فيضا، والولد غيضا، وتكون لأهل وجوه ذلك الزمان لهم وجوه جملية وضمائر ردية من رآهم أعجبوه، ومن عامهم ظلموه وجوهم وجوه الآدميين، وقلوبهم قلوب الشياطين فهم أمر من الصبر، وأنتن من الجيفة، وأنجس من الكلب، وأروغ من الثعلب، وأطمع من الأشعب، وألزق من الجرب، ولا ينتاهون عن منكر فعلوه إن حدثتهم كذبوك، وإن آمنتهم خانوك، وإن وليت عنهم اغتابوك، وإن كان لك مال حسدوك، وإن بخلت عنهم بغضوك، وإن وضمتهم شتموك سماعون للكذب أكالون للسحت يستحلون الزنا، والخمر، والملاطات، والطرب، والغناء الفقير بينهم ذليل حقير المؤمن ضعيف صغير، والعلم عندهم وضيع، والفاسق عندهم مكرم، والظالم عندهم معظم، والضعيف عندهم هالك، والقوي عندهم مالك لا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر الغني عندهم دولة، والأمانة مغنمة، والزكاة عندهم مغرما، ويطيع الرجل زوجته، ويعصي والديه ويجفوهما، ويسعى في هلاك أخيه، وترفع أصوات الفجار يحبون الفساد والغناء والزنا، يتعاملون بالسحت والرياء، ويعتار على العلماء، ويكثر ما بينهم سفك الدماء قضاتهم يقبلون الرشوة، وتتزوج المرآة بالمرآة، وتزف كما تزف العروس إلى زوجها، وتظهر دولة الصبيان في كل مكان، ويستحل الفتيان المغاني وشرب الخمر، وتكتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وتركب السروج الفروج فتكون ألامرأة مستولية زوجها في جميع الأشياء، وتحج الناس ثلاثة وجوه: الأغنياء للنزه، والأوساط للتجارة، والفقراء للمسألة، وتبطل الإحكام، وتحبط الإسلام، وتظهر دولة الأشرار، ويحل الظلم في جميع الأمصار فعند ذلك يكذب التاجر في تجارته، والصابغ في صياغته، وصاحب كل صنعة في صناعة فتقل المكاسب، وتضيق المطالب، وتختلف المذاهب، ويكثر الفساد، ويقل الرشاد فعندها تسود الضمائر، ويحكم عليهم ساطان جائر، وكلامهم أمر من الصبر، وقلوبهم أنتن من الجيفة فإذا كان كذلك ماتت العلماء، وفسدت القلوب، وكثرت الذنوب، وتهجر المصاحف، وتخرب المساجد، وتطول الآمال، وتقل الأعمار، وتبني الأسوار في البلدان مخصوصة لوقع العظايم النازلات فعندما لو صلى أحدهم يومه وليلته فلا يكتب له منها بشيء، ولا تقبل صلاته لان نيته وهو قائم يصلي يفكر في نفسه كيف يظلم الناس، وكيف يحتال على المسلمين، ويطلبون الرياسة للتفاخر، والمظالم ويضيق على مساجدهم الأماكن ويحكم فيهم المتآلف ويجوز بعضهم على بعض ويقتل بعضهم بعضاً عدواة وبغضا، ويفتخرون بشرب الخمور ويضربون في المسجد العيدان والزمور فلا ينكر عليهم أحد، وأولاد العلوج يكونون في ذلك الزمان الأكابر، وبرع سفهاؤهم ويملك المال مالا يملكه كان له بأهل لكع من أولاد اللكوع وتضع الرؤساء دوما لمن لا يستحقها، ويضيف الذرع ويفسد الزرع، ويفشوا البدع، وتظهر الفتن كلامهم فحش، وفعلهم خبث وهم ظلمة غشمة، وكبراؤهم بخلة عدمة، وفقهاؤهم يفتون بما يشتهون، وقضاتهم بمالا يعلمون يحكمون، وأكثرهم بالزور يشهدون من كان عنده مرفوعاً، ومن علموا أنه مقل فهو عندهم موضوع والفقير مهجور ومبغوض، والغنى محبوب ومحضوض، ويكون الصالح فيها مدلول الشوارب يكبرون قدر كل نمام كاذب وينكس الله منهم الرؤس، ويعمي منهم القلوب التي في الصدور أكلهم سمن الطيور،والطياهيج ولبسهم الخز اليماني والحرير يستحلون الربا والشبهات،و يتعارضون المشهادات يرائون بالإعمال قصراء الآجال لا يمضي عندهم الا من كان نماما يجعلون الحلال حراما أفعالهم منكرات وقلوبهم مختلفات يقداسون فيما بينهم بالباطل، ولا يقناهون عن منكر فعلوه تخاف أخبارهم أشراهم يتوازون في غير ذكر الله تعالى يهتكون فيما بينهم بالمحارم لا يتعاطون بل يتدابروا، إن رأر صالحاً ردوه، وإن رأو نماما استقبلوه، ومن أساءهم يعظمون،و تكاثر أولاد الزنا، ولأباه فرحين بما يروا من أولاد القبيح فلا ينهاها ولا يردها عنه ويأخذ ما تأتي به من كد فرجها، ومن مفسد خدرها حتى لو نكحت طولا وعرضاً لم تهمه ولا يسمع ما قبل فيها من الكلام الردى فذاك هو الديوث الذي لا يقبل الله له قولا ولا عدلا حذاراً فأكله حرام ومنكحه حرام فالواجب قتله في شرع الإسلام وفضيحته بين الأنام وصلى سعيراً في يوم القيام وفي ذلك يصلنون بشتم الآباء والأمهات وتذل السادات وتعلموا الأنباط وتكثر الاحتياط فما اقل أخوة في الله تعالى ونقل الدراهم الحلال وترجع الناس إلى شر حال فعندما تدور دول الشياطين وتتواثب على اضعف المساكين وثوب الفهد إلى فريسته ويشح الغني بما في يديه ويبيع الفقير أخوته بدنياه فيا ويل للفقير وما يحل به من الخسران والذل والهوان في ذلك الزمان المستضعف بأهلة وسيطلبون ما لهم فإذا كان كذلك أقبلت عليهم فتن لا قبل لهم بها ألا وإن أولها الهجري القصير وفي أخرها السفياني والشامي وانتم سبع طبقات:

الطبقة الأولى (*): (*) فالطبقة الأولى وفيها زهد وتقوى الى سبعين سنة الهجرة أهل تنكيل وقسوة إلى

لسبعين من الهجرة.

و الطبقة الثانية: أهل تعاطف وتبادل إلى المائتين وثلاثون من الهجرة.

و الطبقة الثالثة: أهل تزاور وتقاطع إلى الخمس مائه وثلاثون سنة من الهجرة.

و الطبقة الرابعة: أهل تكالب وتحاسد إلى السبعمائة سنة من الهجرة.

والطبقة الخامس: أهل تشامخ وبهتان إلى الثمانمائة وعشرين سنة من الهجرة.

الطبقة السادسة: أهل الفروج والسرج وتكالب الأعداء وظهور أهل الفسوق والخيانة إلى التسعمائة وعشرين سنة.

. والطبقة السابعة: فيهم أهل خيل وعدد وحرب ومكر وخدع وفسوق وتدابر وتقاطع وتباغض والملاهي العظام والمغاني الحرام والأمور والمشكلات في ارتكاب الشهوات وخراب المدائن والدور وانهدام العمارات والقصور وفيها يظهر الملعون من واد الميثوم وفيها انكشاف الستر والبروج إلى إن يظهر قائمنا المهدي صلوات الله عليه. قال: فقامت إليه سادات أهل الكوفة وأكابر العرب وقالوا: يا أمير المؤمنين بين لنا وبين الناس أوان هذه الفتن والمظائم التي ذكرتها لنا لقد كادت قلوبنا أن تنفطر وأرواحنا أن تفارق أبداننا من قولك هذا فوا أسفاه على فراقنا إياك فلا والله فيك سوءاً ومكروها ً.فقال علي (ع): قضى الأمر الذي فيه تستفتيان كل نفس ذائقة الموت قال فلم يبق أحد إلا وبكى لذلك قال ثم إن علي عليه السلام قال: ألا وان تدارك الفتن بعدما نبئكم به من أمر مكة والحرمين من جوع أغير وموت أحمر ألا يا ويل بيت نبيكم وشرفائكم من غلاء وجوع ونقر ووجل حتى يكونوا في أسوه حال بين الناس ألا وإن مساجدكم في ذلك الزمان لا يسمع لهم صوت فيها ولا تلبى فيها دعوة ثم لا خير الحياة بعد ذلك وانه يتولى عليهم ملوك كفرة من عصاهم قتلوه ومن أطاعهم أحبوه ألا أن أول من بلي من أمركم بنوا أمية تملك من بعدهم من ملوك بني العباس فكم منهم من مقتول ومسلوب ثم أنه (عليه السلام) قال: آه آه ألا يا ويل لكوفانكم هذه وما يحل فيهم من الشفياني في ذلك الزمان يأتي إليها من ناحية هجر بخيل سباق تقودها أسود ضراغمة وليوث قشاعمة أول اسمه “ش” ذا خروج الغلام الأشر أتى البصرة فيقتل ساداتهم ويسبي حريهما فاني لا اعرف بها كم وقعة تحدث بها وقعات وتكون بها وقعات بين تلول وآكام فيقتل بهم اسم ويستعبدنها صنم ثم سير فلا يرجع يعلو الصياح ويقتحم بعضها بعضاً فيا ويل لكوفانكم من نزوله بدار يملك حربكم ويذبح أطفالكم ويهتك نساءكم عمره طويل وشره غزير رجاله ضر أغمة وتكون وله وقعة عظيمة الا وأنها فتن يهلك فبها المنافقون والقاسطون والذين فسقواني دين الله تعالى وبلاده ولبسوا الباطل على جادة عبادة فكأني بهم قد قتلوا أقواما تخاف الناس أصواتهم وتخاف شرهم من رجل مقتول وبطل مجندل يهابهم قد تظهر الطامة الكبرى فيلحقوا أولها أخرها ألا وان لكوفانكم هذه آيات وعلامات وعبرة لمن اعتبر ألا وان السفياني بدخل البصرة ثلاث دخلات يذل العزيز ويسبي فيها الحريم ألا ويل المئتفكة وما يحل بها من سيف مسلوم وقتيل وحومة مهتوكة ثم ياقي إلى الزوراء الظالم أهلها فحيول الله بينها وبين أهلها فما أشد أهلها بينه وبينها وأكثر طغيانها واغلب سلطنها. ثم قال: الويل للديلم وأهل ساهون وعجم لا يفقرن تراهم بيض الوجوه سود القلوب نائره الحروب قاسية قلوبهم سود ضمايرهم الويل ثم الويل لبلد يدخلونها وارض يسكنونها خيرهم طامس وشرهم لامس صغيرهم أكثرهما من كبيرهم تلتقيهم الأحزاب ويكثر فيهم بينهم الضراب وتصحبها الا كراد وأهل الجبل وسائر البلدان وتضاعف إليهم اكراد همدان ووعتززة وعدنان حتى يلحقوا بأرض الاعجام من ناحية خرسان فيحلون قريبا من قزوين وسمر وكاشان فيقتلونهم السادات من أهل بيت نبيكم ثم ينزل بأرض شيراز يا ويل لأهل الجبال وما يحل فيها من الأعراب ألا يا ويل لأهل هرمز وقلهات وما يحل بها من الآفات من أهل الطراطر المذهبات ويا ويل لأهل عمان وما يحل بها من الذل ولهوان وكم وقعة فيها من الإعراب فتنقطع منهم الأسباب فيقتل فيهما الرجال وتسبى فيهما الحريم ويل لأهل أول مع صابون من الكافر الملعون يذبح رجالهم ويستحي نساءهم وإني لأعرف بها عشر وقعة: الأولى بين القلعتين والثانية في الصليب والثالثة في الجنبية الرابعة عند نوبا والخامسة عند أهل عراد وأكراد والسادسة في أوكر خارقان والكليا وفي سار وبين الجبلين وبئر حنين ويمين الكثيب وذروة الجبل ويمين شجرات النبق. ألا يا ويل للكبيس وذكوان وما يحل بها من الذل والهوان من الجوع والغلاء والويل لأهل خرسان وما يحل بها من الذي لا يطاق ويا ويل للري وما يحل من القتل العظيم وسبي الحريم وذبح الأطفال وأعدام الرجال ويا ويل لبلدان السند والهند وما يحل بها من القتل والذبح والخراب في ذلك الزمان فيا ويل لجزيرة قيس من رجل مخيف ينزل بها هو ومن معه فيقتل جميع من فيها ويفتك بأهلها وأني لأعرف بها خمس وقعات عظام فأول وقعة منها على ساحل بحرها قريب من برها والثانية مقابلة كوشا والثالثة من قربها الغربي والرابعة بين الزويتين والخامسة مقابل برها ألا يا ويل لأهل البحرين من وقعات تترادف عليها من كل ناحية ومكان فتؤخذ كبارها وتسبي صغارها وأني لأعرف بها سبعة وقعات عظام فأول وقعة فيها في الجزيرة المنفردة عنها من قربها الشمالي تسمى سماهيج والثانية تكون في القاطع وبين النهرين عن يمين البلد وقربها الشمالي الغربي وبين الايلة والمسجد وبين الجبل العالي وبين التلتين المعروفة بجبل (حبوة) ثم مقتل الكرخ بين والجادة وبين شجرات النبق المعروفة بالسديرات بجانب شطر الماجي ثم الخورتين وهي شايعة الطامة الكبرى وعلامة ذلك يقتل فيها رجل من أكابر العرب في بيته وهو قريب من ساحل البحر فيقطع رأسه بأمر حاكها فتغير العرب عليه فتقتل الرجال وتنهب الأموال فتخرج بعد ذلك العجم على العرب ويتبعوهم إلى بلاد الخط من وقعات مختلفات يتبع بعضها بعضا فأولها وقعة بالبطحاء ووقعة بالدورة ووقعة بالصفصف ووقعة بدارين ووقعة بسوق الجزارين ووقعة بالجرار ووقعة بالمدرس ووقعة بتاروة ألاياويل لهجر وما يحل بها مما يلي سورها من ناحية الكرخ ووقعة عظيمة بالقطر تحت التل المعروف بالحسيني ثم بالأراكة ثم بأم خنورة ألا يا ويل نجد وما يحل بها القحط والغلاء واني لا عرف بها وقعات عظام بين المسلمين ألا يا ويل البصرة وما يحل بها من الطاعون ومن الفتن يتبع بعضها بعضاً واني لا عرف وقعات عظام بواسط ووقعات مختلفات بين الشط والمجيبة ووقعات بين العوينات ألا يا ويل بغداد من الري من موت وقتل وخوف يشمل أهل العرق إذا جل فيها بينهم السف فيقتل ما شاء الله وعلامة ذلك إذا ضعف سلطان الروم وتسلطت العرب ودبت الناس إلى الفتن كدبيب النمل فعند ذلك تخرج العجم على العرب ويملكون البصرة ألا ويل لفسطين وما حل بها من الفتن التي لا تطاق ألا ويل لأهل الدنيا وما يحل بها من الفتن في ذلك الزمان وجميع البلدان الغرب والشرق والجنوب والشمال ألا وانه تركب الناس بعضهم على تتواثب عليهم الحرب الدائمة وذلك بما قدمت أيديهم وما ربك بظلام للعبيد ثم انه (عليه السلام) قال لا تفرحوا بالخلوع من ولد العباس يعني المقتدر فانه أول علامة التغير ألا واني أعرف ملوكهم من هذا الوقت إلى ذلك الزمان فقالوا له: يا أمير المؤمنين بين لنا أسماءهم؟ فقال أولهم الشامخ فهو الشيخ والسهم المارد والمثير العجاج الصقور والمقتول بين الستور وصاحب الجيش العظيم والمشهور ببأسه والمحشو من بطن السباع والمقتول في الحرم والهارب إلى بلاد الروم وصاحب الفتنة الدهماء والمكبوب رأسه بالسوق والملاحق المؤتمن والشيخ المكتوب الذي ينهزم إلى نينوى وفي رجعته يقتل رجل من ولد العباس ومالك الأرض بمصر وماحي الاسم والسباع الفتان والدنيار والدناح الأملح والثاني الشيخ الكبير الأصلع الرأس والنفاض المرتعد والمدل بالفروسة واللسين الهجين والطويل العمر والرضاع لأهله والمارق للزور والابرش الاثلم وبناء القصور ورقيم الأمور والشيخ الرهيج والمنقول من بلد إلى بلد الكافر المالك لرقاب المسلمين ضعيف البصر وقليل العمر الا وان بعده تحل المصائب وكأني بالفتن وقد أقبلت من كل مكان كقطع الميل المظلم. ثم قال (ع): معاشر الناس لا تكشفوا في قولي هذا فأني ما أدعيت ولا تكلمت زوراً ولا أنبئكم إلا بما علمني رسول الله صلى الله عليه وآله ولقد أودعني مسالة ألف باب من العلم ويتفرع من كل باب مائة ألف باب وأنما أحصيت لكم هذه لتعرفوا موافيتها إذا وفعتم في الفتن مع قلة أعصابكم فيا كثرة فتنكم وخبث زمانكم وخيانة أحكامكم وظلم قضاتكم وكلابة تجاركم وشحة ملوككم وفشي أسراركم وما تنحل أجسامكم وتطول آمالكم وكثرة شكواكم ويا قلة معرفتكم وذلة فقيركم وتكبر أغنياءكم وقلة رحماءكم إنا الله إليه راجعون من أهل ذلك الزمان تحل فيهم المصائب ولا يتعضون بالنوائب ولقد خالط الشيطان أبدانهم وولج دمائهم يوسون لهم بالأفك حتى تزكب الفتن الأمصار ويقول المؤمن المسكن المحب لنا أني من المستضعفين وخير الناس نفسه والذي يسكن قريباً من بيت المقدس طالباً لثار الأنبياء معاشر الناس: لا يستوي الظالم والمظلوم ولا الجاهل والعالم والباطل ولا العدل ولا الجور إلا وان له شرايع معلومه غير مجهولة ولا يكون نبي إلا وله أهل بيت ولا يعيش أهل بيت نبي إلا ولهم أضدا يدون إطفاء نورهم ونحن أهل بيت نبيكم ألا وان دعوكم إلى سبنا فسبونا وأن دعوكم إلى شتمنا فاشتمونا وان دعوكم إلى اللعان فألعنونا وأن دعوكم البرائة منافلا تتبرؤا منام ومدوا أعناقكم السيوف واحفضوا يقينكم فأنه من تبرء منا بقلبه تبرء الله منه ورسوله ألا وأنه لا يلحقنا سباً ولا شتماً ولا لعناً ثم قال (عليه السلام):فيا ويل لمساكين هذه الأمة وهم شيعتنا ومحبينا وهم عند الناس كفار وعند الله إبرار وعند الناس كاذبين وعند الله صادقين وعند الناس ظالمين وعند الله مظلومين وعند الناس جائرين وعند الله عادلين وعند الناس خاسرين وعند الله رابحين فازوا والله بالأيمان وخسر المنافقين ومعاشر الناس إنما وليكم الله ورسول والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون “.معاشر الناس:كأتي بطائفة منهم يقولون أن علي بن أبي طالب يعلم الغيب وهو الرب الذي يحيي الموت ويميت الأحياء وهو على كل شيء قدير كذبوا ورب الكعبة أيها الناس: قولوا فيناما شئتم واجعلونا مربوبين الا وإنكم ستختلفون وتتفرقون الا وان أول السنين إذا انقضت سنة مائه وثلاثون وستون منه توقعوا أول الفتن فأنها نازلة عليكم ثم تأتيكم في عقبها الدهماء تدعم الفتن قيها بالغزو وتغزوا بأهلها والسقطة وتسقط الأولاد من بطون أمهاتكم والكسحاء تكسح فيها الناس من القحط والمحن والفتناء تفتتن بها من أهل الأرض والنازحة تنزحة بأهلها إلى الظلم والغمراء تغمر قيها الظلم والمنفية تنفي منهم الأيمان والكراه تكر عليهم الخيل من كل جهة والبرشاء تخرج فيها الابرش من خراسان والسوء لا يخرج فيها ملك الى جزائر البحر ببرهم ثم يؤيدهم الله بالنصر عليه ثم تخرج بعد ذلك العرب ويخرج صاحب علم اسود على البصرة فتقتصد الفتيان إلى الشام ثم العناء عنت الخيل بأعنتها في ديار البصرة والطخياء تطخت الأقوات من كل مكان والفاتنة تفتن أهل العرق والمرجاء تمرج الناس إلى اليمن والسكتاء تكست الفتن بالشام والحدواء تحدر الفتن إلى الجريرة المعروفة (أوال) قيال البحرين والطموح تطمح الفتن في خراسان والجوراء تجير الفتن بأرض الخط والطولا تطول الخيل على الشام والمنزلة تنزل الفتن بأرض العراق المتصلة تتصل الفتن إلى ارض الروم والمخرية تهمج الأكراد زور والمرملة ترمل النساء في العراق والكارمرة تكسر الخيل على أهل الجزيرة والناخرة تنحر الناس بالشام والطامحة تطمح الفتن بالبصرة والقتالة تقتل الناس على القنطرة برأس العين والمقلبة أقلبت الفتنة إلى ارض اليمن والحجاز والصروخ تصرخ أهل العرق ولا تأمن لهم والمستمعة أسمت أهل الأيمان في منامهم والساحبة سحبت الخيل في القتل إلى ارض الحجاز والأكراد يقتل فيها رجل من ولد العباس على فراشه والكرباء امانت المؤمنين بكربهم في حسراتهم والغامرة غمرت الناس بالقحط والشاملة سال النفاق في قلوبهم والغرقاء تغرق أهل الخط والحرباء تنزل القحط بأرض الخط وهجروا نواحيها حتى إن السائل يدور ويسأل فلا احد يعطيه ولا يرحمة احد والغالية تغلوا طائفة من شيعتي حتى يتخذوني رباً وأني برىْ مما يقولون والمكشاء تمكث فر بما ينادي فيها الصارخ مرتين ألا وان الملك في آل على بن أبي طالب فيكون ذلك الصوت من جبرائيل ويصرخ إبليس الا وان الملك في آل أبي سفيان فعند ذلك يخرج السفياني فيتبعه مأة ألف رجل ثم ينزل بأرض العراق فيقطع ما بين جلولاء وخانقين فيقتل فيها الفجفاج فيذبح الكبش ثم يخرج شعيب بن صالح من بين قصب وآجام فهو اعور المخلد فالعجب ما بين جمادى ورجب مما يحل بأرض الجزائر وعندها يظهر المفقود من بين التل يكون صاحب النصر فيواقعه في ذلك برأس اليمن رجل اصفر اللون على رأس القنطرة فيقتل عليها سبعين ألف صاحب محل وترجع الفتنة الف الفتنة إلى العراق وتظهر شهر زور وهي الفتنة الصماء والداهية العظمى المسماة (بالهلهم). قال الراوي: فقامت جماعة وقالوا، يا أمير المؤمنين لنا من ابن يخرج هذا الأصفر وصف لنا صفته؟ فقال (عليه السلام): أصفه لكم مديد الظهر قصير الساقين سريع الغضب بوقع اثنين وعشرين وقعة وهو شيخ كبير كردي بهي طويل العمر تدين له ملوك الروم ويجعلون خدودهم وطاء وهم على سلامة من دينه وحسن يقينه وعلامة خروجه بينان مدينة الروم على ثلاثة من الثغور تجدد على يده ثم خرب ذلك الوادي الشيخ صاحب السرادق المستولى على الثغور ثم يملك رقاب المسلمين وتضاف إليه رجال الزوراء وتقع الواقعة ببابل فيهلك فيها خلق ويكون خسوف كثير وتقع الفتنة بالزوراء ويصيح صائح الحقوا بإخوانكم بشاطىء الفرات وتخرج أهل الزوراء كدبيب النمل فيقتل منهم خمسون ألف قتيل وتقع الهزيمة عليهم فيلحقون الجبال ويرجع الباقون إلى الزوراء ثم يصح صيحة ثانية منهم كذلك فيصل الخير إلى ارض الجرائر فيقولن الحقوا بإخوانكم فيخرج منهم رجل اصفر اللون ويسير في عصابة إلى ارض الخط وتلحقه أهل هجر وأهل نجد ثم يدخلون البصرة فيتلحق به رجالها ولم يزل يدخل من بلد إلى بلد حتى يدخل مدينة حلب فيكون فيها وقعة عظيمة فيمكثون بها مأة ثم يدخل الأصفر الجزيرة ويطلب الشام فيواقعة وقعة عظيمة خمسة وعشرين يوماً ويقتل فيهما بينهم خلق كثير ويصعد جيش العراق إلى بلاد الجبل وينحدر الأصفر يطلب الكوفة فيبقى فيها فيأتي الخبر من الشام أنه قد قطع على الحاج فعند ذلك يمنع الحاج مانية فلا يحج أحد من الشام ولا من مصر ويكون الحج من مصر ثم بعد ذلك ويصرخ صاروخ من بلد الروم أنه قد قتل الأصفر فيخرج الجيش إلى الروم في ألف سلطان وتحت كل سلطان مائة ألف مقاتل وصاحب سيف محلى وينزلون بأرض ارجون قريب مدينة السودان ثم ينتهي إلى جيش المدنية الهالكة المعروفة بأم لثغور الذي نزلها سام بن نوح فتقع الواقعة على بابها فلا يرحل جيش الروم عنها حتى يخرج عليهم رجل من حيث لا يعلمون ومعه جيش عظيم فيقتل منهم مقتلة عظيمة وترجع الفتنة إلى الزوراء فيقتل بعضهم بعضاً ثم تنتهي الفتنة فلا يبقى غير خليفتين يهلكان في يوم وأحد فيقتل أحدهما في الجانب الغربي والآخر في الشرق فيكون ذلك فيما يسمعونه أهل الطبقة السابعة في ذلك خسف كثير وكسوف وأضح فلا ينهاهم ذلك عما يفعلون من المعاصي.قال: فقام إليه ابن يقطين وجماعة من وجوه أصحابه وقالوا يا أمير المؤمنين أنك ذكرت لنا السفياني ونريد أن تبين لنا أمره.قال: ذكرت خروجه لكم أخر السنة الكائنة فقال: اشرح لنا فان قلوبنا قد ارتاعت حتى نكون على بصيرة من البيان؟ فقال (عليه السلام): علامة خروجه ثلاث راية من العرب فيا ويل لمصر وما يحل بها منهم وراية من البحرين من جزيرة (أوال) من ارض فارس وراية من الشام فتدمر الفتنة بينهم ثم يخرج رجل من العباس فيقولون أهل العراق قد جاءكم قوم خفاف أصحاب أهواء مختلف فتضطرب أهل الشام وفلسطين ويرجعون إلى رؤساء الشام ومصر فيقولون أطلبوه ولد الملك فطلبوه ثم يوافقوه الفوطة دمشق بموضع يقال له صرقا فإذا حل بهم أخرج أخواله بني كلاب وبني دهانة ويكون له بالواد اليابس عدة عديدة فيقولون له يا هذا ما يحل أن تضيع الإسلام إما ترى إلى الناس فيه من أهوال وفتن فانق الله وأخرج لنصر دينك فيقول أنا لست بصاحبكم فيقولون له الست من قريش ومن أهل الملك القائم إما تغتصب لأهل بيت نبيك وما قد نزل من الذل والهوان منذ زمان طويل فانك ما تخرج رغباً بالأموال ورغيد العيش بل محامياً لدينك فلا يزال القوم يختلفون إليه واحدا بعد واحد فعندها يقول اذهبوا إلى خلفاء كم الذين كنتم لهم هذه المدة ثم انه يجيبهم ويخرج معهم في يوم الجمعة فيصعد منبر دمشق ثم يخطب ويأمرهم بالجهاد ويبايعهم على أنهم لا يخالفون أمره رضوه أم اكرهوه ثم يخرج إلى الغوطة ولا يلج بها حتى تجتمع الناس إليه ويتلاحقون أهل الصفائر فيكون في خمسين ألف مقاتل فيبعث أخواله بني كلاب فيأتون له مثل السيل السايل فيبايعون عن ذلك رجال يريدون يقاتلون رجال الملك ابن العباس فعند ذلك يخرج السفياني في عصائب أهل الشام فتختلف ثلاث رايات فراية الترك والعجم وهي سوداء وراية السفياني فيقتلون ببطن الازرقي قتالا شديداً فيقتل منهم خلق كثير ويملك بطونهم ويعدل فيهم يقال فيه (والله ما كان يقال عليه الا كذبا) والله أنهم لكاذبون ولا يعملون ما تلقه أمة محمد منه ما قالوا ذلك ولا زال يعدل فيهم حتى يسير فأول سيره إلى حمص وإن أهلها باسوه حال ثم يعبر الفرات من باب مصر وينزع الله من قلبه الرحمة ويسير إلى موضع يقال له قرية له قرية سبأ فيكون له بها وقعة عظيمة فلا تبقى بلد إلا ويلغهم خبرة فيدخل من ذلك خوف وجزع فلا يزال يدخل بلداً بعد بلد إلا واقع أهلها فأول وقعة تكون بحمص ثم بقرية سبأ هي أعظم وقعة يوقعها ثم يرجع إلى دمشق وقد دانت له الخلق فيجيش جيشاً إلى المشرق فيقتل بالزوراء سبعين ألفاً ويبقر ثلاثمائة امرأة حامل ويخرج الجيش إلى كوفانكم هذه فكم من باك وباكية فيقتل بها خلق كثير وإما جيش المدينة فأنه إذا توسط البيداء صاح به جبرائيل صيحة عظيمة فلا يبقى منهم احد إلا وخسف الله به الأرض ويكون في اثر الجيش رجلان احدهما بشير والأخر نذير فينظرون إلى ما نزل بهم فلا يرون إلا رؤوساً خارجة من الأرض فيقولون وما أصاب الجيش فيصيح بهما جبرائيل فيحول الله وجهما إلى القهقرى فيمضي احدهما إلى المدينة وهو البشير فيبشرهم بما سلمهم الله تعالى والآخر نذير فيرجع إلى السفياني ويخبره بما أصاب الجيش قال وعند جهينة الخبر الصحيح لا نهما من جهينة بشير ونذير فيهرب قوم من أولاد رسول الله وهم أشاف بلد الروم فيقول السفياني لملك الروم علي عبيدي فيردهم إليه فيضرب أعناقهم على درج الباب الشرقي لجامع دمشق فلا ينكر ذلك عليه احد وإن علامة ذلك تجديد الأسوار بالمدائن فقيل يا أمير المؤمنين اذكر لنا الأسوار؟ فقال تجديد والعجوز وحران يبني عليهما سوران وعلى واسط سور البيضاء يبني عليهما وسور الكوفة يبني عليهما سوران وعلى شوشتر سور وعلي أرمينية سور وعلى الموصل سور وعلى همدان سور وعلى الرقة سور وعلى ديار يونس سور وعلى حمص سور وعلى ماردين سور وعلى الرقطاء سور وعلى المرهبة سور وعلى دير هند سور وعلى القلعة سور.معاشر الناس ألا وانه إذا ظهر السفياني تكون له وقايع عظام فأول وقعة بحمص ثم بجاب ثم بقرية سبأ ثم برأس العين ثم بنصيبين ثم بالموصل وهي وقعة عظيمة ثم تحتع رجال الزوراء ومن ديار يونس إلى اللخمة وتكون وقعة عظيمة يقتل فيها سبعين ألفاً ويجري على الموصل قتال شديد يحل بها ثم ينزل السفياني ويقتل منهم سبعين وإن فيها كنوز قارون ولها أحوال عظيمة بعد الخسف والقذف والمسح وتكون أسرع ذهاباً في الأرض من الوتد الحديد في ارض الرجف قال: ولا يزال السفياني يقتل كل من اسمه محمد وعلي وحسن وحسين وفاطمة وموسى وزينب وخديجة ورقية بعضا وخنقا لآل محمد ثم يبعث في جميع البلدان فيجمع له الأطفال ويغلي لهم الزيت فيقولون لهم الأطفال: إن كان آباؤنا عصوك فما ذنبنا نحن فأخذ كل من اسمه على ما ذكرت فيقتلهم في الزيت ثم يسير إلى كوفانكم فيدور فيها كما تدور الدوامة فيفعل بالأطفال ويصلب على بابها كل من اسمه حسن وحسين ثم يسير إلى المدينة فينهبها في ثلاثة أيام ويقتل فيها خلق كثير ويصلب على مساجدها كل من اسمه حسن وحسين فهند ذلك يغلي دمائهم كما غلى دم يحيى ابن زكريا فإذا رأي ذلك أيقن بالهلاك فيولى هاربا ويرجع منهزما إلى الشام فلا يرى في طريق احد يخالفه عليه فإذا دخل إلى بلدة اعتكف على الشرب الخمر والمعاصي بأمر أصحاب بذلك فيخرج السفياني ويبده حرية ويأمر بالمرآة فيدفعها إلى بعض أصحاب فيقول له: افجر بها وسط الطريق؟ فيفعل بها ثم يبقر بطنها ويسقط الجنين من بطن أمه فلا يقدر أحدان ينكر عليه ذلك قال: فعندها تضطرب الملائكة في السموات ويأذن الله يخرج القائم من ذريتي وهو صاحب الزمان ثم يشيع خيره في كل مكان فينزل حينئذ جبرائيل على صخرة بيت المقدس فيصيح في أهل الدنيا (قد جاء الحق وزهق الباطل في أهل الدنيا (قد جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) ثم انه (عليه السلام) تنفس الصعداء وجعل يقول:

بني إذا ما جاشت الترك فانتظر ولاية مهدي يقوم ويعدل وذل ملوك الظلم من آل هاشم وبويع منهم من يذل ويهزل صبي من الصبيان لا رأي ولا عنده علم ولا هو يعقل وثم يقوم القائم الحق منكم وبالحق يأتيكم وبالحق يعمل سمي رسول الله نفسي فداؤه فلا تخذلوه يأبني وعجلوا قال فيقول إليه جبرائيل في صيحة يا عباد لله اسمعوا ما أقول: إن هذا مهدي محمد خارج من ارض مكة فأجيبوه؟ قال فقامت إليه الفضلاء والعلماء ووجوه أصحابه وقالوا يا أمير المؤمنين صف لنا هذا المهدي فان قلوبنا اشتاقت إلى ذكره؟ فقال (عليه السلام): هو صاحب الوجه الأقمر والجبين الأزهر وصاحب العلامة والشامة العالم الغير معلم والمخبر بالكائنات قبل إن تعلم معاشر الناس: ألا وإن الدين فينا قد قامت حدوده واخذ علينا عهوده ألا وإن المهدي يطلب القصاص ممن لا يعرف حقنا وهو الشاهد العالم الحق وخليفة الله خلقه اسمه كأسم جده رسول الله ابن الحسن بن علي من ولد فاطمة من ذرية الحسين ولدي فنحن الكرسي واصل العلم والعمل فمحبنا هم الأخيار وولايتنا فضل الخطاب ونحن حجة الحجاب ألا وإن المهدي أحسن الناس خلقاً وخلقة ثم إذا قام تجمع إليه على عدة أهل بدر وأصحاب طالوت وهم ثلاثمائة عشر رجلا كلهم ليوث قد خرجوا من غاباتهم مثل زبر الحديد لو أنهم هموا بازالة الرواسي لأزالوها عن مواضعها فهم الذين وحدوا الله تعالى حق توحيده لهم بالليل أصوات كأصوات الثواكل حزناً من خشية الله تعالى قوام الليل صوام كأنما آباءهم أب واحد وأم وحدة قلوبهم مجتمعة بالمحبة والنصيحة ألا واني لا عرف أسماءهم وأمصارهم. فقاموا إليه جماعه من أصحابه وقالوا يا أمير المؤمنين: نسألك بالله ويا بن عمك رسول الله أن تسميهم بأسمائهم فلقد ذابت قلوبنا من كلامك فقال عليه السلام: اسمعوا أبين لكم أسماء أنصار القائم إن أولهم من أهل البصرة وأخرهم من الا بدال فالذين من أهل البصرة رجلان اسم احدهما علي والآخر محاب ورجلان من كاشان وعبد الله وعبيد الله وثلاثة رجال من المهجة محمد وعمر ومالك، رجل من السند عبد الرحمن ورجلان من حجز موسى وعباس ورجل من كورة إبراهيم ورجل من شيراز عبد الوهاب وثلاثة رجال من ساوة أحمد ويحيى وفلاح وثلاثة من زين محمد وحسن وفهد ورجلان من حمير ومالك وناصر وأربعة رجال من شبروان وهم عبد الله وصالح وجعفر وإبراهيم ورجل من عقر أحمد ورجلان من المنصورية عبد الرحمن وملاعب وأربعة من سيراف خالد ومالك وحوقل وإبراهيم ورجلان من خوي محزوز ونوح ورجل من المثقفة هارون ورجلان من الصين مقدار وهود وثلاثة رجال من الهويقين عبد السلام وفارس وكليب ورجل من الزط جعفر وستة رجال من عمان محمد وصالح وداود وهو اسب وكوس ويونس ورجل من المغارة مالك ورجلان من صنعاء يحيى وأحمد ورجل من كرمان عبد الله وأربعة رجال من الصفا جبرائيل وحمزة ويحيى وسميع ورجلان من محمد وموسى ورجل من لنجة كوثر ورجلان من صمد علي وصالح وثلاثة رجال من الطائف علي وسبا وزكريا ورجل من هجر عبد القدوس ورجلان من الخط عزيز ومبارك وخمسة رجال من جزيرة أوال وهي البحرين عامر وجعفر ونصير وبكير وليث ورجل من الكبش محمد وفهد ورجل من المجد إبراهيم وأربعة رجال من مكة عمر وإبراهيم ومحمد وعبد الله وعشرة من المدينة على أسماء أهل البيت علي وحمزة وعباس وطاهر وحسن وحسين وقاسم وإبراهيم ومحمد وأربعة رجال من الكوفة محمد وغياث وهود وعباب ورجل من مرو حذيفة ورجلان من نيسابور علي ومهاجر ورجلان من سمرقند علي ومجاهد وثلاثة رجال من كازرون عمر ومعمر ويونس ورجلان من الأسوس شيبان وعبد الوهاب ورجلان من تستر أحمد وهلال ورجلان من الضيف عالم وسهيل ورجل من الطائف اليمن هلال ورجلان من مرقون بشر وشعيب وثلاثة رجال من زوعة يوسف وداوود وعبد الله ورجلان من عسكر مكرم الطيب وميمون ورجل من واسط عقيل وثلاثة رجال من الزوراء عبد المطلب وأحمد وعبد الله ورجلان من (سر من رأي) عادل وعامر من ألمستهم جعفر وثلاثة رجال من سيلان ونوح وحسن وجعفر من كرخات بغداد قاسم ورجلان من النوبة واصل وفاضل وثمانية منه قزوين هارون وعبد الله وجعفر وصالح وعمر وليث وعلي ومحمد ورجل من بلخ حسن ورجل من مراغة صدقة ورجل من قم يعقوب وأربعة وعشرون من بالطالقان وهم الذين ذكرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال أني أخد بالطالقان كنزاً ليس من ذهب ولا فضة فهم هؤلاء كثرهم الله فيها وهم صالح وجعفر ويحيى وهود وفالح وداوود وجميل وفضيل وعسى وجابر وخالد وعلوان وأيوب وملاعب وعمر وعبد العزيز ولقمان وقبضة ومهاجر وعبدون وعبد الله وعبد الحمن وعلي ورجل من سحار أبان ورجلين من سرخس ناحية وحفص ورجل من القادسية حصين ورجل من الدورق عبد الغفور وستة رجال من الحبشة إبراهيم وعيسى ومحمد وحمدان وسالم ورجلان من الموصل هارون وفهد ورجل من البلقان صادق ورجلان من نصيبين أحمد وعلي ورجل من سنجار محمد ورجلان من خراسان نكية ومسنون ورجلان من أرمينية أحمد وحسين ورجل من أصفهان يونس ورجل من ماهان حسين ورجل من الري مجمع ورجل من دنيا شعيب ورجل من سلمان هارون ورجل من بليس محمد ورجل من الكرد عون ورجل من الجيش كثير ورجلان من الخلاط محمد وجعفر ورجل من النوايا عمير ورجلان من البيضاء سعد وسعيد وثلاثة رجال من الضيعة زيد وعلي وموسى ورجل من الأوس محمد ورجال من إنطاكية عبد الرحمن ورجلان من حلب صبيح ومحمد ورجل من حمص جعفر ورجلان من دمشق داوود وعبد الرحمن ورجلان من الرملة طليق وموسى وثلاثة رجال من بيت المقدس بشر وداوود وعمران وخمسة رجال من عسفان محمد ويوسف وعمر وفهد وهارون ورجل من عنزة عمير ورجلان من عكة مروان وسعد ورجل من طرفة فرح ورجل من طيرية فليح ورجل البلسان عبد الوارث وأربعة رجال من الفسطاط من فرعون أحمد وعبد الله ويونس وظاهر ورجل من بلس نصير وأربعة رجال من الإسكندرية حسن ومحسن وشبيل وشيبان وخمسة رجال من جبل اللكام عبد الله وقادم وبحر وطالوت وثلاثة رجال السادة صليب وسعدان وشيب ورجلان من الإفرنج علي وأحمد ورجلان من اليمامة ظافر وجميل وأربعة عشر رجل من المعادة سويد وأحمد ومحمد وحسن ويعقوب وحسين وعبد الله وعبد القديم ونعيم وعلي وحيان وتغلب وكثير ورجل من مالطة معشر وعشرة رجال من عبادان حمزة وشيبان وقاسم وجعفر وعمر وعامر وعبد المهين وعبد الوهاب وأربعة عشر رجل من اليمن خبير وحريش ومالك وكعب وأحمد وشيبان وعامر وعمار وفهد وعاصم وحريش وكلثم وجابر ومحمد ورجلان من بدو مصر عجلان ودراج وثلاثة رجال من بدو عكيل منبة وضابط وعريان ورجل من بدو عنترة عمير ورجل من بدو شيبان مهراش ورجل من تميم ريان ورجل من قسين جابر ورجل من كلاب مطر وثلاثة رجال من موالي أهل البيت عبد الله ومخنف وبراك وأربعة رجال من موالي الأنبياء صباح وصياح وميمون وهود ورجلان مملو كان عبد الله وناصح ورجلان من الحلة محمد وعلي وثلاثة رجال من كربلاء حسين وحسين وحسن ورجلان من النجف جعفر وحمد ستة رجال الابدال كلهم أسماءهم عبد الله. فقال علي (عليه السلام): إن هؤلاء يجتمعون من مطلع الشمس ومغربها سهلها وجبلها يجمعهم الله تعالى في أقل من نصف ليلة فيأتون إلى مكة فلا يعرفهم أهل مكة فيقولون كبستنا أصحاب السفياني فإذا تجلى لهم الصبح يرونهم طائفين وقائمين ومصلين فينكرونهم أهل مكة. ثم أنهم يمضون إلى المهدي وهو مختف تحت المنارة فيقولون له: أنت الهدي؟ فيقول لهم: نعم يا أنصاري ثم أنه يخفي نفسه عنهم لينظرهم كيف هم في طاعته؟ فيمضي إلى المدنية فيخبرهم إنه لا حق بقبر جده رسول الله فيلحقونه بالمدنية فإذا أحسن بهم يرجع إلى مكة فلا يزالون على ذلك ثلاثا ثم يترائى لهم بعد ذلك بين الصفاء والمروة فيقول: أني لست قاطعاً أمراً حتى تبايعوني على ثلاثين خصلة تلزمكم لا تغيرون منها شيئاً ولكم على عثمان ثمان خصال؟ فقالوا سمعنا واطعنا فاذكر لنا ما أنت ذاكره يا ابن رسول الله؟ فيخرج إلى الصفا فيخرجون معه. فيقول: أبايعكم على أن لا تولوا مدبراً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تفعلوا محرما ولا تأتوا فاحشة ولا تضربون أحداً الا بحق ولا تكنزوا ذهباً ولا فضة ولا بر وشعيراً تخرجوا مسجد ولا تشهدوا زوراً ولا تقبحوا على مؤمن ولا تأكلوا رباً وأن تصبروا على السراء والضراء وتلعنوا موحداً ة لا تشربوا مسكراً ولا تلبسوا الذهب ولا الحرير ولا الديباج ولا تتبعوا هزيماً ولا تسفكوا دماً حراماً وتغدروا بمسلم ولا تبقوا على كافر ولا منافق ولا تلبسوا الخز من الثياب وتتوسدوا التراب وتكرهوا الفاحشة وتأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر فإذا فعلتم ذلك فلكم على إن اتخذ صباحاً سواكم ولا البس إلا مثل ما تلبسون إلا آكل إلا مثل ما تأكلون ولا اركب كما تركبون ولا أكون إلا حيث تكونون وامشي حيث تمشون وأرضى بالقليل واملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلما وجوراً ونعبد الله حق عبادته وأوف لكم أوفوا لي فقالوا: رضينا وبأيعنياك على ذلك فيصافحهم رجلا رجلا. ثم إنه بهد ذلك يظهر بين الناس فيخضع له العباد وتنقاد له البلاد ويكون الخضر دبيب دولته وهمدان وزراءه وخولان جنوده وحمير أعوانه ومضر قواده ويكثر الله جمعه ويشد ظهره ثم يسير بالجيش حتى يصل إلى العراق والناس خلفه وأمامه وعلى مقدمته رجل اسمه عقيل ساقته رجل اسمه الحارث فيلحقه رجل من أولاد الحسن لي اثني عشر ألف فارس ويقول يا العم أنا أحق منك بهذا الأمر لأني من لد الحسن والحسين وهو اكبر من الحسين فيقول المهدي: إني أنا المهدي فيقول له هل عندك آية أو معجزة أو علامة فينظر المهدي إلى طير في الهواء فيؤي إليه فيسقط في كفه فينطق بقدرة الله تعالى ويشهد له بالأمامة ثم يمرض قضيباً يابساً في بقعة من الأرض ليس فيها ماء فيخضر ويرق ويأخذ جلموداً كان في الأرض من الصخر فيفركه بيده ويعجنه مثل الشمع فيقول الحسني الأمر لك فيسلم وتسلم جنوده. يكون على مقدمته رجل إسمه كأسمه، ثم يسير حتى يفتح ثم يسير حتى يفتح خراسان ثم يرجع إلى مدنيه رسول الله فيسمع بخبره جميع الناس فتطيعه أهل اليمن وأهل الحجاز وتخالفه ثقيف.م أنه يسير إلى الشام إلى حرب السفياني، فتقع صيحة بالشام ألا وأن الأعراب الحجاز أعراب الحجاز قد خرجت إليكم؟ فيقول السفياني لا صحابه: ما تقولون في هؤلاء؟ فيقولون: نحن أصحاب حرب ونبل وعدة وسلاح ثم إنهم يشجعونه وهو عالم بما يراد به. فقامت إليه من أهل الكوفة وقالوا: يا أمير المؤمنين ما اسم هذا السفياني؟ فقال عليه السلام أسمه حرب بن عنبسة بن مرة بن كليب بن ساهمة بن عثمان بن خالد وهو من نسل يزيد بن معاوية بن سفيان ملعون في السماء والأرض أشر خلق الله تعالى والعنهم جداً وأكثرهم ظلماً ثم أنه يخرج بجيشه ورجاله وخيله في مأتي ألف مقاتل فيسير حتى ينزل الحيرة ثم أن المهدي يقدم بخيله ورجاله وجيشه وكتائبه جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن شماله والنصر بين يديه والناس يلحقونه في جميع الأفاق حتى يأتي أول الحيرة قريباً من السفياني ويغضب الله سائراً من خلقه حتى الطيور من السماء ترميهم بأجنحتها وأن الجبال ترميهم بصخورها ويجري بين السفياني المهدي حرب عظيم حتى يهلك جميع عسكر السفياني فيهزم ومعه شر ذمة قليلة من أصحابه رجل من أنصار القائم أسمه (صياح) ومعه جيش فيستأ سره فيأتي به إلى المهدي وهو يصلى العشاء الآخرة فيخفف صلاته فيقول السفياني يا بن العم استبقني أكون لك عوناً فيقول لأصحابه: ما تقولون فيما يقول فاني على آليت على نفسي لا أفعل شيئا حتى ترضوء؟ فيقولون: والله ما نرضى حتى تقتله لأنه سفك الدماء التي حرم الله سفكها وأنت تريد أن تمن عليه بالحياة؟ فيقول لهم المهدي: شأنكم وإياه فيأخذوه جماعة منهم فيضجعونه على شاملي الهجيرة تحت شجرة مدلاة بأغصانها فيذبحونه كما الكبش ويعجل الله عزوجل بروحه إلى النار قال: فيصل خبره إلى بني كلاب أن حرب بن عنبسة قتله رجل من ولد علي بن أبي طالب فيرجعون بني كلاب إلى رجل من أولاد ملك الروم فيبايعونه على قتال المهدي والأخذ بثأر حرب بن عنبسة فيضم إليه بنو ثقيف فيخرج ملك الروم في ألف سلطان وتحت كل سلطان ألف مقاتل فينزل على بلد من بلدان القائم تسمى (طرطوش) فينهب أموالهم وأنعامهم وحريمهم ويقتلون رجالهم وينقض حجاها حجراً على حجر وكأني بالنساء وهن مردفات على ظهور الخيل خلف العلوج خيلهن تلوح في الشمس والقمر فينتهي الخبر إلى القائم فيسير إلى ملك الروم في جيوشه فيوقعة في أسفل الرقة بعشرة فراسخ فتصبح بها الوقعة حتى يتغير ماء الشط بالدم وينتن جانبها بالجيف الشديد فيهزم ملك الروم إلى إنطاكية فيتبعه المهدي فيتبعه المهدي إلى فئة العباس تحت القطقطانية فيبعث ملك الروم إلى المهدي ويؤدي له الخراج فيجيبه إلى ذلك على إن لا يروح من بلد الروم ولا يبقى أسير عنده ألا أخرجه إلى أهله فيفعل ذلك ويبقى تحت الطاعة. ثم أن المهدي يسير إلى حي بني كلاب من جانب البحيرة حتى ينتهي إلى دمشق ويرسل جيشاً إلى إحياء بني كلاب ويسبى نساءهم ويقتل أغلب رجالهم فيأتون بالاسارى فيؤمنون به فيبايعونه على درج دمشق بمسمومات المنجس والنقض.

ثم إن المهدي يسير هو ومن معه المؤمنين بعد قتل السفياني فينزلون على بلاد من بلاد الروم فيقولون: لا إله ألا الله محمد رسول الله فيتساقط حيطانها ثم أن المهدي (عليه السلام) يسير هو ومن معه فينزل القسطنطنية في محل الروم فيخرج منها ثلاث كنوز من الجواهر وكنوز من الذهب وكنوز من الفضة ثم يقسم المال عساكره بالقفافير.ثم أن المهدي يسير حتى ينزل أرمينية الكبرى فإذا رآه أهل أرمينية انزلوا له راهباً من رهبانهم كثير العلم فيقولون أنظر ماذا يريدون هؤلاء فإذا أشرف الراهب على المهدي فيقول الراهب أنت المهدي؟ فيقول نعم أنا المذكور في إنجيلكم أنا أخرج في آخر الزمان فيسأله الراهب عن مسائل كثيرة فيجيبه عنها فيسلم الراهب ويمنع أهل أرمينية فيدخلونها أصحاب المهدي فيقتلون فيها خمسمائة مقاتل من النصارى ثم يعلق مدينتهم بتن السماء والأرض بقدرة الله تعالى فبنظر الملك ومن معه إلى مدينتهم وهي معلقة عليهم وهو يومئذ خارج عنها بجميع جنوده إلى قتال المهدي عليه السلام فإذا نظر إلى ذلك فينهزم ويقول لا صحابه خذوا لكم مهرباً فيهرب أولهم وأخرهم فيخرج عليهم أسد عظيم فيزعق في وجوههم فيلقون ما في أيديهم من السلاح والمال وتتبعهم جنود المهدي فيأخذون أموالهم ويقسمونها فيكون لكل واحد من تلك الألوف مائة دينار ومائة جارية ومائة غلام. ثم إن المهدي يسير إلى البيت المقدس ويستخرج تابوتا السكينة وخاتم سلميان بن داود والألواح التي نزلت على موسى ثم يسير المهدي إلى مدينة الزنج الكبرى وفيها ألف سوق وفي كل سوق ألف دكان فيفتحها ثم يأتي إلى المدينة يقال لها قاطع وهو على البحر الأخضر المحيط بالدنيا وطول المدينة ألف ميل وعرضها ألف ميل فيكبرون عليها ثلاثة تكبيرات فتتساقط حيطانها وتتقطع جدرانها فيقتلون مائة ألف مقاتل ويقيم المهدي فيها سبع سنين فيبلغ منهم الرجل من تلك المدينة مثل ما اخذوا من الروم عشر مرات ثم يخرج منها ومعه مائة ألف موكب وكل موكب يزيد على خمسين مقاتل فينزل على ساحل فلسطين بين عكة وسور غزة فيأتية خير الأعور الدجال بأنه قد اهلك الحرث والنسل ذلك إن الدجال يخرج من بلدة يقال لها يهودا وهي قرية من قرى أصفهان وهي من بلدان الأكاسرة له عين واحدة وفي جبهته كوكب زاهر وهو راكب على حمار خطوته مد البصر طوله سبعون ذراعاً وهو يمشي على الماء كما يمشي على الأرض ثم ينادي بصوته يبلغ ما شاء الله ويقول إلي يا معاشر أوليائي فأنا ربكم الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهوى والذي اخرج المرعى فيتبعه يومئذ أولاد الزنا وأولاد اليهود والنصارى وتجتمع معه ألوف كثير لا يحصي عددهم إلا الله تعالى ثم يسير وبين يديه جبلان الأول من اللحم والثاني من الخبز الثريد فيكون خروجه في الزمان قحط شديد ثم يسير وإن الجبلان بين يديه ولا ينقص منها شيء فيعطي كل من اقر له بالربوبية فقال عليه السلام معاشر الناس ألا وانه كذاب وملمون ألا فاعلموا إن ربكم ليس باعور ولا يا كل الطعام ولا يشرب الشراب وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. قال الراوي فقامت إليه أشراف أهل الكوفة وقالوا يا أمير المؤمنين وما بعد ذلك؟ قال (عليه السلام): ثم أن المهدي يرجع إلى بيت المقدس فيصلي بالناس أيام فإذا كان يوم الجمعة وقد أقيمت الصلاة فينزل عيسى بن مريم في تلك الساعة من السماء عليه ثوبان أحمران وكأنما يقطر من رأسه الدهن وهو رجل صبيح المنظر والوجه أشبه الخلق بابيكم إبراهيم فيأتي إلى المهدي ويصافحه ويبشره بالنصر فعند ذلك يقول له المهدي: تقدم يا روح الله وصلى بالناس؟ فيقول عيسى: بل الصلاة لك يا بن بنت رسول الله فعند ذلك يأذن عيسى ويصلى خلف المهدي فعند ذلك يجعل عيسى خليفة على قتل الأعور الدجال ثم يخرج أميراً على جيش المهدي وإن الدجال قد أهلك الحرث والنسل وصاح على اغلب أهل الدنيا ويدعو الناس لنفسه بالربوبية فمن إطاعته جميع أولاد الزنا من مشارق الأرض ومغاربها ثم يتوجه إلى أرض الحجاز فيلحقه عيسى على عقبة عمر فيزعق ويتبعها بضربة فيذوب الدجال كما يذوب الرصاص والنحاس في النار ثم إن جيش المهدي يقتلون جيش أعور الدجال في أربعين يوماً من طلوع الشمس إلى غروبها ثم يطهرون الأرض منهم وبعد ذلك يملك المهدي مشارق الأرض ومغاربها من جابلقا إلى جابرقا ويستقم أمره ويعدل بين الناس حتى ترعى الشاة مع الذئب في موضع واحد وتلعب الصبيان بالحية والعقرب ولا تضرهم ويذهب الشر ويبقى الخير ويزرع الرجل الشعير والحنطة من كل حبة كما قال الله تعالى: (في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء ويرتفع الزنا والربا وشرب الخمر والعناء الذي لا يعمله احد إلا ويقتله المهدي وكذا تارك الصلاة ويعتكفون الخلق على العبادة والطاعة والخشوع والديانة وكذا تطول الأعمار وتحمل الأشجار الأثمار في كل سنة مرتين ولا يبقى احد من أعداء آل محمد إلا هلك ثم انه تلا قوله تعالى (شرع لكم من الدين ما وصى به قوماً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى إن أقيموا الدين ولا تفرقوا الذين فيه كبر على المشركين) قال ثم إن المهدي يفرق أصحاب وهم الذين عاهدوا في أول خروجه فيوجههم إلى جميع البلدان ويأمرهم بالعدل ولاحسان وكل رجل منهم يحكم على إقليم من الأرض ويعمرون جميع مدائن الدنيا بالعدل والإحسان ثم المهدي يعيش أربعين سنة في الحكم حتى يطهر الأرض من الدنس قال: فقامت إلى أمير المؤمنين السادات من أولاد الأكابر وقالوا: وما بعد ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال عليه السلام: بعد ذلك يموت المهدي ويدفنه عيسى بن مريم في المدنية بقرب قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقبض الملك روحه بين الحرمين وكذلك يموت عيسى وأبو محمد الخضر ويموت جميع أنصار المهدي وتبقى الدنيا إلى حيث ما كانوا عليه من الجهالات والظلالات وترجع الناس إلى الكفر فعند ذلك يبد الله تعالى بخراب المدن والبلدان فأما المؤتفكة فيطمى عليها الفرات وأما الزوراء فتخرب من الوقايع والفتن وأما واسط فيطمى عليها الماء وآذربايحهان يهلك أهلها بالطاعون وأما الموصل فتهلك أهلها من الجوع والغلاء وأما هرات يخربها المصري وأما القرية فتخرب من الرياح وأما حلب تخرب من الصواعق وتخرب إنطاكية من الجوع والغلاء والخوف وتخرب الصقالية من الحوادث وتخرب الخط من القتل والنهب وتخرب دمشق من شدة القتل وتخرب حمص من الجوع والغلاء وأما بيت المقدس فانه محفوظ إلي (يأجوج ومأجوج) لان بيت المقدس فيه آثار الأنبياء وتخرب مدنية رسول الله من كثرة الحروب وتخرب هجر بالرياح والرمل وتخرب جزيرة أوال من البحرين وتخرب قيس بالسيوف وتخرب الكبش بالجوع ثم يخرج (يأجوج ومأجوج) وهم صنفان الأول طول أحدهم مائة ذراع وعرضه سبعون ذراعاً والثاني طول عدداً من النجوم فيسبحون في الأرض فلا يمرون بنهر إلا وشربوه ولا جبل إلا لحسوه ولا وردوا على شط إلا انسفوه ثم بعد ذلك تخرج دابة من الأرض لها رأس كرأس الفيل ولها وبر وصوف وشعر من كل لون ومعها عصى موسى وخاتم سليمان فتنكث وجه المؤمن بالعصا فتجعله أبيض وتنكث وجه الكافر بالخاتم فتجعله أسود ويبقى المؤمن مؤمنا والكافر كافراً ثم ترفع بعد ذلك التوبة فلا تنفع نفس إيمانها أن لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً.قال الراوي: فقامت إليه أشراف العراق وقالوا: يا مولانا نفديك بالآباء والأمهات بين لنا كيف تقوم الساعة واخبرنا بدلالاتها وعلاماتها فقال (عليه السلام): من علامات الساعة ظهور صائح في السماء ونجم له ذنب في كل ناحية من المغرب ويظهر كوكباً في السماء من المشرق ثم يظهر خيط ابيض في وسط السماء وينزل من السماء عمود نور ثم ينخسف القمر ثم تطلع الشمس من المغرب فيحرق البراري والجبال ثم تظهر من السماء فتحرق أعداء آل محمد حتى تشوى وجوهم وابدأنهم يظهر كف بلا زند وفيها قلم يكتب في الهواء والناس يسمعون صرير القلم وهو يكتب واقترب الوعد الحق شاخصة الذين كفروا فتخرج يومئذ الشمس والقمر وهما منكسفان النور فتأخذ الناس الصيحة التاجر في بيعة والمسافر في متاعه والناسج والمرآة غزلها وإذا كان الرجل بيده فلا يأكلها ويطلعان الشمس والقمر وهما اسودا اللون وقد وقعا في زلال وخوف من الله تعالى وهما يقولان إلهنا وخالقنا وسيدنا لا تعذبنا بعذاب عبادك المشركين وأنت تعلم طامتنا والجهد فينا وسرعتنا لمضي أمرك وأنت علام الغيوب فيقول الله تعالى: (صدقتما ولكني قضيت في نفسي أني ابدأ وأعيد وأني خلقتكما من نور عزتي) فيرجعان إليه فيبرق كل واحد منهما برقة تكاد تخطف الأبصار ويختلطان بنور العرش فينفخ في الصور فصعق من السموات ومن في الأرض إلا ما شاء الله تعالى ثم ينفخ في أخرى فإذا هم قيام ينظرون فانا الله وأنا إليه راجعون.قال الراوي: فبكى علي عليه السلام بكاء شديداً حتى بل لحيته بالدمع ثم من انحدر من المسير وقد اشرف الناس على الهلاك من هول ما سمعوه قال الراوي فتفرقت الناس إلى منازلهم وبلدانهم وأوطانهم وهم متعجبون من كثرة فهمه وعلمه وقد اختلفوا في معناه اختلافاً عظيماً. – بشارة الإسلام في ظهور صاحب الزمان ط. مؤسسة آل البيت- قم إيرانج1/ص74-78].

 

  • حديث الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام:

 

يقول الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام لأحد مواليه كما في روضة الكافي…….؟ فإذا رأيت الحق قد مات وذهب أهله، ورأيت الجور قد شمل البلاد، ورأيت القرآن قد خلق وأحدث فيه ما ليس فيه ووجه على الأهواء، ورأيت الدين قد انكفأ كما ينكفئ الماء، ورأيت أهل الباطل قد استعملوا على أهل الحق، ورأيت الشر ظاهرا لا ينتهى عنه ويعذر أصحابه، ورأيت الفسق قد ظهر واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، ورأيت المؤمن صامتا لا يقبل قوله، ورأيت الفاسق يكذب ولا يرد عليه كذبه وفريته، ورأيت الصغير يستحقر (ب) الكبير، ورأيت الأرحام قد تقطعت، ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يرد عليه قوله، ورأيت الغلام يعطي ما تعطي المرأة، ورأيت النساء يتزوجن النساء، ورأيت الثناء قد كثر، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا ينهى ولا يؤخذ على يديه، ورأيت الناظر يتعوذ بالله مما يرى المؤمن فيه من الاجتهاد، ورأيت الجار يؤذي جاره، وليس له مانع، ورأيت الكافر فرحا لما يرى في المؤمن، مرحا لما يرى في الأرض من الفساد، ورأيت الخمور تشرب علانية ويجتمع عليها من لا يخاف الله عز وجل، ورأيت الآمر بالمعروف ذليلا، ورأيت الفاسق فيما لا يحب الله قويا محمودا، ورأيت أصحاب الآيات يحتقرون ويحتقر من يحبهم، ورأيت سبيل الخير منقطعا وسبيل الشر مسلوكا، ورأيت بيت الله قد عطل ويؤمر بتركه، ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله، ورأيت الرجال يتسمنون للرجال والنساء للنساء، ورأيت الرجل معيشته من دبره ومعيشة المرأة من فرجها، ورأيت النساء يتخذن المجالس كما يتخذها الرجال، ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر وأظهروا الخضاب وامتشطوا كما تمتشط المرأة لزوجها وأعطوا الرجال الأموال على فروجهم وتنوفس في الرجل وتغاير عليه الرجال، وكان صاحب المال أعز من المؤمن، وكان الربا ظاهرا لا يغير، وكان الزنا تمتدح به النساء، ورأيت المرأة تصانع زوجها على نكاح الرجال، ورأيت أكثر الناس وخير بيت من يساعد النساء على فسقهن، ورأيت المؤمن محزونا محتقرا ذليلا، ورأيت البدع والزنا قد ظهر، ورأيت الناس يعتدون بشاهد الزور، ورأيت الحرام يحلل ورأيت الحلال يحرم، ورأيت الدين بالرأي وعطل الكتاب وأحكامه، ورأيت الليل لا يستخفى به من الجرأة على الله، ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر إلا بقلبه، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله عز وجل، ورأيت الولاة يقربون أهل الكفر ويباعدون أهل الخير، ورأيت الولاة يرتشون في الحكم، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد، ورأيت ذوات الأرحام ينكحن ويكتفى بهن، ورأيت الرجل يقتل على التهمة وعلى الظنة، ويتغاير على الرجل الذكر فيبذل له نفسه وماله، ورأيت الرجل يعير على إتيان النساء، ورأيت الرجال يأكل من كسب امرأته من الفجور يعلم ذلك ويقيم عليه، ورأيت المرأة تقهر زوجها وتعمل ما لا يشتهي وتنفق على زوجها، ورأيت الرجل يكري امرأته وجاريته ويرضى بالدني من الطعام والشراب، ورأيت الايمان بالله عز وجل كثيرة على الزور، ورأيت القمار قد ظهر، ورأيت الشراب يباع ظاهرا ليس له مانع، ورأيت النساء يبذلن أنفسهن لأهل الكفر، ورأيت الملاهي قد ظهرت يمر بها لا يمنعها أحد أحدا ولا يجترئ أحد على منعها، ورأيت الشريف يستذله الذي يخاف سلطانه، ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت، ورأيت من يحبنا يزور ولا تقبل شهادته، ورأيت الزور من القول يتنافس فيه، ورأيت القرآن قد ثقل على الناس استماعه وخف على الناس استماع الباطل، ورأيت الجار يكرم الجار خوفا من لسانه، ورأيت الحدود قد عطلت وعمل فيها بالأهواء، ورأيت المساجد قد زخرفت، ورأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الكذب، ورأيت الشر قد ظهر والسعي بالنميمة، ورأيت البغي قد فشا، ورأيت الغيبة تستملح ويبشر بها الناس بعضهم بعضا، ورأيت طلب الحج والجهاد لغير الله، ورأيت السلطان يذل للكافر المؤمن، ورأيت الخراب قد أديل من العمران، ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان، ورأيت سفك الدماء يستخف بها، ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض الدنيا ويشهر نفسه بخبث اللسان ليتقي وتسند إليه الأمور، ورأيت الصلاة قد استخف بها، ورأيت الرجل عنده المال الكثير ثم لم يزكه منذ ملكه، ورأيت الميت ينبش من قبره ويؤذى وتباع أكفانه، ورأيت الهرج قد كثر، ورأيت الرجل يمسي نشوان ويصبح سكران لا يهتم بما الناس فيه، ورأيت البهائم تنكح، ورأيت البهائم يفرس بعضها بعضا، ورأيت الرجل يخرج إلى مصلاه ويرجع وليس عليه شيء من ثيابه، ورأيت قلوب الناس قد قست وجمدت أعينهم وثقل الذكر عليهم، ورأيت السحت قد ظهر يتنافس فيه، ورأيت المصلي إنما يصلي ليراه الناس، ورأيت الفقيه يتفقه لغير الدين، يطلب الدنيا والرئاسة، ورأيت الناس مع من غلب، ورأيت طالب الحلال يذم ويعير وطالب الحرام يمدح ويعظم، ورأيت الحرمين يعمل فيهما بما لا يحب الله، لا يمنعهم مانع ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد، ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمين، ورأيت الرجل يتكلم بشيء من الحق ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر فيقوم إليه من ينصحه في نفسه فيقول هذا عنك موضوع، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ويقتدون بأهل الشرور، ورأيت مسلك الخير وطريقه خاليا لا يسلكه أحد، ورأيت الميت يهزأ به فلا يفزع له أحد، ورأيت كل عام يحدث فيه من الشر والبدعة أكثر مما كان، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلا الأغنياء، ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به ويرحم لغير وجه الله، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد، ورأيت الناس يتسافدون كما يتسافد البهائم لا ينكر أحد منكرا تخوفا من الناس، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله ويمنع اليسير في طاعة الله، ورأيت العقوق قد ظهر واستخف بالوالدين وكانا من أسوء الناس حالا عند الولد ويفرح بأن يفتري عليهما، ورأيت النساء وقد غلبن على الملك وغلبن على كل أمر لا يؤتي إلا ما لهن فيه هوى، ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ويدعو على والديه ويفرح بموتهما، ورأيت الرجل إذا مر به يوم ولم يكسب فيه الذنب العظيم من فجور أو بخس مكيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شرب مسكر كئيبا حزينا يحسب أن ذلك اليوم عليه وضيعة من عمره، ورأيت السلطان يحتكر الطعام، ورأيت أموال ذوي القربى تقسم في الزور ويتقامر بها وتشرب بها الخمور، ورأيت الخمر يتداوى بها وتوصف للمريض ويستشفى بها، ورأيت الناس قد استووا في ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك التدين به، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق قائمة ورياح أهل الحق لا تحرك، ورأيت الاذان بالاجر والصلاة بالاجر، ورأيت المساجد محتشية ممن لا يخاف الله، مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحق ويتواصفون فيها شراب المسكر، ورأيت السكران يصلي بالناس وهو لا يعقل ولا يشان بالسكر وإذا سكر أكرم واتقي وخيف وترك لا يعاقب ويعذر بسكره، ورأيت من أكل أموال اليتامى يحمد بصلاحه، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل الفسوق والجرأة على الله يأخذون منهم ويخلونهم وما يشتهون، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ولا يعمل القائل بما يأمر، ورأيت الصلاة قد استخف بأوقاتها، ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد بها وجه الله وتعطى لطلب الناس، ورأيت الناس همهم بطونهم وفروجهم، لا يبالون بما أكلوا وما نكحوا، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم، ورأيت أعلام الحق قد درست، فكن على حذر واطلب إلى الله عز وجل النجاة واعلم أن الناس في سخط الله عز وجل وإنما يمهلهم لأمر يراد بهم، فكن مترقبا واجتهد ليراك الله عز وجل في خلاف ما هم عليه فإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم عجلت إلى رحمة الله، وإن أخرت ابتلوا وكنت قد خرجت مما هم فيه من الجرأة على الله عز وجل، واعلم أن الله لا يضيع أجر المحسنين وأن رحمة الله قريب من المحسنين »الكافي: ج 8 ص 37 ح 7 -البحار: ج 52 ص 254 – 26-بشارة الإسلام: ص 125 – 130]

 

 

ثانياً:

الأحاديث القصيرة المفصلة الدالة على فساد المجتمع العربي وفعلة لكل الكبائر:

(1): ظهور صناعات حديثة كصناعة الدواجن للأغنياء بعدما كانت في السابق للفقراء:

[قال صلى الله عليه وآله أُمِر الأغنياء باتخاذ الغنم وأُمِر الفقراء باتخاذ الدجاج وقال: إذا اتخذ الأغنياء الدجاج يأذن الله تعالى بهلاك القرى – بن ماجه ج2/ص773 رقم 2307] وهنا يبين صلى الله عليه وآله بأن الفقير كان في زمانه هو الذي يمتلك الدجاج ولكن إذا استار الزمان وظهرت علامات الساعة فر المؤمن إلى شعف الجبال بغنمات يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر كما أخبرنا بذلك صلى الله عليه وآله وفي نفس الزمان يتحول الأغنياء لمرحلة إمتلاك الدواجن في مزارع كبيرة يسيطرون بها على غذاء الناس.

(2): توقف التخاطب باللغة العربية

وهنا نبوءة من النبي صلى الله عليه وآله في طائفة من هذه الأمة تزعم الإسلام وغيرهم أكبر في صدروهم وأعظم حتى أصبحوا يتخاطبون بلغاتهم تاركين لغة القرآن الكريم ولغتهم ولغة آبائهم وراء ظهورهم لذلك [قال صلى الله عليه وآله لاتقوم الساعة حتى تتوقف العربية التي تنسب إلى سبعة آباء- منتخب كنز العمال ج6/ص17]

(3): طعام الناس في ذلك الزمان مخ الحنطة أو الدقيق منزوع الردة :

[ قال صلى الله عليه وآله سيخرج في أمتي آخر الزمان قوم يأكلون مخ الحنطة أولائك شرار أمتي- الإشاعة للبرزنجي]

(4): قوم يأكلون طعاماً بألسنتهم:

[ قال صلى الله عليه وآله لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم يأكلون بألسنتهم كما تأكل البقر بألسنتها- منتخب كنز العمال هامش مسند أحمد ج6/ ص17] وإذا قال بعض الناس أنهم المنافقون يأكلون بألسنتهم قلنا إن هذا المعنى لا يصح لأن النبي قال صلى الله عليه وآله وصفهم وشبههم  بالبقر في طريقة أكلهم فقال كما تأكل البقر لألسنتها وهذا التشبيه لأكلة سيأكلها الناس لحساً و لعقاً بألسنتهم وهى صفة تنتطبق على مايعرف بالجيلاتي أو الآيس كريم وهى أكلة فعلاً لا تؤكل إلا باللسان كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وآله بذلك .

(5): استفاضة المال والاستغناء عن الصدقة:

[قال صلى الله عليه وسلم : لاتقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم رب المال من يقبله منه صدقه، ويدعى إليه الرجل فيقول: لا أرب لي فيه رواه البخاري]، وهذا تحقق كثير منه في عهد الصحابة رضي الله عنهم بسبب ما وقع من الفتوح ، ثم فاض المال في عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله، فكان الرجل يعرض المال للصدقة فلا يجد من يقبله ، وقد يتكثر في آخر الزمان إذا ظهر الإمام المهدي وعيسى عليهما السلام حتى لايجد الناس من يقبله .

(6): الإستهزاء بالدين ومعايرة الرجل لدينه وصلاته:

[ روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ستكون فتن يفارق الرجل فيها أخاه وأباه تطير الفتنة في قلوب الرجال منهم إلى يوم القيامة، حتى يُعيّر الرجل فيها بصلاته كما تعيّر الزانية بزناها رواه نعيم بن حماد في الفتن والطبراني في الكبير] وهذا الأستهزاء يمكنك أن تراه من العامة وفي أجهزة الإعلام التي أصبح دابها معايرة أهل بيت النبي عليهم السلام وشيعتهم والصوفية بقيمهم ومذهبهم وولائهم ولا هم لهؤلاء الخوارج إلا هدم كل ثوابت الدين والإستهزاء بقيم المسلمين فالغرب عندهم متعصبون يسبون القرآن و رسول الله صلى الله عليه وآله وهؤلاء من داخل أممتنا يكفرون أولياء أهل البيت ويستبيحون دمائهم ويعايرون من لا يقدرون على قتله وسفك دمه تماما كما ذكر النبي صلى الله عليه وآله .

(7): ظهور الثورة الصناعيه و ترك ركوب الخيل في الحروب :

[ قال صلى الله عليه وآله في علا مات خروج الدجال…. ومن علامات خروجه أن يكون الثور بكذا وكذا والخيل بالدريهمات قالوا وما يرخصها يارسول الله؟: قال: لن تركب لحرب أبداً- رواه بن ماجة في الفتن وعلامات الساعة ] أي أن النبي كان يرى الطائرات والدبابات والسيارات صلى الله عليه وآله لذلك قال لهم عن الخيل أنه لن تركب بعد ذلك لحرب كما قال صلى الله عليه وآله.

(8): إختراع أجهزة الإعلام المرئي (التلفاز) كما أخبرنا أمير المؤمنين بأنه شيطان الأريل:

[روى عن الإمام أمير المؤمنين على عليه السلام أنه ذهب يمشى خارج الكوفة ومعه كميل بن زياد حتى وصل إلى موضع فوقف فيه وقال: يا كميل بن زياد هاهنا موضع قبرك ثم أشار بيده المباركة يميناً وشمالاً وقال: ستبنى من ها هنا وهاهنا قصور وما من بيت فى ذلك الزمان إلا وفيه شيطان إريل – بيان الأئمة للوقائع الغريبة والعجيبة للحاج الشيخ محمد مهدى 0 ط المكتبة الإسلامية بيروت ج1 ص205] ويقول الشيخ محمد مهدى: [ وبقرينة ذكر الشيطان قبلها وإضافة الشيطان اليها أى شيطان ذا إريل أى ذا ذيل اسمه اريال فى ذلك الزمان – بيان الائمة ج1 ص 207]. وهذا هو المقصود من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله القائل فيه:[فتنة تكون فى بيت كل امرىء منكم وموت كقعاص الغنم- المنتخب ج5/ص406] والفتنة يقلب بها الدجال للامور فيجعل الحق باطل والباطل حق وفى زمان ادبار العلم والذى قال فيه صلى الله عليه وآله [يخرج الدجال فى ادبار من العلم وخفة من الدين – منتخب كنز العمال ج6 ص49] وفى هذا الجهل تهاون المسلمون بكل شيىء من دينهم ودمائهم.

(9) نار تخرج من أرض الحجاز يراها من بالشام:

[عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى] رواه البخاري، وقد ظهرت هذه النار في منتصف القرن السابع الهجري في عام 654 هـ، وكانت ناراً عظيمة أفاض العلماء ممن عاصر ظهورها ومن بعدهم بوصفها، قال النووي: “خرجت في زماننا نار في المدينة سنة أربع وخمسين وست مائة وكانت ناراً عظيمة جداً من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة، وتواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان وأخبرني من حضرها من أهل المدينة”.ونقل ابن كثير أن غير واحد من الأعراب ممن كان بحاضرة بصرى شاهدوا أعناق الإبل في ضوء هذه النار التي ظهرت من أرض الحجاز، وذكر القرطبي في التذكرة أن هذه النار رئيت من مكة ومن جبال بصرى.

 (10): قتال الترك وهم التتار:

[عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون الترك قوماً وجوههم كالمَجانِّ المطرقة يلبسون الشعر ويمشون في الشعر) رواه مسلم ] ، وقد قاتل المسلمون الترك من عصر الصحابة رضي الله عنهم وذلك في أول خلافة بني أميه في عهد معاوية رضي الله عنه ، وكذلك بعد السنة الست مائة لما أسعرت الدنيا ناراً خصوصاً الشرق بأسره حتى لم يبق بلد منه حتى دخله شرهم، ثم كان خراب بغداد وقتل الخليفة المعتصم ، يقول النووي رحمه الله : “قد وجد قتال هؤلاء الترك بجميع صفاتهم التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم صغار الأعين حمر الوجوه ذلف الأنف عراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة ينتعلون الشعر فوجدوا بهذه الصفات كلها في زماننا وقاتلهم المسلمون مرات وقتالهم الآن”. وسيقاتلونهم آخر الزمان ومعهم أمتين أخريين كما في حديث أبي هريرة الذي قال فيه [قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزاً وكرمان من الأعاجم حمر الوجوه فطس الأنوف صغار الأعين كأن وجوههم المجان المطرقة نعالهم الشعر) رواه البخاري، فذكر النبي صلى الله عليه وسلم ظهور خوز وكرمان وهم غير الترك فيقاتلهم المسلمون. كما ورد في حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يوشك أن يكثر فيكم من العجم أسد لا يفرون فيقتلون مقاتلتكم ويأكلون فيئكم) رواه الطبراني.

(11): الكهرباء والإضاءة:

روي عنأمير المؤمنين أنه لما رجع منقتال أهل صفين أخبرنا بأمور غائبة منها أنه وقف على صدر نهر في شمال العراق ونظر إلى الماء ينزل من أعلى إلى أسفل فقال: إنه ليمكن أن يستضاء العراق من هذا الماء – وفي رواية لو شئت لجعلت من هذا الماء نوراً- بيان الأئمة للوقائع الغريبة ج1/ ص315-316] وهذه هى الكهرباء المتولدة عن مساقط المياه لإدارة التوربينات فتتولد الكهرباء.

(12):سلوك الناس آخر الزمان:

[قال رسول الله صلى الله عليه وآله يأت على الناس لايتبع فيه العالم ولا يستحى فيه من الحليم ولا يوقر فيه الكبير ولا يرحم فيه الصغير يقتل بعضهم بعضاً على الدنيا قلوبهم قلوب الأعاجم- الإشاعة للبرزنجي ص76-77] وهنا قلوبهم قلوب الأعاجم أي يقلدونهم في كل أفعالهم بل وفي لغة التخاطب بينهم كما ترى الآن تقليد أكثر السفهاء لهم في ملابسهم العارية والتخاطب بألسنتهم وطرقتهم في المأكل والمشرب.أهـ وعن ضياع الأمانة آخر الزمان يقول صلى الله عليه وآله وسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) روه البخاري].

ومن مظاهر تضييع الأمانة إسناد أمور الناس من إمارة وخلافة وقضاء ووظائف إلى غير أهلها القادرين على تسييرها. [وقال صلى الله عليه وآله يأت على الناس زمان همهم بطونهم وشر همهم متاعهم وقبلتهم نسائهم ودينهم درهمهم ودنانيرهم أولائك شر الخلق ولا خلاق لهم عند الله – الإشاعة ص76 ويوم الخلاص لكامل سيليمان.ط لبنان ص421].

[وقال صلى الله عليه وآله لاتقوم الساعة إلا على شرار الخلق هم شر من أهل الجاهلية لا يدعون بشيء إلا رده عليهم – مسلم وفتح الباري ج13/ص307] [وقال صلى الله عليه وآله في هذا الزمان تكون الفاحشة زيارة ولما سئل عن ذلك قال: ذلك عند حيف الأئمة وتكذيب بالقدر وإيمان بالنجوم وقوم يتخذون الفاحشة زياره فسألته صلى الله عليه وآله عن الفاحشة زيارة فقال: الرجلان من أهل الفسق يضع أحدهما طعاماً وشراباً ويأتيه بالمرأة فيقول اصنع ماكنت تصنع فيتزاورون على ذلك فعند ذلك هلكت أمتي- البزار وابن أبي الدنا وذكره البرزنجي في كتابه الإشاعة في علامات الساعة ص81][وقال صلى الله عليه وآله لا تزال أمتي على شريعة حسنة مالم يظهر فيهم ثلاث مالم يقبض العلم ويكثر ولد الخبث (الزنا) ويظهر فيهم السقارون قالوا وما السقارون؟: قال نشؤ يكونون في آخر الزمان تكون تحيتهم بينهم التلاعن- منتخب كنز العمال ج6/ ص16] [وقال صلى الله عليه وآله لا تقوم الساعة حتى يكون زعيم القوم أرذلهم – الفتن والملاحم بن كثير ج1].

[وعن قطيعة الأرحام حتى درجة القنل يقول صلى اله عليه وآله [(لا تقوم الساعة حتى يقتل الرجل أخاه، لا يدري فيم قتله) رواه الحاكم في تاريخه عن أبي موسى][وقال صلى الله عليه وآله لعوف بن مالك: يا عوف أعدد بين يدى الساعة ست قلت وما هى يا رسول الله قال أولهن موتى فرجعت فقال إحدى والثانية فتح بيت المقدس والثالثة موتان فيكم كقعاص الغنم والرابعة إفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فينكل تيسرها وفتنة لايبقى بيت من العرب إلا دخلته – بشارة الإسلام ص30] .

ومن أشراط الساعة ظهور الكاسيات العاريات،[فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سرج كأشباه الرحال ينزلون على أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، العنوهن فإنهن ملعونات) – رواه أحمد، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح] ومعنى كاسيات عاريات أي: كاسية جسدها ولكنها تشد خمارها وتضيق ثيابها حتى تظهر تفاصيل جسمها، أو تكشف بعض جسدها، وهذا حادث بالفعل. ومن أشراط الساعة: وقوع التناكر بين الناس [فعن حذيفة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الساعة فقال: (علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو، ولكن أخبركم بمشاريطها وما يكون بين يديها ـ وذكر منها ـ ويلقى بين الناس التناكر فلا يكاد أحد يعرف أحد) – رواه أحمد وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح] وصفات المجتمع في ذلك الزمان كثرة شهادة الزور وكتمان شهادة الحق [فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن بين يدي الساعة شهادة الزور وكتمان شهادة الحق) -رواه أحمد، وقال أحمد شاكر: صحيح]. ويكون عدد النساء أكثر في هذه المجتمعات من أعداد الرجال [فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من أشراط الساعة ـ وذكر منها ـ وتكثر النساء ويقل الرجال حتى يكون لخمسين ارأة القيم الواحد) – رواه البخاري]. وعن سوء الخلق يقول صلى الله عليه وآله [(من أشراط الساعة سوء الجوار، وقطيعة الأرحام، وأن يعطل السيف من الجهاد)- رواه ابن مردويه عن أبي هريرة وأبو نعيم في تاريخ أصبهان]

(13): قبض العلم وظهور الجهل

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله: (من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل) رواه البخاري ومسلم، وقبض العلم بقبض العلماء، قال النووي رحمه الله: “هذا الحديث يبين أن المراد بقبض العلم في الأحاديث السابقة المطلقة ليس هو محوه من صدور حفاظه ولكن معناه أن يموت حملته أو يقتلون ويتخذ الناس جهالاً يحكمون بحهالتهم فيضلون ويضلون” ولا يزال يقبض العلم حتى لا يعرف من الإسلام إلا اسمه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله). رواه مسلم

(14): كثرة الشرط وأعوان الظلمة:

[روى الإمام أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله قال: (يكون في هذه الأمة في آخر الزمان رجال ـ أو قال ـ يخرج رجال من هذه الأمة في آخر الزمان معهم سياط كأنها أذناب البقر، يغدون في سخط الله ويروحون في غضبه). – أخرجه أحمد (22150)، والطبراني (8/308) (8000)، والحاكم (8347)  ] [وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون الناس)].

[وقال صلى اله عليه وآله سيكون في آخر الزمان شرطة يغدون في غضب الله ويروحون في سخط الله فإياك أن تكون من بطانتهم – الجامع الصغير للسيوطي]وهؤلاء آخر الزمان هم وكل جيوش الأرض كما ترى الآن لاهم لهم إلا حماية الدجال بطرق مباشرة أو بالتمويه على شعوبهم أنهم يعدون السلاح ويشترون الطائرات فإذا قاكت الملاحم مع الصهاينة سلموا سلاحهم أو دفنوه في التراب كما فعلت الجيوش العربية في حرب نكسة 1967 وكما فعل الجيش الفلسطيني لما غزى شارون غزة وقد ظهرت صورهم على شاشات التلفزة وهم خارجون من ثكناتهم رافعي سلاحهم فوق رؤوسهم وكما فعلت تقؤريباً كل جيوش العرب هذا الفعل وبالتالي تحولت كل جيوش كل دولة لشرطة على قومهم لا هم لهم إلا سحل وسحق شعوبها وتطويعهم إلى حكم الفرد ثم تغلغل أعداء هذه الأمة لاختيار الفرد وإعداد رجالاً لهم من ديانات أخرى للسيطرة على العالم وقد كان لهم ما أرادوا حتى تحولت أكثر جيوش العالم إلى جيوش شيطانية لا شأن لها بدين أو قيم اللهم إلا راتب أخر الشهر ومن ملك الثروة ملك رقاب هؤلاء العبيد لغير الله تعالى وسيعاقبون جميعاً في حرب آخر الزمان قال تعالى فيها : (فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون قالوا تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين – الشعراء) ومساواتهم لكبرائهم بالخالق عز وجل تكرست في كلمة أنا العبد المأمور وهؤلاء هالكون لا محالة كما أهلك الله تعالى الطاغية صدام حسين لعنه الله

(15): ومن أشراط الساعة انتشار الزنا في الشوارع :

[روي في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله: (إن من أشراط الساعة ـ فذكر منها ـ ويظهر الزنا).] [وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله: والذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق فيكون خيارهم يومئذ من يقول لو واريتها وراء هذا الحائط). رواه ابويعلي وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح ].

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله في وصف جامع للمجتمع قبل قيام الساعة عليهم: [إذا اقترب الزمان كثر لبس الطيالسة وكثرت التجارة وكثر المال وعظم رب المال لماله وكثرت الفاحشة وكانت إمارة الصبيان وكثرت النساء وجار السلطان وطفف المكيال والميزان ويربى الرجل جروا خير له من أن يربى ولدا له ولا يوقر كبير ولا يرحم صغير ويكثر أولاد الزنا حتى إن الرجل ليغشى المرأة على قارعة الطريق ويلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب أمثلهم فى ذلك الزمان المداهن (الطبرانى فى الأوسط، والحاكم وتعقب عن منتصر بن عمارة بن أبى ذر عن أبيه عن جده)أخرجه الطبرانى فى الأوسط (5/126، رقم 4860). والهيثمى (7/325) والحاكم (3/386، رقم 5465)]

 

 

(16): ومن أشراط الساعة انتشار الربا:

[عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وآله أنه قال: (بين يدي الساعة يظهر الربا) رواه الطبراني في الترغيب والترهيب] وقال المنذري رواته رواة الصحيح، وهذا الحديث ينطبق على كثير من المسلمين في هذا الزمن.

(17) ومن أشراط الساعة ظهور المعازف واستحلالها:

[عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله قال: (سيكون في آخر الزمان خسف وقذف ومسخ، قيل: ومتى ذلك يارسول الله؟ قال إذا ظهرت المعازف والقينات) رواه ابن ماجه،].

(18): ومن أشراط الساعة كثرة شرب الخمر واستحلالها:

[روى الإمام مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله يقول: (من أشراط الساعة ـ وذكر منها ـ ويشرب الخمر).] [وروى الأمام أحمد عن عباده بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لتستحلن طائفة من أمتي الخمر باسم يسمونها إياه).] [ عن أبو مالك الأشعري قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ليشرَبنَّ ناسٌ من أمَّتي الخمرَ يُسمُّونَها بغيرِ اسمِها، يُعزَفُ علَى رءوسِهِم بالمعازفِ، والمغنِّياتِ، يخسِفُ اللَّهُ بِهِمُ الأرضَ، ويجعَلُ منهمُ القِرَدةَ والخَنازير – حديث  صحيح رواه ابن ماجه ] .

(19): ومن أشراط الساعة زخرفة المساجد والتباهي بها:

[روى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله قال: (لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد). – رواه أبو داوود – حديث صحيح ]

(20): ومن أشراط الساعة: تطاول الأعراب في البنيان ثم في سائر المعمورة :

[ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وآله قال لجبريل عندما سأل عن وقت قيام الساعة: (ولكن سأحدثك عن أشراطها ـ فذكر منها ـ وإذا تطاول رعاء البهائم في البنيان فذاك من أشراطها)، وقد ظهر هذا في زماننا جلياً فتطاول الناس في البنيان وتفاخروا.[وعن سلمان الفارسى قال رسول الله صلى الله عليه وآله من اقتراب الساعة أن يظهر البناء على الأرض وأن تقطع الأرحام وأن يؤذى الجار جاره- مصنف ابن ابى شيبةج15/ص165 رقم 19393] [وعن امير المؤمنين “ع” قال إذا كانت الألسنة لينة والقلوب نيازك وظهر البناء على الأرض واختلف الإخوان فصار هواهما شتى وبيع حكم الله بيعاً- مصنف بن ابى شيبة ج15/ ص164-165رقم 19392] [وفى حديث جبريل عليه السلام أن ترى الحفاة العراة راعاء الشاة يتطاولون فى البنيان] وهذه المبانى يهدمها الله تعالى قبل يوم القيامة لقوله عز وجل: { وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزا- الكهف } وهذا قبل يوم القيامة لقوله تعالى{ وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامةأو معذبوها عذاباً شديدا كان ذلك فى الكتاب مسطورا- الاسراء } وكانت البداية بهدم برجى التجارة ببلاد عاد الآخرة

(21) : ومن أشراط الساعة: عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً:

[عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً) – رواه مسلم ]. وهذا حدث بالفعل حيث تفجرت عيوناً للماء داخل جززيرة العرب وأمطار غزيرة حولت مناطق فيها إلى اراضي زراعية .

[ قال الْمظهريُّ : (قيلَ: في زَمانٍ قَديمٍ كان أكثَرُ أرضِ العَرَبِ مُروجًا وصَحارى مُتَدَفِّقةً بالمياه، ذاتَ أشجارٍ وثِمارٍ، فتَبَدَّلَ العُمرانُ بالخَرابِ، والرِّيفُ بالتَّبابِ، والِاجتِماعُ بالِافتِراقِ، وذلك دَأبُ الله تعالى في البِلادِ والعِبادِ… «الْمُروجُ»: جَمعُ مَرْجٍ، وهو الرَّوضةُ) .

وقال ابنُ الْملكِ الكرمانيُّ: ( ((وحَتَّى تَعودَ أرضُ العَرَبِ مُروجًا)) أي: رياضًا ومَزارِعَ. ((وأنهارًا)): قيلَ: كانت أكثَرُ أراضيهم أوَّلًا مُروجًا وصَحارى ذاتَ مياهٍ وأشجارٍ، فخَرِبَت، ثُمَّ تَكونُ مَعمورةً باشتِغالِ النَّاسِ في آخِرِ الزَّمانِ بالعِمارةِ)   – الدرر السنية لعبد القادر السقاف ] .

(22): من أشراط الساعة: كثرة القتل

[ روى الإمام البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله قال: (لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج، قالوا: وما الهرج يارسول الله قال القتل القتل) وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيم قتل ولا المقتول فيم قتل، فقيل كيف يكون ذلك؟ قال الهرج القاتل والمقتول في النار)].

(23): فمن أشراطها مشاركة المرأة زوجها في التجارة:

[فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (بين يدي الساعة تسليم الخاصة وفشو التجارة حتى تشارك المرأة زوجها في التجارة) [رواه أحمد، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح] وهذا الشرط واقع حادث.

(24): ومن أشراطها: كثرة الزلازل:

[فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تكثر الزلازل)- رواه البخاري].

(25): ومن أشراطها ظهور الخسف والمسخ والقذف:

[ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يكون في آخر هذه الأمة خسف ومسخ وقذف) قالت: قلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟قال: (نعم إذا كثر الخبث) – رواه الترمذي ]، والخسف وقع في مواضع كثيرة في قديم الزمان وحديثه كثير وقد يدخل هذا الخسف في قوله تعالى قرب القيامة { وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِى الْكِتَابِ مَسْطُورًا- الإسراء } وهذا الهلاك هنا منه الخسف ولكن بواسطة صناعات سيصنعها البشر ويسلط الله تعالى بعضهم على بعض بظلمهم .

(26): ومن أشراط الساعة: ذهاب الصالحين

فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته من أهل الأرض، فيبقى عجاجة لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً) [رواه أحمد وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح]. وذهابهم بدأ بأمير المؤمنين ثم أهل بيت النبي وإلى الآن تتسلط الأمم بالداخل والخارج على إزالة دولتهم وآخر هذا الفعل قول ملك الأردن وجزيرة العرب نخشى من الهلال الشيعي وهو الأمتداد المذهبي ما بين إيران والعراق وسوريا وحزب الله بلبنان

(27): ومن أشراط الساعة : ارتفاع الأسافل، فيكون أمر الناس بيد السفهاء والأراذل ومجاهيل النسب:

[فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنها ستأتي على الناس سنون خداعة يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة، قال: السفيه يتكلم في أمر العامة) [رواه أحمد وقال أحمد شاكر: اسناده حسن].

(28): ومن أشراط الساعة: أن تكون التحية للمعرفة فقط أي لا يسلم أحد على أحد إلا إذا كان يعرفه:

[فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن من أشراط الساعة أن يسلم الرجل على الرجل لا يسلم عليه إلا للمعرفة) [رواه أحمد، وقال أحمد شاكر: إسناده حسن].

(29): ومن أشراط الساعة: صدق رؤيا المؤمن :

[ قال صلى الله عليه وآله إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا الرجل المسلم تكذب وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا – البخارى، ومسلم، وابن ماجه عن أبى هريرة-أخرجه البخارى (6/2574، رقم 6614)، ومسلم (4/1773، رقم 2263) وابن ماجه (2/1289 رقم 3917). وأخرجه أيضا: الدارمى (2/168، رقم 2144)، وابن حبان (13/404، رقم 6040)].

[وقال صلى الله عليه وآله إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءا من النبوة والرؤيا ثلاث فالرؤيا الصالحة بشرى من الله ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا مما يحدث المرء نفسه فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم وليتفل ولا يحدث بها الناس وأحب القيد فى النوم وأكره الغل، القيد ثبات فى الدين (أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذى عن أبى هريرة)أخرجه أحمد (2/507، رقم 10598)، مسلم (4/1773، رقم 2263)، وأبو داود (4/304، رقم 5019)، والترمذى (4/532، رقم 2270) وقال: حسن صحيح. وأخرجه أيضا: النسائى فى الكبرى (6/226، رقم 10746)، والدارمى (2/168، رقم 2143)، وابن ماجه (2/1285، رقم 3906)].

 (30): ومن أشراط الساعة: كثرة الكتابة وكثرة الكتب بكافة الأنواع ولا يزدادون من الله إلا بعداً وتفرقاً :

[عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن بين يدي الساعة ـ وذكر منها ـ ظهور القلم) – رواه أحمد وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح].

(31): ومن أشراط الساعة: انتفاخ الأهلة، وهو أن يرى الهلال لليلة فيقال لليلتين:

[عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة)- رواه الطبراني  حديث صحيح ].

(32): ومن أشراط الساعة: كثرة الكذب والتقول على الله تعالى ورشوله بغير علم:

[فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (سيكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم)- رواه مسلم].

(33): ومن أشراط الساعة: كثرة موت الفجأة وهو السكتة القلبيه:

[عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن من أمارات الساعة أن يظهر موت الفجأة) – رواه الطبراني في الصغير والأوسط وقال الألباني: حسن].

(34):  ومن أشراط الساعة ولادة الأمة لربتها فتكون البنت حاكمة على أمها:

[كما في الصحيحين لما قال النبي صلى الله عليه وسلم وآله لجبريل: (وسأخبرك عن أشراطها: إذا ولدت الأمة ربتها). ]

وقيل في معنى الحديث : اتساع الإسلام واستيلاء أهله على بلاد الشرط، فإذا ملك الرجل الجارية واستولدها كان الولد منها بمنزلة ربها، وهذا القول قول أكثر أهل العلم.

وقيل: أن تبيع السادة أمهات أولادها ويكثر ذلك فيتداول الملاك المستولدة حتى يشتريها أولادها ولايشعر بذلك.

وقيل: أن تلد الأمة حراً من غير سيدها يوطئ شبهة أو رقيقاً بنكاح أو زنا، ثم تباع الأمة في الصورتين بيعاً صحيحاً وتدور الأيدي حتى يشتريها ابنها أو بنتها.

وقيل: أن يكثر العقوق في الأولاد فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة والسب، قال ابن حجر: وهذا أوجه الأوجه عندي.

وقيل : أن الإماء تكون في آخر الزمان هنّ المشار إليهن بالحشمة فتكون الأمة تحت الرجل الكبير دون غيرها من الحرائر.

عَن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عَنه أنَّ جِبريل عليه السَّلامُ سَألَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: مَتى السَّاعةُ؟ قال: ((ما الْمَسؤولُ عَنها بأعلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وسَأخبِرُكَ عَن أشراطِها: إذا وَلدَتِ الأمَةُ رَبَّها، وإذا تَطاوَلَ رُعاةُ الإبلِ البُهْم في البُنيانِ، في خَمسٍ لا يَعلَمُهنَّ إلَّا اللهُ  )). ثُمَّ تَلا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الآيةُ .

قال الخَطابيُّ: (قَولُه: ((إذا ولدَتِ الأمَةُ رَبَّتَها))، مَعناه اتِّساعُ الإسلامِ واستيلاءُ أهلِه على بلادِ الكُفرِ، وسَبيُ ذَرارِيِّهم، فإذا مَلَكَ الرَّجُلُ الجاريَةُ مِنهم فاستَولَدَها كان الوَلَدُ مِنها بمَنزِلةِ رَبِّها؛ لأنَّه وَلَدُ سَيِّدِها) .

وقال الأصبَهانيُّ: (قَولُه: أن تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَها، يَعني أن يَكثُرَ أولادُ السَّراريِّ، وقَد كانوا في الِابتِداءِ يَرغَبونَ في أولادِ الحَرائِرِ، وقَلَّ مَن يَتَّخِذُ مِنهم السُّرِّيَّةَ) .

وقال النَّوَويُّ: (قال الأكثَرونُ مِنَ العُلَماءِ: هو إخبارٌ عَن كثرةِ السَّراريِّ وأولادِهِن؛ فإنَّ ولَدَها من سَيِّدِها بمَنزِلةِ سَيِّدِها؛ لأنَّ مالَ الإنسانِ صائِرٌ إلى ولَدِه، وقَد يَتَصَرَّفُ فيه في الحالِ تَصَرُّفَ الْمالِكين إمَّا بتَصريحِ أبيه لَه بالإذْنِ، وإمَّا بما يَعلَمُه بقَرينةِ الحالِ أو عُرفِ الِاستِعمالِ.
وقيلَ: مَعناه أنَّ الإماءَ يَلِدْنَ الْمُلوكَ فتَكونُ أمُّه من جُملةِ رَعيَّتِه وهو سَيِّدُها وسَيِّدُ غَيرِها من رَعيَّتِه، وهذا قَولُ إبراهيمَ الحَربيِّ.

وقيلَ: مَعناه أن تَفسُدَ أحوالُ النَّاسِ فيَكثُرَ بَيعُ أمَّهاتِ الأولادِ في آخِرِ الزَّمانِ فيَكثُرَ تَرْدادُها في أيدي الْمُشتَرين حَتَّى يَشتَريَها ابنُها ولا يَدري، ويَحتَمِلُ على هذا القَولِ أنْ لا يَختَصَّ هذا بأمَّهاتِ الأولادِ؛ فإنَّه مُتَصَوَّرٌ في غَيرِهنَّ، فإنَّ الأمَةَ تَلِدُ ولَدًا حُرًّا من غَيرِ سَيِّدِها بشُبهةٍ أو ولَدًا رَقيقًا بنِكاحٍ أو زِنًا، ثُمَّ تُباعُ الأمَةُ في الصُّورَتين بيعًا صَحيحًا وتَدورُ في الأيدي حَتَّى يَشتَريَها ولَدُها، وهذا أكثَرُ وأعَمُّ من تَقديرِه في أمَّهاتِ الأولادِ) .

وقال الْمظهريُّ: (فإنْ قيلَ: هذا الشَّيءُ قَد كان قَبلَ النَّبيِّ عليه السَّلامُ، فإنَّ إبراهيمَ عليه السَّلامُ خَليلَ الله وطِئَ أمَتَه هاجَرَ، ووَلَدَت إسماعيلَ صَلَواتُ الله عليهم، فكَيفَ يَكونُ هذا من عَلاماتِ القيامةِ؟ قُلنا: صَيرورةُ الجاريَةِ الَّتي هَذِه صِفَتُها أمَّ الوَلَدِ وعِتْقُها بَعدَ مَوتِ السَّيِّدِ من عَلاماتِ القيامةِ، لا مُجَرَّدُ وِلادةِ الأمَة من سَيِّدِها ولَدًا؛ لأنَّه لَم يَكُن قَبلَ نَبِينا عليه السَّلامُ وإلى مُدَّةٍ من أوَّلِ الإسلامِ عِتْقُ أمِّ الوَلَدِ، بَل جازَ في أوَّلِ الإسلامِ بيعُ أمَّهاتِ الأولادِ، ثُمَّ حَكمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعِتْقِ أمَّهاتِ الأولادِ بَعدَ مَوتِ سادَتِهِنَّ، ونَهى عَن بيعِهِنَّ.

وقال ابنُ رَجَبٍ: (الْمُرادُ برَبَّتِها سَيِّدَتُها ومالِكَتُها، وفي حَديثِ أبي هُرَيرةَ: ((رَبَّها))، وهَذِه إشارةٌ إلى فتحِ البِلادِ، وكَثرةِ جَلبِ الرَّقيقِ حَتَّى تَكثُرَ السَّراريُّ، ويَكثُرَ أولادُهُنَّ، فتَكونَ الأمَةُ رَقيقةً لسَيِّدِها وأولادُه مِنها بمَنزِلَتِه، فإنَّ وَلَدَ السَّيِّدِ بمَنزِلةِ السَّيِّدِ، فيَصيرُ وَلَدُ الأمَةِ بمَنزِلةِ رَبِّها وسَيِّدِها… وقَد فُسِّرَ قَولُه: ((تَلِد الأمَةُ رَبَّتَها)) بأنَّه يَكثُرُ جَلبُ الرَّقيقِ، حَتَّى تُجْلَبَ البِنتُ، فتُعتَقَ، ثُمَّ تُجلَبَ الأمُّ فتَشتَريها البِنتُ وتَستَخدِمها وهيَ جاهِلةٌ بأنَّها أمُّها، وقَد وقَعَ هذا في الإسلامِ. وقيلَ: مَعناه أنَّ الإماءَ تَلِدْنَ الْمُلوكَ) .

وقال ابنُ حَجَرٍ: (قَدِ اختَلَفَ العُلَماءُ قَديمًا وحَديثًا في مَعنى ذلك. قال ابنُ التين: اختُلِفَ فيه على سَبعةِ أوجُهٍ، فذَكرَها لَكِنَّها مُتَداخِلةٌ، وقَد لَخَّصتُها بلا تَداخُلٍ، فإذا هيَ أربَعةُ أقوالٍ… الرَّابِعُ: أن يَكثُرَ العُقوقُ في الأولادِ، فيُعامِلُ الوَلَدُ أمَّه مُعامَلةَ السَّيِّدِ أمَتَه مِنَ الإهانةِ بالسَّبِّ والضَّربِ والِاستِخدامِ، فأُطلِقَ عليه رَبُّها مُجازًا لذلك، أوِ الْمُرادُ بالرَّبِّ الْمُرَبي، فيَكونُ حَقيقةً، وهذا أوجَهُ الأوجُهِ عِندي لعُمومِه، ولِأنَّ الْمَقامَ يَدُلُّ على أنَّ الْمُرادَ حالةٌ تَكونُ مَعَ كونِها تَدُلُّ على فسادِ الأحوالِ مُستَغرَبةً ومُحَصِّلُه الإشارةُ إلى أنَّ السَّاعةَ يَقرُبُ قيامُها عِندَ انعِكاسِ الأمورِ، بحَيثُ يَصيرُ الْمُرَبَّى مُرَبِّيًا والسَّافِلُ عاليًا، وهو مُناسِبٌ لقَولِه في العَلامةِ الأخرى: أن تَصيرَ الحُفَاةُ مُلوكَ الأرضِ) – الدرر السنية لعلوي بن عبد القادرالسقاف ]  .

(35): ومن أشراط الساعة: كثرة المطر وقلة النبات:

[عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يمطر الناس مطراً عاماً ولا تنبت الأرض شيئأ) – رواه أحمد، وقال الهيثمي: رجاله ثقات]. وهذا بالفعل يحدث الآن أمطار وسيول عظيمة في شرق الأرض وغربها وأزمة غذاء عالمي .

(36) : ومن أشراط الساعة: كلام السباع والجمادات الإنس وهذا من الإكتشافات:

[عن أبي هريرة رضي الله عنه في قصة الراعي الذي تكلم معه الذئب ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره بذلك فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: (إنها أمارة من أمارات بين يدي الساعة، قد أوشك الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى تحدثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهله بعده) – رواه أحمد، وقال أحمد شاكر صحيح].

 (37): ومن أشراط الساعة: تمني الموت من شدة البلاء:

[عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه) – رواه البخاري].

(38): كثرة القتل وظهور الزينة وعلو البنيان:

قال عليه الصلاة والسلام وآله: (لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن، ويكثر الكذب، وتتقارب الأسواق، ويتقارب الزمان، ويكثر الهرج، قلت: وما الهرج؟ قال القتل) رواه أحمد في مسنده وصححه عن أبي هريرة] [وقال عليه الصلاة والسلام وآله: (ما أنتم إذا مرج الدين، وسفك الدماء، وظهرت الزينة، وشَرُفَ البنيان) – ومرج الدين أي اختلط رواه الطبراني في الكبير عن ميمونة أم المؤمنين]

(39): ومن أشراط الساعة: فتح القسطنطينية

[عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟ قالوا: نعم يا رسول الله قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق، فإذا جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها ـ قال ثور: لا أعلمه إلا قال الذي في البحر ـ ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولوا الثالثة: لا إله إلا الله والله أكبر فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا فبينما هم يقتسمون المغانم إذ جاءهم الصريخ فقال: إن الدجال قد خرج فيتركون كل شيء ويرجعون) – رواه مسلم]. وهذا قد حدث في فتح القسطنطينية وهى تركيا الآن.

(40): ومن أشراط الساعة: نفي المدينة لشرارها وهى هجرةأهل الجزيرة لبلاد الروم والدجال لما عندهم من الزنا والفجور:

[وخرابها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (تتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي، يريد عوافي السباع والطير) [رواه البخاري].

(41): ومن أشراط الساعة: استحلال البيت الحرام وهدم الكعبة

[عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة ويسلبها حليتها ويجردها من كسوتها، ولكأني أنظر إليه أصلع أقيدع يضرب عليها بمسحاته ومعوله) – رواه أحمد بإسناد صحيح]. وهذا قد يحدث من جراء إنتشار التنصير بالقارة الأفريقية السوداء وقد يقومون بنفس عمل إبرهة وبتحريض من الدجال الأكبر عند ما يترك المسلمون العمل بكتاب ربهم وولاية أهل بيت نبيهم

(42): ومن أشراط الساعة: ظهور المهدي المنتظر الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف:

[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام..))]

(43): تنصيب الاوثان بالميادين من علامات الساعة:

[وقال صلى الله عليه وآله إن من أشراط الساعة أن تنصب الاوثان – الفتن والملاحم ج1ص96] وهذه الاوثان لعظماء من الكتاب والزعماء والمفكرين الذين تركوا علماً يدرس بالجامعات وبالتالى تمت العبادة للاوثان بنظريات داخل الجامعة بعلوم إما علم لاينفع وجهل لايضر أو علوماً تتعارض وشرع الله إن كانت علوم دينية لاتدعو لولاية الله الحق بل أراء كما بينا ويبين صلى الله عليه وآله أن النساء أصبحن كاسيات عاريات مائلات مميلات كما هو معلوم يتبخترن حول هذه الأصنام [وقال صلى الله عليه وآله لاتقوم الساعة حتى تضطرب إليات النساء حول الأصنام – مصنف ابن أبى شيبةج15 /ص53رقم 19013] [وقال صلى الله عليه وآله ايضاً كأنى بالنساء فهر يظعن بالخروج يصطفق إلياتهن مشركات- الفتن والملاحم ج1/ابن كثير] ويظعن اى يخرجن ويتحركن وتصطفق إلياتهن أى تهتز وترتج.

 

 (44): فساد العلماء:

[قال صلى الله عليه وآله فيهم… وتقوم الخطباء بالكذب فيحلون حقي لشرار امتي فمن صدقهم بذلك لم يرح رائحة الجنة – الطبراني ومنتخب كنز العمال ج6/ص16].

[ويقول صلى الله عليه وآله… يظهر قراء عبادتهم التلاوم بينهم أولائك الذين يسمون في ملكوت السماء بالأنجاس الأرجاس – الأشاعة للبرزنجيص75-81] والتلاوم أي دينهم لا يقوم إلا على مهاجمة غيرهم وملامتهم والإنتقاص من إخوانهم في الدين قال تعالى لبيان هذا اللفظ(فلا تلوموني ولوموا أنفسكم- إبراهيم) [وقال صلى الله عليه وآله يوشك أن لا يبقى من الإسلام إلا إسمه ومن القرآن إلا رسمه مساجدهم عامرة وهى خراب من الهدى علماؤهم شر من تحت أديم السماء فيهم الفتنة خرجت وإليهم تعود – يوم الخلاص لكامل سليمان.طبيروت ص484].

 

 (45): لن يقوم أحد دينه آخر الزمان إلا بالمال:

[قال صلى الله عليه وآله يوشك أن يقوم أحدكم دينه إلا بالدرهم والدينار – الجامع الصغير للسيوطى باب الياء] ولما يملك الدنيا الدجال يخير الناس بين العجز والفجوركما[قال رسول الله صلى الله عليه وآله سيأتى على أمتى زمان يخير فيها العبد بين العجز والفجور فمن أدرك منكم ذلك الزمان فليختر العجز على الفجور- الجامع الصغير للسيوطى باب السين].

 

(46) قبل الساعة سنون خداعة:

[قال الإِمام أحمد في مسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: “إن أمَامَ الدجال سنين خِداعةً يَكْذبُ فيها الصادقُ ويُصدق فيها الكاذب، فيَخُون فيها الأمينُ ويُؤتَمَنُ فِيها الخائِنُ، ويتكلم فيها الرُّوَيْبِضةُ قيل وما الرُّوَيْبِضَةُ? قال الْفُوَيْسِق يتكلم في أمر العامة” وهذا إسناد جيد. تفرّد به أحمد من هذا الوجه. – مسند أحمد والفتن والملاحم بن كثير ج1].

 

  • تسلط الأشرار على خيار الأمة إن تركوا شرع الله تعالى:

وقال الترمذي: حدثنا موسى بن عبد الرحمن الكندي، حدثنا زيد بن الحباب، أخبرني موسى بن عبيدة، أخبرني عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: “إذا مَشَتْ أمَّتي الْمَطيْطَى وجَرَفَهَا ابناءُ الملوك فارسُ والرومُ سلط اللَّهُ شرارَها على خيارِها”.- الترمذي والفتن والملاحم بن كثير ج1].

 

  • السلطة بيد منافقين والسوق يحكمها الفجار:
[عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله: إن من أعلام الساعة وأشراطها: أن يسود كل قبيلة منافقوها، وكل سوق فُجارها – رواه الطبراني. ومعناه: أن يترأس الناس منافقون، وأن يتحكم في المال والأسواق الفساق قليلوا الدين.

 

 (49)  شرطة آخر الزمان:

[قال الإِمام أحمد حدثنا أبو عامر، حدثنا أفلح بن سعيد الأنصاري شيخ من أهل قباء من الأنصار، حدثني عبد الله بن رافع مولى أم سلمة قال: سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: “إِنْ طالت بكم مدَّةٌ أوْشَكَ أن تُدْنِيَ قَوْماً يَغدُونَ في سَخَطِ اللَّهِ ويَرُوحون في الفتنة في أيديهم مثل أذناب البقر”.- رواه أحمد والفتن والملاحم بن كثير ج1]. وهؤلاء هم شرطة آخر الزمان ورجال الأمن فيها إلا من رجم الله وقليل ماهم لقوله صلى الله عليه وآله في حديث آخر يبين هذا الحديث [” سيكون في آخر الزمان شرطة يغدون في غضب الله ويروحون في سخط الله فإياك أن تكون من بطانتهم- الجامع الصغير للسيوطي].و[عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن من أعلام الساعة أشراطها: أن تكثر الشُّرَط، والهمَّازون، والغمَّازون، واللمَّازون، وان يكثر أولاد الزنا- رواه الطبراني. والشرط: العساكر وأعوان السلطان].

 

(50) إنتشار المال الحرام وندرة الأخ الصادق في الله تعالى:

[قال صلى الله عليه وآله: [لا تقوم الساعة حتى يعز الله فيه ثلاثا‏:‏ درهما من حلال، وعلما مستفادا، وأخا في الله عز وجل‏.‏ ‏(‏الديلمي – عن حذيفة‏‏‏. كنز العمال ‏ 38600].

[لا تقوم الساعة حتى تناكر القلوب ويختلف الأقاويل ويختلف الإخوان من الأب والأم في الدين‏.‏ ‏(‏الديلمي – عن حذيفة‏)‏‏.كنز العمال‏ 38597].

(51) انتشار الشذوذ:

[وعن حذيفة وعلي رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن من أعلام الساعة ووأشراطها: أن يكتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء- رواه الطبراني عن ابن مسعود] وهو دلالة على انتشار عمل قوم ُّواط في الرجال، وكثرة السِّحاق في النساء ويقول صلى الله عليه وآله:[لا تقوم الساعة حتى يتغاير على الغلام كما يتغاير على المرأة‏.‏- ‏ (‏الديلمي – عن أبي هريرة‏)‏‏.كنز العمال‏ 38598].ويقول صلى الله عليه وآله: [لا تقوم الساعة حتى ترضح رؤس أقوام بكواكب من السماء باستحلالهم عمل قوم لوط‏.‏ – ‏(‏الديلمي – عن ابن عباس‏)‏‏.‏ كنز العمال 38599].

 

(52): ظهور البترول ببلاد العرب واستخراج المعادن وفى تلك الازمان:

يسكنها شرار الناس وبالطبع بعد طرد أهل البيت منها: [قال صلى الله عليه وآله تخرج معان مختلفة منها معدن قريب من الحجاز يأتيه شرار الناس، وشرار الناس لأن المشرف على استخراجه وتعدينه هم اليهود وعاد الآخرة واستخدموا عائد هذا المعدن فى هدم الإسلام حتى يقول ناصر السعيد فى كتابه تاريخ آل سعود إن بقاء اسرائيل بفلسطين مرهون ببقاء أسرة آل سعود- تاريخ آل سعود][وروي عن أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه أنه ذهب بسرية من الجيش مع بعض أصحابه في منطقة الظهران في الحجاز. فوقف في مكان فيه الرمل، فجعل يجر الرمل وينحيه وينظر في الأرض ما تحت الرمل.فقال له بعض أصحابه: لماذا تفعل ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال (عليه السلام): إن في هذا المكان عينا من النفط. قيل: وما هو النفط؟ قال (عليه السلام): عين تشبه الزيت، لو أخرجتها من هذا المكان لأغنيت جميع العرب منها – بيان الأئمة للوقائع الغريبة لزين العابدين النجفي ج1/ص351]. [وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ستكون معادن يحضرها شرار الناس) رواه أحمد في مسنده من حديث رجل من بني سليم][وقال عليه الصلاة والسلام وآله: (لا تقوم الساعة حتى تظهر معادن كثيرة لا يسكنها إلا أراذل الناس) رواه الطبراني في ألوسط من حديث أبي هريرة]و ليس الاشتغال بصناعة المعادن حراماً، فقد بين الله أن هذا من العلم الذي علّمه الله الأنبياء، فقال عن داوود عليه السلام: (وألنا له الحديد) وقال عن ذي القرنين (ءاتوني أفرغ عليه قطرا) وقال تعالى في داوود عليه السلام (وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم) ولقد امتن الله على داوود وسليمان عليهما السلام بما وهبهما الله من علم قائلاً سبحانه وتعالى (ولقد آتينا داود وسليمان علماً) ولكن الحرام هنا والعلة أن كل هذه الصناعات والتكنولوجيا المستخرجة من هذه المعادن استخدمها أعداء الله في ضرب المسلمين وإبادتهم ولذلك جائت سيرتها على أنها من علامات الساعة.

(53)  : قتال اليهود من علامات الساعة :

[روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله أنه قال: (تُقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم حتى يقول الحجر: يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله) رواه مسلم في صحيحه عن ابن عمر][وقال عليه الصلاة والسلام وآله: (تقاتلون اليهود حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر فيقول: يا عبد الله هذا يهودي ورائي فاقتله – رواه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر، وروى غيره من علماء الحديث]

 

وبدأت هذه الحرب مع بداية تكوين دولتهم وتقسيم العالم العربي في اتفاقيتي سايكس بيكو وسان ويمو سنة 1936 ثم احتلالهم لفلسطين سنة 1948 ومن حينها بدأالجهاد ضد اليهود حتى زوالهم ونطق الحجر قائلاً يامسلم تعالى ورائي يهودياً فاقتله كما أخبر المصطفى بذلك صلى الله عليه وآله وما حدث ذلك إلا بعصيان المسلمين لله تعالى والخروج على ولايته الحق [كما جاء في الحديث الذي رواه ابن إسحاق بن بشر وابن عساكر كما في (كنز العمال) عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال عن الدجال اليهودي: (وتكون آية خروجه تركهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتهاونهم بالدماء، إذا ضيّعوا الحكم، وأكلوا الربا، وشيّدوا البناء وشربوا الخمر، واتخذوا القيان، ولبسوا الحرير، وأظهروا بزة آل فرعون، ونقضوا العهد وتفقهوا لغير الدين، وزينوا المساجد، وخرّبوا القلوب، وقطعوا الأرحام، وكثرت القراء، وقلت الفقهاء، وعُطلت الحدود، وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال وتكافى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، بعث الله عليهم الدجال فسُلِط عليهم) قال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (فعند ذلك ينزل أخي عيسى بن مريم، وينزل عيسى عليه السلام – في صف المسلمين المجاهدين الذين يجاهدون الدجال واليهود ويقاتلوهم، فَيُقتَل الدجال ويدخل الناس جميعاً في دين الله ولا يبقى على وجه الأرض أحد إلا دخل الإسلام)] و[ روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لتُقاتلن المشركين، حتى يقاتل بقيتكم الدجال على نهر الأردن أنتم شرقيه وهم غربيه) قال راوي الحديث: ولا أدري أين الأردن يومئذ من الأرض. رواه البزار بسند حسن والطبراني].

 

(54): هلاك الروم مع الساعة (فهل بدأ بحرب أوكرانيا الآن) :

[ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ الْمُسْتَوْرِدَ قَالَ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقُلْتُ لَهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم وآله – يَقُولُ « أَشَدُّ النَّاسِ عَلَيْكُمُ الرُّومُ وَإِنَّمَا هَلَكَتُهُمْ مَعَ السَّاعَةِ ». فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو أَلَمْ أَزْجُرْكَ عَنْ مِثْلِ هَذَا. مسند أحمد – مسند الشاميين  حديث المستورد بن شداد (حديث رقم: 18023 ].

 

(55): خروج الدجال من جهة أقصى الغرب :

[ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى غَزْوَةٍ – قَالَ – فَأَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم وآله – قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصُّوفِ فَوَافَقُوهُ عِنْدَ أَكَمَةٍ فَإِنَّهُمْ لَقِيَامٌ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَاعِدٌ – قَالَ – فَقَالَتْ لِى نَفْسِى ائْتِهِمْ فَقُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ لاَ يَغْتَالُونَهُ – قَالَ – ثُمَّ قُلْتُ لَعَلَّهُ نَجِىٌّ مَعَهُمْ. فَأَتَيْتُهُمْ فَقُمْتُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ – قَالَ – فَحَفِظْتُ مِنْهُ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ أَعُدُّهُنَّ فِى يَدِى قَالَ « تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ ». قَالَ فَقَالَ نَافِعٌ يَا جَابِرُ لاَ نَرَى الدَّجَّالَ يَخْرُجُ حَتَّى تُفْتَحَ الرُّومُ. مسلم7466]

وهذا الحديث فيه بعد تاريخي وجغرافي يبين أن فتح فارس كان أولاً ثم الروم ونهايتها شواطؤ أسبانيا وفرنسا والدجال بعد ذلك في إشارة إلى أن الدجال هو الصهيوني الأكبر الذي خرج من بريطانيا وأمريكا كما سنبين فيما بعد.

 

(56): قتال الدجال على نهر الأردن :

وهنا يقاتلهم المسلمون في آخر المطاف وبعد حماية لهم طويلة منذ تأسيسها [ يقول صلى الله عليه وآله (تقاتلون الدجال أنتم شرقي نهر الأردن وهم غربه- الفتن والملاحم بن كثير ج1)]

 

(57)  لا تقوم الساعة إلا والروم أكثر من العرب لأنهم سيهلكونهم بالأستعمار والحروب:

-[ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِىٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ الْفِهْرِىِّ أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ. فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَبْصِرْ مَا تَقُولُ. قَالَ أَقُولُ لَكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم وآله – فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِنْ قُلْتَ ذَاكَ إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالاً أَرْبَعاً إِنَّهُمْ لأَسْرَعُ النَّاسِ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ وَإِنَّهُمْ لَخَيْرُ النَّاسِ لِمِسْكِينٍ وَفَقِيرٍ وَضَعِيفٍ وَإِنَّهُمْ لأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ وَالرَّابِعَةُ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ وَإِنَّهُمْ لأَمْنَعُ النَّاسِ مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ.- المسند وصحيح مسلم 18509].

 

(58) : الطمع في ثروة العراق بعد انحساره على كنز فيه من الذهب يسبب حروب كبيرة وهو الذهب الأسود والنفط الذي أخبرنا عنه النبي صلى الله عليه وآله ثم أمير المؤمنين كرم الله وجهه (ع):

ولهذا الطمع يخبرنا بن مسعود أن أول بلد يقرعه الدجال هم أهل العراق[عن بن مسعود قال: إني لأعلم أول بيت يقرعهم الدجال أنتم أهل الكوفه- منتخب كنز العمال] والكوفة تم قرعها من قبل عدة مرات آخرها الغزو الأمريكي وكأن الدجال لايعرف إلا بغزوه للعراق موطن مراقد الأئمة ولذلك غزاها الوهابية في القرن الثامن عشر بعد ثورتهم المعروفة فقتلوا في العراقيين مقتلة عظيمة وسلبوهم ودمروا المشاهد والضرحة ثم ولوا مدبرين إلى بلدانهم.

[وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم وآله – « يَحْسِرُ الْفُرَاتُ – أَوْ لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ – عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ فَيَقْتَتِلَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَيُقْتَلَ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ ». يَا بُنَىَّ فَإِنْ أَدْرَكْتَهُ فَلاَ تَكُونَنَّ مِمَّنْ يُقَاتِلُ – المسند][حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم وآله – « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ فَيَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ تِسْعَةٌ ». بن ماجه] و[حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِىُّ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَدِّهِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم وآله – « يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَهُ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا ». تحفة 12263- الفتن – البخاري] [حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ وَأَبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِىُّ – وَاللَّفْظُ لأَبِى مَعْنٍ – قَالاَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ كُنْتُ وَاقِفًا مَعَ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ فَقَالَ لاَ يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفَةً أَعْنَاقُهُمْ فِى طَلَبِ الدُّنْيَا. قُلْتُ أَجَلْ. قَالَ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم وآله – يَقُولُ « يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ فَإِذَا سَمِعَ بِهِ النَّاسُ سَارُوا إِلَيْهِ فَيَقُولُ مَنْ عِنْدَهُ لَئِنْ تَرَكْنَا النَّاسَ يَأْخُذُونَ مِنْهُ لَيُذْهَبَنَّ بِهِ كُلِّهِ قَالَ فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيْهِ فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ ». قَالَ أَبُو كَامِلٍ فِى حَدِيثِهِ قَالَ وَقَفْتُ أَنَا وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ فِى ظِلِّ أُجُمِ حَسَّانَ. مسلم].

[حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ – يَعْنِى ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِىَّ – عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ يَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَيَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ لَعَلِّى أَكُونُ أَنَا الَّذِى أَنْجُو ». مسلم].

 

(59): هلاك العراق وخراب الشام:

 

[حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ – وَاللَّفْظُ لِعُبَيْدٍ – قَالاَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ مَوْلَى خَالِدِ بْنِ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم وآله – « مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا وَمَنَعَتِ الشَّأْمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ ». شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِى هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ. مسلم]

 

(60): خروج الدجال بين خلة فيما بين العراق والشام فيفسد يمينا ويساراً ويمر على الأرض فيخرج كنوزها ويمد الخواصر وأيامة السنة كالشهر:

 

[حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبُو الْعَبَّاسِ الدِّمَشْقِىُّ بِمَكَّةَ إِمْلاَءً قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ الطَّائِىُّ قَاضِى حِمْصَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِىُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلاَبِىَّ قَالَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِى طَائِفَةِ النَّخْلِ فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِى وُجُوهِنَا فَسَأَلْنَاهُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرَْتَ الدَّجَّالَ الْغَدَاةَ فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِى طَائِفَةِ النَّخْلِ. قَالَ « غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ مِنِّى عَلَيْكُمْ فَإِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إِنَّهُ شَابٌّ جَعْدٌ قَطَطٌ عَيْنُهُ طَافِيَةٌ وَإِنَّهُ يَخْرُجُ خِلَّةً بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ فَعَاثَ يَمِيناً وَشِمَالاً يَا عِبَادَ اللَّهِ اثْبُتُوا ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لُبْثُهُ فِى الأَرْضِ قَالَ « أَرْبَعِينَ يَوْماً يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِى هُوَ كَسَنَةٍ أَيَكْفِينَا فِيهِ صَلاَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ قَالَ « لاَ اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا إِسْرَاعُهُ فِى الأَرْضِ قَالَ كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ. قَالَ فَيَمُرُّ بِالْحَىِّ فَيَدْعُوهُمْ فَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ وَالأَرْضَ فَتُنْبِتُ وَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ وَهِىَ أَطْوَلُ مَا كَانَتْ ذُرًى وَأَمَدُّهُ خَوَاصِرَ وَأَسْبَغُهُ ضُرُوعاً وَيَمُرُّ بِالْحَىِّ فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَتَتْبَعُهُ أَمْوَالُهُمْ فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَىْءٌ وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا أَخْرِجِى كُنُوزَكَ فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ. قَالَ وَيَأْمُرُ بِرَجُلٍ فَيُقْتَلُ فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جِزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ إِلَيْهِ يتَهَلَّلُ وَجْهُهُ – قَالَ – فَبَيْنَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِىَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ وَاضِعاً يَدَهُ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ فَيَتْبَعُهُ فَيُدْرِكُهُ فَيَقْتُلُهُ عِنْدَ بَابِ لُدٍّ الشَّرْقِىِّ – قَالَ – فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَم أَنِّى قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَاداً مِنْ عِبَادِى لاَ يَدَانِ لَكَ بِقِتَالِهِمْ فَحَوِّزْ عِبَادِى إِلَى الطُّورِ. فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) فَيَرْغَبُ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُرْسِلُ عَلَيْهِمْ نَغَفاً فِى رِقَابِهِمْ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَيَهْبِطُ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ فَلاَ يَجِدُونَ فِى الأَرْضِ بَيْتاً إِلاَّ قَدْ مَلأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ فَيَرْغَبُ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُرْسِلُ عَلَيْهِمْ طَيْراً كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ». قَالَ ابْنُ جَابِرٍ فَحَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ السَّكْسَكِىُّ عَنْ كَعْبٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ « فَتَطْرَحُهُمْ بِالْمُهَبَّلِ ». قَالَ ابْنُ جَابِرٍ فَقُلْتُ يَا أَبَا يَزِيدَ وَأَيْنَ الْمُهَبَّلُ قَالَ مَطْلَعُ الشَّمْسِ. قَالَ « وَيُرْسِلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَطَراً لاَ يَكُنُّ مِنْهُ بَيْتُ وَبَرٍ وَلاَ مَدَرٍ أَرْبَعِينَ يَوْماً فَيَغْسِلُ الأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَقَةِ وَيُقَالُ لِلأَرْضِ أَنْبِتِى ثَمَرَتَكِ وَرُدِّى بَرَكَتَكِ. قَالَ فَيَوْمَئِذٍ يَأْكُلُ النَّفَرُ مِنَ الرُّمَّانَةِ وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا وَيُبَارَكُ فِى الرِّسْلِ حَتَّى إِنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإِبِلِ لَتَكْفِى الْفِئَامَ مِنَ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْبَقَرِ تَكْفِى الْفَخِذَ وَالشَّاةَ مِنَ الْغَنَمِ تَكْفِى أَهْلَ الْبَيْتِ – قَالَ – فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رِيحاً طَيِّبَةً تَحْتَ آبَاطِهِمْ فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُسْلِمٍ. أَوْ قَالَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ تَهَارُجَ الْحَمِيرِ وَعَلَيْهِمْ أَوْ قَالَ وَعَلَيْهِ تَقُومُ السَّاعَةُ ». المسند]. وهذا الخراب شرقاً وغرباً هنا يبدأ باحتلال العراق كما هو الحال الآن وتربص الدجال بكلاً من سوريا وإيران فهو يدبر ليعيث فساداًبشرق الأرض وغربها وإذا أراد الله ذلك كان نزول الروم بالأعماق وقد بدأ نزولهم بإسم قوات اليونيفيل التي تشرف على تطبيق الفتن وترصد خط سيرها بلبنان والإستعداد للإنقضاض على حزب الله والقضاء على الحكومة السورية وإعادة تقسمها بضم دمشق لإسرائيل الكبرى لأنها كما سنبين أحد المدن التي يعتبرونها ضمن مملكة بني إسرائيل وأحاديث نزول الروم نذكرها هنا بهذا الموضع.

 

(61) : نزول الروم بدابق والأعماق بالشام بعد أن يعيس فساداً شرقاً وغربا :

[حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقَ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتِ الرُّومُ خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ. فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ لاَ وَاللَّهِ لاَ نُخَلِّى بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا. فَيُقَاتِلُونَهُمْ فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لاَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لاَ يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطُنْطِينِيَّةَ فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِى أَهْلِيكُمْ. فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَأَمَّهُمْ فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِى الْمَاءِ فَلَوْ تَرَكَهُ لاَنْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِى حَرْبَتِهِ ». مسلم 7460]

وعن دخول إسرائيل الحرب مع أهل الأردن وقت تحوله للدين وحظيرة المسلمين [ يقول صلى الله عليه وآله (تقاتلون الدجال أنتم شرقي نهر الأردن وهم غربه- الفتن والملاحم بن كثير ج1)] .

[عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (إن الساعة لا تقوم، حتى لا يقسم ميراث، ولا يفرح بغنيمة، ثم قال بيده هكذا (ونحاها نحو الشام) فقال: عدو يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام. قلت: الروم تعني؟ قال: نعم. وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة. فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة. فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يمسوا، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، فإذا كان يوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام فيجعل الله الدبرة عليهم فيقتلون مقتلة – إما قال لا يرى مثلها، وإما قال لم ير مثلها – حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم، فما يخلفهم حتى يخر ميتاً. فيتعاد بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد فبأي غنيمة يفرح؟ أو أي ميراث يقاسم؟ فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك فجاءهم الصريخ: إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم، فيرفضون ما في أيديهم ويقبلون فيبعثون عشرة فوارس طليعة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إني لأعرف أسمائهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ، أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ) – رواه مسلم ] .

(62) : الدجال الأمريكي وحروب الشام :

 

[حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَعَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ كِلاَهُمَا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ – وَاللَّفْظُ لاِبْنِ حُجْرٍ – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ الْعَدَوِىِّ عَنْ يُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى إِلاَّ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ جَاءَتِ السَّاعَةُ. قَالَ فَقَعَدَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ إِنَّ السَّاعَةَ لاَ تَقُومُ حَتَّى لاَ يُقْسَمَ مِيرَاثٌ وَلاَ يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ. ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا – وَنَحَّاهَا نَحْوَ الشَّأْمِ – فَقَالَ عَدُوٌّ يَجْمَعُونَ لأَهْلِ الإسلام وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الإسلام. قُلْتُ الرُّومَ تَعْنِى قَالَ نَعَمْ وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمُ الْقِتَالِ رَدَّةٌ شَدِيدَةٌ فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ فَيَفِىءُ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ فَيَفِىءُ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا فَيَفِىءُ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الرَّابِعِ نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الإسلام فَيَجْعَلُ اللَّهُ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً – إِمَّا قَالَ لاَ يُرَى مِثْلُهَا وَإِمَّا قَالَ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا – حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِمْ فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيْتًا فَيَتَعَادُّ بَنُو الأَبِ كَانُوا مِائَةً فَلاَ يَجِدُونَهُ بَقِىَ مِنْهُمْ إِلاَّ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ فَبِأَىِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ أَوْ أَىُّ مِيرَاثٍ يُقَاسَمُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ فَجَاءَهُمُ الصَّرِيخُ إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِى ذَرَارِيِّهِمْ فَيَرْفُضُونَ مَا فِى أَيْدِيهِمْ وَيُقْبِلُونَ فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنِّى لأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ أَوْ مِنْ خَيْرِ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ ». قَالَ ابْنُ أَبِى شَيْبَةَ فِى رِوَايَتِهِ عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ- مسلم].

وهؤلاء حربهم ستكون مع المسلمين في ذلك الزمان وسيكون فيهم أهل فارس المسلمون لما روى عب المصطفى صلى الله عليه وآله [حدثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي عمرو عن بن محيريز قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم فارس نطحة أو نطحتان ثم لا فارس بعدها أبدا والروم ذات القرون كلما هلك قرن خلف مكانه قرن أهل صخر وأهل بحر هيهات لآخر الدهر هم أصحابكم ما كان في العيش خير باب في الخوارج أهل البغي وقتالهم – مسند الحارث زوائد الهيثمي] وفي القرآن مايشير لهذه الملاحم كما في قوله تعالى (غلبت الروم وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سينين- الروم) والآية وإن كانت نزلت في المرحلة المكية إلا أن إعجاز القرآن ينبئ بحدث وقع في حينه وسيتكرر آخر الزمان مع إخفاء إسم أهل فارس لأنهم آخر الزمان سيتحولون إلى الإسلام ولذلك ينزل فيهم قوله تعالى (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم- الجمعة) قالوا من يارسول الله قال قوم من فارس والله لو كان الإيمان بالثرايا لتناوله رجال من آل فارس .. وسيخرج إليهم جيشاً أيضاً من المدينة الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك[حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقَ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتِ الرُّومُ خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ. فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ لاَ وَاللَّهِ لاَ نُخَلِّى بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا. فَيُقَاتِلُونَهُمْ فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لاَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لاَ يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطُنْطِينِيَّةَ فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِى أَهْلِيكُمْ. فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَأَمَّهُمْ فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِى الْمَاءِ فَلَوْ تَرَكَهُ لاَنْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِى حَرْبَتِهِ ». مسلم – باب الفتن وأشراط الساعة ] .

 

(63) : هلاك العراق وخراب الشام وأزمة طاحنة بمصر من الدجال المستعمر:

[  حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ – وَاللَّفْظُ لِعُبَيْدٍ – قَالاَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ مَوْلَى خَالِدِ بْنِ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- « مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا وَمَنَعَتِ الشَّأْمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ ». شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِى هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ. مسلم7459 ] .

 

(64): صفوة الله من خلقة يهزمون الدجال بالشام آخر الزمان :

وهنا يشير صلى الله عليه آله لخروج خيرالأجناد من الشام ثم العراق وفي ذلك إشارة لنصرة الهلال الشيعي الذي أشار إله متخوفاً أحد ملوك العرب ولكن للأسف الشديد بعد دم كثير يراق كما قال أمير المؤمنين في خطبة البيان التي بيماها من قبل ويفتح العراق بدم يراق لإثارة الشقاق……الحديث]. ويقول صلى الله عليه وآله في جند العراق والشام [عن عقيل قال حدثني مكحول أن رجلا من بني حوالة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيكون جند بالعراق وجند بالشام وجند ظاهرا قال فقلت اختر لي يا رسول الله إن كان ذلك قال عليك بالشام فإنها صفوة الله من أرضه يجتبي إليها صفوته من عباده -السنن الواردة في الفتن ج: 4 ص: – 943] والحديث بعد ذلك يبين أن تلك الأحداث تكون عند فساد أكثر العرب والشام.

[عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا فَسَدَ أَهْلُ الشَّامِ فَلاَ خَيْرَ فِيكُمْ وَلاَ يَزَالُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى مَنْصُورِينَ لاَ يُبَالُونَ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ». المسند رقم 20904] [عن جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ قَائِماً يُقَاتِلُ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ». قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِىُّ لَيْسَ مِنْ وَلَدِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ إِنَّمَا كَانَ اسْمُ جَدِّهِ الزُّبَيْرَ- المسند21603] وفي رواية أخرى للحديث

[  عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « لَنْ يَبْرَحَ هَذَا الدِّينُ قَائِماً يُقَاتِلُ عَلَيْهِ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ». المسند21575] ويكون في آخر هذه الملاحم خروج الإمام وبداية الخلافة كما في هذا الحديث [ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ – وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ – حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مَعَ غُلاَمِى أَخْبِرْنِى بِشَىْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَ فَكَتَبَ إِلَىَّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ جُمُعَةٍ عَشِيَّةَ رَجْمِ الأَسْلَمِىِّ يَقُولُ « لاَ يَزَالُ الدِّينُ قَائِماً حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ أَوْ يَكُونَ عَلَيْكُمْ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ». المسند21393] فإذا خرج هذا الإمام ملئها قسطا وعدلاً كما قال صلى الله عليه وآله .

[  حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ أَبِى الصِّدِّيقِ النَّاجِىِّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَمْتَلِئَ الأَرْضُ ظُلْماً وَعُدْوَاناً – قَالَ – ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِى أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِى يَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَعُدْوَاناً ». المسند11621]

ثمانية وخمسون قتال المؤمنين لمشركين بالأردن ثم قتالهم للدجال على نهر الأردن:

كما قال صلى الله عليه وآله لتقاتلن المشركين حتى يقاتل بقيتكم الدجال على نهمر الأردن أنتم شرقه وهو غربه.قال وما أدري الأردن أين يومئذٍ من أرض الله- الفتن والملاحم بن كثير ج1/ص96].

 

(65): تطلع المسيخ الدجال آخر الزمان إلى ضرب الحجاز(مكة والمدينة):

قال صلى الله عليه وآله عن تطلعهم لهدم مكة والمدينة عن عبد الله بن شقيق عن محجن بن الأدرع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال: ((يوم الخلاص وما يوم الخلاص يوم الخلاص وما يوم الخلاص يوم الخلاص وما يوم الخلاص ثلاثا فقيل له: وما يوم الخلاص قال: يجئ الدجال فيصعد أحداً فينظر المدينة فيقول لأصحابه : أترون هذا القصر الأبيض؟ هذا مسجد أحمد ثم يأتي المدينة فيجد بكل نقب منها ملكاً مصلتاً فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه فذلك يوم الخلاص)). صحيح لغيره (الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة للشيخ مصطفى العدوي&المنتخب ج6/ص50).

 

   الساعة الكبرى وهى القيامة :

وهنا إذا ما وقعت معركة آخر الزمان ونزلت فيها الملائكة بقذائف حجمها كالقصر ولونها كالجمال الصفر تكون مقدمة قيام القيامة الكبرى وهذا المشهد ذكره الله تعالى في سورة المرسلات في قوله تعالى عن يوم الفصل  { وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ كَذَٰلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ   أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاءً فُرَاتًا وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ انطَلِقُوا إِلَىٰ مَا كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ انطَلِقُوا إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ لَّا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ هَٰذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ هَٰذَا يَوْمُ الْفَصْلِ ۖ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ – المرسلات 11-39 }

ثم يعقب تلك المعركة الآخيرة بين إبليس وأتباعه وإمام آخر الزمان مشهد زلزلة الساعة الذي قال تعالى فيه { يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ – الحج } . وهذه الساعة تأتي بغتة وهم لا يشعرون لسرعة حدوثها قال تعالى  { هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون – الزخرف 66 } وهى كلمح البصر في سرعتها ينتقل بعدها العالم كله إنسه وجنه للعالم الآخر والحساب قال تعالى { ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير – النحل 77 } .

وهذه هى الزجرة الواحدة ينتقلون بها للعالم الآخر قال تعالى { فإنما هى زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة – النازعات} . وهذا عن الأحياء وأما عن الأموات الذين لم يعاصروا بأجسادهم أو سوءاتهم أحداثها يقول تعالى فيهم أنه عز وجل سيبعث حينها من في القبور كما في قوله تعالى { وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور – الحج 7 } فإذا بعثوا منذ آدم عليه السلام إلى يوم القيامة بأجسادهم وأنفسهم وأرواجهم سيقسمون أنهم مالبثوا في الأرض غير ساعة قال تعالى { ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون – الروم 55 } ويؤكد الله تعالى قولهم بالفعل قائلاً كأنهم لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها حتى لم يكملوا اليوم الكامل قال تعالى { يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَاهَا إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا – النازعات 42-46 } فإذا بعثوا من قبورهم فرق الله تعالى بين أهل النار وأهل الجنة كما في قوله تعالى  { ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون – الروم 14 }

وفي ذلك اليوم الآخر الذي ليس بعده زمن  ولا يوجد غير الخلود في الجنة أو في النار وهنا يخسر المبطلون الذين كانوا على باطل ولم يعملوا بكتاب الله كما في قوله تعالى { وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ – الجاثية 37 } ويخسر الذين كذبوا بهذا اليوم ولقاء الله تعالى وهم يرون بعضهم بعضاً كل يحمل أوزاره متجسدة على ظهورهم كما في قوله تعالى  { قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون – الأنعام 31 } وهنا ييأس المجرمون كما في قوله تعالى  { ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون – الروم 12 }  .

وأما :

(اقتربت الساعة  و انشق القمر)

والواو هنا قرنت بين بداية قيام الساعة وانشقاق القمر كقوله تعالى عن الشيخوخة واقترانها بالضعف بالشيبة { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ – الروم 54 } و كذلك المعنى هنا لهذه الواور فكما قرنت الشيخوخة بالضعف والشيبة معاً كذلك هنا قرن الله تعالى بهذه الواو بين بداية الساعة و اننشقاق القمر قائلا { اقتربت الساعة و انشق القمر – القمر }

وأما :

(انشق)

[ وهنا شق الشيئ يشقه : فلقه – معجم الفاظ القرآن باب الشيف فصل القاف والقاف ] قال تعالى { ثم شققنا الأرض شقا – عبس 26 } وكما تشقق الأرض فيخرج منها الزرع كذلك الحشر يوم القيامة قال تعالى {  يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير – ق 44 } .

وتبدأ الساعة في زمن النبي صلى الله عليه وآله بانشقاق القمر كما في قوله تعالى هنا { اقتربت الساعة وانشق القمر – القمر 1 }

 

وفي آخر الزمان تنزل الملائكة للحرب مع إمام آخر الزمان ونبي الله عيسى عليهما السلام  للإنتقام من الظالمين ولذلك يقول تعالى هنا { ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا – الفرقان 25 } .

ثم تقوم الساعة وتتحول السماء باللون الأحمر القاني  كما في قوله تعالى { فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان – الرحمن 37 } ثم تسترخي السماء وتتصدع كما في قوله تعالى { وانشقت السماء فهي يومئذ واهية – الحاقة 16 } ثم تنشق السماء كما في قوله تعالى { إذا السماء انشقت – الإنشقاق 1 } .

وأما :

(القمر)

يقول تعالى أنه خلق الشمس والقمر ليعلم الناس عدد السنين والحساب قال تعالى { هو الذي جعل الشمس ضياء و القمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون – يونس 5 } والشمس لا ينبغي لها أن تدرك القمر وكل في فلك يسبحون قال تعالى { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون  – يس 40 }

وبين تعالى أن الشمس والقمر لهما أجل مسمى كما في قوله تعالى { يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس و القمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير – فاطر 13 } ويظل القمر هكذا بين الإكتمال والنقصان كالعزق المنحني وهو العرجون إلى أن ينتهي أجل وعمر الحياة الدنيا قال تعالى {   والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم – يس 39 } ثم يجمع الشمس والقمر يوم القيامة { وجمع الشمس والقمر – القيامة 9 } قال تعالى ومن علامات الساعة هنا اشقاق القمر في قوله تعالى هنا { اقتربت الساعة وانشق القمر– القمر 1 } والقمر رمزاً لنبي أو إمام لقوله تعالى في قصة سيدنا يوسف عليه السلام في قوله تعالى { إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين – يوسف 4 } وفي السيرة النبوية لابن هشام [ أن السيدة أم سلمة رضى اله عنها وأرضاها رأت في المنام أن القمر قد سقط في حجرها فلما سألت قيل لها تتزوجين من عظيم وكان هذا هو النبي صلى الله عليه وآله ] فإذا اقتربت الساعة كان من علاماتها صعود الإنسان إلى السماء الأولى أو الطبق الأول كما في قوله تعالى { والقمر إذا اتسق لتركبن طبقاً عن طبق – الإنشقاق 18-19 } والطبق سماء لقوله تعالى { الذي خلق سبع سماوات طباقا – الملك } فإذا اقترب موعد هلاك الظالمين كان من أماراته وأشراطه خسوف القمر كما في قوله تعالى { وخسف القمر وجمع الشمس والقمر – القيامة }

وفي الحديث : [ عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال رسول الله صلى الله عليه وآله :  لاَ تقومُ السَّاعةُ حتَّى تروا عشرَ آياتٍ : طلوعُ الشَّمسِ من مغربِها ، ويأجوجُ ومأجوجُ ، والدَّابَّةُ وثلاثةُ خسوفٍ خسفٍ بالمشرقِ وخسفٍ بالمغربِ وخسفٍ بجزيرةِ العربِ ونارٌ تخرجُ من قعرِ عدنَ تسوقُ النَّاسَ أو تحشرُ النَّاسَ فتبيتُ معَهم حيثُ باتوا وتقيلُ معَهم حيثُ قالوا – الترمذي ] .

 

ثم يقول تعالى :

(2)  وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر (2)

[ وأخرج أبو نعيم من طريق عطاء عن ابن عباس قال: انتهى أهل مكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هل من آية نعرف بها أنك رسول الله؟ فهبط جبريل، فقال: يا محمد قل: يا أهل مكة إن تختلفوا هذه الليلة فسترون آية فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالة جبريل، فخرجوا ليلة أربع عشرة، فانشق القمر نصفين نصفاً على الصفا ونصفاً على المروة، فنظروا ثم مالوا بأبصارهم فمسحوها ثم أعادوا النظر فنظروا، ثم مسحوا أعينهم، ثم نظروا، فقالوا: يا محمد ما هذا إلا سحر ذاهب، فأنزل الله { اقتربت الساعة وانشق القمر }.

وأخرج أبو نعيم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال: جاءت أحبار اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أرنا آية حتى نؤمن فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يريه آية فأراهم القمر قد انشق فصار قمرين أحدهما على الصفا والآخر على المروة قدر ما بين العصر إلى الليل ينظرون إليه، ثم غاب القمر، فقالوا: هذا { سحر مستمر } – الدر المنثور للسيوطي ] .

وورد في تفسير البرهان :

  • [ابن شهر آشوب، قال: أجمع المفسرون و المحدثون سوى عطاء و الحسن و البلخي، في قوله تعالى: { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } أنه [قد] اجتمع المشركون ليلة بدر إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فقالوا: إن كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين. فقال (صلى الله عليه و آله): “إن فعلت تؤمنون؟” قالوا: نعم. فأشار إليه بإصبعه، فانشق شقتين.

وفي رواية: نصفا على أبي قبيس، و نصفا على قعيقعان.

وفي رواية: نصفا على الصفا، و نصفا على المروة.

فقال (صلى الله عليه و آله): “اشهدوا اشهدوا” فقال ناس: سحرنا محمد، فقال رجل: إن كان سحركم فلم يسحر الناس كلهم [و كان] ذلك قبل الهجرة، و بقي قدر ما بين العصر إلى الليل و هم ينظرون إليه، و يقولون: هذا سحر مستمر. فنزل { وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ } الآيات.

وفي رواية: أنه قدم السفار من كل وجه، فما من أحد قدم إلا أخبرهم أنهم رأوا مثل ما رأوا.

– محمد بن إبراهيم النعماني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا القاسم بن محمد بن الحسين بن حازم، قال: حدثنا عبيس بن هشام الناشري، عن عبد الله بن جبلة، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) و قد سأله عمارة الهمداني، فقال [له] : أصلحك الله، إن ناسا يعيروننا و يقولون: إنكم تزعمون أنه سيكون صوت من السماء.فقال له: “لا ترو عني، و ارو عن أبي، كان أبي يقول: هو في كتاب الله عز و جل:{ إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ- الشعراء 4 }  .

فيؤمن أهل الأرض جميعا للصوت [الأول] ، فإذا كان من الغد صعد إبليس اللعين حتى يتوارى في جو السماء، ثم ينادي: ألا إن عثمان قتل مظلوما، فاطلبوا بدمه، فيرجع من أراد الله عز و جل به شرا، و يقولون هذا سحر الشيعة، و حتى يتناولونا، و يقولون: هو من سحرهم، و هو قول الله عز و جل : { وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ }  ”.- البرهان للسيد هاشم البحراني ]

وهنا :

(وإن يروا آية)

أي أنهم لن يؤمنوا ولو رأوا كل آية كما في قوله تعالى  { إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم – يونس 97 } وكذلك من غفل عن ذكر الله تعالى وترك العمل بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه ولم يتولوا أهل بيته عليهم السلام فسيصرفهم الله تعالى عن كل آيات الله تعالى كما في قوله عز وجل : { سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين – الأعراف 146 }

وهذه الآية هنا من النوع التأييد بالمعجزات لنبي من الأنبياء كقوله تعالى في ناقة نبي الله صالح عليه السلام { وياقوم هذه ناقة الله لكم آية – هود 64 } .

وهذا النوع من آيات الله تعالى التأييدي للأنبياء بالمعجزات وذلك لأن أنواع الآيات في القرآن الكريم

1-آيات متلوه .

2- آيات مشاهدة بالعين خلقها الله تعالى في السماء والأرض .

3- آيات ومعجزات لتأييد الأنبياء ووهذه انقطعت ببعثة النبي الخاتم والقرآن الكريم وهذا النوع منعه الله تعالى لقوله عز وجل  { وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ۚ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ۚ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا  -الإسراء 59 } .

4- آيات من آثار الأمم البائدة التي أهلكها الله عز وجل .

5- آيات مستقبلية تظهر في زمان إمام آخر الزمان ونبي الله عيسى عليهما السلام .

6- آيات يخلقها الدجال فتنة الناس .

والآية هنا كانت انشقاق القمر من نوع المعجزات المؤيدة للأنبياء فلما رأوها قالوا لعنه الله  سحرً مستمر كما في قوله تعالى هنا { اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا يقولوا سحرُ مستمر – القمر 1-3 } وبتكذيبهم هذا جعل الله تعالى على قلوبهم أكنة أن يفقهوه كما في قوله تعالى { ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين – الأنعام 25 }

ثم يبين تعالى أنه توعدهم بصاعقة في آخر الزمان مثل صاعقة عاد وثمود قال تعالى { كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ۗ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ۚ ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ۖ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ – فصلت 3-15 } .

وأما :

(يعرضوا)

وإعراضهم كأنهم ولو ظهورهم معرضين عن ذكر الله تعالى ورسوله فلم تهديهم سماء ولا أرض خلقها الله تعالى ليؤمنوا بخالقها كما في قوله تعالى { وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون – يوسف 105 } وقال تعالى أيضاً { وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون –الأنبياء 32 }

فلما بعث الله تعالى فيهم رسولا منهم ليعلمهم ويهدديهم أعرضوا عنه فكأنما كفر هؤلاء

  • بآيات الله المشاهدة بالعين في سماءة وأرضة .
  • كفروا بآيات الله تعالى المتلوه والتي نزلت على رسوله صلى الله عليه وآله .
  • كفروا بأيات الله تعالى والمعجزات التي أيده الله تعالى بها وقالوا سحروً مستمر كما في قوله تعالى هنا { وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر – القمر 2 }

ثم يبين تعالى أنه سيظهر من ظهور هذه الأمة منافقون يأخذون من كتاب الله ما وافق أهوائهم ومالم يوافه أهوائهم تركوه قال تعالى { وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا أُولَٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ۚ بَلْ أُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ – النور 47-50 }

وهؤلاء لا يوجد أظلم منهم لأنهم ذكروا بآيات الله تعالى فأعرضوا عنها وقدموا عليها أراء وأهواء الرجال قال تعالى { ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون – السجدة 22}

ثم يظهر في آخر الزمان مع هؤلاء قوم يعملون للحياة الدنيا في غفلة قال تعالى فيها

{ اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون – الأنبياء 1- } .

وهؤلاء قال تعالى فيهم {   فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا – النجم 29 }

وهؤلاء جميعاً يدخلون ضمن الذين اتخذوا إلههم هواهم وقال تعالى فيهم { أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون – الأنبياء 24 } فبأهوائهم كفروا بالله ورسوله وبأهوائهم تركوا العمل بما أنزل الله وهؤلاء توعدهم الله تعالى بالساعة كما في قوله تعالى على عموم الناس { اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولون سحرً مستمر – القمر 1-3 }

وأما الأعراب خاصة فقد توعدهم بصاعقة مثل صاعقة عاد وثمود قال تعالى فيها { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود – الشورة 13 }

وأما :

(ويقولون سحر)

يبين تعالى أن كل أمة بعث فيهم رسولا منهم قالوا فهي ساحر أو مجنون قال تعالى { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون – الذاريات 52 }

فقال قوم عاد في نبي الله هود عليه السلام أنه ساحر قال تعالى { قالوا إنما أنت من المسحرين – الشعراء 153 }

وقال قوم شعيب عليه السلام أنه ساحر قال تعالى { قالوا إنما أنت من المسحرين – الشعراء 185 }

و قوم فرعون قال تعالى فيهم {  فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين – النمل 13 }

وقال تعالى فيهم { فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين – القصص 36 }

و قوم رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا فيه نفس ماقالته الأمم من قبل أنه ساحر قال تعالى : { ذَرۡنِي وَمَنۡ خَلَقۡتُ وَحِيدٗا وَجَعَلۡتُ لَهُۥ مَالٗا مَّمۡدُودٗا وَبَنِينَ شُهُودٗا وَمَهَّدتُّ لَهُۥ تَمۡهِيدٗا ثُمَّ يَطۡمَعُ أَنۡ أَزِيدَ كَلَّآۖ إِنَّهُۥ كَانَ لِأٓيَٰتِنَا عَنِيدٗا سَأُرۡهِقُهُۥ صَعُودًا إِنَّهُۥ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيۡفَ قَدَّر ثُمَّ قُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدۡبَرَ وَٱسۡتَكۡبَر فَقَالَ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡر يُؤۡثَرُ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا قَوۡلُ ٱلۡبَشَرِ   – المدثر 11-24 }

فلما جائهم بالحق كفروا بآيات الله المنزلة على رسوله صلى الله عليه وآله وقالوا فيه أنه سحر مبين قال تعالى { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين وَمَآ ءَاتَيۡنَٰهُم مِّن كُتُبٖ يَدۡرُسُونَهَاۖ وَمَآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡهِمۡ قَبۡلَكَ مِن نَّذِيرٖ  -سبأ 43-44 } وقال تعالى أيضاً { ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون – الزخرف 30 } وقال تعالى أيضاً فيما قالوه { وقالوا إن هذا إلا سحر مبين – الصافات 15 } وهذا قول الذين كفروا بآيات الله تعالى كما في قوله عز وجل { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين – الأحقاف 7 }

فلما كفروا بآيات الله تعالى جعلهم يرون بأعينهم آيات تأييد لنبوته صلى الله عليه وآله وهو انشقاق القمر في قوله تعالى هنا { اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا يقولوا سحرً مستمر – القمر 1-3 }

ويوم القيامة غذا رأوا العذاب يقال لهم أفسحر هذا أم أنكم لا تبصرون قال تعالى { فَوَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي خَوۡضٖ يَلۡعَبُونَ يَوۡمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا هَٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ أَفَسِحۡرٌ هَٰذَآ أَمۡ أَنتُمۡ لَا تُبۡصِرُونَ ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ – الطور 11-16 }

 وأما :

(مستمر)

[ واستمر : بمعنى استمر واضطرد و مضى على طريقة واحدة – معجم ألفاظ القرآن باب الميم فصل الراء والراء ] . قال تعالى في قوم عاد { كَذَّبَتۡ عَادٞ فَكَيۡفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر – القمر 18-19 }  أي أن قولهم هنا { ويقولون سحر مستمر } أي سيظل محمد على ما هو عليه من سحر يقصدون به الوحي المنزل على رسوله صلى الله عليه وآله والآيات المعجزات التي أيده الله تعالى بها .

 

ثم يقول تعالى :

 

(3) وَكَذَّبُواْ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُمۡۚ وَكُلُّ أَمۡرٖ مُّسۡتَقِرّٞ (3)

وهنا :

(وكذبوا)

أي أنه يقول تعالى مبيناً أن كل أمة كذبت رسولها كما في قوله تعالى { ثم أرسلنا رسلنا تترى كل ما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون – المؤمنون 44 } فلما كذبوا رسلهم استحقوا العقاب كما في قوله تعالى { إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب – ص 14 }

عن تكذيب قريشاً قوم رسول الله صلى الله عليه وآله بالتحديد بين تعالى أنهم كذبوا أيضاً كما كذبت الأمم من قبل قال تعالى { وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل – الأنعام 66 } وتكذيبهم هذا كان عملاً بالهوى كما في الآية هنا في قوله تعالى { وكذبوا واتبعوا أهوائهم – القمر 3}

ولذلك تعجبوا من توحيد الألوهية للخالق عز وجل كما تعجبوا من نبوته صلى الله عليه وآله واختيار الله تبارك وتعالى له من بينهم حسدا كأنهم كانوا يريدون النبوة فيهم دوناً عن بني هاشم وعبد المطلب استكباراً في  الأرض قال تعالى  { وقالوا لولا نزل هذا القرءان على رجل من القريتين عظيم – الزخرف 31 }

ثم قال تعالى فيما قالوه : { أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ وَٱنطَلَقَ ٱلۡمَلَأُ مِنۡهُمۡ أَنِ ٱمۡشُواْ وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ ءَالِهَتِكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ مَا سَمِعۡنَا بِهَٰذَا فِي ٱلۡمِلَّةِ ٱلۡأٓخِرَةِ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا ٱخۡتِلَٰقٌ أَءُنزِلَ عَلَيۡهِ ٱلذِّكۡرُ مِنۢ بَيۡنِنَاۚ بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ مِّن ذِكۡرِيۚ بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ أَمۡ عِندَهُمۡ خَزَآئِنُ رَحۡمَةِ رَبِّكَ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡوَهَّابِ أَمۡ لَهُم مُّلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَاۖ فَلۡيَرۡتَقُواْ فِي ٱلۡأَسۡبَٰبِ جُندٞ مَّا هُنَالِكَ مَهۡزُومٞ مِّنَ ٱلۡأَحۡزَابِ كَذَّبَت قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَعَادٞ وَفِرۡعَوۡنُ ذُو ٱلۡأَوۡتَادِ وَثَمُودُ وَقَوۡمُ لُوطٖ وَأَصۡحَٰبُ لۡـَٔيۡكَةِۚ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلۡأَحۡزَابُ إِن كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ وَمَا يَنظُرُ هَٰٓؤُلَآءِ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ مَّا لَهَا مِن فَوَاقٖ وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبۡلَ يَوۡمِ ٱلۡحِسَابِ – ص 4-16 }

 

وكما كذب هؤلاء في أول نزول الرسالة سيخرج آخر الزمان أيضاً منهم من يكذب أئمة أهل البيت عليهم السلام وآخرهم سيكذبون تأويل قال تعالى فيه { هل ينظرون إلا تأويله – الأعراف } وهذا التكذيب أيضاً استكباراً منهم على الرغم من جهلهم بما فيه من علم كما قال تعالى في تكذيبهم { بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين – يونس 39 }

وهؤلاء في الدنيا لهم عذاب أليم إذا بلغوا أجلهم الذي حدده لهم الله تبارك وتعالى كما في قوله تعالى { قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين – آل عمران 137 } ولذلك قال تعالى ﴿ وَلَقَدۡ جَاۤءَ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ ٱلنُّذُرُ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذۡنَـٰهُمۡ أَخۡذَ عزيز مُّقۡتَدِرٍ أَكُفَّارُكُمۡ خَیۡرࣱ مِّنۡ أُو۟لَـٰۤىِٕكُمۡ أَمۡ لَكُم بَرَاۤءَةࣱ فِی ٱلزُّبُرِ أَمۡ یَقُولُونَ نَحۡنُ جَمِیعࣱ منتصر سَیُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَیُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوۡعِدُهُمۡ وَٱلسَّاعَةُ أَدۡهَىٰ وَأَمَرُّ– القمر 41-46 ﴾

وهؤلاء في الآخرة هم أصحاب النارهم فيها خالدون قال تعالى { والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير – التغابن 10 }

وأما :

(واتبعوا أهوائهم)

والهوى يبين تعالى أنه إله مع الله تعالى عما يشركون قال تعالى { “أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ” – سورة الجاثية }  وهذا هو الإله الثاني الذي نهى الله تعالى عن العمل به في مقابل النص القرآني قال تعالى { وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد – النحل } وبالتالي من ترك العمل بما أمر الله تعالى فقد اتبع هواه كما في قوله تعالى { فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين – القصص 50 } .

ثم يبين تعالى أن منهم فريقاً كذبوا على الله ورسوله إذا خرجوا من عبده { ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم – محمد 16 } وهنا ماذا قال آنفا كذبهم على الله تعالى ورسوله كما في قوله تعالى { فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول – النساء } وهنا بدأ ظهور طائفة ممن يكذب بولاية أهل بيت النبي وتبدأ الأمة في التفرق

ويبين تعالى بعد ذلك أن الذي على البينة هو الذي تولى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله ثم الإمام علي عليه السلام لقوله تعالى { أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم – محمد 14 } والذي على البينة رسول الله صلى الله عليه وآله و الشاهد على هذه الأمة من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله هو الإمام علي عليه السلام لما نزل فيه من قوله تعالى { أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون – هود 17 } .

[ قال بن عباس : الذي على البينة رسول الله صلى الله عليه وآله والشاهد علي بن أبي طالب – منتخب كنز العمال  هامش مسند أحمد ج2 باب التفسير ] . وبالتالي من تولى الله تعالى ورسوله ثم أهل بيته من بعده فهو الذي اتبع ما أنزل إليه من ربه ولم يتولى غيرهم عملا بقوله  تعالى { واتبعوا ما أنزل إليك من ربك ولا  تتبعوا من دونه أولياء – الأعراف 3 } .

وأما :

(كل أمر)

وهنا يبين تعالى أنه مع خلق السماوات والأرض قد دبر لهما كل أمر سبحانه وتعالى قال تعالى { ثم استوى على العرش يدبر الأمر – يونس 3 } وأمر كل شيئ فيهما يرجع إلى الله تبارك وتعالى كما في قوله تعالى {  ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون – هود 123  } وكل أمر أراده الله تعالى نزل في ليلة القدر كما في قوله تعالى { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر – القدر 4 } وكل هذه الأمور من خير وشر مستقر قال تعالى فيه هنا { وكل أمر مستقر– القمر } أي لا تبديل لكلمات الله قال تعالى { لا تبديل لكلمات الله – يونس 64 }

وإذا أراد الله تعالى التفرقة بين الحق والباطل بعث فيهم إماماً من ذرية رسول الله المصطفين الأخيار الذين قال تعالى فيهم { إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض – آل عمران 33-34 } وهذا الأمر مما لا خيار فيه لأحد من خلقه كما قال تعالى { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا – الأحزاب 36 } فإذا أراد الله تعالى شيئاً ألقى الروح من أمره على من يشاء من ذرية رسول الله صلى الله عيه وآله كما في قوله تعالى  { رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق – غافر 15 } . وهنا يقول تعالى { وكل أمر مستقر }

 وأما :

(مستقر)

والإستقرار بقاء بلا حراك قال تعالى { قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم – النمل 40 }

ويبين تعالى أن كل أمر خاص بإمام من أئمة أهل البيت وفرعون من الفراعين المحاربين لهم له ووقت ونبأ مستقر لا يتبدل قال تعالى { لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون – الأنعام 68 } وهذا الإستقرار ببقعة من بقاع الأرض لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين – البقرة 36 }

وهذا الأمر المستقر زوال حكم الشجرة الخبيثة من الأرض لقوله تعالى { ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار – إبراهيم 26 } وهذه الشجرة الخبيثة هو الحكم الأموي القائم على الرأي في مقابل نصوص القرآن ولذلك قال تعالى فيهم { وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا – الإسراء 60 }

وبالتالي كل أمر يخص ولاية الله تعالى وورسوله وأهل بيته عليهم السلام فهو أمر مستقر يؤدي النصر في الدنيا والإستقرار في الجنة بعد الموت قال تعالى { خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما – الفرقان 76 } أما عن الذين كفروا بالله تعالى ورسوله وخرجوا على ولاية أهل بيت نبيهم عليهم السلام فمستقرهم في جهنم كما قال تعالى { إنها ساءت مستقرا ومقاما – الفرقان 66 } . وبالتالي نصر المؤمنين ودخولهم الجنة وهلاك الكافرين والمنافقين ودخولهم النار أمور مستقرة لا تتبدل ولان تتغير قال تعالى في الأمرين في كل زمان ومكان { وكل أمر مستقر – القمر 3 } .

ثم يقول تعالى :

(4) ولقد جائهم من الأنباء مافيه مزدجر (4)

وهنا :

(ولقد جائهم)

وهنا يقول تعالى { وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون – النحل 112-113 }

ومن هذه الأمم مصر وما فعلوه بنبي الله يوسف وشكهم في دعوته بعد موته عليه السلام قال تعالى { ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب – غافر 34 }

وكذلك أمة بني إسرائيل و نبي الله موسى وقال تعالى فيهم { ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون – البقرة 92 }

ثم يبين تعالى أنه بعث فيهم رسولا على فترة انقطاع من الرسل كما في قوله تعالى { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير – المائدة 19 } ويبين تعالى أنه تعالى قد كشف للناس كثيراً مما أخفاه عنهم أحبارهم ورهبانهم قال تعالى { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين – المائدة 15 } ويبين تعالى أنه كتاب الله الخاتم أنزله على نبي الله الخاتم صلى الله عليه وآله مصدق لما معهم كما في قوله تعالى { ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون – البقرة 101 }

ويبين تعالى أنهم كانوا يعرفونه كما يعرفون أبنائهم فلما جائهم ما عرفوا كفروا به قال تعالى { ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين – البقرة 89 } وهذا الكتاب فيه تفصيل كل شيئ يحقق لهم خير الدنيا والآخرة قال تعالى { ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون – الأعراف 52 } ثم يقول تعالى لهم بأن رسول الله صلى الله عليه وآله قد جاءهم بالحق من ربهم والإيمان به خيراً لهم فلما كفروا به قال تعالى أنه عز وجل غنياً عنهم كما في قوله تعالى { يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما – النساء 170 } وهذا الرسول عزيزي عليه العنت والتشدد والأغلال التي كانت عليهم  من قبل كما في قوله تعالى  { الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون – الأعراف 157 } ولذلك قال تعالى فيه صلى الله عليه وآله أنه رؤووف بالمؤمنين رحيماً بهم كما في قوله تعالى { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم –التوبة 128 }

 

ثم يبين تعالى أن هذا القرآن الذي جاءهم به رسول الله صلى الله عليه وآله من عند الله تبارك وتعالى فيه البرهان والنور لاستبصار الناس طريق الحق لتحقيق خير الدنيا و الآخرة كما في قوله تعالى { يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا – النساء 174 } وفيه البصائر من العمى ومن أبصر فلنفسه كما في قوله تعالى { قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ – الأنعام 104 } ومن اهتدى فلنفسه ومن ضل فعلى نفسه كما في قوله تعالى { قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل – يونس 108 }

وأيضاً هنايبين تعالى كما أن فيه الحق والهدى والنور والبصائر كذلك فيه أنباء زاجرة عن الأمم التي أهلكها الله تعالى من قبل بذنوبها قال تعالى هنا { ولقد جاءهم من الأنباء مافيه مزدجر- القمر 4 } .

وأما :

(من)

وهنا يقول تعالى متوعداً للذين يرثون الأرض من بعد هلاك أهلها  أن لو شاء الله لأهلكهم كما أهلك الذين من قبلهم قال تعالى { أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين – الأعراف 100-102 }

– الأعراف 100 }

وهنا من الأنباء الزاجرة مثلاً قصة قوم لوط لعنهم الله وقال تعالى فيهم { فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين – الأعراف 83 }

وقال تعالى في مصر والفراعنة وبعثة نبي الله موسى إليهم { ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين – الأعراف 103 }

وقال تعالى في قوم شعيب عليه السلام { قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين – الأعراف 88 }

وفي بعثة رسول الله صلى الله عليه وآله يقول تعالى أنهم كفروا بها بعدما كانوا يستفتحون في حروبهم برسول الله صلى الله عليه وآله فينصرهم الله تعالى قال عز وجل { ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين – البقرة 89 } ويقول تعالى في هذه الآيات التي أيد بها بني إسرائيل ونصرهم وهى كثيرة لذلك قال تعالى { سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب – البقرة 211 } ثم يبين تعالى أنه قد ظهر النفاق وقوم يقولون بأفواههم آمنا وما هم بمؤمنين قال تعالى { و من الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين – البقرة 8 }

 

ثم يبدل فريقاً منهم قولا غير الذي قيل لهم في الوصية لأهل بيت النبي عليهم السلام كما فعل بنوا إسرائيل من قبل وقتلوا أنبياء الله تعالى وقال في ذلك { ففريقاً كذبتم وفرقاً تقتلون- البقرة } وهذا التبديل ظهر في قولهم على طالوت عليه السلام { أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال – البقرة }  وهذا التبديل في هذه الأمة التي قال فيها صلى الله عيه وآله [ ” انتم اشبه الأمم ببني إسرائيل ” .. الحديث ] قال تعالى في هذا التبديل {  فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون – البقرة 59 } وما كان هذا التبديل إلا حسداً لرسول الله صلى الله عليه وآهل بيته عليهم السلام كما حسد بنوا إسرائيل أنبيائهم ورسلهم وفريقاً كذبوا وفريقا يقتلون قال تعالى في هذا الحسد { أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما – النساء 54 }

ومن كذب على الله تعالى ورسوله وبدل وغير فهو من الظالمين قال تعالى { فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون – آل عمران 94 } .ثم يحذر الله تعالى من التفرق ولا يحذر منه إلا إذا بين لهم على ما يتألفون ويودون قال تعالى { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم – آل عمران 105 } ويبين تعالى أن القرآن الكريم لا اختلاف فيه فلم الإختلاف ؟ قال تعالى { أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا – النساء 82 } وهذا الإختلاف نتج عن خروجهم على ولاية الله تعالى ورسوله وأهل بيته إلى ولاية غيرهم بوحي وولاية شيطانية قال تعالى فيها   { فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون – الأعراف 30 }

ثم يبين تعالى أن هذا الإختلاف سيتسبب في نزول غضب من الله تعالى عليهم قال تعالى فيه

{ قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون – الأنعام 65 }

ويبين تعالى أن هذا التفرق والإختلاف والإقتتال سيظل مستمراً في هذه الأمة كما بينا إلى أن يظهر تأويل آخر الزمان الذي قال تعالى فيه { هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون – الأعراف 53 } وبظهور هذا التأويل ي زمان إمام آخر الزمان ورجوع نبي الله عيسى عليهما السلام تنزل ملائكة قال تعالى فيها { هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور – البقرة 210 }

ويقول تعالى بعد ذلك أنه سيجازي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى وذلك في الدنيا والآخرة قال تعالى { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا – النساء 123-124 } .

وأما :

(الأنباء)

و[ أنباء جمع نبأ : و هو الخبر ذو الشأن والقصة ذات البال والجمع أنباء والنبأ قد يكون عنالماضي وقد يكون عن الآتي – معجم ألفاظ القرآن باب النون فصل الباء والهمزة ] .

قال تعالى في الأنباء السالفة { تلك القرى نقص عليك من أنبائها – الأعراف 101 } وقال تعالى أيضاً { كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا – طه 99 }

وهذه الأنباء عن الأمم السالفة وقال تعالى فيهم { ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون – التوبة 70 }

والقرآن الكريم هو النبأ العظيم الذي قال تعالى فيه { قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون – ص67-68 }

ومن الأنباء المستقبلية الواردة فيه خبر الإمام علي الذي هم مختلفون فيه كما في قوله تعالى {

عم يتساءلون عن النبإ العظيم الذي هم فيه مختلفون – النبأ 1-3 }

ولما كذبوا استهزءوا واختلفوا حول هذا النبأ العظيم وولايته التي قال تعالى فيها آيات نزلت بغدير خم { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون –المائدة }

ولما اختلفوا حوله فقد توعدهم الله تعالى بالإختلاف والإقتتال كما بينا في قوله تعالى { قل هو القادر على ان يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبثكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض- الأنعام 65 }

ولكل نبأ مستقر قال تعالى فيه { لكل نبأ مستقر – الأنعام 67 } [ أي لكل خبر وقت ومكان يقر ويقع فيه أو لكل حدث جاء فيه نبأ وقت أو مكان يقر فيه – معجم ألفاظ القرآن باب النون فصل الباء والهمزة ] .

وينتهي هذا الإقتتال وهذه الأنباء بنبأ عظيم آخر الزمان بعد تكذيبهم بولاية الإمام علي عليه السلام وأهل بيته عليهم السلام قال تعالى فيه { فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون – الأنعام 5 } وقال تعالى { فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون – الشعراء 6 }

وهذا من الأنباء المستقبلية التي سيواجهها هؤلاء المنافقون ومنها قوله تعالى متوعداً أيضاً { ولتعلمن نبأه بعد حين – ص 88 } وآخر هذه الأنباء نبأ الآخرة وحينها ستعمى عنهم أنباء مايحتجون به أمام الله تعالى كما في قوله تعالى { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُونَ – القصص 66 } وذلك لأن كتب الله السماوية يها أنباء أمم سبقت قال تعالى لذلك عن القرآن الكريم { قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون – ص67-68 } .

وأما :

(مافيه)

وهنا ما فيه أي ما في كتاب الله تعالى كقوله تعالى لبني إسرائيل { وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون – الأعراف  171 }

أي أن قوله تعالى هنا { ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر – القمر 4 } أي في كتاب الله تعالى أنباء عن زجر الأمم الظالمة من قبل وقصص هلاكهم .

وأما :

(مزدجر)

[ وزجره يزجره زجراً : انتهره ونهاه ودفعه وطرده فهو زاجر وهى زاجرة والجمع زاجرات والزجرة إسم مرة من زجر – معجم ألفاظ القرآن باب الزاي فصل الجيم والراء ] قال تعالى { فكذبو عبدنا وقالوا مجنون وازدجر – القمر 9 } ثم يبين تعالى أنه قد أنزل فيهم و على رسول منهم أنباء فيها زجر ليؤمنوا بالله تعالى ورسوله قال تعالى { ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر – القمر 4 }

 

فإن إن لم يؤمنوا فهم في انتظار يوم الفصل في آخر الزمان حيث تنزل الملائكة للعقاب الزاجر كما في قوله تعالى{ والصافات صفا فالزاجرات زجرا – الصافات 1-2 } وهذا الزجر لقريشاً والعرب وطائفة من أهل الكتاب بعدما كفروا بالله تعالى ورسوله كما في قوله تعالى{ وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ – الصافات 15-21 }

ويبدأ هذا الزجر بصاعقة يضربهم بها الله تعالى وأمة من أهل الكتاب بعدما تسير إحداهما على نهج قوم عاد في افستكبار والبطش والظلم والثانية تسير على نهج قتل الصالحين كما قتلت أمة ثمود ناقة ربهم وهذه الزجرة قال تعالى فيها آخر الزمان { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم بصاعقة نثل صاعقة عاد وثمود – فصلت 13 }

ثم لا يجدوا أمامهم بعد ذلك غير القيامة وفيها الفصل بزجرة واحدة ينقل بعدها الله تبارك وتعالى العالم إلى أرض المحاكمة الجديدة بعدما كانوا في باطنها التي قال تعالى فيها : { فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة – النازعات 13-14 } . والساهرة تعني [  فإذا هم أحياء على وجه الأرض بعد أن كانوا في بطنها- التفسير الميسر ] .

وهذه هى نفخة البعث التي يقومون بعدها ينظرون كما في قوله تعالى { فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون – الصافات 19 } .

ثم يقول تعالى :

(5) حكمة بالغة فما تغني النذر (5)

وهنا :

(حكمة)

[ الحكمة تطلق على كل ما يتحقق فيه الصواب من القول والعمل – معجم ألفاظ القرآن باب الحاء فصل الكاف والميم ]  قال تعالى في عموم الحكمة { يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب – البقرة 269 }

والحكمة للأنبياء علم وهى سنتهم لقوله تعالى في لقمان عليه السلام { ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد – لقمان 12 }

وقال تعالى في نبي الله داوود عليه السلام : { اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب – ص 17-20} والحكمة هنا سنته التي هى أفعاله وأقواله .

ولذلك يقول تعالى في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله هنا  { ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا – الإسراء 39 } وهنا { مما أوحى إليك ربك من الحكمة } أي جزء من الوحي فيه حكمة وهى سنته التي أوحاها الله تعالى إليه  وهى وحي قال تعالى فيه { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى – النجم } وهذه هى الحكمة كما بينا ويلحق بها الحكمة التي وهبها الله تعالى للأئمة من ذرية النبي صلى الله عليه وآله وأولهم الإمام علي عليه السلام وقد حسدتهم هذه الأمة على تلك الحكمة كما قال عز وجل { أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما – النساء 54 }

و أما الحكمة البالغة هنا فهي القرآن الكريم وفيه النذر لقوله تعالى { حكمة بالغة فما تغني النذر – القمر 5 } وهو القرآن الكريم .

ومن حكم الله تعالى البالغة وصايا القرآن الكريم التي قال تعالى فيها { لَّا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتَقۡعُدَ مَذۡمُومٗا مَّخۡذُولٗا وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ إِمَّا يَبۡلُغَنَّ عِندَكَ ٱلۡكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوۡ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّٖ وَلَا تَنۡهَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلٗا كَرِيمٗا وَٱخۡفِضۡ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحۡمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرٗا رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمۡۚ إِن تَكُونُواْ صَٰلِحِينَ فَإِنَّهُۥ كَانَ لِلۡأَوَّٰبِينَ غَفُورٗا وَءَاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ وَٱلۡمِسۡكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرۡ تَبۡذِيرًا إِنَّ ٱلۡمُبَذِّرِينَ كَانُوٓاْ إِخۡوَٰنَ ٱلشَّيَٰطِينِۖ وَكَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لِرَبِّهِۦ كَفُورٗا  وَإِمَّا تُعۡرِضَنَّ عَنۡهُمُ ٱبۡتِغَآءَ رَحۡمَةٖ مِّن رَّبِّكَ تَرۡجُوهَا فَقُل لَّهُمۡ قَوۡلٗا مَّيۡسُورٗا وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومٗا مَّحۡسُورًا إِنَّ رَبَّكَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّهُۥ كَانَ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرٗا وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُمۡ خَشۡيَةَ إِمۡلَٰقٖۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُهُمۡ وَإِيَّاكُمۡۚ إِنَّ قَتۡلَهُمۡ كَانَ خِطۡـٔٗا كَبِيرٗا وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا وَلَا تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ وَمَن قُتِلَ مَظۡلُومٗا فَقَدۡ جَعَلۡنَا لِوَلِيِّهِۦ سُلۡطَٰنٗا فَلَا يُسۡرِف فِّي ٱلۡقَتۡلِۖ إِنَّهُۥ كَانَ مَنصُورٗا وَلَا تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ أَشُدَّهُۥۚ وَأَوۡفُواْ بِٱلۡعَهۡدِۖ إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسۡـُٔولٗا وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ إِذَا كِلۡتُمۡ وَزِنُواْ بِٱلۡقِسۡطَاسِ ٱلۡمُسۡتَقِيمِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلٗا وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَٰٓئِكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡـُٔولٗا وَلَا تَمۡشِ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ إِنَّكَ لَن تَخۡرِقَ ٱلۡأَرۡضَ وَلَن تَبۡلُغَ ٱلۡجِبَالَ طُولٗا كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُۥ عِندَ رَبِّكَ مَكۡرُوهٗا ذَٰلِكَ مِمَّآ أَوۡحَىٰٓ إِلَيۡكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلۡحِكۡمَةِۗ وَلَا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتُلۡقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُومٗا مَّدۡحُورًا  -الإسراء 22-39 }

وأما :

(بالغة)

[ ويقال الحجة البالغة وحكمة بالغة ويمين بالغة أي واصلة إلى نهايتها من القوة – معجم ألفاظ القرآن باب الباء فصل اللام والغين ] .

والحكمة البالغة في كتاب الله عز وجل وفيه الحجة البالغة لقول تعالى { قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين – الأنعام 149 } وبالتالي كتاب الله تعالى فيه الحكمة الباغلة كما في الآية هنا { حكمة بالغة فما تغني النذر } وهذه الحكمة البالغة فيها بلاغ للناس قال تعالى فيها { هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولو الألباب- إبراهيم 52 } وفي هذا البلاغ الوصية باستخلاف أمير المؤمنين علي عليه السلام لما نزل فيه من قوله تعالى { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين – المائدة 67 } .

وأما :

(فما تغني النذر)

أي أنهم هنا ماداموا لن يؤمنوا فلن يغني عن هدايتهم شيئاً بعد حكمة الله تعالى البالغة لذلك قال تعالى { قل انظروا ماذا في السماوات والأرض و ما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون –يونس 101 }

وأما :

(فما تغني)

أي أن آيات الله لن تغني عنهم شيئاً ماداموا لن يؤمنوا ولن تغني عنهم في الآخرة أموالهم ولا أولادهم قال تعالى { إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار – آل عمران 10 }

وأما :

(النذر)

والنذر جمع إنذار قال تعالى { واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم – الأحقاف 21 } وهذه النذر آخرها القرآن الكريم الذي قال تعالى فيه هنا { حكمة بالغة فما تغني النذر – القمر 5} وهذه النر لها منذر وهو رسول الله صلى الله عليه وآله ولكل قوم إماماً هادياً مهدياً من أهل بيته عليهم السلام لقوله تعالى { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد – الرعد 7 } والإنذار هنا بكتاب الله وهو نذير من النذر الأولى التي أنزلها الله تعالى على الأمم من قبل قال تعالى { هذا نذير من النذر الأولى – النجم 56 }

 ثم يقول تعالى :

(6) فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيئ نكر (6)

وهنا :

(فتول عنهم)

[ وتول بمعنى أدبر وذهب ] قال تعالى { فسقى لهما ثم تولى إلى الظل – القصص 24 }

والمعنى العام هنا أي مادمت أبلغتهم رسالة ربك تولى عنهم لأن الذكرى تنفع المؤمنين قال تعالى { فتول عنهم فما أنت بملوم وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ – الذاريات 54-55 }

وكذلك قال تعالى في نبيه صالح أيضاً عليه السلام بعدما أبلغهم رسالة ربه عز وجل { فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين – الأعراف 79 }  وقال تعالى أيضاً في نبيه  شعيب عليه السلام بعدما أبلغهم رساله ربه عز وجل : { فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين – الأعراف 93 }

وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله بأن يتولى عنهم إلى أجل هم بالغوه فغذا بلغوه فلن يستقدمون ساعة ولا يستأخرون قال تعالى { فتول عنهم حتى حين وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ – الصافات 174-177 } .

فإذا جاء أجلهم بعث الله تعالى إليهم بإمام يدعوهم إلى شيئ من كتاب الله ينكرونه كما في قوله تعالى هنا { فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر – القمر 6 }

وأما :

(يوم)

وهذا اليوم هو يوم معاد هلاك أمة كفرت بالله تعالى ورسوله وتركت العمل بما أنزل الله وهؤلاء لهم ميعاد يوم لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون قال تعالى { قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون – سبأ 30 } وهذا الأجل لهذه الأمة بين أجلين الأول في زمن النبي وقال تعالى فيه { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير – الانفال 41}  وهذا هو البعض مما توعدهم الله به تعالى من عذاب ثم يأتي البعض الآخر من هذا الوعيد آخر الزمان والذي يبدأ بتفرقهم واختلافهم وتقاتلهم فيتركهم الله تعالى لينتقم بعضهم من بعض كما في قوله تعالى { وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا – الكهف 99 } فإذا اقترب موعد النفخ في الصور بعث الله تعالى فيهم إماماً يكون  أجل هذه الأمة في تأويل لكتاب الله تعالى قال فيه

وهذا هو الوعد الثاني آخر الزمان والذي يبدأ بظهور تأويل آخر الزمان والذي قال تعالى فيه {   هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون – الأعراف 53 } .

ومع هذا التأويل تظهر معه آيات من الله تعالى فيها علامة من علامات الساعة قال تعالى فيها { هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون – الأنعام 158 }

وبالتالي أجل هذه الأمة يكون مرتهن بظهور إمام آخر الزمان والتأويل الذي بيناه من قبل وأجل هذه الأمة بظهوره قال تعالى : { وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعًا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ – يونس 46-49 } .

وهذين الوعيد قال تعالى فيهما صراحة { سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم – التوبة }

ويوم القيامة يدعوا الله تعالى كل أناس بإمامهم من ائتم بأهل بيت النبي عليهم السلام ومن ائتم بغيرهم قال تعالى { يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا – الإسراء 71 } وفي هذا اليوم تبيض وجوه وتسود وجوه الذين تفرقوا على أهل بيت نبيهم عليهم السلام قال تعالى { وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ  يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ- آل عمران 105- 106  } . وهؤلاء هنا الذين اسودت وجوههم كانوا يستنكرون دعوة الولاية لأهل بيت النبي عليهم السلام قال تعالى { يوم يدعوا الداع إلى شيء نكر – القمر6} .

وأما :

(يدع الداعي)

ودعوة الداعي هنا دعوتان الأولى في الدنيا  ورائدها وإمامها رسول الله صلى الله عليه وآله كما في قوله تعالى { يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم – الأحقاف 31 } وهذه الدعوة قال تعالى فيها { قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين – يوسف 108 } فلما دعا إلى الله تعالى كادوا يقتلونه كالأسد المتربص بفريسته كما في قوله تعالى { وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا – الجن 19 }

وعند الله تعالى لا يوجد دعوة مقبولة عنده تعالى خيراً ممن دعا إلى الله تعالى في الدنيا وعمل صالحاً قال تعالى { ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين – فصلت 33 } .

وآخر الزمان تظهر دعوة ينكرها خلف هؤلاء من المنافقين قال تعالى هنا { يوم يدع الداعي إلى شيئ نكر – القمر 6 } .

ثنيا : داعي الآخرة يوم القيامة لمن تولى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام ومن كان على ولايتهم أجاب الداعي ومن لم يكن على ولايتهم قال هذا يوم عسر قال تعالى { مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر – القمر 8 } أي [ مسرعين إلى ما دُعُوا إليه , يقول الكافرون : هذا يوم عسر شديد الهول – التفسير الميسر ] .

ولا تنفع في هذا اليوم غير شفاعة رسول الله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام ثم الشهداء والصالحين على اختلاف درجاتهم قال تعالى { يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا طه 108-109 } ومن رضى الله تعالى له قولا هم حزبه الغالبون المفلحون الذين تولوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام ولم يتولوا غيرهم ولو كانوا آبائهم قال تعالى : { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون – المجادلة 22 } وهذه ستكون دعوة منكرة لديهم من بعد موت النبي صلى الله عليه وىله إلى آخر أيام عمر الدنيا ويوم الفصل وظهور دعوة ينكرونها كما في قوله تعالى هنا { يوم يدع الداعي إلى شيئ نكر } .

وأما :

(إلى)

وهنا يبين تعالى أنه أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله كما أوحى للنبيين من قبله قال تعالى { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبورا – النساء 163 } فلما دعاهم إلى الله تعالى وكتابه الكريم قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آبانا كما في قوله تعالى { وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون – لمائدة 104 }

ورد لفظ إلى في قوله تعالى { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون –آل عمران 104 } فإذا تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحاكموا إلى الطاغوت ومنه الهوى كما في قوله تعالى { ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا – النساء 60 }

فإذا عم الفساد في الأرض وتحاكموا إلى الطاغوت ظهرت بينهم دعوة تكون منكرة فيهم وفيها هلاكهم كما في قوله تعالى هنا { يوم يدعوا الداع إلى شيء نكر } ونكرانهم هذه الدعوة تكون بجهلهم أموراً لا يعلمونها عن كتاب ربهم وشريعتهم كما في قوله تعالى عن إمام آخر الزمان وعلمه { قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون – يونس 35 } .

 

وأما :

( شيئ)

والتعجب لهؤلاء المشركين كان من بعثة رسول منهم كما في قوله تعالى { بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب – ق 2 } والتعجب من دعوته بألوهية الله تعالى وحده لا شريك له كما في قوله تعالى { أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب – ص 5 }

وهذه الدعوة تقوم على كلمة لا إله إلا الله وهى كلمة التقوى التي قال تعالى فيها { وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما – الفتح 26 } وقد بين الله تعالى أن كتابه الكريم تبياناً لكل شيئ كما في قوله تعالى { ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين- النحل 89 } ومن لم يعمل بكتاب الله تعالى فليس على شيئ كما قال تعالى { قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين – المائدة 68 }

وقد أمر الله تعالى بطاعة الله تعالى ورسوله وأولي الأمر منأهل بيته عليهم السلام ورد الخلاف معهم إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله إن كانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر كما في قوله تعالى {  يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا – النساء 59 }

ثم يبين تعالى أن من قريش منافقون قالوا هل لنا معك يارسول الله شيئاً من الحكم  قال تعالى : { ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا – آل عمران 154 } وهنا يبين تعالى أنهم قالوا بالظن هذه المقولة وغيرها من الظنون القائمة على الهوى وبغير علم من كتاب الله تعالى كما في قوله تعالى { وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا – النجم 28 }

فلما علموا أن الأمر في أهل بيته عليهم السلام كذبوا على الله تعالى ورسوله في مناقب الرجال والقبائل والبلدان وقال تعالى هنا في ذلك : { ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون – الأنعام 93 }

وهنا تفرقت الأمة مابين مصدق بمناقب أهل بيت النبي ومكذب بها ومعرض عن الإثنين معاً ممن لا يريدون إلا الحياة الدنيا وقال تعالى هنا في هذا التفرق : { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون- الانعام 159 }

وهنا ليوفيهم الله تعالى نصيبهم من الدنيا فتح عليهم أبواب كل شيئ تمنوه فيها قال تعالى { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون – الأنعام 44 }

ثم تظهر طائفة كبيرة وعريضة ممن لايعيرون لشرع الله بالا ولا يعملون بحلال ولا حرام ويعيشون كالأنعام  بل هم أضل وهؤلاء قال تعالى فيهم {  ويل لكل أفاك اثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين – الجاثية 7-9 }

ثم يأت زمان التقدم العلمي وفرحتهم بما أوتوا من ذلك العلم من صناعات صنعوها بأشيائ خلقها الله تعالى في أرضه وسماءه قال تعالى لهم لذلك هنا { أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار- الرعد 16 } وهنا يدعوهم الله تعالى بالسير في الأرض لينظروا كيف بدأ الله الخلق وكيف أهلك الأمم من قبل وكما خلقهم الله تعالى أول مرة فعله النشأة الآخرة و قال تعالى  فيها { قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير- العنكبوت 20 } فإذا كان قبل يوم القيامة وفي هذا العصر من العلم الدنيوي والصناعات الحديثة تظهر بين الناس دعوة تكون منكرة قال تعالى فيها هنا { يوم يدعوا الداع إلى شيئ نكر- القمر 6 } .

وأما :

(نكر)

[ ونكره : ستوحش منه ونفر وأصل ذلك أن يقال نكره جهله ومن جهل شيئاً استوحش منه في العادة وكرهه – معجم ألفاظ القرآن باب النون فصل الكاف والراء ] . وهذا التعريف بمعجم ألفاظ القرآن غير دقيق مثله في لسان العرب كما يلي

[ النُّكْر المُنْكَرِ نَكُرَ نَكارَةً والمُنْكَرُ من الأَمر: خلاف المعروف، وقد تكرر في الحديث الإِنْكار والمُنْكَرُ، وهو ضد المعروف، وكلُّ ما قبحه الشرع وحَرَّمَهُ وكرهه، فه مُنْكَرٌ، ونَكِرَه يَنْكَرُه نَكَراً، فهو مَنْكُورٌ، واسْتَنْكَرَه فه مُسْتَنْكَرٌ، والجمع مَناكِيرُ؛ عن سيبويه قال أَبو الحسن: وإِنم أَذكُرُ مثل هذا الجمع لأَن حكم مثله أَن الجمع بالواو والنون في المذك وبالأَلف والتاء في المؤنث والنُّكْرُ والنَّكْراءُ، ممدود: المُنْكَرُ وف التنزيل العزيز: لقد جئت شيئاً نُكْراً، قال: وقد يحرك مثل عُسْر وعُسُرٍ؛ قال الشاعر الأَسْوَدُ بنُ يَعْفُرَ أَتَوْني فلم أَرْضَ ما بَيَّتُوا وكانوا أَتَوْني بِشيءٍ نُكُر ِلأُنْكِحَ أَيِّمَهُمْ مُنْذِراً وهل يُنْكحُ العبدَ حُرٌّ لِحُرّْ ورجل نَكُرٌ ونَكِرٌ أَي داهٍ مُنْكَرٌ، وكذلك الذي يُنْكِر المُنْكَرَ، وجمعهما أَنْكارٌ، مثل عَضُدٍ وأَعْضادٍ وكَبِدٍ وأَكباد والتَّنَكُّرُ: التَّغَيُّرُ، زاد التهذيب: عن حالٍ تَسُرُّكَ إِلى حا تَكْرَهُها منه … لسان العرب لابن منظور ]

والأدق هنا والأقرب إلى الصواب :

[ أَنكَرَ: (فعل) • أنكرَ يُنكر ، إنكارًا ، فهو مُنكِر ، والمفعول مُنكَر. أنكر الشَّيءَ :جهلَه مع علمٍ به. أَنْكَرَ مَعْرِفَتَهُ : جَهِلَهُ، اِدَّعَى عَدَمَ مَعْرِفَتِهِ. أنكر كلامًا: لم يعترف بأنّه صادر منه،. أَنْكَرَ حَقَّهُ :- : جَحَدَهُ، نازَعَه.- المعاني الجامع ]

توضيح :

وهذه التعريفات المضطربة غير دقيقة لأن الكثير هنا لم يميزوا ويوضحوا الفرق بين الجهل والنكارة . قال تعالى مبيناً أن الفرق بين الجهل و النكارة أن أحد الطرفين يعرف الحقيقة و يريد توصيلها للطرف الآخر و بالفعل يوصل دعوته للطرف الجاهل بها قال تعالى في دخول الملائكة وهم يعلمون بحقيقة حضورهم وجهل نبي الله إبراهيم بأمرهم أطلق عليه القرآن الكريم هنا نكارة فقال تعالى { فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط – هود 70 } وبالتالي نكارة الشيء تأت عن جهل طرف دون طرف كما في قوله تعال عن إخوة نبي الله يوسف عليه السلام { وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون – يوسف 58 } . وقال تعالى أيضا { قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون – النمل 41 } والنكارة هنا بعلم نبي الله سليمان وجهل بلقيس ملكة سبأ .

وقال تعالى أيضاً { قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا – الكهف 87 } أي عذاباً يعلمه الله تعالى وقال فيه { وآخر من شكله أزواج } أي [ ولهم عذاب آخر من هذا القبيل أصناف وألوان – التفسير الميسر ] .

وإذا قال تعالى عن آياته { ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون – غافر 81 } ونكرانهم هنا لأن هناك مؤمنين يعلمون آيات الله ويؤمنون به تعالى وآخرين لا يعلمون ولا يؤمنون ولذلك قال تعالى { فأي آيات الله تنكرون } . وكأن الحقيقة نصفين بين المنكرين لها والآمرين المعروف كما في قوله تعالى { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون – آل عمران 104 }  فما ينكره هؤلاء يعرفه هؤلاء والمنكر جهل طائفة دون أخرى تعرف الحقيقة .

فلما ظهر فيهم من يتلون عليهم آيات الله تعالى في الدنيا تعرف في وجوه الكثير ممن كفر به تعالى وبرسوله المنكر و يكادون يسطون بهؤلاء المؤمنين كما في قوله تعالى { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير- الحج 72 } .

وفي كتاب الله تعالى الذكر والرسول منكرون عند طائفة كفرت به تعالى وبرسوله كما في قوله تعالى { وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون – الأنبياء 50 } وأما رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول فيه حال الموت ويوم القيامة عند الحساب { أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون – المؤمنون 69 } أي كيف يجهلوه وقد عرفه الله تعالى  للناس فآمن به من آمن من المؤمنين . وكفر به من كفر ممن أنكره و يوم القيامة سيجهلون دعوة الداع أيضاً كما في قوله تعالى هنا  { يوم يدعوا الداع إلى شيئ نكر – القمر 6 } .

هذا لشيئ النكر يعلمه رسول الله صلى الله عليه وعلمه أهل بيته عليهم السلام فنصف العلم بها عند الله تعالى ورسوله وأئمة أهل البيت عليهم السلام والنصف الآخر يجهله من كفروا به تعالى ورسوله وولاية أهل بيته عليهم السلام لذلك قال تعالى هنا { يوم يدعوا الداع إلى شيئ نكر – القمر 6 } وهذه الدعوة المنكرة يجهلها الأحزاب ممن فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون قال تعالى في هؤلاء المفرقين دينهم { ومن الأحزاب من ينكر بعضه – الرعد 36 } أي بعضهم يعرف وبعضهم يجهل أمر ولاية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وأهل البيت عليهم السلام وهم المستكبرين كما في قوله  تعالى { إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون – النحل 22 }

وورد في تفسير البرهان [ و قوله تعالى: { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَيْءٍ نُّكُرٍ } قال: الإمام [إذا خرج] يدعوهم إلى ما ينكرون. – تفسير البرهان للسيد هاشم البحراني ]

ثم يقول تعالى :

(7)  خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر (7)

وأما :

(خشعاً أبصارهم)

[ وخشع : سكن وأخبت وخشوع القلب ضراعته وسكونه ويتبعه سكون الجوارح – معجم ألفاظ القرآن باب الخاء فصل الشين والعين ] . والخشوع يوم القيامة  للأبصار والأصوات وهو السمع والقلوب

قال تعالى في خشوع الأصوات :

{ يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا – طه 108 }

وفي خشوع الأبصار يقول تعالى :

{ خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر –القمر 7 }

وفي خشوع القلوب يقول تعالى :

{ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون – الحديد 16 }

وكأنه يقول تعالى بأن الحواس التي خلقها الله تعالى في الخلق عند خروجهم من بطون أمهاتهم في قوله تعالى { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون – النحل 78 } هذه الحواس كلها بما وراء القلب وهو الفؤاد تكون منتبهة للداع يوم القيامة وهذا خشوع من الذل في هذا اليوم  قال تعالى { خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون – القلم 43 } وقال تعالى { خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون – المعارج 44 } وهذا هو اليوم الذي وعدهم الله تعالى به وأبلغتهم رسل ربهم به .

 

و تكون في هذا اليوم حواسهم الثلاثة خاشعة من الذل و هم يعرضون على جهنم قال تعالى { وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين في عذاب مقيم – الشورى 45 } .

وأما :

(يخرجون من الأجداث)

و[ الأجداث : جمع جدث وهو القبر – معجم ألفاظ القرآن باب الجيم فصل الدال والثاء ] قال تعالى عن نفخة البعث { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ – يس 51 } فيخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر قال تعالى هنا  { خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ- القمر 7 }

وأما :

(يخرجون من الأجداث كأنهم)

أي كأنهم مسرعين إلى نصب كانوا يعبدونه في الدنيا يقول تعالى أيضا : {   يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون – المعارج 43 } أي [ يخرجون من قبورهم مسرعين إلى الداعي، مستبقين إليه، كما كانوا في الدنيا يسرعون نحو أصنامهم وآلهتهم لكي يستلموها، ويلتمسوا منها الشفاعة. – التفسير الوسيط ]

وأما :

(كأنهم)

وهنا كأنهم أي كأنهم في هذا اليوم لم يلبثوا في الدنيا غير ساعة من نهار  { فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون – الأحقاف 35 } وفي هذا اليوم يتنافرون من بعضهم بعضاً لكل امرئ منهم شأن يغنية لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { كأنهم حمر مستنفرة – المدثر 50 }  .

وأما :

(جراد منتشر)

الجراد يبلغ من الكثرة ما يهلك بلدان بأكملها حتى قال تعالى في آل فرعون لعنهم الله : { فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين – الأعراف 133 } .

 

وأما :

(منتشر)

[ ومنتشر : من انتشر أي انبسط ] قال تعالى { ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون – الروم 20 } والإنتشار هنا كالجراد يكون بعد النشور وهو البعث من القبور قال تعالى { ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره – عبس 21-22 } فإذا أنشر الله الخلق من بعد موتهم خرجوا كما في الآية هنا كالجراد المنتشر قال تعالى { خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر – القمر 7 }

ثم يقول تعالى :

(8) مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر (8)

وهنا :

(مهطعين)

[ والمهطع : الذي ينظر في ذل وخشوع والمقنع الذي يرفع رأسه وينظر في ذل وهطع وأهطع :أقبل مسرعاً خائفاً والإهطاع رفع الرأس ومد العنق وشخوص البصر وهذا من أثار التحير و الدهشة – معجم ألفاظ القرآن باب الهاء فصل الطااء والعين ] .

قال تعالى{ فمال الذين كفروا قبلك مهطعين عن اليمن وعن الشمال عزين – المعارج 36-37 } [ فأيُّ دافع دفع هؤلاء الكفرة إلى أن يسيروا نحوك – أيها الرسول- مسرعين، وقد مدُّوا أعناقهم إليك مقبلين بأبصارهم – التفسير الميسر ] فإذا خرجوا من قبورهم كانوا مهطعين من الدهشة والتحير فقالوا هذا يوم عسر كما في قوله تعالى هنا { مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ- القمر 8 }

فإذا خرجوا من قبورهم

{ مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء – إبراهيم 43 }

أي [ يوم يقوم الظالمون من قبورهم مسرعين لإجابة الداعي رافعي رؤوسهم لا يبصرون شيئًا لهول الموقف, وقلوبهم خالية ليس فيها شيء; لكثرة الخوف والوجل من هول ما ترى. – التفسير الميسر ] .

 

وأما :

(إلى الداع)

وهذا الداع يوم القيامة يدعوا إلى شيئ نكر كما بينا من قبل قال تعالى : { فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر – القمر 6 }

وأما :

(يقول الكافرون)

أي أنه يقول تعالى لهؤلاء في الدنيا ووقبل رحليهم منها منذراً : { إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه و يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا – النبأ 40 } فإذا ماتوا أحياهم الله تعالى فيخرجون من الأجداذ كأ،هم جراد منتشر قائلين هذا يوم عسر قال تعالى { خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر – القمر 7-8 }

فإذا عرضوا على جهنم قالوا ياليتنا كنا تراباً كما في قوله تعالى { ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون – الأحقاف 34 }

 وأما :

(هذا يوم)

أي أن هذا يوم الفصل كما في قوله تعالى { هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين – المرسلات 38 } وفي هذا اليوم لا ينطقون كما في قوله تعالى { هذا يوم لا ينطقون – المرسلات 35 }

عسر} . وكما هو يوم عسير على الكافرين كما في قوله تعالى { يقول الكافرون هذا يوم عسر } فهو يوم ينفع الصادقين فيه صدقهم كما في قوله تعالى {  قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم – المائدة 119 } .

وأما :

(يوم عسر)

والعسر ضد اليسر قال تعالى { لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا – الطلاق 7 } ويوم العسر هو يوم القيامة على الكفار والمنافقين يوم عسير قال تعالى فيه { الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا – الفرقان 26 } ولعسرة ههذا اليوم قال الكافرون عنه هنا أنه يومم عسر قال تعالى : { مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر – القمر 8 }

ورد في تفسير البرهان : [ .. عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن علي ابن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن ثوير بن أبي فاختة، قال: سمعت علي بن الحسين (عليه السلام) يحدث في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: “حدثني أبي، أنه سمع أباه علي بن أبي طالب (عليه السلام) يحدث الناس، قال: إذا كان يوم القيامة بعث الله تبارك و تعالى الناس من حفرهم غرلا بهما جردا مردا في صعيد واحد يسوقهم النور، و تجمعهم الظلمة، حتى يقفوا على عقبة المحشر، فيركب بعضهم بعضا، و يزدحمون دونها، فيمنعون من المضي، فتشتد أنفاسهم، و يكثر عرقهم، و تضيق بهم أمورهم، و يشتد ضجيجهم و ترتفع أصواتهم. قال: و هو أول هول من أهوال يوم القيامة، قال: فيشرف الجبار تبارك و تعالى عليهم من فوق عرشه [في ظلل من الملائكة فيأمر ملكا من الملائكة، فينادي فيهم]: يا معشر الخلائق، أنصتوا و اسمعوا منادي الجبار، قال: فيسمع آخرهم كما يسمع أولهم، قال: فتنكسر أصواتهم عند ذلك، و تخشع أبصارهم، و تضطرب فرائصهم، و تفزع قلوبهم، و يرفعون رؤوسهم إلى ناحية الصوت مهطعين إلى الداعي، قال: فعند ذلك يقول الكافرون هذا يوم عسر”. – البرهان للسيد هاشم البحراني ] .

ثم يقول تعالى :

(9) كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر (9)

وهنا :

(كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا)

وهنا يبين تعالى أن قوم نوح كذبوه عيه السلام وكذلك قوم عاد وثمود وقوم إبراهيم ولوط وقوم شعيب أملى لهم الله تعالى ثم أخذهم بظلمهم قال تعالى : { وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍۢ وَعَادٌۭ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْرَٰهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍۢ وَأَصْحَـٰبُ مَدْيَنَ ۖ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ فَأَمْلَيْتُ لِلْكَـٰفِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـٰهَا وَهِىَ ظَالِمَةٌۭ فَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍۢ مُّعَطَّلَةٍۢ وَقَصْرٍۢ مَّشِيدٍ أَفَلَمْ يَسِيرُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌۭ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ ءَاذَانٌۭ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى ٱلْأَبْصَـٰرُ وَلَـٰكِن تَعْمَى ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِى فِى ٱلصُّدُورِ – الحج 42-46 }

ثم يقول تعالى أن هذه الأمم كذبت رسلهم فحق عقابهم قال تعالى : { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍۢ وَعَادٌۭ وَفِرْعَوْنُ ذُو ٱلْأَوْتَادِ وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍۢ وَأَصْحَـٰبُ لْـَٔيْكَةِ ۚ أُو۟لَـٰٓئِكَ ٱلْأَحْزَابُ إِن كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ وَمَا يَنظُرُ هَـٰٓؤُلَآءِ إِلَّا صَيْحَةًۭ وَٰحِدَةًۭ مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍۢ  – ص 11-15 }

وهنا يبين تعالى أنهم بعد أن كذبوه قالوا فيه أنه مجنون وزجروه ونهروه بشده قال تعالى { كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر – القمر 9 }

وهؤلاء بتكذيبهم لرسلهم وزجرهم ونهرهم واتهامهم بالجنون حق عقابهم كذلك ليعلم العالم أن وعد الله تعالى ووعيده حق قال تعالى : { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍۢ وَأَصْحَـٰبُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ وَعَادٌۭ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَٰنُ لُوطٍۢ  وَأَصْحَـٰبُ ٱلْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍۢ ۚ كُلٌّۭ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلْأَوَّلِ ۚ بَلْ هُمْ فِى لَبْسٍۢ مِّنْ خَلْقٍۢ جَدِيدٍۢ – ق 12-15 }

ثم يبين تعالى أن كل أمة كذبت رسلها وهمت كل أمة بقتل رسولها وجادلوا بالباطل فكيف كان عقاب قال تعالى { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍۢ وَٱلْأَحْزَابُ مِنۢ بَعْدِهِمْ ۖ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍۭ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ ۖ وَجَـٰدَلُوا۟ بِٱلْبَـٰطِلِ لِيُدْحِضُوا۟ بِهِ ٱلْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ وَكَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ أَنَّهُمْ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ – غافر 5-6 } .

وأما :

(عبدنا)

وهو سيدنا نوح لقوله تعالى فيه { ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكورا – الإسراء 3 } فلما بعثه الله تعالى إليهم قال لهم { لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم – الأعراف59  }  فكذبوه وقالوا فيه مجنون وازدجر قال تعالى { كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر – القمر 9 }

وعن قصة نبي الله نوحاً مع قومه وتكذيبهم له عليه السلام قال تعالى :  { إِنَّآ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِۦٓ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌۭ قَالَ يَـٰقَوْمِ إِنِّى لَكُمْ نَذِيرٌۭ مُّبِينٌ أَنِ ٱعْبُدُوا ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰٓ أَجَلٍۢ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُ ۖ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ قَالَ رَبِّ إِنِّى دَعَوْتُ قَوْمِى لَيْلًۭا وَنَهَارًۭا فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآءِىٓ إِلَّا فِرَارًۭا وَإِنِّى كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوٓا۟ أَصَـٰبِعَهُمْ فِىٓ ءَاذَانِهِمْ وَٱسْتَغْشَوْا۟ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا۟ وَٱسْتَكْبَرُوا۟ ٱسْتِكْبَارًۭا ثُمَّ إِنِّى دَعَوْتُهُمْ جِهَارًۭا ثُمَّ إِنِّىٓ أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًۭا – نوح 1-9 } .

وأما :

( وقالوا مجنون)

وهنا يبين تعالى أن كل الأمم من قبل ومن بعد إذا بعث فيهم نبياً أو رسولاً  قالوا فيه ساحر أو  مجنون قال تعالى { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون – الذاريات 52 } .

وأما :

(وازدجر)

[ وزجره يزجره زجراً : انتهره ونهاه ودفعه وطرده – معجم ألفاظ القرآن باب الزاي فصل الجيم والراء ] . قال تعالى { ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر – القمر 4 } أي أرسل الله تعالى إليهم رسلاً بكتب فيها أنباء تنهاهم نهياً شديداً عن الكفر والنفاق أي فيها نصوص زاجرة فقابلو كتب ربهم بزجر أنبياء الله تعالى وكأنهم يحاربون الله تعالى في رسله وأنبيائه قال تعالى هنا {  وقالوا مجنون وازدجر – القمر 9 } ولذلك هم لن يجدزا أمامهم غير عذاب الله تعالى ومنه زجرة يوم الفصل ويوم القيامة التي قال تعالى فيها { فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون – الصافات 19 } .

ثم يقول تعالى :

(10) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر (10)

وهنا :

(فدعا ربه)

أي أنه دعا على قومه عليه السلام كما قال تعالى في دعاء نبي الله موسى عليه السلام على فرعون لعنه الله { فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون – الدخان 22 } وكان دعاؤه هنا قوله تعالى {  فدعا ربه أني مغلوب فانتصر – القمر 10 } ثم دعا على قومه لما أيس من إيامنهم وتأكد له يقيناً أنهم لن يؤمنوا وهنا قال { وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا – نوح 26-27 }

وأما :

(أني)

ورد هذا اللفظ عن سيدنا موسى عليه السلام في قوله تعالى { وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين – الصف 5 } وعلى ذلك يبين تعالى لنا هنا أنهم آذوه وحاربوه لذلك دعا ربه قائلا { فدعا ربه أني مغلوب فانتصر – القمر 10 } .

وأما :

(مغلوب)

ومغلوب بمعنى مقهور أمام جدالهم بالباطل وحربهم له وأذاهم له عليه السلام لورود هذا اللفظ عل الغلبة بالحجة في قوله تعالى { فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين –الشعراء 41 } .

وبالتالي هذه الآية تبين جدالهم مع نبي الله نوحاً عليه السلام ليدحضوا الحق الذي أنزله الله تعالى عليه وحربهم له وإيذائهم أيضاً لورود هذا اللفظ على المغالبة العسكرية في الحروب كما في قوله تعالى { غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون – الروم } كما أنهم لما كذبوه كأنهم غالبوه على أمره فلم يطيعوه عليه السلام وعملوا وفق أهوائهم وأوامرهم قهراً وغلبة لنبي الله نوح عليه السلام بالقوة لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا – الكهف 21 } .

فلما غالبوه باللسان والسنان وعملوا بأوامرهم مخلفين بذلك أوامرالله تعالى ورسوله وكذبوه دعا ربه تعالى قائلا { فدعا ربه أني مغلوب فانتصر } .

وأما :

(فانتصر)

[ وتناصر القوم : نصر بعضهم بعضا وانتصر من عدوه انتقم منه وانتصر ممن تعدى عليه : أخذ حقه وانتصف منه وانتصر : امتنع من ضر يراد به وتحصن – معجم ألفاظ القرآن باب النون فصل الصاد والراء ] قال تعالى { وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر – الأنفال 72 } وقال تعالى أيضاً { مالككم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون – الصافات 25-26 } أي أن استنصاره بالله هنا طلب النصرة من الله تعالى لكفر القوم وعدم إيمانهم ولا أمل في رجوعهم إلى الله تعالى بالتوبة والعمل الصالح فدعا ربه مستنصراً به تعالى أن ينصره كما في الآية هنا { فدعا ربه أني مغلوب فانتصر } .

ثم يقول تعالى :

(11) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر (11)

وهنا :

(ففتحنا أبواب السماء )

وفتح أبواب السماء كما قال تعالى { وفتحت السماء فكانت أبوابا – النبأ 19 } وهذه الأبواب إما لنزول خير للناس كما في قوله تعالى { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون – الأعراف 96 } . أو أبواب السماء لصعود أعمال البشر وأنفسهم الطيبة بعد موتهم إن ماتوا على الإسلام والإيمان فإن ماتوا على كفر أو نفاق لا تفتح لهم أبواب السماء كما قال تعالى { إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين – الأعراف 40 }

و هنا فتح الله تعالى على الكفار بالله تعالى و ما أنزل على نبي الله نوحاً عليه السلام بماءاً منهمر قال تعالى فيه { ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر – القمر 11 } .

وأما :

(بماء)

وهذا الماء أنزله الله تعالى من السماء فتسيل أودية بقدرها إن كانت رحمة من الله تعالى كقوله تعالى { أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا – الرعد 17 } وأما مع قوم نوح فكانت انتقاماً إلهياً بماء منهمر من السماء وتفجرت الأرض عيوناً قال تعالى { وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين – هود 42-44 }

وأما :

(منهمر)

[ وانهمر الماء : سال في كثرة وتتابع ويقال من هذا : انهمر المطر : نزل غزيراً والوصف منهمر – معجم ألفاظ القرآن باب الهاء فصل الميم والراء ] والكلمة ليس لها مرادف آخر في كتاب الله قال تعالى { ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر– القمر 11 } .

ثم يقول تعالى :

(12) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قُدِر (12)

وهنا :

(وفجرنا الأرض عيونا)

[ والفجر أصله الشق و التفتح في الشيئ ] . قال تعالى { وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا – الإسراء 90 } وهذه الينابيع عيوناً و الفرق بينهما أن الينبوع ماء هادئ والعين فوارة يندفع منها الماء قال تعالى { وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون – يس 34 } وعن عيون الجنة واندفاع الماء منها قال تعالى  { فيهما عينان نضاختان -الرحمن }  و هنا يبين تعالى أن الأرض تفجرت منها عيوناً من الماء أغرق قوم نوح لعنهم الله كما في قوله تعالى هنا : { وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر – القمر 12 }

ولورود تفجر العيون للأسباط الإثني عشر من بني إسرائيل في قوله تعالى { وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين – البقرة 60 } فيها إشارة إلى أن إفساد بني إسرائيل آخر الزمان يحذرهم الله تعالى من نفس مصير قوم نوح إذا علوا في الأرض في زمن قال تعالى فيه { ولتعلن علواً كبيرا } .

وأما :

(فالتقى)

و[ لقى الرجل يلقاه : قابله أو وجده ] قال تعالى { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير –الأنفال41 }

وهنا الللقاء كان بين مائي السماء المنهمر ولمتفجر من عيون الأرض قل تعالى { ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قُدِر – القمر 11-12 }

وهذا هو اليوم الذي وعد الله تعالى به كفار ومنافقي كل زمان كما في قوله تعالى : { فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون – الزخرف 83 } والآية مكررة بتمامها في (سورة المعارج 42) وهو يوم في آخر الزمان يصعقون فيه قال تعالى { فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون – الطور 45 } و هذه الصاعقة قال تعالى فيها متوعدا أمتين ستقلدان إحداهما قوم عاد و الأخرى قوم ثمود قال تعالى فيهما : { فإن أعرضوا فقل أنذرتم بصاعقة مثل صاعقة عاد وثمود – فصلت 13} .

وأما :

(الماء)

هو ماء السماء وماء الأرض كما في قوله تعالى { ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قُدِر – القمر 11-12 }

وأما :

(على أمر)

أي أن الله تعالى غالب على أمره كما في قوله تعالى { وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ – يوسف 21 } أي أن أكثر الناي لا يعلمون أن الله غالب على أمره مهما كاد ومكرا كفار كل زمان . ولا يحدث أي شيئ من خير أو شر ثواب أو عقاب إلا من بعد إذنه تعالى كما في قوله تعالى : { إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون – يونس 3 } . ولما أراد الله تعالى هلاك قوم نوح قدر التقاء ماءي السماء والأرض كما في قوله تعالى هنا { ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قُدِر- القمر 11-12 } .

وأما :

(قد)

أي أنه يقول تعالى للناس { يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم و إن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما – النساء 170 } ولما كفر قوم نوح أهلكهم الله تعالى بماء منهمر من السماء ومتفجراً من الأرض فالتقى الماء على أمر قد قدر في علم الله تعالى قال تعالى هنا { ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قُدِر- القمر 11-12 } . ومن تقلد بهم خاب وخسر الدنيا والآخرة كما قال عز وجل { قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون – الأنعهام 31 }

وأما :

( قُدِر)

وهنا يبين تعالى أنه خلق عز وجل كل شيئ فقدره تقديرا كما في قوله تعالى { الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا – الفرقان 2 } .

وبالتالي أمر الله تعالى في كل شيئ خلقة من خير وشر ثواب وعقاب وفق قدر مقدور قال تعالى فيه { وكان أمر الله قدراً مقدورا– الأحزاب 38 } .  ومما قدره الله تبارك وتعالى موت الخلائق كما في قوله تعالى { نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين – الواقعة 60 } وكان مما قدره الله تعالى هنا التقاء ماء السماء والأرض لإغراق قوم نوح بكفرهم وظلمهم كما في قوله تعالى { ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قُدِر– القمر 11-12 } .

ثم يقول تعالى :

(13) وحملناه على ذات ألواح ودسر(13)

وهنا :

(وحملناه)

وحملناه هنا أي في الفلك المشحون لقوله تعالى { وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون – يس 41 } وهى السفن الجارية التي حمل فيها الله تعالى بني آدم لما طغى الماء وأغرق قوم نوح كما في قوله تعالى ( إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية – الحاقة 11 } وهذه السفن الجارية هنا مصنوعة من ألواح ومسامير وهى الدسر قال تعالى { وحملناه على ذات ألواح ودسر – القمر 13 } .

وأما :

(ذات)

و[ ذات : مؤنتث ذو أي صاحبة ] قال تعالى { فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام – الرحمن 11 } .  والمعنى هنا أن الجارية صاحبة الألواح والدسر قال تعالى { وحملناه على ذات ألواح ودسر – القمر 13 }

وأما :

(الواح)

و[ ألواح : جمع لوح واللَّوْحُ : كُلُّ صفيحة عريضة من خشب أو غيره- معجم المعاني الجامع ]

قال تعالى في ألواح نبي الله موسى وعلى ذلك يبين الله تعالى أنها كانتألواح من خشب قال تعالى فيها { وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين – الأعراف 145 } وقال تعالى أيضاً : { ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون – الأعراف 154 } وطالما سمعنا قوله تعالىأن فيها هدى أي فيها أوامر الله تعالى وكلامه لقوله تعالى { إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور } وفيها أسم محمد صلى الله عليه وآله لقوله تعالى { وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ – النور54 } وفيها أسماء كل إمام هاد مهدي من أهل بيت النبي هليهم السلام لقوله تعالى { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد – الرعد } وهنا يكون بالفعل نبي الله نوح عليه السلام استشفع في دعاءه للنجاة برسول الله النبي الخاتم وأهل بيته عليهم السلام وربما كتب هذه الأسماء على ألواح تلك السفينة للنجاة من عذاب الله تعالى النازل على القوم الظالمين .

وأما :

(ودسر)

[ ودسره يدسره دسراً : دفعه بشدة وقهر والدسار المسمار وجمعه دُسُر وسمي المسممار بذلك لأنه يدق ويدفع بشدة  – معجم ألفاظ القرآن باب الدال فصل السين والراء ] قال تعالى { وحملناه على ذات ألواح ودسر –القمر 13 } وهى السفينة الجارية . و اللفظ ليس له مرادف .

ثم يقول تعالى :

(14) تجري بأعيننا جزاءاً لمن كان كُفِر (14)

وهنا :

(تجري)

أي أنها وهى تجري بهم في موج كالجبال كما قال تعالى { وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين – هود 42 } وفي هذه اللحظة كانت السفينة تجري بأمره تعالى و تحت رعايتة وأمنه كما في قوله تعالى { ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم  -الحج 65 }  وأمر الله تعالى هنا رعايته وحماية المؤمنين من الهلاك كما في قوله تعالى هنا { تجري بأعيننا جزاءاً لمن كان كُفِر } .

وأما :

(بأعيننا)

وهنا يبين تعالى أن عين الله تعالى ورعايته وحمايته ودفاعه عن المؤمنين لا تكون إلا لمن صبر على الطاعة والبلاء قال تعالى { واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم –الطور 48 }

ثم يبين تعالى أنه قد أوحى إلى نبي الله نوحاً عليه السلام بكيفية صناعتها وبرعايته تعالى له ومن آمن معه لذلك يأمره تعالى بأن يجمع فيها من كل المخلوقات زوجين اثنين ذكر وأنثى قال تعالى { فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون – المؤمنون 27 } فإذا صنعها بوحي من الله و تحت رعايته تعالى بشره بإغراق الظالمين كما في قوله تعالى { واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون – هود 37 } أي [ واصنع السفينة بمرأى منَّا وبأمرنا لك ومعونتنا، وأنت في حفظنا وكلاءتنا, ولا تطلب مني إمهال هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم من قومك بكفرهم, فإنهم مغرقون بالطوفان. وفي الآية إثبات صفة العين لله تعالى على ما يليق به سبحانه. –التفسير الميسر ] فلما صنع بعين الله ووحيه وجرت بعين الله تعالى وأغرق الظالمين بين تعالى كانت تجري تحت عين الله تعالى كما في الآية هنا : { تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر – القمر 14 } .

وأما :

(جزاءاً)

وهنا يبين تعالى أن نجاتهم هذه كانت جزاءاً من الله تعالى على إيمانهم الصادق وأعمالهم الصالحة  لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { جزاء بما كانوا يعملون – الواقعة 24 } ويقول تعالى { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان – الرحمن 60 } . ولورود لفظ الجزاء على نزول السكينة على رسول الله صلى الله عليه وآله والمؤمنين وعقاب الظالمين في قوله تعالى { ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين – التوبة 26 } وكما فعل الله تعالى مع رسوله كذلك فعل أيضاً سبحانه وتعالى مع أنبياء الله تعالى من قبل في سنة لا تتبدل ولا تتغير ثم يدخلون النار { وذلك جزاء الظالمين – الحشر 17 } كما قال تعالى هنا في الآية وتلك النجاه من الهلاك ثم دخول الجنة جزاء للمؤمنين الذين كفر بهم قومهم .كما في قوله تعالى{ جزاءاً لمن كان ُكفِر} .

وأما :

(لمن كان)

وهنا يقول تعالى في كتابه الكريم { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ق -37 } وقد جعل الله تعالى رسوله الخاتم أسوة حسنة لمن أراد رضا الله تعالى والدار الآخرة كما في قوله تعالى { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا – الحزاب 21 }  فإن كفروا بالله تعالى ورسوله ونافقوا فالله تعالى مهلكهم كما أهلك قوم نوح والذين من بعدهم وذلك جزاءاً لمن كان كفر كما في قوله تعالى هنا { جزاءاً لمن كان كُفِر} .

وأما :

(كُفِر)

وهؤلاء هم الذين كفروا بالله تعالى وبنبي الله نوحاً عليه السلام لذلك دعا عليهم عليه السلام في قوله تعالى { وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا – نوح 26-27 } وكما كفر هؤلاء فعاقبهم الله تعالى كذلك سيعاقب كفار ومنافقي آخر الزمان فقال تعالى فيهم لعنهم الله تعالى في الأولين والآخرين { أكفاركم خير من أولائكم أم لكم براءة في الزبر أم يقولون نحن جميع منتصر سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر – القمر} .

ثم يقول تعالى :

(15) ولقد تركناها آية فهل من مذكر (15)

وهنا :

(ولقد)

{ تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين – الأعراف 101 } ومن هذه القصص هنا قصة نبي الله نوح عليه السلام والتي قال تعالى فيها : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِۦٓ إِنِّى لَكُمْ نَذِيرٌۭ مُّبِينٌ أَن لَّا تَعْبُدُوٓا۟ إِلَّا ٱللَّهَ ۖ إِنِّىٓ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍۢ فَقَالَ ٱلْمَلَأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ مِن قَوْمِهِۦ مَا نَرَىٰكَ إِلَّا بَشَرًۭا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَىٰكَ ٱتَّبَعَكَ إِلَّا ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِىَ ٱلرَّأْىِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍۭ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَـٰذِبِينَ قَالَ يَـٰقَوْمِ أَرَءَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍۢ مِّن رَّبِّى وَءَاتَىٰنِى رَحْمَةًۭ مِّنْ عِندِهِۦ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَـٰرِهُونَ وَيَـٰقَوْمِ لَآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ ۚ وَمَآ أَنَا۠ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ ۚ إِنَّهُم مُّلَـٰقُوا۟ رَبِّهِمْ وَلَـٰكِنِّىٓ أَرَىٰكُمْ قَوْمًۭا تَجْهَلُونَ وَيَـٰقَوْمِ مَن يَنصُرُنِى مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ وَلَآ أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلَآ أَقُولُ إِنِّى مَلَكٌۭ وَلَآ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِىٓ أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيْرًا ۖ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِىٓ أَنفُسِهِمْ  ۖ إِنِّىٓ إِذًۭا لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ قَالُوا۟ يَـٰنُوحُ قَدْ جَـٰدَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَٰلَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُم بِمُعْجِزِينَ وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِىٓ إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ ۚ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰهُ ۖ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُۥ فَعَلَىَّ إِجْرَامِى وَأَنَا۠ بَرِىٓءٌۭ مِّمَّا تُجْرِمُونَ وَأُوحِىَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُۥ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ ءَامَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا۟ يَفْعَلُونَ وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَـٰطِبْنِى فِى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓا۟ ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌۭ مِّن قَوْمِهِۦ سَخِرُوا۟ مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا۟ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌۭ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌۭ مُّقِيمٌ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّۢ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ وَمَنْ ءَامَنَ ۚ وَمَآ ءَامَنَ مَعَهُۥٓ إِلَّا قَلِيلٌۭ – هود 25-40 } .

ثم يقول تعالى أنه قد مكن الأمم من بعدهم بعدما أورثهم الأرض ولكن قليلاَ ما يشكرون الله تعالى على نعمائه قال تعالى  { ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون – الأعراف 10 }

وأما :

( ولقد تركناها آية)

أي أنه يقول تعالى

{ ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون – العنكبوت 35 }

ثم يبين تعالى أنه ترك من الأمم السالفة آية لآخر الأمم كما قال تعالى في قوم نوح عليه السلام { وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ  وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ – الصافات 75-78 }

وفي سيدنا إبراهيم عليه السلام يقول تعالى { وتركنا عليه في الآخرين – الصافات 108 } وفي موسى وهارون عليهما السلام يقول تعالى { وتركنا عليهما في الآخرين – الصافات 119 } وفي سيدنا إلياس وقومه يقول تعالى { وتركنا عليه في الآخرين سلام على إل ياسين – الصافات 129-130 } وهذه الآيات تركها الله تعالى من الأمم السالفة لمن يخافون العذاب الأليم قال تعالى { وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم – الذاريات 37 } وهنا يقول تعالى فهل من مدكر قال تعالى { ولقد تركناها آية فهل من مدكر }

وأما :

 (فهل من مدكر)

[ وادكر ومدكر : أصلها اذتكر ومعناها تذكرها واستحضرها فهو مدكر – معجم ألفاظ القرآن باب الذال فصل الكاف والراء ]  قال تعالى { وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ – يوسف 45 } أي [ وقال الذي نجا من القتل من صاحبَي يوسف في السجن وتذكر بعد مدة ما نسي من أمر يوسف: أنا أخبركم بتأويل هذه الرؤيا, فابعثوني إلى يوسف لآتيكم بتفسيرها.- التفسير الميسر ] وبالتالي يقول تعالى { ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر – القمر 51 }

ومن أراد أن يتذكر فعليه بالقرآن الكريم الذي قال تعالى فيه وفي تيسير فهمه ودراسته وتلاوته وتدبره { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر – القمر 17 } .

ثم يقول تعالى :

(16) فكيف كان عذابي ونُذُر (16)

وهنا :

(فكيف كان)

{ وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير – سبأ 45 }  أي [ فكيف كان إنكاري عليهم كفرهم وتكذيبهم، وتبديل ما كان بهم مِن نعمة بالعذاب والهلاك – التفسير الميسر ] وكان إنكار الله تعالى عليهم هنا عقابهم لكفرهم واستهزائهم برسل الله تعالى عليهم السلام  كما قال تعالى { ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير – فاطر 26 }  وقوله تعالى { ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب – الرعد 32 } وما كان هذا العقاب إلا بعد محاولاتهم قتل رسلهم لعنهم الله كما في قوله تعالى  { كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب – غافر 5 } . فلما قعاقبهم الله تعالى قال تعال  هنا { فكيف كان عذابي ونذر } ثم يدعوا الله تعالى الناس بالسير في الأرض لينظروا كيف كان عاقبة المكذبين والمفسدين والظالمين قال تعالى { قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين -الأنعام 11 } وهؤلاء هم القوم المجرمين الذين قال تعالى فيهم { قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين – النمل 69 } ومن هؤلاء القوم المجرمين الذين ستظهر أعمالهم مرة أخرى قبل الساعة أمة ثمود لعنهم الله وقتلهم الناقة وهم رمزلأمة تقل أهل بيت النبي عليهم السلام وأتباعهم قال تعالى { ومكروا مكراً ومكرنا مكراً فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين – النمل 50-51 } وقد توعدهم الله تعالى بصاعقة قبل يوم القيامة هم وأمة أخرى ستسير على نهج قوم عاد قال تعالى { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم بصاعقة مثل صاعقة عاد وثمود – فصلت 13 }

و كذلك  قوم لوط وعملهم المشين لعنهم الله و قال تعالى فيهم : {  وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين – الأعراف 84 } وكذلك النهج الفرعوني في الدعوة لطلاعة المطلقة لحكام آخر الزمان وهى ألوهية فرعون وهذه الجريمة ستظهر بين حكام آخر الزمان أيضاً وهنا قال تعالى  { ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين – الأعراف 103 } وسيظهر الجحود بنعم الله تعالى وأولها نعمة القرآن الكريم وسننة رسوله الكريم صلى الله عليه وإمامة أهل بيته وهذا تماماً كما جحد فرعون وملئه نعم الله تعالى التي جائهم بها نبي الله موسى عليه السلام وقال تعالى في ذلك عنهم { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين – النمل 14 }

وهذه الأمم كانت أقوى ممن جاءوا من بعدهم  فلم يعجزوا الله تعالى شيئاً كما في قوله تعالى { أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون – غافر 82 }

ولأمتنا يقول تعالى أنه سيرسل إليهم من علامات الساعة تأويلاً للقرآن الكريم قبل هلاكهم مثلما فعل بالأمم من قبل فقال تعالى فيه { هل ينظرون إلا تأويله – الأعراف } وهذا التأويل سيكذبون به وتكون نهايتهم فيه إذا كذبوا به لقوله تعالى { بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين – يونس 39 } ويقول تعالى لهم إن كانوا لا يصدقون فليسيروا في الأرض لينظروا آثار الأمم البائدة كيف أفناهم الله تبارك وتعالى ودمرهم وللكافرين إذا ساروا على نهج قوم نوح في ظلمهم و عاد وثمود ولوط وفرعون مدعي الطاعة المطلقة له وحده دون منازع و شعيب في بخس الميزان والربا وجحود نعم الله تعالى فسيدمرهم الله تعالى كما دمر للأمم الظالمة من قبل وقال تعالى فيهم هنا في قوم نوح { فكيف كان عذابي ونذر – القمر18  } وقال تعالى في قوم عاد أيضاً نفس الاية : { فكيف كان عذابي ونذر – القمر 21 } وفي قوم ثمود يقول تعالى أيضاً { فكيف كان عذابي ونذر –القمر 30 } وكما فعل الله تعالى بهذه الأمم من قبل كذلك سيهلك من تقلد بهم من الظالمين كما في قوله تعالى { أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها – محمد 10 } .

وأما :

(عذابي)

وهنا يقول تعالى مبيناً أنه أمر باتباع كتابه الكريم والعمل به طاعة رسوله صلى الله عليه وآله كما في قوله تعالى { واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون – الزمر 55 }

ويقوول تعالى مبيناً أنه هو الغفور الرحيم وأن عذابه على الكفار والمنافقين والعصاة والظالمين هو العذاب الأليم قال تعالى : { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم – الحجر 49-50 } وهذا العذاب يأخذ الأمم إذا كفرت بالله تعالى و عصت رسل ربهم كما في قوله تعالى { وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون- النحل 112-113}

وعن رحمته تعالى جعلها لمن اتبعه عز وجل وعمل بأوامره تعالى وأطاع رسوله صلى الله عليه وآله قال تعالى { واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ –  الأعراف 156-157 }.

أي أن عذابه تعالى لمن كفر به عز وجل كما في قولهه تعالى{ وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد – إبراهيم 7 }

ويبين تعالى أن قوماً من قريش قد استعجلوا نزول العذاب عليهم ولكن بين تعالى أن لهم أجلاً وموعداً لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون كما في قوله تعالى { ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون – العنكبوت 53 } وقبل نزول هذا الأجل بين تعالى انه سيعذبهم عذاباً أدنى من العذاب الأكبر لعلهم يتوبون من قريب كما في قوله تعالى { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون – السجدة 21 }

 

م يعظهم الله تعالى قبل نزول العذاب عليهم قائلاً { أنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون – الزمر 54 } .

ومن العذاب الأدنى قبل نزول العذاب الأكبر عليهم وعيده للمخلفين من الأعراب حيث توعدهم الله تعالى بقتال قوماً شديدوا البأس بعصيانهم لله تعالى ورسوله كما في قوله عز وجل { قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما – الفتح 16 }

فإذا بلغوا أجلهم المحدد لهم نزل بهم العذاب الأكبر وهما عذابين في حقبتين مختلفتين وهذا يثبت أنهم إن لم يعاينوه بأجسادهم فسيذوقون منه في حياة البرزخ ولذلك يقوول تعالى { ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله }

فإذا بلغوا أجلهم ضربهم الله تعالى بصاعقة مثل صاعقة عاد وثمود لتقليدهم قوم عاد وثمود في جرائمهم قال تعالى { فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ –فصلت 13-18 } وهذا هو العذاب الثاني الذي توعد به منافقي الأعراب  حيث توعدهم بعذابين الأول زمن النبي صلى الله عليه وآله والثاني آخر الزمان قبل القيامة لقوله تعالى {  وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ– التوبة 101 } وعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون قال تعالى { كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون – القلم 33 }

وكذلك يكون هذا العذاب آخر الزمان قبل القيامة بظلمهم وفشوا عمل قوم لوط بين كبراء ومترفي العالم فإذا قلدوا قوم لوط في عملهم أهلكهم الله تعالى كما أهلك سلفهم وذلك لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر فذوقوا عذابي ونذر – القمر 37-39 } . وهؤلاء لهم العذاب الشديد بكفرهم لقوله تعالى { فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين – آل عمران 56 } وكذلك بعصيانهم لله تعالى كما في قوله عز وجل { ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين –النساء 14 } وكذلك المنافقين الذين تولوا أعداء الله تعالى من دون الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام والمؤمنين  فهؤلاء يدخلون في عذاب الله تعالى النازل عليهم آخر الزمان لقوله تعالى { بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا – النساء 138-139  }  ومنهم الذين كذبوا على الله تعالى ورسوله وأضلوا كثيراً من هذه الأمة فأخرجوهم من ولاية أهل بيت النبي عليهم السلام إلى غيرهم بمكذوبات نشروها وملئوا بها الخافقين قال تعالى { ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون –الأنعام 139 } ومن هؤلاء المعذبون آخر الزمان قوماً قالوا بأن الله ثالث ثلاثة كما في قوله تعالى { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم – المائدة 73 } ومن هؤلاء الذين توعدهم الله بالعذاب الزناه والمحرضين على الفاحشة بين المسلمين وفي العالم لقوله تعالى {   إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون – النور 19 }

وكذلك أصحاب مدرسة الراي الذين يقدمون أراء وأهواء الرجال على نصوص القرآن لقوله تعالى { وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير – لقمان 21 }

وعذاب الله تعالى آخر الزمان سيكون على هذه المجموعات في ارجاء المعمورة ولن يؤمن هؤلاء جميعاً حتى ينزل بهم العذاب كما في قوله تعالى { وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا – الكهف 55 } وبداية هذا العذاب ستكون بصعود الإنسان للسماء الأولى كما في قوله تعالى { ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون – الحجر 14 } وهذا الباب سيكون فيه عذاباً أليماً على كل هؤلاء في حروب عالمية كبرى لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون –المؤمنون 77 } .

ولذلك يقول تعالى هنا { فكيف كان عذابي ونذر- القمر 18 }

وأما :

(ونذر)

والإنذار يكون بالقرآن الكريم لقوله تعالى { وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون – الأنعام 92 } وقال تعالى مبيناً أن هذا النذير من النذر الأولى التي أنزلها على أنبياء الله من قبل قال تعالى { هذا نذير من النذر الأولى – النجم 56 } و كل أمة بعث الله تعالى فيها نذير وكذب مترفوها كما في قوله تعالى { وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون – الزخرف 23 } وقد عذب الله تعالى الأمم من قبل فقال تعالى { فانظر كيف كان عاقبة المنذرين – الصافات 73 } وكذلك لكل أمة نذير وهاد مهدي من أهل بيت النبي عليهم السلام قال تعالى { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد – الرعد 7 } وما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون قال تعالى { حكمة بالغة فما تغني النذر – القمر 5 } وقال تعالى أيضاً { قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون – يونس 101 } .

 

ثم يقول تعالى في القرآن الكريم وفيه حجة الله تعالى البالغة :

 

(17) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (17)

وهذه الآية تكررت خمس مرات في هذه السورة الكريمة في الآيات (17) & (22) & (32) & (40) & (51) :

حيث قال تعالى :

{ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر – القمر 22 }

{ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر – القمر 32 }

{ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر – القمر 40 }

{ ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر – القمر 51 }

 وهنا :

(ولقد)

وهنا يقول تعالى أنه بعث في كل أمة من الأمم السالفة وإلى النبي الخاتم صلوات الله وسلامه عليه وعلى أهل بيته عليهم السلام بأن يعبدوا الله ويجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنه من حقت عليهم الضلالة قال تعالى  { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين – النحل 36 }

وقد عذب الله تعالى الأمم السالفة من قبل بعذاب أدنى قبل نزول العذاب الأكبر عليهم ومتعهم إلى حين لعلهم يرجعون إلى الله ويستغفرونه ويتوبون إليه كما في قوله تعالى { ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون – الأنعام 42 } ثم يبين تعالى أنهم استهزءوا برسلهم فحاق بهم ماكانوا به يستهزءون قال تعالى { ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون – الأنبياء 41 } .

ثم يقول تعالى أه أهلكهم لما كفروا بالله تعالى وظظلموا واستهزءوا برسلهم قال تعالى  { ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين – يونس 13 } ثم يقول تعالى أنه ترك آثاراً من مدنهم بعد هلاكهم وجعلها آية لمن أراد أن يتذكر قال تعالى  { ولقد تركناها آية فهل من مدكر – القمر 15 } .

ثم يقول تعالى أنه مكن قوم رسول الله وأهل زمانه من بلدان كان فيها قوماً آخرين مكنهم الله تعالى من الأرض ومكن منها من جاءوا بعدهم قال تعالى { ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون – الأحقاف 26 }

ثم يقول تعالى أنه أرسل رسوله بالقرآن الكريم وفيه الهدى قال تعالى {  ولقد جاءهم من ربهم الهدى – النجم 23 } وهذا الكتاب فصل الله تعالى فيه كل شيئ كما في قوله تعالى  { ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون – الأعراف 52 } وفيه آيات مبينات وموعظة من الأمم الخالية للمتقين : { ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين – النور34 } وصرف الله تعالى فيه من قصص الأولين ووعيده ليؤمنوا كما في قوله تعالى { ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا – الإسراء 41 } وهذا القرآن ميسر للذكر كما في قوله تعالى هنا { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر – القمر 17}

وأما :

(يسرنا)

[ ويسره : سهله وهيأه – معجم ألفاظ القرآن باب الياء فصل السين والراء ] قال تعالى { ويسر لي أمري – طه 26 }

أي أنه تعالى يسره بلسان العرب ليفهموه ويتدبروه فيكون تذكرة لهم قال تعالى { فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون –الدخان 58 } فغذا ذكرهم به صلى الله عليه وآله فقد بشر المتقين وأنذر الظالمين كما في قوله تعالى {  فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا – مريم 97 } أي : [ فإنما يسَّرنا هذا القرآن بلسانك العربي أيها الرسول؛ لتبشر به المتقين من أتباعك, وتخوِّف به المكذبين شديدي الخصومة بالباطل.  – التفسير الميسر ] .

ويسرناه بمعنى يسرنا تلاوته وفهمه لقوله تعالى { إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم – المزمل 20 } .

وأما :

(القرآن)

أي أنه يقول تعالى { وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير – الشورى 7 } وعربيا ًأي معرباً سهل ميسر الفهم والتدبر كما قال تعالى { أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا – النساء 82 } وهذا القرآن يهدي بسهولة ويسر إلى التي هى أقوم أو إلى صراط مستقيم قا تعالى { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا – الإسراء 9 } وبالتالي هو سهل الفهم وفقاً للغة العرب التي هى باب فهم كتاب الله وليس تحقيقاً لمراد الله من كتابه فلا يصل إلى هذا المعنى سوى رسول الله صلى الله عليه والأئمة من بعده ولذلك لما قال الوليد بن المغيره فيه [ والله إن فيه لحلاوة وإن عليه لطلاوة … القووله الشهيرة ] كانت بناءاً على فهمة لقواعد اللغة العربية البلاغة وبالتالي هو فهم بلغة العرب باب كتاب الله ليعلم حللاله وحرامة وليس غوامضه وتأويله والذي لا يعلمه إلا رسول الله صلى الله عليه والأئمة من ذريته ومن هنا كان يقول الإمام علي عليه السلام [ ” القرآن أبعد عن فهم الرجال ” ] .

ومع تيسيره وتسهيل فهمه وتلاوته هجروه وأبوا الإيمان به كأنهم أبالسه قال تعالى { وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا – الفرقان 30 } وقالوا لا تؤمنوا بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه قال تعالى { وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه – سبأ 31 } .

وأبوا إلا النفور والكفر به كأنهم أبالسه أو من أولاد إبليس الذي أبى أن يكون مع الساجدين قال تعالى لذلك {  ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا – الإسراء 89 }

ثم يبين تعالى أن منهم من كذب على الله تعالى لإطفاء نوره وصرف الناس عن ولاية الإمام عليو أهل البيت وتقديم اراء وأهواء العلماء على نصوص القرآن الكريم بحجة انهم أكثر فهماً فأصبح الناس يستمعون لهم دول السؤال عن الدليل والحجة من كتاب الله وذلك عملاً بمكذوبات كذبها سلفهم على الله تعالى ورسوله كما في قوله تعالى { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون – فصلت 26 }  وهؤلاء  طائفة من أهل الكتاب لقوله تعالى { وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون  -آل عمران 72 } .

وأما عن قريش فقد رفضوا دعوته حسداً كما في قوله تعالى { وقالوا لولا نزل هذا القرءان على رجل من القريتين عظيم – الزخرف 31 } وقاد هذه الحرب على النبي صلى الله عليه وآله بني أمية لما نززل فيهم من قوله تعالى { وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا – الإسراء 60 }

وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق كما في قوله تعالى { ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا – الكهف 54 } .فلما جادلوا بالباطل واعتماداً على مكذوبات في مناقب الرجال جعلوا القرآن عضين كما في قوله تعالى { كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون – الحجر 89-92 }

وهنا استحقوا العقاب من الله تعالى في الدنيا والآخرة لأن القرآن الكريم سهل ميسر فهو حجة على تاليه وسامعه  قال تعالى { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر } .

وأما :

(للذكر)

والذكر للتذكره والتذكر قال تعالى {  وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون } وقال تعالى أيضاً { ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم – آل عمران 58 } وهذه الذكرى للمؤمنين كما في قوله تعالى { كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين – الأعراف 2 } وقال تعالى { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين }  ورسول الله صلى الله عليه وآله جاء في كتاب الله على أنه ذكر في قوله تعالى { فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا – الطلاق  10-11 } وهنا رسول الله من الذكر لأنه لا ينطق عن الهوى بل هو وحي قال تعالى فيه { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى – النجم } وهذا الذكر رسول الله صلى الله عليه وآله هو المكلف بتبيينه للناس كما في قووله تعالى { بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون – النحل 44 }

وولاية أهل بيت النبي عليهم السلام بعد ذلك واتخاذهم قادة فذلك هدى وذكرى للعالمين كما قال تعالى بعد ذكر أنبياءه عز وجل في سورة الأنعام : { وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين – الأنعام87-90 } وهؤلاء أصحاب البيوت التي رفعها الله تعالى على بيوت العالمين كما في قوله تعالى { في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال – النور36 } وهنا [ قالوا يارسول الله أبيت علي منها قال : بل من أعلاها .. –الحديث شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ]

ولما نست هذه الأمة كتاب ربهم وفيه الذكرى وسنة رسوله صلى الله عليه وولاية أهل بيته أصحاب البيوت التي رفعها الله تعالى على بيوت العالمين فهذه هى الولاية لله الحق فلما نسوها فتح الله تعالى عليهم أبواب كل شيء من متاع الحياة الدنيا حتى يأتيهم وعد الله تعالى { قال عز وجل { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون – الأنعام 44 } ويبين تعالى أنه نجى المؤمنين من هذا العذاب الواقع عليهم بظلمهم قال تعالى { فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون – الأعراف 165 }

وبالتالي ذكر الله تعالى ميسر لمن أراد الله تعالى والدار الاخرة قال تعالى { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} وهذا الذكر كما هو ميسر كذلك تكفل الله تعالى بحفظه كما في قوله تعالى { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون – الحجر 9 }

وقال تعالى مبيناً اطمئنان قلوب المؤمنين بهذا الذكر كما في قوله تعالى  { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب – الرعد 28 } .

وأما :

(فهل من)

وهنا يقول تعالى { ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر – القمر51 } ولقد ترك الله تعالى من آثار الأمم مايتذكرون به كما في قووله تعالى  { ولقد تركناها آية فهل من مدكر – القمر 15 } ولقد يسر الله تعالى القرآن للذكر حتى ينجوا من عذاب الله تعالى فهل من مدكر قال تعالى: { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر } .

وأما :

(فهل من مدكر)

[ وادكر ومدكر : أصلها اذتكر ومعناها تذكرها واستحضرها فهو مدكر – معجم ألفاظ القرآن باب الذال فصل الكاف والراء ]  قال تعالى { وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ – يوسف 45 } أي [ وقال الذي نجا من القتل من صاحبَي يوسف في السجن وتذكر بعد مدة ما نسي من أمر يوسف: أنا أخبركم بتأويل هذه الرؤيا, فابعثوني إلى يوسف لآتيكم بتفسيرها.- التفسير الميسر ] وبالتالي يقول تعالى { ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر – القمر 51 }

أي أنه يقول تعالى يامن قلدتم قوم نوح في أفعالهم وجرائمهم ورأيتم كيف فعلنا بهم فهل من (مذتكر) أي مدكر قال تعالى

ومن أراد أن يتذكر فعليه بالقرآن الكريم الذي قال تعالى فيه وفي تيسير فهمه ودراسته وتلاوته وتدبره هنا { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر – القمر 17 } .

ثم يقول تعالى :

(18)  كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر (18)

وهنا :

(كذبت عاد)

وهنا يبين تعالى أنهم كما كذبوا رسول الله صلى الله عليه وآله وحاربوه كذلك فعلت الأمم من قبل واستعجلوا نزول العذاب بهم في زمان النبي صلى الله عليه وآله فقال تعالى أنه واقع بهم والله لا يخلف الميعاد سبحانه وتعالى قال عز وجل { وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِفَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ  أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ– الحج 42-47 }

ويبين تعالى أن قوم عاد بالذات بنوا المباني الشاهقة كآيات على قوتهم وشيدوا المصانع ليهلكوا بها الأمم من حولهم ليكون لهم الخلود فيها كما قال تعالى { كذبت عاد المرسلين إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُون وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَٱتَّقُوا۟ ٱلَّذِىٓ أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُم بِأَنْعَـٰمٍۢ وَبَنِينَ وَجَنَّـٰتٍۢ وَعُيُونٍ إِنِّىٓ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍۢ قَالُوا۟ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ ٱلْوَٰعِظِينَ إِنْ هَـٰذَآ إِلَّا خُلُقُ ٱلْأَوَّلِينَ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَـٰهُمْ ۗ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَـَٔايَةًۭ ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ – الشعراء 123-139 }

ويبين تعالى أنه كما أهلك عاداً وثمود الأولى كذلك سيكون هناك عاد وثمود الآخرة  كما في قوله تعالى { وأنه أهلك عاداً الأولى وثمود فما ابقى – النجم 50-51 }

 وعن أمتان في العالم آخر الزمان ستقلد قوم عاد وثمود آخر الزمان قال تعالى 

{ فَإِنْ أَعْرَضُوا۟ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَـٰعِقَةًۭ مِّثْلَ صَـٰعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِنۢ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوٓا۟ إِلَّا ٱللَّهَ ۖ قَالُوا۟ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَـٰٓئِكَةًۭ فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُم بِهِۦ كَـٰفِرُونَ فَأَمَّا عَادٌۭ فَٱسْتَكْبَرُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُوا۟ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا۟ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِى خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةًۭ ۖ وَكَانُوا۟ بِـَٔايَـٰتِنَا يَجْحَدُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًۭا صَرْصَرًۭا فِىٓ أَيَّامٍۢ نَّحِسَاتٍۢ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْىِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ ٱلْـَٔاخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَـٰهُمْ فَٱسْتَحَبُّوا۟ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَـٰعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ بِمَا كَانُوا۟ يَكْسِبُونَ وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَكَانُوا۟ يَتَّقُونَ – فصلت 13-18 } .

وهنا ينذر الله تعالى هاتان الأمتان في قوله تعالى { كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر –القمر 18 } .

وأما :

(فكيف كان)

وهنا يقول تعالى نفس المعنى السابق أنه كماأهلك الأولين بذنوبهم كذلك سيفعل بالآخرين فقال تعالى

أولا سيروا في الرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين من قبلكم قال تعالى {  قل سيروا في الأرض فاظروا كيف كان عاقبة المجرمين – النمل69 } فإن لم يتعظوا ويتوبوا إلى الله تعالى ويؤمون به ويسلموا ويتولوه تعالى ورسوله صلى الله عليه ثم أهل بيته عليهم السلام من بعده فسيهلكهم كما أهلك سلفهم قال تعالى : { أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها – محمد 10 }

وأما :

(عذابي ونذر)

سبق بيانها في الآية رقم (18) ولا مانع من تكرارها لمن أراد :

 (عذابي)

وهنا يقول تعالى مبيناً أنه أمر باتباع كتابه الكريم والعمل به طاعة رسوله صلى الله عليه وآله كما في قوله تعالى { واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون – الزمر 55 }

ويقوول تعالى مبيناً أنه هو الغفور الرحيم وأن عذابه على الكفار والمنافقين والعصاة والظالمين هو العذاب الأليم قال تعالى : { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم – الحجر 49-50 } وهذا العذاب يأخذ الأمم إذا كفرت بالله تعالى و عصت رسل ربهم كما في قوله تعالى { وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون- النحل 112-113}

وعن رحمته تعالى جعلها لمن اتبعه عز وجل وعمل بأوامره تعالى وأطاع رسوله صلى الله عليه وآله قال تعالى { واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ –  الأعراف 156-157 }.

أي أن عذابه تعالى لمن كفر به عز وجل كما في قولهه تعالى{ وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد – إبراهيم 7 }

ويبين تعالى أن قوماً من قريش قد استعجلوا نزول العذاب عليهم ولكن بين تعالى أن لهم أجلاً وموعداً لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون كما في قوله تعالى { ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون – العنكبوت 53 } وقبل نزول هذا الأجل بين تعالى انه سيعذبهم عذاباً أدنى من العذاب الأكبر لعلهم يتوبون من قريب كما في قوله تعالى { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون – السجدة 21 }

 

م يعظهم الله تعالى قبل نزول العذاب عليهم قائلاً { أنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون – الزمر 54 } .

ومن العذاب الأدنى قبل نزول العذاب الأكبر عليهم وعيده للمخلفين من الأعراب حيث توعدهم الله تعالى بقتال قوماً شديدوا البأس بعصيانهم لله تعالى ورسوله كما في قوله عز وجل { قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما – الفتح 16 }

فإذا بلغوا أجلهم المحدد لهم نزل بهم العذاب الأكبر وهما عذابين في حقبتين مختلفتين وهذا يثبت أنهم إن لم يعاينوه بأجسادهم فسيذوقون منه في حياة البرزخ ولذلك يقوول تعالى { ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله }

فإذا بلغوا أجلهم ضربهم الله تعالى بصاعقة مثل صاعقة عاد وثمود لتقليدهم قوم عاد وثمود في جرائمهم قال تعالى { فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ –فصلت 13-18 } وهذا هو العذاب الثاني الذي توعد به منافقي الأعراب  حيث توعدهم بعذابين الأول زمن النبي صلى الله عليه وآله والثاني آخر الزمان قبل القيامة لقوله تعالى {  وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ– التوبة 101 } وعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون قال تعالى { كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون – القلم 33 }

وكذلك يكون هذا العذاب آخر الزمان قبل القيامة بظلمهم وفشوا عمل قوم لوط بين كبراء ومترفي العالم فإذا قلدوا قوم لوط في عملهم أهلكهم الله تعالى كما أهلك سلفهم وذلك لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر فذوقوا عذابي ونذر – القمر 37-39 } . وهؤلاء لهم العذاب الشديد بكفرهم لقوله تعالى { فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين – آل عمران 56 } وكذلك بعصيانهم لله تعالى كما في قوله عز وجل { ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين –النساء 14 } وكذلك المنافقين الذين تولوا أعداء الله تعالى من دون الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام والمؤمنين  فهؤلاء يدخلون في عذاب الله تعالى النازل عليهم آخر الزمان لقوله تعالى { بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا – النساء 138-139  }  ومنهم الذين كذبوا على الله تعالى ورسوله وأضلوا كثيراً من هذه الأمة فأخرجوهم من ولاية أهل بيت النبي عليهم السلام إلى غيرهم بمكذوبات نشروها وملئوا بها الخافقين قال تعالى { ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون –الأنعام 139 } ومن هؤلاء المعذبون آخر الزمان قوماً قالوا بأن الله ثالث ثلاثة كما في قوله تعالى { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم – المائدة 73 } ومن هؤلاء الذين توعدهم الله بالعذاب الزناه والمحرضين على الفاحشة بين المسلمين وفي العالم لقوله تعالى {   إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون – النور 19 }

وكذلك أصحاب مدرسة الراي الذين يقدمون أراء وأهواء الرجال على نصوص القرآن لقوله تعالى { وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير – لقمان 21 }

وعذاب الله تعالى آخر الزمان سيكون على هذه المجموعات في ارجاء المعمورة ولن يؤمن هؤلاء جميعاً حتى ينزل بهم العذاب كما في قوله تعالى { وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا – الكهف 55 } وبداية هذا العذاب ستكون بصعود الإنسان للسماء الأولى كما في قوله تعالى { ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون – الحجر 14 } وهذا الباب سيكون فيه عذاباً أليماً على كل هؤلاء في حروب عالمية كبرى لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون –المؤمنون 77 } .

ولذلك يقول تعالى هنا { فكيف كان عذابي ونذر- القمر 21 }

وأما :

(ونذر)

والإنذار يكون بالقرآن الكريم لقوله تعالى { وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون – الأنعام 92 } وقال تعالى مبيناً أن هذا النذير من النذر الأولى التي أنزلها على أنبياء الله من قبل قال تعالى { هذا نذير من النذر الأولى – النجم 56 } و كل أمة بعث الله تعالى فيها نذير وكذب مترفوها كما في قوله تعالى { وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون – الزخرف 23 } وقد عذب الله تعالى الأمم من قبل فقال تعالى { فانظر كيف كان عاقبة المنذرين – الصافات 73 } وكذلك لكل أمة نذير وهاد مهدي من أهل بيت النبي عليهم السلام قال تعالى { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد – الرعد 7 } وما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون قال تعالى { حكمة بالغة فما تغني النذر – القمر 5 } وقال تعالى أيضاً { قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون – يونس 101 } .

ثم يقول تعالى :

(22) إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر (19)

وهنا :

الريح الصرصر : [والصرة : الجماعة المنضم بعضهم إلى بعض كأنهم صروا أي جمعوا والصرصر : أي الريح الشديدة وذلك يرجع لما فيها من البرودة وأصر: شدد العزم – معجم ألفاظ القرآن باب الصاد فصل الراء والراء ] . قال تعالى { مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون – آل عمران 117 } وبالتالي الريح الصرصر هنا المهلكة .

وأما أيام نحسات : [ ونحس اليوم وغيره ينحس نحساً فهو نحس : كان غير ميمون ذا شر والنحس الشؤم وهو ضد اليمن والسعد ويقال يوم نحس وأيام نحسات – معجم ألفاظ القرآن باب النون فصل الحاء والسين ] .

وهذه الآية يبينها قوله تعالى متوعداً زعماء الكفر من مجرمي آخر الزمان وهماأمتان كما بينا من قبل والقرآن هنا يكرر للتأكيد على هلاكهما وهما أمة ستسير على نهج أمة عاد والأخرى على نهج أمة ثمود وقال تعالى فيهما  : { فَإِنْ أَعْرَضُوا۟ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَـٰعِقَةًۭ مِّثْلَ صَـٰعِقَةِ عَادٍۢ وَثَمُودَ إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِنۢ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوٓا۟ إِلَّا ٱللَّهَ ۖ قَالُوا۟ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَـٰٓئِكَةًۭ فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُم بِهِۦ كَـٰفِرُونَ فَأَمَّا عَادٌۭ فَٱسْتَكْبَرُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُوا۟ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا۟ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِى خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةًۭ ۖ وَكَانُوا۟ بِـَٔايَـٰتِنَا يَجْحَدُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًۭا صَرْصَرًۭا فِىٓ أَيَّامٍۢ نَّحِسَاتٍۢ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْىِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ ٱلْـَٔاخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ – فصلت 13-16 } وهذا العذاب كان مستممراً لأنهمبعد هلاكهم سيدخلون النار مباشرة بعد أن تنقلهم ملائكة العذاب بإذن الله من العذاب الأدنى في الدنيا إلى العذاب الأكبر في الآخرة قال تعالى هنا { إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر –القمر 22 }

وأما :

(مستمر)

أي أطرد ومضى على طريقة واحدة بلا انقطاع – معجم ألفاظ القرآن باب الميم فصل الراء والراء ] وذلك كقوله تعالى في قوم عاد والأمم من بعده لما قالوا لرسلهم هذا سحر مبين وكما قال الأولون قالت آخر الأمم لرسول الله صلى الله عليه وآله : { وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر – القمر 2 } ولما أهلك الله تعالى الأمم من قبل الله تعالى لهؤلاء  { وإنكم لتمرون عليهم مصبحين – الصافات 137 } وقال تعالى { أو كالذي مر على قرية وهى خاوية على عروشها – البقرة 259}

ولانقطاع الوحي لن يظهر كفار آخرون ليقولون لنبي جديد هذا سحر مبين وبالتالي النفاق هو الذي حل محل كفر الأولين لذلك قال تعالى لهم متوعداً { فَإِنْ أَعْرَضُوا۟ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَـٰعِقَةًۭ مِّثْلَ صَـٰعِقَةِ عَادٍۢ وَثَمُودَ- فصلت 13 } .

ثم يقول تعالى :

(23) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر (20)

وهنا :

(تنزع)

[ ونزعه ينزعه نزعاً : جذبه واقتلعه وحوله عن موضعه – معجم الفاظ القرآن باب النون فصل الزاي والعين ] { والنازعات غرقا والناشطات نشطا – النازعات 1-2 } أي : [ أقسم الله تعالى بالملائكة التي تنزع أرواح الكفار نزعا شديدا. و تقبض أرواح المؤمنين بنشاط ورفق- التفسير الميسر ] . والنزع هنا لأرواح الكافرين بشدة أثناء هلاكهم بالريح الصرصر العاتية كما في قوله تعالى هنا { تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر – القمر 20 } فإذا نزع الله تعالى أرواحهم فقد بدأت مرحلة جديدة من نزع ملك قوماً ظالمبن ليورثها الله تعالى غيرهم لينظر كيف يعملون قال تعالى {  قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير – آل عمرن 26 }  فإذا جاءت المحاكمة الإلهية بعث الله تعالى بالشهود من كل أمة وهم رسل الله تعالى وأنبيائه ثم أئمة أهل بيته والشهداء والصالحين قال تعالى { ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون – القصص 75 } ثم ينزع الله تعالى من كل شيعة أكابر مجرميها للعذاب كما في قوله تعالى { ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا – مريم 69 }

 وأما :

(الناس)

وهنا يقول تعالى : { كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم –البقرة 213 }

والإختلاف هنا كان مع أنبياء الله تعالى ورسله وأهل بيت النبي عليهم السلام وهم الذين حسدهم الناس في كل زمان واختلف الكثير عليهم ممن حق عليهم العذاب قال تعالى { أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما – النساء 54 }

ومن هؤلاء المسحودين الإمام علي عليه السلام لما نزل فيه من قوله تعالى{ أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون – هود 17 } ولولا أجل محدد لنزول العقاب على هؤلاء المختلفين على أهل بيت النبي لقضى بينهم قال تعالى { وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون – يونس 19 } فإذا نزل بهم العذاب قال تعالى فيه { يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم – الحج 1 } ولعل هذا العذاب يكون قريب كما في قوله تعالى { يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا – الأحزاب 36 }

وكل العلامات تشير الآن إلى أننا قد اقتربنا من نزول العذاب على هؤلاء الظالمين المختلفين على أنبيائهم ورسلهم ثم أئمة أهل بيت نبيهم عليهم السلام والعلامة هنا صعود الإننسان لطبقة السماء الأولى بمعارج قال تعالى فيها { ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون – الزخرف 33 } فإذا نزل بهم العذاب وخسف الله تعالى بهم وجعلهم كأعجاز نخل منقعر كما في الآية هنا { تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر – القمر 20 } .

وهنا سيقولون لولا أخرتنا إلى أجل قريب قال تعالى { وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال – إبراهيم 44 }

وأما :

(كأنهم أعجاز نخل)

[ وأعجاز النخر والأمور : مؤخرة كل شيئ – معجم ألفاظ القرآن باب العين فصل الجيم والزاي ] قال تعالى { وأما عاد فأهلكوا بريح صرصرٍ عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية –الحاقة 7 } أي [ سلَّطها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام متتابعة, لا تَفْتُر ولا تنقطع, فترى القوم في تلك الليالي والأيام موتى كأنهم أصول نخل خَرِبة متآكلة الأجواف – التفسير الميسر ] . وهذه صفة النخل المنقعر كما في قوله تعالى هنا { تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر} .

وأما :

(منقعر)

[ وقعر النخلة يقعرها قعراً : خلعها من أصلها فانقعرت وهى منقعرة والنخل والشجر منقعر : أي منخلع – معجم ألفاظ القرآن باب القاف فصل العين والراء ] قال تعالى : { تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر – القمر 20 } .

ثم يقول تعالى :

(21) فكيف كان عذابي ونذر (21) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (22)

سبق بيان هذه الآيات من الآية 13-17)

والمعنى أن الله تبارك و تعالى قد أهلك قوم عاد كما أهلك قبلهم قوم نوح فيامن قلدتم قوم عاد في أفعالهم وجرائمهم ورأيتم كيف فعلنا بهم هل من (مذتكر) أي متذكر قال تعالى هنا : { وحملناه على ذات ألواح ودسر تجري بأعيننا جزاءاً لمن كان كُفِر ولقد تركناهاآية فهل من مدكر فكيف كان عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر – القمر 13-17 } .

ثم يقول تعالى :

(23) كذبت ثمود بالنذر(23)

وهنا :

(كذبت ثمود)

كما كذب قوم عاد كذلك كذبت ثمود كما قال تعالى { كذبت ثمود المرسلين – الشعراء 141 } أي أنهم كذبوا بالنذر التي جاءهم بها نبي الله صالح عليه السلام كما في قوله تعالى هنا { كذبت ثمود بالنذر – القمر 23 } وهذه النذر قارعة أنذرهم بها نبي الله صالح و قال تعالى فيهما { كذبت ثمود وعاد بالقارعة فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ –الحاقة 4-6 } وهذا العمل الذي عملوه من تكذيب وقتل للناقة طغياناً منهم كما قال تعالى : { كذبت ثمود بطغواها إذ انبعث اشقاها فقال لهم رسول الله ناقة الله ووسقياها فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها – الشمس } .

وأما :

(بالنذر)

وهنا تكذيب قوم ثمود كان كتكذيب أمة عاد في قوله تعالى { كذبت عاد فكيف كان عذابي و نذر – القمر 18 } وهنا قال تعالى{ كذبت ثمود بالنذر } وكما كذبت ثمود بالنذر كذبت قريش والأعراب برسول الله صلى الله عليه وآله وحاربوه بعد أن أممرهم بالكفر بالطاغوت والأوثان التي يعبدونها ولا يعبدون إلا الله تعالى كما في قوله تعالى { ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير – هود 2 } فلما كفروا به وحاربوه قال تعالى أنهم فعلوا نفس أفعال الأمم من قبل حيث قال مترفوها أنا وجدنا آبائنا على امة وإما على آثارهم مقتدون قال تعالى { وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون الزخرف 23 } ثم وعدهم الله تعالى بعذابين الأول في زمن النبي صلى الله عليه وآله وصاعقة في آخرالومان تستأصلهم قرب القيامة قال تعالى { سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم – التوبة } والذاب الثاني فيه صاعقة أنذرهم الله تعالى وحذرهم من مخالفته عز وجل والإعراض عن كتابه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه ووولاية أهل بيته عليهم السلام : قال تعالى { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود – فصلت 13 }

ثم يقول تعالى :

(24) فقالوا أبشراً منا واحداً نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسُعُر (24)

وهنا :

(فقالوا أبشر)

قال تعالى في المترفين من الأمم من بعد نبي الله نوح عليه السلام وقولهم أن أنبياء الله بشر مثلكم كحجة على صحة دعواه مفي الكفر بالله تعالى لإضلال تابعيهم : { فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ .وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون – المؤمنون 28-34 } . وبالتالي هذا هو قول المترفين من أمة ثمود ومن جاءوا بعدهم لقوله تعالى فيهم هنا { فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر – القمر 24 } وقالوا له إنما أنت من المسحورين فائت بآية إن كنت من الصادقين قال تعالى { قالوا إنما أنت من المسحرين ما أنت إلا بشرٌ مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين – الشعراء 153-154 } .

وأما :

(منا)

وهنا يبين تعالى أن من الناس مسلمون ومنهم كافرون قاسطون هم لجهنم حطبا قال تعالى على لسان إخواننا من الجن في كتاب الله تعالى { وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا – الجن 14 } وكذلك الإنس مثل الجن في الإيمان والكفر بالله والمؤمنون يتولى بعضهم بعضا والكافرون يتناصرون فيما بينهم على مصالح دنيوية والخلق والرزق والرحمة يبين تعالى أنها منه عز وجل فقال تعالى في نوح عليه السلام {  قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم – هود 48 } وقال تعالى في هود عليه السلام { ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ  – هود 58 } وعن قوم نوح وكفرهم بالله وبرسوله كانوا يستهزءون به وهو يصنع الفلك كما في قوله تعالى { ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون – هود 38 } وكذلك فعلت أمة هود وصالح عليهما السلام فقالت أمة ثمود هنا { فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر – القمر 24 }  وبرحمة من الله تعالى كتب النجاة لصالح والذين آمونا معه برحمة منه كما في قوله تعالى { فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز – هود 66 }

وكذلك فعل هؤلاء الكافرون بؤمني ياسين عليهم السلام فقالوا لهم إنا تشاءمنا منكم ولئن لم تنتهوا سنقتلكم قال تعالى { قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم – يس 18 } وكذلك حدث في زمن النبي صلىى الله عليه وآله حيث بغضه ونقمة طائفة من أهل الككتاب والذين آمنوا بالله تعالى ورسووله من المسلمين وإلى أن تقوم الساعة ويفصل الله تعالى بينهم قال تعالى لذلك هنا { قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون – المائدة 59 } .

وأما :

(واحداً)

ولفظ واحد وواحداً ورد في قوله تعالى { إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون –النحل 22 } والألوهية وردت في ككتاب الله تعالى أنها إله آخر مع الله تعالى قال فيه عز وجل { أفرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا – الفرقان } وبهذا الهوى

أطاعوا غير الله تعالى فمنهم من قال بأن لله الولج سبحانه و تعالى عما يشركون قال تعالى

{  إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا – النساء 171 } وقال تعالى أيضاً { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم – المائدة 73 } وكفرهم هنا رفضهم وكذلك رفض وحدانية الله تعالى لذلك يقول تعالى { قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون – الأنبياء 108 } وكذلك الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاَ

 

فتفرقوا على كتاب ربهم  وسنة نبيهم صلى الله عليه وولاية أهل بيتهم عليهم السلام ولذلك يقول تعالى : { وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ  المؤمنون – المؤمنون 52-53} والويل للمشركين الذين فرقوا دينهم قال تعالى { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين – فصلت 6-7 } ويبين تعالى أنهم لم يختلفوا إلا بعد بعثة أنبيائهم وإبلاغهم رسالة ربهم قال تعالى { وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون – يونس 19 } . ويبين تعالى أن الأمة المرحومة فهى التي لا تختلف على كتاب ربها وسنة نبيها وولاية أهل بيت النبي عليهم السلام وهؤلاء هم الأمة المرحومة كما في قوله تعالى { ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك – هود 118-119 }

ووليس بعد هذه الولاية لله الحق إلا الضلال قال تعالى {  ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون – النحل 93 } ثم يبين تعالى أنهم إن لم يتوبوا فليس أمامهم إلا أن ينتظروا صيحة واحدة تجمع كل من عملوا بالهوى في ككل الديانات في يوم الفصل الذي قال تعالى فيه { إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون – يس 29 } وهى صيحة لا يستفيقون بعدها أبدأً كما  قال تعالى أيضاً { وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق – ص 15 } .وبعد هذه الصيحة إذا هم محضرون حول جهنم كما قال تعالى { إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون – يس 53 } .

وأما :

(نتبعه)

وهنا يبين تعالى أن إبائهم اتباع رسل الله وأنبيائه لأنه في الغالب أن الأكثرية المؤمنة تكون من الفقراء والمساكين كما في قوله تعالى عن سيدنا نوح عليه السلام وقومه { قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون – الشعراء 111 } وفي سورة هود قالوا أيضاً لنبي الله نوح عليه السلام بأنهم لن يتبعوه لأنه بشراً مثلهم ولم يتبعه إلا أراذل القوم قال تعالى { فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين  -هود 27 } ونفس القولة قالوها لنبي الله صالح هنا في قوله تعالى {  فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر – القمر 24 } ونفس القولة قالتها قريش للنبي صلى الله عليه وآله حيث قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا { وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون – البقرة 170} وهنا قال تعالى لهم بأن الإتباع يكون بالولاية لله تعالى وكتابه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه ثم إمامة أهل بيته عليهم السلام قال تعالى { اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون – الأعراف3 } والولاية معروف أنها لله تعالى ولرسوله ثم أئمة أهل البيت عليهم السلام لما نزل في الإمام علي عليه السلام من قوله تعالى { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون –المائدة 55 } وهنا كذبزا واتبعوا أهوائهم كما في قوله تعالى { وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر – القمر 3 } ثم يقول تعالى لرسوله في وصية لفقراء المسلمين ومساكينهم { واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين – الشعراء 215 } وكأنه يقول تعالى لنا ودع الظالمين ممن عملوا بالهوى في دين الله من أصحاب الديانات جميعاً فهم إلى هلاك وعقاب قريب ينتظرهم قال تعالى { واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون – الزمر 55 } .

وأما :

(إنا إذاً)

وهنا يبين تعالى أنهم من إفكهم كانوا يعتقدون بأنهم إن صدقوه سيكونون من الآثمين لكفرهم بآلهتهم واصنامهم الحجرية والبشرية على السواء لورود هذا اللفظ في قوله تعالى معتقدين أنها شهادة حق أمام أممهم التي تولتهم من دون الله وكفرت به عز وجل { ولا نكتم شهادة الله إنا إذاً لمن الآثمين – المائدة 106 } وكانوا يعتقدون أن هذه هى شهادة حق وعدل منهم وغيرها هو الظلم في قلب للمفاهيم والحقائق التي بعث الله تعالى بها أنبياءه لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { وما اعتدينا إنا إذاً لمن الظالمين – المائدة 107 } وبالتالي اعتقدوا أن الإيمان بدعوة نبي الله صالح فيها خسران مبين لورود هذا اللفظ في قوله تعالى عن إخوة يوسف وجدالهم مع أبيهم ليأخذووا معهم أخاهم يوسف عليه السلام فإن أككله الذئب فهم خاسرون قال تعالى { قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذاً لخاسرون – يوسف 14 }  ولذلك قالوا هنا {  فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر – القمر 24 } . وبالتالي هؤلاء كانوا يعتقدون بانسداد الأفق حول صيغة تفاهم مع كل نبي فقالوا للنبي صلىى الله عليه وآله لذلك { كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {  بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ – فصلت 3-5 } .

وأما :

(إنا إذاً لفي ضلال)

وهنا يبين تعالى أن الضلال المبين في جهلهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله كما في قوله عز وجل { هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين – الجمعة 2 } وبالتالي الضلال الممبين في طاعة المخلوقين في معصية الخالق تابعين ومتبوعين كما في قوله تعالى عن محاكمتهم يوم القيامة وقولهم  { تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين – الشعراء 97-98 }

وعن كفر الأمم السالفة بالله تعالى ورسله قالت أمة ثمود أن طاعة الله تعالى ورسوله ضلال وسعر في الآية هنا التي نحن بصددها { فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر – القمر 24 }

وهؤلاء مجرمين لقوله تعالى فيهم {  إن المجرمين في ضلال  وسعر – القمر 47 }

وفي مؤمن ياسين يقول تعالى عن كفر هذه الأمة بالله تعالى ورسله ونزول عقاب الله تعالى عليهم بالصيحة وهذا وعيد لأمتنا بأن لا يفعلوا مثل أفعال الأمم السالفة ممن أهلكهم الله تعالى بذنوبهم  قال تعالى : {  وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ رَجُلٌۭ يَسْعَىٰ قَالَ يَـٰقَوْمِ ٱتَّبِعُوا۟ ٱلْمُرْسَلِينَ ٱتَّبِعُوا۟ مَن لَّا يَسْـَٔلُكُمْ أَجْرًۭا وَهُم مُّهْتَدُونَ وَمَا لِىَ لَآ أَعْبُدُ ٱلَّذِى فَطَرَنِى وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةً إِن يُرِدْنِ ٱلرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّۢ لَّا تُغْنِ عَنِّى شَفَـٰعَتُهُمْ شَيْـًۭٔا وَلَا يُنقِذُونِ إِنِّىٓ إِذًۭا لَّفِى ضَلَـٰلٍۢ مُّبِينٍ إِنِّىٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمْ فَٱسْمَعُونِ قِيلَ ٱدْخُلِ ٱلْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَـٰلَيْتَ قَوْمِى يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِى رَبِّى وَجَعَلَنِى مِنَ ٱلْمُكْرَمِينَ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِۦ مِنۢ بَعْدِهِۦ مِن جُندٍۢ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةًۭ وَٰحِدَةًۭ فَإِذَا هُمْ خَـٰمِدُونَ يَـٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا۟ بِهِۦ يَسْتَهْزِءُونَ أَلَمْ يَرَوْا۟ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ ٱلْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ وَإِن كُلٌّۭ لَّمَّا جَمِيعٌۭ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ – يس 16- 32} .

وأما :

(وسعر)

[ السعر : وسعر النار يسعرها سعراً أوقدها وهيجها – معجم ألفاظ القرآن باب السين فصل العين والراء ] قال تعالى { وإذا الجحيم سعرت –التكوير 12  } والسعر أيضاً : جمع السعير وهو الجنون ] قال تعالى هنا { إن المجرمين في ضلال  وسعر – القمر 47 } أي أنهم في جنون متهيج وهى مرحلة أبعد من الجنون وهو الجنون المقترن بهياج شديد كالنار التي تسعر وتتهيج قال تعالى {  فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر – القمر 24 } .

ثم يقول تعالى :

(25) أؤلقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر (25) سيعلمون غداً من الكذاب الأشر (26)

وهنا :

(أؤلقى)

وألقى هنا كتاب الله الكريم لقوله تعالى عن كتاب نبي الله سليمان عليه السلام لملكة سبأ { قالت يا أيها الملاء إني ألقى إلي كتاب كريم – النمل 29 }

وفي أمتنا لما نزل القرآن الكريم ونزلت الرسالة على رسول الله من بني هاشم حسدتهم قريشاً فقالوا { وقالوا لولا نزل هذا القرءان على رجل من القريتين عظيم – الزخرف 31 } ولذلك هنا لما تيقنوا من صدق الرسالة والرسول قالوا { أؤلقى الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر – القمر 25} و يبين تعالى أنهم طلبوا متاعاً من متاع الحياة الدنيا كجنة يأكلون منها أو كنز أو نزول ملك ولا يريدون قآنا أو ذكر من الله تعالى  ولذك كفروا بالرسالة كما في قوله تعالى : { وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلا مَسْحُورًا انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا  تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا  بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا – الفرقان 7-11 } وذلك كما كفرت قبلهم أمة نوح وعاد وثمود .

وأما :

(الذكر عليه)

وهنا تعجب قوم نوح عليه السلام أن جاءهم ذكر من ربهم على رسول منهم فقال تعالى فيما قالوه : { أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون – الاعراف 63 } .

وأيضاً تعجب قوم عاد من بعثة رسول منهم كما فعل قوم نوح عليه السلام فقال تعالى فيهم : { أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون – الاعراف 69 } وكذلك قال قوم ثمود في الآية هنا حيث قال تعالى { أؤنزل عليه الذكر من بيننا بل هو كذاب أشر سيعلمون غداً من الكذاب الأشر – القمر 25-26 }

وكما تعجب هؤلاء كذلك فعلت قريشاً برسول الله صلى الله عليه وآله قال تعالى { ق و القرآن ذي الذكر بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب – ق1-2 } وقال تعالى أيضاً مبيناً إباءهم ورفضهم وشقاقهم كما فعلت الأمم من قبل فقال تعالى { ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ – ص 1-4 } .

وأما :

(عليه)

وهنا يبين تعالى أنهم قالوا { وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون – الأنعام 8 }

وقالوا لوا يأتيهم بآية معجزة كما في قوله تعالى { وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون – الأنعام 73 } وهذه الآية فصلها الله تعالى في قوله تعالى فيما قالوه لعنهم الله { وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلا مَسْحُورًا انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا  تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا  بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا –الفرقان 7-11 } .

وأما :

(من بيننا)

وهنا كما قالت ثمود { أؤلقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر – القمر 25 }

كذلك قالت قريش للنبي صلى الله عليه وآله سورة { أؤنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب – ص 8 } وقال تعالى أيضاً فيما قالوه حسداً وحرباً للنبي وكفراً بالله تعالى فبشرهم بصاعقة آخر الزمان كما في قوله تعالى {  وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر و من بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون قُلْ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٌۭ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰٓ إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌۭ وَٰحِدٌۭ فَٱسْتَقِيمُوٓا۟ إِلَيْهِ وَٱسْتَغْفِرُوهُ ۗ وَوَيْلٌۭ لِّلْمُشْرِكِينَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلْـَٔاخِرَةِ هُمْ كَـٰفِرُونَ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍۢ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْأَرْضَ فِى يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُۥٓ أَندَادًۭا ۚ ذَٰلِكَ رَبُّ ٱلْعَـٰلَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِىَ مِن فَوْقِهَا وَبَـٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَٰتَهَا فِىٓ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍۢ سَوَآءًۭ لِّلسَّآئِلِينَ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِىَ دُخَانٌۭ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًۭا قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ فَقَضَىٰهُنَّ سَبْعَ سَمَـٰوَاتٍۢ فِى يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِى كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَـٰبِيحَ وَحِفْظًۭا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ فَإِنْ أَعْرَضُوا۟ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَـٰعِقَةًۭ مِّثْلَ صَـٰعِقَةِ عَادٍۢ وَثَمُودَ – فصلت 5-13 }

ثم يبين تعالى أنه عز وجل فتن معسكري الكفر والإيمان بعضهم ببعض ليعلم الله تعالى الشاكرين كما في قوله تعالى { وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين – الأنعام 53 } والشاكرين هم الذين تولوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وعملوا بالوصية ولم ينقلبوا عليها كما في قوله تعالى { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين – آل عمران 144 } .

وأما :

(بل هو)

وهنا يقول تعالى عن قوم عاد لما كفروا برسالة ربهم أرسل عليهم عذاباً من عنده في أول قدومه ظنوا أنه مطر فيه خيراً لهم وما هو إلا بداية نزول ما استعجلوه عليهم من العذاب قال تعالى {  سورةاﻷحقاف – فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم  – الأحقاف 24 } وقوم ثمود كذلك لما قالوا عن رسول ربهم أنه كذاب أشر قال تعالى { أؤلقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر – القمر 25 } وعن أمة محمدد يقول تعالى في انه سيكونون في لهو عن ذكر الله يهلكهم الله تعالى به آخر الزمان بعد أن يكون سلفهم قد كفروا بالله تعالى ورسالته وقالوا فيها أنها سحر فيقول تعالى منذراً إياهم باقتراب ساعة عقابهم الجماعي قال تعالى : { ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍۢ مُّعْرِضُونَ مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍۢ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا ٱسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لَاهِيَةًۭ قُلُوبُهُمْ ۗ وَأَسَرُّوا۟ ٱلنَّجْوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوا۟ هَلْ هَـٰذَآ إِلَّا بَشَرٌۭ مِّثْلُكُمْ ۖ أَفَتَأْتُونَ ٱلسِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ قَالَ رَبِّى يَعْلَمُ ٱلْقَوْلَ فِى ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ ۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ بَلْ قَالُوٓا۟ أَضْغَـٰثُ أَحْلَـٰمٍۭ بَلِ ٱفْتَرَىٰهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌۭ فَلْيَأْتِنَا بِـَٔايَةٍۢ كَمَآ أُرْسِلَ ٱلْأَوَّلُونَ مَآ ءَامَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـٰهَآ ۖ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًۭا نُّوحِىٓ إِلَيْهِمْ ۖ فَسْـَٔلُوٓا۟ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ – ص 1-7 }

وهنتا يقول تعالى لهم بل هو الحق في قوله تعالى{ أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون –السجدة 3 } ثم يبين تعالى أن هذا القرآن الكريم الذي كفروا به من عباده من هم مؤمنون به ويحفظونه في صدروهم عملاً ومعتقداً ودراسة وتدبر وتلاوة قال تعالى فيهم { بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون – العنكبوت 49 } .

وأما :

(كذاب)

وهنا يبين تعالى أن كل أمة كذبت رسلها فأهلكهم الله تعالى تباعاً كما في قوله تعالى : { ثم أرسلنا رسلنا تترى كل ما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون – المؤمنون 44 }

 

فقال تعالى في قوم نوح عليه السلام { كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر –القمر 9 }

وفي قوم عاد قال تعالى عن تكذيبهم إياه عليه السلام : { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًۭا ۗ قَالَ يَـٰقَوْمِ ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُۥٓ ۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ قَالَ ٱلْمَلَأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ مِن قَوْمِهِۦٓ إِنَّا لَنَرَىٰكَ فِى سَفَاهَةٍۢ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ ٱلْكَـاذِبِينَ قَالَ يَـٰقَوْمِ لَيْسَ بِى سَفَاهَةٌۭ وَلَـٰكِنِّى رَسُولٌۭ مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ أُبَلِّغُكُمْ رِسَـٰلَـٰتِ رَبِّى وَأَنَا۠ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌۭ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍۢ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ ۚ وَٱذْكُرُوٓا۟ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍۢ وَزَادَكُمْ فِى ٱلْخَلْقِ بَصْۜطَةًۭ ۖ فَٱذْكُرُوٓا۟ ءَالَآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ قَالُوٓا۟ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ ٱللَّهَ وَحْدَهُۥ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَا ۖ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌۭ وَغَضَبٌ ۖ أَتُجَـٰدِلُونَنِى فِىٓ أَسْمَآءٍۢ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَءَابَآؤُكُم مَّا نَزَّلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَـٰنٍۢ ۚ فَٱنتَظِرُوٓا۟ إِنِّى مَعَكُم مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ فَأَنجَيْنَـٰهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥ بِرَحْمَةٍۢ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُوا بِـَٔايَـٰتِنَا ۖ وَمَا كَانُوا۟ مُؤْمِنِينَ – الأعراف67-72 }

وكذلك قوم ثمود قالوا في نبيهم هنا { بل هو كذاب أشر سيعلمون غداً من الكذاب الأشر- القمر 25-26}

وقال تعالى سيدنا موسى وفراعنة مصر لعنهم الله { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَـٰتِنَا وَسُلْطَـٰنٍۢ مُّبِينٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَهَـٰمَـٰنَ وَقَـٰرُونَ فَقَالُوا۟ سَـٰحِرٌۭ كَذَّابٌ فَلَمَّا جَآءَهُم بِٱلْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا۟ ٱقْتُلُوٓا۟ أَبْنَآءَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ وَٱسْتَحْيُوا۟ نِسَآءَهُمْ ۚ وَمَا كَيْدُ ٱلْكَـٰفِرِينَ إِلَّا فِى ضَلَـٰلٍۢ– غافر 23-25 }

و في قوم شعيب وهلاكهم كالأمم من قبلهم يقول تعالى : { الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين – الأعراف 92 }  وآخر الزمان هذه الأمة والذي يبدأ بانشقاق القمر في السورة هنا يبين تعالى تكذيب قريشاً الأولى لرسول الله صلى الله عليه وآله {  وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب – ص 4 }

وعن قريشاً ألاخرة أيضاً ستكذب بتأويل آخر الزمان مع إمام أهل البيت عليه السلام وفي زمان رجوع نبي الله عيسى عليه السلام فقال تعالى في هذا التأويل ووعيد الله تعالى وتحذيرهم منه فقال تعالى { هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون – الأعراف 53 } وهنا ضل عنهم ما كانوا يفترون من معتقدات فيها كذب وافتراء على الله تعالى والمكذوبات جاءت كما قال علماء الحديث في مناقب الرجال والقبائل والبلدان وليس في شرع الله والذي تكفل الله تعالى بحفظه و هذا التأويل لكتاب الله تعالى ستكذب به قريشاً ألاخرة كما كذب سلفهم والأمم من قبل و سيكون هلاكهم في ذلك التكذيب قال تعالى { بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين  – يونس 39 } . وهذا التكذيب غمرة تنتابهم لوقوعهم في كل الكبائر التي أهلك الله تعالى بها الأمم من قبل من كفر وفسوق وعصيان و وخمر وزنا وميسر واستكبارفي الأرض وظلم وعمل قوم لوط عندما يكتفي الرجال بالرجال و النساء وبالنساء ويبخسوا الميزان ويأكلون الربا هنا يصرفهم الله تعالى بظلمهم عن كل عمل صالح كما في قوله تعالى {  سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين – الأعراف 146 } .

والتكذيب ترك العمل بما أنزل الله تعالى كما في قوله عن بني إسرائيل لما تركوا العمل بكتاب ربهم بين تعالى أن هذا العمل تكذيب بآيات الله كما في قوله تعالى { مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين – الجمعة 5 } .

وأما :

( أشر)

[ والأشر : البطر والمتسرع ذو الحدة – معجم ألفاظ القرآن باب الهمزة فصل الشين و الراء والراء ] .

وهنا يتوعدهم الله تعالى قائلا { سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الأَشِرُ – القمر 26 } أي [ سَيَرون عند نزول العذاب بهم في الدنيا ويوم القيامة مَنِ الكذاب المتجبر؟ – التفسير الميسر ] وهذا رد  من الله تعالى عليهم لما قالوا { أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ – القمر 25 } .

 

ثم يقول تعالى :

(26) سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الأَشِرُ (26)

وهنا :

(سيعلمون)

أي أنه يقول تعالى مبيناً أنه نبأ عظيم قال تعالى فيه { عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ ٱلَّذِى هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ – النبأ 1-5 } وهذا الوعيد يقوم على مد هؤلاء في غيهم وظلمهم حتى ينزل بهم عذاب ما قبل يوم القيامة أو تأتيهم الساعة قال تعالى { قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا – مريم 75 } وهنا سيعلمون من أضعف ناصراً وأقل عددا قال تعالى { حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا – الجن 24 } ولذلك باختلافهم وتكذيبهم بهذا النبأ العظيم قال تعالى أنهم سينزل بهم هذا العذاب في وقته ووأجلهمم المحدد عند الله تعالى وحينها { سيعلمون غدا من الكذاب الأشر – القمر 26 } .

وأما :

(غدا)

وهنا يوصي الله تعالى الخلق للعمل بما أمر الله تعالى ويعملون الصالحات استعداداً لغد وهو يوم لقاء الله تعالى كما في قوله عز وجل { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون- الحشر 18 } ويبين تعالى أن الله تعالى احتفظ بخمسة لا يعلمهم إلا هو وهى الساعة وهو زمان هلاك الأمم وآخرها الساعة الكبرى ونزول الغيب وما في أرحام كل الإناث وعمل الغد ومكان مووت كل إنسان لا يعلمه إلا الله تعالى كما في قوله تعالى غداً : { إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير- لقمان 34 }

وهذه الساعة ونزول عذاب الله تعالى عليهم هنا  كذب به قوم ثمود كما في قوله تعالى : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ فَقَالُوٓا۟ أَبَشَرًۭا مِّنَّا وَٰحِدًۭا نَّتَّبِعُهُۥٓ إِنَّآ إِذًۭا لَّفِى ضَلَـٰلٍۢ وَسُعُرٍ أَءُلْقِىَ ٱلذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنۢ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌۭ سَيَعْلَمُونَ غَدًۭا مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلْأَشِرُ – القمر 23-26 } وبالتالي غداً وما يحدث فيه من أحداث لا يعلمه إلا الله كما في قوله تعالى { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله – الكهف 23-24 }  فإذا جاء وقت زوال ملكهم بعث الله تعالى لهم رجلاً من أهل بيت النبي فيه من سنة نبي الله يوسف لورود هذا اللفظ عنه عليه السلام في قوله تعالى عن إخوته { أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون – يوسف 12 } ولذلك في روايات أهل البيت عليهم السلام : [ يجلس على سرير يوسف يوسف … ] وروايات أخرى أن : [ في صاحب هذا الامر سنن من أربعة أنبياء : سنة من موسى، وسنة من عيسى، وسنة من يوسف ، وسنة من محمد صلوات الله عليهم أجمعين، فقلت: ما سنة موسى؟ قال: خائف يترقب. قلت : وما سنة عيسى؟فقال: يقال فيه ما قيل في عيسى، قلت : فما سنة يوسف؟ قال : السجن والغيبة. قلت : وما سنة محمد صلى الله عليه وآله؟ قال: إذا قام سار بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أنه يبين آثار محمد، ويضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر هرجا هرجا، حتى رضي الله قلت: فكيف يعلم رضا الله؟ قال : يلقي الله في قلبه الرحمة) – معجم أحاديث الإمام المهدي عليه السلام – الشيخ علي الكوراني العاملي – ج ٣ – الصفحة ٢٣٤ ] .

وأما :

(من الكذاب الأشر)

وهذا هو الجواب على قولهم في نبي الله صالح عليه السلام { أؤلقى الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر– القمر 25 } وهنا جاء جواب الله تعالى عليهم قائلاً { سيعلمون غداً من الكذاب الأشر – القمر 26 } .

ثم يقول تعالى :

(27) إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر (27)

وهنا :

(إنا مرسلوا الناقة)

وهنا يبين تعالى أنه أرسل الناقة كآية معجزة منه تعالى وفتنة لهم فلما كفروا بها منع الله تعالى ذلك النوع من النزول بعد  بعثة رسول الله صلى الله عليه وآله و نزول القرآن الكريم قال تعالى { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا – الإسراء 59 } .

وأما :

(فتنة لهم)

والفتنة هنا اختبار كما في قووله تعالى { وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا – الفرقان 20 } والإبتلاء أو الإختبار بالخير والشر كما في قوله تعالى { كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون – الأنبياء 35 } وفي قوم ثمود يبين تعالى أنه قد ارسل إليهم الناقة فتنة لهم واختبار قال تعالى فيه هنا { إنا مرسلو الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر – القمر 27}

وقد يقوم بهذه الفتنة أعداء الله تعالى فيفتنوا المؤمنين ويعذبونهم لإجبارهم على الكفر بالله تعالى ظاعة وولاء حكامهم ولذك كان المؤمنون يدعون في كل زمان بهذا الدعاء وهو قوله تعالى { ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم – الممتحنة 5 }

وكما فتن الله تعالى الأولين كذلك سيفتن الأمم ليختبر صدقهم قال تعالى { ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين –العنكبوت 3 } ومن الفتنة والإختبار بعثة النبي كما قال تعالى في نبي الله موسى عليه السلام { ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم –الدخان 17 }

ومن هذه الفتن بعثة رسول الله صلى الله عليه وآله كما بينا فتنة للقوم واختباراً من الله تعالى فلما بعثه الله تعالى لجأوا إلى الكذب وقلب الأحداث والحديث كما في قوله تعالى { لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون – التوبة 48 } ومن خلال آية الشجرة الملعونة في سورة الإسراء وأسباب النزول يتبين لنا أن رائد هذا الكذب كان بنوا أمية لقوله تعالى فيهم { وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا – الإسراء 60 }

وهذه الفتنة كانت تقوم على فكرة صرف الأمة عن بعض ما أنزل الله تعالى ولا يوجد عدو تاريخي لهم غير بني هاشم وهذا عقلاً وأما نقلاً فإن بعض ما أنزل الله هو ولاية أهل بيت النبي عليهم السلام لذلك قال تعالى { أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض – البقرة } وولاية أهل بيت النبي هنا بعضاً من كتاب الله تعالى قال تعالى لذلك محذراً هذه الأمة { وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون – المائدة 49 } وهذا البعض مما أنزله الله تعالى من هذه الأمة من ينكره كما في قوله تعالى { ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه أدعو وإليه مآب – الرعد 36 }

وهنا بين تعالى أنه سيمتعهم في فتنة إلى حين لوقوع أكثر الناس ضحية مكذوبات على النبي صلى الله عليه وآله صدقوها في مناقب الرجال والبلدان والقبائل ومع هجر القرآن جهلوا الصحيح من المكذوب  الذي يقوم على تعظيم غير أهل بيت النبي عليهم السلام لصرف الناس عنهم فيمتعهم الله تعالى إلى حين ظهور إمام آخر الزمان كما قال تعالى في هذه الفتنة وأولها بعثة النبي صلى الله عليه وآله ثم يمتعون بعدها إلى حين : { وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين – الأنبياء 111 } ومن فتنه الله تعالى فلن يستطيع أحداً على هدايته حتى يأتى وعد الله تعالى الذي وعدهم به قال تعالى { ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم – المائدة 41 }

وأما :

(لهم)

وهنا يقول تعالى { ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون – إبراهيم 9-11 }

وبالتالي أرسل الله تعالى رسولاً لكل أمة بلسانها ليبين لهم فإذا بين لهم الحق من الضلال أضل الله من يشاء وهددى إليه من يشاء  كما في قوله تعالى { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم – إبراهيم 4 }

ثم يبين تعالى أن كفار كل زمان بعد بعثة رسل الله وأنبياءه توعدوهم بالإخراج من بيوتهم وطردهم أو يرتدوا عن دين الله تعالى ويرجعون إلى دينهم ووثنيتهم وعبادتهم للرجال قال تعالى {  وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين – إبراهيم 13 }

ثم يبين تعالى تكذيب قوم نوح لرسلهم فيقول تعالى

نوح : { كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ ٱلْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌۭ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ  فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ – الشعراء 105-110 }

وكذلك كذب قوم عاد نبي الله هوداً عليه السلام كما في قوله عز وجل  : { كَذَّبَتْ عَادٌ ٱلْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌۭ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ الشعراء 123-127 }

وكذلك كذبت ثمود رسل ربهم في قوله تعالى : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَـٰلِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌۭ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ أَتُتْرَكُونَ – الشعراء 141-145}

وكذب قوم لوط ايضاً رسل ربهم في قوله تعالى : { كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌۭ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ– الشعراء 160-164}

و كذلك كذب قوم شعيب أيضاً رسل ربهم في قوله تعالى: { كَذَّبَ أَصْحَـٰبُ لْـَٔيْكَةِ ٱلْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌۭ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ– الشعراء 176-180}

وهنا كأن كل أنبياء الله قالوا لا نسألكم على الدعوة إلى الله أجراً إلا مودة نبي آخر الزمان وأهل بيته عليهم السلام كما في قوله تعالى { قل لا أسألكم عليه أجراً إلا الودة في القربى – الشورى }

ثم يقول تعالى لأمة النبي محمد صلى الله عليه وآله افلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف فعل الله تعالى بهذه الأمم التي أهلكهم الله من قبل قال تعالى { أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور – الحج 46 }

ثم يبين تعالى تحول الكفر بأنبياء الله تعالى إلى نفاق يقوم على التظاهر بسمات المسلمين ثم الطعن فيأهل بيت النبي وصرف الناس عنهم وعن شرع الله تعالى وظنوا أنهم مصلحون قال تعالى {  وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين – البقرة 91 } وهذا الكذب وسفك دماء أهل بيت النبي والمسلمين وهدم مساجدهم وآثار أهل بيت النبي والصحابة الكرام إفساد في الأرض يقوم على مكذوبات ظن الناس أنها من عند الله وما هى من عند الله  وظن الكثير من الخوارج الضالين أن هذه الأعمال ثواب يثابون به عند الله فقال تعالى { وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون – البقرة 11 } وهؤلاء لم يكونوا معجزين في الأرض كما في قوله تعالى { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا ۚ أُو۟لَـٰٓئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ ٱلْأَشْهَـٰدُ هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُوا۟ عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ أَلَا لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًۭا وَهُم بِٱلْـَٔاخِرَةِ هُمْ كَـٰفِرُونَ أُو۟لَـٰٓئِكَ لَمْ يَكُونُوا۟ مُعْجِزِينَ فِى ٱلْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ۘ يُضَـٰعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ ۚ مَا كَانُوا۟ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ وَمَا كَانُوا۟ يُبْصِرُونَ – هود 18-20 } وهؤلاء هم الذين صدوا عن سبيل الله تعالى ورسوله كما في قوله تعالى{ وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا – النساء 61 }

وماكانت هذه الجرائم والأعمال التي عملوها إلا لنيل دنيا ومتاع يريدونه بالتحليل والتحريم بالباطل و الكذب على الله تعالى ورسوله و الله تعالى موفيهم نصيبهم في الحياة الدنيا غير منقوص قال تعالى : { من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون  – هود 15-16 }  وهذا متاع قليل قال تعالى يهه { متاع قليل ولهم عذاب أليم – النحل 117 } وفي الآخرة هؤلاء الأشقياء لهم في جهنم شهيق وزفير قال تعالى {  فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق – هود 106 }

ثم يبعث الله تعالى آخر الزمان وقبل قيام الساعة  إمام آخر الزمان فينصر الحق ويكون زمان استخلاف المؤمنين للأرض قال تعالى { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون – النور 55 } .

وأما :

(فارتقبهم)

[ وارتقبه : انتظره وتوقعه – معجم ألفاظ القرآن باب الراء فصل القاف والباء ] قال تعالى مبينا أنه على كل شيئ رقيب  فقال عز وجل { وكان الله على كل شيء رقيبا – الأحزاب 52 } وقال تعالى لنبي الله صالح عليه السلام { إنا مرسلو الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر – القمر 27 } وفي أمتنا يقول تعالى في كتابه الكريم { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَـٰهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ فَٱرْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ – الدخان 58-59 }

فإذا ظهر آخر الزمان الكفر والفسوق والعصيان وعلت رايات الزندقة والجدال بالباطل فطفاء نور الله هنا توعدهم الله تعالى بدخان فيه عذاب أليم وهذا الدخان إما من صناعات البشر كقوله تعالى { فإن أعرضوا فقل انذرتكم بصاعقة مثل صاعقة عاد وثمود – فصلت 13 } ومثل أي  أنها من صناعة البشر وفيها شبه من صاعقة الله تعالى التي ينزل بها جبريل عليه السلام وكلتاهما من الله تعالى سواء كانت على يد بشر او ملائكة والخلاصة أن فيها عذاب أليم أعاذنا الله منها والمسلمين قال تعالى : { رَبِّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ ۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْىِۦ وَيُمِيتُ ۖ رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءَابَآئِكُمُ ٱلْأَوَّلِينَ بَلْ هُمْ فِى شَكٍّۢ يَلْعَبُونَ فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍۢ مُّبِينٍۢ يَغْشَى ٱلنَّاسَ ۖ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌۭ رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌۭ مُّبِينٌۭ ثُمَّ تَوَلَّوْا۟ عَنْهُ وَقَالُوا۟ مُعَلَّمٌۭ مَّجْنُونٌ إِنَّا كَاشِفُوا۟ ٱلْعَذَابِ قَلِيلًا ۚ إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ – الدخان 7-16  }

وأما :

( واصطبر)

[ والإصطبار : زيادة في التحمل والصبر ] قال تعالى { رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا – مريم 65 } أي أنهم إن ككفروا هنا يوصي الله تعالى رسله وانبياءه والصالحين بأن يزيدوا ويجتهدوا في عبادة ربهم وقيام ليلهم بالصلاة ليكون عوناً على مواجهة أعدائهم لذلك ورد هذا اللفظ في قوله تعالى { وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى – طه 132 } وهذه الوصية أوصاها الله تعالى لنبي الله صالح عليه السلام حيث قال تعالى له في الاية هنا { إنا مرسلو الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر– القمر 27 } .

ثم يقول تعالى :

(28) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر (28)

وهنا:

(نبئهم)

أي أخبرهم بأمر الله تعالى كما قال تعالى لنبي الله آدم عليه السلام { قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون – البقرة 33 } وبالتالي قوله تعالى هنا لنبي الله صالح { ونبئهم} أي أخبرهم بما أمر الله تعالى به بأن يكونن الماء قسمة بينهم قال تعالى { ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر – القمر 38 } .

وأما :

(أن)

أي أنه يقول تعالى { و أن احكم بينهم بما أنزل الله  – المائدة 49 } وحكم الله تعالى هنا  أن يكون الماء قسمة بينهم قال تعالى { ونبئهم أن الماء قسمة بينهم }

وأما :

(الماء)

أي أنه يقول تعالى في الماء { أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم أنتم المنزلون – الواقعة 68-69 }  وهذا الماء الذي يشربون أمر الله تعالى بأن يكون قسمة بينهم وبين الناقة قال تعالى { ونبئهم أن الماء قسمة بينهم } .

وأما :

(قسمة بينهم)

[ والقسمة والمقسوم : الجزء و المقدار المحدد الكمية المخصص لكل فريق – معجم ألفاظ القرآن باب القاف فصل السين والميم ]

وقسمة بينهم أي لكل منهم جزء مقسوم لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم – الحجر 44 } وبالتالي قسمة بينهم هنا في قوله تعالى { ونبئهم أن الماء قسمة بينهم – القمر 28 } أي لكل منهم جزء مقسوم .

وأما :

(بينهم)

وهنا من خلال هذا اللفظ يتبين لنا أنهم تنازعوا أمرهم وتناجوا بينهم سراً { فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى – طه 62 } ثم يقول تعالى أنهم رفضوا حكم الله تعالى كما هو حال المكذبين في كل زمان فقال تعالى : { أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون – الزخرف 32 } . فلما رفضوا حكم الله تعالى قتلوا الناقة كما في قوله تعالى  { وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ ٱلْمَآءَ قِسْمَةٌۢ بَيْنَهُمْ ۖ كُلُّ شِرْبٍۢ مُّحْتَضَرٌۭ فَنَادَوْا۟ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةًۭ وَٰحِدَةًۭ فَكَانُوا۟ كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ ٣١ – القمر 28-31 } .

وأما :

(كل شرب)

[ الشرب بكسر الشين : النصيب من الشراب – معجم ألفاظ القرآن باب الشين فصل الراء والباء ] . قال تعالى { قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم – الشعراء 155 } أي: [ قال لهم صالح (عليه السلام) وقد أتاهم بناقة أخرجها الله له من الصخرة هذه ناقة الله لها نصيب من الماء في يوم معلوم ، ولكم نصيب منه في يوم آخر. ليس لكم أن تشربوا في اليوم الذي هو نصيبها، ولا هي تشرب في اليوم الذي هو نصيبكم – التفسير الميسر ] . لكلٍ منهما شرب محتضر قال تعالى { كل شرب محتضر}

وأما :

(محتضر)

و[ المحتضر : ما يحضر ويشهد – معجم ألفاظ القرآن باب الحاء فصل الضاد والراء ] قال تعالى في الجن { فلما حضروه قالوا أنصتوا – الاحقاف 29 } والحضور هنا ليوم شرب لهم معلوم قال تعالى { ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر – القمر 28} .

ثم يقول تعالى :

(29) فَنَادَوْا۟ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ (29)

وهنا :

(فنادوا)

[ وناداه مناداة ونداء : يأتي للمعاني الآتية – أ- صاح به وزجره والحيوان حين يزجر إنما يسمع الصوت ولا يفهم معاني مفرداته – ب- ويقال نادى من هو من ذوي العلم : وجه إليه الخطاب ودعاه وأغلب ما يكون ذلك علانية مع رفع الصوت وقد يكون النداء خفيا – ج -ويقال ناديت فلاناً من مكان بعيد أي أنه لا يفهم ما أقول – معجم ألفاظ القرآن باب النون فصل الدال والياء ]قال تعالى في فرعون { فَحَشَرَ فَنَادَى فقال أنا ربكم الأعلى – النازعات 23-24 } . وهذا النداء هنا يبين أن كبير قوم ثمود هوو المنادي على القاتل في الآية هنا { فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر – القمر 29 } والنداء من القتلة كان من مكان بعيد لقوله تعالى { أولائك ينادون من مكان بعيد – فصلت 44 } وفي الصباح لقوله تعالى { فتنادوا مصبحين أن اغدوا على حرثكم ن كنتم صارمين – القلم 21-22 } وكم أهلك الله تعالى أمما من قبل فنادوا بالنجاة والتوبة ولم يجبهم أحد قال تعالى {  كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص – ص 3 } أي أن [ كثيرًا من الأمم أهلكناها قبل هؤلاء المشركين، فاستغاثوا حين جاءهم العذاب ونادوا بالتوبة, وليس الوقت وقت قَبول توبة, ولا وقت فرار وخلاص مما أصابهم.- التفسير الميسر ] .

ولورود هذا اللفظ في قوله تعالى فيمن رفعوا أصواتهم عند رسول الله صلى الله عليه وآله { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون – الحجرات 1 } .

ورد في تفسير القرطبي : [ روى البخاري والترمذي ، عن إبن أبي مليكة قال : ، حدثني : عبد الله بن الزبير أن الأقرع بن حابس قدم على النبي (صلى الله عليه وآله) ، فقال أبوبكر : يا رسول الله إستعمله على قومه ، فقال عمر : لا تستعمله : يا رسول الله ، فتكلما عند النبي (صلى الله عليه وآله) حتى إرتفعت أصوإتهما ، فقال أبوبكر : لعمر : ما أردت إلاّ خلافي ، فقال عمر : ما أردت خلافك ، قال : فنزلت هذه الآية : يأيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ، قال : فكان عمر بعد ذلك إذا تكلم عند النبي (صلى الله عليه وآله) لم يسمع كلامه حتى يستفهمه قال : وما ذكر إبن الزبير جده يعني أبابكر ، قال : هذا حديث غريب حسن. – قلت : هو البخاري ، قال : ، عن إبن أبي مليكة كاد الخيران أن يهلكا أبوبكر وعمر ، رفعا أصوإتهما عند النبي (صلى الله عليه وآله) حين قدم عليه ركب بني تميم ، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع ، وأشار الآخر برجل آخر ، فقال نافع : لا أحفظ إسمه ، فقال أبوبكر : لعمر : ما أردت إلاّ خلافي. فقال : ما أردت خلافك. فإرتفعت أصوإتهما في ذلك ، فأنزل الله عز وجل : يأيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ، الآية ، فقال إبن الزبير : فما كان عمر يسمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) (صلى الله عليه وآله) بعد هذه الآية حتى يستفهمه ، ولم يذكر ذلك ، عن أبيه ، يعني أبابكر الصديق.- تفسير القرطبي للآية ] .

وأما :

(صاحبهم)

[ والصاحب : الصاحب الملازم للشخص ] سواء زوجة كقوله تعالى { وصاحبته وبنيه – عبس 36 } أو زملاء السجن كما في قوله تعالى { يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار – يوسف 39 } وفي سيندنا يونس عليه السلام قال تعالى فيه ( صاحب الحوت ) فقال تعالى { فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم – القلم 48 } وقال تعالى في مثال ضربه الله تعالى في سورة الكهف عن رجل مؤمن وآخر كافر قال تعالى في الحوار الدائر بين المؤمن وصاحبه الكافر مايلي : { وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلًۭا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَـٰبٍۢ وَحَفَفْنَـٰهُمَا بِنَخْلٍۢ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًۭا كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ ءَاتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْـًۭٔا ۚ وَفَجَّرْنَا خِلَـٰلَهُمَا نَهَرًۭا وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرٌۭ فَقَالَ لِصَـاحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَنَا۠ أَكْثَرُ مِنكَ مَالًۭا وَأَعَزُّ نَفَرًۭا وَدَخَلَ جَنَّتَهُۥ وَهُوَ ظَالِمٌۭ لِّنَفْسِهِۦ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِۦٓ أَبَدًۭا وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةًۭ وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّى لَأَجِدَنَّ خَيْرًۭا مِّنْهَا مُنقَلَبًۭا قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرْتَ بِٱلَّذِى خَلَقَكَ مِن تُرَابٍۢ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍۢ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلًۭا لَّـٰكِنَّا۠ هُوَ ٱللَّهُ رَبِّى وَلَآ أُشْرِكُ بِرَبِّىٓ أَحَدًۭا وَلَوْلَآ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّهِ ۚ إِن تَرَنِ أَنَا۠ أَقَلَّ مِنكَ مَالًۭا وَوَلَدًۭا فَعَسَىٰ رَبِّىٓ أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًۭا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًۭا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًۭا زَلَقًا أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْرًۭا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُۥ طَلَبًۭا وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِۦ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَآ أَنفَقَ فِيهَا وَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَـٰلَيْتَنِى لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّىٓ أَحَدًۭا – الكهف 32-42 } .

و في النبي صلى الله عليه وآله كملازم لقومه من كفار قريش قال تعالى { أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين – الأعراف 184 } وبالتالي قوله تعالى { إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته على رسوله وأيده بجنود لم تروها – التوبة } ولأن الصحبة في كتاب الله ليست منقبة بل حال للملازمة لذلك نزلت السكينة على رسول الله صلى الله عليه وآله و لم تنزل على الصاحب في الآية .{ فأنزل الله سكينته على رسوله -التوبة }  وكما رفعوا أصواتهم في الكلمة السالفة ونادوا على بعضهم بعضا كذلك اللفظ هنا يؤكد أن رجال من قريش هم الذين قتلوا الإمام علي عليه السلام  وكان أيضاً في الصباح الباكر مع صلاة الفجر كما قال تعالى { فتنادوا مصبحين } ومن هنا قال النبي صلى الله عليه وآله [ روى المحدثون أن النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) قال لعلي ( عليه السَّلام ) : ” أتدري من أشقى الأولين ؟ ” . قال : ” نعم ، عاقر ناقة صالح ” . قال : ” أفتدري من أشقى الآخرين ؟ ” . قال : ” الله و رسوله أعلم ” . قال : ” من يضربك على هذه حتى تخضب هذه ” ـ أي من يضربك على رأسك حتى تخضب لحيتك بالدم – شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد : 10 / 264 ] .

ـوبالتالي الصاحب هنا هو قاتل الناقة الذي ناداه جماعة من الأصحاب لقتل الناقة كما في قوله تعالى { فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر – القمر 29 } .

وأما :

(فتعاطى)

[ وتعاطى : بمعنى خاض فيه وتناوله ويستعمل في تناول مالا يحق تناوله ولا يجوز – معجم ألفاظ القرآن باب العين فصل الطاء والواو ] . قال تعالى في العطاء أنه الكوثر في الآخرة للنبي صلى الله عليه وآله قال تعالى { إنا أعطيناك الكوثر – الكوثر } و هذا الوحي من الله تعالى قال إن هذا الكوثر لرسول الله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام  فحسدتهم قريشاً كما في قوله تعالى {  أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما – النساء 54 } ولذلك قتلوا الإمام علي وأهل بيت النبي عليهم السلام كما قتلت أمة ثمود الناقة لغير سبب حقيقي قال تعالى هنا { فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر – القمر 29 } . ولذلك قال صلى الله عليه وآله [” أتدري من أشقى الأولين ؟ ” . قال : ” نعم ، عاقر ناقة صالح ” . قال : ” أفتدري من أشقى الآخرين ؟ ” . قال : ” الله و رسوله أعلم ” . قال : ” من يضربك على هذه حتى تخضب هذه ” ـ أي من يضربك على رأسك حتى تخضب لحيتك بالدم .. الحديث ]

وأما :

(فعقر)

[ والعقر بالضم أصل كل شيئ وعقرته كنصرر عقراً : أصبت عقره وقيل العاقر : التي لا تحمل ولعل ذلك  من إصابة عقرها – معجم ألفاظ القرآن باب العين فصل القاف والراء ]

وبالتالي عقروها بمعنى قتلوها بضربة في رحمها أو الجزء الأسفل من بطنها قال تعالى { فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم – الأعراف 77 } . وقال تعالى { فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب – هود 65 } وبعد الثلاثة ايام أهلكهم الله تعالى كما في قوله تعالى { فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها – الشمس 14 } وهنا ندموا حيث لا ينفع الندم قال تعالى { فعقروها فأصبحوا نادمين – الشعراء 157 } .

ثم يقول تعالى :

(30) فكيف كان عذابي ونذر (30)

أي أنظر كيف كان عاقبة الظالمين كقوم نوح عليه السلام حيث قال تعالى فيهم { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍۢ فَكَذَّبُوا۟ عَبْدَنَا وَقَالُوا۟ مَجْنُونٌۭ وَٱزْدُجِرَ فَدَعَا رَبَّهُۥٓ أَنِّى مَغْلُوبٌۭ فَٱنتَصِرْ فَفَتَحْنَآ أَبْوَٰبَ ٱلسَّمَآءِ بِمَآءٍۢ مُّنْهَمِرٍۢ وَفَجَّرْنَا ٱلْأَرْضَ عُيُونًۭا فَٱلْتَقَى ٱلْمَآءُ عَلَىٰٓ أَمْرٍۢ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْنَـٰهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَٰحٍۢ وَدُسُرٍۢ تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا جَزَآءًۭ لِّمَن كَانَ كُفِرَ وَلَقَد تَّرَكْنَـٰهَآ ءَايَةًۭ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍۢ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ – القمر 9-16 } وكذلك فعل الله تعالى بقوم عاد فقال تعالى { كَذَّبَتْ عَادٌۭ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًۭا صَرْصَرًۭا فِى يَوْمِ نَحْسٍۢ مُّسْتَمِرٍّۢ تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍۢ مُّنقَعِرٍۢ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ – القمر 18-21 } وكذلك قوم ثمود هنا حيث قال تعالى فيهم { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ فَقَالُوٓا۟ أَبَشَرًۭا مِّنَّا وَٰحِدًۭا نَّتَّبِعُهُۥٓ إِنَّآ إِذًۭا لَّفِى ضَلَـٰلٍۢ وَسُعُرٍ أَءُلْقِىَ ٱلذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنۢ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌۭ سَيَعْلَمُونَ غَدًۭا مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلْأَشِرُ إِنَّا مُرْسِلُوا۟ ٱلنَّاقَةِ فِتْنَةًۭ لَّهُمْ فَٱرْتَقِبْهُمْ وَٱصْطَبِرْ وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ ٱلْمَآءَ قِسْمَةٌۢ بَيْنَهُمْ ۖ كُلُّ شِرْبٍۢ مُّحْتَضَرٌۭ فَنَادَوْا۟ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ – القمر 23- 30 } .

ثم يقول تعالى :

(31) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر (31)

وهنا :

(إنا أرسلنا عليهم)

أي أنه تعالى أهلكهم كما أهلك قوم عاد في قوله تعالى { إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر – القمر 19 } وكذلك هنا أهلك الله تعالى قوم ثمود بصيحة قال تعالى فيها { إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر – القمر 31 } وكما أرسل الله تعالى إليهم رسلاَ أرسل إلينا رسولاً وهو سيدنا محمد خاتم النبيين كما أرسل إلى الأمم من قبل ومنهم قوم موسى عليه السلام في قوله تعالى { إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذاً وبيلا فكيف تتقون إن كفرتم يوماً يجعل الولدان شيبا – المزمل  15-17 }

وأما :

(صيحة واحدة)

و[ الصيحة : صرخة قاتلة لأمم بأكملها ] قال تعالى في هلاك الأمم من قبل بعد ظلمهم واستكبارهم في الأرض : { وَعَادًۭا وَثَمُودَا۟ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَـٰكِنِهِمْ ۖ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَعْمَـٰلَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَكَانُوا۟ مُسْتَبْصِرِينَ وَقَـٰرُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَـٰمَـٰنَ ۖ وَلَقَدْ جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَٱسْتَكْبَرُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ وَمَا كَانُوا۟ سَـٰبِقِين فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون – العنكبوت 38-40 }

ويبين تعالى أن قوم ثمود لما أخذتهم الصيحة أخذتهم فأهلكتهم كما في قوله تعالى  { إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون – يس 29 } وهذه صيحة لن تستفيق أجسادهم من بعدها أبداً إلا يوم القيامة وأما أنفسهم فهى إلى النار من بعد موتهم لذلك قال تعالى عن هذه الأجساد  { وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق – ص 15 } وهذه هى الصيحة المهلكة لقوم ثمود وغيرهم من الأمم الظالمةة وكما قال تعالى فيهم هنا { إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر- القمر 31 } .

وهذا عن أجسادهم في الدنيا وأما عن الأنفس فهى لا تموت وستدخل النار من بعد موتهم مباشرة كقوله تعالى في قوم نوح { مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا – نوح 25 } وقال تعالى أيضاً في هذه الأنفس الخبيثة { ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم – الصافات 68 }

فلما ماتوا أحضر الله تعالى هذه الأنفس للمحاكمة كما في قوله تعالى : { إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون – يس 53 } فإذا كان يوم القيامة أحضرهم الله تعالى بأنفسهم وأجسادهم حول جهنم جثيا كما في قوله تعالى { فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا – مريم 68 } .

وأما عنأمم آخر الزمان فقد قال تعالى فيهم { ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون – يس 49 } وهذه الصيحة هى الصاعقة التي توعدهم الله تعالى بها في قوله تعالى { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود –فصلت 13 } .

وأما :

(فكانوا)

أي أنه يقول تعالى { وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين – الحجر 81 } فلما أعرضوا أهلكهم الله تعالى كما في الآية هنا بالصيحة في قوله تعالى {  إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر – القمر 31 } اي أن الله تعالىى أهلكهم في قوله تعالى { فكذبوهما فكانوا من المهلكين – المؤمنون 48 }

وأما:

(كهشيم المحتظر)

[ والهشيم من النبات : اليابس المتكسر من يبسه – معجم ألفاظ القرآن باب الهاء فصل الشين والميم ] قال تعالى { واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا – الكهف 45 } أي أن الصحة حولت أجسادهم لهشيم متكسر كأوراق االأشجار اليابسة المتكسرة قال تعالى { فكانوا كهشيم المحتظر – ق 31 } .

وأما :

(المحتظر)

[ والمحتظر : صانع الحظيرة المتخذة من الشجر لتقي الإبل والدواب البرد والريح وحظره منعه فالشيئ محظور – معجم ألفاظ القرآن باب الحاء فصل ظاء والراء ] قال تعالى { إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر – القمر 31 } .

ثم يقول تعالى :

(32) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (32)

أي أنه تعالى يبين لهذه الأمة أنه تعالى أهلك الأمم من قبل لما كذبوا رسلهم وهاهو يقول تعالى أنه قد يسر لكم القرآن الكريم تلاوة ودراسة وفهماً وتدبراً وسماعاً فيامن قلدتم أمة ثمود في أفعالهم وجرائمهم ورأيتم كيف علنا بهم هل من (مذتكر) أي مدكر قال تعالى { فكيف كان عذابي ونذرولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر– القمر 31-32 } وقد سبق بيان الآية رقم (17) والآية رقم (22) وهنا الآية رقم (32) .

 

ثم يقول تعالى :

 

(33) كذبت قوم لوط بالنذر (33)

وهنا :

(كذبت قوم لوط بالنذر)

{ وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وَقَوْمُ إِبْرَٰهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍۢ وَأَصْحَـٰبُ مَدْيَنَ ۖ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ فَأَمْلَيْتُ لِلْكَـٰفِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ – الحج 42-44 } . وهنا { كذبت قوم لوط بالنذر – القمر 33 } وهذه النذر جاءتهم بها رسل الله تعالى كما في قوله تعالى عن تكذيبهم وجريمتهم { كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌۭ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ أَتَأْتُونَ ٱلذُّكْرَانَ مِنَ ٱلْعَـٰلَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَٰجِكُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ قَالُوا۟ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَـٰلُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُخْرَجِينَ قَالَ إِنِّى لِعَمَلِكُم مِّنَ ٱلْقَالِينَ رَبِّ نَجِّنِى وَأَهْلِى مِمَّا يَعْمَلُونَ فَنَجَّيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُۥٓ أَجْمَعِينَ إِلَّا عَجُوزًۭا فِى ٱلْغَـٰبِرِينَ ثُمَّ دَمَّرْنَا ٱلْـَٔاخَرِينَ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًۭا ۖ فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَـَٔايَةًۭ ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ١٧٤ – الشعراء 160-174 }

وأما :

(بالنذر)

وهذه النذر التي كذبوا بها يبين تعالى أنهم تماروا بها تكذيباً لرسولهم كما قال تعالى فيهم { وَلَقَدْ أَنذَرَهُم بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا۟ بِٱلنُّذُرِ – القمر 36 } .

ثم يقول تعالى :

(34) إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّآ ءَالَ لُوطٍۢ ۖ نَّجَّيْنَـٰهُم بِسَحَرٍۢ (34)

وهنا :

(إنا أرسلنا عليهم)

وهنا يقول تعالى أنه كما أهلك قوم عاد بريح صرصر عاتية  وقال تعالى فيهم : { إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر – القمر 19 } وكذلك قوم ثمود لما أهلكهم الله تعالى بالصيحة لكفرهم وتكذيبهم وقتلهم الناقة في قوله تعالى { إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر– القمر 31 } كذلك فعل الله تعالى هنا بقوم لوط لما كذبوا رسلهم وفعلوا جريمتهم الشنعاء فأرسل الله تعالى عليهم حاصباً في قوله تعالى قوم لوط { إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر – القمر 34 }

فلما أراد الله تعالى هلاكهم أرسل إليهم ملائكة العذاب والذين دخلوا على نبي الله إبراهيم أولا ليخبروه بأمر الله تعالى كما في قوله تعالى { وَلَقَدۡ جَآءَتۡ رُسُلُنَا إِبۡرَٰهِيمَ بِٱلۡبُشۡرَىٰ قَالُواْ سَلَٰمٗاۖ قَالَ سَلَٰمٞۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجۡلٍ حَنِيذٖ فَلَمَّا رَءَآ أَيۡدِيَهُمۡ لَا تَصِلُ إِلَيۡهِ نَكِرَهُمۡ وَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِيفَةٗۚ قَالُواْ لَا تَخَفۡ إِنَّآ أُرۡسِلۡنَآ إِلَىٰ قَوۡمِ لُوطٖ – هود 69-70 }

ثم يقول تعالى :  { فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط – هود 70 } ثم يقول تعالى فيما قالته الملائكة له عليه السلام : { قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ قَالُوٓا۟ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍۢ مُّجْرِمِينَ إِلَّآ ءَالَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا ٱمْرَأَتَهُۥ قَدَّرْنَآ ۙ إِنَّهَا لَمِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ فَلَمَّا جَآءَ ءَالَ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلُونَ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌۭ مُّنكَرُونَ قَالُوا۟ بَلْ جِئْنَـٰكَ بِمَا كَانُوا۟ فِيهِ يَمْتَرُونَ وَأَتَيْنَـٰكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍۢ مِّنَ ٱلَّيْلِ وَٱتَّبِعْ أَدْبَـٰرَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌۭ وَٱمْضُوا۟ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَٰلِكَ ٱلْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَـٰٓؤُلَآءِ مَقْطُوعٌۭ مُّصْبِحِينَ وَجَآءَ أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ قَالَ إِنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ ضَيْفِى فَلَا تَفْضَحُونِ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ قَالُوٓا۟ أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ قَالَ هَـٰٓؤُلَآءِ بَنَاتِىٓ إِن كُنتُمْ فَـٰعِلِينَ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ فَجَعَلْنَا عَـٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةًۭ مِّن سِجِّيلٍ–الحجر 57-74 }

ثم يقول تعالى عن نبي الله لوط وقوله عليه السلام هذا يوم عصيب قال تعالى { وَلَمَّا جَآءَتۡ رُسُلُنَا لُوطٗا سِيٓءَ بِهِمۡ وَضَاقَ بِهِمۡ ذَرۡعٗا وَقَالَ هَٰذَا يَوۡمٌ عَصِيبٞ وَجَآءَهُۥ قَوۡمُهُۥ يُهۡرَعُونَ إِلَيۡهِ وَمِن قَبۡلُ كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ هَٰٓؤُلَآءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطۡهَرُ لَكُمۡۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُخۡزُونِ فِي ضَيۡفِيٓۖ أَلَيۡسَ مِنكُمۡ رَجُلٞ رَّشِيدٞ قَالُواْ لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنۡ حَقّٖ وَإِنَّكَ لَتَعۡلَمُ مَا نُرِيدُ  قَالَ لَوۡ أَنَّ لِي بِكُمۡ قُوَّةً أَوۡ ءَاوِيٓ إِلَىٰ رُكۡنٖ شَدِيدٖ قَالُواْ يَٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوٓاْ إِلَيۡكَۖ فَأَسۡرِ بِأَهۡلِكَ بِقِطۡعٖ مِّنَ ٱلَّيۡلِ وَلَا يَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدٌ إِلَّا ٱمۡرَأَتَكَۖ إِنَّهُۥ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمۡۚ إِنَّ مَوۡعِدَهُمُ ٱلصُّبۡحُۚ أَلَيۡسَ ٱلصُّبۡحُ بِقَرِيبٖ فَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا جَعَلۡنَا عَٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمۡطَرۡنَا عَلَيۡهَا حِجَارَةٗ مِّن سِجِّيلٖ مَّنضُودٖ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَۖ وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ بِبَعِيدٖ- هود 77-83 } .

وأما :

(حاصباً)

[ والحاصب : الريح المهلكة بالحصى وغيره – معجم ألفاظ القرآن باب الحاء فصل الصاد والباء ] قال تعالى : { وَعَادٗا وَثَمُودَاْ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَٰكِنِهِمۡۖ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ فَصَدَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَكَانُواْ مُسۡتَبۡصِرِينَ وَقَٰرُونَ وَفِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَۖ وَلَقَدۡ جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانُواْ سَٰبِقِينَ فَكُلًّا أَخَذۡنَا بِذَنۢبِهِۦۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِ حَاصِبٗا وَمِنۡهُم مَّنۡ أَخَذَتۡهُ ٱلصَّيۡحَةُ وَمِنۡهُم مَّنۡ خَسَفۡنَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ وَمِنۡهُم مَّنۡ أَغۡرَقۡنَاۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ –العنكبوت 38-40 } وهؤلاء الذين أهلكهم الله تعالى بالحجارة أو حصبهم بالحجارة من السماء هم قوم لوط الذين قال تعالى فيهم  هنا { إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر – القمر 34 }

 

ثم يتوعد الله تعالى قوم آخر الزمان إن فعلوا تلك الجريمة فهل يأمنون بأن لا يعاقبهم الله تعالى كما عاقب سلفهم من قوم لوط قال تعالى { أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا أَمۡ أَمِنتُمۡ أَن يُعِيدَكُمۡ فِيهِ تَارَةً أُخۡرَىٰ فَيُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ قَاصِفٗا مِّنَ ٱلرِّيحِ فَيُغۡرِقَكُم بِمَا كَفَرۡتُمۡ ثُمَّ لَا تَجِدُواْ لَكُمۡ عَلَيۡنَا بِهِۦ تَبِيعٗا – الإسراء 68-69 } وقال تعالى أيضاً { أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير – الملك 17 }

وأما :

(إلا آل لوط نجيناهم)

أي أنه تعالى سينجي آل لوط عليه السلام من العذاب والإنتقام الإلهي النازل عليهم أجمعين إلا امرأته قدر الله تعالى عليهها أن تكون من الهالكين  كما في قوله تعالى { قَالَ فَمَا خَطۡبُكُمۡ أَيُّهَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ  قَالُوٓاْ إِنَّآ أُرۡسِلۡنَآ إِلَىٰ قَوۡمٖ مُّجۡرِمِينَ إِلَّآ ءَالَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُم أَجۡمَعِينَ إِلَّا ٱمۡرَأَتَهُۥ قَدَّرۡنَآ إِنَّهَا لَمِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ فَلَمَّا جَآءَ ءَالَ لُوطٍ ٱلۡمُرۡسَلُونَ قَالَ إِنَّكُمۡ قَوۡمٞ مُّنكَرُونَ قَالُواْ بَلۡ جِئۡنَٰكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمۡتَرُونَ  وَأَتَيۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ وَإِنَّا لَصَٰدِقُونَ فَأَسۡرِ بِأَهۡلِكَ بِقِطۡعٖ مِّنَ ٱلَّيۡلِ وَٱتَّبِعۡ أَدۡبَٰرَهُمۡ وَلَا يَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدٞ وَٱمۡضُواْ حَيۡثُ تُؤۡمَرُونَ وَقَضَيۡنَآ إِلَيۡهِ ذَٰلِكَ ٱلۡأَمۡرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰٓؤُلَآءِ مَقۡطُوعٞ مُّصۡبِحِينَ – الحجر 57-66 } أي أنه تعالى نجى آل لوط من الهلاك في الصباح قال تعالى { إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ– القمر34 }

وأما :

(بسحر)

[ والسحر : القطع الأخير من الليل وجمعه أسحار ] قال تعالى { الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار –آل عمران 17 }  وهنا كأنه يقول تعالى أنه كتب النجاة لآل لوط عليه السلام في الثلث الأخير من الليل قبل شروق الشمس وبزوغ الصبح وهو موعد هلاكهم الذي حدده لهم الخالق تبارك وتعالى كما في قوله تعالى { قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب – هود 81 } ولذلك قال تعالى { فأخذتهم الصيحة مشرقين –الحجر 73  } أي في وقت الصباح وقت الإشراق .

ثم يقول تعالى مبيناً أن هذه النجاة لآل لوط كانت بنعمة من الله تعالى كما في قوله تعالى :

 

(35) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر (35)

وهنا :

(نعمة من)

النعمة هنا نعمة النجاة من الهلاك والعذاب في الدنيا كقوله تعالى في نبي الله يونس عليه السلام { لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم – القلم 49 } والنجاة من القتل نعمة قال تعالى وهى إحدى الحسنيين قال فيها أيضاً سبحانه وتعالى { فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم – آل عمران 174 } وهذه النعمة هنا للشاكرين الذين تولوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله عليهم السلام قال تعالى { نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر – القمر 35 }

وأما :

(من عندنا)

أي أن هذه النعمة بأمر من الله تعالى كما في قوله تعالى { أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين رجمة من ربك – الدخان 5-6 }  وهذا جزاءاً للشاكرين هنا الذين تولوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله عليهم السلام قال تعالى { نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر – القمر 35 } .

وأما :

(كذلك)

وهنا كذلك أي أنه يقول تعالى { كذلك الله يفعل ما يشاء – آل عمران 40 } ومشيئته هنا أن يمن تعالى بالنجاة في الدنيا من العذاب والمهالك للشاكرين كما في قوله تعالى { كذلك نجزي من شكر- القمر 35 }

وأما :

(نجزي من شكر)

وهنا من شكر فهو المؤمن وهو عكس الكافر كما في قوله تعالى { إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا – الإنسان } ومن آمن بالله تعالى تولاه ورسوله صلى الله عليه وآله عليهم السلام وأولهم الوصية بالإمام علي عليه السلام ولم ينقلب عليها كما في قوله تعالى { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين – آل عمران 144-145 } . وهؤلاء المؤمنين سينجيهم الله تعالى بنعمة منه في الدنيا كما أنعم الله تعالى على آل لوط هنا في قوله تعالى { نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر – القمر } وهؤلاء في الآخرة هم المتقين أصحاب الجنة الذين قال تعالى فيهم { إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي ظِلَٰلٖ وَعُيُونٖ وَفَوَٰكِهَ مِمَّا يَشۡتَهُونَ كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ – المرسلات 41-44 } .

ثم يقول تعالى :

(36) ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر (36 }

وهنا :

(ولقد)

أي انه قال تعالى { تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين – الأعراف 101 } ومن هذه قرى قووم لوط والتي قال تعالى فيها وفي أهلها من الفسقةة المجرمين { ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر- القمر 36  } فلما كذبوا واستهزءوا أخذهم الله تعالى كما في قوله تعالى { ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب – الرعد 32 }

وأما :

(أنذرهم)

أي أنهم كذبوا الرسول عليه السلام والنذر التي جاءهم بها من عند الله تعالى كما في قوله تعالى { كذبت قوم لوط بالنذر – القمر 33 }  فلما كذبوا وأصروا على كفرهم وجرمهم أمطر الله تعالى عليهم حجارة من سجيل قال تعالى { وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين – النمل 58 } ثم يقول تعالى فانظر كيف كان عاقبتهم قال تعالى { فانظر كيف كان عاقبة المنذرين –الصافات 73 } .

وأما :

(بطشتنا)

[ وبطش به أخذه بعنف وشدة – معجم ألفاظ القرآن باب الباء فصل الطاء والشين ] قال تعالى {   فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين – القصص 19 } وبطش الله تعالى بالأمم الأولى والآخرة شديد قال تعالى فيه { إن بطش ربك لشديد – البروج 12 } يقول تعالى فيه عن الأمم الأولى من قبل : { فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين – الزخرف 8 } وهذه الأمم كانت أشد منهم بطشاً كما في قوله تعالى : { وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص – ق 36 } وهذا عن الأمم الأولى وعن الأمم الآخرة في آخر الزمان وبطشته تعالى بهم  يقول تعالى { يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون – الدخان 16 }

وأما :

(فتماروا)

[ ومارى في الشيئ ماراه ومماراة : جادله وناظره ورد عليه طلباً للحجة … والمرية الشك والتردد في الشيئ وهو إسم مصدر من امترى – معجم ألفاظ القرآن باب المين فصل الراءوالياء] . قال تعالى { ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد – الشورى 18 } ولذلك جادلوا رسول الله صلى الله عليه وآله فيما رآه صلى الله عيه وآله ي حادثة الإسراء والمعراج قال تعالى لذلك { أفتمارونه على ما يرى – النجم 12 } والمراء كما ماروا في الساعة ماروا في خلافة وولاية الإماما علي عليه السلام لما نزل فيه من قوله تعالى { أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون – هود 17 } وفي الحديث [ عن ابن عباس قال : الذي على البينة رسول الله صلى الله عليه وآله والشاهد علي (عليه السلام) – شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني وتفسير الدر المنثور للسيوطي ] . وكما مارىَ وجادل هؤلاء بالباطل في الوحي والنبوة والساعة والولاية كذلك فعل الذين من قبلهم كما في  قوله تعالى { فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص – هود 109 } ولا يزالون كذلك حتى يبططش الله تعالى بهم البطشة الكبرى مع الساعة أو قريب منها قال تعالى { ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم – الحج 55 } .

وأما :

(بالنذر)

وهنا يبين تعالى أنهم كما تماروا بالنذر وجادلوا بالباطل أهلكهم الله تعالى كما فعل بالأمم من قبلهم وكما قال تعالى في قوم عاد { كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر –القمر 18 } وكما كذبت عاد كذبت ثمود بالنذر كما في قوله تعالى { كذبت ثمود بالنذر – القمر 23 } وكذلك قوم لوط كذبوا بالنذر في قوله تعالى { كذبت قوم لوط بالنذر – القمر 33 } وهذه النذر التي كذب بها قوم عاد وثمود و لوط يبين تعالى أنهم تماروا بها تكذيباً لله تعالى ورسوله كما في قوله تعالى عنهم { وَلَقَدْ أَنذَرَهُم بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا۟ بِٱلنُّذُرِ – القمر 36 } فلما أهلكهم الله تعالى قال فيهم { فذوقوا عذابي ونذر – القمر 39 } . ثم قال تعالى بعدما أهلك الأمم من قبلهم { فكيف كان عذابي ونُذُر – القمر } الآية (16) والآية (18) والآية (21) والآية (30) .

ثم يقول تعالى :

(37) وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (37)

وهنا :

(ولقد راودوه)

[ وراد يرود روداً  تردد برفق ويصغر الرود على رويد ويقال رويداُ ياهذا : أي رفقاً ومهلاً ولا تعجل وراوده على الشيء يراوده مراودة وروادا : طلبه منه وحاول أن يفعله ويقال راوده عن الشيئ : جهد في طلبه منه وعدى بعن لما فيه من معنى المخادعة ويقال من هذا : راود المرأة عن نفسها وراودته المرأة عن نفسه في طلب  الجماع من المتأبى كأنما يخدعه عن نفسه التي تأبى الإستسلام لما يراد – معجم ألفاظ القرآن باب الراء فصل  الواو والدال ] . قال تعالى { قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون – يوسف 61 } والمراودة للجماع قل تعالى فيها هنا  { وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون – يوسف 23 } وقال تعالى { ولقد راودته عن نفسه فاستعصم – يوسف 32 } وبالتالي قوله تعالى هنا { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ – القمر 37 } أي احتالوا للإيقاع بهم وعمل الفاحشة معهم لعنهم الله فطمس الله أعينهم .

وأما :

(عن ضيفه)

وهؤلاء الضيف هم ملائكة الله تعالى الموكول إليهم إهلاك قوم لوط وقد جاءوا أولا لنبي الله إبراهيم عليه السلام ليخبروه بهلاكهم كما في قوله تعالى { وَنَبِّئۡهُمۡ عَن ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ إِذۡ دَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَقَالُواْ سَلَٰمٗا قَالَ إِنَّا مِنكُمۡ وَجِلُونَ قَالُواْ لَا تَوۡجَلۡ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَٰمٍ عَلِيمٖ قَالَ أَبَشَّرۡتُمُونِي عَلَىٰٓ أَن مَّسَّنِيَ ٱلۡكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قَالُواْ بَشَّرۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡقَٰنِطِينَ قَالَ وَمَن يَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ قَالَ فَمَا خَطۡبُكُمۡ أَيُّهَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ قَالُوٓاْ إِنَّآ أُرۡسِلۡنَآ إِلَىٰ قَوۡمٖ مُّجۡرِمِينَ إِلَّآ ءَالَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمۡ أَجۡمَعِينَ إِلَّا ٱمۡرَأَتَهُۥ قَدَّرۡنَآ إِنَّهَا لَمِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ فَلَمَّا جَآءَ ءَالَ لُوطٍ ٱلۡمُرۡسَلُونَ قَالَ إِنَّكُمۡ قَوۡمٞ مُّنكَرُونَ قَالُواْ بَلۡ جِئۡنَٰكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمۡتَرُونَ وَأَتَيۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ وَإِنَّا لَصَٰدِقُونَ فَأَسۡرِ بِأَهۡلِكَ بِقِطۡعٖ مِّنَ ٱلَّيۡلِ وَٱتَّبِعۡ أَدۡبَٰرَهُمۡ وَلَا يَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدٞ وَٱمۡضُواْ حَيۡثُ تُؤۡمَرُونَ وَقَضَيۡنَآ إِلَيۡهِ ذَٰلِكَ ٱلۡأَمۡرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰٓؤُلَآءِ مَقۡطُوعٞ مُّصۡبِحِين وَجَآءَ أَهۡلُ ٱلۡمَدِينَةِ يَسۡتَبۡشِرُونَ قَالَ إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ ضَيۡفِي فَلَا تَفۡضَحُونِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُخۡزُونِ قَالُوٓاْ أَوَ لَمۡ نَنۡهَكَ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ قَالَ هَٰٓؤُلَآءِ بَنَاتِيٓ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ لَعَمۡرُكَ إِنَّهُمۡ لَفِي سَكۡرَتِهِمۡ يَعۡمَهُونَ فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّيۡحَةُ مُشۡرِقِينَ فَجَعَلۡنَا عَٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمۡطَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ حِجَارَةٗ مِّن سِجِّيلٍ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٖ مُّقِيمٍ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ – الحجر 51-77 } فلما راودوه عن ضيفه قال لهم نبي الله لوط عليه السلام هؤلاء بناتي هن أطهر لكم إن كنتم فاعلين قال تعالى { وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ – هود 78 } ثم طمس الله تعالى أعينهم كما في الآية هنا { ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم }

وأما :

(فطمسنا أعينهم)

[ وطمس الشيئ غطاه حتى لا يرى أو درس وانحى أثره أو مسخ وذهب عنه صورته والمطموس : الذي لا يبين حرف جفنه – معجم ألفاظ القرآن باب الطاء فصل الميم والسين ] قال تعالى :{ ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون – يس 66 } فإذا تكرر هذا العمل بين بني آدم من اي دين فقد توعدهم الله تعالى بطمس الوجوه لتكون كأقفيتهم وهذا لا يكون إلا بالنار المحرقة قال تعالى { يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا – النساء 47 }

أي [ يا أهل الكتاب, صدِّقوا واعملوا بما نزَّلنا من القرآن, مصدقًا لما معكم من الكتب من قبل أن نأخذكم بسوء صنيعكم, فنمحو الوجوه ونحولها قِبَلَ الظهور, أو نلعن هؤلاء المفسدين بمسخهم قردة وخنازير, كما لعنَّا اليهود مِن أصحاب السبت, الذين نُهوا عن الصيد فيه فلم ينتهوا, فغضب الله عليهم, وطردهم من رحمته, وكان أمر الله نافذًا في كل حال.- التفسير الميسر ] .

وأما :

(فذوقوا عذابي ونذر)

سبق بيانها في الآية رقم (16)

 (فكيف كان)

{ وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير – سبأ 45 }  أي [ فكيف كان إنكاري عليهم كفرهم وتكذيبهم، وتبديل ما كان بهم مِن نعمة بالعذاب والهلاك – التفسير الميسر ] وكان إنكار الله تعالى عليهم هنا عقابهم لكفرهم واستهزائهم برسل الله تعالى عليهم السلام  كما قال تعالى { ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير – فاطر 26 }  وقوله تعالى { ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب – الرعد 32 } وما كان هذا العقاب إلا بعد محاولاتهم قتل رسلهم لعنهم الله كما في قوله تعالى  { كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب – غافر 5 } . فلما قعاقبهم الله تعالى قال تعال  هنا { فكيف كان عذابي ونذر } ثم يدعوا الله تعالى الناس بالسير في الأرض لينظروا كيف كان عاقبة المكذبين والمفسدين والظالمين قال تعالى { قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين -الأنعام 11 } وهؤلاء هم القوم المجرمين الذين قال تعالى فيهم { قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين – النمل 69 } ومن هؤلاء القوم المجرمين الذين ستظهر أعمالهم مرة أخرى قبل الساعة أمة ثمود لعنهم الله وقتلهم الناقة وهم رمزلأمة تقل أهل بيت النبي عليهم السلام وأتباعهم قال تعالى { ومكروا مكراً ومكرنا مكراً فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين – النمل 50-51 } وقد توعدهم الله تعالى بصاعقة قبل يوم القيامة هم وأمة أخرى ستسير على نهج قوم عاد قال تعالى { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم بصاعقة مثل صاعقة عاد وثمود – فصلت 13 }

و كذلك  قوم لوط وعملهم المشين لعنهم الله و قال تعالى فيهم : {  وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين – الأعراف 84 } وكذلك النهج الفرعوني في الدعوة لطلاعة المطلقة لحكام آخر الزمان وهى ألوهية فرعون وهذه الجريمة ستظهر بين حكام آخر الزمان أيضاً وهنا قال تعالى  { ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين – الأعراف 103 } وسيظهر الجحود بنعم الله تعالى وأولها نعمة القرآن الكريم وسننة رسوله الكريم صلى الله عليه وإمامة أهل بيته وهذا تماماً كما جحد فرعون وملئه نعم الله تعالى التي جائهم بها نبي الله موسى عليه السلام وقال تعالى في ذلك عنهم { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين – النمل 14 }

وهذه الأمم كانت أقوى ممن جاءوا من بعدهم  فلم يعجزوا الله تعالى شيئاً كما في قوله تعالى { أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون – غافر 82 }

ولأمتنا يقول تعالى أنه سيرسل إليهم من علامات الساعة تأويلاً للقرآن الكريم قبل هلاكهم مثلما فعل بالأمم من قبل فقال تعالى فيه { هل ينظرون إلا تأويله – الأعراف } وهذا التأويل سيكذبون به وتكون نهايتهم فيه إذا كذبوا به لقوله تعالى { بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين – يونس 39 } ويقول تعالى لهم إن كانوا لا يصدقون فليسيروا في الأرض لينظروا آثار الأمم البائدة كيف أفناهم الله تبارك وتعالى ودمرهم وللكافرين إذا ساروا على نهج قوم نوح في ظلمهم و عاد وثمود ولوط وفرعون مدعي الطاعة المطلقة له وحده دون منازع و شعيب في بخس الميزان والربا وجحود نعم الله تعالى فسيدمرهم الله تعالى كما دمر للأمم الظالمة من قبل وقال تعالى فيهم هنا في قوم نوح { فكيف كان عذابي ونذر – القمر18  } وقال تعالى في قوم عاد أيضاً نفس الاية : { فكيف كان عذابي ونذر – القمر 21 } وفي قوم ثمود يقول تعالى أيضاً { فكيف كان عذابي ونذر –القمر 30 } وكما فعل الله تعالى بهذه الأمم من قبل كذلك سيهلك من تقلد بهم من الظالمين كما في قوله تعالى { أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها – محمد 10 } .

وأما :

(عذابي)

وهنا يقول تعالى مبيناً أنه أمر باتباع كتابه الكريم والعمل به طاعة رسوله صلى الله عليه وآله كما في قوله تعالى { واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون – الزمر 55 }

ويقوول تعالى مبيناً أنه هو الغفور الرحيم وأن عذابه على الكفار والمنافقين والعصاة والظالمين هو العذاب الأليم قال تعالى : { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم – الحجر 49-50 } وهذا العذاب يأخذ الأمم إذا كفرت بالله تعالى و عصت رسل ربهم كما في قوله تعالى { وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون- النحل 112-113}

وعن رحمته تعالى جعلها لمن اتبعه عز وجل وعمل بأوامره تعالى وأطاع رسوله صلى الله عليه وآله قال تعالى { واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ –  الأعراف 156-157 }.

أي أن عذابه تعالى لمن كفر به عز وجل كما في قولهه تعالى{ وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد – إبراهيم 7 }

ويبين تعالى أن قوماً من قريش قد استعجلوا نزول العذاب عليهم ولكن بين تعالى أن لهم أجلاً وموعداً لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون كما في قوله تعالى { ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون – العنكبوت 53 } وقبل نزول هذا الأجل بين تعالى انه سيعذبهم عذاباً أدنى من العذاب الأكبر لعلهم يتوبون من قريب كما في قوله تعالى { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون – السجدة 21 }

م يعظهم الله تعالى قبل نزول العذاب عليهم قائلاً { أنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون – الزمر 54 } .

ومن العذاب الأدنى قبل نزول العذاب الأكبر عليهم وعيده للمخلفين من الأعراب حيث توعدهم الله تعالى بقتال قوماً شديدوا البأس بعصيانهم لله تعالى ورسوله كما في قوله عز وجل { قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما – الفتح 16 }

فإذا بلغوا أجلهم المحدد لهم نزل بهم العذاب الأكبر وهما عذابين في حقبتين مختلفتين وهذا يثبت أنهم إن لم يعاينوه بأجسادهم فسيذوقون منه في حياة البرزخ ولذلك يقوول تعالى { ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله }

فإذا بلغوا أجلهم ضربهم الله تعالى بصاعقة مثل صاعقة عاد وثمود لتقليدهم قوم عاد وثمود في جرائمهم قال تعالى { فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ –فصلت 13-18 } وهذا هو العذاب الثاني الذي توعد به منافقي الأعراب  حيث توعدهم بعذابين الأول زمن النبي صلى الله عليه وآله والثاني آخر الزمان قبل القيامة لقوله تعالى {  وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ– التوبة 101 } وعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون قال تعالى { كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون – القلم 33 }

وكذلك يكون هذا العذاب آخر الزمان قبل القيامة بظلمهم وفشوا عمل قوم لوط بين كبراء ومترفي العالم فإذا قلدوا قوم لوط في عملهم أهلكهم الله تعالى كما أهلك سلفهم وذلك لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر فذوقوا عذابي ونذر – القمر 37-39 } . وهؤلاء لهم العذاب الشديد بكفرهم لقوله تعالى { فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين – آل عمران 56 } وكذلك بعصيانهم لله تعالى كما في قوله عز وجل { ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين –النساء 14 } وكذلك المنافقين الذين تولوا أعداء الله تعالى من دون الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام والمؤمنين  فهؤلاء يدخلون في عذاب الله تعالى النازل عليهم آخر الزمان لقوله تعالى { بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا – النساء 138-139  }  ومنهم الذين كذبوا على الله تعالى ورسوله وأضلوا كثيراً من هذه الأمة فأخرجوهم من ولاية أهل بيت النبي عليهم السلام إلى غيرهم بمكذوبات نشروها وملئوا بها الخافقين قال تعالى { ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون –الأنعام 139 } ومن هؤلاء المعذبون آخر الزمان قوماً قالوا بأن الله ثالث ثلاثة كما في قوله تعالى { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم – المائدة 73 } ومن هؤلاء الذين توعدهم الله بالعذاب الزناه والمحرضين على الفاحشة بين المسلمين وفي العالم لقوله تعالى {   إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون – النور 19 }

وكذلك أصحاب مدرسة الراي الذين يقدمون أراء وأهواء الرجال على نصوص القرآن لقوله تعالى { وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير – لقمان 21 }

وعذاب الله تعالى آخر الزمان سيكون على هذه المجموعات في ارجاء المعمورة ولن يؤمن هؤلاء جميعاً حتى ينزل بهم العذاب كما في قوله تعالى { وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا – الكهف 55 } وبداية هذا العذاب ستكون بصعود الإنسان للسماء الأولى كما في قوله تعالى { ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون – الحجر 14 } وهذا الباب سيكون فيه عذاباً أليماً على كل هؤلاء في حروب عالمية كبرى لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون –المؤمنون 77 } .

ولذلك يقول تعالى هنا { فكيف كان عذابي ونذر- القمر 18 }

وأما :

(ونذر)

والإنذار يكون بالقرآن الكريم لقوله تعالى { وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون – الأنعام 92 } وقال تعالى مبيناً أن هذا النذير من النذر الأولى التي أنزلها على أنبياء الله من قبل قال تعالى { هذا نذير من النذر الأولى – النجم 56 } و كل أمة بعث الله تعالى فيها نذير وكذب مترفوها كما في قوله تعالى { وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون – الزخرف 23 } وقد عذب الله تعالى الأمم من قبل فقال تعالى { فانظر كيف كان عاقبة المنذرين – الصافات 73 } وكذلك لكل أمة نذير وهاد مهدي من أهل بيت النبي عليهم السلام قال تعالى { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد – الرعد 7 } وما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون قال تعالى { حكمة بالغة فما تغني النذر – القمر 5 } وقال تعالى أيضاً { قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون – يونس 101 } .

ثم يقول تعالى :

 (38) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر (38)

وهنا :

(ولقد)

أي أنه يقول تعالى { ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر – القمر 37 } لذلك صبحهم الله تعالى بعذاب قال تعالى فيه { ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر – القمر 38 }

وأما :

(صبحهم)

أي أن موعد هلاكهم الصبح مع شروق الشمس لقوله تعالى{ قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب – هود 81}

وأما :

(بكرة)

وبكرة أي في الصباح الباكر [ أول النهار ]  قال تعالى { وسبح بالعشي والإبكار – آل عمران 41} وهذا هو وقت هلاكهم مع إسشراقة الشمس لقوله تعالى {   فأخذتهم الصيحة مشرقين – الحجر 73 } .

وأما :

(عذاب)

أي أنه يقول تعالى { ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر – القمر 37 } وهذا العذاب مستقر كما في قوله تعالى هنا { ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر – القمر 38 } .

وأما :

(مستقر)

ومستقر أي مستمر لا يزول عنهم فالمستقر عذاباً في الأرض لورود هذا اللفظ في قوله تعالى {    قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين – الأعراف 24 } اي أن لهم عذاباً في الدنيا فإذا قامت القيامة وإلى الله المستقر في قوله تعالى { إلى ربك يومئذ المستقر – القيامة 12 } وهنا يتحولون من العذاب الأدنى إلى العذاب الأكبر أي من مستقر في الدنيا إلى مستقر في الآخرة لقوله تعالى في أهل النار {  إنها ساءت مستقرا ومقاما – الفرقان 66 } .

ثم يقول تعالى :

(39) فذوقوا عذابي ونذر (39) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (40)

 وهنا :

(فذوقوا عذابي )

أي أنه يقول تعالى مبينا أن هذا العذاب كان لكفرهم بالله تعالى وتكذيبهم أنبياء الله تعالى قال عز وجل { ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون – الأنعام 30 } وقال تعالى مبيناً أن عذاب أهل النار كان بتكذيبهم وطغيانهم في الدنيا قال تعالى { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتۡ مِرۡصَادٗا لِّلطَّٰغِينَ مَـَٔابٗا  لَّٰبِثِينَ فِيهَآ أَحۡقَابٗا لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرۡدٗا وَلَا شَرَابًا  إِلَّا حَمِيمٗا وَغَسَّاقٗا جَزَآءٗ وِفَاقًا إِنَّهُمۡ كَانُواْ لَا يَرۡجُونَ حِسَابٗا وَكَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا كِذَّابٗا وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ كِتَٰبٗا – فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا –النبأ 30 } ومن هذه الأمم هنا قوم لوط الذين قال تعالى فيهم { فذوقوا عذابي ونذر- القمر 39 } .

وأما :

(عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر )

وهذه الآيات وردت على قوم نوح من قبل في الآية (16) والآية (17) حيث ال تعالى { فكيف كان عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر – القمر 16-17 } وقال تعالى في أمة ثمود أيضاً { فَنَادَوۡاْ صَاحِبَهُمۡ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ  فَكَيۡفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلۡمُحۡتَظِرِوَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِر – القمر  29-32 }  ونفس الآيات هنا وردت على قوم لوط في قوله تعالى { وَلَقَدۡ صَبَّحَهُم بُكۡرَةً عَذَابٞ مُّسۡتَقِرّٞ  فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ – القمر 38-40 } وبالتالي كأن الله تعالى يقول لأمتنا إن سارت على نهج قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط فالله تعالى سيهلكهم كما أهلك الذين من قبلهم ولكي يكتب الله تعالى لهم النجاة فقد يسر لهم القرآن فهماً و تلاوة وتدبراً ودراسة وسماعاً يسمعونه في كل مكان آخر الزمان ومن صدق وآمن بكتاب الله وتولى الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام فقد حقق مراد الله تعالى وهو من الناجين من عذاب الله تعالى في الدنيا والآخرة .

ثم يقول تعالى :

(40) وَلَقَدۡ جَآءَ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ ٱلنُّذُرُ (40)

وهنا :

(ولقد جاء )

يقول تعالى في فتنته تعالى لقوم فرعون : { وَلَقَد فَتَنَّا قَبۡلَهُمۡ قَوۡمَ فِرۡعَوۡنَ وَجَآءَهُمۡ رَسُولٞ كَرِيمٌ أَنۡ أَدُّوٓاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِۖ إِنِّي لَكُمۡ رَسُولٌ أَمِينٞ وَأَن لَّا تَعۡلُواْ عَلَى ٱللَّهِۖ إِنِّيٓ ءَاتِيكُم بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ وَإِنِّي عُذۡتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمۡ أَن تَرۡجُمُونِ وَإِن لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ لِي فَٱعۡتَزِلُونِ فَدَعَا رَبَّهُۥٓ أَنَّ هَٰٓؤُلَآءِ قَوۡمٞ مُّجۡرِمُونَ فَأَسۡرِ بِعِبَادِي لَيۡلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ وَٱتۡرُكِ ٱلۡبَحۡرَ رَهۡوًاۖ إِنَّهُمۡ جُندٞ مُّغۡرَقُونَ كَمۡ تَرَكُواْ مِن جَنَّٰتٖ وَعُيُونٖ وَزُرُوعٖ وَمَقَامٖ كَرِيمٖ وَنَعۡمَةٖ كَانُواْ فِيهَا فَٰكِهِينَ كَذَٰلِكَۖ وَأَوۡرَثۡنَٰهَا قَوۡمًا ءَاخَرِينَ – الدخان 17-28 }

 

(آل فرعون)

وهنا يقول تعالى عن قوم فرعون وتكذيبهم رسولهم وأن هؤلاء ممثلهم كمثل قوم فرعون { كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب –آل عمران 11 } وهنا يبين تعالى أنهم كذبوا بآيات الله كلها فأخذهم أخذ عزيز مقتدر قال تعالى { وَلَقَدۡ جَآءَ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ ٱلنُّذُرُ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذۡنَٰهُمۡ أَخۡذَ عَزِيزٖ مُّقۡتَدِرٍ – القمر41-42} فلما أهلكهم الله تعالى أدخلهم النار يعرضون عليها في الدنيا غدواً وعشياً ثمم يوم القيامة يردون إلى أشد العذاب قال تعالى { النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب – غافر 46 } وما كان هذا العذاب إلا لكفره وتكذيبه ودعوته للطاعة المطلقة لذاته اللعينة وهى دعوة الألوهية التي قال تعالى فيها { وقال فرعون يا أيها الملاء ما علمت لكم من إلهٍ غيري – القصص 38 } ولذلك عذبه الله تعالى ومن أطاعه وتولاه بعد أن استخف بعقولهم في قوله تعالى { فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين – الزخرف54-55 }

ثم ينذر نبي الله موسى عليه السلام بني إسرائيل حتى لا يفعلوا نفس أفعال فرعون لعنه الله لذلك ذكرهم عليه السلام بما كان يفعله بهم وهذا تحذيرو إنذار لهم حتى لا يقلدوه في ظلمه وعتوه ويكون قد استدار الزمان بهم ليكونوا هم فراعين آخر الزمان فيهلكهم الله تعالى كما أهلك  الأمم من قبل قال تعالى { وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ أَنجَىٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَسُومُونَكُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبۡنَآءَكُمۡ وَيَسۡتَحۡيُونَ نِسَآءَكُمۡۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَآءٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِيمٞ وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ وَلَئِن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٞ وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِن تَكۡفُرُوٓاْ أَنتُمۡ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَبَؤُاْ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَا يَعۡلَمُهُمۡ إِلَّا ٱللَّهُۚ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرَدُّوٓاْ أَيۡدِيَهُمۡ فِيٓ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَقَالُوٓاْ إِنَّا كَفَرۡنَا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ وَإِنَّا لَفِي شَكّٖ مِّمَّا تَدۡعُونَنَآ إِلَيۡهِ مُرِيبٖ قَالَتۡ رُسُلُهُمۡ أَفِي ٱللَّهِ شَكّٞ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَدۡعُوكُمۡ لِيَغۡفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرَكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ قَالُوٓاْ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأۡتُونَا بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ قَالَتۡ لَهُمۡ رُسُلُهُمۡ إِن نَّحۡنُ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأۡتِيَكُم بِسُلۡطَٰنٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَمَا لَنَآ أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنَا سُبُلَنَاۚ وَلَنَصۡبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ ءَاذَيۡتُمُونَاۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمۡ لَنُخۡرِجَنَّكُم مِّنۡ أَرۡضِنَآ أَوۡ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَاۖ فَأَوۡحَىٰٓ إِلَيۡهِمۡ رَبُّهُمۡ لَنُهۡلِكَنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ وَلَنُسۡكِنَنَّكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ وَٱسۡتَفۡتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٖ مِّن وَرَآئِهِۦ جَهَنَّمُ وَيُسۡقَىٰ مِن مَّآءٖ صَدِيدٖ يَتَجَرَّعُهُۥ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُۥ وَيَأۡتِيهِ ٱلۡمَوۡتُ مِن كُلِّ مَكَانٖ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٖۖ وَمِن وَرَآئِهِۦ عَذَابٌ غَلِيظٞ– إبراهيم 5-17 } .

وأما :

(النذر)

والنذر أمر الله تعالى الذي أبلغته رسل الله تعالى إلى قومهم وأنذرتهم وحذرتهم من عذاب يوم عظيم  قال تعالى { رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما – النساء 165 } وآخر هذه النذر كتاب الله تعالى المنزل على خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وفيه إنذار إلى بني إسرائيل كما في قوله تعالى { وَإِنَّهُۥ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِينُ عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ وَإِنَّهُۥ لَفِي زُبُرِ ٱلۡأَوَّلِينَ أَوَ لَمۡ يَكُن لَّهُمۡ ءَايَةً أَن يَعۡلَمَهُۥ عُلَمَٰٓؤُاْ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ – الشعراء 192-197 } وهذا القرآن نذير من النذر الأولى قال تعالى { هذا نذير من النذر الأولى – النجم 56 }

 

وعن هذه النذر الأولى يقول تعالى عن قوم نوح { كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ فَكَذَّبُواْ عَبۡدَنَا وَقَالُواْ مَجۡنُونٞ وَٱزۡدُجِرَ فَدَعَا رَبَّهُۥٓ أَنِّي مَغۡلُوبٞ فَٱنتَصِرۡ فَفَتَحۡنَآ أَبۡوَٰبَ ٱلسَّمَآءِ بِمَآءٖ مُّنۡهَمِرٖ وَفَجَّرۡنَا ٱلۡأَرۡضَ عُيُونٗا فَٱلۡتَقَى ٱلۡمَآءُ عَلَىٰٓ أَمۡرٖ قَدۡ قُدِرَ وَحَمَلۡنَٰهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلۡوَٰحٖ وَدُسُرٖ تَجۡرِي بِأَعۡيُنِنَا جَزَآءٗ لِّمَن كَانَ كُفِرَ وَلَقَد تَّرَكۡنَٰهَآ ءَايَةٗ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ فَكَيۡفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ القمر 9-16 }

و عن قوم عاد وتكذيبهم قال تعالى { واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم – الأحقاف 21 } وفي قوم ثمود وتكذيبهم قال تعالى { كذبت ثمود بالنذر – القمر 23 } وكذلك قولم لوط قال تعالى فيهم وفي تكذيبهم { كذبت قوم لوط بالنذر – القمر 33 } وجادلوا بالباطل في هذه النذر كما يجادلون عن حريتهم في أجسادهم في زماننا هذا قرب الساعة كما جادل ومارى آبائهم وسلفهم من قوم لوط في قوله تعالى : { ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر – القمر36 } وهنا بعد ذكر قوم فرعون قال تعالى في كفار ومنافقي ومكذبي آخر الزمان هل هم خيراً من هذه الأمم التي أهلكهمم الله تعالى من قبل قال تعالى هنا للـأكيد على سننه التي لا تتغير ولا تتبدل في الظالمين { ولقد جاء آل فرعون النذر كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذۡنَٰهُمۡ أَخۡذَ عَزِيزٖ مُّقۡتَدِرٍ أَكُفَّارُكُمۡ خَيۡرٞ مِّنۡ أُوْلَٰٓئِكُمۡ أَمۡ لَكُم بَرَآءَةٞ فِي ٱلزُّبُرِ– القمر 41-43 } وهنا كأنه تعالى من أول السورة ذكر قصص الأمم من قبل لينذر قوم آخر الزمان بعذاب قريب قال تعالى فيه  { إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا –النبأ 40 }

ثم يقول تعالى عن قوم فرعون :

(42) كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذۡنَٰهُمۡ أَخۡذَ عَزِيزٖ مُّقۡتَدِرٍ (42)

وهنا :

(كذبوا بآياتنا)

 

{ وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلۡنَا مَعَهُۥٓ أَخَاهُ هَٰرُونَ وَزِيرٗا فَقُلۡنَا ٱذۡهَبَآ إِلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا فَدَمَّرۡنَٰهُمۡ تَدۡمِيرٗا –الفرقان 35-36 } أي أنه تعالى أخذهم بذنوبهم فلم يتوبوا كما في قوله تعالى

{ كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب – آل عمران 11 } ووهذه الايات التذ مذب بها قوم فرعون تسع آيات قال تعالى فيها { ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا – الإسراء 101 }

وكذلك الذين سيكذبون بآيات الله آخر الزمان ممن سيتركون العمل بكتابه الكريم يقول تعالى فيهم { والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون – الأعراف 182 }

والبداية تكون بفتح السماء لكل ما ارادوه من متاع الحياة الدنيا كما في قوله تعالى {   سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين –الأعراف 146 } وهؤلاء يقول تعالى فيهم هنا هل هم خيراً من الأمم التي أهلكها الله تعالى من قبل بذنوبهم قال تعالى{ ولقد جاء آل فرعون النذر كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذۡنَٰهُمۡ أَخۡذَ عَزِيزٖ مُّقۡتَدِرٍ أَكُفَّارُكُمۡ خَيۡرٞ مِّنۡ أُوْلَٰٓئِكُمۡ أَمۡ لَكُم بَرَآءَةٞ فِي ٱلزُّبُرِ– القمر 41-43 }

وفي الآخرة من بعد موتهم سيكونون في العذاب محضرون قال تعالى { وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون –الروم 16 } .

وأما :

(كلها)

أي أنه يقول تعالى في الآيات التي أرسلها إلى فرعون أنه كفر بها كلها فقال تعالى { ٱذۡهَبۡ أَنتَ وَأَخُوكَ بِـَٔايَٰتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكۡرِي ٱذۡهَبَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ  فَقُولَا لَهُۥ قَوۡلٗا لَّيِّنٗا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ أَوۡ يَخۡشَىٰ  قَالَا رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفۡرُطَ عَلَيۡنَآ أَوۡ أَن يَطۡغَىٰ  قَالَ لَا تَخَافَآۖ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسۡمَعُ وَأَرَىٰ  فَأۡتِيَاهُ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرۡسِلۡ مَعَنَا بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ وَلَا تُعَذِّبۡهُمۡۖ قَدۡ جِئۡنَٰكَ بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّكَۖ وَٱلسَّلَٰمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلۡهُدَىٰٓ  إِنَّا قَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡنَآ أَنَّ ٱلۡعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ  قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَٰمُوسَىٰ  قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيٓ أَعۡطَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ خَلۡقَهُۥ ثُمَّ هَدَىٰ  قَالَ فَمَا بَالُ ٱلۡقُرُونِ ٱلۡأُولَىٰ قَالَ عِلۡمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَٰبٖۖ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدٗا وَسَلَكَ لَكُمۡ فِيهَا سُبُلٗا وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّن نَّبَاتٖ شَتَّىٰ كُلُواْ وَٱرۡعَوۡاْ أَنۡعَٰمَكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ مِنۡهَا خَلَقۡنَٰكُمۡ وَفِيهَا نُعِيدُكُمۡ وَمِنۡهَا نُخۡرِجُكُمۡ تَارَةً أُخۡرَىٰ وَلَقَدۡ أَرَيۡنَٰهُ ءَايَٰتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ قَالَ أَجِئۡتَنَا لِتُخۡرِجَنَا مِنۡ أَرۡضِنَا بِسِحۡرِكَ يَٰمُوسَىٰ  فَلَنَأۡتِيَنَّكَ بِسِحۡرٖ مِّثۡلِهِۦ فَٱجۡعَلۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكَ مَوۡعِدٗا لَّا نُخۡلِفُهُۥ نَحۡنُ وَلَآ أَنتَ مَكَانٗا سُوٗى قَالَ مَوۡعِدُكُمۡ يَوۡمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحۡشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحٗى  فَتَوَلَّىٰ فِرۡعَوۡنُ فَجَمَعَ كَيۡدَهُۥ ثُمَّ أَتَىٰ قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيۡلَكُمۡ لَا تَفۡتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا فَيُسۡحِتَكُم بِعَذَابٖۖ وَقَدۡ خَابَ مَنِ ٱفۡتَرَىٰ  فَتَنَٰزَعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَىٰ قَالُوٓاْ إِنۡ هَٰذَٰنِ لَسَٰحِرَٰنِ يُرِيدَانِ أَن يُخۡرِجَاكُم مِّنۡ أَرۡضِكُم بِسِحۡرِهِمَا وَيَذۡهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلۡمُثۡلَىٰ  فَأَجۡمِعُواْ كَيۡدَكُمۡ ثُمَّ ٱئۡتُواْ صَفّٗاۚ وَقَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡيَوۡمَ مَنِ ٱسۡتَعۡلَىٰ  قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِمَّآ أَن تُلۡقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنۡ أَلۡقَىٰ قَالَ بَلۡ أَلۡقُواْۖ فَإِذَا حِبَالُهُمۡ وَعِصِيُّهُمۡ يُخَيَّلُ إِلَيۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَى فَأَوۡجَسَ فِي نَفۡسِهِۦ خِيفَةٗ مُّوسَىٰ  قُلۡنَا لَا تَخَفۡ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡأَعۡلَىٰ  وَأَلۡقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلۡقَفۡ مَا صَنَعُوٓاْۖ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيۡدُ سَٰحِرٖۖ وَلَا يُفۡلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيۡثُ أَتَىٰ  فَأُلۡقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّدٗا قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِرَبِّ هَٰرُونَ وَمُوسَىٰ  قَالَ ءَامَنتُمۡ لَهُۥ قَبۡلَ أَنۡ ءَاذَنَ لَكُمۡۖ إِنَّهُۥ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحۡرَۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَرۡجُلَكُم مِّنۡ خِلَٰفٖ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمۡ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخۡلِ وَلَتَعۡلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَابٗا وَأَبۡقَىٰ  قَالُواْ لَن نُّؤۡثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلَّذِي فَطَرَنَاۖ فَٱقۡضِ مَآ أَنتَ قَاضٍۖ إِنَّمَا تَقۡضِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَآ  إِنَّآ ءَامَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغۡفِرَ لَنَا خَطَٰيَٰنَا وَمَآ أَكۡرَهۡتَنَا عَلَيۡهِ مِنَ ٱلسِّحۡرِۗ وَٱللَّهُ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓ إِنَّهُۥ مَن يَأۡتِ رَبَّهُۥ مُجۡرِمٗا فَإِنَّ لَهُۥ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحۡيَىٰ وَمَن يَأۡتِهِۦ مُؤۡمِنٗا قَدۡ عَمِلَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلدَّرَجَٰتُ ٱلۡعُلَىٰ جَنَّٰتُ عَدۡنٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ مَن تَزَكَّىٰ وَلَقَدۡ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَسۡرِ بِعِبَادِي فَٱضۡرِبۡ لَهُمۡ طَرِيقٗا فِي ٱلۡبَحۡرِ يَبَسٗا لَّا تَخَٰفُ دَرَكٗا وَلَا تَخۡشَىٰ فَأَتۡبَعَهُمۡ فِرۡعَوۡنُ بِجُنُودِهِۦ فَغَشِيَهُم مِّنَ ٱلۡيَمِّ مَا غَشِيَهُمۡ وَأَضَلَّ فِرۡعَوۡنُ قَوۡمَهُۥ وَمَا هَدَىٰ – طه 42-79 } وهنا يبين تعالى أنه كذب بكل الآيات التيارسلها الله تعالى مع نبي الله موسى وهى تسع آيات قال تعالى فيها { ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا – الإسراء 101 } وهذه الآيات كلها كذب بها فرعون لعنه الله كما في قوله تعالى { كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذۡنَٰهُمۡ أَخۡذَ عَزِيزٖ مُّقۡتَدِرٍ –القمر 42 } .

وأما :

(فَأَخَذۡنَٰهُمۡ أَخۡذَ)

أي أنه قال تعالى في فرعون وقوم لوط لعنهما الله تعالى { وَجَآءَ فِرۡعَوۡنُ وَمَن قَبۡلَهُۥ وَٱلۡمُؤۡتَفِكَٰتُ بِٱلۡخَاطِئَةِ  فَعَصَوۡاْ رَسُولَ رَبِّهِمۡ فَأَخَذَهُمۡ أَخۡذَةٗ رَّابِيَةً إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلۡمَآءُ حَمَلۡنَٰكُمۡ فِي ٱلۡجَارِيَةِ  لِنَجۡعَلَهَا لَكُمۡ تَذۡكِرَةٗ وَتَعِيَهَآ أُذُنٞ وَٰعِيَةٞ فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفۡخَةٞ وَٰحِدَةٞ  وَحُمِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَٱلۡجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَيَوۡمَئِذٖ وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ  – الحاقة 9-15 } أي [ فأخذهم الله أخذة بالغة في الشدة – التفسير الميسر ]  وهذه هى قوله تعالى { فأخذهم أخذ عزيز مقتدر }

وأما :

(عَزِيزٖ)

والعزيز : الذي لا يغلب قال تعالى { والله عزيز ذو انتقام – المائدة 95 }  والله تعالى كتب أنه سيكون الغالب سبحانه وتعالى ورسله كما في قوله عز وجل { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز – المجادلة 21 } .

وأما :

(مُّقۡتَدِرٍ)

[ وقدر على الشيء قوى عليه : واقتدر كان أعظم قدرة فهو مقتدر والمقتدر من صفات الله تعالى العظيم القدرة المطلقة والسيطرة – معجم ألفاظ القرآن باب القاف فصل الدال والراء ] قال تعالى { وكان الله على كل شيئٍ مقتدرا – الكهف 54} .

ثم يقول تعالى :

(43) أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر (43)

وهنا بعدما ذكر الله تعالى قوم نوح وعبادتهم للأوثان وهو إنذار لأهل أسيا ممن يعبدون الأوثان المختلفة ثم قوم عاد الذين بنوا المصانع والمباني الشاهقة كما في قوله تعالى { أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون – الشعراء } وهو رمز لأمريكا وحلفاؤها من العالم ثم قوم ثمود وهم رمز للعلم وقتلهم الناقة ثم قتلهم لأهل بيتت النبي عليهم السلامم تحت حجج مختلفة في أزمان مختلفة حتى الآن مع ادعاء حبهم كذباً وزوراً ثم قوم لوط وهو عمل سينتشر بين كبراء حكام العالم آخر الزمان وأما قوم فرعون فهو رمز للطاعة المطلقة التي يدعوا إليها كل حكام العالم بداية من فرعون مصر إمام الكفرة والظلمة القائل { أنا ربكم الأعلى } وبعد ذكر أصحاب هذه الجرائم بينن تعالى أنها ستنتشر آخر الزمان فقال لأهل هذا الزمان { أكفاركم خير من أولائكم } ثم أشار القرآن لملحمة  آخر الزمان والتي يهلك فيها كل جيوش هؤلاء { أم يقولون نحن جميع منتصر سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر –القمر } .

وأما :

(أ)(كفاركم)

والهمزة هنا للإستفهام وردت هذه الهمزة في قوله تعالى {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ – النمل 59 } أي [ قل  أيها الرسول : الثناء والشكر لله, وسلام منه, وأَمَنَةٌ على عباده الذين تخيرهم لرسالته, ثم اسأل مشركي قومك هل الله الذي يملك النفع والضر خير أو الذي يشركون من دونه, ممن لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعًا ولا ضرًا؟ – التفسير الميسر ] . وهذه الهمزة هنا للإستفهام في قوله تعالى { أكفاركم خير من أولائكم أم لكم براءة في الزبر- القمر } . أي أن هؤلاء آخر الزمان ليسوا خيراً من سلفهم الذين خيروا بين الله تعالى وأصنامهم الحجرية والبشرية فاختاروا شركهم ووكفروا بآيات ربهم وكذبوا رسلهم .

وأما :

(كفاركم)

والكفار إما قوماً لا يعملون بما أنزل الله تعالى كما في قوله تعالى { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون – المائدة 44 } أو قوماً منافقين أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر قال تعالى { يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم – المائدة 41 }

والكفر أنواع وهى كما يلي :

  • كفر الإستكبار : وهو خاص بعلية القوم أو الملاء المقربين من الحكام لقوله تعالى { وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار – غافر 47 } . لقوله تعالى في قوم نوح { وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا – نوح 7 } وقال تعالى في قوم عاد {  فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون – فصلت 15 } وقال قوم ثمود { قَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لِلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِمَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُمۡ أَتَعۡلَمُونَ أَنَّ صَٰلِحٗا مُّرۡسَلٞ مِّن رَّبِّهِۦۚ قَالُوٓاْ إِنَّا بِمَآ أُرۡسِلَ بِهِۦ مُؤۡمِنُونَ قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا بِٱلَّذِيٓ ءَامَنتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ– الأعراف 75-76 } وقوم فرعون { فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين – الأعراف 133 } وقال تعالى عن قوم شعيب { قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين – الأعراف 88 } .
  • كفر الجحود : والذي قال تعالى فيه { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين –النمل 14 }
  • كفر الإعراض : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى – طه 124 } وقال تعالى فيه {  ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون – السجدة 22 } وهذا النوع سيكون منتشراً آخر الزمان بين العرب لذلك توعد الله تعالى المجرمين منهم بصاعقة مثل صاعقة عادٍ وثمود قال تعالى فيها { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود – فصلت 13 } وهؤلاء يأكلون ويتمتعون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم كما في قوله تعالى { والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم – محمد 12 }
  • كفر النعمة : والذي قال تعالى فيه { وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون – النحل 112 } وأول نعمة كفرا بها نعمة الكتاب والرسول والإيمان بالله تعالى .
  • كفر اللهو واللعب : قال تعالى فيه { وَوَيۡلٞ لِّلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٖ شَدِيدٍ ٱلَّذِينَ يَسۡتَحِبُّونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبۡغُونَهَا عِوَجًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٖ – إبراهيم 2-3 } .

وهؤلاء جميعا آخر الزمان سيجتمعون في العالم على قلب رجل واحد للحرب مع الله تعالى ورسوله والمؤمنين كما ترى في مذابح للممسلمين في أفريقيا وأسيا والهند وأوروبا وغرقاً في البحر فراراً من الحكام الظلمة وهؤلاء سيجمع الله تعالى جيوشهم في ملحمة مهلكة يبادو فيها أكثرهم في زمان إمام من أهل بيت النبي عليهم السلام  لذلك قال تعالى هنا { أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر – القمر 43 } .

وأما :

(خير من)

أي أنه يقول تعالى في هؤلاء الكفار المنافقين المجرمين الظلمة آخر الزمان بأنواعهم {   أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين –الدخان 37 } .

وأما :

(أولائكم)

وأولائكم هنا بعد أن بين أنواع الكفار الهالكون بين أن منهم سيكون هناك منافقين أيضاً سيهلكهم الله تعالى لسيرهم بسيرة صاحب الوجهين قال تعالى { ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا – النساء 91 } .

وأما :

(أم لكم)

وهنا يقول تعالى أنه عز وجل لن يساوي بين المسلمين والمجرمين محياهم ومماتهم بل سيملي لهم بكيد متين قال تعالى { أَفَنَجۡعَلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ كَٱلۡمُجۡرِمِينَ مَا لَكُم كَيۡفَ تَحۡكُمُو%D

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمتابعة مستقبل العالم و الأحداث الخطرة و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم في العالم على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها للمجامع والمراكز العلمية و الجامعات والعلماء في العالم.

شاهد أيضاً

السامري إمام مدرسة الرأي و فكرة هدم الدين بالدين و الوحي بوحي شيطاني” من سورة طه رقم (43) في التنزيل من(تفسير البينة أو النبأ العظيم)

بقلم : الشريف خالد محيي الدين الحليبي  مركز القلم للأبحاث و الدراسات  الملف بصيغة : …