Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

مصر : توتر في أوساط الاعلام المصري بعد مقال عماد الدين اديب

 مواقع :

21 أغسطس 2022

أثار الكاتب الصحفي المصري عماد الدين أديب، ردة فعل متوترة في الأوساط الإعلامية المحلية بعد أن نشر مقالا رصد فيه 14 سببا لسقوط الحكام والأنظمة وخاصة العربية منها، وهي الأسباب التي تنطبق جميعها على رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، وفقا لتلميحات أديب.

والأحد، نشر الكاتب مقالا بموقع “أساس ميديا”، اللبناني، بعنوان “14 سببا لسقوط الحكّام والأنظمة!”، حصر فيه أسباب فشل “طبخة استقرار الأنظمة”، في “الفساد المطلوب للحاكم”، و”تغاضيه وسماحه للحلقة الضيّقة القريبة منه بممارسة الفساد والإفساد”.

و”الاعتماد على رجال ثقة موالين له على الرغم من ضعف كفاءتهم وفشلهم..”، و”تحوّل رجال الثقة بعد تمكّنهم من مفاصل الدولة إلى خدمة مصالحهم..”، و”استقواء بعض رجال السلطة وتضحيتهم بالحاكم من أجل بقاء مصالحهم..”.

و”قيام بعض عناصر الحكم بالارتباط بعلاقة عمالة مع قوى إقليمية أو دولية للاستقواء بها في معادلة اختطاف الحكم لصالحها”، و”صراع أجهزة الحكم بعضها مع البعض الآخر بشكل مدمر..”، و”انصراف أجهزة الدولة المنوط بها الحفاظ على المال العامّ إلى الانشغال بتحقيق مكاسب شخصية..”.

و”عدم اهتمام فريق الجهاز الحكومي بشؤون الدولة وانصرافه إلى تصفية بعضه البعض..”، و”شعور بعض التيارات أو القوى بعدم أحقّيّة الحاكم في الحكم..”، و”تعرّض بعض الحكّام إنسانيّا لضغوط عاطفية من أفراد عائلتهم تجعلهم يضعونهم في مناصب لا يستحقّونها..”.

و”حاكم يجهل ما يُرضي شعبه وما يغضبه”، و”حاكم يعطي امتيازا خاصا استثنائيا لجهاز سيادي أو طبقة أو طائفة أو منطقة حيوية مفضّلا أحدها على الآخر”، و”حاكم لا يتابع مدى التزام جهازه التنفيذي بأوامره وقراراته الرئيسية”.

وفي تعليق، قال الكاتب الصحفي وعضو مجلس الشيوخ محمود مسلم، : “أنا حزين أن يكون مثل هذا المقال باسم الكاتب عماد الدين أديب، ولا أستوعب حتى الآن قيامه بكتابة هذه الكلمات الصعبة”.

وتابع  “مسلم”، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي نشأت الديهي، ببرنامج “بالورقة والقلم”، المذاع على فضائية “ten”، مساء الأحد،: “أنا حزين أيضا باحتفاء جماعة الإخوان بمقال عماد الدين أديب”، مشيرًا إلى أن ما ورد في المقال  كان جديدًا، خاصة أنه جاء من شخص طالما دافع عن الدولة المصرية و”ثورة 30 حزيران/ يونيو”.

ولفت إلى أن الدولة قامت بإعداد حوار وطني، وفتحت المجال أمام الجميع لتقديمه آرائه وخططه في هذا الحوار، مشيرًا إلى أن هذا المقال يبث الإحباط، ويحاول إثناء الرئيس عبد الفتاح السيسي عن الترشح لفترة رئاسية جديدة، وهذا الأمر حدث أكثر من مرة، ولكنه الجديد أن هذا الأمر جاء من رجل يؤمن بثورة 30 يونيو.

وخلال نفس البرنامج،  قال النائب مصطفى بكري إن هذا المقال ليس الأول من نوعه لعماد الدين أديب، حيث نشر مقال في شهر حزيران/ يونيو يُحذر فيه إلى ما أسماه بالفوضى التي من الممكن أن تعم البلاد، ومن ثم هجرة المصريين إلى ليبيا أو الدول المجاورة.

وتابع:”لماذا يكتب عماد الدين أديب بهذه اللغة التشاؤمية؟، وكانه يريد أن يقول للعالم بأن مصر على وشك فوضى كبرى من الممكن أن تأكل الأخضر واليابس، مشيرَا إلى أن هذه الروح التشاؤمية أثارته قلقه”.

ولفت إلى أن عماد الدين أدخل مصر في نفق مظلم، وتحدث بشكل عام، واختتم مقاله بأن الانظمة التي يقصدها ستسقط في منتصف العام المقبل، وستكون هناك أحداث مدمرة، نتيجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية.

وأشار إلى أنه يستغرب توقيت هذه المقال، معقبًا: “نعم.. .نعاني من واقع صعب، وهناك الكثير من الفئات التي تعاني من ارتفاع الأسعار، ولكن لماذا اصدار هذه المقالات في هذه اللحظة؟ هل هي محاولة لإثارة الإحباط؟.

ووجه حديثه للكاتب عماد الدين أديب قائلاً: “عليك أن تقرأ تجارب الآخرين، اقرأ التجربة الألمانية،.. ففي عام 1945 برلين كانت مدمرة، والشعب الالماني لم يجد للقمة العيش، وكان الواقع صعب، وبعد ذلك نجحت ألمانا في تحقيق تجربة اقتصادية راهنة.. .علينا أن نتمسك بالأمل وأن نقف مع الدولة بكل ما يملك، لان الخيار الآخر هو خيارة نهاية الدولة الوطنية، وخيار التخريب والفوضى”.

اقرأ أيضا: عماد الدين أديب يرصد أسباب سقوط نظام عربي في 2023

بدوره، قال مذيع البرنامج نشأت الديهي: “عماد الدين أديب أخطأ وكتب مقالا عن سقوط الأنظمة لكن المقال هو سقوط للكاتب، وربنا واقف معانا وسترها معانا عشان السيسي راجل مخلص، والشعب المصري لن ينسى ما فعله السيسي”.

إلى عماد الدين أديب.. لمصلحة من إثارة اليأس والحديث عن نهاية التاريخ؟!

إلى عماد الدين أديب.. لمصلحة من إثارة اليأس والحديث عن نهاية التاريخ؟!
مصطفي بكري
مصطفى بكري

بين الحين والآخر يخرج علينا الكاتب الصحفى الكبير عماد الدين أديب بمقال يثير الإحباط، ويبشر بالدمار، ويرسم ملامح نهاية التاريخ، وانهيار الدولة الوطنية، وقبيل مقاله الأخير (الأحد 14 أغسطس) الذى تحدث فيه عن أسباب سقوط الأنظمة العربية المعاصرة، والأسباب العشرة التى ساقها، كان قد نشر مقالا فى شهر يونيو الماضي، توقع فيه خلق حالة من عدم الاستقرار فى مصر، تعيد البلاد إلى حالة الفوضى التى سبقت أحداث 2011، والتى لا يتوقع كما قال، كيف ستكون ردود أفعالها لدى القوى الشعبية.

عماد الدين أديب

توقع عماد الدين أديب فى هذا المقال نزوح المصريين عبر ليبيا وفلسطين والسودان، وهجرة الملايين عبر البحر المتوسط والبحر الأحمر ودول الخليج، وقال: إن ترك الوضع المصرى دون تدخل اقتصادى ومالى عاجل «كارثة بكل المقاييس».

بشرتنا قبل ذلك بالفوضى العارمة وهجرة المصريين للخارج والآن تتحدث عن الانهيار الكبير منتصف العام المقبل

ورغم أن الكاتب لم يقدم روشتة تذكر سوى مطالبة دول الخليج بضخ الأموال لإنقاذ الأوضاع فى مصر، فإنه ظل يحذر من الانهيار الكبير من بداية المقال وحتى نهايته، وهو أمر من شأنه إثارة الإحباط والإعلان عن نهاية دولة، وهجرة شعب إلى المجهول!!

ويؤسفنى القول أن البعض راح يطنطن لهذا المقال، وكأننا نعزف سويًا اللحن ذاته دون قراءة التفاصيل، ومعرفة حقيقة الأهداف ومراميها.

كنت أتمنى أن يراجع الزميل عماد الدين أديب نفسه وأن يعود إلى تاريخ وخصائص الشعب المصرى إلى الخلف قليلا، ومنها فترة الفوضى وتآكل مؤسسات الدولة وانهيار الأوضاع الاقتصادية، وغياب غالبية المؤسسات وأن يدرك أن الشعب والجيش تحالفا دون إعلان، الشعب يصمد والجيش يبني، حتى جاءت لحظة الإنقاذ لبناء دولة حديثة، قادرة على مواجهة التحديات، رغم المؤامرات الداخلية والخارجية التى كادت تودى بالبلاد إلى النفق المظلم والحرب الأهلية.

لن أغوص فى أحداث التاريخ المصري، قديمه وحديثه، ولن أتحدث عن الوقائع التى عاشها المصريون فى أزمنة تاريخية متعددة، اضطر فيها البشر إلى تحمل كل الأزمات، ولكنهم بقوا وصمدوا وانتصروا.

ومؤخرًا عاد الكاتب الصحفى عماد الدين أديب ليعزف اللحن ذاته، ولكن بطريقة «التلقيح» والإثارة دون ذكر، معتمدًا على مقولة «اللبيب بالإشارة يفهم»!!

تحدث أديب عن الأسباب العشرة لسقوط الأنظمة العربية المعاصرة، وراح يحاور ويناور، ويغوص فى العموميات، التى تنطبق على كل عصر وزمان، دون أن يعطى أمثلة يمكن الاعتداد بها، إنطلاقًا من أن الإثارة فى الطرح، والتلميح فى العبارات، كفيل بصنع حالة من الجدل والنقاش.

فارق كبير جدًا بين التحذير من الأخطاء وطرح البدائل.. وبين الحديث بعبارات إنشائية تنطبق على كل الأزمنة والعصور

دعونا نقلْ منذ البداية إنه من الواضح أن بين الأستاذ عماد الدين أديب وبين المؤسسة العسكرية فى عالمنا العربى خصام لدود، هو يتحدث منذ البداية عن أن «الأنظمة رغم اختلافها بين ملكية وجمهورية وثورية ومحافظة وعلمانية ودينية ومدنية كلها عسكرية»!! وكأنه أراد أن يقول: إن الخلفية العسكرية للقادة فى عالمنا العربى هى أحد أبرز أسباب فشل المشروع الوطني. وتناسى أن بلدًا مثل أمريكا التى يتغنى بها مثقفو وليبراليو هذا الزمان والتى تعاقب على حكمها عدد ستة وأربعين رئيسًا منذ أول انتخابات فى عام 1879م، من بينهم ثلاثة وثلاثون خلفيتهم عسكرية، والأمر نفسه بالنسبة لإسرائيل وغيرها من الدول، وهو أمر كنت أتمنى من الكاتب أن يتوقف عن التعميم، وأن يناقش ظاهرة تراجع الأداء فى بعض الدول بطريقة أكثر موضوعية وفهما لحقائق الواقع.

أنا لن أتحدث تفصيلًا عن الأسباب العشرة، لأنها لا تحمل جديدًا الاعتماد على رجال الثقة واستقواء بعض رجال السلطة وتضحيتهم بالحاكم من أجل البقاء وارتباط بعض رجال الحاكم بالعمالة للخارج، وصراع أجهزة الحكم مع بعضها البعض وانشغال أجهزة الدولة بتحقيق مكاسب شخصية على حساب مصالح الوطن، وحديث عن الامتيازات ودور أفراد العائلة.. إلخ، وكلها كما نرى عموميات يمكن أن تنطبق على كل عصر وزمان، لكن الخطير فى الأمر، هو أن الكاتب الكبير يطلق قنبلته ويحدد موعد انطلاق الفوضى بمقولته التى زين بها مقاله «يا خوفى الشديد على كثير من أنظمتنا وشعوبنا من الآن وحتى منتصف العام المقبل، حينما تصبح لقمة العيش وسوء الخدمات واستحالة الحياة اليومية هى وقود اضطرابات اجتماعية مدمرة»!!

لقد حدد السيد عماد الدين أديب الموعد بالضبط، منتصف العام المقبل، ولم يوضح للأسف لماذا منتصف العام القادم وليس غدًا أو بعد غد، طالما أن لديه معلومات موثقة، فلماذا لم يكتبها أو يسمعنا إياها؟ ولماذا تناسى أو تجاهل إمكانية تراجع الأزمة، أو زيادة معدلات النمو الاقتصادى لسبب أو لآخر وركز فقط على الانهيار الكبير، وكأنه جاء بـ «التايهة» عندما قال حينما تصبح لقمة العيش واستحالة الحياة اليومية، نكون أمام اضطرابات اجتماعية مدمرة!!

أدرك أن واقعنا الاقتصادى صعب للغاية وأننا أمام أزمة لها أسبابها التى يمكن أن نناقشها بكل وضوح وصراحة، وهى أزمة ليست فقط الأزمة الروسية – الأوكرانية هى المسئولة عنها، هناك عوامل عديدة ومتعددة تتحمل حكومتنا تبعاتها، ولكن هل معنى «الأزمة» حدوث الانهيار الكبير، الذى يبشرنا به السيد عماد الدين أديب بكلمات وشعارات فيها من العمومية ما ينطبق على كل أنظمة العالم بلا استثناء؟ إن قراءة مقاله الحالى تقول: إن السيد عماد الدين أديب يعطى إشارات واضحة على أن هذا الوطن فى طريقه للانهيار الكبير والفوضى العارمة بقصد أو بدون قصد.

لقد راح يقارن بين هتلر ويولويس قيصر وعبد الناصر وصدام والقذافي، فى جرأة واضحة على التاريخ، وعدم فهم لأبعاد المؤامرة التى استهدفت الأوطان والرموز، وهى لغة تفقده الموضوعية وتسقط عنه صفة (المحلل السياسي) إلى صفة المُعادى فكريًا وأيديولوجيا لهذه الأنظمة، فيضعها جنبا إلى جنب مع هتلر وقيصر وغيرهما، دون النظر إلى الأسباب الحقيقية والمشروع الاستعماري، الذى سعى إلى محاصرة المشروع العربى وتجلياته ممثلا فى القادة الثلاثة: (عبد الناصر وصدام والقذافي.. إلخ).

مصر تعاني أزمة اقتصادية.. لكنها قادرة على الخروج منها في أقرب وقت

الكاتب الكبير والزميل العزيز، نحن لسنا أمام نهاية التاريخ وانهيار دولة فى حجم مصر، بهذه السهولة التى تبشرنا بها بين الحين والآخر مهما كانت حدة الأزمة، التى أثق أننا قادرون وبقيادة الرئيس السيسى على الخروج منها والاستمرار فى إعادة بناء الدولة الحديثة، والسعى إلى تصحيح المسارات الخاطئة، وهو ما فعله جمال عبد الناصر بعد ١٩٦٧م رغم حجم الكارثة التى واجهتها مصر.

وإذا أردت أن أضرب لك الكثير من الأمثلة، فنحن حاضرون، ولكن اخترت لك بلدًا مثل ألمانيا أصبح الآن رابع اقتصاد عالمى بعد أمريكا والصين واليابان.

لقد استسلمت ألمانيا للحلفاء بعد نهاية الحرب العالمية الثانية فى عام 1945، انهارت الدولة، دمرت بنيتها التحتية، أغلقت مصانعها وتم نقلها إلى خارج البلاد، تم أسر 3 ملايين ألمانى فى هذه الحرب، وتم الدفع بهم إلى سيبيريا، لم يتبق فى البلاد سوى الشيوخ والنساء والأطفال، غابت الحكومة وأصبحت البيوت أطلالا، والجوع مسيطرًا.. فى هذا الوقت خرجت النساء لتكتب على جدران البيوت والمؤسسات المهدمة.. «لا تنتظر حقك – افعل ما تستطيع – ازرع الأمل قبل القمح».. والآن نحن فى حاجة إلى زراعة الأمل بدلا من إشاعة الإحباط واليأس، الشعب المصرى واعٍ ويدرك الحقائق، ويكفى صموده أمام الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعانى منها، ولأنه شعب واعٍ، ويدرك أن المؤامرة على بلاده كبيرة، ويعرف خطورة تكرار سيناريو ما بعد 25 يناير، فهو لن يسمح بالفوضى التى قطعا ستؤدى إلى انهيار الدولة والقضاء على الحاضر والمستقبل.

كن متفائلا يا صديقى العزيز، ودعك من لغة التشاؤم، فالقائد الذي أسقط حكم جماعة الإخوان، وأنقذ البلاد، وأعاد بناء المؤسسات، وحقق الإنجازات الكبرى، قادر على الخروج من الأزمة ومراجعة كل الملفات.

الاسبوع