تضم نحو 300 مسجد في أحياء بناها المسلمون.. الماضي الإسلامي المنسيّ لمدينة نيويورك

هاف بوست :

طوال السنوات الأربع الماضية، كانت كاثرين مريمان تقود جولات حول الماضي الإسلامي المنسي لمدينة نيويورك، مسقط رأس الرئيس ترمب، مركزةً على حي هارلم، فما لا يعرفه الرئيس الأميركي هو أنه يوجد تقريباً 300 مسجد في مدينة نيويورك.

حين كان دونالد ترمب مرشحاً رئاسياً، قال: «أظن أنَّ الإسلام يكرهنا»، ودعا إلى «منع المسلمين تماماً ونهائياً من دخول الولايات المتحدة».

وحين تولى المنصب، كُبِحَ جماحه بشكلٍ ما. وفي يناير/كانون الثاني 2017، وقَّع أمراً بمنع دخول الأشخاص من دولٍ محددة ذات أغلبيةٍ مسلمة. (أيدت المحكمة العليا هذه السياسة في يونيو/حزيران 2018).

نفذ ترمب وعيده ومنع مواطني 5 دول من دخول أميركا

وما يزعج كاثرين، المرشحة لنيل الدكتوراه في الدراسات الإسلامية بجامعة نورث كارولينا في تشابيل هيل، هو أنَّ ترمب يغفل عن حقيقة أنَّ الإسلام جزء من تاريخ أميركا بالفعل.

فمدينة نيويورك واحدة من أكثر المدن الإسلامية تنوعاً في العالم، إن لم تكن أكثرها. لا يوجد ما يُدعى «العالَم المسلم» في مكانٍ آخر»، تقول الباحثة.

جولة التاريخ الإسلامي في نيويورك

نشأت ميريمان إيرلنديةً كاثوليكية في ويستشستر، وكثيراً ما زارت واشنطن هايتس حيث ترعرع والدها. أصبحت مهتمةً بالإسلام بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول، حين بدأت في دراسة فصول الفلسفة والدين بالكلية.

وبدأت الجولات في 2014، حين طلب منها صديق أن تتحدث مع مجموعة من الطلاب الزائرين من أعضاء المذهب الإسماعيلي الإسلامي. كانت ميريمان تجري بحثاً عن شتات الأميركيين الإفريقيين المسلمين، وقلَّبت أوراق دفتر ملاحظاتها سريعاً، وقالت: «ظهرت خريطة أمامي».

تُعقَد جولات ميريمان المجانية 5 مرات تقريباً في العام

أخذت الطلاب حول هارلم، وفي النهاية أنشأتْ صفحة مناسبة على موقع فيسبوك، وسمَّتها «Muslim History Tour NYC» أو «جولة التاريخ الإسلامي في نيويورك». خلال 3 أيام، استقبلت أكثر من 300 تفاعل.

تُعقَد جولات ميريمان المجانية 5 مرات تقريباً في العام، وقتما أمكنها السفر من نورث كارولينا إلى نيويورك. وفي صباح يوم أحدٍ عاصف مؤخراً، تجمَّع 15 شخصاً بالقرب من مبنى آدم كلايتون باول عند مكتب الولاية في الشارع رقم 125. جاءوا من هارلم، وكراون هايتس، وفيلادلفيا. وتحدث تريفور ستيفنز، مدرس الفيزياء للمرحلة الثانوية، مع الأكاديمي ماركو راميريز عن جولةٍ أخرى، جولة أدبية عبر القرية الغربية. وقال: «سمعتُ أنَّ هناك واحدة في وسط المدينة أيضاً».

موسيقى الراب والجاز بنكهة إسلامية

بدأت ميريمان بإخبار الناس عن أوائل المسلمين  في نيويورك، الذين جاءوا في القرن الـ17 كعبيد، وجاء المزيد منهم كمهاجرين. فقد بنى المسلمون الليتوانيون والروس والبولنديون أول المساجد المسجلة  في نيويورك عام 1907 في ويليامسبورغ. قبل أن يأتي الهيبسترز، كان المشهد يعج بالأوربيين الشرقيين.

أشارت إلى مبنى المكاتب خلفها، وشرحت أنَّه كان الموقع السابق للمكتبة الوطنية التذكارية الإفريقية، حيث قرأ مالكوم إكس الشاب عن إفريقيا والشرق الأوسط. أخرجت زوجاً من مكبرات الصوت المحمولة، وأذاعت مقابلةً مع لويس ميشوكس مؤسس المكتبة، قال فيها: «هذا البلد لا يتحمل الحقيقة».

وأشارت ميريمان إلى الكتابات الدقيقة على صالة الهامبرا القريبة، التي بُنيت عام 1905، قبل أن تقود المجموعة إلى مسجد محمد، التابع لحركة أمة الإسلام، المبنى رقم 7 في شارع 127. اشترت نسخةً من صحيفة المجموعة Final Call من رجلين يرتديان رابطة عنق فراشية. وقالت بصوتٍ عال: «(أمة الإسلام) تقول إنَّه في الستينيات، كانت تباع 600 ألف نسخة من صحيفتها كل أسبوع. كانت هذه الصحيفة طريقة الناس في معرفة الأخبار الدولية».

أوائل المسلمين جاءوا نيويورك في القرن الـ17 كعبيد، وبعدها كمهاجرين

كانت الموسيقى جزءاً بارزاً بالجولة. في نهاية شارع مسرح أبولو، عرفت ميريمان متجر DSW الذي كان مسجداً سُنّياً يتردد عليه عازفو الجاز. وأذاعت أغنية A Love Supreme لجون كولترين، مشيرةً إلى أنَّ كلماتها غالباً توحي بأنَّها تتحدث عن عظمة الله (كانت زوجة كولترين الأولى مسلمة).

تنتمي مدرسة «الله في مكة»، بالقرب من شارع 126، إلى فرع من حركة أمة الإسلام يسمى أمة «الخمسة في المئة». وشرحت ميريمان كيف لجأ مطربو الراب، مثل بستا رايمز وفرقة «وو تانغ كلان»، إلى شعارات هذه الأمة. واستمع لحديثها باهتمامٍ عايد الخير، الذي كان يرتدي قلنسوةً بُنية ويمسك مسبحة في يده. كانت هذه هي المرة الثانية له في جولات ميريمان. وقال: «كان هذا مقراً للكثير من موسيقى الهيب هوب».

المسلمون وتطبيق القانون

عند التقاطع بين شارع 123 وجادة فريديك دوغلاس، حذرت ميريمان المجموعة قائلةً: «نقطة التوقف التالية هي قسم شرطة. إذا كان الناس لا يشعرون براحة، فسأخبركم أين تقابلوننا». بالقرب من جدارية في دائرة الشرطة رقم 28، ناقشت تاريخ المسلمين وتطبيق القانون، وضمن ذلك مراقبة مكتب التحقيقات الفيدرالي واستهدافه مجموعات النشطاء السود؛ لقيامهم بأنشطة «غير أميركية». وقالت: «الأشياء التي نظن أنَّها حدثت بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول كانت تحدث منذ الأربعينيات».

تناقش الجولات تاريخ المسلمين وتطبيق القانون وإجراءات مكتب التحقيقات الفيدرالي

كانت الساعة قد تجاوزت الواحدة ظهراً، ووصلت الجولة إلى مسجد مالكولم شاباز الذي هوجم بالقنابل الحارقة عام 1965. وقالت ميريمان: «سأنتهي هنا بكيفية ارتباطي بهذا كله. اغتيل مالكوم إكس في واشنطن هايتس، بقاعة أودوبون. كان والدي في السادسة عشرة. ركب هو وأصدقاؤه الدراجات، وكانت هناك حشود كبيرة. رأى هؤلاء الرجال الذين يرتدون رابطات العنق الفراشية. لم يستطع أحد أن يصدق حين قال أحدهم إنَّ مالكوم إكس قُتل».

ستبدأ ميريمان هذا الصيف جولةً في منطقة وول ستريت؛ إذ ستُغطي منطقة ليتل سوريا، وموقع مسجد أوتومان في شارع ريكتور. ختمت جولتها بعبارتها المعتادة: «وظيفتكم هي إبقاء هذه القصص حية».

About leroydeshotel

Check Also

جامع الجزائر متعة روحية وبصرية وحصن للمرجعية الدينية

الجزائر ـ «القدس العربي»: محمد سيدمو    باتت العاصمة الجزائرية تُباهي كبار زوارها من الرؤساء …