«قانون الفتوى» يثير أزمة بين الأزهر والأوقاف في مصر

 البرلمان يناقشه الإثنين.. و«كبار العلماء» تطالب باستبعاد أئمة المساجد

 القاهرة ـ «القدس العربي»:

أزمة جديدة شهدتها ساحات المؤسسات الدينية في مصر على خلفية قانون الفتوى الذي يسعى البرلمان المصري لإقراره الأسبوع المقبل، فوزارة الأوقاف تريد إدراج أئمة المساجد في القانون للسماح لهم بالرد على أسئلة المواطنين، في الوقت الذي ترفض مؤسسة الأزهر ذلك وتتمسك بحصر الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية ودار الإفتاء على اعتبار أنهما الجهتان الوحيدتان المختصتان بذلك.

وتعقد لجنة الشؤون الدينية في مجلس النواب، الإثنين المقبل، اجتماعا بحضور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، ومحيي الدين عفيفي، ممثلا عن الأزهر، لاستكمال مناقشة مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة، لإنهاء الخلاف بين الأوقاف والأزهر، بعد أن طالب الأخير، في الجلسة السابقة، باستبعاد الإدارة العامة للفتوى بالأوقاف من مشروع القانون.
أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية في المجلس، قال إن «هيئة كبار العلماء في الأزهر طالبت باستبعاد الإدارة العامة للفتوى في وزارة الأوقاف من الجهات صاحبة الحق في الفتوى، رغم موافقتها عليها في الجلسات الأولى من تقديم هذا المشروع».
وأضاف : «اللجنة كانت انتهت من إعداد هذا المشروع في وقت سابق بالاتفاق بين جميع المؤسسات الدينية، ونص على أن (يحظر بأي صورة التصدي للفتوى العامة إلا إذا كانت صادرة من هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، أو دار الإفتاء، أو مجمع البحوث الإسلامية، أو الإدارة العامة للفتوى في وزارة الأوقاف، ومن هو مرخص له بذلك من الجهات المذكورة، ووفقا للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون».
وطلب النائب عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية في البرلمان، ومقدم مشروع القانون، من رئيس اللجنة سحب المشروع، إذا تسبب في خلافات بين الأوقاف والأزهر.
الأزمة دفعت وزارة الأوقاف لإصدار بيان صحافي، أمس الجمعة، قالت فيه إنها «في الوقت الذي تحرص فيه على قيام أئمتها وعلمائها بمهامهم الدينية والوطنية والمهنية كاملة غير منقوصة بما فيها حق الإفتاء الشرعي خدمة للدين والوطن، فإنها تؤكد شرف انتساب أعضائها للأزهر الشريف وانتمائهم له واحترامهم وتقديرهم الكامل لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ولجميع مؤسسات الأزهر الشريف وهيئاته العلمية وعلى رأسها هيئة كبار العلماء».
وأضافت: «لا نقبل النيل من أي مؤسسة وطنية تصريحًا أو تلميحًا أو تعريضًا، ونهيب بالأئمة وجميع منتسبي الأوقاف والعاملين بها عدم الخوض في أي أمور جدلية، ونحذر من الانسياق خلف أصحاب الصفحات المشبوهة الذين لا تعنيهم مصلحة الدين أو الوطن، ونؤكد على جميع الأئمة المحترمين عدم الخوض فى أمر الفتوى أو أحقيتها على صفحات التواصل أو غيرها قطعا للجدل وإيثارا للمصلحة الوطنية وتفويتا للفرصة على الدخلاء والمغرضين، وحذف أي تعليقات تتصل بهذا الأمر على صفحاتهم، ومن يخالف هذه التعليمات يعرض نفسه للمساءلة، مع تأكيدنا لهم أننا لن نكون أقل حرصا على مصلحتهم من أنفسهم».
وتابعت: «أننا قبل كل شيء أبناء مؤسسة واحدة هي مؤسستنا العريقة الأزهر الشريف، ويجمعنا هدف واحد وإن تعددت وسائله وهو خدمة ديننا ووطننا وأمتنا ونشر سماحة ديننا ووحدة صفنا وهو خطنا الثابت الذي لا ولن نحيد عنه قيد أنملة».
وكانت هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف أصدرت تقريرها بشأن الرأي في مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة، وعلقت على عدد من مواد القانون المقترح.
وتناول التقرير المادة الأولى من القانون التي تنص: «يحظر التصدي للفتوى في الأمور العامة إلا من هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف أو دار الإفتاء المصرية أو مجمع البحوث الإسلامية أو الإدارة العامة للفتوى في وزارة الأوقاف، ومن هو مرخص له بذلك من الجهات المشار إليها، وذلك وفقا للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون». وحدد التقرير ثلاث ملاحظات على هذه المادة، تمثلت في «حظر التصدي للفتوى في الأمور العامة والتي عرفها تقرير لجنة مجلس النواب بأنها الفتاوى المرتبطة بشؤون الوطن والقضايا الكبرى دون الفتاوى المتعلقة بالأمور الشخصية كالعبادات والمعاملات وغيرها، وهذا ما يخالف المشروع المقترح من النواب أنفسهم بحظر التصدي للفتوى بشكل عام، وهو الأمر المطلوب بالفعل، وخاصة أن هناك بعض الفتاوى الشخصية قد تؤثر على المجتمع والوطن بشكل عام مما يقترح معه أن يكون الحظر على الفتوى الشرعية وليس الفتوى في الأمور العامة فقط».
وحسب التقرير «حدد النص جهات الفتوى في الأزهر (هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية فقط) حيث تمر الفتوى في الأزهر الشريف عبر عملية علمية متخصصة، ويكون لكل جهة معنية دور في هذه العملية، فضلا عن تعدد جهات الفتوى في الأزهر، ومن ثم في تحديد تلك الجهات وفصلها عن بعضها البعض رغم تبعيتها لمؤسسة واحدة قد يحدث معه تعارض وتنازع يعطل تلك العملية، مما يقترح أن يكون النص بحظر التصدي للفتوى الشرعية إلا من خلال الهيئات المعنية في الفتوى في الأزهر الشريف، وتكون مرجعيتها العليا في الفتوى هيئة كبار العلماء».
وأوضح أن «الإدارة العامة للفتوى في وزارة الأوقاف باعتبارها جهة تنفيذية تختص بشؤون وتنظيم الفتوى، وليست جهة علمية لإصدار الفتاوى أوالتصدي لها، وذلك إعمالاً لصحيح أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 م، بشأن تنظيم وزارة الأوقاف والذي اقتصر دورها فيه على شؤون الأوقاف وإدارة الأعيان والمساجد ولا يجوز مخالفة ذلك في أي تنظيم داخلي للوزارة، ولم يرد بقانون تنظيم وزارة الأوقاف المشار إليه أي اختصاص في الإفتاء».
وطالب بتغيير نص المادة إلى: «يحظر التصدي للفتوى الشرعية إلا من خلال الهيئات المعنية بالفتوى في الأزهر الشريف أو دار الإفتاء المصرية أو من يرخص له بذلك من أي منهما، ويرجح رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في حالة تعارض الفتوى بين الجهات المذكورة وفقا للإجراءات والشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون».
كما تناول التقرير المادة الثانية التي تنص: «للأئمة والوعاظ ومدرسي الأزهر الشريف وأعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر أداء مهام الوعظ والإرشاد الدينس العام بما يبين للمصلين وعامة المسلمين أمور دينهم ولا يعد ذلك من باب التعرض للفتوى العامة».
وأشار التقرير إلى أن لفظ «مدرسي الأزهر الشريف وأعضاء هيئة التدريس في جامعة الأزهر جاء عاما ومطلقا»، مؤكدا، أن «تحديد التخصص بالنسبة للفئات المذكورة أمر جوهري لا غنى عنه، حيث لو ترك على إطلاقه سيتم التصدي للإرشاد الديني من جميع التخصصات من مدرسي المعاهد الأزهرية وأعضاء هيئة التدريس في جامعة الأزهر سواء كانت تخصصات شرعية أوعلمية».
وانتقد التقرير أن يتضمن النص لفظ «الوعظ» بالنص « بجانب الإرشاد الديني» كما لوكانت مهام الوعظ من الأمور العامة ولا يقتصر عملها على الأزهر الشريف، مما يقترح معه حذف مهام الوعظ من النص كونه يتداخل مع مهام مجمع البعوث الإسلامية بشأن الوعظ وإسناد مهامه لغير المتخصصين فيه عن الأئمة والمدرسين فيكتفى في هذا النص بالإرشاد الديني العام فقط.
واقترح أن يكون نص المادة الثانية على النحو التالي: « للأئمة والوعاظ ومدرسي العلوم الشرعية والعربية بالأزهر الشريف وأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم من خريجي الكليات الشرعية والعربية جامعة الأزهر أداء مهام الإرشاد الدينس بما يبين للمسلمين أمور دينهم، ولا يعد ذلك تعرضا للفتوى». كما طالب بتعديل مادة عقوبة مخالفة القانون من الحبس مدة لا تزيد على 6 ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، إلى الحبس مدة لا تزيد عن 6 أشهر أو بغرامة 50 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم للأبحاث والدراسات بشؤون المستضعفين في العالم لا سيما المسلمين والتحذير من أعداء البشرية والإنسانية و تثقيف المسلمين وتعريفهم بحقائق دينهم وما خفى عنهم وعن وحضارتهم وماهم مقبلون عليه في ضوء علامات الساعة المقبلون عليها.

شاهد أيضاً

دوتش فيليا : تهديد لأوروبا.. شولتس يحذر من تنامي نفوذ اليمين الشعبوي

DW : حذر المستشار أولاف شولتس خلال مؤتمر الاشتراكيين الأوروبيين من تعاظم نفوذ اليمينيين الشعبويين …

اترك تعليقاً