إيران من الداخل حضارة وثقافة وتطور علمي وتكنولوجي

لم تكن المرة الأولى التي أزور فيها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لكنها كانت المرة الأولى التي ألتفت فيها إلى بعض ما تكتنفه هذه الحاضنة من ثقافات، وتقدم تكنولوجي وصناعي في شتى الميادين، بالإضافة الى علم، ووعي وثقافة مجتمعية متقدمة جداً.

من يشاهد ما يبثه الإعلام الغربي وحتى العربي عن إيران يتخيل أن تلك الدولة منغلقة على نفسها، لكن زائرها يعلم ان ما يبث ويروج له ما هو الا افتراء وتشويه للحقيقة، وما حال الجمهورية إلا هو في طور التقدم والتطور في جميع المجالات الدفاعية والعلمية والتكنولوجية وصولا الى ثقة الشعب بدورها وقدرتها على مواجهة التحديدات والأخطار.

عندما تزور العاصمة الإيرانية تقف على حضارتها ومعالمها الأثرية والعلمية، وقد عاينت ذلك عن كثب في مكتبة نور الرقمية التي هي عبارة عن مركز للبحوث “الكمبيوترية” متخصص في العلوم الاسلامية، وهو أول وأهم مجموعة فعالة في مجال تقنيات الحاسوب المتطورة في توليد برامج العلوم الإسلامية في العالم

وقد استطاع هذا المركز عرض 8000 كتابا تخصصيا في حدود 15000 مجلدا في مجال العلوم الاسلامية وتشمل موضوعات: علوم القران، علوم الحديث، الفقه والأصول، العلوم التربوية، العلوم السياسية وغيرها.

“حديقة الكتب”

اهتمام لامتناهٍ في الكتاب، تجده في “حديقة الكتب” التي تعتبر أكبر مكتبة في العالم، وتقع وسط طهران، وتبلغ مساحتها نحو 65 ألف متر مربع، وتمتد رفوف الكتب فيها على ما يقارب 14 ألف متر مربع، وبذلك تتفوق على مكتبة “بارنز & نوبل” في نيويورك.

مكتبة المرجع الديني الراحل اية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي النجفي

لكي تتعرف أكثر على ثقافة علماء الإسلام وأهمية الكتاب الإسلامي لا بد من زيارة مكتبة المرجع الديني الراحل اية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي النجفي، وهي احد اهم المعالم الثقافية والعلمية في ايران حيث أنشأها السيد المرعشي النجفي، وهي مؤلفة من سبع طبقات على مساحة 21000 متر مربع.

يوجد داخل المكتبة خزانة المخطوطات ومحتواها اكثر من (32000 مجلد) في اكثر من ستين الف عنوان، يضاف اليها ما بين 500 و800 مخطوطة نفيسة، كما تحتوي على اقدم نسخة من المصحف الشريف بالخط الكوفي القديم وغيرها الكثير.

“مستشفى الكتاب”

قصة الكتاب لا تنتهي هنا، فهناك قسم متخصص بصيانة المخطوطات والوثائق ويتألف من وحدة الحجر والقضاء على الآفات، وقسم ترميم المخطوطات والوثائق بالإضافة الى قسم التصوير الميكروغرافي وفيه المصغرات الفيلمية ويعالج الكتب القديمة والمهترئة ويقوم باعادة ترميمها.

برج ميلاد

معالم كثيرة لا تعد ولا تحصى، منها ما يضاحي أضخم العمارات، ولدى زيارة برج ميلاد، تلمس هذا الشعور، فبرج ميلاد الإلكتروني أو برج طهران، وهو واحد من رموز العاصمة الإيرانية تم بناءه في مساحة تبلغ 17 ألف متر مربع ، يصل ارتفاعه الى 435 متراً ، ويعتبر أعلى برج في إيران ورابع أطول برج إلكتروني في العالم. وهو احدى أهم الاماكن السياحية في طهران، حيث تم افتتاحه عام 2013.

قصور الشاه

حتى السياسة لها معالمها، التي تعكس انتصار الثورة الإسلامية، ومنها قصر شاه ايران، فبعد سقوط الشاه وقيام الجمهورية الاسلامية في ايران، تحولت مجموعة قصور الشاه في سعد آباد المشيدة على سفوح الجبال المتاخمة لشمال طهران الى متاحف، الهدف منها الاطلاع على الترف التي احاطَ الشاه نفسه وعائلته به.

ويبلغ عدد القصور 18 قصرا من مختلف الاحجام تم بناؤها خلال فترة الحكم القاجاري وحتى فترة حكم محمد رضا بهلوي، حيث كان كل واحد منها عبارة عن منزل صيفي لأحد اعضاء العائلة المالكة، وشيد مجمع القصور هذا على مساحة تقدر بمليون ومئتي الف متر مربع، وهي مليئة بالأشجار القديمة.

متحف السفارة الامريكية

للسفارة الأميركية حكايتها ايضا، فقد تحولت إلى متحف يطلق عليه الإيرانيون (وكر الجاسوسية)، وهو مشيد على مساحة تقدر بحوالي 109200 متر مربع ومؤلف من طبقتين الأولى للدبلوماسيين والثانية لاجهزة الاستخبارات الامريكية والإسرائيلية، حيث كانت أيام الشاه أرض أمريكية بحكم وجود السفارة عليها، وحولتها حكومة الجمهورية الاسلامية إلى متحف ، حاولت من خلالها اظهار ما كانت تقوم فيه الولايات المتحدة من دور خبيث تجاه المنطقة.

متحف الدفاع المقدس

زيارة متحف الدفاع المقدس تجعل الزائر إلى إيران يعيش التضحيات الإيرانية والانتصار في الحرب الثماني سنوات التي فرضها نظام صدام الحسين، وهو من اكبر المتاحف في المنطقة، حيث يربط الايرانيون من خلاله حاضرهم ومستقبلهم، ووضعوا فيه نتاج ثماني سنوات من الحرب، يتألف المتحف من 3 أقسام هي: الساحة الخارجية والتي تضم مقبرة الشهداء، وبرج العلم، والبحيرة والنافورة، ومتحف بانوراما، ومعرض المعدات الحربية، والمسجد الجامع لخرمشهر وهو مطابق للذي كان موجودا في مدينة خرمشهر، والقسم الثاني القاعات في الفضاء الداخلي للمتحف، وأخيرا قسم الترفيه في المتحف، ويشتمل على طب الطوارئ، روضة الاطفال، المطعم والمقهى، والمحل التجاري.

في زيارة إيران ترى مدى عظمة هذه الدولة التي أصبحت تضاهي دولاً كبرى، ولا تقل أهمية من حيث التطور التكنولوجي والخدماتي، حيث تجد في بازار تجريش الذي يقع شمال طهران، مجموعة ضخمة من المجمعات التجارية، فيما يوجد وفي تلك المنطقة وعلى عمق 130 متراً منطقة أخرى مرادفة للأولى من حيث المحال التجارية والأسواق بالإضافة الى مترو ينقلك من تلك المنطقة الى معظم المناطق في طهران.

هذه بعض المشاهد التي تم زيارتها ومشاهدتها في إيران مع الأخذ بعين الاعتبار التنظيم المدني فيها خاصة تنظيم الطرقات والتي خصص على كل مسلك، مسلك لسيارات الإسعاف والإطفاء بالإضافة الى مسالك مخصصة لأصحاب الحاجات الخاصة، ناهيك عن الثقافة والوعي التي يتمتع بهما الشعب الإيراني وخاصة عندما تحدثه عن الخطورة الامريكية وخطر الإهاب بالإضافة الى خطر الحصار الاقتصادي، يؤكد لك بأنه لا يهاب شيئا وانه ماض في مسيرته التقدمية.