استضاف البيت الأبيض، أمس الثلاثاء 19 دولة، بينها إسرائيل ودول خليجية عربية، لبحث الأزمة الإنسانية في غزة، لكن السلطة الفلسطينية قاطعت الاجتماع لغضبها من سياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب حيال القدس.

وكان ترامب عدل عن السياسة الأميركية المتبعة منذ عقود بشأن المدينة، عندما قرَّر في ديسمبر/كانون الأول، الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إليها.

يأتي هذا الاجتماع في وقت تضع فيه الإدارة الأميركية اللمسات النهائية على خطة سلام للشرق الأوسط، التي أُطلق عليها “صفقة القرن”، وفقاً لوكالة رويترز.

ما الذي دار في الاجتماع

وقال مسؤول كبير بالإدارة “إصلاح الوضع في غزة ضروري للتوصل إلى اتفاق سلام”. وشدَّد المسؤولون على أن المسعى الذي تقوده عدة دول بخصوص جهود الإغاثة وإعادة الإعمار لا يزال في مراحله الأولى.

وأفاد المسؤولون بأن جاريد كوشنر، أحد كبار مستشاري ترامب، الذي أوكل له الإشراف على عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، قدَّم عرضاً على مدى ساعتين للدول المشاركة، لكن لم يجر التطرق لخطة السلام الأميركية المحتملة.

ووفق بيان للقنصلية الأميركية العامة في القدس قال جيسون غرينبلات، مبعوث الرئيس الأميركي للاتفاقيات الدولية، في كلمة افتتح بها الاجتماع، إن “جزءاً أساسياً من تحقيق اتفاق سلام شامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بما في ذلك أولئك في الضفة وغزة، هو حل الوضع في غزة”.

وأضاف: “لا يوجد أعذار للتقاعس عن العمل. التقاعس عن العمل لا يؤدي فقط لمزيد من المعاناة للفلسطينيين في غزة، ولكنه يخلق أيضاً المزيد من التحديات الأمنية للإسرائيليين والمصريين، ويدفع آفاق التوصل إلى اتفاق سلام شامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين أبعد وأبعد”.

وأشار غرينبلات، في تغريدة عبر “تويتر”، إلى أن ممثلين عن 7 دول عربية شاركوا في المؤتمر وهي: البحرين، ومصر، والأردن، والسعودية، وسلطنة عمان، وقطر، والإمارات.

وأضاف أن المؤتمر شارك فيه، أيضاً، ممثلون عن إسرائيل، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، وأيرلندا، وإيطاليا، واليابان، وهولندا، والنرويج، والسويد، وسويسرا، وبريطانيا، وقبرص الرومية، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، ومكتب مبعوث اللجنة الرباعية الدولية إلى الأراضي الفلسطينية، ووكالة التنمية الأميركية الدولية.

وشمل الحضور ممثلين من مصر والأردن والسعودية وقطر والبحرين وعمان والإمارات، وكذلك من عدة بلدان أوروبية. وذكر المسؤولون أن صيغة الاجتماع لم تسمح بإجراء محادثات مباشرة بين إسرائيل والدول العربية.

وبحث الاجتماع مشروعات محتملة في مجالات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والصحة، لكن المسؤولين رفضوا الكشف عن مقترحات معينة.

وشدَّد مسؤول كبير بالإدارة، على أن من الممكن تنفيذ عدة مشروعات بدون مساعدة السلطة الفلسطينية، لكنهم قالوا إن الهدف هو إشراكها في آخر الأمر في العملية المتعددة الأطراف.

الرد الفلسطيني

من جانبه قال السفير الفلسطيني لدى الولايات المتحدة الأميركية، حسام زملط، إن المؤتمر الذي انعقد في البيت الأبيض، لبحث الأزمة الإنسانية في غزة وسبل تخفيفها “كلمة حق يراد بها باطل”.

وقال زملط في بيان صحفي تلقت الأناضول نسخة منه، الأربعاء 14 مارس/آذار 2018 “الجانب الفلسطيني لم يحضر اللقاء، لأن الإدارة الأمبركية فقدت مصداقيتها بعد قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها لها”.

ولفت إلى أن محاولات الالتفاف والدخول من بوابة المعاناة الإنسانية في غزة “مكشوفة ولن تغيّر من موقف القيادة الفلسطينية”.

وتساءل زملط، كيف للإدارة الأميركية أن “تقطع المعونات عن فلسطين وعن منظمة الأونروا التي ترعى شؤون أكثر من ثلثي سكان القطاع، وتدعي أنها تهتم بإيجاد حلول للكارثة الإنسانية في غزة، وقد تسببت في تفاقمها”.

الوضع الإنساني في القطاع

ويبلغ معدل البطالة في غزة 43.6%، وينحي كثير من سكان القطاع باللائمة على إسرائيل في المصاعب التي يواجهونها، حيث يتهمونها بفرض حصار اقتصادي، حدَّ بصورة كبيرة من حركة الناس والبضائع.

وتقول إسرائيل، التي سحبت مستوطنيها وجنودها من غزة في 2005، إنها اضطرت للتحكم في دخول القطاع أو الخروج منه لمنع حماس من إرسال مسلحين ومن إدخال الأسلحة أو المواد اللازمة لصنعها.

لكن سكان غزة يحملون قادتهم المسؤولية أيضاً، إذ يشكون من صراع على السلطة بين حماس، التي سيطرت على القطاع في 2007، وفتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، المدعوم من الغرب.

يذكر أن الولايات المتحدة جمّدت نصف المساعدات السنوية التي تقدمها لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، والبالغة نحو 300 مليون دولار.

ونجا رئيس وزراء السلطة الفلسطينية رامي الحمد الله من محاولة اغتيال، على ما يبدو في غزة أمس، عندما استهدفت قنبلةٌ موكبه.

ووقَّعت حماس والسلطة الفلسطينية اتفاقاً، في أكتوبر/تشرين الأول، دعا حركة المقاومة الإسلامية إلى تسليم السلطة الإدارية في غزة إلى السلطة الفلسطينية، لكن لم يتم تنفيذ الاتفاق بشكل كامل.