سلفي سابق: «السلفية» أول طريق الشباب للعنف والعمل المسلح.. «حوار»
السلفيون سينتهون قريباً من مصر .. وهذه طريقة غسل عقول الشباب
الشيخ حاتم العوني أعاد الكثير من أتباع السلفية إلي للدين الصحيح
محمد رشيد رضا ومحمد عبده سبب تركي التيار السلفي
على الرغم من انتهاء الإخوان تقريبا من مصر بعد ثورة 30 يونيو المجيدة التي كتبت شهادة وفاة الجماعة حركيا وفكريا إلا أن تيار الإسلام السياسي لم يمت وظل متواجدا فى المشهد المصري متمثلا فى التيار السلفي والذي أصبح ينشر أفكاره فى مصر بمنتهى الحرية ودون أي مشاكل.
عن هذا الفكر وحقيقته كان لـ “أمان” هذا الحوار الهام مع خالد المرسي، السلفي السابق والذي عاش لسنوات طوال داخل المدرسة السلفية قبل أن يقرر الانشقاق عنها والعمل فى المجال البحثي عن السلفيين أيضا.
المرسي رفض الحديث عن أشخاص فى المدرسة السلفية وقرر الحديث عن الفكر فقط وتأثيره فى المجتمع العربي بشكل عام والمصري بشكل خاص ومستقبله فيهما فى الفترة المقبلة.. للمزيد من التفاصيل حول الأمر إلى نص الحوار التالي.
ما هي تفاصيل تجربتك مع التيار السلفي ؟
استهوتني الاستقامة وطلب العلم، وكنت أهتم بالعلم لا بالوعظ، فاستمعت لهم آلاف الصوتيات المنهجية العلمية عبر الانترنت، وحفظت المتون التي يوصون بها وتعمقت فى قراءة كتبهم وتجاوزت بعض الاختبارات العلمية فى مساجدهم، ظللت هكذا مجتهدا بضعة سنين.
لماذا قررت الابتعاد عن هذا التيار؟
منذ حوالي سبع سنوات بدأت أسمع عن العلامة “محمد رشيد رضا “(رحمه الله) فقرأت له ثم عرفت شيخه “محمد عبده” ثم “محمد دراز” ثم “عبد الحميد ابن باديس” فهؤلاء قوّموا لي اتجاهاتي العقلية والنفسية، من ذلك الحين بدأ وثوقي فى علم شيوخ السلفية يقل، لكن إجلالي وتقديري وحبي لهم لم يقل، لأني لم أكن أتصور أن يضايقوني أو يعوقوني إذا اكتشفوا أني أتعمق فى نتاج هؤلاء الشيوخ الأربعة، لكن اكتشفت منهم غير ذلك، فحين كنت أسال أحدهم عن شيء لم أفهمه من كلام هؤلاء الأربعة كنت أحس منه بضيق ناحيتي وكأنه يغير منهم أو يرى منهجهم ضال، رغم أن لهم تزكيات عنهم (وإن كانت لا تتعدى المرة أو المرتين فى خلال سنوات طويلة) ومع مرور الوقت بدأت أتيقن أن شيوخ السلفية يريدون أن يكونوا هم أعلى مرجعية علمية مطلقا فوق الأزهر وفوق المجددين المعاصرين كشيوخي الأربعة؛ تبعًا لاعتقادهم أنهم هم الفرقة الناجية المنصورة، وان أصفى نسخة من الإسلام وأنضرها هم فقط الذين يحوزونها، فيأست من إمكانية التعامل معهم فى إطار الإصلاح فى الوقت الذين يزعمون فيه لأنفسهم هذه المكانة المرموقة (بالوهم والإدعاء).
من أبرز المشايخ التي تتلمذت على دروسهم كثيرون من شيوخ السلفية خارج مصر وداخلها، عن طريق الانترنت أو عن طريق المساجد.
ما هي أهم مآخذك على السلفيين؟
بالطبع كل كلامي عن قادة وعلماء هذا التيار فقط لا عن قواعدهم، فالقواعد من الأتباع لا حول لهم ولا قوة، هؤلاء القادة والعلماء أدعياء يدعون حيازتهم لدرجات عالية من العلم والتقوى والأخلاق، لكن عند الاختبار فى المواقف التي تُظهر حقائق الناس (كمواقف المنافسة والتباحث العلمي من تلامذتهم أو ممن يخالفونهم) يتضح أنهم أدعياء وكذبة، وهم يدعون العلم والتقوى بلسان حالهم لابلسان مقالهم، فلا أحد عاقل يدعي بلسان مقاله أنه تقي وعالم كبير مجدد، لكن حقيقة الشخص لا تظهر أثناء أغلبية أو كثير من تفاعلاته مع من يتبعه ويوافقه، ولكنها تظهر أثناء تفاعله مع من ينافسه ويعاكسه، ومعرفة حقائق الشخص من لسان حاله منبع عظيم من منابع العلم بل هو هدف العلم الإنساني وأساسه ومنطقه وفلسفته، ولذلك أثبته الله تعالى فى القرآن الكريم عند حديثه عن الأمم الضالة عن الحق، كما حكى الله عن قوم سبأ أنهم {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} (سبأ:19) باعد بين أسفارنا، أي: دمّر حضارتنا وعمراننا، وهم لم يقولوا ذلك بلسانهم ولا دعوا الله به، لكن الله حكاه كقول لهم {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا؟} ويقول الله {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا }(الكهف:55) رغم أنهم لم يقولوا بلسانهم أو يقصدوا بعقولهم أن يكون ذلك مانعًا، لكن الله نسب تقرير هذا المانع إليهم لأنه لسان حالهم كما يقول بمعناه الإمام “ابن عطية” فى تفسيره، فلسان الحال والقرائن تعني أن يستدل العالِم بما يظهر من أقوال وأحوال وأفكار هؤلاء المتعاملين على ما غُيِّب عنه من أقوال وأحوال وأفكار قائمة حقيقةً فيهم، أو سيكون مُرشحًا لها أن تقوم بهم وتتحقق فيهم بمقتضى ما يعلمه العالِم من أسباب (شرعية وطبيعية) ينتج عنها مسببات ومقتضيات وأثار وأبعاد، وهذا الأصل العظيم أعمله علماء الإسلام فى مباحثهم فى علوم الجرح والتعديل والاعتقاد والأخلاق ونحو ذلك.
كيف تقيم مشايخ السلفية؟
أولا نحن لا نتحدث عن طلاب علم أو علماء، بل نتحدث عن جهال متعالمين وأدعياء ممن قال النبي (صلى الله عليه وسلم) فيهم “سفهاء الأحلام” وأمثالهم لا يكون تبيان خطئهم بإعطاء “وصفة” أو أجوبة بسيطة (فهذا يكون فقط حين نتحدث عن قوم يصح إنتسابهم إلى العلم وأهله) أما هؤلاء المتعالمين فلهم أربعين سنة ينشطون، فضلًا عن أساتذتهم الذين ماتوا منذ عقود، فكتبوا مئات الكتب وأصدروا آلاف الصوتيات، وبيان الخلل فى مثل هذا الحال لا يتأتى إلا بنخل هذا النتاج وتشريح كل ما يحتويه من أفكار صغيرة أو كبيرة، وهذا النخل لا يقدر عليه غير العلماء ذوي النظرة التفصيلية لا العلماء ذوي النظرة الإجمالية، وهنا أدل القراء على الدكتور الشريف “حاتم بن عارف العوني” حفظه الله، له تسع سنوات يشرح نتاج شيوخهم وأمثالهم، وقد حقق نجاحات كثيرة ورجع على يديه شباب كثيرين، وسقط على يديه بعض أئمة هذا التيار السلفي حين تهوروا وناقشوه فأفحمهم وسقطوا سقوطًا صلبًا،وغيرهم ممن لا يتهور بمناقشته سيسقط سقوطًا ناعمًا فى نظر أتباعه والناس، لأنهم سيعرفون أن هذا الشيخ السلفي لو كان على بينة من دعوته لناقش وجادل من يتحداه ويقصد إلى تبيين عوار عقله وسقيم فكره.
هل السلفية طريق الشباب للعنف والتطرف؟
نعم، وبيان ذلك أن منهج الخوارج لم يظهر فجأة بتكفير المسلمين والخروج على الحكام بغير حق، ولكنه نتاج ما اختمر فى عقول أهله من مناهج فكرية باطلة وعواطف لا تصدر من تحت صحيح الدين والعقل، فهو منهج له أول وآخر، أوله أسباب لو تركناها تعتمل فى المجتمع لأنتجت نتائج خطيرة ولو بعد حين، هكذا كان الأئمة يفهمون منهج الخوارج، فمثلا تجد الإمام الشاطبي بعد أن حكى اتهام بعض طلاب العلم للإمام مالك بأنه عقلاني لا يلتزم بدلالة ظواهر النصوص الدقيقة، علق عليهم وقال إنهم يسيرون فى طلب العلم على طريقة الخوارج، وبناء على ذلك تجد شيوخ السلفية هؤلاء متحققة فيهم المراحل الأولى لفكر الخوارج وسماتهم، مثل قول نبينا فى وصف الخوارج “يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم” هذا الوصف كناية عن سطحية علمهم، وأنه لا يجاوز حناجرهم، ولا يلامس صدورهم التي فيها قلوبهم التي هي محل التعقل، ومن سمات الخوارج المتحققة فى هؤلاء الشيوخ أنهم يتطرفون لا ناحية الحب والوحدة (وهو تطرف خطير) ولكن تطرفهم أخطر، إنه تطرف بالعلم الشرعي والسير به تجاه الفرقة وافتعال المشكلات بلا مبرر، والكراهة، وتضييق ما وسعه الله، والصراع مع بعض فئات المجتمع المهمة.
هل انتشار موجة الإلحاد كانت بسبب السلفيين؟
نعم السلفيون والإسلاميون عمومًا يشكلون جزءًا لا يستهان به من أسباب انتشار الإلحاد فى مصر، هذا نص عليه أكثر من خبير وعالم.
ما أهم الكوراث التي ارتكبها السلفيين من وجهة نظرك؟
أهمها هو تدمير البنى التحتية للموارد البشرية فى المجتمع، وهي الدين والعقل، فهم نجحوا فى هدم أجزاء عظيمة منهما، وهما أهم ما يملكه أي مجتمع من موارد بشرية، قد صدق فيهم ما قاله الإمام الشاطبي عن أمثالهم حين يريدون نصرة الإسلام، ويعوزهم الفهم السليم فيؤول بهم الحال إلى ضرب أصول الدين بفروعه، وواجباته بسننه، ثم ضرب الدين بالدنيا والعس بالعكس.
من أهم أسوء مشايخ السلفية؟
أسوأهم هم أكثرهم حركة ونشاطا، فكلما ازداد نشاطهم شاعت جهالاتهم وامتدت آثارها الخطيرة فى المجتمع.
كيف يغسل السلفيين عقول الشباب ويحولونهم إلى دمى فى أياديهم؟
نخطئ حين نظن أن أكثر أتباعهم دمية فى أيديهم، وما نراه من تشدد هؤلاء الشباب ضد من ينتقد شيوخهم وفكرهم فهو تشدد ليس راجعًا إلى كون هؤلاء الشباب دمى فى أيدي شيوخهم، ولكنه راجع إلى أن هذا الشباب لا يثق فى خصوم شيوخهم، ولهم الحق فى ذلك، لأن كثيرًا من المفكرين وخصوم الإسلاميين ينتقدون الإسلاميين بدافعين سيئين، أولهما: أنهم لا ينتقدون بعلم، ثانيهما أنهم ينتقدون هؤلاء الشيوخ لضيقهم وحنقهم من سفاهاتهم أي كتنفيس عن ضيق صدورهم بهم لما رأوا من حماقاتهم فى المجتمع، ولا ينتقدون بدافع رسالي، وهو دافع صيانة الدين ممن يشوهه، ولذلك كانت تجاربي مع كل من أجادلهم من هؤلاء الشباب أنهم يلينون معي ولا يتشددون رغم صراحتي الشديدة أثناء جدالهم، لأنهم يشعرون اني أجادلهم بعلم ومن منطلق رسالي لا انتقامي.
كيف ترى مستقبل السلفيين فى مصر؟
مستقبلهم كمستقبل كل باطل، مآله إلى اضمحلال وزوال بشرط أن ييسر الله لأمتنا أناسا فى كافة مستويات الفكر والعمل يحسنون كلا من الهدم والبناء، لا الهدم فقط كما هو كثير من العاملين اليوم.
أحمد الجدي
aman-dostor.org/1578