الجاسوسية الاسرائيلية
تاريخ جهاز الموساد يتضمن إرث العصابات الارهابية الصهيونية وتحاربها الدموية التي لم توفر حتى اليهود بحجة تخويفهم ودفعهم للهجرة الى اسرائيل. ذلك ان قادة هذه العصابات اتخذوا من الارهاب فلسفة حياتية لهم ولجماعاتهم اليهودية. ولعل احتقار اليهود للأغيار يسهل مهمة ارهابهم. في مقدمة المنظرين الصهاينة للارهاب يأتي ابراهام شتيرن لم يكتفِ بالتبشير والوعظ بالإرهاب وإنما مارسه ممارسة عملية, وانتهى به الأمر أن دفع حياته ثمناً لهذه الممارسة. كان ابراهام احد قادة عصابة شترن البريطانية وهو كتب يوماً يقول: الإنسان الذي يذهب مستهدفاً قتل إنسان آخر لا يعرفه, عليه أن يؤمن فقط بشيء واحد وهو أنه بهذا الفعل سوف يغيّر مسار التاريخ.
أما الصهيوني الروسي الأصل فلاديمير جابوتنسكي الذي اصبح المحرّك الأول لنشأة عصابة الهاغانا فهو كان يحثّ أعوانه على الإرهاب, مؤكداً لهم أن العالم لن يحترم اليهود إلا إذا أثبتوا أنهم بالإرهاب وسفك الدماء يدافعون عن أنفسهم وكيانهم. ليعود جابوتنسكي وينشق عن الهاغانا بعد ظهور منادين فيها بشنّ الحرب على أعداء فلسطين اليهودية فقط. وبسبب اصراره على العنف المفرط غير المقيد انشأ جابوتنسكي عصابة الارغون مع تابعه “ديفيد رازيبل” وكان يرمز اليها بـ IRA لغاية قيام اسرائيل.
كان البريطانيون المنتدبون على فلسطين اول اهداف جماعات الارهاب الصهيوني لاتباعهم سياسة وصفها الصهاينة بالمزدوجة. عندها لجأت عصاباتهم لاستهداف اماكن تجمعات الجنور البريطانيين. فنسفت عصابة الارغون فندق الملك داوود وسينما ريكس الذين يرتادهما الجنود المكلفين بحماية العرب من الاعتداءات اليهودية. وتفاقم عداء الارهاب الصهيوني للبريطانيين مع اعلان بريطانيا في 3/9/1939 منع السفن المحملة بركاب يهود من الرسو على الشاطيء الفلسطيني. فكان الرد مزيد من الارهاب الصهيوني اذ تجمع قدامى عصابة شترن ليعيدوا اطلاقها باسم مناضلو إسرائيل الأحرار­ وهدفها تحرير فلسطين من البريطانيين. وفي عام 1944 تولّى مناحيم بيغين منصب القائد الجديد لـ عصابة الأرغون فرع ليومي. التي اتجهت بقيادة بيغن إلى التركيز على العمليات التخريبية, وبصورة رئيسية تفجير المباني والمنشآت التي تستخدمها القوات البريطانية. في المقابل تولى اسحق شامير الاغتيالات ففشل في اغتيال المندوب السامي البريطاني السير هيرالد ماكميلان لكنه نجح لاحقا في اغتيال اللورد “موين “ الوزير البريطاني المقيم في القاهرة في نوفمبر 1944.
هكذا يتبيّن أنه “بفضل” الأعمال الإرهابية أمكن تحقيق الحلم الصهيوني بإنشاء دولة إسرائيل… وهذا بصرف النظر عمّا إذا كان الإنشاء شرعياً أم لا… عادلاً أم لا… فالواقع يقول: إن إسرائيل نشأت بفضل الإرهاب… وهذا ما حصل في الواقع… لكنها دزلة حكمها الارهابيون من مناحيم بيغن الى اسحق شامير وديفيد بن غوريون و يهوشا كوهين وغيرهم.


جهـــاز الموســاد
المؤسسة المركزية للاستخبارات والأمن “الموساد” هي اختصار لعبارة “موساد لعالياه بت” العبرية أي منظمة الهجرة غير الشرعية. وهي إحدى مؤسسات جهاز الاستخبارات الإسرائيلي والجهاز التقليدي للمكتب المركزي للاستخبارات والأمن. أنشئت عام 1937، بهدف القيام بعمليات تهجير اليهود. وكانت إحدى أجهزة المخابرات التابعة للهاغاناه.
هناك الآن جهاز تنفيذي تابع للجهاز المركزي الرئيسي للمخابرات الإسرائيلية ويحمل نفس الاسم أسس 1953 قوامه مجموعة من الإداريين ومندوبي الميدان في قسم الاستعلام التابع لمنظمة الهاغاناه، وتطور ليتولى مهمة الجهاز الرئيسي لدوائر الاستخبارات وتنحصر مهماته الرئيسية فيما يلي:
إدارة شبكات التجسس في كافة الأقطار الخارجية وزرع عملاء وتجنيد المندوبين في كافة الأقطار.
إدارة فرع المعلومات العلنية الذي يقوم برصد مختلف مصادر المعلومات التي ترد في النشرات والصحف والدراسات الأكاديمية والإستراتيجية في أنحاء العالم.
وضع تقييم للموقف السياسي والاقتصادي للدول العربية، مرفقا بمقترحات وتوصيات حول الخطوات الواجب اتباعها في ضوء المعلومات السرية المتوافرة.
يضم الموساد ثلاثة أقسام هي:
1. قسم المعلومات: ويتولى جمع المعلومات واستقراءها وتحليلها ووضع الاستنتاجات بشأنها.
2. قسم العمليات: ويتولى وضع خطط العمليات الخاصة بأعمال التخريب والخطف والقتل ضمن إطار مخطط عام للدولة.
3. قسم الحرب النفسية: ويشرف على خطط العمليات الخاصة بالحرب النفسية وتنفيذها مستعينا بذلك بجهود القسمين السابقين لنشر الفكرة الصهيونية. للتعمق انظر:
الصهيونية والحرب النفسية.
وقد ألحقت بجهاز الموساد مدرسة لتدريب المندوبين والعملاء مركزها الرئيسي حيفا ويتم فيها التدريب على قواعد العمل السري والأعمال التجسسية.
هذا وتورط الموساد في عمليات كثيرة ضد الدول العربية والأجنبية ،بما فيها اميركا، منها عمليات اغتيال لعناصر تعتبرها إسرائيل معادية لها ولا يزال يقوم حتى الآن بعمليات التجسس حتى ضد الدول الصديقة والتي لإسرائيل علاقات دبلوماسية.


الموســاد خط الدفاع الاسرائيلي الأول
يعتبر جهاز المخابرات الإسرائيلية أو كما يطلق عليه اسم «الموساد» الخط الدفاعي الأول الذي تعول عليه دولة إسرائيل في القيام بعمليات التجسس والتصفية الجسدية ومكافحة عمليات المقاومة والنضال من جانب الفلسطينيين، وينصب الهدف الرئيسي للموساد على الدول العربية والمنظمات التابعة لها والمنتشرة بكافة أنحاء العالم بالإضافة إلى التنظيم المستتر لهجرة اليهود من سوريا وإيران وإثيوبيا، ويتركز نشاط عملاء الموساد أيضا في الدول الغربية والأمم المتحدة.
يقع المركز الرئيسي للموساد بمدينة تل أبيب ويتراوح عدد العاملين به طبقا للتقديرات المسجلة في أواخر الثمانينات بين 500 ،1 و000 ،2 فرد بينما تشير الإحصائيات الأخيرة إلى أن عدد العاملين في الوقت الحالي يقدر ب 200 ،1 فرد فقط.
ولقد جرت العادة على عدم الإفصاح بشكل رسمي عن هوية رئيس جهاز المخابرات (الموساد) واعتباره من أحد الأسرار الأمنية المحظورة، ولكن في مارس 1996م أعلنت الحكومة الإسرائيلية وعلى الملأ تنصيب الجنرال «داني ياتوم» لتولي مهام رئيس جهاز الموساد بدلا من «شاباتاي شافيت» الذي استقال من منصبه في أوائل عام 1996م.
وفي سبتمبر 2002م تم تنصيب «مائير داجان» رئيسا جديداً للموساد.
وتنسب فكرة تأسيس جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) إلى «ديفيد بن جوريون» رئيس الوزراء الذي أعلن في 1 إبريل 1951م عن قيامه بتأسيس أول مركز رئيسي للمخابرات والأمن القومي من خلال خطابه الشهير الذي حدد فيه الملامح والأهداف الرئيسية حيث زعم قائلا: لقد شاءت بنا الأقدار ومنذ تأسيس دولتنا أن نكون محاصرين دائما بالأعداء من جميع الاتجاهات لذا فقد أصبح لزاما علينا أن نؤسس جهازا للمخابرات يكون بمثابة الحصن المنيع والخط الدفاعي الأول لدولتنا.. دولة إسرائيل. انظر:
رؤساء جهاز الموساد


مذكرات ترصد نشاطات الموســاد
اسرائيل من الدول الموقعة على اتفاقية
حرية المعلومات 1956 المتضمنة الافراج عن الوثائق السرية بعد مرور ثلاثين سنة عليها. هي اتفاقية تسمح للدول الموقعة باستمرار حجب بعض المعلومات التي مر عليها الزمن لدواعي مختلفة منها استمرار تأثير هذه المعلومات على اسرار الدولة الحيوية او ان تطال المعلومات اشخاصا لا يزالون على قيد الحياة بحيث تهدد هذه المعلومات حياتهم. وبالفعل قامت اسرائيل وتقوم بالافراج على قائمة من هذه المعلومات بعد مرور 30 سنة عليها. ما يفتح الابواب امام نوعين من الكتابات الاسرائيلية: كتابات المؤرخين الاسرائيليين الجدد وكتابات رؤساء الموساد السابقين ومعهم بعض الصحافيين. ومن الكتابات المتعلقة باسرار الموساد المفرج عنها نعرض للكتب التالية جواسيس جدعون و ولادة إسرائيل / الحقائق والأوهام و مذكرات موشيه شاريت.


مذكرات موشيه شاريت
يفضح الكتاب الطموحات المبكرة للتوسع الجغرافي على حساب الدول المجاورة فيورد التالي:
– احتلال سيناء: في 11 تشرين الاول 1953 اثار “بن زفي” رئيس دولة “اسرائيل” آنذاك مسألة مهمة الا وهي “اليس ثمة فرصة لاحتلال سيناء، ويا حبذا لو بدأ المصريون بأي عمل عدائي يمكن احباطه، وبالتالي غزو تلك الصحراء. ويا لخيبة امله عندما اخبرته بان المصريين لا يظهرون اي ميلٍ نحو تسهيل ذلك الاحتلال…”. فجزء مهم من هذا الفصل يتحدث عن بحث الصهاينة لأي ذريعة ما تمهد السبيل لاحتلال سيناء. ولما لم يتوفر الامر، اقترح دايان ارسال سفينة ترفع العلم الاسرائيلي في مضائق إيلات لاستدراج المصريين لضربها ومن ثم استكمال السيناريو.
– فرصة تاريخية لاحتلال جنوب سوريا: في احد الاجتماعات الذي عقد بتاريخ 31 كانون الثاني 1954 اقترح دايان خطة عمل تستفز السوريين واستدراجهم الى ضرب الصيادين الاسرائيليين في بحيرة طبريا. واذا فشل الامر، العمل على اتخاذ التدخل العراقي في سوريا المضطربة آنذاك ذريعة من اجل التدخل في سوريا واحتلال جنوبها. واستمرت الاستفزازات الاسرائيلية تمهيداً لاستدراج السوريين لكن من دون طائل. وفي 12 كانون اول 1954، خطف سلاح الجو الاسرائيلي طائرة مدنية سورية واحتجز ركابها لمدة 48 ساعة وقد شكلت هذه العملية مادة خلافية مع شاريت الذي اتهم خصومه بانهم يريدون فرض شريعة الغاب على العلاقات الدولية واخضاع العالم لارادتهم ومصالحهم. والذريعة الاسرائيلية لعملية خطف الطائرة السورية هي انتهاكها للسيادة الاسرائيلية وهو ما نفاه شاريت.
دعنا ننشىء دولة مارونية في لبنان: في اجتماع عقد بتاريخ 27 شباط 1954 ضم كل من بن غوريون، شاريت، لافون ودايان طرح الموضوع اللبناني. مشروع بن غوريون واتباعه تضمن النقاط الآتية : لبنان الحلقة الاضعف من بين دول الجامعة العربية، الموارنة يشكلون تاريخياً اغلبية في لبنان، دعم العالم المسيحي بشقيه الكاثوليكي والبروتستانتي لاخوانهم في لبنان. الوسائل: خلق حرب اهلية، ضخ الاموال اللازمة فيها، ايجاد مجموعة مارونية مؤمنة بهذا المشروع.  وكما هو معروف فان مشروع بن غوريون واتباعه هو الذي قدر له ان يتحقق الى حدٍ ما. وبتاريخ 12 شباط 1955 عقد اجتماع بين الياهو ساسون السفير الاسرائيلي في روما ونجيب صغير، ممثلاً على ما يبدو كميل شمعون، فيه تمت مناقشة شروط التنفيذ. وعملياً بدأ المشروع بعد حرب الـ 67 عند وصول دايان الى وزارة الدفاع عندما اخذ يفتش عن ضابط ماروني مستعد لاعلان دولة منقذة للموارنة وعن ذريعة (عمليات فدائية تنطلق من لبنان)….
قضية لافون – الارهاب في سبيل اجبار الغرب
“اولاً: إبدأ فوراً بالعمل لمنع او تأجيل اهداف الاتفاق الانغلو-مصري والتي تتمثل في: أ- مراكز ثقافية واعلامية، ب- مؤسسات اقتصادية، ج- سيارات المندوبين وغيرهم من البريطانيين، د- تدمير اي هدف يمكنه ان يؤدي الى اساءة العلاقات الدبلوماسية.
ثانياً: ابلاغنا بشأن ما يمكن فعله بخصوص منطقة القناة (السويس).
ثالثاً: استمع الينا كل يوم الساعة السابعة على الموجة الطويلة ج”.
هذا هو مضمون نص البرقية التي ارسلت الى خلية تجسس اسرائيلية زرعت في مصر قبل عدة اشهر من تنفيذ اعمالها والتي حصلت بين 2 و27 تموز 1954، والبرقية هذه تلخص المضمون العام للجزء الى الارهاب. فقد كانت العلاقات في طريقها الى التطور والتحسن بين مصر وكل من بريطانيا (بخصوص اخلاء قناة السويس) والولايات المتحدة التي وعدت بتقديم الإمدادات العسكرية. والهدف الاسرائيلي تمثل في ضرب هذا التقارب بين مصر والعالم العربي، فكانت العمليات الارهابية التي نفذت ضد مراكز ثقافية واعلامية امريكية، وضد دور السينما البريطانية والمباني المصرية الرسمية في كل من القاهرة والاسكندرية .
هذه القضية عرفت بقضية لافون الذي كان وزيراً للدفاع آنذاك. الا انه تبين بعد سبع سنوات من التحقيقات الاسرائيلية ان لا ذنب للافون بذلك وانما مؤامرة خيطت من قبل جماعات بن غوريون ودايان وبيريز وجيفلي وعدد اخر من كبار الامنيين والعسكريين الصهاينة. للمزيد انظر:
مذكرات موشيه شاريت.
  ولادة إسرائيل / الحقائق والأوهام
في كتابه “
ولادة إسرائيل / الحقائق والأوهام” (1987) يؤكد فلابان بالنص:”… اذا ما عدنا الى الوراء يتضح لنا ان الهدف من الخطة كان ضم الاراضي… اذ كان سيتبع تدمير القرى العربية واقامة قرى يهودية مكانها… ولقد تعرض مئات الآلاف من الفلسطينيين للترهيب وللارهاب مما دفعهم الى الفرار وهم مذعورون. وفي الوقت نفسه كان بن غوريون يقوم بطرد غيرهم من الفلسطينيين ويخطط لعملية الطرد وينفذها بعد خطة الامم المتحدة بشأن التقسيم.
جواسيس جدعون
في كتابه “جواسيس جدعون… التاريخ السري للموساد” يقول ضابط الموساد السابق غوردون توماس بأن طائرة البان ام، التي تفجرت فوق لوكربي، كانت تضم بين ركابها ضباطاً من وكالة الاستخبارات الأميركية. حيث وجدت احدى حقائبهم فارغة تماماً!. وتبين فيما بعد أن الموساد وبمساعدة المخابرات الانكليزية قامت بسرقة محتويات هذه الحقيبة. وكانت عبارة عـن مستندات تؤكد تورط إسرائيل في تجارة المخدرات في الشرق الأوسط وأخرى تتعلق بصفقات أسلحة إسرائيلية سرية. وتأتي هذه المعلومات لتضاف إلى أخرى شبيهة تراكم الدلائل على السبـل التي تعتمدها اسرائيل في محاولاتها للاستغناء عن الدعم الأميركي لاقتصادها. وذلك تحسباً لمحاولات تقنين هذا الدعم بعد نهاية الحرب الباردة، حيث ارتفعت أصوات أميركية تطالب بوضع استراتيجية ملائمة للمصالح الأميركية لما بعد هذه الحرب. ومنها تقليص الدعم الأميركي الموجه أساساً لمواجهة الشيوعية والذي لم يعد مبرراً بعد سقوطها.
هذا ويعلن المؤلف عن أسرار وحقائق خافية. ومنها عدم مسؤولية ليبيا عن حادثة لوكربي وإتهام ايران بهذه الحادثة. لكننا وأمام مخابراتي من هذا العيار نسأل عما اذا كانت ايران هي الفاعل الحقيقي بعد ثبوت البراءة الليبية؟. أم أنها كذبة أخرى تقال على شكل حقيقة.


فضائح التجسس الإسرائيلي على الولايات المتحدة
يمكننا أن نتبيّن نمط تجسس إسرائيل على الولايات المتحدة إذا ألقينا نظرة على حالات مختارة من هذا التجسس يعود تاريخها إلى إنشاء إسرائيل. وما نعرفه أن جميع تلك الحالات باستثناء واحدة ظلت بعيدة عن الأضواء. وقد تمكن عديدون من الاطلاع عليها عبر الوثائق التي سُمح بالاطلاع عليها بناء على قانون حرية المعلومات، أو من المقابلات التي أجريتها مع مسؤولين في قسم مكافحة التجسس بمكتب التحقيقات الفدرالي، أو مع مسؤولين متقاعدين من هذا المكتب ومن وزارة العدل. للمـزيد انظــر:
إسرائيل تتجسس على اميركا.


  أضرار تجسس الأصدقاء على اميركا
هذا وتناولت صحيفة ذي كريستشيان سينس مونيتور The Christian Science Monitor الاثنين، 22 مايو 1989 موضوع اضرار التجسس الاسرائيلي على اميركا بتقرير عنوانه: 
الضرر الذي سبّبه الجواسيس “الأصدقاء”. وفيه: كان اعتقال جوناثان بولارد وإدانته “باتآمر للقيام بأعمال التجسس” لإسرائيل على الولايات المتحدة حدثاً مشحوناً بالعاطفة والمرارة في كلا البلدين. وحتى عندما تمّ الحكم عليه بالسجن مدى الحياة في آذار 1987 فإن العواطف لم تهدأ. صحيح أنه غاب عن الأنظار منذ ذلك الحين، لكن القضايا التي أثيرت بسبب تجسسه لا تزال تتفاعل.  وتزايد قلق الأميركيين خلال التحقيق مع بولارد عندما كشف سوفييتي كان قد هرب إلى الولايات المتحدة أن هناك بالإضافة إلى الجاسوسين السوفييتيين اللذين قُبض عليهما في إسرائيل وسُجنا (وهما شبتاي كلمانوفيتش وماركوس كلينبرغ) جاسوس ثالث بإسرائيل لم يُقبض عليه. وأضاف أن هذا يحتل مركزاً مهماً في وزارة الدفاع الإسرائيلية وأنه لا يزال يزاول التجسس. ومن المحتمل أن تكون الأسرار التي أرسلها بولارد إلى إسرائيل قد وجدت طريقها إلى الاتحاد السوفييتي سواء أكان هذا هو الهدف أم لم يكن.
من جهتها قامت ثلاث جهات منفصلة في وزارة الدفاع بتخمين الأضرار الناجمة عن سرقة الوثائق، لكنها لم تستطع أو لم تشأ كشف مقدارها بالدولارات. لكن كلا منها تحدّثت عن “عدة بلايين من الدولارات” كتقدير إجمالي، وقالت بأن غالبية الأضرار لحقت بوكالة الأمن القومي. هذا عدا شبكات التجسس التي انكشفت والمخاطر الشديدة التي يتعرض لها الجواسيس الذين كشف عن هوياتهم ومواضعهم ونشاطاتهم. وربما كان الجانب الأشد إحراجاً لإسرائيل من قضية بولارد، والسبب الرئيسي الذي من أجله يرغب المتورطون مباشرة فيها أن يطلق سراحه وأن يتم إغلاق القضية نهائياً هو الإطار السياسي الذي تمت فيه العملية. إذ تخشى إسرائيل طرح المزيد من الأسئلة التي تكشف عن تورطها في التجسس على الولايات المتحدة ؟ وهل كان بولارد الوحيد الذي قبض عليه وهو يتجسس أم أنه كان الوحيد الذي قبض عليه وحوكم ؟.  للمزيد انظر: الضرر الذي سبّبه الجواسيس “الأصدقاء. وهنا تبرز فضيحة بولارد كتجسيد لخطورة التجسس الاسرائيلي على اميركا.


فضيحة الجاسوس بولارد
إن الضرر الذي ألحقه بولارد بمصالح الأمن الأميركي قد يكون من المستحيل الإحاطة بأبعاده. فما قدّمه للإسرائيليين يشتمل على أكثر من ألف وثيقة سرية بينها وثائق تقع الواحدة منها في مئات الصفحات. ومنها ما كان مصنّفاً بين الوثائق السرية جداً أو ما يُعرف “بالوثائق المصنفة الحساسة” التي تشتمل على “معلومات عن الأنظمة التكنولوجية المتقدّمة لجمع المعلومات وما جُمع بواسطتها”. وتشتمل هذه الوثائق على معلومات مفصّلة عن حكومات الشرق الأوسط وجيوشها، وعن مواضع السفن وأساليب الحرب وأنظمة الأسلحة الأميركية، وعن تحليل الأميركيين لأنظمة الصواريخ السوفييتية. كما تشتمل على معلومات وافرة عن أساليب المخابرات الأميركية البشرية والإلكترونية في جمع الأخبار. وحذّرت وزارة العدل بصورة خاصة من أن الحصول على تلك المعلومات يكشف هوية المخبرين الذين تستخدمهم المخابرات الأميركية في الشرق الأوسط وربّما في أماكن أخرى.
وما لم تقله وزارة العدل في مذكرتها بالرغم من أنه واضح كل الوضوح هو أن الحكومة الإسرائيلية هي التي كان باستطاعتها أن تستفيد من أكثر المعلومات التي حصلت عليها بواسطة بولارد لأنها تتعلق بحكومات الشرق الأوسط وأنظمة الأسلحة الأميركية التي تستخدمها إسرائيل. وأرفقت وزارة العدل مذكّراتها بمقال من “الجيروزاليم بوست” عنوانه: “بولارد المذهول : لماذا تخلّت إسرائيل عني؟” وفي المقال ذاته يشبّه بولارد حاله بحال طيّار إسرائيلي سقط وراء خطوط العدو وتركته إسرائيل لمصيره التعس. ولكن “الجيروزاليم بوست” كانت مخطئة. فبولارد لم يُصب بالذهول. فقد كان ولا يزال وراء خطوط العدو. للمــزيد انظـر:
فضيحة الجاسوس بولارد.
وفي سياق اصرار الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة على اطلاق الجاسوس بولارد عمدت تل ابيب الى إبتزاز واشنطن من خلال طرحها لمبدأ: اطلاق بولارد مقابل اطلاق اسرى 48 الذين التزمت واشنطن اطلاق سراحهم ما عرضها لهذا الابتزاز الاسرائيلي. كما اعطى لاسرائيل فرصة المماطلة في المفاوضات. للمزيد انظر:
بولارد مقابل الأسرى الفلسطينيين.


  جواسيس إسرائيل في أميركا
افادت مجلة ‘نيوزويك’ الثلاثاء 30/6/2014 ان اسرائيل تتجسس على الولايات المتحدة اكثر من اي حليف اخر وان هذه الانشطة وصلت الى مستويات مقلقة. والاهداف الرئيسية هي اسرار صناعية وتقنية امريكية كما قالت المجلة نقلا عن لقاءات سرية عقدت حول قانون سيجعل من الاسهل لاسرائيليين الحصول على تأشيرات دخول الى امريكا.
وقالت المجلة نقلا عن موظف في الكونغرس مطلع على لقاء عقد في كانون الثاني/يناير الماضي وصفه الافادة بانها ‘مثيرة للقلق والذهول’ فيما نقلت عن اخر قوله ان هذا السلوك ‘مؤذ’.
وبحسب المجلة فان ‘لا دولة اخرى قريبة من الولايات المتحدة تواصل تجاوز الخطوط المحددة للتجسس مثلما يفعل الاسرائيليون’. وقال الموظف السابق في الكونغرس ان وكالات الاستخبارات لم تعط تفاصيل، لكنه اشار الى ‘جواسيس في المجال الصناعي يأتون هنا بمهام تجارية او مع شركات اسرائيلية تعمل بالتعاون مع شركات امريكية او عملاء استخبارات تديرهم الحكومة مباشرة اي من السفارة الاسرائيلية كما افترض’.
وقالت مجلة ‘نيوزويك’ ان انشطة التجسس الاسرائيلية في امريكا كبيرة جدا وتتجاوز انشطة تقوم بها دول حليفة اخرى مثل المانيا وفرنسا وبريطانيا واليابان كما قال عملاء مكافحة التجسس لاعضاء في لجنتي القضاء والشؤون الخارجية في مجلس النواب. ونقلت عن المساعد السابق قوله ‘لا اعتقد ان احدا فوجىء بهذه المعلومات’. واضاف ‘لكن حين ترى ان اي دولة اخرى لا تستغل علاقتنا الامنية بالطريقة التي يستغلها الاسرائيليون لغايات تجسس، انه امر يثير الصدمة’.
لكن الادارة الاميركية ومخابراتها كانت قد تلقت صدمات من العيار الثقيل في هذا المجال. ولعل اكثرها خطورة فضيحة ظهرت ملامحها في اكتوبر 2004 حين اعلن عن تورط الخبير (
لاري فرانكلين) الذييعمل بمكتب وزير الدفاع دونالد رمسفيلد حصل على وثائق سرية بشأن إيران ونقلها إلى إسرائيل. هذه الوثائق تضمنت مداولات جرت داخل البيت الأبيض وتوجيهات رئاسية سرية بشأن إيران ونقلها المحلل العسكري عبر وسطاء إلى لجنة الشؤون العامة الأميركية (إيباك ) لتصل في النهاية لتل أبيب. للمـزيد انظر: مسؤول كبير بالبنتاغون يتجسس لصالح إسرائيل. وايضاً: فضيحة فرانكلين.


فضــائح التجسس الإســرائيلية
تحدثنا في سياق المواضيع المطروحة اعلاه عن عدد من الفضائح الجاسوسية الاسرائيلية مثل فضيحة لافون والتورط الاسرائيلي في
فضيحة الجاسوس بولارد لكن قائمة الفضائح الاسرائيلية لا تنتهي. بين هذه الفضائح ما هو مكتشف ومثبت بتفاصيله ومنها ما لا يزال مموهاً بنقص الأدلة رغم تاكيد المنطق السليم له. وفي مقدمة هذه الفضائح نعرض لفضيحة سفير إسرائيلي متورط في الجنس والتجسس. حيث كشفت صحيفة “ذي أستريليان” الأسترالية خفايا طرد السفير الإسرائيلي أمير لاطي من العاصمة الأسترالية كانبيرا قبل شهر قائلة إن طرده كان بسبب علاقاته المشبوهة بإحدى موظفات الأمن في السفارة الإسرائيلية، حيث إنه كان يسعى إلى تجنيد الموظفة الأسترالية لجهاز الموساد الإسرائيلي. ومن الفضائح الموسادية ننتقي:
فضيحـة فرانكلين:  لقد بذلت اسرائيل أقصى جهودها لإخماد نار فضيحة تورط الخبير في مكتب وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد المدعو لاري فرانكلين. مدافعة لانها تتلقى الوثائق السرية الاميركية بالطرق الرسمية بما يجنبها الحاجة لتوظيف فرانكلين او غيره. ثم انتقلت لاتهام رئيس السي اي ايه جورج تينيت بنصب كمين – مؤامرة – فرانكلين لاسرائيل بحيث يقوم البنتاغون بتسريب معلومات سرية الى لجنة العلاقات العامة الاميركية ـ الاسرائيلية (ايباك) عن تسلح ايران النووي وعن السياسة الاميركية في هذا الصدد, على أن تصل هذه المعلومات الى اسرائيل لتبادر الى ممارسة ضغوط على الادارة الاميركية لتوجيه ضربة الى المفاعل النووي في ايران. كما اشار محللون اسرائيليون الى فتور في العلاقات بين “سي آي اي” و”موساد” خلال السنة الأخيرة وخلافات سياسية بينهما على خلفية الصراع العربي ـ الاسرائيلي, اذ تعتبر أوساط في وكالة الاستخبارات الاميركية اسرائيل عاملاً يشوّش على تحسين العلاقات بين الولايات المتـــحدة والعرب, كما انها تؤثر سلباً على تحسين العلاقات بين واشنطن ودمشق. كما كتب ايتان هابر في افتتاحية “يديعوت احرونوت” ان التسريب عن نقل معلومات يحمل في طياته رسالة اميركية واضحة تقول ان اسرائيل باتت “مثيرة للأعصاب” ما يحتم عليها الانتباه والحذر الشديدين واصلاح ما أفسدته هذه القضية و”اللبيب ينبغي أن يفهم من الاشارة انه لا يمكن التشاجر مع أقوى دولة في العالم”.
فضيحة ساترفيلد:  فيما تتواصل تداعيات فضيحة فرانكلين كشفت صحيفة نيويورك تايمز في 19/8/2005 أن ديفد ساترفيلد السفير الاميركي السابق في لبنان ونائب السفير الأميركي في العراق حاليا متورط في الفضحية التي يحاكم فيها مسؤولون سابقون في إيباك ومحلل في وزارة الدفاع الأميركية. وتوصف القضية بأنها أكبر أزمة تجسس بين إسرائيل والولايات المتحدة منذ القبض على اليهودي الأميركي جوناثان بولارد عام 1985 والحكم بسجنه مدى الحياة في الولايات المتحدة.
ورد اسم ساترفيلد بالرمز في لائحة الاتهام الصادرة بحق المتهمين الثلاثة المدير السابق لشؤون السياسة الخارجية في إيباك ستيفن روزين، وموظف آخر يدعى كيث فايسمان ومحلل البنتاغون لورنس فرانكلين.
للمـــزيد.


الموســاد وتجنيد العملاء
تبدأ جهود التجنيد الاسرائيلية من اعلى المستويات السياسية حيث تمكنت من اقامة علاقات تعاون مع قائمة طويلة من القيادات السياسية في المنطقة. ولعل لبنان في طليعة البيئات الحاضنة للموساد ولعملائه. انظر:
الخيــــار الإســرائيلي في لبنـــان. حيث تورط العديد من رؤساء الجمهورية والبطاركة اللبنانيين ومعهم قائمة من السياسيين والعسكريين وذوي النفوذ بعلاقات متفاوتة المستويات مع جهاز الموساد. وهو ما اكدته موجة الكشف عن شبكات الموساد في لبنان لغاية العام 2012. لتهدأ الحملة على هذه الشبكات بسحر ساحر وهو ما يطرح اسئلة مريبة.
لقد ركز الموساد منذ البداية على الاقليات في المنطقة وهو وراء الحملة الاميركية في التسعينيات حول حقوق الاقليات في الوطن العربي التي خيضت بقادة مجتمع مصنعين اميركياً واسرائيلياً. حتى ان المسؤول عن الحملة سعد الدين ابراهيم كان زائراً يومياً للسفير الاسرائيلي في القاهرة.
 صحيح ان اسرائيل انطلقت من الاقليات اللبنانية ليس فقط بسبب تعددية لبنان وكثرة اقلياته وانما ايضاً للمتاخمة الحدودية وللاندفاعة المارونية خصوصاً باتجاه اسرائيل. الا ان الامور اختلفت في الدول الاخرى حيث كان اعتماد الموساد الاساسي على يهود المنطقة الباقون على يهوديتهم وأولئك الذين تظاهروا بتغيير دياناتهم وباتوا اقدر على اجتذاب عملاء من الطوائف الاقلوية التي انتقلوا اليها.
الأقليات العرقية في المنطقة كانت اسهل منالاً للموساد حيث العداء بين العرب والاسرائيليين لا ينسحب على باقي الاعراق المتواجدة في المنطقة. حتى ان اسرائيل اقامت علاقات دبلوماسية متقدمة مع العديد من هذه الدول ما إستتبع سهولة اختراق الموساد لاقلياتها العرقية القاطنة في الدول العربية. هكذا وبسهولة متناهية تمكن الموساد من تحقيق اختراقات واسعة لدى التركمان والاكراد والارمن وباقي العرقيات من حملة الجنسيات العربية.
هذا وإستفاد الموساد فائدة كبرى من حملات التبشير البروتستانتية في الدول العربية المنطلقة قبل اعلان تأسيس اسرائيل بعقود. حيث كان المتحولون البروتستانت من أوائل المتعاونين مع الموساد. وبخاصة منهم اولئك الذين هاجروا من بلادهم عقب تحولهم للبروتستانتية.وكان لهؤلاء مساهمة كبيرة في اختراق المغتربين العرب في المهاجر. كما يرى البعض رابطاً بين قبول التحول الديني وبين التحول الاجتماعي عبر الانضمام الى الماسونية ومتفرعاتها.
هكذا وانطلاقاً من فلسفة بن غوريون القائلة بالإعتماد على الأقليات غير العربية والأقليات الدينية غير الإسلامية أو الأقليات من الطوائف الإسلامية في الدول العربية الموجودة في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا!.. تركزت الجهود على الاكراد فكانت علاقات اسرائيل معهم على مستوى لقاءات بين زعمائهم وبين المسؤولين الاسرائيليين الكبار ليصبح قادة الاكراد متعاونين مع اسرائيل ومخابراتها. حيث نسجل إجتماع (شيمون بيريز) وزير الدفاع الاسرائيلي آنذاك مع أحد قيادات
بارزاني الأب والذي كان يعمل جاسوساً لصالح إسرائيل منذ الأشهر الأولى من قيام إسرائيل أي منذ عام 1948 ميلادية، وهو العميل (خمران علي بدرخان). وفي 1965، وفي آب من تلك السنة، نظم الموساد دورة تدريبية لمدة ثلاثة أشهر لمقاتلي (البيشمركه) ميليشيات البارزاني المسلحة والعميلة والتي كان جزءاً منها جلال طالباني كأحد القياديين عند بارزاني الأب حين ذاك، وأعقبتها دورات مشابهة لمجموعات أخرى من عملاء البارزاني.. وقد أطلق على الدورة الأولى الإسم الرمزي (مارفاد) أي السجادة…!. وتجددت التدريبات عقب هجوم داعش على العراق في حزيران 2014 حيث اعلن عن هذه التدريبات انظر: الموساد يدرب البشمركة في العراق. وكان رئيس الموساد مائير أميت قد اسس في العام 1961 دائرة متخصّصة للعملاء في كردستان العراق. هي مسألة متكررة دلى عرقيات عديدة في المنطقة وفق ذات السيناريو وان كانت المجاهرة بها اصعب من المجاهرة الكردية.
بالانتقال الى الزعماء العرب المتورطين مع الموساد نجد المؤرخ الاسرائيلي آفي شليم يذكر في كتابه “تواطؤ عبر نهر الاردن ـ الملك عبدالله والحركة الصهيونية وتقسيم فلسطين” وهو صادر عام (1988) وفيه حديث عن علاقة الملك الاردني عبد الله الاول بالصهيونية. وهو يستكمل وثائق هذه العلاقة ويتممها في كتابه اللاحق. وهي علاقة استمرت عبر خليفتيه الملك حسين والملك عبد الله الثاني. هذا بالاضافة للعلاقات المعلنة مع اسرائيل لكل من الرئيسين انور السادات وحسني مبارك. كما ان هنالك معلومات عن علاقات عديدة لقادة ومسؤولين عرب مع اسرائيل بهدف الحفاظ على سلطانهم. لكنها مسألة يصعب البت فيها ففي غياب الوثائق والمراجع الجدية لها. وهنا وقفة عند قدرة الموساد على تجنيد العملاء الفلسطينيين باستغلال بطالتهم وفقدهم لمقومات العيش في حده الادنى. انظـر:
العملاء الفلسطينيون
مؤخرا وتحت شعار الخوف من ايران ورفعها الى مرتبة عداء يفوق العداء الاسرائيلي للعرب بدأت العديد من الدول العربية ،الخليجية خاصة، بطلب مساعدة اسرائيل لحمايتها من ايران ولاقناع الاميركيين بضرب ايران واذرعتها العربية بحسب قولهم. وبات الطرفان يعقدان الاجتماعات المكثفة على اعلى المستويات.


التدخلات الجاسوسية الكبرى
ان القدرات الموسادية الهائلة المعروضة اعلاه لا بد لها من ان تجد ترجمتها العملية بما يتناسب وحجم هذه القدرات. وهي مسألة لم يقصر فيها الموساد الذي اكتسب شهرة اسطورية من العديد من عملياته التي يصعب تنفيذها حتى على اكبر اجهزة المخابرات العالمية. حيث يذخر سجل الموساد بالتدخلات المخابراتية الكبرى وببعض التدخلات الصغرى لكن شبه المستحيلة. فيما يلي قائمة ببعض النماذج عن هذه العمليات الموسادية:
تقرير شتاينيتز: منشور في 4 نيسان 2004 وهو يتعلق بـ تقويم دور المخابرات الإسرائيلية بعد إحتلال العراق. ففي نهاية آذار نشرت اللجنة الفرعية للمخابرات الخاصة بالشؤون الخارجية في الكنيست ولجنة الدفاع تقرير تحقيقها حول أداء الاستخبارات الإسرائيلية في ضوء الحرب على العراق. يحتوي التقرير على ثلاثة أقسام: يتعامل القسم الأول بنوعية المعلومات الاستخباراتية التي وردت عن أسلحة الدمار الشامل العراقية قبل وأثناء الحرب والقرارات التي تم اتخاذها على أساس هذه المعلومات. ويدقق القسم الثاني في مبدأ عمل وبنية مؤسسة الاستخبارات. ويشمل القسم الثالث توصيات اللجنة الفرعية التي تستند إلى معطيات القسمين الأول والثاني. وفي توصياتها التنفيذية تعاملت اللجنة مع القضايا الهامة، إن الدور المركزي للاستخبارات العسكرية في توسيع الصورة الإجمالية للاستخبارات السياسية-الاستراتيجية على أنها فريدة من نوعها بين البلدان الغربية الديمقراطية. وهنالك حاجة لتقييم المقترحات للتغييرات التنظيمية في ترتيب الاستخبارات الإسرائيلية. للاطلاع على التقـرير اضغط هنا.
– تهريب العلماء العرب الى اسرائيل او اغتيالهم. وقد اثير حديثا موضوع تهريب عالمة الذرة المصرية نُهى حشاد إلى إسرائيل.
إختراق دوائر القـرار العربية: ولعل عملية الجاسوس كوهين اخطر هذه العمليات. انظــر: ايلي كوهين – الجاسوس الذي كاد ان يصبح رئيسا لسوريا.
  – صفقة الجاسوس عزام عزام: انظر: صفقة عزام.. أولى إرهاصات ما بعد عرفات.
فضيحة ايران غيت: في نوفمبر 1986 أخذت وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية تذيع أن فئات إسرائيلية قامت ربما بمساعدة من الحكومة الإسرائيلية بدفع إدارة ريغن إلى تزويد آية الله الخميني بالأسلحة. وعندما قام المدّعي العام ادوين ميز بتأكيد الخبر في مؤتمره الصحفي المشهور بتاريخ 26 نوفمبر، نفى إسحاق شامير رئيس الوزراء الإسرائيلي بغضب أن تكون إسرائيل لعبت دور المحرّض والمشجّع في القضية. فما كان يخشاه المسؤولون الإسرائيليون هو أن يتخذ البيت الأبيض من إسرائيل كبش فداء في محاولة منه لشرح ما لا يُشرح للشعب الأميركي.  للمـزيد
دور اسرائيل في حوادث 11 ايلول: ماذا يمكن للأنباء الخافتة التي تتحدث بين حين وآخر عن اعتقال عناصر إسرائيلية في أمريكا أن تخفي وراءها؟ ولماذا يلف تفاصيل هذه الأنباء طوق من الغموض والبيانات المبهمة؟ وهل يترك الانسجام التقليدي بين واشنطن وتل أبيب حساسية من نوع خاص على هذه الأنباء؟ أم أنّ أننا بصدد “فضيحة جوناثان بولارد” جديدة ولكن بمقاييس تتلاءم ومنعطف الحادي عشر من سبتمبر؟. للمــــزيد ليتبين لاحقا ان رجل اعمال يهودي اشترى مركز التجارة العالمي وامن عليه بمبلغ اكبر من قيمته.
التجسس على المصارف الاسلامية: بدو أن المصارف الإسلامية التي تشكل جزءا من أعمدة الاقتصاد الإسلامي أصبحت ضمن نطاق الاستهداف الصهيوني، فقد جاءت تصريحات أحد الخبراء العرب مؤخرًا أن أجهزة أمن المعلومات التابعة لشركته قد كشفت النقاب عن عملية اختراق موسعة، قام بها مكتب المعلومات في الموساد الإسرائيلي لعدد من المصارف الإسلامية بحجة مراقبة الحوالات المالية الجارية في هذه البنوك. انظر:  الموساد يتجسس على المصارف الإسلامية .
عملية فردان أو عملية ينبوع الشباب كما سمتها إسرائيل، هي عملية عسكرية قامت بها قوات إسرائلية في ليلة 10 أبريل 1973 ضد أهداف وشخصيات فلسطينية في قلب بيروت. تمكن الإسرائليون من اغتيال ثلاثة قادة فلسطينيين، كمال عدوان، كمال ناصر وأبو يوسف النجار، كما قاموا بتفجير مقر الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. قُتِل اثنان من المهاجمين الإسرائيليين. نتج عن العملية استقالة رئيس الحكومة اللبنانية صائب سلام، وتدهور علاقات منظمة التحرير الفلسطينية بالسلطة اللبنانية.
عملية إنتيبي كان هدف المهمة إنقاذ رهائن وقد قامت بها قوات إسرائيلية في مطار إنتيبي بأوغندا في 4 من يوليو 1976. قبل ذلك بأسبوع، في 27 يونيو، تم خطف طائرة الخطوط الجوية الفرنسية مع 248 راكبا من جانب مجموعة من الفلسطينيين والألمان ومؤيديهم ونقلوا جوا إلى إنتيبي قرب كمبالا عاصمة أوغندا، بعد وقت قصير من الهبوط، وأطلق سراح جميع الركاب من غير اليهود. جرت العملية في الليل، حيث نقلت طائرات النقل الإسرائيلية أكثر من 100 من الكوماندوز مسافة 2500 ميلا (4000 كم) إلى أوغندا لعملية الإنقاذ. واستمرت العملية التي استغرق التخطيط في الأسبوع السابق، 90 دقيقة، وتم انقاذ 103 رهينة. الاصابات : اصيب من الكوماندوز 5 ومن الرهائن 3.

 

 الإغتيالات السياسية الاسرائيلية
قام الصهاينة بتأسيس عدد من الأجهزة والمنظمات والمجموعات المتخصصة في قتل واغتيال الفلسطينيين وبالأخص كوادر المقاومة وقيادتها. فيما يلي موجز عن أهم هذه المنظمات والوحدات التي برزت مؤخراً وقامت باغتيال المقاومين. للاطلاع على قائمة هذه المنظمات وشرح حولها اضغط هنــا.
   هذا ويحفل تاريخ “اسرائيل” منذ قيامها في العام 1948 بالمجازر وعمليات التصفية التي طاولت العديد من القيادات الدولية الفلسطينية والعربية كما طاولت علماء وباحثين ورجال اعمال. هذا الموضوع يسلط الضوء على عمليات التصفية التي قامت بها الاجهزة الاسرائيلية المختلفة. ولعل ابرز عمليات الاغتيال الاسرائيلية واولها عملية اغتيال الكونت فولك برنادوت.
اغتيال الكونت فولك برنادوت: لكونت فولك برنادوت (Folke Bernadotte) هو ديبلوماسي سويدي ترأس الصليب الأحمر السويدي. ولد في 2 يناير 1895 بستكهولم وقتل في 17 سبتمبر 1948 بالقدس. فولك هو من العائلة الملكية السويدية [1] ويعتبر الابن الأصغر لأوسكار الثاني الذي كان ملك السويد والنرويج.
قدم فولك برنادوت عدة اقتراحات من أجل عملية السلام العربي الاسرائيلي للأمم المتحدة في 27/6/1948. لكن اقتراحاته أثارت حفيظة الجانب اليهودي في تلك الفترة إذ عارض ضم بعض الأراضي الفلسطينية إلى الدولة اليهودية المقترحة في قرار التقسيم الذي صدر في 29 تشرين الثاني 1947 كما اقترح وضع حد للهجرة اليهودية ووضع القدس بأكملها تحت السيادة الفلسطينية فاتفقتا منظمتا أرغون التي يرأسها مناحيم بيغن وشتيرن برئاسة إسحق شامير على اغتياله وقام زتلر قائد وحدة القدس بالتخطيط للعملية، ونفذت عملية الاغتيال في 17 سبتمبر/ أيلول 1948 في القطاع الغربي لمدينة القدس، فمات عن عمر يناهز الـ 53 عاماً إثر تعرض سيارته لإطلاق نار من قبل ثلاثة أشخاص ومات على الفور.
عملية فردان التي جرت في بيروت ليل 10/4/1973 حيث تسللت الى العاصمة اللبنانية بيروت قوة كومندوس من الجيش الاسرائيلي واغتالت القادة الفلسطينيين كمال عدوان ومحمد يوسف النجار وكمال ناصر في بيوتهم.
اغتيال د يحيى المشد: وهو اسهم في تأسيس المفعل الذري العراقي، وكان متخصصا في بناء المفاعلات النووية. حيث جرى اغتياله في باريس بتاريخ 14/6/1980 اذ قتل في غرفته بالفندق بعد مباحثات اجراها مع لجنة الطاقة الذرية الفرنسية.
سلسلة اغتيالات قيادات حماس: نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، نوفمبر 2012، تقريراً تحت عنوان” القضاء على قادة حماس”، ويستعرض أهم عمليات الشاباك والجيش الإسرائيلي في اغتيال أبرز قيادات حركة حماس وجناحها المسلح كتائب القسام، منذ 17 عاماً بدءً من عملية اغتيال القائد السابق للقسام “يحيى عياش” ووصولاً لقائدها في قطاع غزة ونائب القائد العام للكتائب “أحمد الجعبري”.
وقالت الصحيفة أن منذ 17 عاماً وجهت إسرائيل ضربات لا بأس بها ضد قادة حماس من أبرزهم يحيى عياش وأحمد ياسين وآخرهم أحمد الجعبري الذي اغتيل أمس الأربعاء.
وذكرت أنه يوم الجمعة 5 كانون ثاني 1996، فجر جهاز الشاباك هاتف مفخخ كان بحوزة قائد كتائب القسام المهندس يحيى عياش، ما أدى لمقتله على الفور، مشيرةً إلى أنه كان مسؤولاً عن مقتل 50 إسرائيلياً في سلسلة هجمات تفجيرية وقعت داخل إسرائيل التي أنهت حياته بتفجير هاتف كان يستعد للاتصال منه. وفق تعبير الصحيفة.
وأضافت، وبعد ستة أعوام ونصف العام، ألقت إسرائيل قنبلة تزن طناً على منزلٍ كان بداخله القائد الجديد لكتائب القسام صلاح شحادة فقتله إلى جانب 14 فلسطينياً آخرين، وكان يُعتبر مقرب من زعيم الحركة أحمد ياسين ويحافظ باستمرار على اتصال بقيادة الحركة في الخارج وكان يقف خلف مئات الهجمات التي نفذت في السنوات التي سبقت اغتياله ومن بينها العملية التي قتل فيها 5 إسرائيليين من طلاب الكلية العسكرية في هجوم وقع في مارس 2002.
وتابعت، في مارس 2003 أقدمت إسرائيل مجدداً على اغتيال أحد أبرز قادة حماس، إبراهيم المقادمة، بعد أن أطلقت صواريخ على سيارته التي كان يستقلها واثنين من مرافقيه في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، معتبرةً إياه من أحد مؤسسي حماس والمنظرين للحركة وقد لعب دوراً أساسياً في تحديد “سياسات حماس الإرهابية ضد إسرائيل”، وتوجيه “صلاح شحادة” ونائبه السابق والقائد العام الحالي للقسام “محمد الضيف” الذي أصيب بجراح بالغة الخطورة في غارة إسرائيلية سابقاً.
وواصلت صحيفة يديعوت احرونوت، في تقريرها، وبعد خمسة شهور اغتالت إسرائيل مجدداً القيادي في حماس، إسماعيل أبو شنب، حينما كان يقود سيارته قرب الجامعة الإسلامية بمدينة غزة، ووصفته بأنه “معتدل نسبياً” لكنه دوماً كان يدعو لتنفيذ عمليات عسكرية وتفجيرية ضد إسرائيل وأنه له نشاطات وعلاقات بقيادات وكوادر حماس في الضفة الغربية.
ووصفت الصحيفة اغتيال الشيخ المقعد أحمد ياسين، بأنها من أبرز العمليات التي قضت على قيادي فلسطيني يعارض الحوار مع إسرائيل، مشيرةً إلى أن عملية اغتياله وقعت بعد خروجه من المسجد الذي كان ضالعاً في تأسيسه ويتبع للمجمع الإسلامي الذي كان من مؤسسيه، وذلك في مارس 2004، وأن اغتياله جاء بعد سلسلة من الهجمات التفجيرية التي نفذتها حماس في داخل إسرائيل.
وقالت الصحيفة أن الشيخ ياسين أسس حماس عام 1988 وفي عام 1991، حكم عليه بالسجن مدى الحياة و15 عاما، لكن تم الإفراج عنه عام 1997 في أعقاب محاولة اغتيال فاشلة لقائد المكتب السياسي الحالي لحماس، خالد مشعل، حيث طلبت الأردن تقديم ترياق العلاج لمشعل والإفراج عن ياسين مقابل تسليم إسرائيل أفراد الموساد الذين نفذوا الهجوم.
وأضافت، بعد شهر واحد فقط وفي ظل عمليات الاغتيال المستمرة ضد قادة حماس، اغتالت إسرائيل قائد الحركة الجديد، عبد العزيز الرنتيسي، بعدما هاجمت طائرات مروحية سيارته بعد صواريخ بمدينة غزة وذلك رداً على سلسلة عمليات نفذتها حماس ودعواته المتكررة لمهاجمة إسرائيل. انظر:
حماس بعد الرنتيسي
وتابعت، في عام 2004 قتلت إسرائيل في اكتوبر 2004، القائد في كتائب القسام “عدنان الغول” الذي قالت أنه كان القائد الفعلي للكتائب، وقتل إلى جانبه القيادي عماد عباس الذي كان مسؤولاً مع الغول عن سلسلة هجمات ضد إسرائيل وتطوير أسلحة وقذائف مضادة للدروع وصواريخ قسام.
وقالت الصحيفة أن الغول كان ناشطاً في حماس منذ عام 1992، وخضع للتدريب في سوريا ولبنان على اعداد الأسلحة والصواريخ وإعداد المسلحين، وقد عاد إلى قطاع غزة عام 1994، وشارك في تهريب أسلحة من مصر إلى غزة، وقتل قبل عامين من اغتياله، نجله محمد في غارة سابقة استهدفته “الأب”.
ولفتت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي شن خلال عام 2009 عملية الرصاص المصبوب ضد قطاع غزة واغتال اثنين من قيادات حماس، هما نزار ريان الذي قصفت إسرائيل منزله في شمال القطاع ما أدى لقتله وزوجاته الأربعة وسبعة من أبنائه وخمسة مدنيين، مشيرةً إلى أنه كان له اتصالات بين القيادة السياسية والعسكرية وأنه الأكثر “تطرفاً”، مشيرةً إلى أنه أرسل نجله لتنفيذ هجوم في أكتوبر عام 2001 ضد المستوطنين في مستوطنة ايلي سيناي وقتل خلاله ثلاثة إسرائيليين، فيما قالت أنه من منظمي الهجوم ضد ميناء أسدود عام 2004 وقتل خلاله عشرة إسرائيليين.
وتابعت، بعد أسبوعين اغتيل وزير الداخلية في حكومة حماس، سعيد صيام، الذي يعتبر من كبار المسئولين في حماس، وقتل في غارة استهدفت منزل شقيقه اياد بمدينة غزة، مشيرةً إلى دوره في تأسيس “القوة التنفيذية” التي كانت “محور الاحتكاك والنزاع الرئيسي بين السلطة الفلسطينية وحماس”؛ وفق قولها، والتي سيطرت فيما بعد على غزة في حزيران عام 2007.
للاطلاع على قائمة الاغتيارت الاسرائيلية انظــر: قائمة
الإغتيالات السياسية الاسرائيلية.

 

 خدعة التطبيع الإسرائيلية
 شائعة اسمها “التطبيع”
تعتمد نظرية الاستقراء التاريخي، لدى تطبيقها في مجال المستقبليات. على مبدأ الرهنية، الذي يقتضي اخذ متغيرات الراهن في الحسبان للوصول إلى توقع اكثر دقة حول الطريقة أو النمط الذي سيتكرر الحدث عبره. ولعل ابرز المتغيرات الراهنة هي أن اليهود لم يعودوا اقليات تحتجز نفسها في حارة اليهود (الغيتو) بحيث تتوزع مصالحها بحسب أجواء وظروف المجتمعات التي تقع فيها الحارة. فقد تجمعت هذه الاقليات في دولة دعيت “إسرائيل”. وبالتالي فان الراهن مختلف عن الماضي في نواح عديدة، أهمها أن يهود “إسرائيل” باتوا يملكون قوة عملية لمواجهة عقدة المذبحة. فتطور هذه العقدة وامراضيتها الخطرة جعلتا اليهود لا يكتفون بملكية لقوة، والمبالغة في أدواتها، بل تخطو ذلك إلى سلوك عدواني قهري يجعلهم عاجزين عن الشعور بالأمان ما لم يؤكدوا قدرتهم على الاعتداء على الآخر.
من هنا كانت القيادة “الإسرائيلية مجبرة على ارتكاب أخطاء استراتيجية عديدة تحت ضغط الجمهور المذعور الذي لا تكمن طمأنته إلا عبر إثبات القدرة “الإسرائيلية” على العدوان. حتى بات بالإمكان الحديث عن تطور عقدة المذابح إلى جنون الاضطهاد ونتوقف هنا للاستشهاد بأقوال مؤسس التحليل النفسي (وهو فرويد اليهودي) الداعمة لتشخيص جنون الاضطهاد والمؤكد بان هذا الجنون، مع ما يصاحبه من هذاء العظمة المرضي موجود في صلب الشخصية اليهودية. بما يجعل من المذابح اليهودية والاعتداءات “الإسرائيلية نتيجة لهذا الجنون وليس سببا له. إذ يقول فرويد في كتابه “موسى والتوحيد” والنص الحرفي ما يلي:
… انه لما يبعث على دهشة اكبر أيضا أن نرى الإله اليهودي (يختار) لنفسه على حين بغتة شعبا من الشعوب ليجعله “شعبنا المختار” ويعلن انه ألهه، وهذه واقعة غريبة في تاريخ الأديان الإنسانية…(ص61).
… لقد كانت الشروط السياسية تتنافى مع تحول الإله القومي (اليهودي) إلى اله كوني (لكل البشر) فمن أين تأتي لهذا الشعب الصغير البائس والعاجز صلف الادعاء بأنه الابن الحبيب للرب؟ … (ص 92).
… لقد كان لنسبة دين يهوه الجديد إلى الأباء الأوائل هدف انتحال هؤلاء الأباء الذين عاشوا في كنعان وارتبطت ذكراها ببعض الأمكنة في البلاد. ولعلهم كانوا أبطالا كنعانين أو آلهة محليين انتحلهم اليهود المهاجرون ليدمجوهم بتاريخهم القديم، بما يعادل إشهار ارتباط اليهود بالأرض (زورا) واتقاء للكراهية التي تلاحق المستعمرين. وبفضل هذه المناورة البارعة (أي الاحتيال التاريخي) ساد الادعاء القائل بان كل ما فعله يهوه هو انه أعاد إلى اليهود ما كان ذات يوم ملكا لأسلافهم!…(ص 63).
وهكذا فأننا إذ نقبل ربط جنون الاضطهاد (البارانويا) اليهودي بالمذابح اليهودية فإننا نقدم تنازلا لا يقبل به فرويد اليهودي، ومع ذلك نقبل هذا الربط حتى نتجنب ثقل الراهن الذي يجعل تهمة “معاداة اليهود” جاهزة لكل من يحاول رد الحوار مع اليهود إلى العقلانية(5). وبطبيعة الحال فأننا لا نخشى هذه التهمة إلا أننا نريد تجنب الجدل الجاهز الذي يحيد بأية مناقشة من هذا النوع عن العقلانية. مهما يكن فان تكرار دورة التاريخ اليهودي راهنا لا بد لها من أن تأخذ في حسبانها أن اليهودي لم يعد يقيم علاقته مع الآخر انطلاقا من الغيتو ومن موقع الانتماء لاقلية.(وهو يفرض عليه التنازلات ويجعله اقل تهورا واكثر تحسبا للمستقبل. وهي أمور تجعله اقل عدوانية ظاهرية وبالتالي فأنها تجعله اكثر ميلاد لاعتماد السلوك الاحتيالي). فاليهودي المعاصر يتعامل مع الآخر انطلاقا من انتمائه لدولة تحظى باعتراف المجتمع الدولي. وهذه الدولة جاهزة لاحتضانه متى يشاء لمجرد كونه يهوديا. بل أن هذه الدولة تعرض للملاحقة القانونية في أي بلد من بلدان العالمي. حتى لو كان هذا البلد هو الولايات المتحدة نفسها. وهكذا فان تحول اليهودي إلى “إسرائيلي (سواء حمل الهوية “ الإسرائيلية ” أم لا) جعله يطلق العنان لعدوانيته المكبوتة واصبح اقل ميلا لاعتماد السلوك الاحتيالي واستعاض عنه بالسلوك العدواني سواء على الصعيد الفردي او الجماعي. وهذه الجرعة الإضافية من العدوانية تجعل اليهودي عازفا ومتمنعا عن التنازل أمام الاغيار (الغوييم) لدرجة معاملتهم بصورة طبيعية (أي كأنداد). وهذا يعني أن ما اصطلح على تسميته بالتطبيع هو مجرد شائعة كاذبة لا سند لها سوى أحابيل الاحتيال “الإسرائيلي. فماذا عن النمط السلوكي الإسرائيلي؟


النمط السلوكي “الاسرائيلي”
وفي عودة إلى “التطبيع” نجد انه يمثل النمط السلوكي “ الإسرائيلي (بديل النمط اليهودي). وبمطابقته مع الراهن السياسي (تحول اليهود من مجموعة اقليات إلى دولة) نجد تبدلا في بعض تفاصيل مراحله، بحيث تصبح هذه المراحل كالتالي:
أ ـ المرحلة الأولى: تركز “إسرائيل محاولاتها لإغواء العرب بالدعوة إلى الجمع بين التكنولوجيا والعصرنة “الإسرائيلية وبين رؤوس أموال العرب الأغنياء وبين الأيدي العاملة الرخيصة للعرب الفقراء.
وفي هذه الصيغة تطرح “إسرائيل” اتحادا شرق أوسطيا (تختلف التسميات باختلاف السيناريوهات) بينها وبين العرب. وتؤكد بالإيحاء وبالطرق المباشرة على المكاسب التي سيجنيها العرب من مثل هذا الاتحاد. الذي يؤمن استثمارات مربحة للعرب الأغنياء وحياة اكثر رفاهية للعرب الفقراء. أما حصة “إسرائيل فأنها ستكون (بحسب هذا الطرح الاغوائي) اقل بما لا يقاس مع ما يدفعه العرب حاليا كثمن لاستيراد الخبرات التكنولوجية والتكنولوجيا من مصادر أخري!. بعض العرب وقع في هذا الأغراء لدرجة اقتنع معها بان “إسرائيل تقدم للعرب فرصة النهوض وهي فرصة غير قابلة للتعويض! بل ربما كانت الصيغة الاتحادية “الإسرائيلية هي الصيغة المنطقية الوحيدة لتحقيق تعاون عربي فعلي يتخطى التناقضات العربية الراهنة! ولا داعي للتذكير بان إمبراطورية الإعلام الأميركي (واليهودي منه خاصة) تدعم هذه الإيحاءات وتغذيها.
ولكننا نقف لنسأل: هل تعني هذه الصيغة اعترافا بالعرب كآخر؟ وبمعنى أدق هل “إسرائيل ويهودها مستعدون للتعامل مع العرب كبشر متساوين معهم في الحقوق والواجبات؟ فهذا الاستعداد شرط لا يمكن تجاوزه لاعتبار العلاقة طبيعية. وإسرائيل عاجزة عن تحقيق هذا الشرط لأنه يتناقض مع مبادئ الديانة اليهودية. فتطبيقه يعني التخلي عن أسطورة “شعب الله المختار”. ومن حقنا التأكيد على عجز أي زعيم أو حزب أو جماعة “إسرائيلية عن تنفيذ هذا الشرط. وذلك بشهادة التاريخ اليهودي وبدليل اغتيال رابين وهو على بعد عقود زمنية من الخضوع لمثل هذا الشرط.
وبهذا يتأكد لنا أن مصطلح “التطبيع” هو مجرد شائعة “إسرائيلية الصنع وأميركية التسويق. والواقع إن لهذا المصطلح مفهوما ما خلف لغوي (Meta Linguististique) وهو إقامة شراكة مصالح بين “الاسرائيليين” والعرب، وهي شراكة لا يمكنها أن تختلف عن مبادئ الشراكة في النمط السلوكي اليهودي المشروح أعلاه. ولكن ماذا عن المرحلة التالية؟ أو بمعنى اليهودي المشروح أعلاه. ولكن ماذا عن المرحلة التالية؟ أو بمعنى أخر ما هي التصورات “الإسرائيلية للمرحلة التالية لما تسميه بالتطبيع؟
ب ـ المرحلة الثانية: وتمثل دينامية التطور المستقبلية للشراكة العربية “الإسرائيلية. وفيها أن تفوق العرب من حيث الثروة والعدد يجعل “إسرائيل في وضعية الشريك الأضعف الذي يطالب بضمان حقوقه، حيث بدأت ملامح هذه المرحلة بإعلان “اسرائيل” الرسمي (عممته وسائل الإعلام العالمية) عن خوفها من التحول إلى مجرد سوبر ماركت عربي!. وعلى هذا الأساس فأنها تطالب بجملة ضمانات أهمها الإصرار الحفاظ على التفوق العسكري “الإسرائيلي والاستمرار في رفضها التوقيع على معاهدة الأسلحة النووية ونكرانها ملكية أسلحة الدمار الشامل. كما أن ادعاء الخوف هذا يتيح لـ”اسرائيل” أن تظهر مرونة (كاذبة) أثناء المفاوضات ثم تتراجع عنها تحت ضغط الرأي العام “الاسرائيلي” المذعور! وهكذا تتمكن “اسرائيل” من تحويل أية مفاوضات تخوضها إلى مجرد عملية احتيال قوامها إطلاق وعود خيالية لا تلتزم بتنفيذها ولكنها تلتزم بالاستفادة من التنازلات العربية التي تقدم مقابل تلك الوعود!
ومع ذلك نجد أن الولايات المتحدة تضغط على كافة الأطراف العربية، وتضعها تحت وطأة الحصار الاقتصادي متعدد الدرجات، للموافقة على الشروط “الإسرائيلية اللامعقولة، وبعض العرب استجاب لهذه الضغوطات فماذا كانت النتيجة؟
النتيجة كانت متابعة “إسرائيل لمراحل النمط السلوكي اليهودي. وهي متابعة سجلت في نطاقها الخطوات التالية:
1ـ مطالبة “إسرائيل بحقوق اليهود في الدول العربية مع تجاهل كلي للعدوانية المجرمة التي مارسها هؤلاء اليهود بحق مجتمعاتهم ولصالح الدولة اليهودية، وذلك بحجة أن الصراع العربي ـ “الاسرائيلي” يبرر هذه العدوانية!(6)
2ـ إعادة إحياء حارات اليهود في الدول العربية لاعادة تصدير بعضهم لخلق مواقع نفوذ “اسرائيلي” متقدمة داخل هذه الدول، وأيضا للخلاص من بعض اليهود الشرقيين المطالبين بحقوقهم.
3ـ محاولة “إسرائيل لعب دور الوسيط ـ الحكم في التناقضات والخلافات العربية ـ العربية وهذا ما أعلنه رابين صراحة عندما دعا إلى استبدال تسمية الجامعة العربية بالشرق أوسطية والى قبول “اسرائيل” عضوا فيها. ومن مراحل هذا الدور:
أ ـ الوساطة بين العرب الاغنياء واولئك الفقراء(7). عن طريق أغراء الأغنياء بتمهيد الطريق لهم لدخول نادي الدول الرأسمالية (يقوم اليمين “الاسرائيلي” بهذا الدور)، وذلك مقابل احتضان وتحريض العرب الفقراء (يقوم بها اليسار “الاسرائيلي”). وتوزيع الأدوار هذا يقدم الإجابة على الفرضية الساذجة القائلة بان السلام مع العرب يؤدي بإسرائيل إلى فقدان العدو بما يفتح أبواب الصراع اليهودي ـ اليهودي ويفجر تناقضات الداخل “الإسرائيلي.
ب ـ إقامة علاقات منفردة مع كل قطر عربي على حدة، وتقديم خدمات تواطؤية ـ تآمرية خاصة لكل قطر من هذه الأقطار وابتزازها كل على حدة. حيث لم تنتظر “إسرائيل نهاية المفاوضات لممارسة هذه السياسية الاستفرادية، بل هي أصرت على استفراد العرب أثناء المفاوضات. إذ رفضت الاستمرار فيها إلا بعد تحقيق هذا الاستفراد الذي تدفع ثمنه حاليا الجهات العربية التي تسابقت للحصول على جنة الشراكة مع “اسرائيل” فحصدت الأوهام والابتزاز(8).
ج ـ تفجير مشاكل الاقليات العربية وإدخالها في متاهات التجاذب مع الأقطار التي تنتمي إليها. بحيث تتحول هذه الاقليات إلى أوراق ضغط “إسرائيلية. وذلك بحيث تمنع “إسرائيل هذه الاقليات من التكامل في تجمعاتها (بتغذية نعراتها) وكذلك بعدم تقديم الدعم الكافي لها كي تصل لأهدافها او لحلول مقبولة مع سلطات بلادها. ولعل مراجعة بسيطة للمسألة الكردية من شانها أن تفضح أمامنا إمكانيات استغلال الاقليات والتضحية بها عند الضرورة بحيث تصبح عاجزة عن اعتناق المواطنية الكاملة وعن التمسك بخصوصيتها، وهذا ما يحول شعوب هذه الاقليات إلى لاجئين ومهاجرين عاجزين عن العيش في ظروف طبيعية في أرضهم.
وقد يتساءل سائل ماذا عن المرحلة الثالثة (أي نهاية العلاقات العربية ـ “الاسرائيلية”)؟. في رأينا الشخصي أننا لن نصل إلى هذه المرحلة لان شعوبا أخرى سوف تبلغ هذه المرحلة قبل العرب. وهذه الشعوب هي التي ستتولى حل المعضلة “الإسرائيلية. وحسبنا هنا التذكير بمثال الميليشيات الأميركية البيضاء، المسؤولة عن انفجار اوكلاهوما، التي فضحت وسائل الاستغلال اليهودي ـ “الاسرائيلي” للولايات المتحدة. وتدعو هذه الميليشيات للخلاص من اليهود وتنظيف البلاد منهم، بل أنها ترى في تساهل الحكومة الفيدرالية مع اليهود نوعا من الخيانة الذي يدفع بهذه الميليشيات إلى معارضة الحكومة بالقوة المسلحة(9).


التطبيع والمطبعين
إن حلم الزواج بين القدرات العربية والتكنولوجيا “الاسرائيلية” هو حلم الزواج بدراكولا او بالساحرة العجوز الشريرة (بعد ان سحرت نفسها فتنكرت بشكل فتاة جميلة). إلا أن من يستوعب النمط السلوكي اليهودي (ومن يملك القدرة على طرح السؤال عن سبب ذبح اليهود عبر التاريخ وأيضا من تعامل مع تجمعات يهودية يمكنه أن يكتشف خداع هذا الحلم وعدم مصداقيته.
أما الذين ينساقون وراء حلم التطبيع (ويقعون ضحية السيناريوهات المصنعة له)، ويحتاجون إلى الوقت الكافي لاكتشاف كونه كابوسا مزعجا. إلى هؤلاء نجد من الضروري أن نوجه لهم هذه التحذيرات:
1ـ لقد نجحنا في تعطيل مشروع “إسرائيل الحلم بالتحول إلى دولة اقتصادية كبرى ومؤثرة، وبالرغم من هزائمنا المتكررة فقد كسبنا معركة إبقاء “اسرائيل” دولة تعتمد على المساعدات. فهل نمكنها من تحقيق حلمها عن طريق التطبيع بحيث تحصل عبره على ما لم تستطع الحصول عليه عبر عدوانيتها وحروبها؟
2ـ أن الاتحاد الشرق أوسطي المطروح (كتكتل اقتصادي) يتخذ من الاتحاد الأوربي نموذجا له. فهلا لاحظ المطبعون أن هذا الاتحاد قد دفن في حلف الناتو (تعد تغييرات استراتيجية الحلف متناقضة تماما مع مبادئ الاتحاد، وكانت حرب كوسوفو المثال العملي ـ التجريبي السابق لإقرار هذه التغييرات). لذلك على المطبيعن أن يدركوا أن تكتلهم هو بدوره وهم من الأوهام.
3ـ تمتد “إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، أي في منطقة فقراء العرب. وهي منطقة الشامل التاريخي التي تم إفقارها بصورة اصطناعية ـ كاريكاتورية مضحكة باكية. إذ تكللت عمليات الإفقار هذه بالحصار الاقتصادي المفروض على دول هذه المنطقة. عداك عن الإحباط المعنوي الناجم عن الضغوطات الأميركية على سكان الشام لدفعهم قهرا لركوب قطار السلام الأميركي. وهي تعمل منذ فترة على تعميق التناقضات بين فقراء العرب وأغنيائهم. فهل يكون هذا الجهد “الإسرائيلي باتجاه إقناع العرب الواقعين خارج حدود “اسرائيل” الكبرى بالحياد وترك هذه الدول كي تلقى مصيرها؟
أن هذا الإيحاء “الإسرائيلي سيكون مكلفا لمن يقبله لان له ثمنا تاريخيا مكلفا وممتدا لاتصاله بمسؤولية القدس الشريف وهي مسألة لا يمكن للزمن سوى أن يزيدها تعقيدا(11).
4ـ أن “إسرائيل ترفض السلام رفضا قاطعا ونهائيا وجل ما يمكن قبولها به هو تسوية سلمية مؤقتة. وهذا الرفض هو من صميم الديانة اليهودية ومن أساسيات معتقداتها. وعليه فإذا تجاوز المطبعون مبدأ اعتبارهم اغيارا (واحتقارهم على هذا الأساس) فانهم لن يستطيعوا تجاوز احتمالات نقض “اسرائيل” للتسوية ومعاودتها العدوان. ويكفي أن يتصور المطبعون الثمن الذي يتوجب عليهم أن يدفعوه لو تمكنت “إسرائيل من الإفلات من السيطرة الأمريكية؟. عندها ستتحول من قاعدة استراتيجية ـ أمريكية إلى دولة ذات نفوذ وصاحبة مصالح. وليجرب المطبعون دعوة “إسرائيل لتوقيع معاهدة عدم اعتداء لحمايتهم في حال نجاتهم من غول التطبيع “الاسرائيلي”.
على شعوب هذه المنطقة أن تدرك عجز اليهودي عن الاعتراف بالآخر ورفضه العيش بسلام معه، ناهيك عن إقامة علاقات إنسانية (طبيعية) معه، وهذا العجز مرده إلى تعاليم الديانة اليهودية. ولك ما عدا ذلك أوهام.
بعد ما عرضناه أعلاه حول خدعة التطبيع “الاسرائيلية” من الوجهة السيكولوجية لا بد لنا من إعطاء بعض أل أمثلة على الأسلوب “الاسرائيلي” المتبع لتمرير هذه الخدعة. وهذا العرض وان كان عاجزا عن الإحاطة بكافة جوانب أسلوب الخداع التطبيعي فحسبه انه ينير بعضا من جوانبه.
أول هذه الجوانب هو العمل على إعادة تصدير اليهود العرب مع المطالبة بتعويضات باسم من يرفض منهم هذه العودة. وكنا قد حذرنا من هذه الخدعة في كتابنا “سيكولوجية السياسة العربية”. فاليهود الأوروبيون (الاشكيناز) لم يستوردوا اليهود العرب ليشاركوهم في “اسرائيل”. بل استوردوهم بصفتهم يد عاملة رخيصة وآمنة. لكن تنامي نفوذهم مع الوقت جعل منهم عبئا على “اسرائيل”. ونظرا للثقة في عدائهم للعرب فان “إسرائيل تجد في إعادة تصديرهم إلى البلدان العربية والشرقية التي قدموا منها حلا مقبولا لازمة الهوية الضاغطة على الدولة العبرية. من جهتنا فأننا لا نشك لحدة بان عودة هؤلاء هي استئناف لدورهم المخرب الذي لعبوه ضد العرب وخدمة للصهيونية قبل قيام “إسرائيل. مما يتطلب منا مراجعة تفاصيل هذا التخريب وأساليبه. وأيضا ضرورة توثيقه لمواجهة مطالب التعويضات “الإسرائيلية.
في المقابل نجد رؤية مخالفة لدى بعض المثقفين العرب ممن يرون بان نفاد الخزان البشري اليهودي يجعل “اسرائيل” حساسة أمام أية هجرة إلى خارجها مهما كان أصول المهاجرين. إلا أننا نصر على معارضة هذه النظرة مع التنبيه إلى أن خطر الهجرة الحقيقي هو الهجرة باتجاه الولايات المتحدة وليس باتجاه الدول العربية.
أما ثانية الخدع التطبيعية التي نعرض لها فتمكن في تزوير الدراسات الاجتماعية التي نعطي عليها مثالا دراسة أجرتها صحيفة “يديعوت احرونوت” التي وجدت اتفاقا على النفور من المستوطنين بين التلامذة العرب واليهود. وكأن هذا الاتفاق هو البرهان على التكامل والانصهار في البوتقة “الإسرائيلية!. وهذه مجرد مثال على المخالفات الصريحة للمنطق التي ترتكبها “إسرائيل لتمرير خداعها.
أما ثالثة الأثافي فهي الشروط المبطنة التي تطرحها “إسرائيل تحت شعار تعويض قصورها الاقتصادي كونها تعتمد على المعونات. وهي تجد تعويض ذلك في الحصول على إذن خاص وغض نظر أميركي ودولي يسمح لها بالقرصنة. حيث نستشهد بكتاب من تأليف مسؤول سابق في الموساد “جواسيس جدعون” يبين فيه المؤلف مظاهر القرصنة “الاسرائيلية”.
ونأتي إلى الحيلة الرابعة وهي عمل “إسرائيل على استغلال الاقليات. وهو استغلال مدعوم بقانون الاقليات الأميركي وبالحملات الأميركية الشرسة لتحريك الاقليات. والغريب أن الأقلية الكردية التي كانت من أوائل ضحايا المطالبة بحقوق الاقليات لم تستوعب لغاية الآن الأضرار اللاحقة بها من جراء هذه اللعبة الأميركية! فكيف لنا أن نطلب من الاقليات الأخرى وعي هذا الفخ والانتباه إلى عواقبه الوخيمة. حيث توجت الولايات المتحدة دعمها للأكراد بتسليمها لاوجلان إلى الحكومة التركية!. وذلك بعد نجاحها في تفجير التناقضات الكردية. والتأسيس لحرب أهلية كردية تنتظر الأوامر الأميركية كي تندلع. وكانت حصة “اسرائيل” من هذه الصفقة بعض اليهود الأكراد الذين تخلوا عن قوميتهم مقابل يهوديتهم. دون أن يثير هذا التخلي انتباه بقية الأكراد إلى تفاصيل اللعبة التي يدفعون ثمنها من أرواحهم.
ولقد اخترنا من محاولات اختراق الاقليات من قبل “إسرائيل تلك التي تهدف لاستقطاب الشواذ إلى “إسرائيل بوصفها الدولة الأكثر تسامحا معهم. وهكذا نجد أن “اسرائيل” اختارت أن تبدأ اختراقها للمجتمع العربي عبر الفئات المرشحة لعدائه. وهي فئة الشواذ وفئة المدمنين على المخدرات. إذ بدأت بزراعتها في الكيبوتزات ودخلت شريكا في تجارتها الشرق أوسطية.
في ما يلي نعرض لهذه المحاولات الاختراقية عبر الفقرات التالية:
1ـ التطبيع يبدأ بإعادة تصدير اليهود العرب.
2ـ “يديعوت احرونوت” ومخطط التطبيع.
3ـ التطبيع بـ “البانجو”.
4ـ هل تصبح “إسرائيل مكانا لتجمع الشواذ؟.
التطبيع يبدأ بإعادة تصدير اليهود العرب
خبر وارد من صنعاء لا يمكنه أن يكون عابرا ونورده بالصيغة المختصرة وبالنص الذي أوردته فيه جريدة “الاتحاد الظبيانية” في عددها الصادر يوم السبت في 16/9/2000 يقول الخبر: وصلت اسرة يهودية مكونة من خمسة أفراد إلى عدن بعد غياب عنها استمر لمدة 33 سنة ولتستقر في ما كان يسمى “حارة اليهود” في منطقة “كريتر” والتي اضطروا إلى مغادرتها بعد استقلال ما يعرف باليمن الجنوبي العام 1967.
وأوضحت مصادر صحفية بان الأسرة اليهودية التي تربطها قرابة بتاجر يهودي يعمل في تجارة القات ببريطانيا تتفاوض لشراء أحد الفنادق في عدن وقد كلفت أحد المحامين للتفاوض مع ملاك الفندق. إضافة إلى نيتها شراء عقارات واراضي. وقالت الأسرة أنها أجرت اتصالات واسعة مع مسؤولين حكوميين وبعض أصحاب الشركات التجارية للترويج لبضائع “إسرائيلية في اليمن، (انتهى الخبر) وكانت “الاتحاد” قد نشرت هذا الخبر تحت عنوان “أسرة يهودية تعود إلى اليمن لشراء عقارات”.
وتجيء هذه الزيارة كترجمة عملية لحملة “إسرائيلية مدروسة ظهرت إلى العلن في العام 2000، بصورة مكثفة حيث تناقلت أوساط أوروبية معنية بمسار العملية السلمية في الشرق الأوسط أخبارا، تسربت منذ بداية أيلول (سبتمبر) 2000، عن حملة تعبوية دولية شنتها قبل أسابيع جهات سياسية “إسرائيلية بالتنسيق مع جمعيات يهودية عالمية نافذة. وتتمحور الحملة حول موضوع اليهود العرب الذين غادروا البلاد العربية بدءا من العام 1948، وتتضمن الحملة عرض لوائح مفصلة بأسماء وأعداد هؤلاء اليهود وأملاكهم في كل دولة عربية. وتقول الجهات الأوروبية أن هذه الحملة “الإسرائيلية تختلف عن سابقاتها الاستعراضية من حيث تقديمها للتفصيلات ولتقديرات التعويضات بالأرقام. بحيث تقدر الجهات “الإسرائيلية هذه التعويضات في حدود العشرة مليارات دولار. ولفتت هذه الجهات الأوروبية إلى محاولة “إسرائيل طرح هذه الموضوعات بموازاة مطلب العودة الفلسطيني وتعويضاته، وصولا إلى الإصرار على إعادة اليهود العرب إلى الدول التي أتوا منها!
وهكذا تطرح هذه الأوساط الموقف “الإسرائيلي على انه مساومة تكتيكية للتوظيف في المفاوضات. لكن الأمر يبدو مختلفا من الناحية المادية، فقد تبلغت العواصم الأوروبية المرشحة للإسهام في تعويض الفلسطينيين بأنها مدعوة أيضا لتعويض اليهود العرب ودعم توطينهم في “إسرائيل.
ومرة أخرى نشكو قصورنا الإعلامي وضيق ذات يدنا المعلوماتية، لان توضيح الموقف الابتزازي “الإسرائيلي يحتاج إلى إيصال الحقائق الآتية إلى الرأي العام العالمي:
1ـ أن ما تمارسه “إسرائيل من إثارة للقلائل وللاشكالات القانونية في ما يتعلق بما تدعيه “أملاك اليهود في مصر” يصل إلى حدود التدخل في الشؤون الداخلية المصرية، وهو وضع سوف يعم ليشمل عموم الدول العربية.
2ـ أن إصرار “إسرائيل على لعب دور محامي مصالح اليهود في العالم يشدد على يهوديتها وعلى عنصريتها وينزع عنها قناع الديمقراطية الليبرالية الذي تصر على ارتدائه بعد أن تعرض للتمزق والهتك.
3ـ القصور العربي في إبراز الدور المعادي للمجتمع وللقانون الذي لعبه اليهود العرب قبل مغادرتهم للدول العربية، مستغلين أجواء التسامح التي عاشوا فيها طوال قرون.
4ـ قصور الدراسات المقارنة بين ما فعله اليهود العرب قبل هجرتهم إلى “إسرائيل وبين ما يتعرض له العرب الموجودون تحت سلطة “إسرائيل لارتكابهم مخالفات لا تذكر بالمقارنة مع تخريب اليهود العرب قبل هجرتهم. فقد مارس هؤلاء التجسس والإرهاب والنصب والاحتيال والعمليات الجرمية السياسية.
5ـ على الدول العربية أن تستجيب للتهديد اليهودي بإعادة تصدير اليهود العرب إليها بتجهيز ملفاتهم الجرمية تمهيدا لمحاكمات عادلة لهم في حال عودتهم، وتجنب مأزق مرور المدة على الجرم الاحتيال مثلا وبقاء الحق بالمطالبة بالأملاك!
6ـ مما تقدم نسأل عما إذا كانت هذه العائلة اليهودية اليمنية قد خالفت التعاليم اليهودية فتركت حارة اليهود في عدن العام 1967 دون الأضرار بالناس وبالمجتمع، والفترة الماضية ليست بعيدة ويمكن تحري طريقة الضرر الذي اعتمدته هذه العائلة قبل هجرتها.
7ـ أن عودة هذه العائلة ومحاولتها التأسيس لعمل يبرر أقامتها في دولة عربية. هي عودة ذات مغزى رمزي، فالمبدأ اليهودي هو “تسجيل السوابق” و “امتحان المستحيلات”، خصوصا أن “إسرائيل تريد بصدق وبأمانة غير معهودة فيها التخلص من اليهود العرب وإعادة تصديرهم من حيث أتوا.
8 ـ واحدة من النكات “الإسرائيلية الشائعة أن أحدهم سأل إسرائيليا: قل لي بحق لماذا تكرهون العرب إلى هذا الحد؟ فأجاب “الإسرائيلي لانهم يشبهون اليهود العرب! ولكن الدراسات الديموغرافية ـ السياسية “الإسرائيلية تشير إلى أن الأحزاب اليهودية المتشددة والأكثر عداء للعرب هي أحزاب اليهود العرب والشرقيين أجمالا، وهذا يعني استحالة المراهنة على أي إمكانية تخلي هؤلاء من عدائهم المتطرف للعرب ولمجتمعاتهم.
9ـ أن نظرة اليهود للاغيار، وللعرب خصوصا، بجعلهم يتحررون من أية قيود إنسانية وأخلاقية تجاه الاغيار، وعليه فان لهم أن يستبيحوا هؤلاء الاغيار وخصوصا عندما يكونون عربا! وعليه يصبح من الطبيعي أن تكون لعودتهم أهداف تتمحور حول تخريب هذه المجتمعات والإضرار بها على مختلف المستويات والصعد الممكنة.
10ـ لقد اظهر وزير العدل “الإسرائيلي “يوسي بيلين” نوبة من الهلع المرضي وهو يعلن نهاية الخزان البشري اليهودي، بحيث لم يعد هناك يهود متوافرون للاستيراد “الإسرائيلي. لذلك تساهلوا في استقدام مليون مهاجر روسي (65% منهم غير يهود) وكذلك يهود الفالاشا مع ذلك لم يعد هناك يهود للاستيراد، فهل تكون هذه العائلة اليهودية باحثة عن اليمنيين ذوي الأصول اليهودية من اجل تصديرهم إلى “إسرائيل؟!.
11ـ النقطة السابقة تبدو مناقضة لتوجه إعادة تصدير اليهود العرب، ولكنه تناقض ظاهري فقط. فاليهود الاشكيناز وحدهم يستحقون العيش والتمتع بالرفه الاقتصادي “الإسرائيلي. أما الفالاشا والسفارديم والروس وغيرهم فان لهم دورا وظيفيا ـ ديموغرفيا هو مواجهة الازدياد السكاني الفلسطيني. فإذا ما اصبحوا مواطنين “إسرائيليين موازين للزيادة العربية السكانية فبإمكانهم العودة من حيث أتوا. وان كان بقاؤهم يشكل دعما ديموغرفيا اعمق للحضور اليهودي. وصحيح أن هنالك ستة ملايين يهودي يحملون الجنسية “الإسرائيلية ولكن لا أحد يعرف تحديدا كم نسبة الذين يعيشون في “إسرائيل فعليا من بين هؤلاء؟ ونرجو أن لا ينساق القارئ وراء فكرة مشككة قوامها أن اليهود العرب لا يعاملون جيدا في “إسرائيل. وعليه فلا داعي لتحويل محاولة أسرة يهودية العودة إلى اليمن إلى قضية! وللإجابة عن هذا التشكيك نقول بان الأمر لا يتعلق بحالة فردية منفصلة، فقد اجتمع زعيم يهود سوريا بالرئيس السوري في 13/9/2000 وطلب منه الإذن بان يعود اليهود السوريون للاستمثار في سوريا، وهذا الطلب يعني أن إعادة تصدير اليهود العرب هي خطة مبرمجة ومدروسة على نطاق واسع.


نسج واختلاق تاريخ مصطنع لليهود العرب
كنا قد آثرنا هذا الموضع في كتابنا “سيكولوجية السياسة العربية ـ العرب والمستقبلية” (ص 165-171). كما في مقالة منشورة في جريدة “الكفاح العربي” بتاريخ 22/5/1998 ودعونا في حينه للاستعداد لهذه الهجرة المضادة ومواجهتها بالدراسات والمعطيات العلمية التي تتصدى للادعاءات “الاسرائيلية” المحتملة. وأيضا لمحاولات “إسرائيل نسج واختلاق تاريخ مصطنع لليهود العرب،     ختصر دعوتنا السابقة بالنقاط الاتية:
1ـ إذا كان اليهودي العربي يفكر بالعودة إلى بلده العربي فان عليه أن لا يوكل “إسرائيل كمحامي دفاع عن حقوقه. وهو لن يعود في حال تخليه عن هذا المحامي لأنه يدرك مدى الإساءة التي وجهها إلى مواطنيه ووطنه خدمة لـ”اسرائيل”. أما أن يحاول العودة تحت ضغط الوحش الإعلامي “الإسرائيلي وأنيابه الحادة فان هذا العودة لن تكون في مصلحته. فما يجري لا يتعدى كونه مجرد تسويات سلمية وليس سلما حقيقيا، حتى أن بعض قادة الرأي في “إسرائيل يؤكدون هاجسا مفاده أن السلام يعني نهاية “اسرائيل”.
2ـ عند التصدي لأي محاولة استقراء تاريخية يجب أولا العودة إلى الزمن التاريخي للحدث. فانسياق وراء قراءة هذا الحدث بمعزل عن زمنه التاريخي يؤدي إلى فهم مشوه للحدث وللحقيقة.
3ـ فهرسة الدراسات العربية المتعلقة بتاريخ اليهود في المنطقة ومراجعة مدى احترامها للزمن التاريخي ومستوى موضوعيتها. وكذلك تحري إمكانات التوظيف والاختراق “الإسرائيليين لهذه الدراسات.
4ـ إقامة مشروع بحثي على مستوى الجامعات العربية تشارك فيه أقسام التاريخ واللغات الشرقية والاجتماع. يبدأ بتصوير المخطوطات وتحقيقها ودراستها وفهرستها، مع محاولة تطبيق ذلك على المخطوطات المتسربة إلى البلاد الأجنبية حول الموضوع. حيث لا يجوز ترك هذه المخطوطات تحت رحمة التأويل “الإسرائيلي للتاريخ.
5ـ ضرورة أجراء الدراسات لسد الثغرات التاريخية وتحديدا خلال العهد العثماني، ثم خلال بداية القرن وبعد قيام “اسرائيل”. وهذا الفترة الأخيرة هي الأكثر إهمالا من قبلنا والأكثر توظيفا من قبل “إسرائيل.
6ـ ضرورة توثيق عداء اليهود العرب لمجتمعاتهم بعد قيام “إسرائيل وتصوير هذا العداء بصور أدبية وفنية تساعد على نشر الوعي العام بهذا السلوك المعادي للمجتمع. بما يشكل وقاية للمجهور من الوقوع مرة أخرى ضحية لهذا السلوك.
7ـ العمل على التصدي لمحاولات اقتطاع الحلقات اليهودية من التراث العربي. والتشديد على أن اليهود العرب كانوا جزءا من الأمة. وكانت بلادنا ملاذا لم من الاضطهاد الأوروبي كما انهم لم يتعرضوا في أية دولة عربية للتمييز العنصري الذي يتعرضون له راهنا في داخل “اسرائيل”.
في 22/5/98 عندما نشرنا المقالة في “الكفاح العربي” كنا نرى أن هذه الخطوات كفيلة بتلقيح جمهورنا ضد محاولات إعادة التصدير “الإسرائيلية. أما اليوم وقد بدأ التمهيد الفعلي لهذه العملية فأننا نرى أن التذكير بهذه الخطوات (التي لم يعمل بأي منها لغاية الآن) غير كاف. من هنا دعوتنا إلى جمعيات ومنظمات مناهضة التطبيع لتبني هذه النقاط وملحقاتها وتحديد خطواتها العملية، ليكون هذا الموضوع واحدا من المشروعات المنظمة لمواجهة أخطار السلوك “الإسرائيلي المستقبلي. مع الإشارة إلى معارضتنا لمصطلح “التطبيع” نفسه. فاليهود لا يفكرون أصلا بالمساواة الطبيعية مع الاغيار (خصوصا مع أبناء إسماعيل العرب) وبالتالي فانهم لا يريدون التطبيع ولا يفكرون به. عداك عن أن العلاقة بين العرب وبين اليهود غير العرب لم تكن يوما قائمة إلا عبر قفازات الاستعمار بالتالي فأنها لم تكن طبيعية يوما ما.
ونظرا لانعدام فاعلية دعوتنا السابقة (الكتاب ومقالة “الكفاح العربي”) وعدم استثارتها لانتباه أحد فأننا نحاول أن نطرح اقتراحا اسهل واكثر قابلية للتنفيذ. وهو كناية عن كتابة قصص قصيرة من ذكريات المعاصرين للأذى اليهودي ـ العربي ـ بعد قيام “إسرائيل. على هذه القصص تستطيع حمل تجربة ذلك الجيل إلى أجيالنا العربية المعاصرة وتجنبها الوقوع في ذات الأخطاء السابقة. فليستكتب مناهضوا التطبيع العرب هذه القصص وليخصصوا لها الجوائز ولينشروها. فقد يكون لنشرها فاعلية اجرائية غير متوقعة.


ـ “يديعوت احرونوت” ومخطط التطبيع
تحولت الإحصاءات إلى منافس خطر للمنطق. ولما كان يسمى حتى الأمس القريب بالحس السليم. ومع سقوط المحاكمة المنطقية للنتائج، مع سقوط الايديولوجيات، بات بالامكان فبركة نتائج احصائية حسب اهواء ومصالح المستفيدين. وهنا تتحول ثورة الاتصالات إلى كارثة، فهي تعرض الناس العاديين إلى فيضانات إحصائية ومعلوماتية متضاربة لدرجة التناقض الكلي. الأمر الذي يسبب ارتباك هؤلاء الناس وعجزهم عن الإفادة من ثورات الاتصالات الإحصائيات والمعلومات وغيرها من الثورات!. مثال ذلك التناقض بين إحصائيات الأمم المتحدة والبنك الدولي حول فوائد العولمة للدول النامية. فقد نشرت هيئة الأمم المتحدة تقريرا بخسائر الدول النامية من العولمة ووجدت أنها بلغت 500 مليار دولار حيث باتت الشركات العملاقة تسيطر على 50% من الاقتصاد العالمي. وذلك أدي إلى استئثار 8 دول بنسبة 66% من التجارة العالمية بينما يلغت حصة 20% من سكان العالم 1.1% فقط من هذه التجارة. وهذا يعني أن الشركات العملاقة في طريقها لالتهام اقتصاديات الدول النامية وهذا ما يحصل فعلا اليوم. وفي الفترة عينها، نشر البنك الدولي إحصاءات تشير إلى أن اقتصاديات الدول النامية قد حققت فائدة قصوى من العولمة (انظر كتابنا سيكولوجية السياسة العربية ص 118-124).
وليس الغرض من هذه المقدمة الحديث عن تظاهرات سياتل ودافوس ومالبورن المعادية للعولمة ولا عن قمم اتحاد الدول الخمس عشرة المتضررة من العولمة. ولا الغرض تكرار عرض فكرة “الرياضيات مثلث الشواذ”، المعروضة في كتابنا الانف الذكر، بل الغرض هو عرض أسلوب “اسرائيلي” جديد لتوظيف صهيوني للثقافة الحديثة. فـ”اسرائيل” لا تكتفي بتفوقها في مجال الإعلام التقليدي وهو التفوق الذي يتابع خنق الحقوق العربية حتى تكاد تسلم الروح والقدس معا. والمثال الاحدث على هذا التوظيف “الاسرائيلي” كناية عن دراسة استطلاعية أجرتها جريدة “يديعوت احرنوت”.


دراسة استطلاعية “اسرائيلية”
أجرى هذه الدراسة باحثون يعملون لمصلحة صحيفة “يديعوت احرونوت” “الاسرائيلية”. الذين اعتمدوا عينات (عرب 48 واسرائيليين يهودا) من جامعتي “تل ابيب”و بيرزيت”. وبلغ عدد المشاركين في الاستطلاع 6800 طالب ونشرت الجريدة نتائج الاستطلاع على الأسئلة الآتية:
1ـ هل تكره مستوطني الضفة الغربية اليهود؟ 5% أجابوا “نعم”.
2ـ هل تكره العرب؟ 47 % أجابوا “نعم”.
3ـ هل تكره نتنياهو؟ 47 أجابوا “نعم”.
4ـ هل تكره باراك؟ 27% أجابوا “نعم”.
5ـ هل تكره بيريز ؟ 24% أجابوا “نعم”.
6ـ هل تكره حركة السلام؟ 35% أجابوا “نعم”.
7ـ هل تكره حزب العمل؟ 24% أجابوا “نعم”.
8ـ هل تكره حزب الليكود؟ 35% أجابوا “نعم”.
وخلصت الدراسة إلى أن الشباب “الاسرائيلي” يكره المستوطنين اليهود في الضفة الغربية (باعتبار أن عرب 48 يحملون الجنسية “الاسرائيلية”) ولكن ماذا عن مصداقية هذه الدراسة، وشبيهاتها، طالما أن الحكومة “الاسرائيلية” توظف أموال المساعدات الأميركية لبناء المستوطنات التي تابعها باراك متفوقا على سابقه نتنياهو؟
ولعلنا ندخل في عبثية لا طائل تحتها إن استمرينا في طرح مثل هذه الأسئلة! فاختيار العينة ينطوي على مخالفات صريحة للمنطق. وهي مخالفات تبلغ حدود الاستهتار بالمنطق وبالعلم وبكافة القراء ومستقبلي المعلومات. فهل يعقل ان نسأل عربيا عما إذا كان يكره العرب؟ وهل يعقل أن يحب عربي المستوطنين اليهود في الضفة الغربية؟ وبذلك يمكننا الاستنتاج من نتائج هذا الاستطلاع ان 50% من العينة كانت عربية والنصف الاخر يهوديا فماذا عن التفصيلات؟
ـ الطلاب الاشكينازيون
يشير الاستطلاع إلى نتائجهم الآتية:
56% منهم يكرهون المستوطنين.
50% منهم يكرهون المتدينين اليهود المتزمتين.
38% منهم يكرهون العرب.
ـ الطلاب السفارديون (اليهود الشرقيون)
ويشير الاستطلاع إلى نتائجهم الآتية:
36% منهم يكرهون العرب ثم يأتي كرهم لبقية الموضوعات بعد كرهم للعرب.
ـ الطلاب العرب
وأشارت نتائجهم إلى:
85% منهم يكرهون اليهود المتشددين.
73% منهم يكرهون المستوطنين.
مراجعة إحصائية
أن التنافر الواضح في أجوبة طوائف العينة يشير إلى فقدانها للشروط الضابطة للعينات، ما يلغي أي احتمال لاستخراج نتائج موضوعية من هذه الدراسة. وهي بالتالي تتحول إلى العبثية وتطرح الأسئلة عن المنطق لها؟ بحيث لا يبقى سوى المنطق الاستخباراتي الذي يسخر مثل هذه الدراسات للحصول على معلومات إضافية او لتأكيد معلومات أخرى.
ولقد عقبت الدكتورة دالاي مور، المشرفة على هذا البحث، بالقول بان النتائج تشير إلي وجود هوة اجتماعية بين يهود “اسرائيل” وبينهم وبين المستوطنين الذين ينظر “الاسرائيلي” إليهم على انهم يبتزون الدولة ويعرقلون سياساتها. والمقارنة الإحصائية بين أجوبة الاشكيناز والسفارديم إنما تشير الى تحويل المنافسة بينهم إلى نوع من الشيزوفرانيا الثقافية المؤدية الى تفكك الهوية وضياع مفهوم الانتماء.
فالسفارديون الذين يشكلون ما يقرب من نصف سكان “اسرائيل”، والميالون بغالبيتهم إلى التشدد الديني، مكروهون من قبل 50% من الاشكيناز و 85% من العرب. والعكس بالعكس تتبادل الطوائف حاملة الجنسية “الاسرائيلية” الكراهية. بما يشكل حرب طوائف غير معلنة وأطرافها:
1ـ الاشكيناز (اليهود الغربيون ـ معظمهم علمانيون).
2ـ السفارديم (اليهود الشرقيون ـ معظمهم متشددون).
3ـ اليهود الروس (مليون شخص 65% منهم غير يهود).
4ـ العرب (اقلية تعيش كل أنواع التمييز).
5ـ المستوطنون (اقلية ذات ميول إرهابية ـ معادية للمجتمع).
التوظيف الاستخباراتي للدراسة
لا شك في أن الموساد يجني فائدة مهمة من اطلاعه على أسلوب تفكير حوالي الثلاثة آلاف شاب عربي من طلاب جامعة “بيرزيت”. وخصوصا لجهة استعدادهم لمعاودة رشق بدلاء “جوسبان” بالحجارة.
كما لا يخفى أن هذه الدراسة تحاول إيجاد نقاط مشتركة بين العرب والاسرائيليين عن طريق طرحها موضوع المستوطنين. وذلك بغض النظر عن دوافع الكراهية فهم. فصحيح أن العرب يكرهون المستوطنين لاحتلالهم أراضى يمكن أعادتها عربية وان اليهود يكرهونهم لاسباب مخالفة كونهم يبتزون الدولة ويعوقون سياساتها. إلا أن الطرفان يلتقيان على كره المستوطنين. بما يجعل من الممكن طرح هذه الأسئلة ذاتها على طلاب جامعات عربية في الدول التي تقيم علاقات مع “اسرائيل”، بل يمكن طرحها عن طريق مراكز الدراسات العربية الممولة أجنبيا والمتعاونة في هذا الاتجاه. وفي هذه الحالة علينا أن نستعد لمواجهة هذا الاحتمال التطبيعي. ولربما كان من الواجب الالتفاف عليه قبل وقوعه عن طريق وضع استمارة أسئلة واضحة ومباشرة تتضمن أسئلة من نوع: ـ هل تكره اليهود؟ وهو سؤال مقابل لسؤال: هل تكره العرب؟، هل تعترف شخصيا بدولة “اسرائيل”؟ هل تعتقد بجدية “اسرائيل” في شعاراها المعلنة…”الخ.
ومهما يكن فان هذه الدراسة نموذج من أهم نماذج تسخير العلوم الإنسانية لخدمة فئة في استغلالها لفئات أخرى. وهذا النموذج يسخر علم الإحصاء والعلوم الإنسانية ونتائج الاستطلاعات والمعلومات والإعلام من اجل خلق إيحاءات قابلة للاستغلال السياسي وصالحة للتوظيف في خدمة التطبيع على الطريقة “الاسرائيلية” وقاعدتها الذهبية: “يمكننا أن نحقق لكم فوائد كثيرة ولكنكم تبقون غير مساوين لنا”. وهذا ما يبرر صرخة إدوارد سعيد في كتابه “أما المساواة أما لا”.
3ـ التطبيع بالبانجو
في كتابه “جواسيس جدعون… التاريخ السري للموساد” يقول ضابط الموساد السابق غوردون توماس بان طائرة البان ام، التي تفجرت فوق لوكربي، كانت تضم بين ركابها ضباطا من وكالة الاستخبارات الأميركية. حيث وجدت إحدى حقائبهم فارغة تماما وبين فيما بعد أن الموساد وبمساعدة المخابرات الانكليزية قامت بسرقة محتويات هذه الحقيبة. وكانت عبارة عن مستندات تؤكد تورط “اسرائيل” في تجارة المخدرات في الشرق الأوسط وأخرى تتعلق بصفقات أسلحة “اسرائيلية” سرية.
وتأتي هذه المعلومات لتضاف إلى أخري شبيهة تراكم الدلائل على السبل التي تعتمدها “اسرائيل” في محاولاتها للاستغناء عن الدعم الأميركي لاقتصادها. وذلك تحسبا لمحاولات تقنين هذا الدعم بعد نهاية الحرب الباردة، حيث ارتفعت أصوات أميركية تطالب بوضع استراتيجية ملائمة للمصالح الأميركية لما بعد هذه الحرب. ومنها تقليص الدعم الأميركي الموجه أساسا لمواجهة الشيوعية والذي لم يعد مبررا بعد سقوطها.
ولقد تبين لغاية الآن عجز “اسرائيل” عن تحقيق استقلاليتها الاقتصادية بالأساليب المشروعة، خصوصا عندما نأخذ في الاعتبار ان متوسط الدخل الفردي في “اسرائيل” يصل إلى حدود 16 ألف دولار سنويا. وهو يعادل مثيله في بعض الدول الأوروبية الكبرى. من أمثلة الكسب “الاسرائيلي” اللامشروع المدعومة بالأدلة نذكر:
ـ التورط في تجارة المخدرات في المنطقة وفي العالم ولكن مع التركيز على اختراق الدول العربية المجاورة بهذه التجارة. وهو اختراق يجمع بين الكسب المادي وبين التخريب المعنوي والإنساني لهذه الدول.


ـ صفقات الأسلحة السرية مع جهات متعددة.
ـ بيع الأسرار التكنولوجية ـ العسكرية (أميركية في اغلبها وتحصل عليها “اسرائيل” عن طريق التجسس والعلماء اليهود الأميركيين). وبرزت من هذه الصفقات في العام 1999 تلك التي أبرمتها “اسرائيل” مع الصين. وظهرت شكوك جديدة في نيسان 2000 حول صفقة “اسرائيلية” لبيع طائرات الاواكس إلى الصين.
ـ حماية أثرياء اليهود المطلوبين من العدالة الدولية واستقطاب ثرواتهم، وهؤلاء المجرمون يتحولون إلى مواطنين “اسرائيليين” فور وصولهم إلى “اسرائيل”. وذلك وفق قانون العودة اليهودي.
ـ العلاقات مع الجريمة العالمية المنظمة. وهي علاقات متعددة الصعد. وقد تكشفت من أساليبها الآتية.
أـ المشاركة اليهودية في الجريمة المنظمة، حيث تحول بعضهم إلى الصفوف الأولى فيها. ومنهم المافياوي الروسي بيريزينوفيسكي الذي تحكم بالكرملين طوال عهد يلتسين والذي لا يزال نافذا في عهد خلفه بوتين. والأمثلة عصية على الحصر.
ب ـ مشاركة “اسرائيلية” عن طريق ضباط متقاعدين يقومون بأدوار تدريبية واستشارية لتجار المخدرات (في كولومبيا خصوصا).
ج ـ التسهيلات التي تقدمها “اسرائيل” بصورة مموهة لزعماء الجريمة المنظمة ولمصالحهم.
د ـ المشاركة “الاسرائيلية” النشطة في تجارة الأسلحة وتهريبها. حيث نجد بصمات “اسرائيلية” في مناطق الفوضى الديموغرافية في العالم كافة.
هـ ـ تهريب البضائع “الاسرائيلية” إلى الدول العربية بكل الوسائل الاحتيالية المتاحة. بما في ذلك تزوير شهادات المنشأ وإعادة التصدير عبر قبرص او عبر الدول العربية المتاخمة لـ”اسرائيل”.
و ـ المشاركة في عمليات تبييض (غسيل) الأموال القذرة. ومنها ما تبين عن دور الموساد في فضيحة غسيل الأموال الروسية في الولايات المتحدة (1999) والتي تسبب بأزمة دبلوماسية أميركية ـ روسية. حتى أن بعضهم ربط بينها وبين استقالة يلتسين في 1/1/2000.
زـ دفن النفايات النووية والكيميائية في أراضى عربية محتلة أو متاخمة لحدود الدول العربية.
ح ـ وجود أصابع يهودية في الكوارث الاقتصادية العالمية كافة. فقد كان اليهودي بيريزينوفيسكي مسؤولا عن الانهيار الاقتصادي الروسي واليهودي جورج شوروش كان مسؤولا عن انهيار النمور الأسيوية… الخ.
ط ـ بيع المعلومات الجاسوسية. وما خفي منها اكثر مما هو معلن. والأمر يحتاج إلى بضع سنوات كي تتضح هذه الأسرار.
ك ـ ابتزاز العالم تحت ستار الهولوكوست وصولا لابتزاز الفاتيكان نفسه (تبدى في زيارة البابا الأخيرة لـ”اسرائيل”) وصولا إلى مطالبة المصارف السويسرية بكميات هائلة من الذهب بحجة أنها مسروقات نازية من أموال اليهود.
ل ـ التدخل في الشؤون الداخلية للعديد من الدول ومحاولة ابتزازها بصورة مختلفة. واحدث الأمثلة على ذلك، تلك الضجة التي أثارتها “اسرائيل” حول النمسا بعد انتخاب هايدر اليميني. حيث لا تزال “اسرائيل” تحاول تحقيق مكاسب مقابل تخفيف الضغوطات على النمسا.
هذه هي النماذج التي تحاول “اسرائيل” عبرها تحقيق كفايتها الاقتصادية ومع ذلك فهي تحافظ على وضعية دولية مثالية إذا تتمتع بـ :
أ ـ أعلى نسبة من المساعدات الخارجية الأميركية.
ب ـ اعتبارها دولة نظيفة من الإرهاب ومن دعمه بالرغم من تحديها المتكرر للقرارات الدولية.
ج ـ اعتبارها واحة ديمقراطية في المنطقة. بما في ذلك من تجاهل كونها مجتمعا عسكريا يحكمه جنرالات ويقررون مصيره.
د ـ دولة تحترم مبادئ حقوق الإنسان (بالرغم من التقارير المخالفة).
هـ ـ تحتكر تمثيل المصالح الأميركية والغربية في المنطقة حتى بعد زوال الخطر الشيوعي.
لهذه الأسباب مجتمعة يتهيب الإعلاميون والمفكرون الغربيون التعامل الواقعي مع حقائق الشرق الأوسط والتجاوزات “الاسرائيلية”. حتى لا يلقوا النبذ والعقاب اللذين لاقاهما زملاء لهم تجرؤا على ذلك. وعوملوا وفق المبادئ الرومانية (الصهيونية) الجاهزة لتجاهل الليبرالية في مثل هذه الحالات.
أما عن مناسبة استحضار هذه المعطيات فهي متشعبة ومنها مأزق المسار اللبناني ـ السوري الذي تحاول “اسرائيل” اختراقه على طريقة الكوزانوسترا (المافيا). حيث تقوم بتهديد وابتزاز الأطراف كافة وتصر على وجود طرف يقدم لها مكاسب مالية (الولايات المتحدة في هذه الحالة). لكن مناسبة مميزة من جملة مناسبات دعتنا لاستحضار هذه الحقائق وهي تتعلق بالمستقبل. والمناسبة هي دراسة قدمتها باحثة من جامعة بن غوريون “الاسرائيلية” تشير إلى نمو طبقة من ميلونيرات المخدرات “الاسرائيليين”. والى وجود علاقات وثيقة بينهم وبين بعض كبار ضباط الشرطة “الاسرائيليين” الذين يحصلون، نتيجة هذه العلاقة، على مبالغ طائلة تحول الى حساباتهم المصرفية في الولايات المتحدة. كما تشير هذه الدراسة إلى أن هؤلاء التجار بدأوا يلجأون إلى حلول عملية تخفض تكلفة بضاعتهم. وخصوصا البانجو (مخدر رخيص ورائج). حيث تفتق ذهنهم عن تصدير شتول هذا المخدر إلى الدول العربية، التي تقيم علاقات مع “اسرائيل” لزراعتها هناك. وفي ذلك توفير مهم في التكاليف واعتماد عصري لمبدأ الشركة العملاقة. حيث يطاول التوفير عناصر عديدة. منها رخص الأراضي واليد العاملة وتوفير تكاليف ومخاطر التهريب. ثم وهذا هو الأهم، هنالك مكسب السبق الذي يحققه التجار “الاسرائيليون” في ما يتعلق بمستقبل تجارة المخدرات في المنطقة. وهكذا فانهم يفكرون دائما في المستقبل ويحسبون الحسابات لمختلف الاحتمالات!.
ولقد وصلت القضية إلى الكنيست “الاسرائيلي” حيث أثارها عضو ينتمي إلى حزب العمل الحاكم، مؤكدا انه يملك الوثائق التي تدين التجار وضباط الشرطة معا. إلا أننا نتساءل عما إذا كان يمكن للجهتين معا أن يعملا بعيدا عن أعين أجهزة الاستخبارات “الاسرائيلية” والأميركية معا؟ وعن مدى تورط هذه الأجهزة مع هؤلاء؟ وعن إمكانية التدخل الفاعل لمنع هذا المدخول الإضافي للخزينة “الاسرائيلية”؟ وعن هذا السؤال الأخير أجابنا مؤلف “جواسيس جدعون” المدعو “غوردون توماس”. ولكن من يجيبنا عن سؤال منع هذه الزراعات في لبنان بهدف إتمام حصاره الاقتصادي الضاغط وليس لأسباب أخلاقية أو إنسانية؟ وكيف تصنع هذه الأخلاقيات والإنسانيات وتطبق على الجميع لتستثنى منها “اسرائيل”؟ وهل يعني ذلك ان من شروط السلام احتكار “اسرائيل” لتجارة المخدرات حتى تكفل لنفسها دخلا يعوضها من خفض المساعدات الأميركية لها ويؤمن لها مستقبلها؟ أم أنها سياسة التطبيع عن طريق البانجو (وغيره من مواد الإدمان) بأسعار في متناول الأيدي الفقيرة؟. لقد يئست “اسرائيل” من كل أساليب التطبيع (الهادفة لتحويل الاغيار من أبناء إسماعيل ـ العرب إلى مجرد اسماك ملونة في حوض يتفرج عليه “الاسرائيليين” ويتحكمون بمياهه ونظافته وغذائه) وهاهي تلجأ إلى أسلوب التطبيع البانجو. فهل يتحرك مكتب المخدرات في الأمم المتحدة. وهل يمكن لاحد أن يخبرنا بالحصة “الاسرائيلية” في سوق المخدرات العالمي المسموح بها أميركيا ؟ وكلها أسئلة فرعية لان السؤال الرئيسي يبقى: من يحمينا من الإرهاب “الاسرائيلي” في صورته هذه كما في صوره الأخرى؟.


هل تصبح “اسرائيل” مكانا لتجميع الشواذ
أعلن مؤسس التحليل النفسي سيغموند فرويد إلحاده في كتابه المعنون “موسى والتوحيد”، لكن هذا الإلحاد لم يمنع اليهود من دعم فرويد ونظريته. حتى بدت جماعة التحليل النمسوية، وكأنها جمعية من الجمعيات اليهودية السرية. ولقد فشلت محاولات فرويد تطعيم جماعته بأعضاء من ديانات أخرى. وكانت قطيعته مع يونغ في العام 1912 تكريسا للهوية اليهودية للتحليل. وهو تكريس لم يتم اختراقه إلا في مطلع الستينيات عندما تمكن الكاثوليكي ـ الفرنسي جاك لاكان من إجراء مراجعة عامة للنظرية التحليلية، تحت شعار “العودة إلى فرويد”. في مجالنا هذا لا تهمنا التفصيلات الاختصاصية، بل يهمنا السؤال عن سبب استمرار قبول فرويد، والتفاخر اليهودي بانتمائه إلى اليهود، على الرغم من إلحاده ؟ والجواب عن هذا السؤال متشعب وممكن التلخيص بالنقاط الآتية:
1ـ نعمة الولادة اليهودية حيث ينظر اليهود إلى الاغيار على انهم لا يرقون إلى مستوى البشر (أي اليهود). وبهذا فان المولود لأبوين يهوديين هو إنسان أرقى حتى ولو كان ملحدا.
2ـ قد يكون فرويد ملحدا، لكن إلحاده لم يستطع تخليصه من اثر التربية اليهودية التي تلقاها، ولا من اثر الانتماء اليهودي في تكوين لا وعيه، وبالتالي فكره الإلحادي. وبمعنى آخر فلقد كان فرويد يهوديا ملحدا. وتتبدى يهوديته في العديد من منطلقاته النظرية، ولعل أهمها بطريركية التحليل. والاهم من ذلك التركيز المكثف على الجنس وأثره، وعلى الأساطير الجنسية، بدءا من أسطورة أوديب، مرورا بأسطورة جوكاست (الام التي تهوى ابنها) وصولا إلى أسطورة ديان (تعشق بنات جنسها).
3ـ أوديب وجوكاست وديان، ومعها الجنس محور السلوك ومحركه، بدت وكأنها محاولات إقناع حديثة بالأساطير الجنسية اليهودية.
واكتفى بهذا القدر حتى لا نغرق في التفصيلات. مع الإشارة إلى أن يهودية التحليل لا تلغي علميته خصوصا بعد أن تمت مراجعته على يد لاكان وغيره. على أي حال فان مناسبة الحديث هي إصدار المحللة “الاسرائيلية” “مادلين بالوم” كتابا بعنوان “تاريخ الثدي”، وفيه الثدي رمز جنسي بالطبع، وفي الكتاب محاولة لتوظيف ثدي المرأة في كتابة التاريخ السياسي، بتمرير العديد من الإيحاءات الجنسية مع استغلال الثدي في الدعاية لتجارة جنس يهودية جديدة.
بادئ ذي بدء، وقبل التطرق إلى محتويات الكتاب، فان “اسرائيل” تسعى جاهدة لتوظيف إمكاناتها العلمية في المجال الطبي، حيث تسعى لاجتذاب مرضى العالم الثالث للعلاج فيها. وتحاول إغراء المرضى العرب للقدوم إليها من اجل العلاج. ومن فنونها في ذلك الإعلانات المكثفة عن مراكز طبية في المجالات ذات الجاذبية الخاصة مثل: إزالة السمنة ومعالجة العقم والصلع، وأخيرا عمليات تجميل الصدر (الثدي) الذي يصب الكتاب في مجال الترويج له، وهذا الترويج بات موضوع اهتمام الصحافة “الاسرائيلية”.
أن “اسرائيل” تطرح نفسها كجنة للشواذ في أوساط تجمعات الشواذ في العالم، ومن ذلك دفاع عضو الكنيست “ياعيل دايان” عن الشذوذ (إمام المتعصبين اليهود) بقولها: “لقد تعلم هؤلاء الشذوذ من ملككم”.
يدعم الموقف السابق جملة أساطير “اسرائيلية” شاذة من سدوم الى عمورة بما يعطي لـ”اسرائيل” طابع ارض ميعاد الشواذ ولو عارض ذلك المتشددين. اذ تشير المعلومات الى انتشار الشذوذ بين المتشددين أنفسهم.
والأخطر أن الحملات “الاسرائيلية” لجلب الشواذ كانت قد بدأت قبل أعوام، ووصلت إلى حد الدعاية المكشوفة، وعندها دافع الأعلام “الاسرائيلي” عن التهمة بروايات عن الشذوذ. الذي يمارس في الحمامات التركية المنتشرة في الدول العربية.

 

 المؤرخون الاسرائيليون الجدد
اعتمدت اسرائيل مبدأ الافراج عن الوثائق السرية بعد مرور ثلاثين سنة عليها. وتم الافراج عن الدفعة الاولى من هذه الوثائق في العام 1978 وهي تتعلق بالعام (1948) وبذلك بدأت تتوافر بين ايدي الدراسيين الاسرائيليين وثائق عن المرحلةالممتدة ما بين (1948) ولغاية (1970). وعلى غرار ما يجري في الدول التي تعتمد هذا المبدأ فان الاهتمام ينصب حول تصحيح بعض القناعات المنتشرة بين الجمهور والتي تثبت الوثائق كونها قناعات خاطئة. ويصل الاهتمام بتصحيح هذه القناعات الخاطئة وتقويمها الى الصحافةاليومية. ان هي رأت في ذلك جذباً لاهتمام جمهورها. اما الوثائق الاقل إثارة فيهتم بها المتخصصون وبعض الفضوليين.
في اسرائيل لم يكن الامر بمثل هذه البساطة. فقد ادى كشف القناعات الخاطئة ومحاولات تصحيحها الى نشؤ تيار حديد عرف بتيار “المراجعة” او “المؤرخون الاسرائيليون الجدد”. ولقد ادى هذا التيار الى حدوث انقسام حاد في المجتمع الاسرائيلي بين مؤيد للتيار ومعارض له. وحدة هذا الإنقسام تعتبر غير عادية بالمقارنة مع دول اخرى تواجه حقائق اصعب من تلك التي تواجهها اسرائيل عبر هذه المراجعات. ومن الملفت ان حزب العمل يتبنى هذا التيار حتى يبدو وكأنه والده غير المعلن. في حين يلقى التيار معارضة ليكودية عنيفة تضعه في قلب السياسة الاسرائيلية وصراع اقطابها. ولا بد لهذه المواقف الحادة من ان تستتبع طرح سيل من الاسئلة يحتاج الى ترتيب تسلسلي مناسب وصولاً الى فهم هذه الاهمية المتضخمة لهذا التيار الذي اكتسب تسمية الحركة بسرعة تطرح اسئلة اضافية.
بعض المهتمين بالحركة يربطون بينها وبين الاحساس الاسرائيلي بالخطر بداية حرب (1973). في حين يميل البعض لاعتبارها اختراعاً جديداً للعلمانيين في حزب العمل. بينما يصر آخرون على اعتبارها حلقة من حلقات صراع الهوية في اسرئيل. ويصل البعض الى حدود وصفها بالحركة الساعية لوضع حد للصراع العسكري مع العرب عبر تسوية لا تصل الى مرتبة السلام. وتبقى قلة قليلة ترى ان حركة المؤرخين الجدد هي مزيج من كل ذلك في آنٍ معاً. وهذا التفسير هو الاصعب والاكثر إستثارة للاسئلة.
وتلافياً لفوضى تصنيف وترتيب هذه الأسئلة فاننا سنعتمد مبدأ التداعي الحر وهو مبدأ ينتمي الى التحليل النفسي. ويعتمد هذا المبدأ على الانطلاق من الحاضر الى الماضي القريب ومنه الى الابعد فالابعد. بحيث تساعدنا معلومات كل مرحلة على فهم وتذكر المراحل التي قبلها.
على هذا الاساس نجد من المناسب مقاربة الموضوع عبر التسلسل الآتي: 1 ـ التعريف بالحركة و2 ـ دعم بيلين لها و3 ـ دعم رابين لها و4 ـ علاقة الحركة بمشروع رابين (الشرق اوسطية) و5 ـ علاقة الحركة والمشروع بطروحات الهوية و6 ـ الاصول التاريخية للحركة (لو وجدت) و7 ـ منطلقات المعارضة الاسرائيلية للحركة و8 ـ انعكاسات المراجعة الاسرائيلية على التأريخ الرسمي العربي. غني عن القول بأن المجال هنا لا يتسع لمناقشة هذه القضايا بعمقها وتفاصيلها. وبأننا سنكتفي بعرض موجز لها. ونبدأ باول الاسئلة. للمـــــــــزيد
فيما يلي جدول يعرض لاهم المؤرخين الاسرائيليين الجدد ولأشهر اعمالهم مع التأكيد على رؤيتنا المعروضة تفصيلاً في بحث المؤرخين الإسرائيليين الجدد والقائلة بان هذه الحركة هي محاولة تطبيع مبطنة وفق دبلوماسية الابواب الخلفية.

آفي شلبم إيلان بابي زئيف ستيرنهل توم سيغيف
بيني موريس سيمحا فالبان  نعوم تشومسكي اعمال المؤرخين الجدد
الجدار الحديدي أسطورة الماساد   الآثاريون الجدد  اليهودية وتاريخها
مخطوطات البحر الميت  موسى والتوحيد  يهود يكرهون انفسهم بروتوكولات حكماء صهيون
موت العم اليهودي الأميركي
  نووية اسرائيل
تحولت نووية اسرائيل الى كابوس يهدد كامل منطقة الشرق الاوسط وهو ما تطرقنا لعرضه في دراسة نشرها الموقع بعنــوان: الكابوس النووي وضرورة إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل. كما نشر الموقع دراسات السكوت الاميركي عن التسلح النووي الاسرائيلي اما عن تاريخ ونشأة المشروع النووي الاسرائيلي. حيث يعتقد على نطاق واسع (اليقين الضمني المسكوت عنه) أن إسرائيل تمتلك أسلحة دمار شامل، وهى واحدة من أربع دول مسلحة نووياً، و لكنها غير معترف بها كدولة تمتلك أسلحة نووية في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. وقد قام مكتب التقييم التكنولوجي في الكونغرس الأمريكي بتسجيل إسرائيل كدولة ورد في العموم أن لديها قدرات للحرب الكيماوية غير معلنة، وبرنامج هجومي للحرب البيولوجية. ولا تؤكد إسرائيل رسمياً أو تنفي امتلاكها للأسلحة نووية. ولكن هنال يقين عالى أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية، وهناك يقين أنها أيضاً تطور أسلحة كيميائية وييولوجية. انضمت إسرائيل إلى بروتوكول جينيف في 20 فبراير/ شباط عام 1969. هذا وعتقد أن إسرائيل امتلكت القدرة على تصنيع الأسلحة النووية بحلول عام 1967، مكنتها من انتاج كميات كبيرة من الرؤوس الحربية النووية وهو الذي حدث مباشرة بعد نكسة 1967. على الرغم من عدم وجود إحصاءات رسمية، تشير التقديرات إلى أن إسرائيل تمتلك من 75 إلى ما يصل إلى 400 سلاح نووي، والتي ذكر أنها تشمل أسلحة نووية حرارية في مدى المليون طن. ويورد أيضاً أن إسرائيل تمتلك مجموعة واسعة من أنظمة مختلفة، بما في ذلك القنابل النيوترونية، والأسلحة النووية التكتيكية، و قنابل حقيبة السفر النووية. ويعتقد ان إسرائيل تقوم بتصنيع أسلحتها النووية في مركز النقب للأبحاث النووية، الذي يقع في صحراء النقب جنوبي ديمونة.
وتشمل آليات الإلقاء صواريخ أريحا الباليستية العابرة للقارات، التي يصل مداها إلى 11.500 كيلومتراً، والتي يعتقد أنها مزودة بخيار للضربة المضادة. ويعتقد أن الصواريخ الباليستية الإسرائيلية ذات القدرة النووية مدفونه على عمق كبير تحت الأرض لدرجة أنها سوف تنجو من أى هجوم نووي. بالإضافة إلى ذلك، يعتقد أن إسرائيل لديها القدرة البحرية لضربة نووية مضادة، وذلك باستخدام صواريخ كروز ذات قدرة نووية تطلق من الغواصات، والتي يمكن إطلاقها من غواصات البحرية الإسرائيلية من طراز دولفين. على الرغم من أن سلاح الجو الإسرائيلي يفتقر إلى القاذفات الاستراتيجية، فان الطائرات المقاتلة اف-15اى و اف-16اى صوفا قادرة على إيصال الأسلحة النووية إلى مسافات استراتيجية باستخدام أسطول جوي من طراز بوينج 707 معدلة للتزود بالوقود جواً.
وتحافظ الحكومة الإسرائيلية على سياسة الغموض المتعمد بخصوص ما إذا كان لديها أسلحة نووية، وتكتفى بالقول بأنها “لن تكون أول من يدخل السلاح النووي إلى الشرق الأوسط. ومع ذلك فإنه وفي عام 1998 اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شيمون بيريز بتطوير إسرائيل ل”قوة نووية” ليس لتكرار ما حدث في هيروشيما وإنما لتنفيذ اتفاقية اوسلو. ومصطلح “قوة نووية” هنا قد يعني سلاح نووي أو مفاعل نووي كالذي في ديمونة. وقد كان محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية يعتبر إسرائيل كدولة تمتلك أسلحة نووية. معظم ما هو معروف عن البرنامج النووي الإسرائيلي يأتي من الإفشاء عن ذلك في عام 1986 عن طريق مردخاي فعنونو، وهو فني في مركز النقب للأبحاث النووية قام بتصوير بعض الأفلام، وقام بسرقة بعض الملفات المدرجة تحت صنف سري للغاية. وكان فعنونو قد زود صحيفة صنداى تايمز التي تصدر في لندن بتلك المعلومات في 5 أكتوبر/ تشرين الأول، من ذلك العام. بعد انتشار الخبر قام الموساد الإسرائيلي باختطافه وإيداعه السجن لمدة 18 سنة، 12 سنة منها في حبس انفرادي. وفي عام 2006 صرح رئيس الحكومة الإسرائيلي أولمرت عن امتلاك إسرائيل لسلاح نووي.
وإسرائيل لم توقع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، ولكنها تدعم إنشاء منطقة شرق أوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل.


الأسلحة الكيميائية والبيولوجية الإســرائيلية
وقعت إسرائيل على اتفاقية حظر الاسلحة الكيميائية (احسك ) لكنها لم تصادق عليها. وهناك توقعات بأن إسرائيل تمتلك برنامجاً للأسلحة الكيميائية لربما يكون مقرة في معهد إسرائيل للابحاث البيولوجية في نيس زيونا، تل ابيب.
تماكتشاف 190 لتر من ثنائي ميثيل الميثيل فسفونات في حمولة تابعة لرحلة العال للطيران 1862، وهى مادة كيميائية مدرجة في جدول 2 من (احسك ) تستخدم في تركيب غاز الأعصاب سارين، بعد أن تحطمت الطائرة في عام 1992 وهى في طريقها إلى تل أبيب. أصرت إسرائيل أن المادة كانت غير سامة، وأنها كانت لتُستَخدم في اختبار المرشحات التي تحمي الأفراد من الأسلحة الكيميائية، وأنها أدرجت بشكل واضح على بيان الحمولة وفقاً للوائح الدولية. كانت الشحنة صادرة من مصنع أمريكي للمواد الكيميائية إلى “معهد إسرائيل للابحاث البيولوجية” بترخيص من وزارة التجارة الأمريكية.
في عام 1993، قام مكتب التقييم التكنولوجي التابع للكونغرس الأمريكي بخصوص تقييم انتشار أسلحة الدمار الشامل بتسجيل إسرائيل كدولة ورد في العموم أن لديها قدرات للحرب الكيماوية غير معلنة.و في عام 1998، قال نائب مساعد وزير الدفاع الامريكى السابق المسؤول عن الدفاع الكيماوي والبيولوجي، بيل ريتشاردسون: “ليس لدي شك في أن إسرائيل عملت في (أشياء) هجومية كيميائية وبيولوجية كليهما لفترة طويلة … ليس هناك شك أن لديهم (اشياء) منذ عدة سنوات”. وكان ماركوس كلينغبرغ قد أمضى 20 سنة في السجن كعقوبة عن البوح بأسرار إسرائيل الكيميائية للاتحاد السوفييتي.
إسرائيل ليست مستعدة جيداً للدفاع ضد هجوم بالأسلحة الكيميائية، كما يمكن أن يحدث مع نقل أسلحة كيميائية من سورية لحزب الله. ومع ذلك فقد حذر رئيس الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي بيني جانتز أن أى ضربة إسرائيلية لمنع هذا يمكن أن تؤدي إلى “صراع أوسع نطاقاً“.
هذا ويعتقد ان
إسرائيل قد طورت قدرة هجومية على الحرب البيولوجية. وقد قام مكتب التقييم التكنولوجي للكونغرس الأمريكي بتسجيل إسرائيل كدولة تمتلك على المدى الطويل، برنامجاً للحرب البيولوجية غير معلن. إسرائيل ليست من الدول الموقعة على اتفاقية الأسلحة البيولوجية والسامة. ومن المفترض أن معهد إسرائيل للأبحاث البيولوجية في نيس زيونا يطور لقاحات وترياقات من أجل الحرب الكيميائية والبيولوجية. ولم يكن من الممكن أن نستنتج ما إذا كانت إسرائيل حالياً تبقى على برنامج للأسلحة البيولوجية الهجومية؛ إذ أنه من المتكهن أن إسرائيل تحتفظ لنفسها بقدرة نشطة لإنتاج ونشر الأسلحة البيولوجية. ومن المتوقع أن يكون برنامج تصنيع الاسلحة البيولوجية الإسرائيلي موجود في معهد إسرائيل للابحاث البيولوجية في نيس زيونا.


إسرائيل تزيد من نسبة تركيز العناصر المشعة
كشفت دراسة جديدة عن زيادة في نسبة تركيز العناصر المشعة من مفاعل ديمونة الإسرائيلي، وهو ما يؤدي إلى أضرار صحية خاصة ما يتعلق بالإصابة بأمراض السرطان في مدن الضفة الغربية. وقال محمود سعادة مسؤول فرع فلسطين للأطباء الدوليين لمنع نشوب حرب نووية في دراسته إنه بعد إجراء فريق البحث من جامعة الخليل لعينات مختلفة من التربة، وجد ارتفاع في نسبة تركيز عناصر اليورانيوم (U238) في عينات من تربة مدينة حلحول شمالي الخليل، وصل على 105 بيكريل/كغم.
كما وصلت تلك العناصر في بعض عينات التربة في تربة بيت أمر إلى 98 بيكريل/كغم وهو أكبر بثلاثة أضعاف من المتوسط العالمي الذي يبلغ 30 بيكريل/كغم.
كما أكد سعادة أنه بالنسبة لعنصر السيزيوم (137CS) الصناعي الناتج عن التسرب الإشعاعي النووي أو من التفجيرات النووية, ارتفعت نسبة تركيز العناصر المشعة والناتجة عن تحلل أنوية ذرات تلك العناصر في الهواء الطلق كثيرا في مناطق محافظة الخليل.


نسبة عالية
وفي تعليقه على الدراسة قال إن التركيز الطبيعي يجب أن يكون صفرا لكل كغم, وبالتالي تكون النسبة الموجودة في الخليل عالية جدا, وإنها لم تسجل إلا في مناطق أوروبا الشرقية عندما انفجر مفاعل تشرنوبل. وأضاف الباحث في تصريحات اعلامية أن الخطورة في المناطق الفلسطينية تكمن في انتشار تلك الإشعاعات وظهورها في مناطق أخرى غير الخليل, ما يثير الاعتقاد بأن الانتشار سيعم كل المناطق الغربية للضفة, ليس فقط ما ظهر مؤخرا في مناطق شمال المدينة.
كما طالب بضرورة فحص المناطق المتاخمة للحدود الإسرائيلية أي خطوط الهدنة للعام 1948.
وعن الأضرار المتوقعة من تلك الإشعاعات قال سعادة إن هناك تزايدا بأعداد الإصابات بالأمراض السرطانية وتشوهات الأجنة والإعاقات والإجهاضات المتكررة, خاصة مع عدم وجود الأجهزة الخاصة بالفحوص والمعالجات ونقص الأدوية في مناطق السلطة الفلسطينية.
كما أنتقد عجز السلطة عن اتخاذ قرارات خاصة بالوضع، وعدم طرحه أمام المحافل الدولية, إضافة إلى عدم اتخاذ الإرشادات الوقائية وطرق مقاومة هذه الإشعاعات التي تقع على جميع مؤسساتها.
وتوقع الباحث بزيادة الإشعاعات في كل المناطق الفلسطينية, وشدد على أن هناك مدافن للنفايات الإسرائيلية في مناطق متعددة بالضفة لرخص تكلفتها، حيث إن تكلفة التخلص من البرميل الواحد للنفايات في الخارج يقارب 5000 دولار، بينما تقدر التكلفة في المناطق المحتلة بـ20 دولارا فقط.


فانونو يفضح نـــووية إســرائيل
 فانونو يرفض وجود إسرائيل من أصله وكشف أسرار الشيطان في ديمونة .
      فانونو جاسوس انتصر للضمير الإنساني.
      عاقبته إسرائيل بالسجن 18 عاما بعدما كشف امتلاكها لأسلحة تكفي لتدمير الشرق الأوسط بكامله .
      أكد بالصور إسرائيل تستعد لإنتاج القنبلة الهيدروجينية، وقال إنه يرى مؤامرة صهيونية في كل مكان ، دعا البرادعي لتفتيش منشآت إسرائيل النووية .
      طلب العودة للمغرب وأصرت إسرائيل على احتجازه.
في حبس انفرادي داخل زنزانة مساحتها 9 أقدام طولا وست أقدام عرضا عاش الرجل وحيد يصحو وحده ويأكل وحده وينام لقد ظل وحيدا تلك الزنزانة لمدة تزيد على 18 عاما ممنوعا من الاختلاط بنزلاء السجن الآخرين ولا تتوافر له فرصة رؤية وجوه مختلفة عن تلك الخاصة بسجانيه إلا عندما يرى شقيقة مرة كل 14 يوما حيث تتلامس أصابعهما عبر القضبان الحديدية هذا هو كل ما ناله هذا الشخص من العلاقات الإنسانية ليس هذا الشخص سوى موردخاي فانونوا أحد أهم الفنيين الذين عملوا سابقا في المشاريع النووية الإسرائيلية والذي قدم بالدليل الدامغ للعالم عام 1986 ما يثبت امتلاك بلده إسرائيل ل 200 رأس نووي فضلا عن أسلحة كيماوية وبيولوجية . ولكن الموساد تحرك على الفور ولقن فانونو درسا قاسيا فوق أرض الكيان الصهيوني بعد أن نجح في خطفه ومحاكمته بتهمة الخيانة العظمية وإلقائه في غياهب السجن ولكن بعد أن كشف للعالم كل أسرار ترسانة أسلحة التدمير الشامل الإسرائيلية.
موردخاي فانونو اسم قد لا يعرفه الكثيرون، وربما حتى لا يتذكره الذين يعرفون قصته إلا بصعوبة بالغة فقد تبخر اسمه من ذاكرتهم وطواه النسيان رغم أنه مسئول عن تفجير واحد من أخطر أسرار القرن العشرين عندما قدم للعالم الدليل الدامغ على امتلاك إسرائيل القنابل النووية، ومات أن غادر سجنه الطويل حتى دعا محمد البرادعي رئيس الهيئة الدولية للطاقة الذرية لإرسال بعثة تفتيش على مفاعل ديمونة وأعلن أنه يريد العودة لوطنه الأصلي المغرب فيما أصرت السلطات الإسرائيلية على منع سفره وحظر لقاءه بالأجانب.
البداية كانت في عام 1954 في مراكش بالتحديد في الجيتو اليهودي الضيق بالعاصمة المغربية الرباط، حيث أنجبت زوجة الحاخام فانون طفلا ذكرا أطلقت عليه اسم موردخاي بعد سنوات ألحق أسرة الحاخام فتانونو طفلها موردخاي بمدرسة عادية خارج الجيتو اليهودي هي مردسة الإيناس حيث أختلط ببقية التلاميذ المسلمين والمسيحيين المغاربة وهو يردد وسطهم كل صباح النشيد الوطني المغربي تعلم موردخاي العربية والفرنسية في المدرسة وفي المنزل كان والده الحاخام المتطرف يعلمه العبرية ويزرع بداخله أنه مختلف عن بقية التلاميذ المسيحيين والمسلمين في المدرسة لأنه يهودي.
وكان الطفل الصغير يعجز عن فهم ما يؤكده والده من أن وطنه هو إسرائيل، وليس المغرب وهو ما جعل موردخاي يشعر بالتمزق بين شعوره بالانتماء إلى وطنه ياول أن يزرعها بداخله وكلها كانت ذات طبيعة عنصرية سواء من حيث الزعم بأن اليهود هم شعب الله المختار أو من حيث اعتبار إسرائيل الوطن القومي لكل يهود العالم.
وفي عام 1963 فوجئ الطفل موردخاي فانونو بأسرته. الأب والأم و 11 من الأبناء والبنات يحزمون أمتعتهم استعداد للرحيل وعندما سأل والده الحاخام قال له: إننا ذاهبون إلى أرض الميعاد إلى إسرائيل وطننا الحقيقي وتساءل الطفل الذي كان قد بلغ التاسعة من عمره ومدرستي وزملائي وأصدقائي هنا ورد الأب بشراسة ليس لنا أصدقاء هنا إنهم أعداء كلهم أعداء وسافرت أسرة الحاخام فانونو إلى إسرائيل حيث استقرت في منطقة بير سبع بصحراء النقب وهناك ألحقه والده بمدرسة بيت يعقوب التابعة لحزب أجورات إسرائيل وهو أحد الأحزاب الدينية الصهيونية المتطرفة وكانت صدمة فانونو هائلة جينما شعر بالفارق الهائل بين مدرسة الإيناس المغربية ومدرسة بيت يعقوب اليهودية الإسرائيلية في الأولى كان التلاميذ مختلف الديانات أصدقاء يتعلمون المواد الدراسية وسط مناخ من الحب والتفاهم، أما في المدرسة الدينية اليهودية لقد كان جميع التلاميذ من اليهود، والمدرسون من الحاخامات والمتطرفين اليهود الذي يعلمونهم أنهم أفضل من بقية البشر،وأن العرب والمسلمين أعداء وحيوانات يجب تدميرهم والقضاء عليهم مرت السنوات وتخرج موردخاي فانون في المدرسة الثانوية والتحق بخدمة الجيش الإسرائيلي حيث اكتشف بشاعة ملامح العنصرية الصهيونية وأدرك موردخاي أن التطرف الديني اليهودي والجشع السياسي الصهيوني وراء كل الحروب والصراعات بين العرب واليهود، وبعد انتهاء خدمته في الجيش التحق بالجامعة وأنهى دراسته بها.
بعدها حصل على وظيفة فني في مفاعل ديمونا الشهير والمخصص للأبحاث النووية السرية في إسرائيل الذي وصفه هو فيما بعد بأنه معبد الشيطان، وكان الفضل في حصوله علت هذه الوظيفة يرجع إلى نفوذ والده الحاخام فانونو الذي عرفه الصهاينة كرمز لتطرف اليهودي وأيضا للأطماع الصهيونية في الأراضي العربية، كان دخول موردخاي فانونو إلى مفاعل ديمونة الذي يعمل به الآلاف من الإسرائيليين بعدما قسموا اليمين على التزام السرية ضربة قاضية دمرت كل أمل لديه في أن تتخلى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية سياستها العدوانية ومخططاتها التآمرية ضد العرب بل والعالم أجمع حيث اكتشف موردخاي أن المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونة ليس مجرد مفاعل صغير يهدف إلى استخدام الطاقة الذرية في الإغراض السليمة كما كانت تروج له إسرائيل حيث شاهد بنفسه داخل ديمونة مفاعل فصل البلوتونيوم ومعدات إنتاج مادة الترتيتيوم وهي مواد لا علاقة لها بالمفاعلات السليمة بل إنها تستخدم فقط في صناعة القنابل النووية.
ولاحظ موردخاي فانونو أن الدور الخامس في المفاعل يحظى بإجراءات أمنية خاصة وأن الدخول إليه مقصور على عدد محدود للغاية من المسؤولين والعلماء وقد أطلقوا على هذا الدور اسم جولدا مائير رئيس ةوزراء إسرائيل السابقة وكانت الشفرة الخاصة بالدخول إليه والتي عرفها موردخاي هي الحرفان أم إم وهما أول حرفين من اسم جولدامائير وبعد أن تمكن موردخاي فانونو من الدخول إلى هذا المكان استطاع أن يعرف كل أسرار البرنامج النووي الإسرائيلي وتأكد من أن هذا المفاعل ليس مخصصا للاستخدام السلمي للطاقة الذرية، والأخطر من ذلك هو الحقيقة التي توصل إليها وهي أن إسرائيل لا تسعى كما يقول البعض لامتلاك أربع أو خمس قنابل ذرية لردع العرب ومنعهم من شن أي هجوم ضدها. بل إن إسرائيل لديه بالفعل 200 رأس نووية أو قنبلة ذرية وهو عدد هائل لا يمكن أن يكون الهدف منه هو مجرد الرجع وظهرت الحقيقة جلية واضحة أمام موردخاي الذي تأكد أن كل هذه الرؤوس النووية هي جزء من خطة صهيونية تستهدف السيطرة على الشرق الأوسط وربما العالم، أجمع واقتنع موردخا فانون بأن العالم كل يجب أن يعرف كل هذه التفاصيل المروعة للبرامج النووي الصهيوني وبأن العالم كله يجب أن يتأكد من الطبيعة العدوانية المدمرة لمفاعل ديمونة وأسلحة إسرائيل الذرية وفي إطار هذه القناعة تمكن موردخاي فانونوا من الدخول إلى المصنع الذي كانت تتم فيه علميات إعادة معالجة البلوتونيوم التي تساعد على صناعة أسلحة نووية ، وتمكن من التقاط صور للماكينة والآلات المخصصة لذلك وكانت تلك الصور هي الوحيدة التي التقطت عما يدور داخل مصنع القنابل النووية في إسرائيل كما تمكن من الحصول على وثائق ومستندات حول كم المواد المعالجة وبذلك أصبح في يديه الدليل الفعلي على أن إسرائيل تمتلك برنامجا متقدما للغاية في هذا المجال، بعدها غادر إسرائيل خفية حاملا معه المستندات والصور حيث ذهب إلى لندن وهناك سلم مع معه إلى صحيفة صنداي تايمز البريطانية.
وفوجئ العالم بالصحيفة البريطانية تنشر قصة طويلة ومؤكدة ومفصلة تؤكد أن كل ما كان موضع شك من قبل عن البرنامج السري الإسرائيلي للتسليح النووي ومن خلال الصور وملاحظات فانونو استطاع الخبراء الاستنتاج أن إسرائيل تمتلك سادس أكبر مخزوم من الأسلحة النووية في العالم وبينما كان فانونوا في انتظار استقصاء الصحيفة صدق معلوماته.
انتابه شعور شديد بالوحدة وازداد قلقه، وكان الموساد مستعدا للاستفادة من هذه اللحظة فتم دفع طالبة من أصل أميركي تدعى سيندي لمصادقته وأقنعته سيندي بالسفر معها إلى روما حيث حددت له فندقا ليقيما فيه.
وهو الفندق الذي اتفقت مع الموساد على التوجه إليه لتسهيل اختطاف موردخاي فانونو وبالفعل تمكن الموساد من اختطافه بعد أن تمكن من تخديره ونقله إلى إسرائيل حيث قدم لمحاكمة .