Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

صفقات من تركيا إلى باكستان.. الإخوان والبرهان يؤججان حرب السودان (وثائقي إرم)

  إرم نيوز :

في السودان حرب دامية تغذيها رغبة الاستئثار بالسلطة.. قائد قوات بورتسودان أعلنها صراحة بأنّه مستعد لحرب لمئة عام.. رغبة جامحة بمواصلة نزف الدماء تغذيها شحنات سلاح باتت قوات بورتسودان تعتمد في تأمينها على عدة دول، على رأسها إيران وتركيا، وأخيراً من باكستان.

الباحث في برنامج نقل الأسلحة في معهد ستوكهولم الدولي، زين حسين، يؤكّد لــ “إرم نيوز”، أنّ هناك رحلات جوية جرت العام الماضي وأواخره، وثمّة رحلات أخرى تمّ تسييرها بداية العام الحالي، وذلك لنقل الإمدادات ومنها المسيّرات، من إيران وكذلك من تركيا.

هي مصادر تسليح لجأ إليها عبد الفتاح البرهان بعد العزلة الدولية التي فرضها الغرب عليه، لإجباره على وقف القتال والدخول في مباحثات سلام مع قوّات الدعم السريع.


تسليح من إيران

منذ أواخر العام 2023، ظهرت في سماء السودان مسيّرات إيرانية من طراز مهاجر-6. تقارير أممية وصحفية أكّدت وصولها عبر رحلات شحن يشتبه بأنّها تابعة لشركات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني. وتلك المسيّرات مزوّدة بقدرة على حمل قنابل موجهة وصواريخ قصيرة المدى، وقد استُخدمت بالفعل.

العلاقة بين قوات بورتسودان وإيران ليست جديدة. في عهد الرئيس السوداني السابق عمر البشير، اتُهمت الخرطوم بالسماح لطهران بإنشاء مصانع لتصنيع الذخيرة، أبرزها مصنع اليرموك الذي تعرّض لقصف إسرائيلي العام 2012. بعد سقوط البشير، تراجعت العلاقة لكنّها عادت بقوّة مع اندلاع الحرب الدائرة.

يقول الكاتب السياسي شوقي عبد العظيم لـ “إرم نيوز” إنّ “لدى إيران علاقات قديمة مع الإسلاميين خلال فترة حكمهم على مدى 3 عقود، والذين فتحوا طريق التعاون أمام الجيش السوداني، وقد خيّم على تلك العلاقة الكثير من الالتباس”، مشيراً إلى “عودة تلك العلاقة بقوّة مع انطلاق الحرب لدعم الجيش بالسلاح الإيراني والتكنولوجيا الإيرانية”.

تركيا على خط التسليح

تركيا أيضًا دخلت بقوّة على خط الحرب. منذ أواخر العام 2023، كشفت تقارير غربية أبرزها واشنطن بوست وADF Magazine  عن عقود بين قوات بورتسودان وشركة بايكار التركية. تلك العقود تجاوزت قيمتها 120 مليون دولار، وشملت طائرات بيرقدار TB2، ومحطات تحكّم أرضية والمئات من الرؤوس الحربية.

كانت أولى الشُحنات وصلت عبر بورتسودان في أغسطس آب العام 2023، وتبعتها شحنات أخرى في سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني. ووفق تقارير مسربة، فقد أبلغ مسؤولون سودانيون شركة بايكار أنّ تركيا أصبحت الدولة الأكثر دعماً لهم.

وفي السياق، يقول الكاتب الصحافي الطيب الزين لـ “إرم نيوز”، إنّ “تركيا تعمل على إعادة الإمبراطورية العثمانية من خلال التنظيمات الإسلامية الموجودة في المنطقة سواء في السودان أو في بعض الدول الأخرى، وتحاول الاستثمار في المنطقة بحكم أنّها غنية بالموارد والخيرات”.

قوات بورتسودان استخدمت تلك الطائرات لاستهداف قوافل إمداد الدعم السريع في ولاية الجزيرة، بما في ذلك هجوم على جسر البكا قرب ود مدني. كما شاركت الطائرات في معارك الخرطوم وشمال كردفان، وساعدت الجيش على التقدم في الأبيض.

لكن تلك الطائرات لم تغيّر المعركة فقط، بل غيّرت حياة المدنيين، إذ إنّ استخدامها في المناطق الحضرية الكثيفة أدّى إلى ارتفاع حاد في أعداد القتلى بين السكان، وهو ما أكدته تقارير واشنطن بوست.

صفقة ضخمة من باكستان
على الضفة الأخرى، تتداول الأوساط الدفاعية أخباراً عن صفقة ضخمة مع باكستان تشمل طائرات تدريب قتالي ومسيّرات ومنظومات دفاع جوي، لكن هذه الصفقات تبقى في منطقة رمادية، تحاول قوات بورتسودان توفيرها للتغطية على عملياتها الحربية .

 

الباحث

في برنامج نقل الأسلحة في معهد ستوكهولم الدولي، يصف الاتفاقية بأنها مهمة وضخمة، مشيراً إلى أنّه “بحسب المعلومات، فإنّ هذه الاتفاقية تتضمن توريد أسلحة، يتم استيراد بعضها ربّما من دول أخرى كالصين مثلاً”.

وكشف أنّ “الصفقة ربما وُقِّعت بين السودان وباكستان، لكنها تشمل أيضًا أنظمةً ليست باكستانية المنشأ”.

تجدر الإشارة إلى أنّ الاتفاقية وُقّعت في إسلام آباد خلال زيارة قائد القوّات الجوية السودانية الطاهر محمد العوض الأمين، وهو ضابط يواجه عقوبات دولية بتهمة الإشراف على قصف جوي عشوائي استهدف أحياء سكنية في الخرطوم ودارفور وكردفان، وتسبّب بتدمير بنى تحتية ومرافق طبية.

وفي حين يؤكّد شوقي عبد العظيم أنّ “صفقات شراء السلاح متاحة بين الجيوش، لكن تُوضع عليها علامات استفهام في ظل الظروف التي يعيشها الشعب السوداني”، يشدّد الباحث في برنامج نقل الأسلحة على “وجوب وضع قيود على إمداد مناطق النزاع بالأسلحة، وحيث تُنتهك القوانين الدولية الإنسانية”، لكنّه يرى أنّه “في حالة السودان الأمر معقد بسبب وجود أطراف متعدّدة”.

صراع البرهان والإخوان

لكن قوّة الجيش العسكرية تخفي تحتها صراعاً آخر، هو صراع داخلي في قلب المؤسسة العسكرية نفسها. وهنا يقول الطيب الزين إنّ “تجربة السودان خلال العقود الـثلاثة الماضية خلال حكم الإخوان المسلمين، لم تجلب إلى البلاد إلا الخراب والدمار، إذ فصلت الجنوب ونشرت الفساد وانتهى الأمر بالحرب الحالية”.

داخل الدائرة المقرّبة من البرهان، تتزايد المعلومات عن ولاءات متباينة، وقد ظهرت تقارير عن محاولات انقلابية من ضباط على صلة بالتيار الإسلامي. تلك المحاولات وإنْ لم تنجح، دفعت البرهان إلى إعادة تشكيل مراكز النفوذ وإبعاد بعض الأسماء التي كان يُخشى أن تنقلب عليه.

يوضح شوقي عبد العظيم إنّ “الإسلاميين يحيطون بالبرهان إحاطة كاملة، وهدفهم من الحرب العودة للسلطة”، لافتاً إلى أنّه “في حال التراجع من دون تحقيق أهدافهم، سيجد البرهان نفسه في وضع حرج، وقد يكلّفه ذلك الكثير، ربمّا وجوده في المشهد السياسي أو العسكري”.

الإسلاميون الذين حكموا السودان لثلاثة عقود ما زالوا جزءاً من المشهد. البرهان يحاول تقديم نفسه كخصم لهم، لكنّه في الوقت نفسه يحتاجهم للبقاء. تلك الموازنة بين القطيعة والتحالف سبق أن جربها البشير، وانتهت بسقوطه.

والسؤال هو: هل يستطيع حقّاً أن يتخلص من جذور زرعت خلال ثلاثة عقود؟ بعض رموز الإسلاميين من دعاة وقادة سياسيين لا يزالون يحشدون جمهورهم وينتقدون علناً قوات البرهان، إذ إنّ منشأ تلك الخلافات الأساسي هو السيطرة على الحكم في السودان.

صراع داخل الإخوان

وفي ظلّ الصراع مع عبد الفتاح البرهان، يعيش التيار الإسلامي نفسُه انقساماتٍ حادة بين رموزه وقياداته، إذ إنّ كلّ طرف فيه يرى نفسه الأحق بالسلطة بالنظر إلى حجم المساهمة في الحرب.

أخبار ذات علاقة

“السودان التأسيسي” لـ”إرم نيوز”: الهزائم والإخوان فاقما التصدعات بمعسكر البرهان

وهنا يتحدّث عبد العظيم عن الخلاف بين القيادات الإخوانية، بين علي كرتي المتهم الأوّل بإدارة الحرب، وأحمد هارون المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، ومجموعة إبراهيم غندور، ومحمود إبراهيم ونافع علي نافع، بالإضافة إلى مجموعة أخرى تركية… وكلّ خلافاتهم تعود إلى أسباب سياسية ومحاولة للاستفراد بالسلطة ما بعد الحرب”.

أكثر المتضررين
وسط كلّ هذه الاصطفافات، يبقى المدنيون هم الخاسر الأكبر. ملايين النازحين يعيشون بلا مأوى ولا غذاء ولا دواء. المستشفيات لم تعد قادرة على استقبال المصابين، والقرى المدمّرة تروي قصة حرب لا أفق لها. بالنسبة للسودانيين، ليست المسيّرات ولا الصفقات العسكرية هي العنوان، بل البحث عن لقمة عيش وعن الأمان.

وفي هذا الصدد تقول مديرة قسم القرن الأفريقي في هيومن رايتس ووتش ليتيسيا بادر لـ “إرم نيوز”، إنّ “الحرب في السودان تدخل عامها الثالث، ولا يمكن الاستهانة لا بحجم الكارثة الإنسانية، ولا الكارثة المتعلقة بحقوق الإنسان، ونتحدّث هنا عن حجم النزوح القسري، إذ نزح ملايين الأشخاص مراراً وتكراراً من أماكن كانوا قد لجأوا إليها، وتكرر ذلك في ظلّ القتال المستمر للسيطرة على المواقع”.

يقف السودان اليوم أمام واقع مؤلم، جيش يتلقى أسلحة من جهات متعددة تغذي آلة القتل، وحلفاء لتلك الآلة من الحركة الإسلامية هم أيضاً يسعون للسلطة بأيّ ثمن، صراع يهدّد بتفجير منظومة البرهان من الداخل، ويجعل من قواته طرفاً منشغلاً بإدارة الحرب ولا يرى حلولاً إلّا بقوّة السلاح.

 

شاهدوا أيضاً: بين سوريا وإسرائيل: اتفاق سلام مؤجّل.. والجولان كلمة السرّ

السودان
عبد الفتاح البرهان
فيلم وثائقي

اقرأ المزيد على موقع إرم نيوز: https://www.eremnews.com/investigative-journalism/2umw41s