شفقنا :
في اليوم الـ 24 من شهر تموز/يوليو 2016، انطلق ألوف الأشخاص من مناطق غرب كابل نحو وسط المدينة والقصر الرئاسي، للتعبير عن احتجاجهم على غياب العدل والتمييز الممنهج والتاريخي ضد الشيعة الهزارة في أفغانستان. وشكل ذلك النواة الأولى لتشكيل حركة النور.
وكانت الشرطة آذاك قد وضعت حاوبات، لإغلاق الطرق المؤدية إلى القصر الرئاسي، وأوقفت عشرات الألوف من أنصار حركة النور في ساحة “دهمزنغ” التاريخية.
ومع توقف المحتجين في ساحة دهمزنغ، ألقى قادة حركة النور كلمات طرحوا فيها مطالب أعضاء الحركة ووضحوا فشل المحادثات وعدم إيلاء نظام الحكم، أهمية لمطالب الشعب.
وانتهت الخطابات في حوالي الظهر، وانهمك المحتجون بإقامة خيم الاعتصام من أجل احتجاج مفتوج، وفجأة سُمع دوي انفجار هائل، واظلم المكان، وتضرج مئات الشباب بدمائهم.
واستشهد من جراء الهجوم، أكثر من 90 شخصا من المحتجين وأصيب أكثر من 400 آخرين، توفي عدد منهم في المستشفيات بسبب تفاقم حالتهم الصحية.
وكان معظم شهداء حركة النور، من الشباب الدارسين والشيعة الهزارة، ممن نزلوا إلى الشوارع احتجاجا على تغيير مسار نقل خطوط الكهرباء 500 كيلوفولت تركمانستان من باميان إلى سالنغ.
كيف تشكلت حركة النور؟
وكانت الحكومة الأفغانية السابقة قد صادقت في الأول من أيار/مايو من ذلك العام على تغيير مسار خطوط الكهرباء 500 كيلوفولت تركمانستان إلى أفغانستان من ولاية باميان إلى سالنغ.
وأدى هذا القرار إلى احتجاجات واسعة أطلقها القادة السياسيون للشيعة الهزارة وشرائح مختلفة من أبناء الشعب، شملت كابل ومختلف الولايات الأفغانية.
وأكدت الحكومة الأفغانية على تغيير خط الكهرباء في مسار سالنغ ووعدت بايجاد خط كهرباء 220 كيلوفولت من بغلان إلى باميان من أجل تمويل كهرباء ولاية باميان والمناطق الوسطى من البلاد، الوعد الذي لم يتحقق تاليا على أرض الواقع.
وفي أعقاب قرار الحكومة بتغيير مساء نقل اكهرباء التركمانستاني إلى أفغانستان، تشكلت حركة النور للاحتجاج على هذا الموضوع. وبداية كان قادة الأحزاب السياسية الهزارة والساسة التقليديون، يقودون هذه الحركة، لكنهم انسحبوا منها لاحقا وتولى عدد من الشباب والمثقفين قيادتها.
واتهمت حركة النور، الحكومة باتخاذ قرار تمييزي لحرمان سكان المناطق الوسطى من أفغانستان من حقوق المواطنة، واستطاعت في فترة قصيرة، تنظيم مظاهرات واسعة في مدينة كابل والولايات الأفغانية الأخرى.
وتحدت هذه الحركة، حتى قادة الحكومة الأفغانية على الصعيد الدولي وفي أهم المؤتمرات المتعلقة بأفغانستان في العواصم الغربية؛ بما في ذلك تحدى أعضاء حركة النور، الرئيس الأفغاني آنذاك أشرف غني، في مؤتمر عُقد في لندن، ما أدى إلى قمع أعضاء هذه الحركة على يد أفراد حماية أشرف غني أمام مرأى قادة العالم.
وعلى الرغم من تقييد التغطية الإعلامية لأنشطة حركة النور في وسائل الإعلام الأفغانية، بيد أن أعضاء الحركة كثفوا من حضورهم في مواقع التواصل الاجتماعي. وساعد إقامة عدة حملات احتجاجية في تويتر وفيسبوك، على استقطاب الاهتمام تجاه مطالب الحركة، ما ساهم في زيادة الضغط على الحكومة.
كيف قُمعت حركة النور؟
إن الهجوم الذي شُنّ يوم 24 تموز/يوليو 2016 على مظاهرات حركة النور واستشهاد وإصابة المئات من الشباب المتعلمين، سدد ضربة جسيمة بهيكلية الحركة.
وهذا الهجوم الذي تبناه في ذلك الحين تنظيم داعش، كان أكثر الهجمات دموية على أكبر حركة مدنية في أفغانستان. وفي ذلك الوقت، اتهم قادة حركة النور، سلطات الحكومة الأفغانية، خاصة مجلس الأمن الوطني، بعدم الاهتمام بتوفير أمن المتظاهرين والضلوع في مهاجمة الحركة.
وشكلت الرئاسة الأفغانية، هيئة تحقيق لتقصي الحقائق حول الهجوم على حركة النور، غير أن نتائج التحقيق، لم تُنشر بالكامل إطلاقا ولم تمط اللثام عن الحقيقة.
وبعد الهجوم المذكور، لم تخرج حركة النور بأي مظاهرات في كابل، لكن الاحتجاجات استمرت في مختلف مدن العالم والتأكيد على مطالب الحركة.
وفي يوم 24 تموز/يوليو من العام اللاحق، أي في الذكرى السنوية الأولى لضحايا الهجوم على حركة النور، تقرر إقامة مظاهرات كبرى في كابل، بيد أن عددا من كبار أعضاء الحركة، توجهوا إلى القصر الرئاسي لإجراء محادثات مع الحكومة، والتقوا الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني واتفقوا على إلغاء المظاهرات.
وتم في اللقاء الاتفاق على تشكيل لجنة لدراسة توفير الكهرباء لولاية باميان وكذلك تنمية المناطق الوسطى من أفغانستان بصورة أساسية.