"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

DW تتحقق..أبرز معلومات وصور كاذبة حول سجن صيدنايا في سوريا !

DW :

   

بعد تحرير آلاف المعتقلين من سجن صيدنايا سيئ السمعة في سوريا، والذي صار يعرف بـ “المسلخ البشري”، انتشرت على الإنترنت صور ومقاطع فيديو كاذبة. في هذا التقرير نسلط الضوء على أبرزها.

https://p.dw.com/p/4o6EH

سجن صيدنايا يوم 10 ديسمبر 2024
تجمع العديد من المواطنين السوريين في سجن صيدنايا في دمشق بحثا عن أفراد من أسرهمبعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.صورة من: Asaad al-Asaad/UPI Photo/picture alliance

الناشط الحقوقي والمعتقل السوري السابق عمر الشغري أوضح في تصريحات لـ DW أن “عدد المعتقلين المسجلين في سوريا قبل سقوط النظام كان حوالي 139 ألف معتقل، لكني أعتقد أنه كان هناك أكثر من 200 ألف شخص في هذه الزنازين، يتعرضون للتعذيب بشكل يومي”.

من جهته، أوضح إبراهيم الأصيل، الباحث في معهد الشرق الأوسط، في حديث لـ DW: “نحن نتحدث عن مئات الآلاف من الأشخاص الذين تم اعتقالهم وتعذيبهم على مدى عقود من الزمن، وهذا يعني أن كل الأسر السورية، فقدت أو تعرف شخصا اختفى قسرا ولم يُعرف مصيره بعدها”.

بينما يبحث آلاف السوريين اليوم عن أفراد من أسرهم الذين قد يكونوا من بين المحتجزين في صيدنايا، انتشرت العديد من الصور ومقاطع الفيديو على الإنترنت التي تظهر  سجناء مفرجا عنهم. لكن ليست كل الصور حقيقية، بل إن بعضها مزيف، فريق التحقق من المعلومات في دويتشه فيله  DW Fact check يسلط الضوء على أبرزها.

صور بالذكاء الاصطناعي!

“هذا أحد المساجين من سجن صيدنايا، رجل مندهش من رؤسة وجه بشري..”، هذا ما يروج له المنشور أدناه على موقع X المرفق بصورة لرجل مصدوم يخرج من حفرة تحت الأرض.

صورة غير حقيقية
محتوى تم إنتاجه بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي من قبل ناشرهصورة من: DW/Threads

لا تُظهر الصورة معتقلا في سجن صيدنايا، بل هو رجل ظهر في فيديو على الإنترنت، يخرج من حفرة حملا عنكبوتا كبيرا في يده. نُشر الفيديو على موقع تيك توك يوم 3 ديسمبر/ كانون الأول 2024، وتمت الإشارة إلى أنه محتوى تم إنتاجه بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي من قبل ناشره.

ومما يشير إلى أن الفيديو ليس حقيقيا فعلا، هو عيني الرجل المفتوحة بشكل مبالغ فيه في حين أن الضوء الساطع موجه إليها مباشرة، إضافة للحركات غير الطبيعية ليديه. كل هذه التفاصيل، تشير إلى أن الفيديو تم إنتاجه بمساعدة الذكاء الاصطناعي.

“كل شيء من صنع الذكاء الاصطناعي”، جملة يتضمنها حساب تيك توك، الذي ينشر مقاطع فيديو مخيفة تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي يوميا، وكثير منها يظهر رجالا ونساء مع عناكب عملاقة ومخلوقات غريبة في الأنفاق. والصورة المقتبسة من هذا الفيديو ليس لها صلة بسجن صيدنايا في سوريا.

 

صور وفيديو من متحف في فيتنام!

انتشرت صورة على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، تُظهر إنسانا هزيلا طويل الشعر مقيدا بالسلاسل في زنزانة، على أنه أحد المساجين في سجن صيدنايا. وكتب في أحد التعاليق عليها “فور رؤية هذه الصورة، قد تظنها مشهدا من فيلم رعب. لكن في الحقيقة، إنه سجن صيدنايا في دمشق“.

صورة مفبركة
مجسم إنسان شمعي هزيل طويل الشعر مقيد بالسلاسل في زنزانةصورة من: DW/Facebook

هذه الصورة المتداولة لا تُظهر سجينا في صيدنايا، بل هي صورة تم التقاطها في أغسطس/ آب 2008 من قبل وكالة Alamy الخاصة البريطانية. وفي التعليق الأصلي المرفق بالصورة، كتب ما يلي: “إعادة بناء زنزانة عرفت باسم قفص النمر في متحف بقايا الحرب في مدينة هو تشي منه  فيتنام”. كما أن هناك العديد من الصور الأخرى لشخصيات شمعية في زنزانات مختلفة من قبل هذا المصور.

في الأيام الماضية، تم تداول الصورة ضمن مقطع فيديو مدته 11 ثانية، على أنها غرفة داخل سجن صيدنايا.

قارن  فريق التحقق من المعلومات داخل DW هذا الفيديو بفيديو على القناة الرسمية لمتحف بقايا الحرب في مدينة هو تشي منه، بالفيتنام، ووجد الفريق أن معظم صور الفيديو الذي يتم الترويج له على أنه من داخل سجن صيدنايا، ليست إلا صورا من فيديو خاص بإدارة المتحف. وفي الغالب، فقد تم دمج صورة الرجل ذي الشعر الطويل المقيد بالسلاسل في الفيديو، باستخدام الذكاء الاصطناعي على الأرجح.

يبدأ مقطع الفيديو الذي تبلغ مدته دقيقة واحدة وتم تداوله بشكل كبير على منصة تيك توك ليبلغ أكثر من 2.7 مليون مشاهدة، بلقطة قريبة لطفل صغير ينظر من خلال فتحة صغيرة تحت الأنقاض وهو يمد يده.

بعد هذه اللقطة، تُظهِر صورة عبر قمر صناعي موقع سجن صيدنايا، والتعليق المرفق يوضح أن السجن يحتوي على زنازين مخفية تحت الأرض حيث يتم حبس المعتقلين بدون طعام أو ماء أو هواء نقي. ثم يشجع التعليق الصوتي المشاهدين على مشاركة الفيديو.

لقطات تم التلاعب بسياقها
مقطع مقتطف من فيديو، لا يزال متاحا عبر الإنترنت، يكشف أن اللقطات تُظهر طفلا يلعب في المنزلصورة من: Facebook/Youtube

على الرغم من أن التعليق الصوتي لا يدعي صراحة وجود أطفال في  سجن صيدنايا، إلا أن أكثر من 1000 معلق ردوا على الفيديو وفسروه بهذه الطريقة. وأعرب الكثيرون عن حزنهم وقلقهم على مصير الطفل.

هذا الفيديو لم يتم تصويره من داخل سجن صيدنايا، بل هو مقطع مقتطف من فيديو، لا يزال متاحا عبر الإنترنت، يكشف أن اللقطات تُظهر طفلا يلعب في المنزل، وليس محاصرا تحت الأنقاض.

ظهر الفيديو على حساب تيك توك محذوف الآن، وهو مقطع تم استعماله قبل الأحداث في  سوريا بأسابيع، على أنه طفل من غزة، محاصر تحت الأنقاض بعد  غارة جوية إسرائيلية.

من الصعب التحقق من الوقت والمكان الدقيقين للقطات، لكن الواضح والأكيد أنه تم استعمالها قبل أسابيع من التطورات الأخيرة المتعلقة بسجن صيدنايا، مما يثبت أنها غير ذات صلة.

في 9 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أجرى فريق من  الخوذ البيضاء  – وهي منظمة تطوعية تديرها المعارضة – تحقيقًا شاملاً في  السجن  باستخدام كلاب بحث مدربة. وفي بيان تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، أعلنت المنظمة أنه بعد فحص جميع المداخل والمخارج ومنافذ التهوية وأنظمة الصرف الصحي وأنابيب المياه والأسلاك الكهربائية وأنظمة المراقبة، لم يتم إيجاد أي مناطق مخفية أو مغلقة”.

صورة متداولة على أنها من سجن صيدنايا السوري
تم استعمال اللقطة منذ أسابيع على أنها لطفل من غزة، محاصر تحت الأنقاض بعد غارة جوية إسرائيلية.صورة من: DW/Tiktok

وبينما لا يوجد دليل موثوق يدعم حقيقة وجود زنازين احتجاز تحت الأرض في صيدنايا، فإن المنشورات التي تكرر هذا الادعاء مستمرة في الانتشار.

الادعاءات المضللة قد تقوض الحقيقة!

إن مقاطع الفيديو والصور المزيفة التي تم تداولها على أنها من سجن صيدنايا، أكثر بكثير الحالات التي جاءت في هذا التقرير. مثلا في مقطع فيديو يظهر سوريين يدخلون السجن، يظهر طفل لفترة وجيزة. وقد شارك العديد من الأشخاص لقطات منه، قائلين إنه يثبت احتجاز الأطفال في صيدنايا.

هذا ليس سجناً في سوريا بل ببريطانيا

من غير الواضح ما إذا كان الطفل في الفيديو من بين المعتقلين أو كان مع المدنيين الذين يدخلون المنشأة، لكن في الوقت ذاته، فإن وجود أطفال في سجون النساء ليس أمرا مستحيلا، بل وارد جدا.

إن نشر معلومات كاذبة حول الفظائع المرتكبة في مثل هذه السياقات لا يقوض الجهود المبذولة لتوثيقها والتحقيق فيها فحسب، بل يعيق أيضا مساءلة عن الجناة. يمكن أن تؤدي مثل هذه المعلومات المضللة إلى إنكار الفظائع، حيث يتم التشكيك في مصداقية انتهاكات حقوق الإنسان الحقيقية، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى إضعاف جهود العدالة وإخفاء الحقيقة.

ساهم في إعداد هذا التقرير: عماد حسن وكلوديا ديهن.

أعدته للعربية: ماجدة بوعزة