Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

هل يتحول شمال أفغانستان إلى “وزيرستان” ثانية؟

وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان أنه من أجل “المزيد من السيطرة” سيتم نقل عدد من مهاجري وزيرستان ممن يقيمون بالقرب من الحدود مع باكستان، إلى مناطق أخرى.

وأوضح مجاهد أنهم لا يأخذون هذا الموضوع على محمل الجد بالقدر الذي تركز عليه وسائل الإعلام مضيفا أن الموضوع يعود للسنوات الماضية.

غير أن المواطنين والمجموعات السياسية الأفغانية يعتبرون هذا المشروع بأنه بمنزلة “تحويل شمال أفغانستان إلى وزيرستان أخرى” ويرون أنه يشكل خطرا على استقرار ومستقبل أفغانستان والمنطقة.

واعتبرت جبهة تحرير أفغانستان التي تمارس العمل المسلح ضد طالبان أن نقل أعضاء تحريك طالبان باكستان إلى شمال أفغانستان يمثل “خدعة كبرى” و “إجراء خطيرا” وقالت أن طالبان “بدأت فعلا تنفيذ خطة جديدة لتوطين المجموعات التي تماثلها في الفكر والاتجاه داخل أفغانستان.”

وحذرت هذه الجبهة في بيان من أن “تداعيات هذه الإجراءات ليست ستكون خطيرة وكارثية على أفغانستان والمنطقة فحسب، بل على السلام والأمن الدوليين أيضا.”

 

لماذا إيجاد وزيرستان أخرى؟

وتقع منطقة وزيرستان شمالي غرب باكستان وكانت على مدى العقدين الأخيرين على أقل تقدير، منطقة يسودها التوتر والاضطراب وموقعا لتجنيد المقاتلين وتدعيم الإرهاب والتطرف.

وكان العديد من قادة طالبان ممن يمسكون الان بزمام السلطة في أفغانستان، يعيشون في هذه المنطقة، فضلا عن الحضور والتواجد الكثيفين لمختلف المجموعات الإرهابية بما فيها القاعدة فيها.

وعلى إثر ضغط الأسرة الدولية على الحكومة الباكستانية لمكافحة المجموعات الإرهابية في هذه المنطقة، نفذ الجيش الباكستاني عمليات كبيرة بعنوان “الضربة الماحقة” في المناطق القبلية بوزيرستان ، ما أدى إلى ترحال الكثير من سكانها إلى مناطق في شرقي أفغانستان وبالقرب من الحدود بين البلدين.

لكن وحتى فترة سقوط النظام الجمهوري في أفغانستان، لم تكن ثمة هواجس أمنية من وجود المهاجرين الوزيرستانيين في مناطق شرقي أفغانستان، وبادر الكثير منهم إلى ابتياع بيوت وأراض في هذه المناطق وعاشوا فيها سلميا.

وبدأت المشكلة عندما سقط النظام الجمهوري في أفغانستان وسيطرت طالبان على البلاد وصاحب ذلك انتقال مئات مقاتلي تحريك طالبان باكستان إلى مناطق شرقي أفغانستان.

وفي الوقت ذاته، صعدت تحريك طالبان باكستان من هجماتها على الجيش الباكستاني وأصبحت الهجمات أكثر دموية، ولذلك أخذت الحكومة الباكستانية تمارس الضغط على طالبان لإعداد خطة للتحكم بأعضاء تحريك طالبان باكستان، ما تم في النهاية الاتفاق على إبعادهم عن المناطق الحدودية وتوطينهم في مناطق أخرى بأفغانستان.

 

ما هي دواعي القلق؟

ويتم في الوقت الحاضر، تنفيذ خطة نقل أعضاء تحريك طالبان باكستان إلى مناطق شمالي أفغانستان في الظاهر، بيد أن تقارير تشير إلى وجود أشخاص غير معروفين بالنسبة للأهالي في سائر مناطق البلاد.

وتفيد مصادر محلية أن ما لا يقل عن 320 عضوا مسلحا لتحريك طالبان باكستان، تم نقلهم إلى مدينة دشت قلعة بولاية تخار شمالي شرق أفغانستان تزامنا مع زيارة تفقدية قام بها سراج الدين حقاني وزير داخلية طالبان بالإنابة إلى شمالي شرق البلاد.

وأثار العديد من المجموعات السياسية التي أبدت لحد الان ردة فعل تجاه هذا الموضوع، عدة قضايا رئيسية بما فيها تغير النسيج السكاني للشمال ونثر بذور الإرهاب في هذه المنطقة.

ورأى المجلس الأعلى للمقاومة الوطنية لإنقاذ أفغانستان في بيان أن هذه الخطة توضع موضوع التطبيق في مسعى يهدف إلى تغيير التركيبة السكانية لشمالي أفغانستان.

ويذهب مختصون بالشأن السياسي إلى الاعتقاد أن طالبان تريد في ظل اعتماد سياسة تثبيت العرقية البشتونية في أفغانستان، نقل مقاتلي تحريك طالبان باكستان من هم من العرقية البشتونية إلى شمالي البلاد لتوطينهم هناك بعد اغتصاب أراضي الإثنيات الأخرى.

وهذا التوجه له ماض طويل على ما يبدو في تاريخ أفغانستان، إذ يرى الكثيرون أن عبد الرحمن خان كان أول من نفذ هكذا خطة واغتصب خلالها مناطق واسعة وخصبة في قندهار وأرزكان من الهزارة ووضعها بتصرف أفراد من البشتون.

ويضيف خبراء الشأن السياسي الأفغاني أن هذه القضية يتم تطبيقها الان في شمال أفغانستان، إذ تنوي طالبان وضع مناطق شاسعة من هذه الولايات بتصرف البشتون.

والقضية الأخرى التي نالت الاهتمام في ردود الأفعال هي تحول مناطق شمال أفغانستان إلى مكان آمن للمجموعات الإرهابية.

وقالت جبهة تحرير أفغانستان في ردة فعلها أن طالبان تريد من خلال نقل أعضاء تحريك طالبان باكستان إلى شمال أفغانستان “نثر بذور الإرهاب والنفاق” وإلى الأبد في البلاد.

ومن جهة أخرى، أعرب عدد من دول اسيا الوسطى عن قلقها من هذا الموضوع واعتبرته يصب في خانة تنفيذ المشروع الكبير الهادف لنقل الإرهاب إلى اسيا الوسطى.

وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قد قالت في الآونة الأخيرة أن داعش يقوم بدعم أجنبي، بتوسيع رقعة التهديد الأمني في أرجاء أفغانستان في محاولة لتقويض أمن واستقرار الدول الجارة لأفغانستان.

وكانت الفصائل السياسية الداخلية الأفغانية قد حذرت الدول المجاورة لأفغانستان والمنطقة بألا تمر مرور الكرام على هذه الخطة لانه إن تم وضعها موضع التنفيذ، فان الإرهاب والتدهور الأمني سيطالان تلك الدول لا محالة.