"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

3 مخاطر تهدد دولا شرق أوسطية وأفريقية في حال انهيار السودان

تلك القراءة خلص إليها أستاذ العلوم السياسة في الجامعة الأمريكية بجامعة بيروت هلال خشان في تحليل بموقع  ” جيوبوليتكيال فيوتشرز”.

ومنذ 15 أبريل/ نيسان الجاري يعاني السودان من اشتباكات شرسة بين الجيش، بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات “الدعم السريع”، بقيادة نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وهو ما يعتبره مراقبون صراعا على السلطة والنفوذ في بلد يأمل في العودة إلى الحكم المدني.

خشان قال إنه في عامي 2021 و2022، قدمت مجموعة فاجنر المرتزقة الروسية الخاصة (مرتبطة بالكرملين) تدريبات لـ”الدعم السريع” في مناطق ليبية يسيطر عليها اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر.

وتابع أنه بالنسبة إلى فاجنر، توفر “الدعم السريع” رابطا مهما بين مراكزها اللوجستية في ليبيا وساحات معاركها في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، لكن دعم قوات حميدتي قد يكون مكلفا لفاجنر وحفتر”.

وأوضح أنه توجد مخاوف داخل قيادة قوات حفتر “من أن الارتباط بحميدتي قد يعرض للخطر علاقة حفتر بمصر (الداعمة للبرهان) مصدره الأساسي للمساعدة العسكرية، لذلك قرر حفتر تقليص علاقته بـ”الدعم السريع”.

تدفق اللاجئين

و”في السنوات الأخيرة، أصبح السودان طريق عبور للمهاجرين (غير القانونيين) المتجهين إلى أوروبا عبر ليبيا، حيث يستغل المهربون عدم الاستقرار لتقديم وعود بمرور اللاجئين عبر البحر المتوسط”، وفقا لخشان.

وأضاف أن “السودان أيضا مصدر رئيسي للمهاجرين الفارين إلى أوروبا والبلدان المجاورة، حيث يستضيف 800 ألف لاجئ من (دولة) جنوب السودان، وقد تؤدي عودتهم الجماعية إلى إجهاد جهود تقديم المساعدات الأساسية لأكثر من مليوني نازح في جنوب السودان ممَّن فروا من الشمال بعد استقلال الجنوب في 2011”.

وتابع: كما “دفع القتال الراهن آلاف اللاجئين السودانيين إلى تشاد، الجار الغربي الفقير للسودان، حيث لجأ أكثر من 400 ألف نازح سوداني خلال النزاعات السابقة”.

وقال إن “تشاد تشعر بالقلق من أن الأزمة قد تمتد عبر حدودهما المشتركة إلى المناطق التي شهدت سنوات من القتال العرقي وتستضيف الآن آلاف اللاجئين، كثير منهم من (إقليم) دارفور (غربي السودان)”.

وأردف أن “الميليشيات العربية المعروفة باسم الجنجويد، والتي تطورت في النهاية إلى “الدعم السريع”، شنت غارات في تشاد، حيث هاجمت اللاجئين ونهبت القرويين”.

كما تشعر مصر (الجار الشمالي للسودان)، بحسب خشان، بالقلق مع تدفق اللاجئين، فالظروف الاقتصادية في مصر تتدهور بالفعل، مما يعني أنها ستجد صعوبة في التعامل مع اللاجئين، كما يمكن أن يؤدي انهيار السودان إلى تفاقم التحديات الأمنية التي تواجه مصر عبر تسهيل تهريب الأسلحة والإسلاميين المتطرفين”، على حد قوله.

وأفاد بأن “الأزمة السودانية تثير أيضا مخاوف لإسرائيل، إذ يفر آلاف المهاجرين الأفارقة، ومعظمهم من السودان، سنويا إلى إسرائيل. ومنذ 2017، أصدرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تصاريح إقامة مؤقتة لهؤلاء اللاجئين أثناء محاولتها إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية”.

وأضاف أن “هذه المسألة دفعت إسرائيل إلى تسريع المحادثات بشأن تطبيع العلاقات مع السودان. ومنذ الموافقة على إقامة علاقات دبلوماسية مع الخرطوم في 2020، سعت الحكومة الإسرائيلية للتوصل إلى اتفاق يمكن أن يشهد عودة بعض المهاجرين إلى ديارهم”.

ساحة مواجهة

خشان قال إنه “لطالما كان السودان ساحة مواجهة بين القوى الإقليمية والعالمية، ولطالما سعت السعودية والإمارات إلى التدخل في السودان واعتبرتا الإطاحة بالرئيس السوداني السابق عمر البشير (1989-2019) خطوة نحو دحر نفوذ الإسلاميين في البلاد وتحقيق الاستقرار في المنطقة”.

واستطرد: “كما “استثمر قادة الأعمال السعوديين والإماراتيين في مشاريع طموحة في السودان، خاصة في الزراعة والطيران والموانئ على ساحل البحر الأحمر”.

واستدرك: “مع ذلك، يشعر البعض بالقلق حيال نفوذ السعودية والإمارات المتزايد هناك. فمصر خصوصا غير مرتاحة لتعاون السودان المتزايد مع دول الخليج وتركيا في القطاع الزراعي”.

وأردف أنه “يمكن لهذه الأنواع من التعاون بمرور الوقت تقويض الدور التقليدي للقاهرة في السودان وتآكل آفاق التعاون الاقتصادي مع الخرطوم، كما تخشى مصر من أن تؤدي الاستثمارات الزراعية التركية والخليجية إلى توسيع السدود على نهر النيل في السودان، مما قد يستنفد حصة مصر من مياه النيل”.

وتابع أنه “سيكون لانزلاق السودان في حرب شاملة تداعيات على سد النهضة الإثيوبي الكبير، الذي نسقت مصر بشأنه عن كثب مع السودان، فإذا تفكك السودان سيتعين على مصر التعامل مع الدول الصغيرة المتحاربة، مما يزيد من إضعاف موقفها”.

وتخشى دولتا مصب نهر النيل، مصر والسودان، من أن يؤثر ذلك السد سلبا على حصتهما المائية السنوية من مياه النيل ويُضر بمنشآتهما المائية، بينما تقول إثيوبيا إن السد ضروري لجهود التنمية وإنها لا تستهدف الإضرار بأي دولة أخرى.

وقال خشان إنه “بسبب المشاكل السياسية والاقتصادية الداخلية، تفقد مصر بشكل متزايد قدرتها على ممارسة نفوذها في المنطقة، مما يترك فراغا في السودان تم ملؤه إلى حد كبير من السعودية والإمارات. وتدل اتصالات وزير الخارجية الأمريكي مع وزيري الخارجية السعودي والإماراتي بشأن قضية السودان على تراجع دور مصر الإقليمي”.

ولفت إلى أن “مصر أرسلت العام الماضي طائرات حربية وطيارين لدعم الجيش السوداني، لكنهم سقطوا في قبضة “الدعم السريع” بمطار مروي (شمال) وأفرجت عنهم فقط بعد أن توسطت الإمارات”.

وزاد بأن “مصر ودول إقليمية أخرى تشعر بالقلق من أن السودان يمكن أن يصبح صومالا آخر (حرب أهلية طويلة)، مما يؤدي إلى ظهور المزيد من الميليشيات المسلحة. وبالنظر إلى انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة في السنوات الأخيرة (لصالح مواجهة نفوذ الصين في آسيا)، يمكن أن يخرج الوضع الأمني عن السيطرة إذا اندلع صراع آخر، مما يهدد استقرار الشرق الأوسط والقرن الأفريقي”.

نفط وأمن

كما “تقول حكومة جنوب السودان إن القتال أعاق بالفعل تصدير 170 ألف برميل من النفط يوميا عبر (ميناء) بورتسودان (السوداني). وبالنظر إلى أن السودان يتلقى 9 دولارات للبرميل كرسوم عبور، فليس من مصلحة أي من طرفي الصراع قطع خط الأنابيب الذي ينقل نفط جنوب السودان إلى الميناء”.

وأضاف أن “تشاد تخشى من أن المتمردين الذين يعملون على أراضيها قد يتلقون دعما من مجموعة فاجنر في جمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة، والتي لها علاقات وثيقة مع الدعم السريع. ومن المرجح أن يمتد القتال إلى البلدين وأجزاء أخرى من المنطقة المضطربة”.

وتابع أن “إسرائيل قلقة من التقارب بين روسيا وإيران ووجودهما في البحر الأحمر، لذلك سعت إلى ضم السودان إلى منتدى النقب، الذي انبثق عن تطبيع دول عربية مع إسرائيل (2020)، لإظهار رغبتها في الوصول إلى البحر الأحمر ومعالجة الوجود البحري المتزايد لروسيا وإيران هناك. لكن تدهور السودان يمكن أن يعرض هذه العملية للخطر”.

وحتى 27 أبريل/ نيسان الجاري، خلفت الاشتباكات 528 قتيلا و4 آلاف و599 جريحا، معظمهم مدنيون، بحسب وزارة الصحة السبت. وتجددت صباح السبت، اشتباكات في مناطق متفرقة بالعاصمة الخرطوم، رغم هدنة إنسانية معلنة مساء الخميس لمدة 72 ساعة، بناء على مساع أمريكية سعودية.

  • ترجمة الخليج الجديد