"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

أستاذ العلوم السياسية بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية : السيسي سيحل مأزق تيران وصنافير مع السعودية قريبا.. والآثار ستطال المنطقة بالكامل

 الخليج الجديد :

خليل العناني : السيسي سيحل مأزق تيران وصنافير مع السعودية قريبا.. والآثار ستطال المنطقة بالكامل

أعاد أستاذ العلوم السياسية بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية الكاتب خليل العناني تسليط الضوء على قضية تعطيل مصر تسليم جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر إلى السعودية، قائلا، في مقال نشره “المركز العربي واشنطن دي سي”، إن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يستغل قضية الجزيرتين لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية ومالية، وإنه من المتوقع أن يمضي قدما في نقل الجزيرتين للمملكة بعد تأمين هذه المكاسب.

وأضاف العناني، في التحليل الذي ترجمه “الخليج الجديد”، أن قضية جزيرتي تيران وصنافير لن تغلق بعد تسليمهما إلى السعودية، بل إن العملية برمتها ستكون لها آثار طويلة المدى ليس فقط لمصر والسعودية، بل للمنطقة بأكملها.

ويستعرض العناني مشكلة تعليق السيسي تسليم الجزيرتين إلى السعودية، بعد أن وافق على التنازل عنهما عام 2017، قائلا إن التعليق ليس بسبب الانتقادات العامة واسعة النطاق ورفض المصريين التنازل عن الجزر للسعودية، باعتبارهما جزءًا من أراضي مصر.، بل إن المأزق هو نتيجة الخلافات السياسية والاقتصادية والمالية بين الرياض والقاهرة التي كانت تغلي على مدار الأشهر القليلة الماضية.

ويقول: “يُزعم أن السيسي يعوق نقل السيادة على الجزر لممارسة الضغط على السعودية وتحقيق فوائد اقتصادية ومالية يمكن أن تخفف من الأزمة الاقتصادية الحادة في مصر. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستنجح في تأمين الفوائد المرجوة للسيسي من المملكة العربية السعودية”.

 

 

أهمية الجزيرتين

ويتطرق الكاتب إلى أهمية تيران وصنافير، وهما جزيرتان غير مأهولتين تقعان على بعد حوالي 4 كيلومترات في البحر الأحمر، قائلا إنهما تتمتعان بأهمية استراتيجية هائلة بسبب سيطرتهما على مدخل خليج العقبة، والذي يعد بمثابة قناة رئيسية للحركة البحرية إلى موانئ العقبة في الأردن، وإيلات في دولة الاحتلال الإسرائيلي.

يقع مضيق تيران، وهو امتداد ذو أهمية كبيرة يسهل وصول إسرائيل إلى البحر الأحمر، على مقربة من جزيرة تيران عند مدخل خليج العقبة، والذي يعد بمثابة الميناء الوحيد للأردن غير الساحلي، ما يجعله نقطة وصول حاسمة لأنشطة التجارة البحرية في البلاد.

أما جزيرة تيران، فهي أقرب الجزيرتين إلى الساحل المصري، وتقع على بعد 6 كيلومترات فقط من منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر.

ويؤكد العناني أن الموقع الجغرافي لهذه الجزر يجعلها بمثابة أصولًا رئيسية في المنطقة وتخضع لدرجات متفاوتة من المصالح والخلاف السياسي.

 

 

تاريخ النزاع

ويعود تاريخ النزاع على الجزيرتين بين مصر والسعودية إلى أوائل القرن العشرين عندما أقامت الدولة العثمانية حدودها الشرقية واستبعدت تيران وصنافير من الأراضي المصرية.

وفي عام 1906، منح ترسيم الحدود الذي فرضته بريطانيا على الحدود المصرية الفلسطينية مصر اعترافًا سياسيًا رسميًا والسيطرة على سيناء بما في ذلك جزر تيران وصنافير.

وفي الخمسينات من القرن الماضي، أبرمت مصر والسعودية اتفاقية نقلت الجزيرتين إلى مصر.

وكان الدافع وراء النقل مخاوف من أن إسرائيل، التي كانت تخوض صراعا عسكريا مع العرب، قد تستولي على الجزر، ما قد يهدد أمن كل من القاهرة والرياض.

أقامت مصر بعد ذلك قواعدها العسكرية على الجزيرتين لعدة عقود ما عزز الشعور العام بأنهما جزء من الأراضي المصرية، لاسيما بعد أن خاضت حروبا مع إسرائيل على تلك الجزيرتين في أعوام 1956 و1967، والأخيرة اندلعت عندما أقدمت القاهرة على إغلاق الملاحة في مضيق تيران وخليج العقبة ومنعت إسرائيل من الوصول إلى البحر الأحمر.

ويقول العناني إن سيطرة السعودية على الجزيرتين ستمكن الرياض من إدارة مدخل خليج العقبة وتعزيز مكانتها كقوة إقليمية.

علاوة على ذلك، ستسهم هذه الخطوة في الطموحات السياسية والاقتصادية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي يهدف إلى تأكيد نفسه كزعيم إقليمي.

ويضيف أن جوهر الخلاف بين السيسي ومحمد بن سلمان حول تلك الجزيرة يتعلق بحزمة دعم مالي واقتصادي كان الأول يتوقعها من الثاني لمساعدته في التعامل مع أزمة اقتصادية ثقيلة تعاني منها القاهرة، لكن الرياض تريد وقف سياسة منح الأموال للسيسي دون شروط، بعد أن استشعرت الخطر من اعتماد الاقتصاد المصري على المساعدات والديون.

 

 

العامل الإسرائيلي

ويقول العناني إن إسرائيل رحبت بنقل الجزيرتين من مصر إلى السعودية، مدفوعة برغبتها في تطبيع العلاقات مع المملكة والذي سيكون له تداعيات استراتيجية على كلا البلدين بل المنطقة، واعتقادها بأن سيطرة السعودية على الجزيرتين قد تشكلان مدخلا للأمر.

العامل الأمريكي

ولنفس السببب السابق تقريبا، تتحمس إدارة جو بايدن للتوسط في اتفاق نقل تيران وصنافير من مصر إلى السعودية، حيث تريد واشنطن تسريع وتيرة كل ما يمكن أن يجعل التطبيع بين السعودية وإسرائيل أمرا واقعا، حيث تعزز هذه الصفقة موقع تل أبيب كقوة إقليمية، ويمكن أن تكون أبرز مظاهر الإرث السياسي لإدارة بايدن في المنطقة.

وعملت إدارة بايدن بجد على “خارطة طريق” التطبيع بين إسرائيل والسعودية خلال العام الماضي، مع استخدام صفقة نقل الجزر كعنصر أساسي. وقد اشتمل هذا الجهد على حث كل من مصر والسعودية على الانتهاء من الاتفاق.

 

 

وخلال زيارة بايدن للشرق الأوسط في يوليو/تموز 2022، حصل على موافقة رسمية من إسرائيل على الصفقة وسعى لإعلانها خلال رحلته إلى السعودية.

ومع ذلك، فإن التوترات بين واشنطن والرياض، وكذلك إحجام السيسي عن المضي قدمًا، أعاقت الانتهاء من الاتفاق.

علاوة على ذلك، أثير موضوع اتفاق الجزيرتين مرة أخرى في ديسمبر/كانون الأول 2022 من قبل مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان خلال محادثة مع السيسي على هامش القمة الأمريكية الأفريقية في واشنطن. وأكد سوليفان رغبة إدارة بايدن في ضرورة تنفيذ الصفقة.

وبينما أدت التوترات الاقتصادية والمالية بين السعودية ومصر إلى تعقيد عملية نقل الجزيرتين، تشير بعض التقارير إلى أن السيسي أخر تسليم الجزيرتين للسعودية من أجل ممارسة الضغط على الولايات المتحدة للإفراج عن المساعدات العسكرية التي تم تجميدها، ولمنع الانتقاد لسجل مصر الحقوقي، يقول العناني.

 

المصدر | خليل العناني | المركز العربي واشنطن دي سي – ترجمة وتحرير الخليج الجديد