"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

كارنيجي : ما هي دوافع وتداعيات إعلان حزب الله دعم فرنجيه لرئاسة لبنان؟

الخليج الجديد :

سلط مركز كارنيجي للشرق الأوسط الضوء على دوافع وتداعيات إعلان الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، دعم حزبه وصول النائب والوزير السابق سليمان فرنجية إلى سدة الرئاسة في لبنان، وهو المنصب الذي ظل شاغرا منذ 4 أشهر في البلد الغارق في انهيار اقتصادي متسارع.

ووفق تحليل نشره المركز على موقعه، فإن تأخير خطوة الإعلان الرسمي، التي جاءت بعد تواتر مؤشرات ضمنية عن دعم الحزب لفرنجية، ربما كانت بدافع الخوف من أن يفسح ذلك المجال لاستهداف فرنجية سياسيًا وتقويض حظوظه.

فمثلما دعم خصوم حزب الله ترشيح ميشال معوض، وهو منافس محتمل لفرنجية، مدركين أنهم قد يتخلون عن ترشيحه لاحقًا خلال المحادثات حول مرشح توافقي، فقد فتح حزب الله بدوره فتح الباب أمام احتمال التفاوض من خلال تسمية المرشح الذي يفضله.

وبحسب التحليل، ربما لدى الحزب ضمانات بأن العدد الكافي من الأصوات مؤمّن لتحقيق فوز فرنجية، بيد أن الأرقام لا تزال غير واضحة في الوقت الراهن.

مخاوف المقاطعة

وذكر التحليل أن نصر الله لم يفوت الفرصة للتأكيد أن دعم حزبه لفرنجية لا يخل بالتفاهم مع التيار الوطني الحر والذي يعارض قائده جبران باسيل انتخاب فرنجية، وقال نصر الله “لكلٍ الحرية باختيار المرشح الذي يناسبه”.

واعتبر التحليل أن النبرة التصالحية الموجهة من  نصر الله إلى التيار الوطني الحر تأتي بهدف ضمان عدم إقدام نواب التيار على مقاطعة جلسة انتخاب الرئيس.

فوفقًا للدستور اللبناني، كي يُصار إلى انتخاب رئيس للجمهورية في الدورة الأولى من التصويت، يجب أن يحظى أحد المرشحين بغالبية ثلثَي مجلس النواب، على أن يقل العدد المطلب للحسم بعدها إلى الأغلبية المطلقة، أي 65 صوتًا، لكن يجب تأمين النصاب كي تُعقد الدورة الثانية.

يدرك حزب الله أن امتناع التيار الوطني عن حضور جلسة الدورة الثانية إلى جانب الكتلتَين المسيحيتَين الأخريَين، الأولى بقيادة القوات اللبنانية والثانية بقيادة حزب الكتائب، قد يطلق مسعى أوسع نطاقًا لتعطيل النصاب.

جنبلاط والسعودية

وذكر التحليل أن الحزب يترقب ما إذا كانت الكتلة التابعة للزعيم الدرزي وليد جنبلاط سوف تتبنى ترشيح فرنجية. لأنه من دون دعم جنبلاط، ستكون حظوظ فرنجية ضئيلة.

 

 

في غضون ذلك، من المفهوم على نطاق واسع أن السعودية تعارض انتخاب فرنجية رئيسًا إذ تعتبره حليف حزب الله، ومن المستبعد جدًّا أن يخاطر جنبلاط بتقويض علاقاته مع المملكة من خلال الإيعاز لنوابه بالتصويت لفرنجية.

ثمة عامل آخر ينبغي تحديده وهو ما إذا كان لحزب الله وفرنجية ما يكفي من الأصوات داخل كتلة التيار الوطني الحر الأوسع لترجيح الكفة لصالحه ومنحه قدرًا من الشرعية المسيحية (فالتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب جميعها كتلٌ مسيحية بشكل أساسي، ورئيس الجمهورية اللبناني هو مسيحي ماروني).

تداعيات

وقال التحليل إن البعض لفت إلى أن إعلان نصر الله دعمه لفرنجية يعني أنه نجح في تأمين الأصوات اللازمة لإيصاله إلى سدة الرئاسة.

وعقب بالقول: “ربما هذا الأمر صحيح، لكن لا بد من الإشارة مجددا إلى أن موقع فرنجية كان يضعف لأن الحزب لم يكن قد تبنى ترشيحه بعد، وهو ما دفع الحزب إلى الإعلان. والوقت وحده كفيلٌ بتحديد أي من التحليلَين هو الأصح”.

لكن الأكيد أن فرنجية لا يلبي إطلاقًا توقّعات المجتمع الدولي والكثير من الدول العربية. فالسعوديون خصوصًا قد يعتبرون أن انتخابه يشكل استفزازًا لهم، ما من شأنه أن يدفع دول الخليج إلى النأي بنفسها عن الشؤون اللبنانية على مدى السنوات المقبلة.

وذكر أنه إن لم يوافق السعوديون على الرئيس، عندئذٍ من المستبعد أن يقدم القطريون، الذين بإمكانهم التوسط مع الإيرانيين وحزب الله، مساعدات مالية إلى لبنان، كما تعهدوا مؤخرًا.

في غضون ذلك، تبحث دول كثيرة، ولا سيما الولايات المتحدة وفرنسا، عن رئيس يمكنه المضي قدمًا بالإصلاحات الاقتصادية ولا تربطه أي علاقة مع القيادة السياسية الفاسدة في البلاد، أي بعبارة أخرى عن شخصية تُعد نقيض فرنجية.

لم يتم حتى الآن تنفيذ أي من الإصلاحات الأساسية التي اتفق عليها لبنان مع صندوق النقد الدولي بصورة طوعية، ومن شأن تولي فرنجية الرئاسة أن يزيد قناعة صندوق النقد والبنك الدولي بأن لبنان ليس جديا بشأن اتخاذ تدابير للتخفيف من حدة أزمته الاقتصادية، وفق تحليل كارنيجي.

وخلص التحليل إلى أن يجب على حزب الله توخي الحذر. وإذا انتُخِب فرنجية بأكثرية كبيرة من الأصوات المسلمة وبشكل يتعارض مع تفضيلات الكتل البرلمانية المسيحية الأساسية، فسيؤدي ذلك إلى رد فعل طائفي قوي، إذ سيتحد المسيحيون في إدانة الأحزاب المسلمة لفرضها مرشحها على طائفة تعارض فرنجية.

ونتيجةً لذلك، قد تصبح عملية الحكم صعبة للغاية على فرنجية، إذ سيواجه هجمات مشتركة من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب، ما سيرغمه على الاعتماد على حزب الله للصمود سياسيًا. قد يؤدي كل ذلك إلى إيقاع لبنان في مأزق الجمود التام، ويفاقم الأوضاع الاقتصادية الكارثية أساسًا، ويزيد الاستياء المسيحي من حزب الله.

 

 

 

المصدر | الخليج الجديد + كارنيجي