السورة بصيغة pdf:
سورة الضحى
تفسير البينة ( النبأ العظيم)
يقول السيوطي في تفسيره ” الدر المنثور” :
[ أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت سورة { الضحى } بمكة – تفسير الدر المنثور للسيوطي ]
التفسير :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
(و) الضحى)
الواو هنا للقسم
وقد أقسم الله تعالى ل في النهار والليل كدليل على تعاقب ملائكة في هذه الأوقات لرفع الأعمالو ونزول الرجمة وإجابة الدعوة قال تعالى في القسم بوقت الفجر والليالي العشر وصلاة الشفع والوتر { والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر } .
وقال تعالى في وقت العصر أو الدهر { والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} [ والعصر : الدهر والعصران الليل والنهار وقد ورد في المادة الزمن – معجم الفاظ القرآن باب العين فصل الصاد والراء ]
قال تعالى والعصر وهو وقت صلاة كما في أحاديث النبي صلى الله عليه وآله :
[أخرج ابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن بريدة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم “من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله”.
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من ترك صلاة العصر متعمدا فقد حبط عمله”.
وأخرج مسلم والنسائي والبيهقي عن أبي بصرة الغفاري قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بالمخمص، ثم قال: ( إن هذه الصلاة فرضت على من كان قبلكم فضيعوها، فمن حافظ عليها كان له أجره مرتين، ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد)، والشاهد النجم.
وأخرج الطبراني عن أبي أيوب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم “إن هذه الصلاة – يعني العصر – فرضت على من كان قبلكم فضيعوها، فمن حافظ عليها أعطي أجرها مرتين، ولا صلاة بعدها حتى يرى الشاهد، يعني النجم”.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من ترك صلاة العصر حتى تغيب الشمس من غير عذر فكأنما وتر أهله وماله”. وأخرج ابن أبي شيبة عن نوفل بن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن من الصلاة صلاة، من فاتته فكأنما وتر أهله وماله. قال ابن عمر: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: هي صلاة العصر”. وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال: من ترك العصر حتى تفوته من غير عذر فقد حبط عمله] .
وأقسم الله تعالى بوقت الضحى والليل وما فيهما صلاة و أوقات رفع أعمال وإجابة دعوات ونزول ملائكة ومافيهما من أقدار تنزل باللي والنهار قال تعالى فيهما { والضحى والليل إذا سجى } والليل فيه صلاة أيضا فيه صلاة العتمتين والشفع والوترلذلك يقول تعالى { والليل إذا سجى } .
وأما :
(الضحى)
وهنا :
[ الضحى : وقت ارتفاع الشمس والضحوة ارتفاع النهار والضحى وقت حرارة الشمس والضحى مقصورة حين تطلع الشمس فيصفو ضوؤها والضحاء بالفتح والمد : إذا ارتفع النهار واشتد والفعل ضحى كرضى ضُحياً وضحى يضحو ضحواً : إذا أصابه حر الشمس – معجم ألفاظ القرآن باب الضاد فصل الحاءوالواو] .
والضحى بدايته أول النهار{ والشمس وضحاها – الشمس } { وأغطش ليلها وأخرج ضحاها – النازعات 29 } و قال تعالى { والضحى والليل إذا سجى- الضحى } ونهايته وقت اشتداد حرارة الشمس لقوله تعالى { وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى – طه } أي لا تشعر في الجنة بشدة حرارة الشمس ولن تظمأ فيها كما هو حال الإنسان في الحياة الدنيا . وبالتالي وقت الضحى هو وقت حركة الإنسان وعمله ولعبه ولهوه وهو مستيقظ من أول النهار حتى ارتفاع الشمس وفرار الإنسان من شدة حرارتها قال تعالى { أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون – الأعراف } .
وأما :
(والليل)
قال تعالى { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ والأنثى – الشمس }
و يبين تعالى أن الليل للسكون والنوم والنهار يكون فيه الضحى وفيه الإبصار لكل شيئ بخروج ضوء الشمس قال تعالى : { أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ – النمل 86 } فغذا سكن الليل جمع ماكان منتشراً من المخلوقات أي (وسق) قال تعالى { فلا اقسم بالشفق والليل وما وسق والقمر إذا اتسق لتركبن طبقا عن طبق – الإنشقاق } وذلك السكون للمخلوقات في الليل إذا سجى قال تعالى { والضحى والليل إذا سجى } أي إذا سكن وأظلم وادلهم .
وأما :
(إذا سجى)
أورد السيوطي في تفسيره :
[ أخرج ابن جرير نحوه من مرسل قتادة والضحاك.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: { والضحى } قال: ساعة من ساعات النهار { والليل إذا سجى } قال: سكن بالناس.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه { والليل إذا سجى } قال: إذا استوى.
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن رضي الله عنه { إذا سجى } قال: إذا لبس الناس.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما { إذا سجى } قال: إذا أقبل.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه { والليل إذا سجى } قال: إذا أقبل فغطى كل شيء.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما { إذا سجى } قال: إذا ذهب { ما ودعك ربك } قال: ما تركك { وما قلى } قال: ما أبغضك.
وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده والطبراني وابن مردويه عن أم حفص عن أمها وكانت خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن جرواً دخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل تحت السرير، فمات، فمكث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أيام لا ينزل عليه الوحي، فقال: يا خولة ما حدث في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ جبريل لا يأتيني. فقلت يا نبي الله ما أتى علينا يوم خير منا اليوم، فأخذ برده فلبسه وخرج، فقلت في نفسي: لو هيأت البيت وكنسته فأهويت بالمكنسة تحت السرير فإذا بشيء ثقيل، فلم أزل حتى بدا لي الجرو ميتاً فأخذته بيدي فألقيته خلف الدار فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ترعد لحيته، وكان إذا نزل عليه أخذته الرعدة فقال: يا خولة دثريني فأنزل الله عليه { والضحى والليل إذا سجى } إلى قوله: { فترضى } “. – تفسير الدر المنثور للسيوطي ]
التفسير :
وسجا الليل يسجوا سجواً : سكن – ] معجم ألفاظ القرىن باب السين فصل الجيم واواو ] قال تعالى { والليل إذا سجى } والكون هنا ورد في قوله تعالى { أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ – النمل 86 }
وإذا كان الليل بظلمنه رمزاً للكفر كما أن النور رمزاً للإيمان والإسلام في القرآن فإن السكون في الليل ظاهره سكون المخلوقات وباطنه سكون دولة الإسلام قال تعالى في النور والظلمة وهما رمزين للكفر والإيمان { اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ – البقرة 257 } .والنور يأتي من عند الله وبإذن الله فإذا أراد الله تعالى الهداية للبشر بعث فيهم رسولاً من عنده تعالى وهو نور وأنزل معه كتب الله السماوية وخاتمها القرآن الكريم قال تعالى { قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ – المائدة 15-16 } .
وعلى ذلك القسم هنا ليس بوقت الصلاة ورفع الاعمال أو نزول ملائكة أو إجابة دعاء فقط بل بوقت ظهور الإسلام ثم ظهور دولة الكفر والنفاق والإرتداد عن الدين الوارد ذكره في قوله تعالى { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ – آل عمران 144} .
هنا يبدأ عصر الظلمة كما قال تعالى (والليل إذا سجى ) وكل ذلك من تقلب الدول ومداولة الأيام بين الناس والتي قالتعالى فيها { وتلك الأيام نداولها بين الناس } كل ذلك بإذن الله عز وجل وقد بينه تعالى وأوحاه لرسوله صلى الله عليه وآله ولذلك أقسم تبارك وتعالى بالضحى والليل إذا سجى قال تعالى : { والضحى والليل إذا سجى } .
ثم يبين تعالى أنه كما يقلب الليل والنهار كذلك تتقلب الدول بين الكفر والإيمان بين الإسلام والإرتداد قال تعالى { ذَٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ – الحج 60-61 } .
ثم يقول تعالى :
(2) ماودعك ربك وما قلى (2)
ونزلت هذه الآية لتأخر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال ودعه ربه وقلاه أي بغضه كما في أسباب النزول :
أورد السيوطي في تفسيره الدر المنثور :
[ وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير والطبراني والبيهقي وأبو نعيم معاً في الدلائل عن جندب البجلي قال: اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلتين أو ثلاثاً فأتته امرأة فقالت: يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك لم تره قربك ليلتين أو ثلاثاً، فأنزل الله { والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى {
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن جندب رضي الله عنه قال: أبطأ جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال المشركون: قد ودع محمد فأنزل الله { ما ودعك ربك وما قلى } .
وأخرج الطبراني عن جندب رضي الله عنه قال: احتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالت بعض بنات عمه: ما أرى صاحبك إلا قد قلاك. فنزلت: { والضحى } إلى { وما قلى}
وأخرج الترمذي وصححه وابن أبي حاتم واللفظ له عن جندب قال: رمي رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجر في أصبعه فقال: هل أنت إلا أصبع دميت، وفي سبيل الله ما لقيت، فمكث ليلتين أو ثلاثاً لا يقوم فقالت له امرأة: ما أرى شيطانك إلا قد تركك، فنزلت { والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى }.
وأخرج الحاكم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : ” لما نزلت { تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى } [المسد: 1] إلى { وامرأته حمالة الحطب } [المسد: 4] فقيل لامرأة أبي لهب: إن محمداً قد هجاك. فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في الملأ، فقالت: يا محمد علام تهوجوني؟ قال: إني والله ما هجوتك، ما هجاك إلا الله. فقالت: هل رأيتني أحمل حطباً أو رأيت في جيدي حبلاً من مسد؟ ثم انطلقت. فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم أياماً لا ينزل عليه، فأتته فقالت: ما أرى صاحبك إلا قد ودعك وقلاك، فأنزل الله { والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى”. }
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه أن خديجة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أرى ربك إلا قد قلاك، فأنزل الله { والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى}
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عروة رضي الله عنه قال: أبطأ جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم فجزع جزعاً شديداً فقالت خديجة: أرى ربك قد قلاك مما يرى من جزعك، فنزلت { والضحى } إلى آخرها.
وأخرج الحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طريق عروة عن خديجة قالت: لما أبطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي جزع من ذلك فقلت له مما رأيت من جزعه: لقد قلاك ربك مما يرى من جزعك، فأنزل الله { ما ودعك ربك وما قلى} .
وأخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن أبطأ عنه جبريل أياماً، فعير بذلك، فقال المشركون: ودعه ربه وقلاه، فأنزل الله { والضحى والليل إذا سجى } يعني أقبل { ما ودعك ربك وما قلى} – تفسير الدر المنثور للسيوطي ] .
التفسير :
وهنا :
(ماودعك)
[ ودعه يدعه ودعاً : تركه والأمر دع فهو أن تتركه في دعة وسكون وخفض من العيش وودع المسافر توديعاً : شيعه وحياه عند سفره و يحييهم وأصل ذلك أنك إذا ودعت صاحبك عند سفرك إذا ودعت المسافر فهو أن تتفائل له أن يصير إلى الدعة إذا قفل ويقال من التوديع ودعه إذا تركه وهجره لأن التوديع ترك وهجر – معجم ألفاظ القرآن باب الواو فصل الدال والعين ] .
ورد هذا اللفظ في قوله تعالى : { وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا – الاحزاب 48 } وعلى ذلك المعنى هنا { ما ودعك ربك وما قلى } أي ما ودعك ربك و ما هجرك أوتركك .
وأما :
(وماقلى)
ورد في تفسير القمي :
[وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: { ما ودعك ربك وما قلى } وذلك أن جبرائيل أبطأ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأنه كانت أول سورة نزلت: إقرأ باسم ربك الذي خلق ثم أبطأ عليه، فقالت خديجة لعل ربك قد تركك فلا يرسل إليك فأنزل الله تبارك وتعالى: ما ودعك ربك وما قلى. – تفسير القمي ] .
التفسير :
[ وقى العدو : أبغضه يقليه قلي : أي أبغضه أشد الغض ] قال تعالى { قال إني لعملكم من القالين – الشعراء 218 }
ثم يقول تعالى
(3) وللآخرة خير لك من الأولى (3)
[ أخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” عرض علي ما هو مفتوح لأمتي بعدي فسرني، فأنزل الله { وللآخرة خير لك من الأولى } – – تفسير الدر المنثور للسيوطي ] .
التفسير :
(وللآخرة)
هنا يبين تعالى أن الآخرة تبدأبآخر ايام عمر الدنيا لقوله تعالى : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۚ أُولَٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ فِي النَّارِ ۖ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا ۖ حَتَّىٰ إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ ۖ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَٰكِن لَّا تَعْلَمُونَ وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ – الأعراف 37-39 } . وقال تعالى أيضاً : { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِين َ- الواقعة 10-14 } ولذلك يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله هنا في ميراث المؤمنين الصالحين للأرض آخر الزمان { وللآخرة خير لك من الأولى } .
و آخر يوم من ايام الدنيا يقول تعالى هنا في أمره با الإيمان بالله تعالى وكتابه ورسوله واليوم الآخر : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ ۚ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا – النساء 136 }
وهؤلاء الذين سيرصون الأرض من بعد أهلها آخر الزمان هم الذين تولو الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وعملوا بالوصية في الإمامة بأهل بيت النبي عليهم السلام
قال تعالى : { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۖ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ – الممتحنة 4-6 }
وهذه الأسوة هى الوصية بالإمامة لأهل بيت النبي كما أوصى كل نبي بمن سيأتي بعده وبعد خاتم الأنبياء والمرسلين الوصية تكون بالإمامة لأهل بيت النبي لقوه تعالى في هذه السنة التي أمر بها الله تعالى كل الأنبياء { شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ – الشورى 13 } وآخرايام الدنيا ميراث المؤمنين لها خير لرسول الله ودينه من أول دعوتهبين قريش لذلك يقول تعالى هنا { وللآخرة خير لك من الأولى }
وبعد آخر أيام الدنيا تكون الآخرة وايضاً هؤلاء لهم الخير في هذه الدار التي قال تعالى فيها { وللدارالآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون – الأنعام 32 }
وبالتالي كل الخير لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه ومن تبعهم وتولاهم في آخر ايام عمر الدنيا وفيما بعد اليوم الآخرة في ما بعد يوم القيامة لقوله تعالى هنا : { وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى }
وأما :
(خير لك)
يقول تعالى مبيناً أن الخير في دين الإسلام قال تعالى { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير – آل عمران104 } والمسلمين هم الذين آمنوا بالله ورسوله هو خير لهم في الدنيا والآخرة كما في قوله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا – النساء 170 } وهؤلاء هم الذين تولوا الإمام علي بعد ولاية الله تعالى ورسوله وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله عملاً بالوصية وهؤلاء هم خير البرية لما نزل فيهم من قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ « سورة البينة – البينة 7 }
ورد في الحديث النبوي الشريف أن خير البرية هو الإمام علي وشيته كما يلي :
[ الدر المنثور ج6ص379 )ذكر من أخرج الحديث فقال: وأخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال كنا عند النبي (صلى الله عليه وسلم) فأقبل عليّ فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): (والذي نفسي بيده ان هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة ونزلت (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ )) فكان أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا أقبل عليّ قالوا جاء خير البرية.
وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعا عليٌ خير البرية.
وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال: لما نزلت (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ )) قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعليّ: (هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين )
وأخرج ابن مردويه عن علي قال: (قال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم):ألم تسمع قول الله (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ )) أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت الأمم للحساب تدعون غراً محجلين)
والمحصل أن من روى هذا الحديث مجموعة من الصحابة فيخرج بذلك من الإرسال، فقد روى الحديث جابر بن عبد الله وعلي (عليه السلام) وابن عباس وأبو سعيد وأبو برزة، هذا بالإضافة إلى الرواية التي ذكرتها عن أبي الجارود عن محمد بن علي التي هي رواية غير مرسلة لأن محمد بن علي يروي عن آبائه المعصومين عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولو سلمنا بإرسالها فإن في باقي الأسانيد ما يكفي لإثبات صحة الحديث.
ونحن نذكر بالإضافة لما ذكرنا بعض تلك الأسانيد:
1- في (كفاية الطالب ص 118 ط الغري): قال:أخبرنا إبراهيم بن بركات القرشي أخبرنا الحافظ علي بن الحسن الشافعي أخبرنا أبو القاسم بن السمر قندي أخبرنا عاصم بن الحسن أخبرنا الحافظ أبو العباس حدثنا محمد بن أحمد القطواني حدثنا إبراهيم بن أنس الأنصاري حدثنا إبراهيم بن جعفر ابن عبد الله بن محمد بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله….
2- ابن عساكر في تاريخه: وأخبرني المقرئ أبو إسحاق بن يوسف بن بركة الكتبي عن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن الهمداني عن أبي الفتح عبدوس عن الشريف أبي طالب المفضل بن محمد بن طاهر الجعفري أخبرنا الحافظ أحمد بن مردويه أخبرنا أحمد بن محمد بن السري حدثنا المنذر بن محمد بمن المنذر حدثني أبي حدثني عمي الحسين بن سعيد عن إبراهيم بن مهاجر حدثني يزيد بن شراحيل قال سمعت علياً يقول:….
3- في (شواهد التنزيل ج2ص364 ط بيروت): أخبرنا أبو عمر البسطامي أخبرنا أبو أحمد بن عيد الجرجاني أخبرنا الحسن بن علي بن عبد الله الاهوازي،أخبرنا معمر بن سهل أخبرنا أبو سمرة أحمد بن سالم بن خالد بن جابر بن سمرة أخبرنا شريك عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال :… ] .
وهؤلاء لهم حسنة الدنيا وفيها الخير من الله تعالى لقوله عز وجل { وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ ۚ قَالُوا خَيْرًا ۗ للذين أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۚ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ ۚ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ – النحل 30 } .
و ثم يبين تعالى الآخرة وأجر الأعمال الصالحة فيها أعظم كما في قوله تعالى { وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون – الأنعام 132 } { وللآخرة خير لك من الأولى – الضحى } والآخرة أعظم أجرا لقوله تعالى { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ – المزمل20 }
وأما :
(من الأولى)
ولفظ الأولى في كتاب الله يؤدي لنفس المضامين السابقة في البيان لورود هذا اللفظ
على أول عمر أمة الإسلام بالمدينة وما ذكره الله تعالى عن إجلاء اليهود { هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ- الحشر 1-2 } .
وبالتالي المعنى هنا { وللآخرة خير لك من الأولى – الضحى } آخر الزمان سيكون فناء أكثر الظالمين من الديانات الثلاثة أهل الكتاب في صورة الفكر الصهيوني القائم على إفناء المسلمين وميراث المقدسات وقدسية الصاهينة والمنافقين من هذه الأمة الذين قال تعالى في عذابهم الأول ثم عذاب آخر الزمان وهما بين وعدين قال تعالى فيهما { سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم – التوبة } لذذلك قال تعالى عن خيرية هذا الزمان قبل فناء عمر الدنيا { وللآخرة خير لك من الأولى }
وهذه الخيرية لمن تولى الله تعالى ورسوله وأهل بيت النبي عليهم السلام في الدنيا لورد هذا اللفظ في قوله تعالى { أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَىوَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ – الصافات 58-59 } .
وهذا النصر والغلبة آخر الزمان يبدأ على يد ثلة مؤمنة في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وثلة مؤمنة ايضاً آخر الزمان قال تعالى فيهما { ثلة من الأولين وثلة من الآخرين – الواقعة } وقال تعالى { ثلة من الأولين وقليل من الآخرين – الواقعة } .
وبالتالي في الحياة الدنيا قبل اليوم الآخر ثم الدار الآخرة خيراً لمن آمن بالله ورسوله كما في ألاية هنا { وللآخرة خير لك من الأولى – الضحى } .
ثم يقول تعالى :
(5) ولسوف يعطيك ربك فترضى (5)
وهنا ورد في تفسير الدر المنثور :
[ وأخرج ابن أبي حاتم وعبد بن حميد وابن جرير والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي وابن مردويه وأبو نعيم كلاهما في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده كفراً كفراً، فسر بذلك، فأنزل الله { ولسوف يعطيك ربك فترضى } فأعطاه في الجنة ألف قصر من لؤلؤ ترابه المسك، في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم.
وأخرج ابن جرير من طريق السدي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: { ولسوف يعطيك ربك فترضى } قال: من رضا محمد أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: { ولسوف يعطيك ربك فترضى } قال : رضاه أن تدخل أمته الجنة كلهم.
وأخرج الخطيب في تلخيص المتشابه من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { ولسوف يعطيك ربك فترضى } قال : لا يرضى محمد، واحد من أمته في النار.
وأخرج مسلم عن ابن عمرو رضي الله عنه ” أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله في إبراهيم { فمن تبعني فإنه مني } [إبراهيم: 36] وقول عيسى { إن تعذبهم فإنهم عبادك } [النساء: 118] الآية. فرفع يديه وقال: اللهم أمتي أمتي وبكى، فقال الله: يا جبريل اذهب إلى محمد فقل له: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك “.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية من طريق حرب بن شريح رضي الله عنه قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين : أرأيت هذه الشفاعة التي يتحدث بها أهل العراق، أحق هي؟ قال : إي والله، حدثني عمي محمد بن الحنفيه عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” أشفع لأمتي حتى يناديني ربي أرضيت يا محمد؟ فأقول: نعم يا رب رضيت ” ثم أقبل علي فقال: إنكم تقولون يا معشر أهل العراق إن أرجى آية في كتاب الله
{ يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً – الزمر: 53} قلت: إنا لنقول ذلك. قال فكلنا أهل البيت نقول: إن أرجى آية في كتاب الله { ولسوف يعطيك ربك فترضى } وهي الشفاعة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه أنه سئل عن قوله : { ولسوف يعطيك ربك فترضى } قال: هي الشفاعة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا { ولسوف يعطيك ربك فترضى “. }
وأخرج العسكري في المواعظ وابن مردويه وابن لال وابن النجار عن جابر بن عبد الله قال: ” دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فاطمة وهي تطحن بالرحى وعليها كساء من حملة الإِبل، فلما نظر إليها قال: يا فاطمة تعجلي فتجرعي مرارة الدنيا لنعيم الآخرة غداً فأنزل الله { ولسوف يعطيك ربك فترضى”. }
وأخرج ابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه قال: لما نزلت { وللآخرة خير لك من الأولى } قال العباس بن عبد المطلب: لا يدع الله نبيه فيكم إلا قليلاً لما هو خير له.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: { ولسوف يعطيك ربك فترضى } قال: ذلك يوم القيامة هي الجنة. ]
وفي تفسير البرهان للسيد هاشم البحراني :
[ قوله تعالى: { وَٱلضُّحَىٰ } [الضحى: 1] – إلى قوله تعالى – { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } [الضحى: 5] – علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: { وَٱلضُّحَىٰ } قال: [الضحى] إذا ارتفعت الشمس { وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ } ، قال: إذا أظلم، قوله: { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ } ، قال: لم يبغضك، فقال يصف تفضله عليه:
{وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} .
– ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: { وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ } ، قال: ” يعني الكرة هي الآخرة للنبي (صلى الله عليه و آله) “. [قلت] قوله: { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } ، [قال]: ” يعطيك من الجنة حتى ترضى “.
– محمد بن العباس: عن أبي داود، عن بكار، عن عبد الرحمن، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن علي بن عبد الله بن العباس، قال: عرض على رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما هو مفتوح على أمته من بعده كفرا كفرا، فسر بذلك، فأنزل الله عز و جل { وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } ، قال: فأعطاه الله عز و جل ألف قصر في الجنة، ترابه المسك، و في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج و الخدم، و قوله: كفرا كفرا، أي قرية قرية، و القرية تسمى كفرا.
– و عنه: عن محمد بن أحمد بن الحكم، عن محمد بن يونس، عن حماد بن عيسى، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (صلى الله عليهما)، عن جابر بن عبد الله، قال: ” دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على فاطمة (عليها السلام) و هي تطحن بالرحى، و عليها كساء من أجلة الإبل، فلما نظر إليها بكى، و قال لها: ” يا فاطمة تعجلي مرارة الدنيا لنعيم الآخرة غدا ” فأنزل الله تعالى عليه: { وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ} “.
– وعنه : عن أحمد بن محمد النوفلي، عن أحمد بن محمد الكاتب، عن عيسى بن مهران، بإسناده إلى زيد بن علي (عليه السلام)، في قول الله عز و جل : { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } ، قال: إن رضا رسول الله (صلى الله عليه و آله) إدخال أهل بيته و شيعتهم الجنة، و كيف لا و إنما خلقت الجنة لهم، و النار لأعدائهم، فعلى أعدائهم لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين.
– علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ }: ” و ذلك أن جبرئيل أبطأ على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أنه كانت أول سورة نزلت { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ – العلق 1 } ثم أبطأ عليه، فقالت خديجة: لعل ربك قد تركك، فلا يرسل إليك. فأنزل الله تبارك و تعالى: { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ } “.
– و من طريق المخالفين: الفقيه ابن المغازلي الشافعي، في كتاب (الفضائل)، قال: أخبرنا أحمد ابن محمد بن عبد الوهاب إجازة، أن أبا أحمد عمر بن عبد الله بن شوذب أخبرهم، [قال]: حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا محمد ن أحمد بن أبي العوام، قال: حدثنا محمد بن الصباح الدولابي، قال: حدثنا الحكم بن ظهير، عن السدي، في قوله تعالى :{ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً – الشورى: 23}، قال: المودة في آل محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و في قوله تعالى: { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } ، قال: رضا محمد (صلى الله عليه و آله) أن يدخل أهل بيته الجنة.
– ومن طريق المخالفين : (تفسير الثعلبي)، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، و (تفسير القشيري)، عن جابر الأنصاري: ” أنه رأى النبي (صلى الله عليه و آله) فاطمة و عليها كساء من أجلة الإبل، و هي تطحن بيديها، و ترضع ولدها، فدمعت عينا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: ” يا بنتاه، تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة ” فقالت: ” يا رسول الله، الحمد لله على نعمائه، و الشكر لله على آلائه ” فأنزل الله تعالى: { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ }”.
– و من طريقهم أيضا: في قوله تعالى: { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } ، قال: رضا محمد (صلى الله عليه و آله) أن يدخل الله أهل بيته الجنة. – البرهان للسيد هاشم البحراني ] .
التفسير :
و هنا :
( ولا)
أي أنه يقول تعالى { وللآخرة خير لك من الأولى – الضحى } وفيها سةف يغطيك ربك فترضى كما في اللآية هنا { ولسوف يعطيك ربك فترضى – الضحى }
وأما :
(سوف)
وهنا يبين تعالى حال المنافقين و يبشر سبحانه وتعالى المؤمنين قائلا { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا – النساء 145-146 } . وهذا العطاء من الله تعالى قال تعالى فيه لرسوله وللمؤمنين هنا { ولسوف يعطيك ربك فترضى – الضحى } .
وأما :
(يعطيك ربك)
وهذه العطية يبين تعالى أنها الخير الكثير والذرية العظيمة بالدنيا والآخرة و الحوض ونهر الكوثر والأنهار في الجنة قال تعالى { إنا أعطيناك الكوثر فصلي لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر – الكوثر } وسبب النزول ورد في تفسير الطبري : [ عن عكرمة ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) . قال: لما أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت قريش: بَتِرَ محمد منا, فنـزلت: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال: الذي رماك بالبتر هو الأبتر – تفسير الطبري ] ولذلك قال تعالى هنا عن خير الدنيا والآخر { ولسوف يعطيك ربك فترضى } .
وأما :
( فترضى)
وهنا بين تعالى أن الرضا من الله تعاللى لرسوله و لكل من آمن أنه بتقديمهم رضا الله تبارك وتعالى عن رضا المخلوقين قال تعالى لذلك مبيناً أن ذلك هو شرط للإيمان في قوله تعالى { والله ورسوله أحق ان يرضوه إن كانوا مؤمنين – النور 62 } وهنا لما قدموا رضا الله تعالى رضى الله تعالى عنهم لذلك قال تعالى { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ – التوبة 100 } وأول هؤلاء السابقين الأولين واولهم إسلاماً وإيماناً معلوم أنه الإمام علي عليه السلام والسيدة خديجة ومن تولى هؤلاء من أهل بيت النبي والمهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم رضى الله عنهم ورضوا عنه لتقديمهم أوامر الله تعالى على أهواء البشر وولاية غير الله تعالى ورسوله واهل بيته عيهم السلام ولو كانوا آبائهم وهؤلاء هم حزبه عز وجل الذين قال تعالى فيهم { لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ – المجادلة 22 } .
وبالتالي هؤلاء بصدقهم مع الله تعالى سيدخلهم الجنة وهو مدخلاً يرضونه برضا الله تعالى عليهم كما في قوله تعالى { قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ۚ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ – المائدة 119 } ولذلك قال تعالى هنا { ولسوف يعطيك ربك فترضى }
ثم يقول تعالى :
(6) ألم يجدك تيماً فآوى ووجدك ضالا فهدى(6)
والآيات التالية تتكلم عن مراحل من حياة رسول الله صلى الله عليه وآله بين اليتم والوحي والعيلة كما سنبين
- المرحلة الأولى من حياة النبي (صلى الله عليه وآله) النشأة واليتم قبل نزول الوحي :
أورد السيوطي في تفسيره :
[ أخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل وابن عساكر من طريق موسى بن علي بن رباح عن أبيه رضي الله عنه قال: كنت عند مسلمة بن مخلد وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص، فتمثل مسلمة ببيت من شعر أبي طالب، فقال: لو أن أبا طالب رأى ما نحن فيه اليوم من نعمة الله وكرامته لعلم أن ابن أخيه سيد قد جاء بخير كثير، فقال عبد الله: ويومئذ قد كان سيداً كريماً قد جاء بخير كثير، فقال مسلمة: ألم يقل الله { ألم يجدك يتيماً فآوى ووجدك ضالاً فهدى، ووجدك عائلاً فأغنى } فقال عبد الله: أما اليتيم فقد كان يتيماً من أبويه، وأما العيلة فكل ما كان بأيدي العرب إلى القلة.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن شهاب رضي الله عنه قال: بعث عبد المطلب ابنه عبد الله يمتار له تمراً من يثرب فتوفي عبد الله وولدت آمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان في حجر جده عبد المطلب.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل وابن مردويه وابن عساكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” سألت ربي مسألة ووددت أني لم أكن سألته، فقلت: قد كانت قبلي الأنبياء منهم من سخرت له الريح، ومنهم من كان يحيي الموتى، فقال تعالى: يا محمد ألم أجدك يتيماً فآويتك؟ ألم أجدك ضالاً فهديتك؟ ألم أجدك عائلاً فأغنيتك؟ ألم أشرح لك صدرك؟ ألم أضع عنك وزرك؟ ألم أرفع لك ذكرك؟ قلت: بلى يا رب “.
وأخرج ابن جرير عن أبي نضرة قال: كان المسلمون يرون أن من شكر النعمة أن يحدث بها.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند والبيهقي في شعب الإِيمان بسند ضعيف عن أنس بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر: ” من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، والتحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، والجماعة رحمة “.
وأخرج ابن داود عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” من أبلى بلاء فذكره فقد شكره، وإن كتمه فقد كفره، ومن تحلى بما لم يعط فإنه كلابس ثوب زور “.
وأخرج أحمد وأبو داود عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من أعطى عطاء فوجده فليخبر به، فإن لم يجد فليثن به، فمن أثنى به فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره “.
وأخرج أحمد والطبراني في الأوسط والبيهقي عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من أولى معروفاً فليكافىء به فإن لم يستطع فليذكره، فإن من ذكره فقد شكره “.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من أولى معروفاً فليكافىء به فإن لم يستطع فليذكره، فإن من ذكره فقد شكره “.
وأخرج سعيد بن منصور عن عمر بن عبد العزيز قال: إن ذكر النعمة شكر.
وأخرج البيهقي عن الحسن قال: أكثر واذكر هذه النعمة فإن ذكرها شكر.
وأخرج البيهقي عن الجريري قال: كان يقال: إن تعداد النعم من الشكر.
وأخرج البيهقي عن يحيى بن سعيد قال: كان يقال: تعداد النعم من الشكر.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن قتادة قال: من شكر النعمة إفشاؤها.
وأخرج البيهقي عن فضيل بن عياض قال: كان يقال: من شكر النعمة أن يحدث بها.
وأخرج البيهقي عن ابن أبي الحواري قال: جلس فضيل بن عياض وسفيان بن عيينة ليلة إلي الصباح يتذاكران النعم، أنعم الله علينا في كذا، أنعم الله علينا في كذا.
وأخرج الطبراني عن أبي الأسود الدؤلي وزاذان الكندي قالا: قلنا لعلي: حدثنا عن أصحابك. فذكر مناقبهم. قلنا: فحدثنا عن نفسك. قال: مهلاً نهى الله عن التزكية. فقال له رجل: فإن الله يقول { وأما بنعمة ربك فحدث } قال: فإني أحدث بنعمة ربي، كنت والله إذا سألت أعطيت، وإذا سكت ابتدئت. – تفسير الدر المنثور في التفسير ]
التفسير :
وهنا :
(ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك)
ورد هذا اللفظ في قوله تعالى عن سيدنا أيوب عليه السلام { إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب – ص 44 } ولذلك الآية تشير هنا إلى أن النبي كان صابراً في هذه المرلحة على بلاء شديد قال تعالى لذلك فيه هنا { ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى } .
وأما :
(يتيماً)
[ واليتيم : الولد فقد اباه قبل البلوغ ] قال تعالى مبيناً ظلم الكثير لليتيم وقهره كما في قوله تعالى { كلا بل لا تكرمون اليتيم – الفجر 17 } وقال تعالى { فأما اليتيم فلا تقهر والسائل فلا تنهر – الضحى } وقال تعالى أيضاً { أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ – الماعون 1-3 } .
وبالتالي الآية هنا تتكلم عن رسول الله صلى الله عليه وآله في مرحلة اليتم وهى ماقبل البلوغ والإدراك والتكاليف الشرعية قال تعالى فيها هنا لرسوله صلى الله عليه وآله : { ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى – الضحى } .
وأما :
(فآوى)
[وآوى المكان نزله و التجأ إليه ] قال تعالى { ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه – يوسف 69 } . وكان الذي آواه هنا في هذه المرحلة جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب ثم دعم زوجته السيدة خديجة (عليهم سلام الله جميعا لنصرتهم ودعمهم وـاييدهم رسول الله صلى الله عليه وآله) ويأت هذا اللفظ على المهاجرين والأنصار الذين آووهم في بيوتهم بالمدينة المنورة قال تعالى { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ – الأنفال 74 } .
وبالتالي وجدك يتيماً فآوى أيده بمن ينصره ويسكنه ويكون داعماً له قال تعالى { الم يجدك يتيماً فآوى ووجدك ضالا فهدى }
ثم يقول تعالى :
(7) ووجدك ضالاً فهدى (7)
(2) مرحلة نزول الوحي :
وفيها يتكلم القرآن الكريم عن المرحلة الثانية من حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وهى بداية نزول الوحي عليه صلى الله عليه وآله :
وهنا :
(ووجدك)
وهنا يقول تعالى { ألم يجدك يتيماً فآوى } ويبين تعالى أن الله تعالى الذي آواه هو الذي هداه كما في قوله تعالى هنا { ووجدك ضالاً فهدى } .
وأما :
(ضالاً)
[ وضل الطريق : بمعنى خفى عليه وأخطأ بلا قصد ] قال تعالى فيما قاله أبناء نبي الله يعقوب { إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ – يوسف 8 } وهنا استحالة أن ينسب الأسبط الضلال بأنه الخروج على الهدى والوحي إلى أبيهم إنما القصد أنهم عنوه بأنه قد أخطأ التقدير بغير قصد
والضلال يكون عملاً بغير علم قال تعالى { وإن كثيراً ليضلون بأهوائهم بغير علم – الأنعام 119 } . ورسول الله صلى الله عليه وآله في هذه المرحلة كان يتعبد إلى الله تعالى بآثارة من علم على حنيفية إبراهيم عليه السلام قال تعالى إيتوني بكتاب من قبل هذا أو آثارة من علم إن كنتم صادقين – الأحقاف } فلما أوحى الله تعالى إليه وعلمه ما يشاء بالوحي المنزل عليه قال تعالى له هنا { ووجدك ضالا فهدى } .
وأما :
(فهدى)
وهداه هنا اي هداه للعمل بالقرآن الكريم المنزل عليه وهو الهدى لقوله تعالى فيه { هذا هدى – الجاثية 11 } .
وهذا القرآن يهدي للطريق المستقيم وهو الأقوم والمهيمن على ماسبقه من كتب قال تعالى { إن هذا القرآن يهدي للتي هى أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيرا – الإسراء 9-10 } فلما أوحى الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله بين تعالى ان طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله فيما أمر الله تعالى به فهو الهدى قال تعالى { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ – النور 54 } .
ثم يبين تعالى أن الإمام علي وائمة أهل البيت طاعتهم فيها الهدى في ولايتهم بكل زمان ومن تولاهم { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد – الرعد } .
وفي آخر الزمان يبعث الله تعالى إماماً يهدي المة لما جهلته من شرع الله تعالى يكون في طاعته وولايته النصر والبركة والتمكين قال تعالى هنا { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ۚ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ۗ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ – يونس 35 } .
وهنا يبين تعالى ان الله تعالى هدى رسوله صلى الله عليه وآله بالوحي ومانزل عيه من قرآن وما هو كائن إلى يوم القيامة حتى دخول الناس للجنة أو النار { فريق في الجنة وفريق في السعير – الشورى 7} ولذلك قال تعالى له صلى الله عليه وآله بعدما كان لا يعلم شيئاً عن ذلك { ووجدك ضالاً فهدى } .
(3)
مرحلة العيلة :
ثم يقول تعالى في المرحلة الثالثة فيما بعد نزول الوحي وهى العيلة والنفقة على الأسرة والعيال وهى مرحلة (العيلة) وأثناء زواجه من السيدة خديجة عليها سلام الله وهى الوحيدة صاحبة العيال والمقصودة هنا بعد مرحلة الوحي :
(8) ووجدك عائلاً فأغنى (8)
وأما :
(ووجدك)
المرحلة الأولى هنا يقول تعالى فيها وهى مرحلة يتم الطفولة {ألم يجدك يتيماً فآوى – الضحى 6}
ثم المرحلة الثانية وهى بداية الوحي والتي قال تعالى فيها { ووجدك ضالا فهدى – الضحى 7}
ثم المرحلة الثالة هنا وهى مرحلة إعالة الأسرة والنفقة قال تعالى { ووجدك عائلاً فأغنى 8} .
وأما :
(عائلاً فأغنى )
[ وعال الرجل يعيل : افتقر وأما إذ كثر عياله فيقال فيه أعال من الواوي ةقد ورد العيلة والعائل – معجم ألفاظ القرآن باب العين فصل الياء واللام ] .
قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ – التوبة 28 } . والعائل هنا صاحب العيال والسرة والمسؤولية وهنا قال تعالى في هذه المرحلة لرسوله صلى الله عليه وآله { ووجدك عائلا فأغنى } .
ثم يقول تعالى في وصية لكل المؤمنين به عز وجل :
(9) فأما اليتيم فلا تقهر(9)
وهنا :
(فأما اليتيم)
واليتيم الذي فقد اباه قبل البلوغ قال تعالى { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هى أحسن حتى يبلغ أشده – الأنعام 152} ولذلك قال تعالى هنا { فأما اليتيم فلا تقهر} أي لا تقهره على حقوقه .
وأما :
(فلا تقهر)
[ وقهر الرجل : غليه واذله ] قال تعالى { وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ۚ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ – الأعراف 127 } . أي لا تغلب اليتيم على ماله وحقوقه فتذله أو تعذبه .
ثم يقول تعالى في وصية للفقراء السائلين :
(10) وأما السائل فلا تنهر (10)
وهنا :
( وأما السائل)
[ والسائل صاحب المسئلة الذي يطلب الإحسان ] وهؤلاء أصحاب حقوق في كتاب الله قال تعالى فيها { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ – الذاريات 15-19 } . وهنا يوصى الله تعالى بإكرام السائل وعدم نهره كما في قوله تعالى { وأما السائل فلا تنهر } .
وأما :
( فلا تنهر)
[ ونهره أي زجره في غلظة ] قال تعالى في إكرام الوالدين { ولا تق لهما أف ولا تنهرهما { وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا – الإسراء 23 } .
وهنا كأن الله تعالى أمربإكرام السائل كإكرام الوالدين وخفض الجناح لهم غرضاءاً لله تعالى فيهم .
(10) وأما بنعمة ربك فحدث (10)
وهنا :
( وأما بنعمة ربك)
وهنا يبين تعالى أن أكبر نعمة أنعمها على رسوله صلى الله عليه وآله هى نعمة الرسالة والقرآن الكريم قال تعالى : { وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ – البقرة 231 } وهذه النعمة يأمره تعالى بأن يذكر بها الناس ويدعوهم للإيمان بها وينفي عنه الجنون والكهانة التي ألقوها عليه افتراءاً من قريش لعنهم الله قال تعالى { فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون – الطور 29 } ولذلك يقول تعالى هنا نفس المعنى بأن يحدث الناس ويعلمهم القرآن الكريم ويخبرهم به ميتلوه عليهم لعلهم يؤمنون قال تعالى هنا { وأما بنعمة ربك فحدث – الضحى 10 } .
وأما :
(فحدث)
وهنا فحدث من الحديث والحديث هو القرآن الكريم الذي قال تعالى فيه { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ – الزمر 23 }
وهذا الحديث نعمة من الله تعالى قال فيها { وأما بنعمة ربك فحدث – الضحى 11 }
وهذه النعمة كفرت بها قريش حتى احزنزا رسول الله صلى الله عليه وآله واغتمت نفسه لذلك فأنزل الله تعالى عليه قوله تبارك وتعالى { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا – الكهف 106 } وهؤلاء الذين نسبو البنين لله تعالى هم أهل الكتاب الذن قال تعالى فيهم { وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله – } وكذلك قالت قريش ولكن الأسوأ حيث نسبوا لله تعالى عما يشركون ما كرهوه هم ووأدوه في الترب وهى الأناث في قوله تعالى { أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا – الإسراء:40}، وقال تعالى{ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى – النجم:53}، وقال تعالى{ فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا – الصافات 149-150}، وقال تعالى{ وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْألُونَ – الزخرف: 19}، وقال تعالى{ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ – النحل:57} .وهذا ما جعل رسول الله صلى الله عليه وآله يغتم ويحزن كما في قوله تعالى { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا – الكهف 106 } وقوله تعالى { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ – الشعراء 3}
ولذلك يأمره تعالى بإبلاغ الناس رسالة ربهم ويحدثهم بها لعله ينقذهم من عذاب الدنيا وفي الآخرة ناراً وقودها الناس والحجارة قال تعالى لذلك { وأما بنعمة ربك فحدث – الضحى 10}
ثم يبين تعالى إن كفرت هذه الأمة أو هذا العالم بالقرآن الكريم فباي كتب بعده هو أهدى منه يؤمنون قال تعالى { قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ – القصص 49} ولذلك يقول تعالى لرسوله وللمؤمنين { فبأي حديث بعده يؤمنون – المرسلات 50 } .
هذا وبالله التوفيق وما توفيقي إلا بالله
عليه توكلت وإليه أنيب وسلام على المرسلين واحمد لله رب العالمين
انتهى العمل بهذه السورة الكريمة في 20 رمضان سنة 1420 هـ الموافق 26 ديسمبر سنة 1999 م
أهـ .