"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

أسرار لفظ (إذا) في آية (والنجم إذا هوى) من تفسير البينة

الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :

أما بعد :

من خلال البحث في بيان لفظ (إذا) تبين لنا أن أهل البيت عليهم السلام كانوا إذا بحثوا في كتاب الله لم يتركوا حرفاً ولا أداة إشارة و لا كلمة فيه إلا وبحثوا فيها وتفكروا في مواضعها و مراد الله تعالى منها و هنا توصلنا بإذن الله تعالى إلى نتائج مبهرة في بيان هذا اللفظ فقط من كتاب الله تعالى في آية سورة النجم 

خالد محيي الدين الحليبي

يقول تعالى هنا :


(1) والنجم 
(إذا) هوى (1)

ورد في تفسير الدر المنثور :

[ أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { والنجم إذا هوى } قال: الثريا إذا غابت، وفي لفظ إذا سقطت مع الفجر، وفي لفظ قال: الثريا إذا وقعت. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما { والنجم إذا هوى } قال: الثريا إذا تدلت. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما { والنجم إذا هوى } قال: إذا انصب.وأخرج عبد الرزاق عن الحسن رضي الله عنه { والنجم إذا هوى } قال: إذا غاب.وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه { والنجم إذا هوى } قال: القرآن إذا نزل.

وأخرج أبو نعيم في الدلائل وابن عساكر من طريق عروة عن هبار بن الأسود قال: ” كان أبو لهب وابنه عتبة قد تجهزا إلى الشام وتجهزت معهما فقال ابن أبي لهب: والله لأنطلقن إلى محمد فلأوذينه في ربه، فانطلق حتى أتاه، فقال: يا محمد هو يكفر بالذي { دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” اللهم أبعث عليه كلبا من كلابك ” “وأخرج أبو نعيم عن طاووس قال: ”  لما تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { والنجم إذا هوى } قال عتبة بن أبي لهب: كفرت برب النجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” سلط الله عليه كلباً من كلابه ” “وأخرج أبو نعيم ” عن أبي الضحى رضي الله عنه قال: قال ابن أبي لهب: هو يكفر بالذي قال { والنجم إذا هوى } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” عسى أن يرسل عليه كلباً من كلابه ” فبلغ ذلك أباه فأوصى أصحابه إذا نزلتم منزلاً فاجعلوه وسطكم، ففعلوا حتى إذا كان ليلة بعث الله عليه سبعاً فقتله “.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { والنجم إذا هوى ما ضل } قال: أقسم الله أنه ما ضل محمد وما غوى.

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { والنجم إذا هوى } قال: أقسم الله لك بنجوم القرآن ما ضل محمد صلى الله عليه وسلم وما غوى.

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله { وما ينطق عن الهوى } قال: ما ينطق عن هواه! { إن هو إلا وحي يوحى } قال: يوحي الله إلى جبريل ويوحي جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرج ابن مردويه عن أبي الحمراء وحبة العرني قالا : ”  مر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسد الأبواب التي في المسجد، فشق عليهم، قال حبة: إني لأنظر إلى حمزة بن عبد المطلب وهو تحت قطيفة حمراء وعيناه تذرفان، وهو يقول: أخرجت عمك وأبا بكر وعمر والعباس، وأسكنت ابن عمك؟ فقال رجل يومئذ: ما يألوا يرفع ابن عمه، قال: فعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد شق عليهم، فدعا الصلاة جامعة، فلما اجتمعوا صعد المنبر فلم يسمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة قط كان أبلغ منها تمجيداً وتوحيداً، فلما فرغ قال:يا أيها الناس ما أنا سددتها ولا أنا فتحتها ولا أنا أخرجتكم وأسكنته، ثم قرأ { والنجم إذا هوى ما ضلّ صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } “.- الدر المنثور ]

 

[  أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس ابن حيويه الخزاز، إذنا، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي الدهقان المعروف بأخي حماد، قال: حدثنا علي بن محمد بن الخليل بن هارون البصري، قال: حدثنا محمد بن الخليل الجهني، قال: حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كنت جالسا مع فتية من بني هاشم عند النبي (صلى الله عليه و آله) إذا انقض كوكب، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) : “من انقض هذا النجم في منزله فهو الوصي من بعدي”. فقام فتية من بني هاشم، فنظروا، فإذا الكوكب قد انقض في منزل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قالوا: يا رسول الله [قد] غويت في حب علي فأنزل الله تعالى: { وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ } إلى قوله تعالى: { بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ }. – البرهان للسيد هاشم البحراني ] .

وهنا :

(و)

الواو للقسم كما أقسم عز وجل بالضحى والليل في قوله تعالى { والضحى والليل إذا سجى } وقوله تعالى { و الفجر و ليال عشر والشفع و الوتر و الليل إذا يسر } .

وأما :

(النجم)

أوجه التفسير في لفظ النجم :

أولاً : النجم إشارة إلى إمام :

وذلك لأن الشمس وضوءها رمزاً لنور الإيمان الذي بعث به رسول الله صلى الله عليه وآله لقوله تعالى فيه صلى الله عليه وآله { وداعياَ إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا – الاحزاب} وفي روؤيا رآها نبي الله يوسف عليه السلام أشار إلى أبواه بالشمس والقمر في قوله تعالى { إني رأيت أحد عشراَ كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين – يوسف }  وبالتالي القسم بالنجم هنا في وجه من وجوه التفسير إماماً يهتدون به لقوله تعالى { وبالنجم هم يهتدون – النحل 16 } والهداية تكون للطرق أو الفجاج والوحهة التي يريدون والهداية تكون لشرع الله والدين القويم بإمام من أهل بيت النبي عليهم السلام قال تعالى فيه { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد – الرعد} وبالتالي القسم هنا بإمام يهدي الناس من أهل بيت النبي عليهم السلام ويؤكد صحة الآثار الواردة من طرق مذهب أهل البيت أن الصحابة رضوان الله عليهم سألوه عمن يخلفه .

و لذلك [ في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «و النجم إذا هوى» قال: النجم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)  «إذا هوى» لما أسري به إلى السماء و هو في الهوي. –تفسير القمي ] .

ثانياً : النجم هو الثاقب الذي سيضرب (عاد الآخرة) في الأرض قبل القيامة :

[ ظاهر الآية أن المراد بالنجم هو مطلق الجرم السماوي المضيء و قد أقسم الله في كتابه بكثير من خلقه و منها عدة من الأجرام السماوية كالشمس و القمر و سائر السيارات، و على هذا فالمراد بهوى النجم سقوطه للغروب.

و قيل: المراد بالنجم القرآن لنزوله نجوما، و قيل: الثريا، و قيل: الشعري، و قيل: الشهاب الذي يرمى به شياطين الجن لأن العرب تسميه نجما، و للهوى ما يناسب لكل من هذه الأقوال من المعنى، لكن لفظ الآية لا يساعد على شيء من هذه المعاني ].

يقول تعالى { والسماء والطارق وما أدراك مالطارق النجم الثاقب – الطارق 1-3} وهذا النجم إذا ما هوى تغيرت مواقع النجوم لقوله تعالى { فلا  اٌقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم – الواقعة } وهنا يبين تعالى أن نجماً من هذه النجوم سيهوي ويرتطم بالأرض لهلاك الظالمين وحينها ستطمس معه رؤية النجوم بالسماء لقوله تعالى { فإذا النجوم طمست – المرسلات 8 } .ولذلك قال تعالى هنا { والنجم إذا هوى ماضل صاحبكم وما غوى – النجم }

وهذا النجم أطلق عليه الامام علي كويكب العذاب وحديث الهدة يشير إلى ذلك كما في قوله صلى الله عليه وآله [“عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان صيحة في رمضان فإنه يكون معمعة في شوال، وتمييز القبائل في ذي القعدة، وتسفك الدماء في ذي الحجة والمحرم وما المحرم -يقولها ثلاث مرات- هيهات هيهات! يقتل الناس فيه هرجا هرجا، قلنا وما الصيحة يا رسول الله؟ قال: هدة في النصف من رمضان ليلة الجمعة فتكون هدة توقظ النائم وتقعد القائم وتخرج العواتق من خدورهن في ليلة جمعة في سنة كثيرة الزلازل والبرد، فإذا وافق شهر رمضان في تلك السنة ليلة الجمعة فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة في النصف من رمضان فادخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم وسدوا كواكم ودثروا أنفسكم وسدوا آذانكم، فإذا أحسستم بالصيحة فخروا لله سجدا وقولوا: سبحان القدوس، سبحان القدوس، ربنا القدوس، فإنه من فعل ذلك نجا ومن لم يفعل هلك؟ – ]

[عن الوليد قال: بلغني عن كعب أنه قال: ولم يسنده إلى النبي ص : ( يطلع نجم من المشرق قبل خروج المهدي له ذنب يضئ كما يضئ القمر ( له ذنب يضئ لأهل الأرض كإضاءة القمر ليلة البدر)  ينعطف حتى يلتقي طرفاه أو يكاد ).  معجم أحاديث الامام المهدي ج1: ص 272 الحديث 172 (13 مصدر) ] .

[ ( … وخسف قرية من قرى الشام وهدم حائط مسجد الكوفة مما يلي دار عبد الله بن مسعود. وطلوع نجم بالمشرق يضيء كما يضيء القمر ثم ينعطف حتى يلتقي طرفاه أو يكاد، وحمرة تظهر في السماء وتنتشر في أفقها وليست كحمرة الشفق المعتاد …).  عقد الدرر في أخبار المنتظر – يوسف بن يحيى بن علي المقدسي الشافعي السلمي ص 177-179 ]

[ عن الامام علي ع : ( يطلع من مغيب الشمس نجم له ذنب كمثل الرمح عال بوجه مستدير مثل الترس) ماذا قال علي عن اخر الزمان، علي عاشور عن أمير المؤمنين علي ( عليه السلام )  في خطبة البيان: ( من علامات الساعة يظهر صائح في السماء ونجم له ذنب في كل ناحية من المغرب ويظهر كوكبا ً في السماء من المشرق ثم يظهر خيط ابيض في وسط السماء وينزل من السماء عمود من نور ثم ينخسف القمر ثم تطلع الشمس من المغرب فيحرق حرها شجر البراري والجبال ثم تظهر من السماء فتحرق أعداء آل محمد حتى تشوي وجوههم و أبدانهم  … ). الزام الناصب ج2 عن البرسي في المشارق ] .

[ .. قال سطيح: ( عند طلوع الكوكب الذي يفزع العرب، وله شبيه الذنب، فهناك تنقطع الأمطار، وتجف الأنهار، وتختلف الاعصار، وتغلو الأسعار، في جميع الأقطار . ثم تقبل البربر بالرايات الصفر، على البراذين السبر، حتى ينزلوا مصر، فيخرج رجل من ولد صخر، فيبدل الرايات السود بالحمر، فيبيح المحرمات،…) . في بحار الأنوار ـ ج51 ص 162ـ163 أعصار: دهر /  إعصار: رياح شديدة البربر: ناس كثيري الكلامِ، والجَلَبَةُ، والصِّياحُ، التخليط في الكلام مع غضب ونفور / عرق من الناس يعيش في المغرب العربي البراذين: دوب محذوفة مقطوعة الاذان والاذناب. السُّبَرُ : طائر دون الصَّقْرِ/ حُسْنُ الهيئةِ والجمَالُ ]

[ عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام: ( إذا بلغ العباسي خراسان، طلع بالمشرق القرن ذو الشفا، وكان أول ما طلع بهلاك قوم نوح حين غرقهم الله، وطلع في زمان إبراهيم عليه السلام حيث ألقي في نار نمرود، وحين أهلك الله فرعون ومن معه، وحين قتل يحيى بن زكريا، فإذا رأيتم ذلك فاستعيذوا بالله من شر الفتن، ويكون طلوعه بعد انكساف الشمس والقمر، ثم لا يلبثون حتى يظهر الأبقع بمصر. ). معجم أحاديث الامام المهدي ج3: ص 259  الحديث 785 (3 مصدر) ] .

عن امير المؤمنين علي ع في الجفر: ( ويسبق المهدي ظهور النجم ذو الذنب العجيب، ليس ما ترونه نجم ثلثي العقد الواحد ولا نجم ثلثي القرن ولا نجم كل قرن، إنما النجم ذو القرون له قلب وفيه نار وثلج وهواء وتراب، يمتد ذنبه ما اسرع في جريه سرعة نور الشمس ما انفجر الفجر ، يعمو اوله على اخره كأنه الطوق العظيم، يكون له وهج في ليل السماء كأن شمس أشرقت ثم يروح لدائرته، وبعدها هلاك وموت كثير خيراً لأهل الخير وشراً لأهل الشر.) . المفاجأة لمحمد عيسى بن داود ص 204   يعمو: يميل قال الإمام الهادي ع : ( قال رسول الله ص (يكون نار ودخان في المشرق أربعين ليلة). الملاحم و الفتن ص ٧١ و ص ١٦٤ بلفظ آخر. أي من بداية شعبان حتى منتصف شهر رمضان. (في الاختصاص : واعلم أن مع الشمس كواكب لها أذناب بعضها فوق بعض نفر فإذا بدا كوكب منها في برج من البروج وقع في أرض ذلك البرج شر وبلاء وفتنة وخلع الملوك ، وإذا رأيت كوكبا أحمر لاتعرفه وليس على مجاري النجوم ينتقل في السماء من مكان إلى مكان يشبه العمود وليس به فإن ذلك آية الحرب والبلايا وقتل العظماء وكثرة الشرور والهموم والآشوب في الناس ). بحار الانوار جلد: 55 من صفحه 335 ان للمذنبات مدارات اهليجية طويلة مع زاوية دوران ضيقة حول الشمس (دائرته).

وتمثل منطقة الدوران حول الشمس منتصف المدة التي يمكننا ان نشاهد المذنب فيها. بما ان هذا الدوران سيكون في رجب ( أستنتجنا ذلك في صفحة علامة ظهور كف بارزة تشير في رجب ) .. وسيكون وصوله الأرض في رمضان ( أستنتجنا ذلك في صفحات علامات شهر رمضان ) .. أي بعد ستة أسابيع تقريباً .. أذاً سيمكننا مشاهدته قادماً قبل رجب بشهرين على الاقل أي في شهور ربيع الثاني والاول وصفر .. عن الامام علي الرضا عن امير المؤمنين علي ع : ( في شهر صفر ستظهر لكم من السماء آية جليّة، ومن الأرض مثلها، ويحدث في المشرق ما يقلق. ويغلب على العراق طوائف من الإسلام مرّاق. ثم تنفرج الغمّة ببوار طاغوت الأشرار، يسرّ بهلاكه المتّقون. من قاتلنا في آخر الزمان، فكأنما قاتلنا مع الدجّال.) البحار ج ٥٢ ص ٣٣٥ ] .

وأما :

(إذا)

لفظ إذا هنا يعتبر مفتاح فهم الآية كلها لوروده في مواضع تبين المقصود من الآية الكريمة فقد ورد في بيان كفر قريش بدعوة النبي صلى الله عليه وآله وقولهم حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا قال تعالى { وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون – المائدة 104} وإذا فعلوا فاحشة قالوا بقدسيتها لفعل آبائهم لها قال تعالى { وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون – الأعراف 28 } وقالوا في كتاب الله أساطير الأولين { وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين – النحل 24 }

وبالتالي كانوا يكرهون كتاب الله تعالى ويكادون يسطون على تاليه كما في قوله تعالى { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير- الحج 72 }

ولما علموا وولاية أهل بيته من عده عليهم السلام حاولوا تبديل آيات الله كما في قوله تعالى {  وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم – يونس 15 } وهذه فتنة حاولوا فيها تبديل حكم الله تعالى وهنا لجأ هؤلاء المجرمين للكذب على الله تعالى ورسوله كما في قوله تعالى { وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا النساء 81 } وقال تعالى { ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم – محمد 16 }.

وهنا برزت طائفة من المنافقين لا هم لها إلا الدنيا ومتاعها لا يراعون لله حرمة في حلال أم حرام وقال تعالى في هؤلاء  { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا- مريم 73 } .

وهنا فتح الله تعالى عليهم أبواب الدنيا ومتاعها لقوله تعالى {  فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون – الأنعام 44 }

وتظهر طبقة اجتماعية جديدة من المنتفعين الذين منعوا حق الله تعالى في أموالهم بعدما منعوا الماعون وحقوق الفقراء  وخمس أهل بيت النبي المفترض لهم في كتاب الله تعالى وأطلق عليهم القرآن الكريم طبقة المترفين وهؤلاء سيكونون أهم معول لهدم الدولة الإسلامية في كل زمن  قال تعالى { وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا – الإسراء 16 }

وهنا يأت وعد أول وعده الله تعالى بني سرائيل في زمن النبي صلى الله عليه وآله وقال تعالى فيه {  فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا – الإسراء 5} ويكون وعد فيه هلاك قريشاً الأولى لأنهم كبني إسرائيل بين وعدين للهلاك قال تعالى فيه {سنعذبهم مرتين ثم يدون إلى عذاب عظيم – التوبة }

وبين الوعدين ينزل بهم عذابات مختلفة لا يكون فيها ااستئصالاً لهم لعلهم يتوبون من قريب قال تعالى { فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون – الأنبياء 12-13 } ثم يفتح الله تعالى على البشرية بكفرها باباً من العلم ليدمروا بعضهم بمخترعاتهم ومنها المعارج ( الطائرات والصواريخ وكل مايصعد به إلى السماء ) و قال تعالى فيها {ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت ابصارنا بل نحن قوم مسحورون – الحجر14-15} وهذا باب عذاب شديد يفتحه الله تعالى على البشرية بكفرهم ولا رحمة فيه لقوله تعالى { حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون – المؤمنون 77 } .

وهنا يبدأ الوعد الآخر بعلوا بني إسرائيل في العالم وسيرهم نفس نهج فرعون مع المؤمنين الذي عانوا هم منه من قبل وهنا توعدهم الله تعالى بالوعد الآخر هم وقريش الآخرة كما بينا في عذابهم الثاني قال تعالى { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا – الإسراء 7 }

ويكون هلاكهم ببعثة إمام آخر الزمان والذي أطلق عليه القرآن الكريم دابة الأرض قال تعالى { وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون – النمل 82 } وآجال الأمم الظالمة من كفار ومنافقين تكون مرهونة ببعثة هذا الإمام لما ورد فيه تصريحا { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ  وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۚ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ– يونس 47-49 } وهنا يكون قد حل زمان هلاكهم وجمعهم للحساب كما في قوله تعالى { فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون – آل عمران 25 }

وإن كان المقصود بدابة الأرض دابة فعليه فخروجها بعد هلاك العالم والذي يكون أماراته سيطرة الإنسان على كل شيئ بواسطة ما توصل له من علم وتكنولوجيا وكومبيوتر قال تعالى { إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون – يونس 24 } .

ثم تكون الايات بعد ذلك ومنها يأجوج ومأجوج الوارد ذكرهم في قوله تعالى { حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون – الأنبياء 96 }

وهذا من أشراط الساعة كما في قوله تعالى { فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم – محمد 18 } وهنا يتحسونر على ما فرطوا فيه من تركهم العمل بكتاب الله وشرعه الكريم قال تعالى { قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون – الأنعام 31 }

وبالتالي قوله تعالى هنا { والنجم إذا هوى } يحكي قصة كفر قريشاً الأولى وبني إسرائيل وصراعهم مع أهل بيت النبي وقتلهم إياهم وخط سير أحداث آخر الزمان منذ ظهور الإسلام حتى قيام الساعة .

وأما :

(هوى)

[ وهوى بمعنى سقط من شاهق ] قال تعالى { حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق – الحج 31 } أي أن شدة شرك هؤلاء وكفرهم بالله تعالى سيكون أهم عوامل إبادتهم بالنجم إذا هوى خاصة إذا فشا فيهم عمل قوم لوط لقوله تعالى فيهم { والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى – النجم 53 } وهذا في آخر الزمان مع ظهور علامة في السماء وهو النجم ذو الذنب قال تعالى هنا { والنجم إذا هوى} وهذا النجم يهوي على كفار ومنافقي آخر الزمان والذين يعملون بعمل قوم لوط كما بينا وهذا يسبب غضب أهل السماء عليهم فيأذن الله تعالى بسقوط نجماً من السماء عليهم بغضب من الله تبارك وتعالى قال فيه { ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى } .

ثم يقول تعالى :

  • ما ضل صاحبكم وما غوى (2)