الخليج الجديد :
بغض النظر عن طبيعة الحكومة التي ستتشكل في إسرائيل بعد الانتخابات، فإن صعود اليمين المتطرف سيزيد من خطر اندلاع أعمال عنف في الأراضي الفلسطينية وقد يضر بالعلاقات الخارجية مع الدول العربية والولايات المتحدة.
وصباح الثلاثاء، فتحت مراكز الاقتراع في إسرائيل أبوابها في خامس انتخابات منذ عام 2019، وقد انهارت آخر حكومة منتخبة بقيادة “نفتالي بينيت” في يونيو/حزيران بعد نحو عام فقط من تشكيلها.
وتشير معظم استطلاعات الرأي إلى أن النتائج ستظهر نفس الانقسام السابق بين الأحزاب اليمينية بقيادة رئيس الوزراء السابق “بنيامين نتنياهو” من ناحية، والأحزاب اليسارية والعربية وأحزاب يمين الوسط التي تعارضه بقيادة رئيس الوزراء الحالي “يائير لابيد” من ناحية أخرى.
لكن استطلاعات الرأي تظهر أيضًا ارتفاعًا في شعبية حزب “الصهيونية الدينية”، وهو مظلة واسعة لليمين المتطرف ومن المرجح أن يصبح ثالث أكبر حزب في الكنيست.
وبينما حذر مسؤولون في الولايات المتحدة والإمارات من أن الحكومة الإسرائيلية التي تضم “الصهيونية الدينية” ستؤدي إلى توتر العلاقات، قال “نتنياهو” إنه من المحتمل أن يضم الحزب إلى حكومته، وذلك من أجل العودة إلى السلطة.
وحتى لو لم يتم تضمينه في الحكومة المقبلة، فإن زيادة شعبية “الصهيونية الدينية” ستترجم إلى تأثير أكبر على الخطاب السياسي الإسرائيلي وسياسات الحكومة. وإذا أصبح ثالث أكبر حزب في الكنيست، فسيكون أمام “الصهيونية الدينية” فرصة أكبر لترويج خطابه في كل من وسائل الإعلام والهيئات السياسية.
وحتى لو انتهى الأمر بأعضاء الحزب إلى المعارضة، فسيظلون يحاولون إعادة صياغة النقاشات الوطنية حول الفلسطينيين لتصبح أكثر إقصائية وتقويض الدعم العام للمفاوضات أو التنازلات تجاه الفلسطينيين.
ومن المرجح أن ينخرط نواب الحزب في الكنيست باحتجاجات استفزازية في الشوارع ونشاط يميني متطرف يمكن أن يثير العنف بين الإسرائيليين وعرب 48. وسيحاول بعض نواب “الصهيونية الدينية” تنظيم مجموعات شبه عسكرية لتعزيز حملات التخويف ضد الفلسطينيين.
وإذا تم تشكيل حكومة ائتلافية ضعيفة تستثني حزب “الصهيونية الدينية”، فمن المرجح أن يضغط على أعضاء الأحزاب اليمينية في التحالف الحاكم ودفعهم للاستقالة من الحكومة من أجل إجراء انتخابات جديدة على أمل الوصول إلى السلطة.
وفي حال تم تضمينهم في الحكومة، فإن سياسات “الصهيونية الدينية” تجاه الفلسطينيين والقضايا الاجتماعية يمكن أن تثير رد فعل عنيف من الشرائح العلمانية واليسارية والعربية، ويمكن أن يتصاعد الأمر إلى صدام عسكري واسع في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويهدف قادة “الصهيونية الدينية” إلى السيطرة على وزارتي الداخلية والدفاع. ومع أنه من غير المؤكد أنهم سيحصلون على أي من هذه المناصب، فإنهم سيكونون في الحكومة في حالة فوز تحالف “نتنياهو”.
ومن المرجح أن يؤدي انضمام قادة “الصهيونية الدينية” إلى الحكومة المقبلة إلى دفع خصومهم السياسيين في كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية إلى تنظيم احتجاجات وإضرابات؛ مما يزيد من خطر وقوع اشتباكات دموية في الشوارع على غرار تلك التي شهدناها خلال حرب غزة عام 2021.
وإذا تحولت الاضطرابات إلى مواجهات دموية، فقد تضطر الحركات الفلسطينية المنظمة مثل حماس والجهاد الإسلامي إلى الدخول على خط المواجهة.
ولا يتوقع أن تغير الحكومات الأجنبية العلاقات مع إسرائيل على الفور، لكن من المؤكد أن دعم إسرائيل سيتراجع في الولايات المتحدة.
كما أن الدول التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل خلال العامين الماضيين كجزء من اتفاقيات “إبراهام”، التي تشمل الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، فعّلت ذلك بالرغم من اعتراضات شعوبها.
ومن غير المرجح أن تعكس الدول التي وقعت “اتفاقات أبراهام” مسارها في حال فوز “الصهيونية الدينية”، لكن قد تبدو أقل حماسة تجاه تطوير علاقات أكثر دفئا. كما أن الدول الأخرى التي تفكر في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مثل إندونيسيا والسعودية، قد تجمد أو تبطئ هذه الجهود أيضًا.
كما من غير المرجح أن تؤدي حكومة يمينية متطرفة إلى تغيير جذري في علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة، حيث لا تزال هناك مشاعر مؤيدة لإسرائيل من الحزبين في البيت الأبيض والكونجرس. ومع ذلك، يمكن أن تصبح العلاقات الأمريكية الإسرائيلية قضية مثيرة للجدل في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2024.