إسطنبول- “القدس العربي”:
تتقاذف قوات الجيش وخفر السواحل التركية واليونانية قوارب المهاجرين التي تزايدت أعدادها في الأيام الأخيرة وسط بحر إيجه، وكذلك الاتهامات حول المسؤولية عن سلامة المهاجرين الذي يحاولون الوصول إلى أوروبا براً من اليونان عقب وصولهم إلى أراضيها بحراً من تركيا.
وشهدت الأسابيع والأيام الأخيرة زيادة ملحوظة في أعداد قوارب الهجرة التي تنطلق من الأراضي التركية نحو الجزر اليونانية المختلفة في بحر إيجه، وتزايدت معها الاتهامات بالمسؤولية عن دفع قوارب المهاجرين لإخراجها من المياه الإقليمية للبلدين حيث يسعى كل طرف لإبقاء القوارب التي يتم رصدها في المياه الإقليمية للطرف الآخر وذلك لإخلاء المسؤولية القانونية والأخلاقية عن المهاجرين سواء وصلوا إلى اليابسة أو كان مصيرهم الغرق كما يحصل في كثير من الحالات.
وتقليدياً، تتهم تركيا التي تنطلق منها سفن المهاجرين اليونان بأنها تتبع منذ أشهر سياسة دفع قوارب المهاجرين لإعادتهم إلى المياه الإقليمية التركية، وما يرافق ذلك من تعريض حياة المهاجرين للخطر والموت في أحيان مختلفة، لكن الجديد هو اتهام اليونان لتركيا بأنها تؤمّن وصول وتدفع سفن المهاجرين نحو المياه الإقليمية اليونانية وهو نفته أنقرة بقوة، الأربعاء.
وبشكل شبه يومي، تعلن جهات تركية مختلفة ومنها وزارة الدفاع وقوات خفر السواحل عن رصدها قيام زوارق عسكرية أو شرطية يونانية وهي تدفع قوارب المهاجرين نحو المياه الإقليمية التركية، ونشرت طوال الأشهر الماضية عشرات مقاطع الفيديو التي تثبت ذلك، كما نشرت تركيا مراراً إفادات لمهاجرين أعادتهم اليونان للمياه التركية تضمنت اتهامات لليونان بإعطاب القوارب المطاطية وإغراقها والاعتداءات على المهاجرين بالضرب وتجريدهم من ملابسهم وممتلكاتهم قبيل إجبارها على العودة للمياه التركية.
ووجهت تركيا مراراً انتقادات لقوات خفر السواحل الأوروبية التي اتهمتها بمشاركة اليونان انتهاكاتها ضد المهاجرين، وتحدث مهاجرون أعيدوا إلى المياه التركية وأنقذتهم قوات خفر السواحل التركية أنهم تعرضوا لتنكيل شديد قبيل إجبارهم للعودة، وفي كثير من الحالات قالوا إنهم فقدوا رفقاء مهاجرين لهم قضوا غرقاً عقب اجبارهم على العودة للمياه التركية.
في المقابل، تتهم اليونان السلطات التركية بالتساهل مع المهاجرين و”تشجيعهم” على الوصول إلى اليونان بحراً، والثلاثاء، نشرت شرطة المرافئ اليونانية تسجيل فيديو يظهر زورقاً مطاطياً محمّلاً بمهاجرين يبحر وسط سفينتين تابعتين لخفر السواحل التركيّة، واعتبرت الفيديو “دليلا على أن السفن التركية كانت تحاول توجيه مركب المهاجرين من أجل الوصول لجزيرة ليسبوس اليونانية” وبالتالي “تمكين المركب من الدخول بشكل غير قانوني إلى اليونان”.
ونقل البيان عن وزير البحرية اليوناني يانيس بلاكيوتاكيس قوله إن “تركيا تصرفت، مرة أخرى، كدولة قرصان في بحر إيجه، منتهكة التزاماتها تجاه الاتّحاد الأوروبي”، كما اتهم رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس تركيا بـ”استغلال” قضية الهجرة، وذلك في تصريح أدلى به إثر لقائه نظيره الهولندي مارك روته الذي يقوم بزيارة رسمية لأثينا.
ورداً على الاتهامات اليونانية، نشرت قيادة خفر السواحل التركية مقاطع فيديو قالت إنها تثبت “كذب الرواية اليونانية”، موضحةً أن قوات خفر السواحل اليونانية قامت بمناورة خطيرة في محيط قارب مهاجرين بالسير بسرعة كبير بجانبه من أجل خلق موجات بحرية لدفع القارب للعودة إلى المياه الإقليمية، “وعلى الرغم من الدعوات المتكررة لخفر السواحل التركي عبر الأجهزة اللاسلكية استمر خفر السواحل اليوناني بدفع اللاجئين وهو ما اضطر القوات التركية للتدخل لإنقاذهم”.
وكتب مساعد وزير الداخلية التركي إسماعيل تشاتاكلي عبر تويتر: “من خلال عقدة الذنب، تحاول اليونان اتهام تركيا بالقيام بما قامت به هي، وتتهم تركيا بأنها دولة قرصان، لطفاً، توقفوا عن اتهام تركيا بما تقومون به، ما جرى موثق بالكاميرا وفي ضمير الإنسانية”، مرفقاً مقاطع فيديو تقول إنها تثبت أن اليونان هي من دفعت قارب المهاجرين.
والأحد، استقبلت جزيرة كوس اليونانية قارب يحمل على متنه 400 مهاجر بعد قرابة ثلاثة أيام من تقاذفه وسط البحر بين تركيا واليونان، حيث اتهمت أثينا أنقرة بأنها لا تلتزم باتفاق الهجرة الموقع بين البلدين، حيث رفضت أنقرة استعادة المركب الذي كان يواجه خطر الغرق مؤكدة أن السفينة موجودة في المياه الإقليمية اليونانية وأن أثينا هي المسؤولة عن سلامة المهاجرين.
والأربعاء، أقدمت صحافية هولندية، على إحراج رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، واتهامه بالكذب فيما يخص اللاجئين وإنكاره لإجبارهم على العودة إلى الجانب التركي، وقالت الصحفية لرئيس الوزراء اليوناني: “متى ستتخلون عن الكذب بخصوص إجبار اللاجئين على العودة؟”، مشيرة إلى وجود أدلة على إجبار اليونان للاجئين للعودة إلى الجانب التركي، وطالبت ميتسوتاكيس بـ”عدم الاستهتار” بعقلها وعقول الصحافيين حول العالم. وهي اتهامات رفضها رئيس الوزراء اليوناني واعتبرها أنها “غير مستندة إلى حقائق مادية”.
وقال ميتسوتاكيس: “لا يمكنني قبول إهانتك لي وللشعب اليوناني في هذا المكتب (رئاسة الوزراء اليونانية)”، مضيفاً: “اليونان أنقذت آلاف المهاجرين من الغرق، وعرقلت قوارب اللجوء القادمة من تركيا وفق القوانين الأوروبية، وانتظرت خفر السواحل التركي كي يأتي ويعود باللاجئين إلى تركيا”، كما اعتبر أن حياة اللاجئين المتواجدين في تركيا غير معرضة للخطر.
وعام 2016 وقعت تركيا واليونان ضمن اتفاقيات أوسع مع الاتحاد الأوروبي على “اتفاق إعادة القبول” والذي ينص على قبول تركيا استقبال لاجئين وصلوا إلى اليونان بطرق “غير شرعية”، وبالفعل استقبلت تركيا دفعات محدودة من اللاجئين قبل أن تتصاعد الخلافات بين البلدين حيث لم تشهد السنوات الأخيرة استقبال تركيا أي من اللاجئين من اليونان رغم المطالبات والضغوط اليونانية المكثفة.