Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

شرق السودان أزمة قديمة أعادها اتفاق سلام الى الواجهة

راي اليوم :

الخرطوم-(أ ف ب) – يرى محللون وسياسيون أن الأزمة في شرق السودان التي تمثلت أخيرا بإغلاق الموانئ والطريق الذي يربطها بالبلاد تعكس ما يعانيه الإقليم من تهميش منذ أكثر من ستين عاما، وقد أعاده اتفاق السلام الموقع في جوبا الى الأضواء.

ويضم إقليم شرق السودان ثلاث ولايات هي البحر الاحمر وكسلا والقضارف، ويعتبر استراتيجيا كونه يحدّ إريتريا ومصر وإثيوبيا ويمتد فيه ساحل على البحر الحمر طوله 714 كيلومترا توجد عليه مرافىء نفطية.

كما يضم الإقليم خمسة أنهر وأكثر من ثلاثة ملايين ونصف مليون هكتار من الأراضي الزراعية.

وتشكّل هذه الموارد عناصر مهمة لبلاد تعاني من اقتصاد متداع نتيجة سنوات الحكم الطويلة وسوء الإدارة والعقوبات في عهد الرئيس السابق عمر البشير الذي أطيح به في 2019.

ويقول الكاتب المتخصص في قضايا الإقليم أمير بابكر لوكالة فرانس برس “الأزمة قديمة جدا (…). منذ استقلال السودان، عانت المنطقة من تهميش اقتصادي وسياسي، لكن توقيع اتفاق جوبا فجّرها”.

ونُظّمت احتجاجات في ميناء بورتسودان منذ 17 أيلول/سبتمبر ضدّ اتّفاق سلام تاريخي وقّعته الحكومة الانتقاليّة السودانيّة في تشرين الأوّل/أكتوبر عام 2020 في مدينة جوبا مع عدد من الحركات والقبائل التي حملت السلاح في عهد البشير ضد القوات الحكومية احتجاجًا على التهميش الاقتصادي والسياسي لمناطقها. وبين هذه الأطراف المتمردة، مجموعات من شرق السودان. ويقول المحتجون إن اتفاق السلام لا يضمن تمثيلا عادلا لشرق السودان.

وأبرز منظمي الاحتجاجات والمشاركين فيها أفراد من قبائل البجه، وهم من السكان الأصليين للمنطقة، وموجودون فيها منذ أكثر من سبعة آلاف عام، وينقسمون الى مجموعات، بحسب اللغة التي يتكلمونها: الهدندوة والبشاريون والعبابدة والأمرار والحلنقة والأرتيقة والشاياب والجميلاب والبداويت، وهي لغة قديمة. بالإضافة الى مجموعات البني عامر والحباب والماريا ومجوعات أخرى أصغر بينها من يتحدث لغة التغري القديمة.

ويقول سيد علي أبو آمنه، وهو من القياديين النافذين في المنطقة، لفرانس برس، “الأزمة مركبة، بمعنى أن قضية إقليم شرق السودان في التهميش قديمة والمطالب بالحقوق لدى سكان الإقليم متواصل منذ الاستقلال. والآن، مسار جوبا خلق أزمة جديدة”.

في 1958، أسّس البجه حزبا باسم مؤتمر البجه لإزالة التهميش عن الإقليم. وحملت المجموعة السلاح ضد حكومة البشير في عام 1994 وظلت تقاتله بدعوى تهميش الإقليم حتى وقعت معه اتفاق سلام عام 2006 بالعاصمة الإريترية أسمرا.

ويقول أسامة سعيد، رئيس وفد التفاوض عن شرق السودان الذي وقع على مسار جوبا، بدوره إن الإقليم “زاخر بموارد طبيعية”.

ويضيف لفرانس برس “مع ذلك، هو مهمّش. على سبيل المثال، يخرج منه ستون في المئة من إجمالي إنتاج البلاد من الذهب إضافة الى إيرادات الموانئ”.

وتعتبر ولاية القضارف أكبر ولاية زراعية في السودان، ووفقا لإحصاءات وزارة الزراعة السودانية، تزرع فيها سنويا ثمانية مليون فدان.

ويعتبر الإقليم من أفقر مناطق السودان، وفقا لإحصاءات حكومية رسمية. ففي مسح أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الحكومي عام 2017، بلغ معدل الفقر في الولايات الثلاث 54%، بينما يبلغ 36% على المستوى الوطني.

وفي مسح لوزارة الصحة السودانية عن معدلات وفيات الأمهات أثناء الولادة من عام 1990 الى 2009، جاءت نسبة ولاية كسلا أعلى من كل ولايات البلاد.

– “الثقاب الذي أشعل الفتيل” –

ووصف رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان الاحتجاجات في شرق السودان بـ”الأمر السياسي”.

وقال في تصريحات الأحد خلال افتتاح مستشفى عسكري بالخرطوم، “ما يحدث من إغلاق في الشرق.. أمر سياسيّ، ويجب أن يتمّ التعامل معه سياسيًا”.

ويقول أبو آمنه إن ما أشعل فتيل غضب البجه هو توقيع الحكومة الانتقالية على اتفاق مسار الشرق. وقال “البجه يمكنهم أن يعيشوا في ظل التهميش، لكن اتفاق المسار مسّ سيادتهم على الإقليم وأتى بناس لا علاقة لهم بالمنطقة وقعت الحكومة معهم اتفاقا”.

أما سعيد فيقول من جهته “انتزاع مسار باسم الشرق لم يكن أمرا سهلا. الحكومة كانت تعتقد أن ليس هناك نزاع في الشرق ولا حاجة للتفاوض. مع ذلك أتينا بمكاسب لإنسان الشرق باعتراف الحكومة بتهميشه وتخصيص 30% من الموارد التي تخرج من الإقليم لصالحه”.

ويقول المحلل السياسي أمير بابكر إن المسار فيه مشكلات يجب الاعتراف بها، مضيفا أنه تمّ “مع مجموعة محددة تنتمي الى مكوّن اجتماعي واحد من الإقليم وتجاهل بقية المكونات وهذا أرسل رسالة سلبية الى هذه المكونات”.

لكن سعيد يرد بأن مجموعات أهلية من الإقليم كانت موجودة خلال التوقيع.

فيقول أبو آمنه إن “أغلب الإدارات الأهلية ضد الاتفاق”.

ويقول سعيد “الاتفاق مفتوح لمن يريد إضافة مكاسب لأهل شرق السودان”.