"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

الحرب في أفغانستان لم تنته.. 3 أطراف تهدد حكم طالبان

القدس العربي :

إسطنبول: سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابل ومعظم محافظات البلاد لا يعني بالضرورة انتهاء المعارك، التي لم تتوقف منذ 1979.

فما زالت هناك جيوب مقاومة في جبال بنشير في الشمال، وتنظيم الدولة “داعش” في الشرق، وجماعات عرقية ومذهبية تناصب طالبان العداء في أكثر من محافظة خاصة في الغرب والشمال.

1/ جبهة المقاومة الوطنية

ويقودها أحمد مسعود، نجل الزعيم الطاجيكي أحمد شاه مسعود، أحد قادة المقاومة الأفغانية ضد السوفييت، والذي قاتل طالبان خلال حكمها الأول، وقتل قبل يومين من تفجيرات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.

ويتحصن أحمد مسعود في ولاية بنشير (شمال)، ذات الجبال الوعرة، والغالبية الطاجيكية (نحو 37 بالمئة) والتي عجزت طالبان عن اقتحامها خلال 5 سنوات من حكمها الأول (1996-2001).

وانضم إلى أحمد مسعود، نائب الرئيس الأفغاني السابق أمر الله صالح، الذي يعتبر نفسه الرئيس الشرعي لأفغانستان، بعد استقالة الرئيس أشرف غني وفراره إلى الإمارات.

وانضم إلى تحالف مسعود آلاف الجنود من الجيش الأفغاني، الذي انهار بعد انسحاب القوات الأمريكية وسقوط كابل في يد طالبان.

ويمكن أن يتحول وادي بنشير إلى معقل للمعارضة المسلحة لحكم طالبان، على غرار “تحالف الشمال”، الذي ضم قوميتي الطاجيك والأوزبك (نحو 9 بالمئة)، في المحافظات الشمالية.

لكن طالبان يبدو أنها استفادت من تجاربها السابقة، وتتفاوض حاليا مع أحمد مسعود، لدخول ولاية بنشير دون قتال، وفي نفس الوقت تحشد قواتها على أطراف الولاية لاقتحامها في حال فشلت المفاوضات.

وفرص طالبان للقضاء على “المقاومة الوطنية” عسكريا ليست مضمونة، إذ سبق لها وأن أخفقت من قبل في اقتحام وادي بنشير، كما فشل السوفييت قبلها.

وتوجد مديريات أخرى في ولايتي ننغرهار ولقمان، شرق كابل، خارج سيطرة طالبان، غير أنها لا تشكل نقاط مقاومة حصينة وقد تسقط في يد طالبان خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، إلا إذ تلقت دعما عسكريا من “المقاومة الوطنية” أو من الخارج.

فإذا قررت دول الجوار (طاجكستان، أوزبكستان، وتركمانستان، وإيران وباكستان والصين) بالإضافة إلى روسيا، أو الدول الغربية دعم “المقاومة الوطنية”، فإن حكم طالبان لن يعرف الاستقرار بسهولة.

2/ داعش خرسان

يشكل تنظيم الدولة الاسلامية- داعش خرسان أخطر تهديد وجودي لحركة طالبان، بالنظر إلى استخدامه نفس الأساليب القتالية، ويجيد القتال في الجبال والأماكن الوعرة.

فتنظيم الدولة “داعش” تشكل من عناصر منشقة من حركة طالبان ذاتها في 2014، عندما شاع خبر وفاة الملا عمر، مؤسس الحركة، بينما أخفى قادتها الخبر طيلة عامين من وفاته في 2013.

وبحسب تقارير إعلامية، بينها قناة “سي أن أن”، فإن تنظيم داعش خرسان يضم ما بين 1500 و2200 عنصر، بينما تتحدث مصادر أخرى عن آلاف، خاصة بعد انضمام مقاتلين من طالبان باكستان إليه، فضلا عن جنسيات أخرى قدمت من العراق وسوريا.

وتمكنت طالبان من هزيمة داعش خرسان في 2018 بعد 4 سنوات من القتال، والمفارقة أن الطيران الأمريكي تدخل جوا لدعم هجمات طالبان على داعش شرقي البلاد، وهو ما اعترضت عليه الحركة، واعتبرت أنه يعيق عملياتها.

وخاضت طالبان أكبر وآخر معاركها الرئيسية في ولاية جوزغان، في الشمال على الحدود مع دولة تركمانستان، صائفة 2018، حيث أعلنت خلالها مقتل 150 عنصر من داعش واحتجازها 130 آخرين، بينما فضل 150 تسليم أنفسهم للقوات الحكومية.

وقال حينها ذبيح الله مجاهد، الناطق باسم طالبان، “ظاهرة داعش الخبيثة انتهت تماما، وتحرر الناس من عذاباتها في إقليم جوزغان”.

إلا أن داعش خرسان، مازال يسيطر على مديرية خوكي، بولاية كونار (شرق) على الحدود مع باكستان، وبالأخص إقليم وزيرستان، معقل طالبان باكستان.

كما أن داعش يملك خلايا نائمة في كابل، تجلى ذلك في الهجوم الذي استهدف مطار كابل، الخميس، وخلف عشرات القتلى بينهم جنود أمريكيون.

3/ الهزارة الشيعة

هناك ترقب حول كيفية تعامل طالبان مع شيعة أفغانستان والذين يتركزون في غرب البلاد بولاية هرات، التي تقطنها قبائل الهزارة (نحو 9 بالمئة)، التي تدعمها إيران.

وسقطت هرات في يد طالبان دون مقاومة شديدة، وتحدث خبير مجلس الشؤون الدولية الروسي، كيريل سيمونوف، عن مشاركة بعض تشكيلات الهزارة في الأعمال القتالية إلى جانب طالبان.

ورغم تبني طالبان خطاب معتدل تجاه القوميات والمذاهب المختلفة، إلا أن هناك توجس لدى شيعة الهزارة من تشدد طالبان، التي يتحدر أغلبية عناصرها من قومية البشتون السنية (ما بين 40 إلى 50 بالمئة)، التي تمثل أكبر قومية في البلاد.

إذ اتهمت منظمة العفو الدولية، في تقرير صدر مؤخرا، حركة طالبان، بتعذيب وقتل عدد من أقلية الهزارة في ولاية غزني (جنوب شرق)، في يوليو/ تموز الماضي.

ومع ذلك يحاول شيعة أفغانستان أن يكونوا جزءا من السلطة القائمة حتى ولو كان على رأسها طالبان، وهو توجه تدعمه إيران.

إذ سبق وأن دعت طهران حكومة كابل السابقة في 2020، إلى ضم المليشيات الشيعية في الجيش الأفغاني، وقال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، إن مقاتلي ميلشيات الهزارة “أفضل قوات بخلفية عسكرية” يمكن استخدامها ضد تنظيم داعش في أفغانستان.

وجندت إيران، منذ سنوات، آلافا من الهزارة الأفغان ضمن مليشيات شيعية للقتال في سوريا، وأشهرها “لواء فاطميون”، الذي يضم نحو 3 آلاف مسلح، بينما يزعم الإيرانيون أن أعدادهم تصل 14 ألفا.

وإذ أخفقت طالبان في التعامل بحكمة مع الهزارة، أو دخلت في صراع طائفي من جارتها الغربية إيران، فقد نشهد نقل لواء فاطميون من سوريا إلى أفغانستان لقتال الحركة بشكل مستقل أو بالتحالف مع قوميات أخرى خاصة الطاجيك، الذين يوجد بينهم أقلية من الشيعة.

واختلفت المصادر حول نسبة الشيعة في أفغانستان، لكنها تتراوح بين 10 و22 بالمئة، مقسمة بالتساوي بين الإسماعيلية والإثني عشرية، أعداد كبيرة منهم لجأت إلى إيران خلال سنوات الحرب الطويلة.

وفي المرحلة الحالية، تركز طالبان على القضاء على آخر معقل رئيسي للمقاومة في وادي بنشير سواء بالمفاوضات أو بالقتال، قبل أن تتفرغ لقتال ما تبقى من تنظيم داعش خرسان في كونار، وخلاياه النائمة في كابل.

أما الصراع المذهبي مع الهزارة فقد تسعى لاحتوائه ضمن ضوابط محددة، على الأقل في المرحلة الأولى التي تسعى فيها لتثبيت أرجلها في الحكم، وضمان اعتراف دولي بها كسلطة شرعية لأفغانستان، خاصة من دول الجوار بما فيها إيران.

(الأناضول)