Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

صحراء الأردن… قاعدة أمريكية ومهمات خفية

القدس العربي :

صحراء الأردن… قاعدة أمريكية ومهمات خفية

مزهر جبر الساعدي

  قبل أيام أُعلن في الأردن عن توقيع اتفاقية عسكرية بين عمان وواشنطن يُسمح بموجبها للولايات المتحدة الأمريكية، إقامة قاعدة عسكرية كبيرة في الأردن، كلفتها، حسب تسريبات الإعلام الغربي وتحديدا الفرنسي، أكثر من مليار دولار، بالإضافة إلى فتح الجو والبحر والبر للقوات الأمريكية، من الطائرات المقاتلة، والسفن الحربية أو غيرها ذات العلاقة، ببناء القاعدة، مع 16 مركز انتشار للقوات الأمريكية على الجغرافية الأردنية، حسب التسريبات ذاتها. وقد صدرت إرادة ملكية للتوقيع على هذه الاتفاقية حتى قبل عرضها على البرلمان. وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، قال عنها إنها لا تتعدى التدريب والمشورة، لكن التسريبات الإعلامية الفرنسية قالت إن الاتفاقية تمنح القوات الأمريكية البحرية أو الجوية أو البرية، حرية الحركة بلا رقيب أو محاسبة، أي لا تخضع للرقابة الأردنية، بل تتمتع بالاستقلال الذاتي الكامل، ولا تخضع القوات الأمريكية أو أي عنصر من عناصرها للقضاء والمحاسبة القانونية في حالة حدوث وفاة لأي أردني ضمن حدود ومساحة هذه القاعدة أو مراكز الانتشار الأخرى. نعتقد أن ما هو مقصود بالوفاة هو عملية قتل لأي أردني يقترب من تلك القاعدة أو مراكز الانتشار! جوبهت هذه الاتفاقية بمعارضة قوية سواء من القبائل الأردنية أو من الشارع الأردني وقواه السياسية. صالح العرموطي، وهو أحد أقطاب البرلمان والمسار القانوني، ومحسوب على كتلة التيار الإسلامي، وصف الموافقة عليها من قبل الحكومة الأردنية، والإرادة الملكية باعتمادها، أي بالتوقيع عليها، بأنه مخالفة دستورية وقانونية.
من الناحية الواقعية لا يوجد تهديد خارجي وجدي للسيادة الأردنية، سواء من الكيان الصهيوني أو من دول جوار الأردن وهي جميعها دول عربية، وبعضها يسبح شعبها في بحر من الاقتتال الداخلي أو من الفوضى والاضطراب وضياع بوصلة الطريق إلى الاستقرار والأمن، نقصد سوريا والعراق. وعليه فليس هناك ضرورة واقعية، أي لا وجود لضغط يفرض على الأردن، إبرام مثل هذه الاتفاقية إلا سبب واحد هو الإرادة الأمريكية الصرف، الحسابات الأمريكية الاستراتيجية في المنطقة العربية، وتحديدا في العراق وسوريا. أمريكا وعلى لسان جو بايدن في آخر خطاب له قال بما معناه، إن على أمريكا والاتحاد الأوروبي تكوين مشروع استثماري، اقتصادي وسياسي، في مواجهة المشروع الصيني، الحزام والطريق. وزير الخارجية الأمريكي، انتوني بلينكن، قال مؤخرا، إن علاقتنا مع الصين تنافسية، وهي لا تخلو من الصعوبات، ومجالات أخرى للتعاون. ومن الطبيعي هنا أن تكون المنطقة العربية وبالذات سوريا والعراق، بالإضافة إلى الدول الاخرى، عقد مواصلات في هذا المشروع الصيني.
السؤال هنا، كيف يمكن إفشال أو تطويق المشروع الصيني؟ هناك طريق واحد ألا وهو الضمان المستدام، لعقود أخرى مقبلة، في شراكة استراتيجية بين أمريكا والدول العربية ومنها العراق لكن تفتقر إلى الأبعاد الحقيقية لهذا الشراكة، باستثناء بعد واحد يدور حول محور واحد لشراكة غير غير متكافئة، على جميع الصعد الاقتصادية والسياسية والتجارية والمالية وما له علاقة بكل هذا.
أمريكا أظهرت خلال الأيام السابقة مرونة فائقة جدا في إعادة العمل بالصفقة النووية بين إيران والقوى الدولية الكبرى. هذه المرونة لم تكن لتحدث لولا التغييرات العميقة، ذات الفعل والنتائج الكبيرة في مشهد الصراع الإيراني الأمريكي، في دخول العامل الدولي، الصيني حصريا، إضافة إلى انسداد جميع المخارج الأخرى، للمراقبة الجدية للبرنامج النووي الإيراني.
الصين أعلنت أنها سوف تدافع عن مصالحها في إيران وسوف تحميها بمختلف الطرق والوسائل. قبل أيام تم في طهران إبرام اتفاق استراتيجي بين إيران والصين، لمدة 25 عاما، وبضخ أموال صينية تقدر بأكثر من 450 مليار دولار، في البنى التحتية في إطار الحزام والطريق، أي موانئ وسككك حديد وغيرها. وفي موضوع ذي صلة، تم التوقيع بين حكومة الكاظمي وإيران على مد سكك حديد من الموانئ الإيرانية إلى السواحل السورية على البحر الابيض المتوسط، عبر الأراضي العراقية، إلى أوروبا.
هذا المشروع يحول العراق إلى ممر ليس إلا ويخرج ميناء الفاو الكبير. أمريكا ولإفشال المشاريع الصينية والروسية، أولا، ولتطويق إيران وعزلها ثانيا، تخطط لفك الارتباط الاستراتيجي بين العراق وسوريا من أجل مصالحها الاستراتيجية من جهة وإيران من الجهة الثانية، بصورة دائمة ومستقرة، لا تتلاعب بها الأهواء والرغبات، وليس اللعب على الحبلين، أي إقامة علاقة أو شراكة استراتيجية بمواصفات وأبعاد الشراكة الاستراتيجية الأمريكية السعودية على مدى ثلاثة أرباع القرن. هذا جانب وهناك جوانب أخرى لها صلة وتأثير وجودي، منها كان قد دار ومنذ زمن ليس بالقليل عن الوطن البديل الذي يخص الشعب العربي الفلسطيني. إن هذه الاتفاقية العسكرية بين امريكا والأردن، تثير الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام، عن الذي يجري في الغرف المغلقة في أمريكا أو في دهاليز بعض الدول العربية، عن ما يخطط لهذه الدول، أو تزامنا مع قضية الشعب العربي الفلسطيني.
وهل لها علاقة بالخطط الأمريكية في ما يخص العراق في الأمد المنظور أو في الامد المتوسط، على أبعد احتمال، خصوصا وأن هذه القاعدة تقع بالقرب من الحدود العراقية، حسب تسريبات الإعلام الغربي. هل لها علاقة بمحور الشام، العراق، مصر، أو ما سمي في حينه بالمحور المعتدل بين الأردن والعراق ومصر؟ أو محور بعيد عن محاور الصراع في المنطقة، وهي كذبة كبيرة أخرى؟ وهل لها علاقة بالمخطط الأمريكي الصهيوني المناهض لقضية الشعب العربي الفلسطيني؟ بمعنى أكثر وضوحا ودقة، بإيجاد مكان بديل عن أرض فلسطين، في محافظة الأنبار العراقية مثلا، كما تحدثت قبل سنوات وسائل إعلام ذات صلة عن هذا الاختيار.
نعتقد أن هذه الاتفاقية العسكرية بين الأردن والولايات المتحدة، لها علاقة عضوية بالذي يجري التحضير له، في الخفاء، لإعادة صياغة الوضع السياسي أو المشهد السياسي بالكامل في سوريا بالتعاون وبالمقايضات مع روسيا والعراق بالشكل الواضح والمباشر، وبلا وسيط للتعاون وتقاسم النفوذ، في الأمد المنظور، ربما. وهناك سؤال مهم، ما هي الكيفية التي تتم بها الاستفادة من هذه القاعدة الأمريكية في ظل الكذبة الكبرى التي تتمحور حول الانسحاب الأمريكي التدريجي من المنطقة العربية. من الصعوبة الإجابة على هذا السؤال إجابة دقيقة في أجواء رمادية وضبابية تشمل مشهد الصراع في المنطقة العربية، وعدم وضوح نوايا وأهداف اللاعب الدولي والأقليمي والعربي في قواعد الاشتباك السياسي والعسكري والاقتصادي، لأن الملعب الحقيقي تحت الارض، بينما الظاهر هنا، ملعب مرحلي، اللعب فيه لتهيئة البيئة السياسية والعسكرية والاقتصادية، التي بمجموعها تشكل مفاتيح لظهور الملعب الحقيقي. عندها تظهر لنا الإجابات في الميدان، واضحة بعد نزع غطاء الخديعة عنها، أو عنه.
أمريكا في كل تاريخها حتى اللحظة، وفي جميع صراعها من أجل مصالحها غير الأخلاقية، في الاستغلال والنهب وتحويل الدول التي ابتلت بها، والتي في طريقها أن تبتلي بها، إلى أسواق وحدائق خلفية لها، ناقصة السيادة والقرار المستقل. إن ما يظهر على السطح من سياستها في أثناء الصراع، وحتى يتم عبر الدم والدمار والخراب، إنضاج الطبخة على نار وقودها أجساد البشر وأحلامهم في الحرية، وفي مستقبل أفضل، إنما الحقيقة المدفونة في تلافيف العقل الأمريكي الاستعماري الامبريالي هي بالكامل، تختلف عن أحلام الناس بالحرية والمستقبل الأفضل. إن بناء هذه القاعدة الأمريكية، بالإضافة إلى مراكز الانتشار الأمريكي على الأراضي الأردنية وبالقرب من الحدود العراقية، له علاقة في الذي يجري التخطيط له أمريكيا للعراق وسوريا. في هذا السياق نلاحظ تعرض القوات العراقية على الحدود العراقية مع سوريا إلى قصف من قبل أمريكا، حدث هذا القصف مرات عدة.

الاتفاقية العسكرية لها علاقة عضوية بالذي يجري التحضير له في الخفاء لإعادة صياغة الوضع السياسي في سوريا

وفي تزامن مع الاتفاقية العسكرية بين أمريكا والأردن يواصل السفير الأمريكي تدخله في الشأن العراقي وبالذات في الانتخابات المقبلة، التي من المفترض أن تجري قبل نهاية هذا العام، بطريقة وكأنه مسؤول عن الحكومة العراقية، وليس سفيرا يمثل بلاده في بغداد. التحركات الأمريكية في المنطقة العربية بالمجمل تظل تثير الكثير من علامات الاستفهام والكثير من الأسئلة.
كاتب عراقي

قاعدة الأزرق الجوية بالأردن.. معلومات أساسية

الموقع
تقع قاعدة موفق السلطي الجوية أو قاعدة الأزرق في منطقة الأزرق بقلب الصحراء على بعد مئتي كيلومتر من الحدود الأردنية العراقية.

التاريخ
استخدم ضابط الاستخبارات البريطاني توماس إدوارد لورنس -المعروف بلورانس العرب- خلال الحرب العالمية الأولى عام 1918؛ القلعة التاريخية في منطقة الأزرق كموقع هبوط طائرات.

وفي سبتمبر/أيلول 1979 اختار سلاح الجو الملكي في الأردن المنطقة لتكون قاعدة جوية له، وبدأ بناء القاعدة في نفس العام. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1980، تم نشر مختلف أنواع الطائرات فيها.

وافتتحت قاعدة موفق السلطي رسميا من طرف الملك الراحل حسين يوم 24 مايو/أيار1981، وسميت باسم موفق السلطي، الطيار الأردني الذي استشهد في مواجهة مع الطائرات الإسرائيلية يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1966.

وبسبب التدخل العسكري الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، تم نشر قوات تابعة لعدة دول في قاعدة موفق السلطي الجوية.

خيار بديل
وفي يونيو/حزيران 2017، أكدت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون كلاين أن برلين حددت قاعدة الأزرق كخيار بديل، بعد أن قررت ألمانيا -حسب مصادر إخبارية- سحب قواتها المنتشرة في قاعدة إنجرليك التركية التي تستخدم في عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

ومن القاعدة التركية، تنطلق الطائرات الألمانية من طراز “تورنيدو” في مهمات استطلاع فوق سوريا، أو لتقديم الإمداد لطائرات الدول المشاركة في التحالف ضد تنظيم الدولة.

وزارت الوزيرة الألمانية القاعدة الجوية في الأزرق وأثارت إعجابها، وقالت إن هناك الكثير من الإمكانات في هذه القاعدة الجوية.

وقد أعلنت برلين نشر 280 عسكريا في قاعدة الأزرق الأردنية وعشرة آلاف طن من المعدات موزعة في نحو مئتي حاوية.
وتتطلب عملية النقل تعليق ألمانيا على مدى “أسبوعين أو ثلاثة” طائرات التزود بالوقود، وعلى مدى “شهرين أو ثلاثة” طلعات طائراتها الاستطلاعية تورنيدو المتمركزة في إنجرليك.
المصدر : مواقع إلكترونية