"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

علاقة إدخال إسرائيل إلى القيادة المركزية الأمريكية بالتطبيع

بالرغم من أن هذه الخطوة ستستغرق بعض الوقت لتدخل حيز التنفيذ، فإن قرار البنتاجون الأخير بنقل إسرائيل إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية للجيش الأمريكي “سنتكوم”، التي تعمل في الشرق الأوسط، لهو انعكاس عملي مباشر لـ”اتفاقيات التطبيع العربية الإسرائيلية”، التي سمحت لإسرائيل بتطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين بدعم سعودي.

وقال رئيس القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال البحري “كينيث ماكينزي”، لمعهد الشرق الأوسط مؤخرا: “إننا نقوم بالكثير من الأعمال مع إسرائيل الآن كحقيقة عملية، لأن التهديدات التي تتعرض لها تنبع بشكل عام من الشرق. بطريقة ما، هذا مجرد اعتراف طبيعي بتلك الحقيقة على المستوى التشغيلي”.

وفي التعليقات التي أوردتها “ديفنس نيوز”، قال “ماكينزي” إن إدخال إسرائيل إلى القيادة المركزية الأمريكية سيمكن الولايات المتحدة من تحقيق “منظور عملياتي” لـ”اتفاقات إبراهيم”، وإنشاء “المزيد من الممرات والفرص للانفتاح بين إسرائيل والدول العربية في المنطقة” على من المستوى العسكري.

وسوف يمهد هذا بدوره الطريق نحو نهج إقليمي جماعي لتهديدات الشرق الأوسط المشتركة. وذكر “ماكينزي” أن هذه الخطوة تتماشى أيضا مع رؤية الولايات المتحدة حول “قيام أصدقائنا في المنطقة ببذل المزيد من أجل أنفسهم”، وحيث “يعمل فيها الجيران معا بشكل وثيق”، مضيفا أن تحرك القيادة المركزية هو “خطوة في هذا الاتجاه”.

وقبل قرار البنتاجون، قدم تقرير مفصل صادر عن المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي في واشنطن، الموالي لإسرائيل، الذي يضم عددا من كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين السابقين كأعضاء، قضية إدخال إسرائيل في منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية.

ووفقا لمدير السياسة الخارجية في المعهد، “جوناثان روه”، تلقت الفكرة في البداية ردودا متباينة من المؤسسات الدفاعية، لكن ردود الفعل نمت باستمرار لتكون أكثر إيجابية على مدار الأعوام الـ 3 الماضية.

 

 

وقال المعهد اليهودي إن مثل هذه الشبكة يمكن أن تؤدي إلى إنشاء شبكة دفاع صاروخي على مستوى المنطقة مع تنبيهات إنذار مبكر مشتركة. ويمكن أن يشمل التعاون خطوات لتعطيل النشر الإيراني للأسلحة المتقدمة إلى وكلائها، التي تستهدف إسرائيل والقوات الأمريكية والدول السنية البراجماتية على حد سواء.

وفي مواجهة هذه التهديدات، يمكن للقيادة المركزية الأمريكية أيضا الشروع في تدريبات مشتركة وخطط طوارئ للتهديدات الخاصة بإيران، وبالتالي تعزيز التعاون، بينما يمكن لإسرائيل أن تجد إطارا جديدا يمكن من خلاله مشاركة المعلومات الهامة لتعطيل إيران وحشد القوة في المنطقة.

وأوضح التقرير أن كل قيادة عسكرية جغرافية مقاتلة أمريكية تكون هي المسؤولة عن تنفيذ السياسة الدفاعية الأمريكية في منطقة المسؤولية الخاصة بها أثناء ممارسة القيادة الموحدة على جميع القوات في نطاق سلطتها.

وتعمل كل وحدة عمليات في مكافحة الإرهاب مع الجيوش الشريكة في منطقتها وتنسق معها، ما يجعلها “آلية أساسية للتعاون الإقليمي الذي تقوده الولايات المتحدة في التخطيط الاستراتيجي والتدريب والعقيدة واللوجستيات والاستخبارات والتكنولوجيا والمشتريات والعمليات والأنشطة العسكرية الهامة الأخرى”.

وفي هذا السياق، فإن نقل إسرائيل إلى القيادة المركزية الأمريكية يضفي الطابع الرسمي على التدريبات العسكرية المنتظمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل والدول العربية. وقال التقرير إن “مثل هذا التدريب سيكون حاسما لتطوير دفاعات صاروخية فعالة، فضلا عن تعزيز الجاهزية وقابلية التشغيل البيني في مكافحة الإرهاب والعمليات الخاصة والأمن البحري”.

 

 

ومن هذه اللحظة لم تعد إسرائيل منبوذة من قبل الدول العربية في منطقة القيادة المركزية الأمريكية، بل أصبحت عضوا مركزيا في التحالف الإقليمي المناهض لإيران. والانتقال إلى القيادة المركزية الأمريكية هو انعكاس لهذا التحول التاريخي.

وكما جاء في تقرير المعهد اليهودي في واشنطن، ستسهل هذه الخطوة في نهاية المطاف العمل الإقليمي الجماعي لدحر بصمة إيران في منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية، مع الاستعداد أيضا لحرب محتملة تلوح في الأفق.

وكانت إسرائيل تحت قيادة منطقة المسؤولية الأوروبية “أوكوم” منذ إنشاء الأخيرة عام 1952، وهو ترتيب أثبت أنه مفيد لكلا الجانبين على مدى عقود.

ومكن هذا الترتيب الولايات المتحدة وأعضاء “الناتو” الآخرين من الشراكة بشكل وثيق مع إسرائيل، لا سيما بعد 11 سبتمبر/أيلول، بالإضافة إلى تطوير تعاون وثيق في مجال الدفاع الصاروخي، والذي شهد وصول قوات “أوكوم” إلى إسرائيل لإجراء تدريبات “جونيبر كوبرا” للدفاع الصاروخي كل عامين.

وتخضع كل من “أوكوم” و”سنتكوم” لتغييرات، كما يوضح تقرير المعهد. ويمكن الرجوع إلى الاستعدادات التي تعكس مثل هذه التغييرات منذ مارس/آذار 2018، عندما أصدرت القيادة المركزية الأمريكية بيانا أدرجت فيه إسرائيل للمرة الأولى في منطقتها كشريك في مجال التعاون الأمني ​​في ضوء التهديدات المتزايدة من إيران وتنظيم الدولة الإسلامية.

وفي نفس الشهر، شاركت قوات القيادة المركزية الأمريكية في تدريبات “جونيبر كوبرا” التي أجريت بين الجيش الإسرائيلي وقيادة الاتحاد الأوروبي، وأصبح الجنرال “جوزيف فوتيل” أول قائد للقيادة المركزية يزور إسرائيل رسميا.

وفي القيادة المركزية الأمريكية، هناك الآن حاجة ماسة لإنشاء شبكة تعاون إقليمي تربط الجيش الأمريكي وجيش الدفاع الإسرائيلي ودول الخليج ببعضها البعض لمواجهة التهديدات المشتركة من إيران وتنظيم الدولة الإسلامية.

وفي الوقت نفسه، تحرص قيادة الاتحاد الأوروبي على إعادة تركيزها الأساسي إلى منافسة القوى العظمى مع روسيا.

والسؤال المفتوح الذي طرحته هذه الخطوة هو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستشجع الآن على وضع ذخائر دقيقة على الأراضي الإسرائيلية، والتي يمكن أن تخدم كلا من الجيش الإسرائيلي والقيادة المركزية في حالة نشوب صراع محتمل مع إيران.

وأشار المعهد اليهودي إلى أن “أوكوم” ليس لديها مصلحة في تجديد هذا المخزون، لأنها تريد ذخائر في أوروبا في حالة الصراع مع روسيا. وقد تتخذ القيادة المركزية الأمريكية وجهة نظر مختلفة.

وبصرف النظر عن أي شيء آخر، فإن انتقال إسرائيل إلى القيادة المركزية الأمريكية يمكن أن يعزز الردع ضد إيران من خلال الإشارة إلى خطوة رئيسية في بلورة شراكة عسكرية إقليمية جماعية تعترف بالتحالف الإسرائيلي السني في مواجهة المحور الشيعي الراديكالي.

المصدر | ياكوف لابين – مركز بيجن السادات للدراسات الاستراتيجية – ترجمة وتحرير الخليج الجديد