"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

مجدداً “حياة العراقيين غير مهمة”.. استنتاج مابعد العفو الترامبي على متعاقدي بلاك ووتر المدانين بمذبحة النسور: استهجان أمريكي داخلي ودولي.. وبروفيسور في جامعة نيويورك: السياسة الخارجية الامريكية لا تختلف بين ترامب واسلافه.. وواشنطن بوست تحذر من تهديد فريد للقوات في الخارج وخارجية العراق تستهجن بخجل

برلين – “رأي اليوم”  :

تهديد فريد تتعرض له القوات الأمريكية في الخارج والأمن القومي الأمريكي وحتى الأخلاق، تقول صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تعقيبا على عفو الرئيس الأمريكي عن أربعة من عناصر شركة الأمن الخاصة بلاك ووتر أدينوا بقتل العراقيين عام 2007، معتبرة ان العفو عنهم مثّل رسالة من ترامب إلى “أولئك الذين يقاتلون باسم أمريكا أنهم يستطيعون إطلاق النار على المدنيين، بمن فيهم الأطفال، والإفلات من العقاب.”

وتتابع الصحيفة: الضرر بالغ على الداخل الأمريكي وعلى علاقات واشنطن مع غيرها من الدول، إذ يجب على الأخيرة “ألا تتوقع أن الولايات المتحدة ستحاسب نفسها حتى على الأعمال الوحشية المذهلة التي ترتكبها”، ما سيزيد التساؤل “لماذا تسمح الحكومات الأجنبية للأمريكيين المتهمين بارتكاب جرائم في الخارج في المستقبل بالعودة إلى الولايات المتحدة لمحاكمتهم؟”.

وشكل عفو ترامب الرئاسي عن متعاقدي شركة بلاك ووتر صدمة في الأوساط الامريكية والدولية إضافة الى العراقية، إذ بدأت الانتقادات ضد الرئيس الأمريكي بالداخل ان “حياة العراقيين غير مهمة للأمريكيين”، خصوصا بعدما ذكر بروفيسور في جامعة نيويورك ان ترامب عفى وقبل عام أيضا عن إدوارد غالاغر (جندي في البحرية أدين بارتكاب جرائم حرب مروعة في الموصل).

ويذكّر سنان أنطون الباحث في جامعة نيويورك ان إريك برنس، مؤسس شركة بلاك ووتر (بات اسمها “أكاديمي” الآن)، أطلق على العراقيين لقب “البرابرة”، مشدداً على ان “مذبحة النسور” تأتي ضمن جرائم فظيعة ارتكبتها القوات الامريكية في العراق، سواء من عناصر الجيش أو حتى من المتعاقدين معه، وان العفو عن هؤلاء صبغة في السياسة الخارجية الامريكية سواء كان على رأسها جمهوريون أو ديمقراطيون.

ونكأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض جراح العراقيين مرارا، إلا ان عفوه غير المشروط عن 4 من عناصر بلاك ووتر المدانيين بقتل العراقيين، يزيد المشهد تعقيدا، خصوصا وأن هؤلاء متهمون بفتح النار على المدنيين في بغداد وقتل نحو 14 منهم وإصابة آخرين كثر في مذبحة عام 2007.

وحدثت “مذبحة النسور” في 16 سبتمبر/ أيلول 2007، عندما فتح حراس الأمن الأربعة، المعفو عنهم، أثناء مرافقتهم لوفد دبلوماسي أمريكي، النار بصورة عشوائية على مجموعة من المدنيين العراقيين.

وخلفت المذبحة أكثر من 14 قتيلا من المدنيين العراقيين، وجرح عدد آخر بينهم أطفال ونساء، وتسببت في ضجة دولية، لاستخدام حرس أمن خاص في منطقة حرب.

وتفاعل العفو الرئاسي الذي أصدره ترامب في آخر أيامه مثيرا الكثير من الغضب بين العراقيين، خصوصا ووفق صحيفة “واشنطن بوست” ان العراقيين اضطروا لتشكيل اكبر الجماعات الأجنبية الضاغطة في الولايات المتحدة عقب ما عرف باسم “مذبحة النسور” في بغداد، لمحاكمة هؤلاء.

وانتقدت وزارة الخارجية العراقية الأربعاء قرار ترامب، مبينة ان “القرار لم يأخذ بالاعتبار خطورةِ الجريمة المرتكبة ولا ينسجم مع التزام الإدارة الأمريكية المُعلن بقيم حقوق الانسان والعدالة وحكم القانون، ويتجاهل بشكل مؤسف كرامة الضحايا ومشاعر وحقوق ذويهم”.

وأكدت الوزارة على أنها ستعمل على “متابعة الأمر مع حكومة الولايات المتحدة الامريكيّة عبر القنوات الدبلوماسيّة لحثّها على إعادة النظر في هذا القرار”.

في حين عبّر نشطاء وسياسيون عن استهجانهم لضعف ردة الفعل الحكومية، خصوصا بعدما طالب البرلمان العراقي، الخميس، الحكومة “بإيقاف أو مراجعة تعاقداتها مع الشركات الأمنية الأمريكية”، ردا على العفو الرئاسي الأمريكي.

وأثار القرار ردود فعل أمريكية، بالإضافة لردود الفعل العراقية، إذ غرد السناتور كريس مورفي (ديمقراطي من كونيتيكت): “العفو عن هؤلاء القتلة وصمة عار. أطلقوا النار على النساء والأطفال الذين كانت أيديهم في الهواء”. وقال محمد الكناني، وهو مواطن أميركي وعراقي مزدوج الجنسية، قُتل ابنه علي البالغ من العمر 9 سنوات في الحادث، لبي بي سي نيوز إن قرار الرئيس ترامب “كسر حياتي مرة أخرى … لقد خرق القانون. لقد كسر كل شيء. كسر المحكمة. كسر القاضي. قبل [هذا] شعرت أنه لا يوجد أحد فوق القانون “.

وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنه يشعر “بقلق عميق” من العفو. وقالت المتحدثة مارتا هورتادو إن العفو عن مقاولي بلاك ووتر “يساهم في الإفلات من العقاب ويؤدي إلى تشجيع الآخرين على ارتكاب مثل هذه الجرائم في المستقبل”.

واعتبرت الوكالة الامريكية أسوشيتد برس، ان ترامب امتثل في عفوه لضغوط متعددة تتحدث عنها وسائل الاعلام الامريكية، من داعمي عناصر “بلاك ووتر” عن الضغط من أجل إطلاق سراحهم، إذ كان الأربعة يقضون عقوبات طويلة في السجن.

ونقلت الوكالة عن بريان هيبرليغ، محامي أحد المتهمين الأربعة، قوله إن “بول سلو وزملاءه لا يستحقون أن يقضوا دقيقة واحدة في السجن”.

وتربط الرئيس الأمريكي علاقة جيدة بمؤسس بلاك ووتر إريك برنس، والذي يعتبر احد أوجه الولايات المتحدة البشعة في العالم، إذ ارتكبت الشركة العديد من الجرائم تحديدا في العراق.

ويتصاعد الغضب العراقي ضد الوجود الأمريكي في المرحلة الحالية بعد اغتيال القيادي العراقي أبو مهدي المهندس مع الجنرال الإيراني قاسم سليماني، ما أعاد تحويل العراق الى ساحة مواجهة بين طهران وواشنطن.

وتتوقع صحف أمريكية وغربية ان يزيد العفو الرئاسي عن المتعاقدين الغضب الشعبي ضد الأمريكيين، الامر الذي قد ينعكس على التحركات الشعبية أيضا، حتى في سياق رد فعل الحكومة.