“القدس العربي” :
بعد وفاته بساعات، نشرت وسائل إعلام مصرية مذكرات شمس بدران، وزير الحربية المصري في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والتي يكشف فيها عن الكثير من الأمور الشائكة.
وتوفي بدران مساء الإثنين في العاصمة البريطانية لندن عن عمر يناهز الـ91 عاما، وكان أحد أعضاء تنظيم الضباط الأحرار في صفوف الجيش عقب ثورة يوليو عام 1952، وكان مشرفا على السجون الحربية ويتهمه الكثير من المعارضين للحقبة الناصرية بالتورط في جرائم قتل معتقلين وتعذيب عديدة.
وفي مذكراته التي صدرت عن دار النخبة تحت عنوان “مذكرات شمس بدران” للكاتب الصحافي حمدي الحسيني، قال بدران إن “المشير كان يتمتع بشعبية جارفة في مختلف المواقع بالجيش، بسبب بساطته وإنسانيته الطاغية في إدارة هذا الملف الشائك، لكن الرئيس عبد الناصر بدأ يشعر بأنه معزول عن جيشه”.
وأضاف: “كانت مشكلة قواتنا في اليمن تتأزم أكثر فأكثر، وبعد أن وصلت الخسائر البشرية والعسكرية إلى حدود لم تكن متوقعة، وتناثر الحديث حول الرشاوى والهدايا والمحسوبية لقادة وضباط مقربين من المشير”.
وتابع: “من هنا بدأت الفجوة تتسع بين الصديقين عامر وناصر يوما بعد يوم، حتى قرر عبدالناصر إبعاد المشير تماما عن القوات المسلحة، وقد جرى نقاش واسع بينهما حول تلك النقطة، فكان رد المشير أنه يرغب في التقاعد والعودة إلى حياته الأولى في قريته في المنيا، ثم سافر غاضبا إلى مرسى مطروح، ثم تعود مرة أخرى العلاقة بعد أن يرسل له عبدالناصر من يقنعه بالعودة والتعاون معه من جديد”.
واستطرد بدران: “كنا مقبلين على حرب كبيرة وظروف خطيرة، وهناك فتور بين ربانيْ السفينة، لكن كل هذا لا يظهر على السطح، ويحاول كل طرف إظهار عكس ما يدور في داخله، المهم أنا كوزير للحربية ركزت على ضرورة توفير الميزانية المطلوبة لبناء دشم للطائرات، لأنها كانت شكوى عامة من جميع قادة الطيران، مفادها أن ترك الطائرات مكشوفة في العراء على أرض المطارات بهذه الطريقة سوف يعرضها للتدمير، وتصبح هدفا سهلا لقصف طائرات العدو في أي لحظة”.
وأكمل: “لكن للأسف الحكومة لم تستجب لطلباتنا، وظلت ميزانية عام 1966 هي نفسها ميزانية عام 1967، وجاء بند الإنشاءات في الترتيب الرابع في الميزانية، فتم حذف هذا البند بمعرفة الفريق محمد فوزي باعتباره رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وبحكم التنظيم هو الذي يستمع إلى قادة الجيوش، ورصد مطالبهم، ويبلغها بدوره إلى الوزارة ومن ثم الحكومة”.
ولم يسأل أحد الفريق فوزي عن سبب حذف بند الإنشاءات الذي يعلم تماما أن حذفه يعني عدم بناء الدشم، ومن ثم يكرر سيناريو حرب العام 1956 التي جرى خلالها تدمير طائراتنا وهي على الأرض أيضا، كانت المبالغ المطلوبة محدودة، لكن ميزانية الدولة في ذلك الوقت كانت تعاني من العجز المالي الشديد، لدرجة أن الدولة كانت على وشك الإفلاس بسبب فشل السياسة الخارجية في رفع الحصار الدولي، وإقناع مؤسسات التمويل بتوفير الاعتمادات التي تنعش الاقتصاد القومي.
واعتبر بدران أن ما حدث في الأشهر والأيام التي سبقت حرب يونيو 1967 فكانت النتيجة تلك الصدمة والهزيمة المدوية التي لم يكن جيشنا ولا بلادنا تستحقها.
يذكر أن شمس بدران أحيل للمحاكمة مع مجموعة من قادة الجيش، بعد نكسة يونيو 1967، وتم الحكم بسجنه، وظل في السجن حتى 23 مايو 1974، حيث أفرج عنه الرئيس أنور السادات، وسافر إلى العاصمة البريطانية لندن، واستقر هناك حتى وافته المنية مساء الاثنين.