الإندبندنت :
“الانتخابات المحلية ستجرى في موعدها على الرغم من الضغط الذي تمارسه الحكومة المركزية”
ازدادت حدة الأزمة بين إقليم تيغراي والحكومة الفيدرالية في إثيوبيا بعد قرار مجلس الاتحاد الفيدرالي بعدم دستورية إجراء انتخابات محلية في الإقليم. وهو ما يرفضه الإقليم الذي حدد التاسع من سبتمبر (أيلول) الجاري موعداً لإجراءها.
بداية الأزمة
عن بداية الأزمة وتطوراتها ومدى احتمالية أن يتجه الإقليم نحو الانفصال عن إثيوبيا، يقول عثمان عبدالله بوزف الباحث في الشأن الإثيوبي إن أصل الخلاف بين إقليم تيغراي والحكومة المركزية بدأ بعد تسلم رئيس الوزراء الحالي آبي أحمد السلطة في مارس (آذار) عام 2018 نتيجة ثورة شعبية قادتها بعض القوميات في مقدمتها قومية أورومو، ما أدى إلى استقالة رئيس الوزراء السابق هيلي ماريام ديسالين وترشيح رئيس الوزراء الحالي المنتمي لهذه القومية.
يضيف عبدالله “كان التغيير السياسي بمثابة انقلاب أدى إلى تحجيم نفوذ قومية تيغراي التي ظلت متنفذة في السلطة منذ تولي زعيمها رئيس الوزراء الأسبق ملس زيناوي السلطة في مايو (أيار) عام 1991، بعد إطاحته نظام الرئيس الإثيوبي الأسبق منغستو هيلا مريام”.
وعما تبع التغيير من أحداث وخلاف يشير بوزف إلى أن فترة رئاسة آبي أحمد شهدت تطورات سياسية حيث أسس حزب الازدهار الجديد كبديل للتحالف السياسي التاريخي (الجبهة الثورية الديمقراطية للشعوب الإثيوبية) -الحزب الحكومي السابق- وأدى تأجيله للانتخابات القومية التي كانت مقررة في أغسطس (آب) إلى احتدام الخلاف.
ويؤكد بزوف أنه على الرغم من تعقد الأمر لا يتجه الإقليم للانفصال، وذلك يعود بحسب قوله لتاريخ الإقليم ومجموعة من سياسيه الذين ظلوا داعمين لوحدة إثيوبيا، ومؤيدين للحكم الفيدرالي. وأشار إلى أن إقليم تيغراي يعد من أهم الأقاليم الإثيوبية ذات التأثير السياسي، لذلك ما يقبل عليه من أعمال يؤثر على الدولة ككل، التي تسعى لتجنب تطورات قضايا الخلاف في ظروفها الحالية.
اعتماد وساطة
وعن ما قد يحدث في حال نفذ إقليم تيغراي وعده بإجراء الانتخابات في التاسع من سبتمبر الحالي، يقول صلاح الدين ابراهيم وبر المتخصص في الشأن الفيدرالي إن الحكومة المركزية سوف تتجه في هذه الحالة للأخذ بالقانون الفيدرالي الذي ينظم العلاقة بين الحكومة المركزية وحكومات الأقاليم الأخرى. ويتابع “تحتوي لوائح النظام الفيدرالي احتمالات في شتى ظروف الخلاف بين المركز والأطراف الإقليمية”.
ويضيف “أنه في الغالب قد تتجه الحكومة المركزية إلى فرض عقوبات على إقليم تيغراي”، وعن نوعية هذه العقوبات قال إنها قد تتمحور حول حجب الميزانية التي درج المركز اعتمادها للإقليم كنوع من العقاب. واستبعد ابراهيم أن تتطور القضية إلى شكل من أشكال التمرد الذي يقود إلى إنفصال أو نشوب حرب أهلية أو أي تطور أبعد من ذلك. كما توقع أن يتم إجراء حوار بين الإقليم والحكومة المركزية لمحاصرة الخلافات، مشيراً إلى أنه ربما يتجه الطرفان إلى اعتماد وساطات سواء من الداخل المحلي أو المحيط الإقليمي وخصوصاً السودان الذي يحتفظ بعلاقات متميزة مع غالبية الأوساط السياسية الإثيوبية.
قرار المجلس
جاء قرار مجلس الاتحاد الفيدرالي في اجتماع طارئ عقده يوم السبت الماضي، ودعا له بعض المسؤولين من إقليم تيغراي الذين رفضوا المشاركة فيه. وقال مجلس الاتحاد الفيدرالي الذي يفصل في النزاعات الدستورية، ويعد بمثابة مجلس الشيوخ في بيانه “أنه قرر بالإجماع أن الانتخابات لاختيار برلمان إقليمي وغيرها من المناصب الأخرى في إقليم تيغراي غير دستورية، وبالتالي فهي باطلة”.
من جهته قال جيتاتشو ريدا، المتحدث باسم “جبهة تحرير شعب تيغراي” الحاكمة في الإقليم، عبر رسالة نصية أرسلها إلى جهات إعلامية إن الانتخابات ستُجرى في موعدها على الرغم من الضغط الذي تمارسه الحكومة المركزية.
أزمة دستورية
وكانت حكومة آبي أحمد قد طلبت تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في مايو (أيار) 2020 لأسباب أمنية ولوجيستية، وهو ما استجابت له اللجنة الوطنية للانتخابات بالإعلان عن موعد جديد لها في الـ29 من أغسطس. وبعد انتشار فيروس كورونا عادت اللجنة لتعلن عن تأجيل ثان للانتخابات العامة لأجل غير مسمى استجابة للبرلمان الإثيوبي الذي وافق في 10 يونيو (حزيران) الماضي على خطة لإبقاء رئيس الوزراء في منصبه بعد أن أجبرت جائحة كوفيد – 19 السلطات على ذلك، مشيداً بما تقوم به الحكومة من إصلاحات.
وعلى الرغم من أن التأجيل الثاني جاء لصالح الحكومة الإثيوبية، إلا أنه وضع البلاد في مأزق دستوري غير مسبوق نظراً لنهاية ولاية البرلمان الحالي الذي تنتهي صلاحيته في سبتمبر.
“جبهة تحرير تيغراي” التي تتزعم المعارضة قادت تشكيكاً في نوايا الحكومة معتبرة أن خطوات تأجيل الانتخابات تصرف غير دستوري، وضمن الاحتجاجات التي أبداها رموز الإقليم قدمت خيرية أحمد رئيس مجلس النواب استقالتها من رئاسة البرلمان مستشهدة بالفراغ الدستوري.
وكانت مجموعة الأزمات الدولية قد حذرت في الفترة الأخيرة من تزايد مخاطر نشوب صراع بسبب الخلاف على موضوع إجراء الانتخابات بين الحكومة الإثيوبية والسلطات المحلية في إقليم تيغراي.