"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

أنباء “رحيل السفارات” من بغداد إلى كردستان تثير قلقاً واسعاً في العراق

إرم نيوز :

تترقب الأوساط السياسية والشعبية في العراق، قرار الولايات المتحدة الذي قد يصدر قريبا بشأن سفارتها بالعاصمة بغداد، عقب أنباء سرت عن عزمها مع عدة دول أوروبية إغلاق سفاراتها في بغداد، والانتقال إلى إقليم كردستان.

وعاش العراقيون ليلة ”حاسمة“ يوم أمس الأحد، بعد أن نقلت وسائل إعلام محلية وعالمية، بدء واشنطن إغلاق سفارتها في البلاد، احتجاجاً على الهجمات التي تتعرض لها قوات التحالف الدولي، وعدم اتخاذ الحكومة خطوات جادة.

2020-09-عراق-1

وشكل تهديد الولايات المتحدة الأمريكية صدمة للكتل السياسية والفصائل المسلحة، التي تعي حقيقة الأزمة المترتبة على ذلك، وهو ما دعا إلى التبرؤ ”الفوري“ من عمليات استهداف المنشآت الأجنبية في العراق.

وتشهد المحافظات العراقية، مثل صلاح الدين وميسان وبابل والديوانية، هجمات بعبوات ناسفة ضد قوافل قوات التحالف الدولي، إضافة إلى هجمات الكاتيوشا المتكررة على السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء، والبعثات الأجنبية، ومطار بغداد الدولي.

مخاوف من عقوبات

ويدرك العراقيون، بشكل جيد، ماذا يعني إغلاق السفارة الأمريكية في بغداد، وما يترتب على ذلك من عقوبات قد تفرضها الولايات المتحدة على البلاد، باعتبارها تنفذ السياسات الإيرانية، وترضخ لهيمنة الميليشيات.

وفرضت الولايات المتحدة في عهد صدام حسين، عقوبات قاسية على العراق، حيث عاني المواطنون منذ عام 1991، أوضاعاً إنسانية صعبة، بسبب الحصار المفروض، والعقوبات المتلاحقة على النظام.

وقال النائب في البرلمان ظافر العاني، تعليقاً على تلك الأنباء، إن ”الإغلاق شبه الجماعي لسفارات الدول الأمريكية والأوروبية لممثلياتها في بغداد لو حصل فإن معناه أن النظام السياسي العراقي أصبح مشكوكاً في شرعيته“.

وأضاف في تغريدة عبر تويتر ”بالتالي سيكون الوضع فيه مفتوحاً على كل الاحتمالات الجيدة منها والسيئة“.

 

ورفضت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية الرد على هذه التقارير الصحفية قائلة ”لا نعلق أبداً على المحادثات الدبلوماسية الخاصة للوزير مع القادة الأجانب“.

بدأ الرحيل بالفعل

لكن المتحدثة التي طلبت عدم الكشف عن اسمها، قالت لصحيفة ”واشنطن بوست“ الأمريكية مساء أمس الأحد ”أوضحنا من قبل أن الجماعات المدعومة من إيران والتي تطلق الصواريخ على سفارتنا تشكل خطراً ليس علينا فقط بل على حكومة العراق والبعثات الدبلوماسية المجاورة وسكان المنطقة الدولية السابقة والمناطق المحيطة بها“.

وأضافت ”بينما تعمل الولايات المتحدة على تأمين الدعم المالي للعراق من المجتمع الدولي ومختلف شركات القطاع الخاص يظل وجود الميليشيات الخارجة عن القانون والمدعومة من إيران أكبر رادع منفرد أمام الاستثمار الإضافي في العراق“.

ونقلت صحيفة ”وول ستريت جورنال“ عن مسؤولين عراقيين لم تسمهم تأكيدهم أن ”الاستعدادات بدأت بالفعل لإغلاق السفارة“.

2020-09-2-7-2

ولم تعلق الحكومة العراقية حتى الآن على تلك الأنباء.

وعلى إثر الهجمات الأخيرة، أصدرت فصائل مسلحة تنضوي تحت أحزاب سياسية براءتها من استهداف القوات الأجنبية، وتأكيدها على أهمية نزع السلاح المنفلت، وفرز عناصر الحشد الشعبي عن الفصائل المسلحة، التي ترفض الانضمام إلى المؤسسة العسكرية.

وأعلن تحالف الفتح (يضم عصائب أهل الحق، ومنظمة بدر، وكتائب حزب الله، وفصائل أخرى) براءته من استهداف المنشآت الأجنبية.

وقال التحالف في بيان سابق ”نعلن رفضنا وإدانتنا لأي عمل يستهدف البعثات الدبلوماسية والمؤسسات الرسمية، وأن هذه الأعمال إضعاف للدولة وضرب لهيبتها، وهي أمر مرفوض ويؤدي إلى نتائج خطيرة“.

وأضاف ”ندعو القضاء والأجهزة الأمنية إلى الوقوف بحزم وقوة وإنهاء مسلسل الخطف والاغتيالات وإثارة الرعب بين الناس الذي تقف خلفه أيادٍ آثمة تريد إثارة الفوضى وخلط الأوراق. ويجب على الجميع التعاون مع الجهات المختصة من أجل القضاء على هذه الأعمال الإجرامية“.

ماذا يعني إغلاق السفارة الأمريكية؟

ويقول مراقبون للشأن العراقي إن الأحزاب العراقية والفصائل المسلحة تدرك جيداً ماذا يعني انسحاب الولايات المتحدة من العراق بمثل طريقة إغلاق السفارة، والآثار المترتبة على ذلك، مثل العقوبات والعزلة الدولية وغيرها، خاصة مع الأنباء المتداولة بأن واشنطن قد تبدأ حملة استهداف ضد قادة الميليشيات المسلحة، كما حصل سابقاً.

2020-09-21121212

وما يجعل هذا الخيار وارداً، وفقا للمراقبين، أن واشنطن نفذت سابقاً هجمات ضد قادة ميليشيات داخل العراق، مثل عملية اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، في كانون الثاني/ يناير الماضي.

وتفرض واشنطن حالياً عقوبات على عدة شخصيات عراقية، بعضهم قادة فصائل مسلحة، مثل قيس الخزعلي، قائد ميليشيات عصائب أهل الحق، وشقيقه ليث الخزعلي، إضافة إلى قائد أمن الحشد الشعبي حسين اللامي، بسبب ”انتهاكات لحقوق الإنسان“.

2020-09-2-187

ورأى الخبير في الشأن العراقي، رمضان البدران، أن ”تحذيرات بومبيو بإغلاق السفارة الأمريكية أو إنهاء العلاقات مع الولايات المتحدة، ستكون ضرراً كبيراً على العراق، ولن يخرج العراق فقط من قائمة الأصدقاء، بل ربما سيدخل في قائمة الأعداء، لذلك نحن اليوم نعيش توتراً مصطنعاً، لا مصلحة للعراق فيه“.

وأضاف البدران لـ“إرم نيوز“ أن ”تبرؤ تلك الفصائل من استهداف المنشآت الأجنبية، يأتي بسبب تعرضها إلى لوم كبير في الساحة العراقية، مع احتمالية تعرضها لاستهداف مباشر من قبل الولايات المتحدة، باعتبارها تسببت بأضرار للقوات الأمريكية في العراق“.

ولفت إلى أن ”تحذيرات بومبيو لتلك المجموعات (عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله) جاء بسبب كونها في الواجهة، وهناك فصائل أخرى أيضاً ترتبط بمرجعيات متعددة في إيران، تنفذ أهدافها في العراق“.

2020-09-2019-12-31T092630Z_1472555014_RC296E9FHCT1_RTRMADP_3_IRAQ-SECURITY-USA-1

وأطلق ناشطون تابعون للفصائل المسلحة، مساء أمس الأحد، حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، للمطالبة وتصعيد الدعوات بشأن إغلاق السفارة الأمريكية، فيما تقول أوساط عراقية إن تلك التحركات تأتي بأوامر إيرانية، للضغط على الولايات المتحدة، خاصة مع قرب الانتخابات الرئاسية.