Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

رؤية إسرائيلية.. ما دور الأردن في إفشال مخطط الضم الإسرائيلي؟

 الناصرة – “القدس العربي” :

فيما يعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تصميمه على إحالة السيادة الإسرائيلية على 30% من الضفة الغربية المحتلة رغم تسريبات عن “تحفظات أمريكية” و”تهديدات أوروبية”، يحذر مراقبون إسرائيليون من مخاطرها بالتركيز على الخوف من فقدان العلاقات الإستراتيجية مع الأردن.

قبيل أسبوعين من موعده المعلن في الفاتح من تموز/يوليو يدفع نتنياهو نحو تطبيق مخطط السلب والنهب الاستعماري المعروف بـ “الضم”. وحسب مصادر إسرائيلية يواجه نتنياهو تحفظات من الإدارة الأمريكية التي تتحفظ من ضمّ واسع أحادي الجانب خوفا من اشتعال أعمال عنف في المنطقة كما عبر عن ذلك صهر الرئيس جارد كوشنير الذي يحاول إقناع نتنياهو بالاكتفاء بضمّ جزئي يوافق عليه حزب “أزرق- أبيض”.

ورغم الصورة الضبابية والتسريبات المتناقضة ومحاولات زرع معلومات مضللة قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” المناوئة لنتنياهو إن قادة “أزرق- أبيض” يبدون تحفظا من مخطط الضمّ، موضحة أن وزير الأمن بيني غانتس ووزير الخارجية غابي أشكنازي مستعدان لـخطوة محدودة لا تشعل المنطقة ولا تمس بالعلاقات مع الأردن. يستدل من موقف ينسب لغانتس وأشكنازي أنهما لا يعارضان مبدئيا بل يتحفظان من تصريح يطلقه نتنياهو في الأول من يوليو/تموز يفاجئ العالم ويريدان إطلاع المؤسسة الأمنية ووزارة الخارجية ومنحها الوقت للاستعداد وتجهيز الأرضية في الميدان وفي الحلبة الدولية.

تقول صحيفة إسرائيلية إن نتنياهو ما زال يحتفظ بالأوراق قريبا من صدره ولا يكشف عن حقيقة مبتغاه

وتقول الصحيفة الإسرائيلية أيضا إن نتنياهو ما زال يحتفظ بالأوراق “قريبا من صدره ولا يكشف عن حقيقة مبتغاه”، وتذكر أنه وخلال لقاء له مع خريجين من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قبل يومين قال نتنياهو لهؤلاء وهم من مؤيدي الضمّ إنه لا يستبعد القيام بإحالة السيادة على مراحل بدلا من دفعة واحدة وذلك بسبب الحاجة لوجود اتفاق داخلي على المخطط. وجاء في بيان من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ختام الاجتماع مع حركة “الأمنيين” المؤيدة للضم: “أمامنا فرصة تاريخية ونحن نعمل على ذلك حاليا. أشكركم على الدعم الكبير ويسرني أن أسمع أن هناك 1000 ضابط وآلافا آخرين يريدون الانضمام، بوركتم”.

ويبرز الخلاف في وجهات النظر بين نتنياهو وغانتس من خطة الضم على خلفية الاستطلاع الذي صدر مطلع حزيران/يونيو الجاري والذي جاء فيه أن أكثر من نصف من شملهم يعتقدون أن خطة حكومتهم لضم أجزاء من الضفة الغربية ستشعل انتفاضة فلسطينية جديدة، علما بأن نحو النصف يفضلون المضي قدما في هذه الخطة. وتعهد نتنياهو باتخاذ خطوات نحو الضم في الأول من تموز/يوليو على الرغم من الإدانة الدولية لهذه الخطة.

معارضة غير مبدئية وتأييد مشروط

وبهذا المضمار تشير “يديعوت أحرونوت” إلى أن مشاكل داخلية بين قطبي الائتلاف الحاكم يؤجل التداول حول مخطط الضمّ منوهة لقول نتنياهو خلال لقاء جمعه مع قادة حزبه “الليكود” إنه لا يعرف بالضبط ما هو موقف “أزرق- أبيض” من مخطط فرض السيادة، وتابع: “بما يتعلق بـغور الأردن والكتل الاستيطانية الكبرى، ربما هم يؤيدون وبالنسبة للبقية فلم أتلق إجابات بعد”.

في المقابل قال غانتس في حديث عن بعد مع اللجنة اليهودية- الأمريكية إن “صفقة القرن” خطة مهمة تنطوي على رؤية واقعية تتيح بناء مستقبل مستقر في المنطقة، وتابع: “أنوي دفعها قدر استطاعتي وفي الطريقة الأكثر مسؤولية، وعلينا العمل على أساس الخطة وبالتنسيق مع شركاء إقليميين وبالطبع مع “شركاء محليين” مع إجماع إسرائيلي وتنسيق تام مع الولايات المتحدة وبدعمها الكامل”.

من جهتها تنوه الصحيفة الإسرائيلية في هذا السياق إلى “مصاعب” ينتجها “الشركاء الإقليميون”، ونقلت عن مصدر رفيع في البلاط الملكي الأردني قوله إن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني غاضب على نتنياهو وإنه رفض تلقي مكالمة هاتفية منه مؤخرا. وتقول محررة الشؤون العربية في “يديعوت أحرونوت” سمدار بيري نقلا عن المصدر المذكور قوله: “عندما اتصل نتنياهو بالقصر الملكي راغبا الحديث مع الملك عبد الله الثاني حول الضمّ قيل له: “الملك غير موجود”، وتابعت: “كما رفض الملك الرد على هاتف نتنياهو في ساعة متأخرة من اليوم ذاته”.

وتوضح بيري أن الأردن قد أكد رفضه لمخطط الضمّ من كل نوع حتى لو كان “ضما صغيرا”، معتبرا إياه انتهاكا للقانون الدولي واستمرارا لاحتلال أرض فلسطينية. وحسب “يديعوت أحرونوت” فإن مسؤولين كبارا في الأردن قد أوصوا نظراءهم الإسرائيليين بقراءة متمعنة لمقال السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة في صحيفتها قبل أيام وباللغة العبرية. وتابعت نقلها عن هؤلاء قولهم: “انتبهوا لأقوال السفير حول تبعات الضم على الأردن. هذه تصريحات ينبغي أن تقود الإسرائيليين لتفكير عميق”.

تحذيرات إسرائيلية

وفي حديث سابق للقناة الإسرائيلية الرسمية قال سمدار بيري قبل أسبوع إنّ “الملك عبد الله الثاني غاضب بشكل كبير على نتنياهو”، لافتة في الوقت عينه وبالاستناد إلى “مصادر أردنيّة رفيعة” إلى أن عبد الله الثاني لن يجرؤ لا على إلغاء اتفاق السلام مع الاحتلال الإسرائيلي أو حتى تعليقه، لعدم وجود بدائل أخرى.

وأضافت، وفق المصادر المذكورة، أنّه بصدد توجيه دعوة إلى كلّ من وزير “الأمن” الإسرائيليّ بيني غانتس، ووزير الخارجيّة غابي أشكنازي، ولكنّه لن يوجّه دعوة لنتنياهو، وسيحاول أن يشرح للوزيرين (أزرق-أبيض) خطورة خطوة الضمّ.

اعتبر معلقون إسرائيليون آخرون أنّ تهديدات العاهل الأردنيّ فارغة ومعدّة للاستهلاك الداخليّ لإسكات الشارع في المملكة

واعتبر معلقون إسرائيليون آخرون أنّ “تهديدات العاهل الأردنيّ فارغة ومعدّة للاستهلاك الداخليّ لإسكات الشارع في المملكة الذي يعاني من حالة من الغليان ضدّ إسرائيل”. لكن مراقبين ومسؤولين أمنيين إسرائيليين سابقين يرفضون هذه التقديرات ويعتبرون تهديدات العاهل الأردني جادة وخطيرة. ويكرر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق عاموس يادلين رئيس معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب تحذيراته من المساس بالعلاقات الإستراتيجية مع المملكة الهاشمية الأردنية. وهذا ما أكده رئيس مجلس الأمن القومي الأسبق الجنرال بالاحتياط غيورا آيلاند الذي قال ضمن حديث للإذاعة العبرية العامة إن الضمّ يهدد مصالح إستراتيجية إسرائيلية عليا منها المساس بالعلاقات مع الأردن، حامي ظهر الجبهة الشرقية الممتدة حتى الحدود مع العراق.

وسبقهما رئيس الموساد الأسبق، إفراييم هليفي، الذي قال في مطلع الشهر الحالي في مقال نشرته “هآرتس”: “إننّي أرى خطرا كبيرا على اتفاق السلام مع الأردن، ولا أتهم المملكة بذلك، بل أوجّه أصابع الاتهام لإسرائيل”. هليفي الذي قاد المحادثات والمفاوضات السريّة مع الأردن قبيل توقيع اتفاق السلام (وادي عربة) عام 1994 أوضح أنّه في السنوات الأخيرة ابتعدت الحكومات الإسرائيليّة على اختلافها عن المملكة الهاشميّة، بالإضافة إلى احتقار الأردن والتقليل من مكانته والاستخفاف به، وذلك في نفس الوقت الذي تحوّل وضع المملكة الجيو- سياسيّ إلى سيئ للغاية”.

وقال المحلل للشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل إنّ تصريحات الملك الأردني التي مفادها أنّ بلاده “تدرس كلّ الاحتمالات” للردّ في حال أقدمت إسرائيل على ضمّ أجزاء من الضفّة الغربيّة، تعكس مستوى القلق في عمّان في ضوء الخطوات التي يدرسها نتنياهو.

إسرائيل ستبدأ بالضم

بيد أن نتنياهو يبدو غير مكترث بهذه التحذيرات؛ إذ قال عضو الكنيست أوفير أكونيس (الليكود) المقرب من نتنياهو إن إعلان السيادة الإسرائيلية على أراض في الضفة الغربية سيبدأ في الأسابيع القليلة المقبلة وستشمل أجزاء من الأراضي في المناطق “ج”. وكشف النائب أكونيس خلال حديث مع “إذاعة الجيش” أن الإدارة الأمريكية أعطت الضوء الأخضر لمثل هذا الإجراء. من ناحيته قال رئيس حزب “يسرائيل بيتينو”، عضو الكنيست، أفيغدور ليبرمان، إنه في حال إطلاق عملية فرض السيادة الإسرائيلية، فإنها ستكون جزئية فقط، بينما ستدفع إسرائيل مستحقاتها كاملة، منوها أن نتنياهو قد قضى على كل إمكانية فرض السيادة الحقيقية.

ضمّ محدود

لكن صحيفة هآرتس الإسرائيلية قالت إن التقديرات لدى جميع الأطراف أنه لم تشطب عن جدول الأعمال إمكانية الضم “المحدود”، إذ يعتمد دعم “أزرق أبيض” للضم على القدرة للنظر للضم المحدود كجزء من برنامج سياسي أوسع يدعمه الصمت الدولي والإقليمي، وربما مصحوب بإيماءات للفلسطينيين، وليس كخطوة أحادية التي تعتبر مهمة شبه مستحيلة. وأضافت الصحيفة أنه لم يجبر أحد نتنياهو على أن يحدد هذا التاريخ، بحيث أن أي تأجيل للموعد سيعتبر على الفور وبالفعل حالة فشل. وتابعت: “في هذه الحالة، يكون قد كبل ذاته وسيكون وحيدا تماما”.

واعتبرت “هآرتس” أن نتنياهو كبل نفسه سريعا عندما أعلن عن ضم أحادي الجانب فور الإعلان عن “صفقة القرن” في واشنطن في كانون الثاني/يناير الماضي. و”منذ ذلك الحين، أوقف جاريد كوشنر رغبة نتنياهو في الضم، فيما قلل انضمام بيني غانتس للائتلاف الحكومي احتمال الضم الشامل الذي تطلع له نتنياهو”.

تهديدات أوروبية

بالإضافة للقلق على مستقبل العلاقات مع الأردن يخشى المتحفظون في إسرائيل من مخطط الضمّ من تبعاتها على العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. وهناك من يتفق مع عاموس يادلين بأن مخطط فرض السيادة سيؤدي إلى عقوبات اقتصادية من قبل الاتحاد الأوروبي، فيما تستخف أوساط مقربة من نتنياهو بهذه التهديدات وتراهن على خلافات داخل الاتحاد تحول دون اتخاذ أي قرار حقيقي ضد إسرائيل، منوهة لموقف وزير خارجية ألمانيا قبل أسبوع.

ونقلت الإذاعة العبرية العامة عن دبلوماسيين أوروبيين قولهم إن رسائل من دبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي وصلت إلى مسؤولين في وزارة العلوم الإسرائيلية مؤخرا، وتطرقت الى إشكالية تتعلق بخطة “الضم”، وقالت إنه يمكن لها خلق مصاعب أمام مشاركة إسرائيل في برنامج “أفق 2020” (هوريزون 2020) الأوروبي للتطوير العلمي، مما قد يمس بإمكانية حصول مؤسسات إسرائيلية على تمويل من البرنامج.

ونوهت إلى أن الحديث يدور عن أكبر منصة في العالم لتمويل الأبحاث، التحليل والابتكار، مع ميزانية إجمالية تبلغ 77 مليار يورو، ومنح البرنامج 800 مليون يورو لأكثر من 1000 مشروع إسرائيلي خلال السنوات الأخيرة.

كما ذكرت أن ثمة مخاوف من إلحاق الضرر بقدرة مؤسسات إسرائيلية الحصول على تمويل من البرنامج- الذي من المقرر أن يستأنف العام المقبل. وقالت أيضا إن “مسؤولين في وزارة العلوم الإسرائيلية يجرون حاليا مباحثات مع الاتحاد الأوروبي لتقدير لأي مدى هذا التهديد جدي وما هي نتائجه”.