المدن :
التباينات على مستوى القيادة لا تخرج الى الضوء (غيتي)
نفخ ملف حاكم مصرف لبنان، الذي درست الحكومة اللبنانية إقالته، النار في رماد العلاقة بين “حزب الله” و”حركة أمل”، وأججتها في مواقع التواصل الاجتماعي حتى بلغت ذروتها مساء الأحد، ما استدعى اتصالات فجر الإثنين، بين القيادتين، لإخماد الحملات المتنامية، حسبما قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ”المدن”.
ومثّل هذا الملف، ذروة التوتر بين جمهورين، اختلفا على خيارات الطرف الآخر وتحالفاته. لطالما كان التباين مضبوطاً، منذ 17 تشرين الاول. التقيا وتفارقا، وبقي الاختلاف قيد المعالجة. ذلك أن القيادتين تنسقان على مستوى عال في الشؤون السياسية والإدارية، ولا يخرج التباين الى الإعلام.
إلا أن التطورات التي انفجرت في جلسة الحكومة الأخيرة، يوم الجمعة الماضي، حددت الخيارات السياسية لكل طرف منهما، ولم تخرج من إطار الاتصالات الداخلية بين الحزبين، لكن خروجها الى الضوء ظهر في مواقع التواصل.
مضى جمهور الحزب في تأييده لخطوة إقالة سلامة، واستهدف المعارضين لهذه الخطوة. ومن الطبيعي أن تطاول شظايا الانتقاد، رئيس مجلس النواب، نبيه بري، الذي كان رافضاً لخطوة الإقالة من “منطلقات وطنية”، حسبما عبّر مسؤولو “أمل”، وما قاله بري نفسه في تصريحات لجريدة “النهار”.
وعليه، اعتبر جمهور “أمل” ان جمهور “حزب الله” يستهدف بري، وبالتالي يتهمه بتأمين حصانة لرياض سلامة تمنع إقالته. انفجرت مواقع التواصل، وتشظى الجمهور الشيعي بين رأيين، أولهما يدعم إقالة سلامة، استكمالاً لرؤية الحزب السياسية تجاه تحميله مسؤولية الأزمة. والثاني، يعتبر أن الترويج للإقالة، غير صحيح، لأن ما جرى في مجلس الوزراء هو استمزاج لآراء الوزراء حول هذه الخطوة، كما قال وزير المال غازي وزني، وبالتالي لم يطرح الملف على التصويت.
تسريبات ومعلومات ومعطيات، ملأت مجموعات “واتسآب”، وخرج منها القليل الى مواقع التواصل. ثمة من رأى أن واشنطن تمنع إقالة سلامة، وتهدد بالتحرك حيال خطوة من هذا النوع، حسبما قال عضو هيئة الرئاسة في حركة “أمل”، قبلان قبلان، وبالتالي “لماذا إلقاء اللوم على بري؟”
وفي مقابل حملات الحزب، ظهرت حملات من قبل “أمل” تتهم الطرف الآخر بالتواطؤ مع رئيس الحكومة، والانصياع الى رؤية النائب جبران باسيل، ومن خلفه النائب جميل السيد.
وتواصلت الحملات، حتى مساء الاثنين، لإيضاح موقف بري، بعدما هدأت المواجهات والاتهامات في مواقع التواصل فجر الإثنين. وما كانت لتهدأ لولا اتصالات بين الطرفين، أي قيادتي “أمل” و”حزب الله” لوضع حد للتباينات المحتدمة، كما قالت مصادر لـ”المدن”.
والحال أن الانقسام بات واضحاً. فحركة “أمل”، وجدت نفسها في موقع تجاذب مع رئيس الحكومة منذ الجلسة البرلمانية الأخيرة والردود التي خرجت الى الضوء. فالعلاقة بين رئيسي البرلمان والحكومة، بردت، وبات جمهور “حزب الله” ينظر الى بري على أنه أقرب الى رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، منه الى الرئيس ميشال عون. وهي علاقة ستترك تداعياتها أيضاً في علاقة الجمهورين، مهما خفتت التباينات، حتى تحقيق تغيير في الوضع السياسي القائم وتحالفاته.