الخليج الجديد :
يشق الفيروس التاجي طريقه عبر الشرق الأوسط، الأمر الذي يبرز احتمالات لانهيار الأنظمة الحاكمة في دول المنطقة.
وأصاب فيروس “كورونا” المستجد منطقة تئن بالفعل تحت وطأة الصراعات المسلحة والاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية والتشابكات المتعلقة بالهوية.
وتبقى البيانات المتعلقة بانتشار الفيروس بعيدة عن الدقة أو الموثوقية، نظرا لعدم وجود اختبارات كافية ووجود جهود محتملة لإخفاء المعلومات الحقيقية من بعض الأنظمة.
ولكن من الطبيعي افتراض أن عدد الإصابات أكبر بكثير مما تم الإبلاغ عنه. ويسعى كل نظام إلى التخفيف من عواقب الأمر. وفي الوقت الحاضر، يبدو أن الحكومات في جميع أنحاء المنطقة تتمتع بدعم الجمهور في القيام بذلك.
ومع ذلك، يمكن أن تعاني المنطقة من تفشي لا يمكن السيطرة عليه، بالنظر إلى الكثافة السكانية العالية في بعض المدن، والمجموعات الكبيرة من اللاجئين والمشردين المتناثرة في جميع أنحاء المنطقة.
ويمكن أن يتسبب مثل هذا التفشي في كارثة إنسانية، ما يؤدي إلى تفاقم المشاكل المتوطنة في المنطقة، ويؤدي في بعض الحالات إلى مستوى من الفوضى تجعل من الصعب على الأنظمة السيطرة عليها.
تجعل الديناميكيات المتغيرة بسرعة على الأرض، إلى جانب عدم اليقين العام الذي يحيط بانتشار الفيروس، أي تقييم للآثار الإقليمية طويلة المدى أمرا سابقا لأوانه في هذه المرحلة.
ومن المحتمل أن ينشأ التحدي الرئيسي لهذه الأنظمة من عدم القدرة على التعامل مع الأعباء المرتبطة باحتواء الفيروس، ومن الفوضى التي تلي ذلك، وليس من الاحتجاجات واسعة النطاق التي كانت المشهد الرئيسي في الأعوام الأخيرة.
وقبل تفشي المرض، ظهرت العديد من الاضطرابات التي تهدد استقرار دول في المنطقة، بدءا من تلك التي هي في خضم الحرب، إلى تلك التي تعاني من اضطرابات اجتماعية كبيرة في شكل احتجاجات جماعية، مرورا بالدول التي تتمتع بهدوء نسبي، وإن كان هشا.
ومن المفترض أنه وفقا لهذا التصنيف، تصبح الدول أكثر أو أقل عرضة للتأثر بالفيروس، سواء من حيث المعاناة الإنسانية أو العواقب الاقتصادية.
ومع ذلك، يشير المشهد في المنطقة إلى أن الفيروس قد يعطل بشدة حتى الدول التي كانت تتمتع باستقرار نسبي قبل التفشي.
وكانت الدول التي غارقة في نزاع مسلح قبل التفشي هي الأكثر تأخرا والأقل شفافية في الاستجابة للفيروس.
وحتى مع إعلان السلطات عن تدابير الاحتواء، فقد تكون الخسائر البشرية في هذه البلدان كارثية. ويمكن قول الشيء نفسه بالنسبة للدول التي بها تجمعات كبيرة من اللاجئين، مثل لبنان والأردن.
وفي البلدان التي شهدت حركات احتجاج جماهيري منذ العام الماضي، شكل وصول “كورونا” معضلة للمتظاهرين، من حيث أن التجمع في مجموعات كبيرة أصبح يشكل فجأة خطرا صحيا.
وبالفعل، تبددت معظم الاحتجاجات، ما وفر للحكومات مزيدا من الوقت. وفي الوقت الحالي، يلتزم الجمهور إلى حد كبير بسياسات الحكومات، التي يُنظر إليها على أنها ضرورية لوقف تفشي الفيروس.
وإذا تمكنت الأنظمة من التعامل مع الأزمة بشكل جيد إلى حد معقول، فقد تتمكن في النهاية من الظهور في وضع أقوى.
وبالنسبة للاستقرار النسبي في الدول المتبقية، فربما يجعلها في النهاية مهيأة بشكل أفضل للتعامل مع تفشي المرض.
ومع ذلك، في بعض الحالات، أثبت الاستقرار هشاشته منذ البداية. وحتى في الدول الأكثر ثباتا مثل تركيا والمغرب، فإن الاندماج في الاقتصاد العالمي، الذي يسهل في الأساس هذا الاستقرار، يجعلهم أكثر عرضة للصدمات الاقتصادية جراء تدابير الاحتواء.
وقد تجد (إسرائيل) نفسها مضطرة للتعامل مع انهيار الأنظمة الحاكمة في عدد من الدول. وستكون التطورات الأكثر تأثيرا، على الأقل في المدى القريب، في المناطق المتاخمة لـ(إسرائيل)، وأولا وقبل كل شيء الضفة الغربية وقطاع غزة.
وفي كلا المنطقتين، يمكن أن تؤدي الظروف المتدهورة إلى محاولات كبيرة للدخول إلى (إسرائيل). ولكن إلى جانب التحديات التي تفرضها آثار الفيروس المزعزعة للاستقرار، قد تظهر فرص للتعاون مع الدول التي تكافح بالمثل للتغلب على الوباء.
وعلى هذا النحو، سيكون من الأهمية بمكان بالنسبة لـ(إسرائيل) أن تعزز التعاون مع السلطة الفلسطينية ومصر والأردن لتبادل المعلومات الصحية، وتوفير المعدات الطبية والعلاجات المتاحة، وإدارة الحدود.