القدس العربي : صحافة عبرية :
يبدو أن الفلسطينيين ومؤيديهم يؤمنون بأنهم إذا كرروا الكذبة مرات كافية تصبح حقيقة. فعلى مدى عقدين وهم يدعون بأن إسرائيل دولة أبرتهايد، وسيطرتها في مناطق يهودا والسامرة تثبت ذلك. بعد نشر مخطط ترامب، ألصقت الكذبة به أيضاً.
صعدت الأبرتهايد في صورتها الحديثة في جنوب إفريقيا في 1948. في عشرات سنوات وجود نظام الأبرتهايد في جنوب إفريقيا أُقرت سلسلة من القوانين العنصرية التي أقامت تفرقة عنصرية في كل مجال يمكن تصوره تقريباً، من المقاعد المنفصلة في المجال العام، عبر الفصل في المدارس، في المواصلات العامة، في شواطئ الاستجمام، وفي مجالات أخرى، وحتى انتهاج منظومات حقوقية منفصلة ومختلفة للبيض، لـ “الملونين” وللسود. كل هذه الخصائص لا توجد في الحكم الإسرائيلي على الفلسطينيين في يهودا والسامرة ولا في إسرائيل نفسها. بالفعل، بسبب طبيعة تطور النظام القانوني في المناطق، توجد فوارق بين الأنظمة التي تنطبق على الإسرائيليين وتلك التي تنطبق على الفلسطينيين. بعض من الأنظمة القضائية هذه تمس، في حالات معينة، بحقوق الفلسطينيين. ومع ذلك، لا توجد أي صلة بين هذه الفوارق القانونية والأبرتهايد. في معظم الحالات، يتبع في يهودا والسامرة القانون الدولي، إلى جانب القانون العسكري، الذي يتبنى أجزاء من القانون الإسرائيلي. ليس في أي من الأنظمة القانونية التي تنطبق في يهودا والسامرة أي تفرقة واضحة بين الإسرائيليين والفلسطينيين على أساس الأصل وانطلاقاً من النية للتمييز. وبقدر ما توجد فوارق قانونية فإنها لا تميز في جوهرها وعملياً، وهي لا تنبع إلا من الوضع القانوني المختلف للفئتين السكانيتين. وبالفعل، بين الحين والآخر تمس حقوق الفلسطينيين الذين يسكنون في هذه المناطق، ولكن هذا المس متوازن دوماً، ينبع من احتياجات أمنية ويخضع لرقابة محكمة العدل العليا.
يقترح مخطط ترامب السماح للفلسطينيين بأن يقيموا دولة في معظم مناطق يهودا والسامرة؛ “دولة ناقص” لن تكون لهم فيها سيطرة كاملة على الحدود، ولكن مع حدود واضحة، ستعطى في داخلها لهم كامل الحقوق والأدوات لتحقيق السيادة. رغم ذلك سارع الفلسطينيون، بل وبعض من منتقدي الخطة في إسرائيل، للعمل بالشكل السهل ووسم ختم الأبرتهايد على هذا الاقتراح أيضاً. في الدولة التي ستقوم، كما يدعون، ستكون هناك تفرقة بنيوية بحق الفلسطينيين لأن أراضيها لن تكون في حدها الأقصى، ولأن الخطة تسعى لأن تحافظ على أمن إسرائيل. هذه المرة أيضاً، لا توجد كذبة أكبر من هذه. بعد أن يتلقوا المسؤولية عن حياتهم ويحققوا حقوقهم في المساحة ذات المغزى التي تعدهم بها الخطة، ستكون لهم كامل الحقوق القانونية التي يمكن لدولة سياسية أن تمنحها لمواطنيها، وينبغي الأمل أن يُعطى في دستور دولتهم مكان مركزي لحقوق الإنسان أيضاً. إسرائيل، بكل الأحوال، لا تحكم هناك، وبالتالي لن تتمكن من أن تبسط عليهم أي نظام، ولا حتى نظام الأبرتهايد.
بقلم: شوكي فريدمان ، د. محاضر في القانون في المركز الأكاديمي بيرس
إسرائيل اليوم 10/2/2020