"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

صحيفة إسرائيلية: القاهرة تعمل من خلف ظهر تل أبيب في غاز شرق المتوسط

قالت صحيفة Haaretz الإسرائيلية إن مصر وقبرص تعملان من خلف ظهر إسرائيل لإحراز تقدم بشأن الخطط المتعلقة بغاز يمر تحت البحر،  وذلك في الوقت الذي حوَّل فيه القادة الإسرائيليون تركيزهم إلى تنظيم الحملات الانتخابية من أجل الانتخابات التي تجري في 9 أبريل/نيسان المقبل.

تشير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن قبرص ومصر وقعتا في سبتمبر/أيلول الماضي اتفاقاً لإنشاء خط غاز تحت البحر لنقل الغاز الطبيعي من حقل أفروديت القبرصي إلى مصر. وقبل أسبوعين، اتخذت الحكومة القبرصية خطوة أخرى إلى الأمام بموافقتها على اتفاق سبتمبر/أيلول.

قبرص تتجاهل ادعاءات إسرائيل

وأثناء ذلك، تجاهلت قبرص ادعاءات إسرائيل بتبعية جزء من حقل أفروديت، يقع ضمن المياه الاقتصادية الإسرائيلية، لها.

ويُضعِف خط الأنابيب القبرصي-المصري كذلك الجدوى الاقتصادية لمشروع خط أنابيب شرق المتوسط المتوقع، وهو مشروع يتكلَّف 7 مليارات دولار من شأنه نقل الغاز الطبيعي الإسرائيلي والقبرصي مباشرةً إلى أوروبا عبر اليونان.

وتقول الصحيفة الإسرائيلية إن مصر لم تقم بجهدٍ يُذكَر لإخفاء طموحاتها في البدء بخط الأنابيب القبرصي قبل بناء خط أنابيب شرق المتوسط، وهو ما سيُحوِّل مصر إلى مركز للطاقة من شأنه توزيع الغاز الطبيعي للمنطقة، بما في ذلك الغاز الإسرائيلي، على العملاء في أوروبا والشرق الأوسط.

وفي مقابلةٍ مع وكلة أنباء CNA القبرصية في 11 فبراير/شباط، قال وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا إنَّ البلدين يعملان لتسريع الموافقات، وإنَّ مجموعة من شركات الطاقة متعددة الجنسيات والبنوك مستعدة لتمويل المشروع.

قال الملا: «ننظر إلى أوروبا باعتبارها سوقنا الرئيسية المستهدفة. وقد اتخذنا العديد من الخطوات نحو هذا الهدف. فوقَّعنا مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي بشأن شراكةٍ استراتيجية في مجال الطاقة في أبريل/نيسان 2018؛ تتضمَّن دعم الاتحاد الأوروبي لتحوُّل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة».

أمَّا بخصوص خط أنابيب الغاز المُقتَرح بين قبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا، فقال الملا إنَّ عملية إعداد دراسة جدوى للمشروع قد تستغرق ما يصل إلى عامين، «وهذه بحد ذاتها رفاهية لم تعد تتحمّلها المنطقة».

وأضاف أنَّ مصر هي الخيار الأقل كلفة لتصدير الغاز الطبيعي الموجود في المنطقة. ففي حين لا يوجد خط أنابيب لإعادة تصدير الغاز من مصر، تملك البلاد محطتين لتسييل الغاز من شأنهما تمكينها من البدء في إعادة التصدير دون الحاجة لاستثمارات، وباستثمارات قليلة، في البنية التحتية.

لكن مصر توفر لإسرائيل وضعاً أكثر استقراراً لتصدير الغاز

وقال الملا إنَّه بالنظر إلى وضع إسرائيل الجيوسياسي الحساس في المنطقة –في إشارة إلى لبنان، وسوريا، وإيران، والفلسطينيين- تُوفِّر مصر لإسرائيل الخيار الأكثر استقراراً سياسياً لتصدير غازها.

وكان قادة قبرص واليونان وإسرائيل اتفقوا في قمة عُقِدَت في بئر السبع في ديسمبر/كانون الأول الماضي على المضي قُدُماً بمشروع خط أنابيب شرق المتوسط. وصنَّفه الاتحاد الأوروبي باعتباره «مشروعاً للمصلحة المشتركة» وكلَّفت المفوضية الأوروبية بتقييمه. وتقول المصادر الإسرائيلية إنَّ إعداد دراسة الجدوى قد يستغرق عاماً حتى تكتمل.

ويتحول خط أنابيب شرق المتوسط، الذي باتت فرص نجاحه ضعيفة بسبب التكلفة والتحديات الهندسية، ليصبح أضغاث أحلام إسرائيلية. وبدونه، لن تكون إسرائيل قادرة على تصدير كميات كبيرة من الغاز الطبيعي بما يجذب المزيد من عمليات التنقيب والحفر.

وفي الوقت الذي تمضي فيه قبرص قُدُماً بخطة خط الأنابيب مع مصر، لم تُسوِ بعد مسألة مطالبة إسرائيل بتبعية جزء من حقل أفروديت لها، وهو الحقل الواقع على حافة المياه الاقتصادية القبرصية. ويمتد أحد أطراف الحقل عبر الحدود إلى داخل المنطقة المائية الإسرائيلية وحقل يشاي التابع لها.

ويوجد نحو 10 مليارات متر مكعب من الغاز في الجزء محل الخلاف بين البلدين، تُمثِّل أقل من 10% من احتياطيات حقل أفروديت الإجمالية ومجرد جزء ضئيل من حجم الغاز الذي اكتُشِف بالفعل في إسرائيل. لكن وفقاً لأحد التقديرات الإسرائيلية الحديثة، تبلغ قيمة هذا الغاز ما يقارب 1.5 مليار دولار.

معركة دولية من أجل الغاز

وعبَّر وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتز، أثناء زيارةٍ إلى قبرص في مايو/أيار الماضي، عن أمله في إمكانية تسوية الخلاف في غضون ستة أشهر، وأنَّ الأمر سيُحال إلى التحكيم الدولي في حل تعذَّرت التسوية. لكن بعد مرور تسعة أشهر، تقول وزارة الطاقة الإسرائيلية إنَّ الخلاف لا يزال دون حل.

ووفقاً للدقائق التي استطاعت صحيفة TheMarker التابعة لمجموعة Haaretz الحصول عليها من أحد الاجتماعات لمسؤولي وزارة الطاقة الإسرائيلية، فإنَّ وجهة نظر قبرص هي أنَّ حصة حقل يشاي من الاحتياطي صغير للغاية بحيث لا تكون مُجدية اقتصادياً، ولذا فإنَّها غير ملزمة بتقاسم الحقوق مع إسرائيل.

لا تعترض إسرائيل على أنَّ حصة يشاي غير مجدية اقتصادياً، لكنَّها تقول إنَّ الشركاء في حقل أفروديت –وهم شركات Royal Dutch Shell وNoble Energy بمقرها في تكساس وDelek Drilling الإسرائيلية- يجب أن يمنحوها جزءاً من أرباحهم. وحتى لو وافق الشركاء على ذلك، فإنَّ الدولتين تختلفان بشأن كيفية حساب حصة الشركاء في حقل يشاي.

يتمثَّل أحد الخيارات المتاحة أمام إسرائيل في هذ الخلاف في تضمين قانون المناطق البحرية الإسرائيلي المُقتَرح جزاءاتٍ بحق أولئك الذين ينتهكون مياهها الاقتصادية. ولا ينادي التشريع في الوقت الراهن بفرض جزاءات، لأنَّ المسؤولين يقولون إنَّ قوانين أخرى تقوم بتلك المهمة بالفعل.

لكنَّ حركة «Movement for Quality Government» (الحركة من أجل جودة الحكم) الإسرائيلية حثَّت في يوليو/توز الماضي الحكومة على إعادة النظر في المسألة، قائلةً إنَّ هذا الأمر من شأنه تكليف عائدات الضرائب العامة وإثراء الشركاء في حقل أفروديت من خلال منحهم كامل الحقوق في الاحتياطي. وتقول وزارة العدل الإسرائيلية إنَّ الخلاف ينبغي حله عبر القانون الدولي، وليس التشريعات الإسرائيلية.

المواد التالية قد تساعدك على فهم الصراع على الغاز في شرق البحر المتوسط:

 

تطبيع برائحة النفط.. تكتّل غاز في شرق المتوسط بقيادة مصرية – إسرائيلية في مواجهة تركيا

 

الاقتصاد سيتغلب في النهاية على السياسة.. كيف سيغير الغاز الطبيعي خريطة التحالفات القائمة في شرق المتوسط؟

مصر تدفع ثمن الغاز الإسرائيلي كاملاً.. وتل أبيب تُخلّ باتفاقها وتمدها بنصف الكمية فقط!