Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

لماذا أرسلت باكستان جنودها للسعودية رغم اتهامها بالإرهاب؟

تايمز أوف لاهور :

تشرح الأسباب وتجيب على السؤال..
المملكة ماضية في توطيد تحالفها مع باكستان بشروط تبدو مخالفة لما كانت عليه في السابق
الرياض حريصة على الاستفادة من قوة باكستان العسكرية

اتخذت العلاقة الباكستانية السعودية طابعًا خاصًا خلال العقود الماضية؛إذ تأسس تحالف من نوع خاص قائم على تقاطع مصالحهما ؛ فالمملكة تسعى لاستخدام الجيش الباكستاني، السادس عالميًّا على مستوى عدد قواته للحماية، مقابل المنح المالية من جانبها لدعم الاقتصاد الباكستاني المتأزّم، فضلا عن وجود ملايين العمال الباكستانيين على أراضيها، الذين يشكلون مصدرًا مهمًا للنقد الأجنبي لبلادهم.

هذا التحالف حسب موقع “ساسة بوست” الاخبارى مر بفترات قوّة وفتور، قبل أن تبدأ مرحلة جديدة منه مع النظام السعودى الجديد إذ سعى لاستمالة الجيش الباكستاني بشكل أكبر، وتفعيل الزيارات الثنائية بين البلدين، للوصول لصيغة جديدة لهذا التحالف القديم، في سياق إعادة تشكيل مرحلة جديدة للسياسة السعودية العسكرية والخارجية.

وتكشف وثائق الخارجية السعودية كيف سعت الرياض للسيطرة على القرار الباكستانى من خلال شراء ذمم السياسيين هناك وجعلهم مرتهنين للنظام السعودى؛سواء بالمال او عن طريق الدعاية الاسلامية واستضافة رؤساء باكستانيين سابقين كمقيمين فى جدة كما هو الحال مع نواز شريف لضمان ولائهم وولاء احزابهم؛ حيث تعتبر المملكة باكستان الحامية والمدافعة عن نظامها؛ غير ان حرب اليمن الاخيرة اثبتت عكس ذلك بعد ان نأت باكستان بنفسها عن مغامرات النظام السعودى فى اليمن.كما توضح الوثائق كيف تدخلت الرياض فى تعيين رؤساء الجامعات فى باكستان.

في 15 فبراير الجارى أعلن الجيش الباكستاني عن إرسال قوة عسكرية إلى المملكة لمساعدة القوات السعودية وتدريبها، وسط معلومات ذكرتها الصحافة الباكستانية تقدر هذه القوة بألف مدرب ومستشار عسكريّ متواجدين في المملكة.

ووفقًا لبيان الجيش الباكستاني، فإن القوة الجديدة ستعمل داخل حدود المملكة فقط، ولن تشارك في الحرب السعوديّة في اليمن، بينما لم تعلق السلطات السعودية أو وسائل إعلام المملكة حول هذه القوات، أو طبيعة مهامها داخل حدود المملكة، خصوصًا مع استبعاد خيار انخراطها فى حرب اليمن، بعدما أكدت باكستان من قبل رفضها ذلك بشكل علني.

وبدأت أواخر العام الماضي مناورات مشتركة في الرياض بين كل من القوات الخاصة السعودية ونظيرتها الباكستانية، بحضور قائد «مدرسة العمليات الخاصة» وعدد من ضباط «مجموعة العمليات الخاصة» من الجيش الباكستاني، وكذلك عدد من الضباط السعوديين، على رأسهم نائب قائد «قوات الأمن الخاصة» اللواء عبد الله بن محمد الثمالي.

عوامل تعزيز التقارب
ويعزز التقارب الباكستاني السعودي فى ظل النظام الجديد أكثر من عامل منها: ارتفاع حظوظ حزب الرابطة الإسلامية في الانتخابات المقبلة، وهوالمؤيد للتقارب مع المملكة، وتحسن العلاقة بين حزب الرابطة مع الجيش الباكستاني، المخول بإدارة ملف السياسات الخارجية، خصوصًا مع ضمانات السعودية بعدم ترحيل العمالة الباكستانية، التي تشكل مصدرًا مهمًا للاحتياط النقدي لباكستان بفضل تحويلاتهم.

ويبدو أن النظام السعودى ماض في طريقه لتوطيد تحالفه مع باكستان باعتبارها حليفًا عسكريًّا مهمًّا، بشروط تبدو مخالفة لما كانت عليه في السابق؛ فإسلام آباد ماضية نحو هذا التحالف بشروط لا تجعلها تنخرط في مواجهات إقليمية لصالح المملكة، وهو ما يتّضح في التأكيد الباكستاني الرسمي بعدم تجاوز مهام هذه القوات حدود السعوديّة.

بينما ينظر محلّلون لهذه الخطوة من منظور آخر، كحال الكاتب الأمريكي توم روجان الذي ذكر في مقال له على صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية انه «بإرسال قوات إلى السعودية في ظل توترات غير مسبوقة بين الرياض وطهران، فإن الباكستانيين يضعون أنفسهم في الجانب السعودي، وبتعبيرات محددة فإنهم يقبلون تدهور العلاقات مع إيران بهذا الانتشار العسكري».

دعم عسكري وهبات
لا ينفصل الدعم العسكريّ الباكستاني تجاه السعوديّة منذ سنوات عن هبات السعودية الدائمة لباكستان، كشحنات النفط التي أرسلتها السعودية عام 1998 لمساعدتها على تحمّل العقوبات الدولية بسبب تجاربها النووية، فضلًا عن مساعدتها ماليًا في تمويل البرنامج النووي الباكستاني، والمساعدات المالية للأحزاب الباكستانية، وإنشاء المدارس والمؤسسات التعليمية الإسلامية الأخرى.
وفى عام 1998، بينما كان رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف يدرس إمكانيّة الردّ على التجربة النووية الهندية بواحدة من جانبه، تعهدت المملكة بتوفير 50 ألف برميل من النفط يوميًا لمساعدة إسلام آباد في مواجهة أي عقوبات محتملة.

ولا تقف حدود العلاقة بين المملكة وباكستان عند إرسال قوات عسكرية باكستانية للمملكة؛ بل تنطوي العلاقة بينهما على أواصر تحالف ممتد بينهما ترسم حجم تماسكه محددات جغرافية وسياسية واقتصادية، تتقاطع في الكثير من القضايا، وتتباعد في مواقف أخرى. وقد ميّز هذا التحالف نوع من الفتور في الأعوام الأخيرة؛ فالمملكة حريصة على أن تكون باكستان — صاحبة سادس أكبر جيش في العالم — حليفة لها في سياستها الخارجية ومشاركة بقواتها العسكرية معها بشكل أكبر.

باكستان هي الأخرى تجد في المملكة حصنًا ماليًا مهمًا لبلد فقير الموارد مثلها، وحاضنة لملايين العمالة الباكستانية على أراضيها. بالإضافة إلى ذلك، لطالما كانت السعوديّة ملجأ لقادة باكستان حال وقوع أي توترات كما حدث في سنة 2000، حين فتحت المملكة أبوابها أمام رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف، بعد الإطاحة به عن طريق انقلاب عسكري، واستضافته في أراضيها عدة سنوات، وهي المسألة التي ساهمت في توطيد التعاون بين البلدين في العديد من المجالات بعد عودة نواز شريف إلى منصب رئاسة الوزراء في سنة 2013.

على جانب آخر عينت السعودية رئيس الأركان الباكستانيّ المتقاعد، الجنرال راحيل شريف، قائدًا للتحالف العسكري الذي أعلنت عنه الرياض 2015. وبالإضافة إلى العلاقات السياسيّة، فإن الروابط الأسريّة تتداخل في مشهد العلاقات السعودية الباكستانيّة. وظلت هذه المعادلة هي الحاكمة للعلاقة بين البلدين اللذين تتقاطع مصالحهما؛ والتي قد تتباعد فيها المواقف بينهما نتيجة لحسابات سياسية مختلفة تؤدي لقطيعة لا تدوم في الغالب فترات طويلة، كما أنها تحول أيضًا دون التماهي الكامل في العلاقة الثنائية بينهما.

ملفات تباعد بين الحليفين
واحد من هذه المواقف التي ابتعدت فيها باكستان عن الخطّ السياسي السعوديّ هو عدم قبولها للانضمام للتحالف العربي الذي تقوده المملكة تجاه اليمن، حتى لا تنخرط بشكل مباشر في مواجهة مع الحوثيين الموالين لإيران، التي تحظى باكستان معها بعلاقة جيدة.

كما شكّل ارتفاع العمليات الإرهابية في باكستان، على مدار العامين الأخيرين، وانتساب عدد من منفذي هذه العمليات إلى الجمعيات الدينية التي تمولها السعودية عاملًا في ارتفاع التوتر بين البلدين، وهو ما ظهر في تصريحات لوزير التنسيق الإقليمي الفيدرالي في باكستان، رياض حسين بيرزادة الذي أكد دون مواربة على مسؤولية السعودية عن الإرهاب في بلاده، إذ انتقد انفاق السعودية على المعاهد والمدارس الدينية المنتشرة بالبلاد، محذرًا من أن الرياض تسعى من خلال منحها المساعدات والقروض لهذه المؤسسات إلى نشر الفكر الوهابي في البلاد.

كما تشكل علاقة باكستان مع إيران أحد محددات هذا التأرجح بينها وبين السعودية؛ خصوصًا في ظل توسع الاتفاقيات التجارية بين باكستان وإيران، وزيادة حجم التبادل التجاري بينهما إلى 5 مليارات دولار بحلول عام 2021، وزيادة واردات باكستان من الطاقة الكهربائية من إيران وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين، وإحياء مشروع مد خط أنابيب الغاز بينهما.