"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

يضع «معايير قومية» لاختيار المستأجرين بدعم من فتاوى الحاخامات.. تفاصيل قانون إسرائيلي يهدد بطرد السكان العرب المسيحيين والدروز

عربي بوست :

صادق الكنيست الإسرائيلي في التاسع من ديسمبر/كانون الأول الحالي على قانون اسمه «لجان القبول»، والذي يوسع صلاحيات اللجان وعدد البلدات اليهودية والمستوطنات التي سيكون لديها إمكانيات لمنع العرب من السكن بها.

يتيح لهم اشتراط معايير تسمح لهم بتعيين بنود الملاءمة الاجتماعية والثقافية وبند الخدمة العسكرية، وبالتالي إعطاءهم الحق لقبول أو رفض إسكان العرب.

لجان القبول آخر القوانين الإسرائيلية لطرد السكان العرب

تيسير عودة الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي يقول لـ»عربي بوست» إن «هذا القانون ليس الأول الذي تصادق عليه الحكومة الإسرائيلية.

فقد قرر الكنيست في آذار 2010 قانون لجان القبول في المدن والتجمعات السكنية اليهودية في الجليل الأعلى لإقامة بلدات يتم تخصيصها للسكان اليهود والمهاجرين منهم من خارج إسرائيل.

يهدف القانون إلى منع المواطنين العرب داخل الخط الأخضر من السكن في أكثر من 400 بلدة يهودية، على حد قوله.

ويشير إلى أن «القرار الأخير سيؤثر على السكان العرب المسيحيين والدروز، والذين يتمتعون بصفة مقيم دائم بداخل الأراضي الإسرائيلية».

تقدر نسبتهم بـ 18% من السكان الإسرائيليين، ويتمركزون في عدة مناطق في الجليل الأعلى والمثلث والقدس والنقب؛ وذلك بهدف تعميق سياسة الفصل العنصري بين المواطنين العرب والذين يحملون الجنسيات الإسرائيلية والتمييز فيما بينهم وطردهم من منازلهم وسلب حقوقهم وزيادة التمدد الاستيطاني بداخل البلدات العربية في إسرائيل، على حد قوله.

90 قانوناً عنصرياً يمس العرب أقروا في 3 سنوات

ويؤكد عودة أن الحكومة الإسرائيلية منذ عام 2015 شرّعت أكثر من 90 قانوناً عنصرياً يمس العرب بشكل مباشر.

من هذه القوانين:

قانون النكبة

قانون سحب المواطنة

قانون الرقابة على تمويل منظمات المجتمع المدني

قانون القومية

من الجدير ذكره أن هذه القوانين لم تشهدها أية ولاية إسرائيلية للكنيست.

فمنذ عام 2006 إلى 2013، أقرّ الكنيست 14 قانوناً فقط، بينما خلال الولاية الحالية للكنيست، تم إصدار 14 قانوناً تهدف لتعزيز التواجد اليهودي وتعطيل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

للسكن قرب البلدات الإسرائيلية عليك أن تخضع لعدة شروط

وعن التجمعات السكانية العربية التي قد ترفض لجان القبول انضمامها للبلدات الإسرائيلية يقول عودة «إنه في حال ثبت أن الأشخاص العرب الراغبين بالعيش بجوار البلدات الإسرائيلية لا يلائمون نمط حياة وثقافة البلدة والمبادئ الأساسية لها ولم يجتازوا اختبارات معينة كفحص الشخصية وغيرها، سيتم رفضهم مطلقاً دون أن يتم التوضيح لهم أسباب الرفض».

ويهدد هذا الأمر أكثر من 700 عائلة عربية يسري عليها القانون الجديد.

تختبر اللجان بالبلدات اليهودية العائلات العربية التي تريد السكن في التجمعات اليهودية وفق هذه المعايير:

  1. القومية
  2. اختلاف الثقافات والحياة بين اليهود والعرب

وهذه أمور كفيلة بأن يتم تقييم الشخص بأنه غير صالح للعيش بداخل التجمعات اليهودية.

ويبين عودة أن «القانون الإسرائيلي الجديد يعتبر انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان، ويحث على التمييز العنصري بين فئات المجتمع، من خلال تهميش فئات معينة وانتهاك حقهم الدستوري والشرعي في العيش بحرية وأمن وكرامة ومساواة».

واعتبر أنه يفتح الباب على مصراعيه لتشريع قوانين أخرى جديدة تنتهك حقوق السكان العرب في الجليل الأعلى والمثلث.

تمييز عنصري يشبه التمييز ضد بعض يهود القوميات الأخرى

وشبه الأمر بما حدث مع الإسرائيليين من ذوي أصول إثيوبية وروسية واليهود الحريديم، والذين يتعرضون لمضايقات كبيرة وتمييز عنصري.

ويضيف «إن حاخامات اليهود يرفضون الاعتراف بيهودية المهاجرين اليهود من الروس والحريديم والإثيوبيين، لأن أحد الوالدين فقط هو من أصول يهودية».

من الجدير ذكره أن هجرة المواطنين الروس اليهود ارتفعت مؤخراً إلى أكثر من مليون شخص.

لكن السلطات الإسرائيلية ترفض تمليكهم منازل خاصة بهم، ويجدون صعوبة في التوظيف، ناهيك عن عدم وجود زواج مدني في إسرائيل.

ويشرح عودة «منذ نقل المهاجرين الإثيوبيين للعيش في إسرائيل مع مطلع ثمانينيات القرن الماضي وهم يعانون من التمييز العنصري، حيث يمنع ارتباط رجالهم بفتيات إسرائيليات من ذوات البشرة البيضاء، كما تجبر النساء الإثيوبيات على تناول عقاقير منع الحمل لمنعهم من الإنجاب».

فتاوى الحاخامات تحث اليهود على استبعاد العرب

ويوضح عودة أن «إسرائيل تسعى إلى التهرب من حقوق البلدات العربية».

إذ تشهد الفترة المقبلة، وفق توقعاته، تضييقات كبيرة على السكان العرب وخاصة في منطقة الجليل الأعلى، وستكون اللغة العبرية هي اللغة الأولى، وستفقد اللغة العربية مكانتها كلغة رسمية في إسرائيل.

ويبين أن «القوانين الإسرائيلية الصادرة لم تشهد أي اعتراض من قبل السكان اليهود»

إذ صدرت عدة فتاوى لحاخامات تحث على عدم السماح للعرب باستئجار وشراء البيوت بالقرب من التجمعات اليهودية، في ضوء استطلاعات رأي تشير إلى رفض نسبة عالية من اليهود العيش المشترك مع العرب بداخل البلدة والقرية الواحدة.

ويتخوف اليهود من احتمالات نشوب مواجهة شاملة بين السكان العرب والإسرائيليين بعد مصادرة مساحات واسعة من أراضي المواطنين في الداخل الفلسطيني وتحويلها لملكية الدولة الإسرائيلية.

وحتى الآن، لم تتم أي خطوات من قبل العرب، مع توقعات بحدوث مظاهرات

تهويد بلدات الجليل الأعلى وتعزيز التفوق الإثني في المنطقة الواحدة

بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي يوسف إبراهيم لـ»عربي بوست» إن «قانون لجان القبول أو كما يعرف بالبلدات الجماهيرية والذي قدمه عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش من حزب «البيت اليهودي» صادق عليه 61 نائباً من أصل 120″. واعتبر أنها أغلبية هشة وقد يتعطل تمرير هذا القانون خلال الولايات البرلمانية المقبلة للكنيست الإسرائيلي.

ويشير «إنه من شأن القانون فرض هوية دستورية على العرب من خلال تعزيز التفوق الإثني في المنطقة الجغرافية الواحدة، والذي يميز عنصرياً بين قوميتين يهودية وعربية من خلال التمييز العنصري بينهما».

إلا أنه وفق القوانين الإسرائيلية، يفترض تمتع الطرفين بكافة الحقوق والامتيازات بغض النظر عن أعراقهم وديانتهم، لكن القانون الإسرائيلي لا يهتم بالمساواة بين أفراد المجتمع وتعليمات القوانين الدولية الإنسانية، على حد تعبيره.

إقصاء الوجود العربي لصالح مديرية أراضي إسرائيل

ويردف أن «القانون الدولي الإنساني يمنع ضم الأراضي وفرض الهوية الدستورية على السكان من قبل القوة المحتلة للأرض التي يعيش فيها سكانها الأصليون، لأن ذلك من شأنه تعزيز التفوق العرقي الإسرائيلي على حساب التواجد العربي».

وأوضح أن تطبيق القانون يعني «تأسيس دولة بداخل دولة» تحكمها الجمعيات التعاونية، والتي منحت صلاحيات حق استخدام الأرض التي تعود ملكيتها لمديرية أراضي إسرائيل».

ويشرح إبراهيم أن السكان العرب ملتزمون بدفع الضرائب التي تفرضها عليهم السلطات الإسرائيلية كغيرهم من المواطنين اليهود في إسرائيل.

ومقابل هذه الضرائب يحصلون على بعض الخدمات الضئيلة كالصحة والتعليم، بالإضافة إلى تولي نسبة محدودة جداً من السكان العرب وظائف مركزية بداخل المؤسسات الحكومية الإسرائيلية.

وانتشار الكراهية والتطرف يهدد الطرفين

ويؤكد إبراهيم «إن كل هذه القوانين الإسرائيلية تهدف إلى التضييق على فلسطينيي الداخل وإجبارهم على الاعتراف بيهودية الدولة؛ وهو ما يزيد من احتمال انتشار المزيد من التطرف والكراهية ورفض الآخر بين العرب واليهود».

فإسرائيل، برأيه، متجهة نحو اتباع أساليب فاشية استخدمتها النازية في ثلاثينيات القرن الماضي ضد اليهود. وذلك لمحاصرة السكان العرب في معازل وكانتونات ليسهل التحكم فيهم والتنصل من حقوقها اتجاههم.

ويشرح أن القومية الطائفية آخذة بالانتشار والتوسع بداخل المجتمع الإسرائيلي لإقصاء الطرف الآخر، حيث يصعد اليمين المتطرف والذي يمثل رأس الحربة في كراهية العرب إلى مناصب عليا داخل الدولة الإسرائيلية.

وقد أبدت مؤخراً مؤسسات تعليمية ومدنية وأخرى من القطاع الخاص بداخل إسرائيل مؤخراً رفضها تحدث موظفيها للغة العربية بداخل مرافقها».

إسرائيل تبدأ بإزالة منازل العرب حتى في بلدات العيش المشترك

صابر أبو داهوك (45 عاماً) من عرب العرامشة في الجليل الأعلي يقول لـ»عربي بوست» أنه يعيش برفقة سكان مستوطنة عورن القريبة من قريته منذ العام 1950.

وصف حياته هناك بالمشتركة والآمنة بين العرب واليهود، إذ» يتزاورون ولا يوجد بينهم أي مكان للعنصرية ، بل يتناولون طعامهم سوية» على حد تعبيره.

وبين أبو داهوك أنه مع تشريع قانون البلدات الجماهيرية الجديد، رفضت القرية التعاونية «عورن» المحاذية لبلدته السماح للسكان العرب بيع وتأجير الشقق السكنية للعرب.

كما فُرضت عليهم مضايقات كبيرة من قبل السلطات الإسرائيلية لطرد سكان القرية منها من خلال هدم العديد من المنازل بداخلها بحجة بنائها بدون الحصول على التراخيص اللازمة.

وبعض القرى يتشاركها سكان من 4 أديان، عليهم الآن الاختيار

علي زيدان (37 عاماً) من بلدة البقيعة يقول إن «القرية يعيش فيها أربعة أديان مختلفة هم المسلمون والمسيحيون والدروز واليهود، وجميعنا تربطنا وجهات نظر مشتركة وعلاقات اجتماعية مميزة على أساس الاحترام والمودة والتعايش السلمي بين الأديان».

وقال إن البلدة تشهد توافد آلاف السياح الإسرائيليين للاطلاع على معالمها الأثرية وتناول الطعام مع سكانها العرب وغيرهم.

ويشير لـ»عربي بوست» إننا «نعمل في نفس المصانع التي يعمل بها كافة السكان وأولادنا يتلقون تعليمهم الأساسي بالمدارس التابعة للبلدة بمختلف أديانهم.

واعتبر أن البقيعة تعتبر قدوة لجميع القرى والمستوطنات في نبذ العنف والعنصرية والعيش بطريقة مشتركة.

وتمنى ألا يؤثر القانون الجديد على حياتهم اليومية القائمة على حقيقة واحدة اختصرها «جميعنا بشر نحب الحياة والعيش المشترك ولا توجد تفرقة بيننا».