Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

تنظيم داعش في أفريقيا.. قتل النساء

الغد الأردنية :
لابد من وضع حد للقتل الذي يقترفه تنظيم داعش أن تُقتل عاملتان في الرعاية الصحية بالتعاقب لا يمكن لشيء أن يبرر قتل النساء في نيجيريا فالدولة الإسلامية هناك شأنها شأن المنظمة الأم لديها تبريراتها الخاصة التي تقود إلى ارتكاب المزيد من جرائم القتل في الأشهر المقبلة.

بقلم: فيليب أوباجي جونيور

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

المتشددون في تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا موقفهم: سوف تكون أي مجموعة إغاثة تساعد الناس هدفاً لهم. وقال الناطق باسم المجموعة: “بالنسبة لنا، ليس هناك فرق بين الصليب الأحمر واليونيسيف”.

عندما أعلن أبو مصعب البرناوي في العام 2016 أنه استولى على قيادة منظمة “بوكو حرام” سيئة السمعة، والتي أصبحت تُعرف باسم ما تدعى “الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا”، كانت رسالته الأولى كقائد جديد للمجموعة واضحة وموجزة: تحت قيادته وبإشرافه، سوف تستهدف منظمته العاملين في منظمات الإغاثة والمنظمات الخيرية الأوروبية.

وفي رسالته، زعم البرناوي بأن هذه المنظمات “تسعى بقوة إلى تنصير المجتمع” (دفع المجتمع إلى اعتناق الدين المسيحي). ولذلك، كما قال، فإنها “تستغل ظروف أولئك الذين شُردوا بسبب الحرب المستعرة، وتقدم لهم الطعام والمأوى، ثم تقوم بتنصير أطفالهم”.

لكن ما لم يقله البرناوي في ذلك الحين هو أن تنظيم “الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا”، كما أراد لمجموعة “بوكو حرام” أن تُعرف منذ ذلك الحين، كانت تستهدف النساء اللواتي يعملن مع منظمات الإغاثة، باختطافهن وطلب الفدية مقابل إطلاق سراحهن، أو إعدامهن إذا لم تتم تلبية مطالب المجموعة.

نتيجة لذلك، وعلى مدى الأسابيع والأيام القليلة الماضية، شاهدنا مأساة كبيرة وهي تتكشف، والتي كانت فصولها قد بدأت قبل نحو ثمانية أشهر خلت.

عند حوالى الساعة السابعة، بالتوقيت المحلي، من مساء اليوم الأول من آذار (مارس)، اقتحم رجال البرناوي، متنقلين على دراجات نارية وفي العربات والشاحنات الصغيرة المحملة بالمدافع الرشاشة، بلدة ران الواقعة في شمال شرق نيجيريا؛ حيث سعى عشرات الآلاف من الأشخاص المشردين داخلياً إلى الملاذ والمأوى. وسرعان ما تحرك المقاتلون إلى مخيم يوجد فيه العديد من الناس الذي يعملون مع المنظمات الدولية، وفتحوا النار على عمال الإغاثة، فقتلوا شخصين من “المنظمة الدولية للهجرة”، كانا موفدين للعمل كمديرين في مخيم ران، وطبيباً يعمل مستشاراً لمنظمة “يونيسيف”.

يقول عبد الله إدريس، أحد سكان المنطقة الذين شاهدوا الهجوم، لمجلة “ديلي بيست”: “لقد وصلوا إلى ران بأعداد كبيرة، واتجهوا مباشرة إلى المخيم. كانوا يعرفون بالضبط ما الذي أتوا لأجله”.

خلال الهجوم، شرعت ثلاث نساء يعملن في الإغاثة: حوا ليمان، وهي قابلة تعمل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر؛ وسيفورا خورسا، وهي ممرضة تعمل أيضاً مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر؛ وأليس لوكشا، وهي ممرضة تعمل مع منظمة اليونيسيف -شرعن في الركض في اتجاه قاعدة عسكرية مجاورة، على أمل الاختباء فيها والاحتماء من المتشددين. وفي ذلك الحين، قامت ليمان بإرسال رسالة صوتية يائسة بواسطة “واتسأب”، تخبر فيها صديقة بأنهن كن تحت الهجوم. وأشارت آخر رسالة صوتية لها إلى أن المهاجمين اجتاحوا القاعدة العسكرية أيضاً.

وصاحت ليمان باكية بلغة الهاوسا المحلية: “آه، يا إلهي، إنهم قادمون الآن. سوف يقتلونني”.بعد ذلك، ذكرت تقارير الإعلام المحلية أن الهجوم أسفر عن مقتل أربعة جنود وخمسة رجال شرطة. ونشرت بعض المنافذ الإعلامية صوراً تُظهر المسؤولين وقد تم تقييدهم قبل إطلاق النار عليهم.

وتم اختطاف النساء المذكورات الثلاث

وقال مسؤول نيجري كبير في وزارة الدفاع لمجلة “ديلي بيست”، على حدة، إن الحكومة تواصلت مع تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا بمجرد اختطاف النساء الثلاث، لكن المتشددين تقدموا بمطالب أكبر كثيراً من أن تمكن تلبيتها.

وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأنه ليس مخولاً بالحديث: “أرادوا أكثر من مليون دولار عن كل امرأة. ولم تتمكن الحكومة من تلبية مطالبهم على الفور، لكنها أوضحت أنها راغبة دائماً في التفاوض”.

استمرت المفاوضات بين الحكومة وبين تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا لأشهر قبل أن تصل إلى جمود كامل. وفي 16 أيلول (سبتمبر)، قام الجهاديون بإعدام خوسا، ابنة الخمسة وعشرين ربيعاً، وقاموا بتسجيل عملية القتل على شريط فيديو وإرساله إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى جانب مطالب بمبلغ مالي لم يتم كشف النقاب عنه لقاء الإفراج عن زميلتها. ووفقاً للصليب الأحمر، الذي يقول أنه لا يدفع فدية من أجل إطلاق سراح موظفيه المخطوفين، فإن المتشددين منحوا مجموعة الإغاثة مهلة لشهر واحد فقط لتلبية مطالبهم قبل قتل الأسيرة الثانية.

وقال الصليب الأحمر أن المجموعة “بذلت جهوداً مستدامة وشاقة في محاولة لضمان إطلاق سراح الزميلات من دون قيد أو شرط ومن دون أن يُصبن بأذى”، ولكن من دون جدوى.

تقول أليكساندرا ماتيجيفيتش موسيمان، المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في أبوجا، في حديث لمجلة “ديلي بيست”: “عندما تم تأكيد اختطافهن، أنشأت لجنة الصليبة الأحمر على الفور فرقَ أزمة في ميديغوري، وأبوجا وجنيف، لغاية واحدة هي تحقيق هذا الهدف”.

أضافت موسيمان: “إنها سياستنا العالمية أن لا ندفع فدية أو نتفاوض مباشرة مع الخاطفين خلال عمليات الاختطاف… ومع ذلك، استخدمنا كل القنوات المفتوحة أمامنا لكي نطالب بشكل متكرر بإطلاق سراحهن على الفور، من دون شروط ومن دون أن يصبن بأذى”.

بينما كان الموعد النهائي الذي حدده المتشددون يقترب، أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر نداء بالفيديو، موجها إلى كل من الحكومة النيجرية وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا، والذي التمست فيه العمل على إنقاذ الأسيرتين المتبقيتين، وحذرت من أنه ربما لم تتبق أكثر من بضع ساعات قبل أن يقوم المتشددون بقتل امرأة أخرى.

في الفيديو، يقول مامادو سو، رئيس عمليات اللجنة الدولية للصليب الأحمر في حوض بحيرة تشاد: “إنني أتقدم بهذا الالتماس مباشرة إلى الدولة الإسلامية في منطقة غرب أفريقيا. أرجوكم أن تظهروا بعض الرحمة. لقد ذهبت حوا (ليمان) وأليس إلى ران من أجل إنقاذ الأرواح، وهما تستحقان العيش”.

في اليوم التالي، قام تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا بقتل ليمان. وتم إرسال مقطع فيديو قصير لعملية إعدامها إلى “الكيبل”، وهو منصة إخبارية نيجيرية على الإنترنت، والذي لم يقم الموقع بنشره. ووفقاً لـ”الكيبل”، فقد تم إجبار ليمان على الركوع ويداها مقيدتان داخل رداء أبيض، ثم أُطلقت النار عليها من مسافة قريبة”.

وفي بيان قصير رافق شريط الفيديو، تفاخر تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا: “لقد أوفينا بوعدنا تماماً كما قلناه، بقتل عاملة إغاثة أخرى”، وأضاف البيان أنه قد تم إعدام كل من خورسا وليمان “لأن المجموعة تعتبرهما مرتدّتين، لأنهما كانتا ذات مرة مسلمتين، لكنهما تخلتا عن إسلامهما” باختيار العمل مع لجنة الصليب الأحمر، كما لو أنها منظمة دينية مسيحية، وهو ما لم تكُنه في حقيقة الأمر.

ثم أوضح المتشددون في تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا موقفهم: سوف تكون أي مجموعة إغاثة تساعد الناس هدفاً لهم. وأضاف الناطق باسم المجموعة: “بالنسبة لنا، ليس هناك فرق بين الصليب الأحمر واليونيسيف”.

وقال تنظيم الدولة الإسلامية إن امرأة ثالثة كانت قد اختطِفت في آذار (مارس)، أليس لوكشا، متزوجة ولها طفلان، هي مسيحية احتفظ بها المتشددون كعبدة بسبب دينها. ومعها لياه شاريبو، 16 عاماً، المسيحية الوحيدة بين 110 فتيات كان قد تم اختطافهن من مدرسة في دابشي في شباط (فبراير)، والوحيدة التي ما تزال محتجزة لدى المجموعة.

وقال الناطق باسم المجموعة الإرهابية: “وفقاً لتعاليمنا، أصبح مشروعاً وقانونياً لنا أن نفعل بهن ما نشاء”.

يشكل قرار مجموعة الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا الإبقاء على النساء المسيحيات على قيد الحياة تحولاً عن أجندتها الأساسية القائمة على قتل كل المسيحيين. وعندما قام تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية بتعيين البرناوي والياً على المجموعة في أفريقيا، تعهد بأن مجموعته ستعمل على “قتل كل أولئك الذين نعثر عليهم من مواطني الصليب”. وباتخاذ القرار بعدم قتل كل من لوكشا وشاريبو، في الوقت الحالي على الأقل، ربما تتطلع المجموعة الإرهابية إلى إبقاء الكثير من العالَم، وخاصة المجتمع المسيحي، يتحدث عن هؤلاء النساء على نحو يعيد الانتباه إلى الجماعة الجهادية، تماماً كما فعل قائدها السابق لدى اختطاف تلميذات تيشبوك في العام 2014″.

تقول موسيمان عن استراتيجية اللجنة الدولية للصليب الأحمر لضمان حرية الفتيات: “سوف نواصل استخدام القنوات المتاحة كافة لنا لنطالب بإطلاق سراح أليس ولياه على أسس إنسانية. إنهما مدنيتان وليستا جزءاً من أي قتال. يجب الإبقاء على حياتهما”.

وقال وزير الإعلام النيجيري، لاي محمد، الذي أكد الأخبار عن مقتل ليمان، في بيان له إن البلد “فعل كل شيء يجب أن تفعله أي حكومة مسؤولة لإنقاذ عاملات الإغاثة”، وإن حكومته “تتألم” من النتيجة. ولم يقل الوزير ما إذا كانت الحكومة قد حاولت التفاوض على دفع فدية مع المتشددين.

لكن والديّ ليمان، اللذين يرفضان تصديق أن ابنتهما قُتلت، ألمحا مؤخراً إلى أنه كان قد تم التوصل إلى اتفاق مع الجهاديين، وتساءلا عن السبب في أن يتم قتل ابنتهما بعد أن توصلت الأطراف المتفاوِضة إلى تفاهم.

وقالت إياكاشي، والدة ليمان، لقنوات التلفزة النيجرية: “حتى هذه اللحظة، لا يصدق عقلي ولا يخبرني بأن ابنتي قد ماتت. لأنكم لو رأيتهم ما حدث، فقد أراد هؤلاء الناس النقود. والآن، بعد أن وافق (الرئيس محمدو) البخاري على أنه يعطيهم النقود، لماذا كانت المسافة الزمنية بين اللحظة التي أعطانا فيها موافقته وبين وقوع هذه الحادثة بهذا القرب؟”. وأضافت إياكاشي: “إذا كان أحد يريد النقود ووافقوا على أن يعطوه النقود، فإنه لا يفترض أن يفعل هذا”.

ولكن، مرة أخرى، ليس هناك أي تأكيد أنه تم التفاوض على أي فدية أو دفعها من الأساس.

أثارت أخبار إعدام ليمان الغضب الشديد، خاصة في مجتمع المنظمات الإنسانية. ووصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ليمان بأنها كانت امرأة “اجتماعية”، و”دينامية” و”متحمسة”، وكانت متفانية للغاية في مساعدة النساء الضعيفات في مجتمعها.

تقول باتريشيا دانزي، المديرة الإقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر في أفريقيا، في تصريح لها: “لقد حطمت أخبار موت حوّا قلوبنا. لقد ناشدنا من أجل الرحمة ووضع حد لهذه الجرائم التي لا معنى لها. كيف يمكن أن تُقتل عاملتان في الرعاية الصحية بالتعاقب؟ لا يمكن لشيء أن يبرر هذا”.

لكن “الدولة الإسلامية في نيجريا”، شأنها شأن المنظمة الأم الأصلية في العراق وسورية، لديها تبريراتها الخاصة، والتي من المرجح أنها ستقود إلى ارتكاب المزيد من جرائم القتل في الأشهر المقبلة.

عن الغد الأردنية