"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

بذكرى ولادته العطرة.. كرم الإمام الحسين ومناقبه

شفقنا -يوافق الثالث من شهر شعبان المعظم الذكرى العطرة للولادة سيد شباب الجنة الإمام الحسين عليه السلام، وبهذه المناسبة نسلط الضوء على بعض الروايات التي وردت في كرمه ومناقبه.

كرم الإمام الحسين عليه السلام:

قال الخوارزمي: (قال الحسن البصري ،كان الحسين بن علي سيّداً زاهداً ورعاً صالحاً ناصحاً حسن الخلق ، فذهب ذات يوم مع أصحابه إلى بستانه ، و كان في ذلك البستان غلام له اسمه صاف ، فلما قرب من البستان رأى الغلام قاعداً ، يأكل خبزاً ، فنظر الحسين إليه ، و جلس عند نخلة مستتراً لا يراه ، و كان يرفع الرغيف فيرمي بنصفه إلى الكلب ، و يأكل نصفه الآخر ، فتعجب الحسين من فعل الغلام ، فلما فرغ من أكله قال : الحمد لله رب العالمين ، اللهم اغفر لي ، و اغفر لسيّدي و بارك له ، كما باركت على أبويه برحمتك يا أرحم الراحمين ، فقام الحسين و قال : يا صافي ، فقام الغلام فزعاً و قال : يا سيدّي و سيد المؤمنين ، انّي ما رأيتك فاعف عنّي .

فقال الحسين : اجعلني في حلّ يا صافي ، لأني دخلت بستانك بغير أذنك ، فقال صافي: بفضلك يا سيدي ، و كرمك و بسؤددك تقول هذا ؟

فقال الحسين : رأيتك ترمي بنصف الرغيف للكلب ، و تأكل النصف الآخر فما معنى ذلك ؟ فقال الغلام : ان هذا الكلب ينظر إليّ حين آكل ، فأستحي منه يا سيدي لنظره إليّ ، و هذا كلبك يحرس بستانك من الأعداء ، فأنا عبدك و هذا كلبك ، فأكلنا رزقك معاً ،

فبكى الحسين و قال : أنت عتيق لله وقد وهبت لك ألفي دينار بطيبة من قلبي ، فقال الغلام : ان اعتقتني ، فأنا أريد القيام ببستانك ،

فقال الحسين : إن الرجل إذا تكلم بكلام ، فينبغي أن يصدّقه بالفعل ، فأنا قد قلت، دخلت بستانك بغير إذنك ، فصدقت قولي ، و وهبت البستان و ما فيه لك غير أن أصحابي هؤلاء ، جاءوا لأكل الثمار و الرطب ، فاجعلهم أضيافاً لك ، و اكرمهم من أجلي اكرمك الله يوم القيامة ، و بارك لك في حسن خلقك و أدبك ، فقال الغلام : ان وهبت لي بستانك فأنا قد سبلته لأصحابك و شيعتك،

قال الحسن : فينبغي للمؤمن أن يكون كنافلة (1) رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، (2).

و روى بإسناده المتصّل : (أن اعرابياً جاء إلى الحسين بن علي فقال له : يا بن رسول الله انّي قد ضمنت دية كاملة و عجزت عن أدائها ، فقلت في نفسي : اسأل أكرم الناس و ما رأيت أكرم من أهل بيت رسول الله (ص) ، فقال الحسين : يا أخا العرب أسألك عن ثلاثة مسائل ، فإن أجبت عن واحدة أعطيتك ثلث المال ، و ان أجبت عن اثنتين أعطيتك ثلثي المال ، و ان أجبت عن الكل اعطيتك المال كله ، فقال الأعرابي : يا بن رسول الله أمثلك يسأل من مثلي ، و أنت من أهل العلم و الشرف ؟

فقال الحسين : بلى سمعت جدي رسول الله يقول : المعروف بقدر المعرفة ، فقال الأعرابي : سل عما بدا لك فإن أجبت ، و إلا تعلمت الجواب منك ، و لا قوة إلاّ بالله ،

فقال الحسين أي الأعمال أفضل ؟ ، فقال : الإيمان بالله ،

قال: فما النجاة من الهلكة ؟ ، قال: الثقة بالله.

قال : فما يزين الرجل ؟ ، قال : علم معه حلم ،

قال : فإن أخطأه ذلك ؟ ،، قال : فمال معه مروءة ،

قال: فإن اخطأه ذلك ؟ ، قال: ففقر معه صبر ،

قال فإن أخطأه ذلك؟ ، قال : فصاعقة تنزل من السماء فتحرقه ،

فضحك الحسين و رمى بصرّة إليه فيها ألف دينار ، و أعطاه خاتمه و فيه قيمته مائتا درهم ، و قال له : يا أعرابي أعط الذهب لغرمائك و اصرف الخاتم في نفقتك ، فأخذ الإعرابي ذلك منه و مضى و هو يقول : الله أعلم حيث يجعل رسالته ) ، (3).

مناقب الإمام الحسين (عليه السلام) :

و روي عن أبي عون ، قال: ( لما خرج حسين بن علي من المدينة يريد مكة مرّ بابن مطيع ، و هو يحفر بئره فقال له : أين، فداك أبي و أمي ؟ ، قال: أردتُ مكةّ … و ذكر له أنه كتب إليه شيعته بها فقال له ابن مطيع : إني فداك أبي و أمي متّعنا بنفسك ، و لا تسر إليهم فأبى حسين ، فقال له ابن مطيع : إن بئري هذه قد رشحتها ، و هذا اليوم أوان ما خرج إلينا في الدلو شيء من ماء ، فلو دعوت الله لنا فيها بالبركة . قال: هات من مائها فأتى من مائها في الدلو ، فشرب منه ثم مضمض ثم ردّه في البئر فأعذب و أمهى)(4).

قال الخوارزمي : ( و كان الحسين ، يجالس المساكين ، و يقرأ ( إن الله لا يحب المتكبرين ) و مرّ على صبيان معهم كسرة ، فسألوه أن يأكل معهم ، فأكل ثم حملهم إلى منزله ، فأطعمهم و كساهم ، و قال: إنهم أسخى مني لأنهم بذلوا جميع ما قدروا عليه و أنا بذلت بعض ما أقدر عليه ) (5).

روى ابن عساكر بإسناده عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: ( مر الحسين بمساكين يأكلون في الصفة فقالوا : الغداء فنزل ، و قال : ( إن الله لا يحبُّ المتكبرّين ) فتغدّى معهم ، ثم قال لهم : قد أجبتكم فأجيبوني ، قالوا: نعم . فمضى بهم إلى منزله فقال للرباب : اخرجي ما كنت تدخرين ) (6).

الهوامش

1ـ النافلة: الذرّية من الأحفاد والأسباط.

2 -مقتل الحسين: ج 1 ص 153.

3 -مقتل الحسين: ج 1 ص 157.

4 -المصدر: ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام الحسين من تاريخ مدينة دمشق: ص 155 رقم 201.

5 -مقتل الحسين: ج 1 ص 155.

6 -ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من تاريخ مدينة دمشق: ص 151 رقم 196.