بشكل أو بآخر ألقى الرئيس الايراني حسن روحاني في الخطاب الذي ألقاه في أهالي مدينة خوي بشمال غرب ايران الاثنين الماضي، بلائمة القرارات التي يتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد ايران بما فيها العقوبات ضد ايران على اسرائيل ومنظمة مجاهدين خلق (احدى الاحزاب المعارضة في ايران)، وذلك عندما قال إن الرئيس الأميركي لا يدري ما يجري في ايران وان عقوباته لم تترك أي تأثير على ايران، إلا أن “الكيان الصهيوني وزمرة المنافقين هما اللذان يزودانه بالمعلومات الكاذبة ويقولان له أن النظام الايراني سينهار جراء العقوبات وأن الشعب الايراني بدأ ينتفض ضد النظام”.
وغير خاف على أحد لماذا تحرض جماعة معارضة ضد النظام الحاكم في بلادها، كما أن اسرائيل تعتقد أن جانبا كبيرا من نشاط فصائل المقاومة الفلسطينية سيخف أو يتوقف بسقوط النظام الايراني، وحتى لو لم يسقط النظام فان تكثيف الضغوط عليه سيجعل الانظار تتجه نحوه ولا تلتفت الى ممارساته ضد الفلسطينيين.
وهنا تجدر الاشارة الى أنه ما عدا سوريا وايران فليس هناك دولة في العالم تتبنى بشكل علني ورسمي السعي الى تقويض اسرائيل، وبما أن الحرب في سوريا أثرت على دعم دمشق للمقاومة الفلسطينية خاصة أن بعض فصائلها كحماس توترت علاقتها مع سوريا، لذلك لم يبق إلا داعم وحيد للمقاومة الفلسطينية وهو ايران.
من هنا فان من مصلحة اسرائيل تحريض العالم وخاصة الولايات المتحدة ضد ايران والسعي الى الاطاحة بنظامها بالضبط كما تسعى ايران لذلك، والأزمة القائمة حاليا والضجة المفتعلة ضد ايران والعقوبات بل وحتى التهديد بشن الحرب خاصة في الحكومات الأميركية السابقة؛ كل ذلك من أجل اسرائيل ولرفض ايران الاعتراف بها وكذلك للمساعي التي تبذلها من أجل تقويضها كدعمها لبعض الأحزاب المقاومة لاسرائيل وفي مقدمتها حزب الله.
ولاشك ان العقوبات الاميركية تؤثر على ايران، بل أن ادارة ترامب هددت كافة الدول بفرض عقوبات عليها اذا تعاملت مع ايران، ولم تستثن حتى حلفاءها من هذا التهديد، ومع أن ترامب يعلم أن الشعب الايراني هو المتضرر الرئيس من هذه العقوبات الا أنه لا يبالي، فليذهب ليس الشعب الايراني وحده بل العالم برمته فداءا لاسرائيل.
والعقوبات هي المرحلة الأولى للضغط على ايران من أجل تغيير موقفها تجاه اسرائيل، ومن المؤكد أن هذه العقوبات ستنتهي الى طريق مسدود، فاما أن يتراجع عنها ترامب، أو أن تتراجع ايران عن مواقفها وسياستها.
ومن المستبعد جدا أن تتراجع ايران عن مواقفها وسياستها تجاه اسرائيل، كما أنه من المستبعد أن يتراجع ترامب خلال الفترة المتبقية من حكمه عن قرار الحظر والعقوبات ضد ايران، لذلك اذا تغيرت حكومته وجاءت حكومة جديدة فربما ستغير سياستها تجاه ايران، ولكن اذا استمر في الحكم وانتخب لفترة رئاسية ثانية فلامحالة من وقوع الحرب بين ايران والولايات المتحدة خاصة اذا اصر ترامب على فرض العقوبات واصطفت أوروبا الى جنبه وأحيل الملف الايراني الى مجلس الأمن الدولي.
ومن المؤكد أن الحرب اذا اندلعت فانها لن تقتصر على الحدود الايرانية وانما ستتسع دائرتها ومدياتها لأبعد ما يمكن تصوره، مما يعني أن المنطقة والعالم برمته سيكون على موعد لحرب مدمرة ومعارك وأعمال عنف هنا وهناك.
كل ذلك من أجل الحفاظ على اسرائيل ومجموعة من القتلة والارهابيين الذين لا يتورعون عن ارتكاب أية جريمة ضد كل من يعارضهم ويرفضهم، فيا ترى ما هو الثمن الذي تدفعه اسرائيل لتستحق تدمير دول باكملها وارتكاب المجازر ضد شعوب برمتها من أجل بقائها؟
كل المبررات والذرائع التي تسوقها الادارات الأميركية بما فيها ادارة ترامب لا ترقى الى قوة مبرر الدفاع عن اسرائيل وحمايتها، إلا أن الغريب في الأمر أن ترامب منذ انطلاق حملته الانتخابية وحتى اليوم يدعو الحكومات التي تحصل على الدعم الاميركي من اجل حمايتها الى دفع ثمن الحماية، وحتى انه حدد بالأسم والفترة التي تنهار فيها الحكومات اذا سحبت اميركا دعمها عنها، ولكنه لم يتحدث يوما عن اسرائيل وماهو الثمن الذي يتعين عليها دفعه لتبقى مقابل نضال الفلسطينيين وعداء كافة الشعوب العربية والاسلامية بل وأحرار العالم لها؟
هل لأن اسرائيل مستثناة عن الدفع أم أن ترامب لايحتاج لأموالها، أم أنها ترفض الدفع أم انها تدفع ثمن حمايتها، ولكن دفعها ليس علنيا، واذا كانت تدفع الثمن فهل هو مبلغ مالي أم غير مالي؟
ولست هنا بصدد اثبات أن اسرائيل تنهار في بضعة ايام لولا الدعم الاميركي، وانما اردت تسليط الضوء على الكوارث التي تحل بالمنطقة والمشاكل التي تعاني منها شعوبها نتيجة الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لاسرائيل.
غير انه لا يراودني أدنى شك أن اسرائيل ستنهار وتزول عن الوجود في فترة أقصاها شهر لو تخلت واشنطن عنها، لأنني على يقين أن كافة الشعوب العربية والاسلامية لديها الاستعداد الكامل للرد على الاذلال والاهانات والاساءات التي تمارسها اسرائيل ضد العرب والمسلمين سواء بتصريحات مسؤوليها أو الاعتداءات العسكرية على بلدانهم أو التآمر ضدهم أو الاهانات التي توجهها لمقدسات المسلمين في فلسطين أو ارتكاب المجازر ضد الفلسطينيين.
كل هذا الدعم الذي يقدمه ترامب لاسرائيل ولكنه لم يتحدث بتاتا عن الثمن الذي يتعين عليها دفعه لبقائها.
كاتب ايراني