Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

أمراء العرب .. والسباق نحو إسرائيل

نور الدين أبو لحية :

وأخيرا خلع أمراء العرب وملوكهم تلك الأقنعة الكاذبة التي كانوا يضحكون بها على المغفلين، ويصورون لهم أنهم رمز النخوة والشهامة والمروءة، وأنهم ورثوا شجاعة عنترة، وكرم حاتم، ونخوة الزير المهلهل، وأنهم أصحاب السيادة والمجد والسؤدد، وأنهم أولى برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من غيرهم من الشعوب.

لقد ضاعت كل تلك الكلمات في مرجل خياناتهم الذي تفوح روائحه النتنة كل حين.. وها هي اليوم قد بلغت أوجها، حيث صار الكل عبيدا أمام سيدهم الإسرائيلي والأمريكي والأوروبي، وتخلوا عن كل تلك الأوسمة التي كانوا يلبسونها زورا وبهتانا، ولبسوا بدلها نياشين الخيانة واللصوصية والإجرام.

كانوا سابقا ـ خوفا من شعوبهم أو حياء منهم ـ يديرون خياناتهم تحت الطاولات، وبعيدا عن الإعلام، ويحضرون معهم من رجال الدين من يمسح كل آثار جرائمهم، ويحضرون من رجال الفن، من يحول من جرائمهم المكتومة بطولات موهومة.

لكنهم اليوم تخلوا عن كل ذلك الحياء الذي كان يلبسهم عند ممارسة كل خيانة، وصاروا أصحاب جرأة وشجاعة وهمة، لأن شعوبهم لم تعد في مستوى التحدي، بل صارت لا تختلف عن ذلك الشعب الذي رباه فرعون على عينه؛ والذي قال تعالى يصفه: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ } [الزخرف: 54]

وكيف لا تكون كذلك، وهي التي كانت تطبل لضرب سوريا والعراق وليبيا وإثارة الفتن فيها، وهي التي كانت تغرد ضد كل الجيوش العربية، وتفرح لكل وابل من الصواريخ يسقط على أطفال اليمن.. لكنها اليوم، وبعد أن صار رؤساء الكيان الصهيوني المحتل ووزراؤه يزورون أراضيهم علانية بعد أن كانوا يزورونها سرا، ولا أحد يواجه، ولا أحد ينكر أو ينتقد، لأن أصواتهم بحّت وهي تحرض على الفتن، وعلى إبادة الجيوش العربية.

لست أدري ما أقول لتلك الشعوب التي يحكمها أولئك الملوك الأمراء، وهل يمكنني أن أحملهم جرائر ملوكهم وأمرائهم؟ وكيف لا يمكنني ذلك؟

وهل يمكن لشعب صاحب عقل أن يرى ملكه وهو يهدر كل ثروته، ويدفع منها مئات الملايير لأعدائه، ثم يقف ساكنا، لا ينبز ببنت شفة في نفس الوقت الذي فتح فمه بكل ألوان البذاءة عندما تعلق الأمر برؤساء دول أخرى، لم يفعلوا عشر ما فعله ملوكه وأمراؤه؟

وهل يمكن لشعب في هذا العالم المتطور أن يرضى باستبداد أسر مملوءة بالعفن تحكمه برغباتها وأهوائها، ثم يزعم بعد ذلك أنه إنسان حر، بل يزعم أنه أفضل الشعوب، وأنه يمثل خير أمة أخرجت للناس؟

لا يمكنني أن أجيب على هذه الأسئلة، ولكن هذه الصور التي تأتي كل حين عن زيارات رؤساء وملوك الصهاينة لإخوانهم في الإجرام العربي، إن لم تحرك ساكنهم، ولم يثر نخوتهم، ولم تستفز شهامتهم، فهذا لا يعني سوى شيء واحد، وهو أن هذه الشعوب مثل ملوكها وأمرائها ليست سوى أكذوبة، و{سَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} [النور: 39]

ولا أقول لهذه الشعوب سوى ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محذرا لهم من هذه الخنادق التي وضعوا أنفسهم فيها: (ويل للعرب من شر قد اقترب، فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا، ويمسى كافرا، يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل، المتمسك يومئذ بدينه، كالقابض على الجمر)([1])

———————–

([1]) البخاري 6 / 274 ، ومسلم رقم (2880) ، والترمذي رقم (2188)

نور الدين أبو لحية