المُتتبع للشأن، الإسرائيليّ، وتحديدًا بعد سنّ قانون القوميّة العنصريّ، الذي يُلغي غير اليهود من الأجندة السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، يُلاحِظ بالعين المُجردّة أنّ حكومة بنيامين نتنياهو أطلقت العنان لنفسها في تشريع القوانين التي تهدف تكتيكيًا إلى تضييق الحيّز الضيّق أصلاً على أصحاب الأرض الأصلانيين، أيْ الفلسطينيين الذين بقوا في موطنهم فلسطين، وليس في دولتهم إسرائيل، بعد النكبة المنكودة في العام 1948، أمّا على الصعيد الإستراتيجيّ، فإنّ المُخطّط الصهيونيّ، الذي لا يُخفيه أركان تل أبيب، يقضي بإفراغ إسرائيل، التي أٌقيمت على أنقاض الشعب العربيّ الفلسطينيّ، في أكبر وأخطر جريمةٍ في التاريخ، من الفلسطينيين، لتُصبٍح دولةً “نقيّةً” من العرب، وتتحوّل بدعمٍ من أمريكا، إلى الوطن القوميّ للشعب اليهوديّ.
ففي الفترة الأخيرة ارتفع منسوب التحريض ضدّ عرب الـ48 بشكلٍ غيرُ مسبوقٍ، وفي عيد الأضحى، أيْ قبل 10 أيّام تعرضّ ثلاثة شبان من مدينة شفاعمرو في الجليل الغربيّ، داخل ما يُطلَق عليه الخّط الأخضر، للينش (اعتداءٍ جماعيٍّ) على الشاطئ لكونهم عربًا، حيث استخدم اليهود العصي والسلاسل الحديديّة، وبأعجوبةٍ نجا الثلاثة من الموت بعد أنْ وصلت طواقم الإنقاذ إلى المكان، في حين استمرّ اللينش أكثر من نصف ساعةٍ ولم يتدّخل أحدًا في ذلك.
رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي حصل وبحّقٍ على لقب المُحرّض الأوّل ضدّ الفلسطينيين في دولة الاحتلال، ولا يترك مناسبّة إلّا وينفث سمومه الخبيثة ضدّهم، التزم الصمت المطبق حيّال الاعتداء الإجرامي على الشبان العرب من شفاعمرو، الأمر الذي يؤكّد المؤكّد بأنّ الرجل هو المُحرّك للعنصريّة في دولةٍ تسير بخطىً حثيثةٍ نحو الفاشية ونظام العزل العنصريّ، الأبرتهايد.
في هذا السياق يجب قراءة التحريض المنهجيّ والسافر على أعضاء القائمة المُشتركة في الكنيست، الذي أطلقه رئيس الوزراء نتنياهو والنواب اليهود من الأحزاب الصهيونيّة، بسبب قيام نوابٍ عربٍ بالاجتماع مع مسؤولين في الأمم المُتحدّة لعرض وجهة نظرهم في قضية قانون القوميّة العنصريّ، وطبعًا كان نتنياهو في مُقدّمة المُحرّضين، وانضمّ إليه وزراء من حكومته، الذين نعتوا النواب العرب بالطابور السادس، و”اقترحوا” عليهم الانتقال إلى البرلمان في غزّة.
على صلةٍ بما سلف، أطلقت النائبة اليمينية المتطرفة عن حزب الليكود عنات بيركو تصريحات عنصرية ضد النائب د. أحمد الطيبي، رئيس العربية للتغيير – القائمة المشتركة، وطالبت بطرد الطيبي من منصب نائب رئيس الكنيست وقالت: أحمد الطيبي عمِل لسنوات طويلة مستشارًا لياسر عرفات، ويتواصل حتى اليوم مع أعداء دولة إسرائيل في العالم بالرغم من أنّه يشغل منصب نائب رئيس الكنيست. من المفهوم ضمنًا بأن الحديث عن منصب رفيع المستوى لذلك آن الأوان للإطاحة بالطيبي من هذا المنصب، على حدّ تعبيرها.
وأضافت بركو قائلةً في بيانٍ رسميٍّ نشرته وسائل الإعلام العبريّة: القائمة المشتركة بكراهيتها لدولة إسرائيل لا تفوت أيّ فرصةٍ للعمل ضدّ دولة إسرائيل من على كلّ المنابر في العالم. جوازات السفر الدبلوماسية الإسرائيليّة التي يتمتع بها نواب المشتركة تستخدم للسفر والمشاركة في فعاليات ونشاطات حركة المُقاطعة BDS ضدّ إسرائيل، آن الأوان لسحب هذه الجوازات أيضًا.
واختتمت النائبة العنصريّة بيركو قائلةً: سأعمل بكل جهدي على الإطاحة بالنائب الطيبي من منصبه هو وكلّ من يعترض على قانون القومية ويعملون ضدّنا في الأمم المتحدة، ولا يكتفون بمحكمة العدل العليا وبالإضافة إلى ذلك، يجب المس برواتبهم، قالت النائبة بيركو.
وكان الإعلام العبريّ، ذكر أنّه من المقرر أنْ تقدم عضو الكنيست المتطرّفة من حزب (ليكود) الحاكِم، عينات بيركو، مشروع قانون عنصريٍّ جديدٍ بدعمٍ حكوميٍّ وتعهدات بتسريع إجراءات سنّه، بموجبه يتّم فرض عقوبة السجن على كلّ مَنْ يرفع خلال مظاهرة علم “دولةٍ مُعاديةٍ” لإسرائيل، أوْ علم هيئات “لا تُعتبر صديقة لإسرائيل”، مثل العلم الفلسطينيّ، حسب نص القانون الصهيوني المزعوم.
وبحسب المصادر السياسيّة في تل أبيب، شدّدّت صحيفة (هآرتس) العبريّة، جاء مشروع القانون الذي يُعتبر مبادرةً فرديّةً من قبل بيركو، بعد التظاهرة التي نظمتها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في تل أبيب، يوم الحادي عشر من شهر آب (أغسطس) الجاري، احتجاجًا على قانون القوميّة الفاشيّ، وخلال المُظاهرة تمّ رفع الأعلام الفلسطينيّة.
وكان رفع العلم الفلسطينيّ في المظاهرة المذكورة قد أثار حملة تحريضٍ واسعةٍ من قبل ساسة تل أبيب والإعلام العبريّ، حيث قاد الحملة رئيس الوزراء نتنياهو، الذي كتب على حسابه في موقع (تويتر) أنّ رفع العلم الفلسطينيّ في المظاهرة هو أفضل دليل على ضرورة تشريع قانون القوميّة، على حدّ تعبيره.