Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

العراق : نفط كردستان بين الغموض والانقطاع.. إلغاء اتفاق جيهان يربك الحسابات العراقية

يلف الغموض مصير نفط إقليم كردستان العراق، بعد أن ألغت تركيا اتفاق تصديره عبر أراضيها، ما دفع بغداد وأربيل إلى دائرة مأزق جديد في ظل انسداد المنافذ وغياب البدائل السريعة.

وأعلنت أنقرة رسمياً في 21 تموز/يوليو الجاري إلغاء الاتفاقية النفطية الموقعة مع العراق منذ عام 1973، التي كانت تتيح تصدير نفط الإقليم إلى ميناء جيهان التركي.

ونشرت الحكومة التركية القرار بمرسوم رئاسي في الجريدة الرسمية، مشيرة إلى رغبتها في “مرحلة جديدة أكثر توازنًا”، بعد أن تكبدت خسائر مالية جسيمة عقب حكم التحكيم الدولي لصالح بغداد.

وجاء القرار التركي ليجهض فعلياً الاتفاق الذي أبرمته الحكومة العراقية مع إقليم كردستان في نيسان الماضي، الذي نص على تسليم نفط الإقليم إلى شركة “سومو” تمهيدًا لإعادة التصدير عبر جيهان.

انتهاء صلاحية الاتفاقية

الخبير النفطي حمزة الجواهري قال إن “الاتفاقية النفطية مع تركيا كانت ستنتهي خلال أقل من عام، وقرار أنقرة بإلغائها يؤكد انتهاء صلاحيتها السياسية والفنية، خاصة مع غياب أي مؤشر على استئناف التصدير عبر هذا الخط خلال المدة المتبقية”.

وأكد الجواهري أن “العراق لا يحتاج فعلياً إلى خط جيهان، خصوصاً أن كلفة تصدير البرميل الواحد عبره تتراوح بين 17 و20 دولاراً، فيما تبلغ الكلفة عبر الخليج أقل من نصف دولار فقط”.

وأشار إلى أن “العراق على وشك اكتمال خطتين بحريتين في الجنوب ستتيحان تصدير 6 ملايين برميل يوميًا، فيما صادراتنا الحالية لا تتجاوز 3 ملايين بسبب اتفاق أوبك بلس، أي إننا لسنا بحاجة لأي منفذ إضافي في هذه المرحلة”.

وأوضح الجواهري أن “الحديث عن خط جيهان كمسار بديل في حال حدوث اضطرابات في الخليج لا يستند إلى معطيات حقيقية”.

وأكد أن “الخليج هو الممر الأكثر أماناً في العالم لتصدير النفط، ولم يتوقف منذ خمسين عاماً رغم كل الحروب والأزمات، بما في ذلك الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة، لأن هذا الممر جزء من الأمن القومي للولايات المتحدة وأوروبا وشرق آسيا”.

شركات أجنبية

ووفق بيانات إنتاج وتصدير سابقة، فإن الإقليم كان يضخ نحو 400 إلى 450 ألف برميل يومياً عبر أنبوب جيهان، معظمها من حقول خاضعة لشركات أجنبية خاصة، ما يعني أن استمرار توقف التصدير يهدد مستقبل تلك الشركات، ويقلّص فرص الاستثمار في القطاع النفطي داخل كردستان في المدى القريب.

وتؤكد مصادر نفطية أن الحكومة العراقية أصبحت في موقع صعب بعد أن قدّمت التزامات للإقليم وللشركات بموجب الاتفاق الأخير، لكنها لم تتمكن من تنفيذ الشق المرتبط بالتصدير، وهو ما قد يدفعها إلى تعويض مالي أو اتخاذ إجراءات بديلة لتسويق الكميات المنتجة محلياً، في حال استمرار إغلاق الخط.

أهداف أعمق

من جهته، يرى الباحث في المجال الاقتصادي سرمد الشمري أن قرار تركيا حمل بعداً استراتيجياً، وليس مجرد رد على حكم التحكيم، إذ تسعى أنقرة لإعادة رسم العلاقة الاقتصادية مع العراق وفق شروط جديدة، وهي تستفيد من حاجة بغداد إلى المنافذ، في حين لم تهيئ الحكومة العراقية نفسها لاحتمال كهذا رغم وضوح مؤشرات الخلاف منذ عام كامل.

فخ سياسي

وأوضح الشمري أن “الحكومة الاتحادية وقعت في فخ سياسي حين تعهدت للإقليم بإعادة التصدير دون أن تنتزع ضمانات مسبقة من تركيا، وهو ما قد يعيد إنتاج النزاع النفطي بين الطرفين”.

وحذر من أن استمرار الغموض قد يدفع شركات الطاقة إلى تقليص أعمالها في العراق ككل، وليس في كردستان فقط”.

ورغم الحديث عن بدائل كالتصدير عبر ميناء العقبة الأردني أو الشحن البري، فإن معظم هذه المسارات تفتقر إلى الجاهزية أو الجدوى التجارية، ما يعزز الرهان -وفق مختصين- على تعزيز المنافذ البحرية في البصرة كخيار مضمون ثابت للعراق خلال المرحلة المقبلة.