Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

القاهرة: محاولة لفهم «ما الذي تريده الرياض»… نقص معلومات من «النادي السعودي» وشغف «الاستشعار» مجدداً عبر السيسي

القدس العربي :

«أنيميا» في التواصل وشكوك في «الامتثال» و«رشاقة» بعد مصافحة خاتمي

بسام البدارين

عمان- «القدس العربي»: لماذا يضطر الأردن للتحدث مع الأطراف وليس المحور عندما يتعلق الامر بين الحين والآخر بالنادي السعودي الغامض واستراتيجيته تجاه قضايا المنطقة؟.
.. يبدو مثل هذا السؤال حيوياً ومفتوحاً على الاحتمالات السياسية عند بروز أي حاجة لتحليل وقراءة المستجد الإقليمي العربي الذي تطلب امس الأول قمة بأجندة فيها بعض الغموض او لم تعلن تفاصيلها بعد على المستوى الأردني والمصري الثنائي.
عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني توجه للقاهرة وحسب الخبر الرسمي في عمان عقد اجتماعاً مع الرئيس عبد الفتاح السيسي.
حسناً… يحصل ذلك بين عمان والقاهرة بين الحين والآخر لكنه يحصل لأول مرة مباشرة بعد مشاركة الأردن المحسوبة بدقة وزخم في قمة اسطنبول رغم انها الخصم الأبرز في الإقليم للقيادة المصرية. ويحصل بعد المصافحة التي الهبت التحليلات بين عاهل الأردن والرئيس الايراني حسن روحاني .
وبعد و «هذا الأهم» الرسالة الهاشمية الخاصة بمدينة القدس وحمايتها والوصاية عليها عشية قمة اسطنبول التركية في الوقت الذي نشرت فيه صورة شهيرة عشية شهر رمضان المبارك للزعماء الاربعة وهم ملك البحرين وولي عهد السعودية وولي عهد ابو ظبي والرئيس المصري بدون شقيقهم الأردني الخامس.
بين الحين والآخر تبرز أردنياً حالة نقص في المعلومات بالرغم من ان غرفة القرار الأردنية قد تكون الأكثر اطلاعاً قياساً بغيرها على ما يخطط له الأمريكيون والأكثر قدرة على فهم ما يحاول توظيفه الإسرائيليون.
بعيداً عن لغة التشاور الثنائي بين القيادتين وكلاسيكيات نصوص الاخبار الرسمية بعنوان البحث في مستجدات المنطقة يمكن القول إن المناورة الأردنية الرمضانية مع مصر قد تشبه تلك التي حصلت العام الماضي مع ملك البحرين حيث اتجهت عمان آنذاك للمنامة في محاولة لفهم ما الذي تريده الرياض.
لا توجد قرائن وأدلة تستوجب الحديث عن حالة ثنائية على المستوى المصري والأردني تطلبت لقاء قمة تشاورياً. وقد تتوفر قرائن على ان نقص المعلومات من الشريك السعودي اللفظي وحليفه الإماراتي هي المسالة التي يمكن اعتبارها بمثابة دافع لكي تتحرك محطات استشعار الأردن على أمل الفهم والاقتراب وخدمة صالح النظام الرسمي العربي او بقاياه.
يبذل الأردن جهداً مضاعفاً للحفاظ على هيكل الجامعة العربية وإن كان يحتفظ بانزعاجه رسمياً وسياسياً من مسألتين الأولى هي الدور السلبي للنزاعات الخليجية الداخلية والاستعصاء السعودي في المصالحة مع قطر، والثانية هي نظام الأولويات عند الشركاء العرب سواء في أبو ظبي أو القاهرة أو الرياض وهو نظام قيل علناً بأنه لا يأخذ بالاعتبار المصالح الأردنية.

مصافحة

عموماً ما يمكن قوله إن الأردن يستشعر مجدداً وكما حصل مع المنامة سابقاً لكن في القاهرة وعبرها اليوم وهي قرينة قد تدلل في مؤشرات حيوية على استمرار وجود شكل من أشكال القطيعة المعلوماتية أو عدم الانسياب في تداول المعلومات تحديدا مع مركز القرار السعودي حيث يكشف مصدر حكومي هنا عن ضعف شديد في المشاورات وتقلص أشد في الاتصالات.
يقدر الأردنيون بأن مصافحتهم مع الرئيس خاتمي قد لا تعجب الأمير محمد بن سلمان وبأن تمسكهم بالوصاية على القدس واعتبارها شأناً عائلياً هاشمياً قد تفسره مواقع التطرف في التفكير السعودي باعتباره مناكفة للأمير الشاب وهو الامر الذي يبرر ظاهرة يلمسها السياسيون الأردنيون وتتمثل في أن «الذباب الإلكتروني» المدافع عن الأمير بن سلمان بالعادة يخصص بعض الوقت بين الحين والآخر لمناكفة عمان والشغب عليها.

الفرصة

كما تقدر دوائر القرار العميقة بان الفرصة قد لا تكون متاحة لأن تحظى عمان ولأسباب متنوعة ومتعددة بمكانة المنامة والقاهرة في خارطة الأولويات السعودية لا على مستوى المساعدة المالية ولا في السياق الاستراتيجي لأن العاصمة الأردنية هنا تقر بأن وزنها الاستراتيجي الخليجي والسعودي تعرض لبعض «الانيميا» الاتصالية مؤخراً بعدما فتحت كل قنوات تبادل المنفعة والانتهازية السياسية بين طاقم محمد بن سلمان ومكتب بنيامين نتنياهو.
وأيضاً لأن عمان لا تنفي مأزقها الاستراتيجي المستجد المتمثل بفقدان تأثيرها الساحر القديم في العمق الأمريكي وبالتالي لم يعد الشريك السعودي ومن يتبعه بحاجة إلى قنوات أردنية مع أمريكا وإسرائيل فالمصري هنا تحديداً موجود وجاهز وممتثل والأردني موجود وجاهز ومعني لكن نسبة الامتثال لديه قيد الشك.
بمعنى آخر سياسياً تتحرك محطة الاستشعار باتجاه السيسي ليس فقط في إطار نقص المعلومات ولكن في إطار إظهار حسن النوايا مجدداً والبقاء على اتصال بعد مناورات قمة إسطنبول الأخيرة مع النادي السعودي وان كان عبر الأطراف وليس المحور فتلك رشاقة دبلوماسية وسياسية أردنية يألفها الجميع وتنطلق أصلاً من الحرص الوطني والملكي على حماية مصالح الأردنيين.
لكن التباين او ضعف التشاور موجود بكل الأحوال وأسبابه قد تكون اصبحت مفهومة لان الناطق الرسمي الأردني الدكتور محمد المومني وفي آخر تصريحاته تحدث بصيغة تقترب من «الله وحده يعلم كم يتحمل الأردن ضغوطاً بسبب مواقفه المبدئية».
قالها أيضاً رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة علناً وعند أي محاولة للفهم والاستدراك يمكن الاستنتاج بان الضغط المشار إليه أمريكي وإسرائيلي أولاً وقد يكون عربياً وسعودياً ثانياً.
والمساحة المفترضة قد تتمثل في دور الأردن في مسألة القدس تحديداً وإن كان مثل هذا الطرح يخدم في الأجندة المحلية الأردنية بالتوازي لأن تذمر وشكوى الحكومة والحديث عن مبادئ تدفع المملكة ثمنها لهجة تدعو ضمنياً الشارع الأردني للصبر على التداعيات الخشنة لما يسمى بخطة الإصلاح الاقتصادي.