الناصرة – “رأي اليوم” :
الليلة الثالثة من القصف الصاروخيّ الإيرانيّ على العمق الإسرائيليّ كانت داميةً جدًا، قتلى وجرحى ومفقودين وإصاباتٍ بالغةٍ في مراكز مدنيّةٍ وعسكريّةٍ، منعت الرقابة العسكريّة نشر أماكن تواجدها، وقضى ملايين الإسرائيليين ليلتهم في الملاجئ والغرف المحصنّة، وهو ما أكّده المُحلِّل العسكريّ لصحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هرئيل، الذي قال وفصل إنّ العمق الإسرائيليّ يتعرّض لضرباتٍ قاصمةٍ وغيرُ مسبوقةٍ.
وأوضح هرئيل، الذي اعتمد على محافل وازنةٍ بالمؤسسة الأمنيّة، أنّ جيش الاحتلال يُركّز جُلّ جهوده لتوجيه ضرباتٍ موجعةٍ لإيران، وحتى اللحظة نجح في اغتيال قادة وعلماء إيرانيين، ولكن في الوقت عينه، أضاف، فإنّ الإيرانيين لا يخشون من توجيه صواريخهم الفتاكّة نحو أهداف عسكريّةٍ ومدنيّةٍ في عمق دولة الاحتلال، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ محاولات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو جرّ الولايات المُتحدّة للمعركة تُواجَه بإجاباتٍ غيرُ مفهومةٍ، لا بلْ متناقضة، من قبل الرئيس دونالد ترامب.
دروكر أضاف، أنّ صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكيّة أكّدت في تقريرٍ لها أنّ القيادة العامّة للجيش الإسرائيليّ في تل أبيب أصيبت إصابةً مباشرةً، بالإضافة إلى إصابة مصانع تكرير البترول في حيفا ومعهد الأبحاث السريّ في مدينة رحوفوت.
إلى ذلك، تحفّظ قادة جيش الاحتلال الإسرائيليّ من تصريحات وزير الأمن، إسرائيل كاتس، الذي كان قد أكّد أنّ بلاده ستقوم بإشعال العاصمة الإيرانيّة طهران، ونقلت (يديعوت أحرونوت) عنهم قولهم إنّه الآن يجب التركيز على تحقيق الأهداف التي تمّ الإعداد لها بصورةٍ منطقيّةٍ، بشكلٍ لا يؤدّي إلى زيادة التهديد القائم على العمق الإسرائيليّ، بالإضافة إلى الحفاظ على طياري سلاح الجوّ الذين يعملون في الأجواء الإيرانيّة، على حدّ تعبيرهم.
وأضاف الموقع العبريّ، نقلاً عن المصادر ذاتها، أنّ طهران تمتلك صواريخ بزنة طنٍّ لكلّ صاروخٍ، بالإضافة إلى صواريخ (كروز) المتطورّة، والتي من الصعب على الدفاعات الجويّة التقاطها قبل سقوطها، بالإضافة إلى ذلك، أوضحت مصادر في الجيش الإسرائيليّ، أنّ إيران تمتلك صناعات عسكريّة متطوّرة جدًا، الأمر الذي دفع سلاح الجوّ الإسرائيليّ قبل عدّة أشهرٍ لإقامة وحدةٍ خاصّةٍ لمتابعة ومواكبة هذه الصناعات، من أجل التعامل معها في اللحظات المصيريّة، طبقًا للمصادر في الاحتلال.
في السياق، قال المحلّل العسكري في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هرئيل، إنّه “على الرغم ممّ بدا أنّه دعم واسع في القرار من كبار المؤسسة الأمنية، فإنّ الدخول في الحرب يتوقع أنْ يثير جدلًا حادًا في الشارع الإسرائيليّ، وكثير من الإسرائيليين لا يثقون باعتبارات نتنياهو، ويشتبهون بأنّه في قرارات وجودية، الدافع الرئيسي له هو البقاء السياسي. حتى بشأن اعتبارات ترامب، تحوم الشكوك والتساؤلات. الحماس للنتائج قد يتحوّل إلى شكوك متزايدة في الشارع في ظلّ التكاليف المحتملة التي قد تتحملها إسرائيل، خصوصًا إذا امتدت الحرب.”
ورأى هرئيل أنّ “هناك مشكلة أخرى: في السنوات الأخيرة، قامت إيران بتوزيع المواقع وأجهزة الطرد المركزي التي طورتها في مواقع متعددة، بعضها محمي جيدًا تحت الأرض. فرصة إصابة كاملة للقدرات تبدو ضئيلة. وأكثر من ذلك: جزء كبير من المشروع يعتمد على المعرفة المهنية التي اكتسبها الإيرانيون، وقد حققت تقدمًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. سيتوجّب على إسرائيل والولايات المتحدة أنْ يأخذا في الاعتبار احتمال أنّ النظام قد يحاول إعادة تنشيط البرنامج، وربّما للمرة الأولى يستهدف الوصول إلى الهدف النهائي الذي تم تجنّب الوصول إليه حتى الآن، تصنيع القنبلة”.