مستويات محسوبة من “العتاب المصري” برزت خلال الأسبوع الماضي على هامش نقاشات واتصالات تنسيقية بين الأردن ومصر على خلفية تولد شعور لدى الجهات المصرية الرسمية بأن حديث الوفد الأردني الذي زار واشنطن قبل نحو 10 أيام عن “إنتظار رؤية مصرية منسقة” بخصوص الرد على إقتراحات” التهجير” انطوى على تسليط “ضوء كبير” لم يتفق عليه بعد على ما يسمى بـ”الرؤية المصرية”.
وعاتب مسؤولون مصريون نظار لهم بارزون في الخارجية الأردنية من أن الحديث إعلاميا عن “المقترح المصري” انطوى على “استباق للأمور” ونتج عنه “ضغط إضافي” على مصر وتحميلها مسبقا مسؤولية الخروج بـ”وصفة عربية”.
وما يبدو عليه الأمر حتى ظهر الجمعة أن “الوصفة” أو “الطبخة العربية” لم تنضج بعد ولم يحصل حولها مشاورات مؤكدة فيما يقول الجانب المصري بأنه لا يزال يتقدم بمسودة تصور أشمل لليوم التالي في غزة ويجري إتصالات مع المعنيين خصوصا في الجانب الفلسطيني.
لذلك ولأن التصور المصري لم ينضج بعد يعتقد أن صيغة الاجتماع الخماسي الذي دعا له الأمير ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الجمعة بدت “مثيرة وغامضة” خصوصا وأن البيان السعودي الرسمي تحدث عن “لقاء أخوي غير رسمي” دون تفسير الخلفيات والمسوغات والأهداف مع أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أعلن في واشنطن عن “لقاء سيُعقد في الرياض” ضمن خطوات التقدم بـ”رد عربي” تحت ضغط ملح من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فكرته كانت “ترفضون اقتراحات أمريكا.. حسنا أعطونا اقتراحاتكم”.
وصف دبلوماسي غربي صيغة الإعلان السعودي عن “القمة الخماسية” والقائلة بـ”لقاء أخوي غير رسمي” بأنها مباغتة وغير مسبوقة ويسعى مسبقا الأمير بن سلمان عبرها لسحب “المصادقة الرسمية” للزعماء العرب على أي نقاشات ستجري.
يحتفظ الأمير السعودي بأجندة غامضة لاجتماعه الخماسي الأخوي الذي دعا إليه قادة دول الخليج والعاهل الأردني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لكنه تجنب في واحدة من المفاجآت غير المبررة دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأمر الذي أثار تساؤلات حتى في رام الله حيث بادر مسؤولون في السلطة للاستفسار من قيادات مصرية عن ألغاز استبعاد عباس عن لقاء الرياض.
وكان القيادي الفلسطيني البارز حسين الشيخ قد زار الرياض مؤخرا وتردد أنه ناقش بصراحة الوضع الفلسطيني وخيارات عباس مع مسؤولين بارزين في الجانب السعودي معتقدا بأنه لن يندفع لإجراء مصالحة فلسطينية داخلية ما دام على قيد الحياة لأنه يؤمن بأن فصائل المقاومة تآمرت عليه وأجهضت مشروعه وأضعفت السلطة.
“همسة” الشيخ في الأذن السعودية قد يكون لها أثر.
ويبدو في السياق أن ولي العهد السعودي يريد عبر صيغة “لقاء أخوي غير رسمي” بينما تم الإعلان سابقا عن “لقاء رسمي” تجنب الإحراج مع بقية الزعماء العرب في قمة القاهرة وخطط لتفصيل لقاء تشاوري لا يتضمن التقدم بـ”خطة محددة” للجانب الأمريكي الذي يضغط على السعودية بإتجاه قيادة “تصور عربي” لمستقبل غزة خاليا من “حركة حماس”.
وسألت شخصيات عربية عن أسباب حرص الجانب السعودي على لقاء أخوي غير رسمي مع الاردن ومصر بحضور “دول النادي الخليجي” فقط والجواب الذي تلقّته أن بن سلمان يريد إبعاد الإعلام وحشر “الاجتهادات الإماراتية” التي تغرد “خارج السرب” منفردة مع “اليمين الإسرائيلي” والأمريكي خلافا لإظهار “زعامة السعودية” للنادي الخليجي والاستعانة بسلطنة عُمان وقطر وكلاهما على اتصال جوهري وعميق بتركيا وإيران.