"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

الجماعات الوظيفية …اين الذين كانوا ينادون بالجهاد في سوريا

الجماعات الإسلامية الوظيفية

بقلم : أحمد طه :

الجماعة الوظيفية: هي الجماعة التي أُنشأت لتؤدي وظيفة ما، ويكون الذي أنشأها حدد لها (الغاية) و(نطاق العمل) و(الشكل الخارجي) ويكون هدفها الرئيس أن “تشوش” على الجماعات والحركات الأخرى الصادقة، أو تكون “بديلاً” عنها، فيكون أمرها بين الخبال، والإفساد لصفوف الصادقين.

ولقد وجد المحتل في الجماعات الوظيفية أنها خير بديل عنه، وأنكى سلاح يُوجه لخصومه، وأسهل طريقة لنزع الشرعية أو قطع الطريق على غاية الخصوم.

وبعد الحرب العالمية الأولى، وسقوط الدولة العثمانية.. تحولت أنظمة الحكم في العالم الإسلامي إلى مجرد “أنظمة وظيفية” تؤدي عن المحتل دوره ومهامه، وتأخذ أجرتها على ذلك العمل – مثل السيد والعبد – في مقابل حماية هذه الأنظمة من السقوط بالقوة العسكرية والسياسية والاقتصادية.

وفي الحركة الإسلامية التي تريد عودة الإسلام إلى دفة التوجيه والحكم والقيادة، وتحرير الأمة من سلطان المحتل وموظفيه.. نشأت الجماعات الوظيفية التي تقطع الطريق على هذا الهدف بكل وسيلة، فنشأت الجماعات الإسلامية الوظيفية في (الدعوة)، و(السياسة)، و(الجهاد).

في الدعوة: كان هدف الجماعات الإسلامية الوظيفية هو قطع الطريق على الفكر التغييري الثوري الفعال الذي يستنهض وعي المسلمين، ويرفع درجة مسؤوليتهم تجاه قضايا الأمة المصيرية، فجاءت الجماعات الوظيفية لتدخل بالشباب في أتون معارك فقهية تافهة، وقضايا عفى عليها الزمن، وتستهلك طاقاتهم، وتستلب عقولهم، وتأخذهم في التيه باسم الدين، أو المنهج، أو التربية، أو التنقية… إلخ.

في السياسة: كان هدف الجماعات الإسلامية الوظيفية هو إحدى أمرين: تكفير من يتعاطى مع الشأن السياسي، وتحويل الأمر إلى معارك فقهية حول مشروعية هذا الأمر، وتكفير من يشتبك مع الأنظمة الحاكمة، أو هو الدخول في الشأن السياسي ليس لإصلاح أمور المسلمين، أو منع البغي والإفساد في الأرض، ولكن للوقوف بجانب السلطة والأنظمة الحاكمة، وإضفاء الشرعية الدينية عليها، وتفتيت صفوف المسلمين الممارسين للشأن السياسي، وتشغل المسلمين بأنفسهم بدلاً عن الانشغال بالمجرمين وعصابات المافيا التي تحكمهم.

في الجهاد: كان هدف الجماعات الإسلامية الوظيفية هو نفسه في الشأن السياسي، إفساد ذات البين، وتحويل دفة القتال من قتال المحتل أو الباغي إلى قتال بعضهم بعضاً، وإفساد العمل الجهادي، وتشويه سمعته، وتخذيل الأمة عن جدوى أمره، وحتمية فشله. فيكونون عامل تفريق، وإثارة للفتن، ثم نكتشف بعد ذلك أنهم كانوا مجرد خدم للطغاة، رغم زعمهم رفع راية الجهاد، والإسلام، والشرع.

وإن أردنا ضرب الأمثلة على ذلك للتوضيح فنجد مثلاً ( حسب الظاهر لنا ):

في شأن الدعوة: كانت “الدعوة السلفية” بمصر هدفها ( الوظيفي ) هو قطع الطريق على أي فكر ثوري إسلامي، أو تغييري حقيقي، والدخول بالشباب إلى متاهات عقدية وفقهية لا تنتهي، لتكون هي “وسادة الأمان” للأنظمة الحاكمة.. وكان هدفها ( الدعوي ) التزام الشباب، والاهتمام بالصلاة، والنقاب والاحتشام، وقراءة القرآن.. وهذا فضل عظيم لا ينكره أحد.

وفي شأن السياسة: كان “حزب النور” بمصر هدفه ( الوظيفي ) هو قطع الطريق على أي مرشح مسلم صادق في أمر الشريعة ونظيف اليد، فقطعوا الطريق على مثل الأستاذ الشيخ حازم أبو إسماعيل – فك الله أسره – وأوغلوا صدور الشباب منه رغم ما قدمه من جهد في خدمة مشروع الشريعة، وكذلك استخدامهم كواجهة للأنظمة الباغية لتدل على أنها لا تعادي الدين، وتسمح للأحزاب الإسلامية بممارسة العمل السياسي، لترسيخ الدجل والوهم في عقول الشباب.

وفي شأن الجهاد: كان دور بعض الجماعات المقاتلة هو إفساد أي محاولة لتوحيد راية الجهاد – كما حصل في سوريا من بعض المجموعات القتالية، وليبيا “سلفية حفتر” – وخلخلة الصفوف، وتحويل الصراع مع الأنظمة الباغية والمحتل إلى صراعات بينية، لا بد وأن تنتهي بفشل المشروع الجهادي برمته، واليأس من مشروع الجهاد، والاستسلام للباطل والظلم، بل وحماية الطغاة والبغاة، لأنهم في حقيقة الأمر ليسوا بمجاهدين، إنما مرتزقة تأتمر بأمر الممول.

والجماعات الإسلامية الوظيفية هي مجرد “أجير مطيع” للراعي الذي لا بد وأن يدفع بسخاء، ولعل أنظمة الحكم في الخليج هي التي ترعى هذه الجماعات الإسلامية الوظيفية، وتوجهها الوجهة التي تريد، وتفسد بها شأن الدعوة والسياسة والجهاد. ولكم أفسدت، وضيعت على المسلمين الفرص في الخلاص من هذا الطغيان والعدوان.

وكثر من الشباب المنتسب لهذه الجماعات الوظيفية لا يدري حقيقة أمر جماعته، إنه يظن أنه يعمل لصالح الإسلام والمسلمين، وهناك من يكتشف الحقيقة ويمضي في طريق الدجل لارتباطه المادي والمعنوي بجماعته، وهناك من يكتشف الحقيقة فينكسر وينحرف ! وسبحان من جعل الأعمال بالنيات، ويضع – يوم القيامة – موازين القسط لكل إنسان، فلا تُظلم نفس شيئا.

وهناك فرق بين “الجماعات الإسلامية الوظيفية”، وبين أخطاء وانحرافات وأمراض الجماعات الإسلامية الحقيقية، فروق دقيقة نعم، وقد لا يميز بينها البعض، لكنها جوهرية النية والقيمة، فلا شك أن هناك أخطاء وكوارث فكرية وحركية للجماعات الإسلامية الحقيقية – وقد سبق نقاشها تفصيلاً في كتاب: “انحرافات في الحركة الإسلامية” – إلا أنها رغم الأخطاء لم تكن عميلة، ولم تكن تؤدي وظيفة لغيرها، بل لها مشروعاتها الذاتية، ورغبتها الحقيقية في التحرير والإصلاح، بعكس الجماعات الوظيفية التي لا تنشط إلا لقطع الطريق على المسلمين في التغيير والثورة والإصلاح، فإذا انكسر المسلمون – لا قدر الله –  اختفوا، أو تم توقيف نشاطهم بالريموت كنترول، مثلهم مثل العلمانيون لا ينشطون إلا في حالة الحراك الإسلامي الحقيقي- باستثناء بعض الصادقين منهم – ويختفون ويطمئنون عندما تكون العسكرية العلمانية والمجرمة على سدة الحكم، فإذا تحرك المسلمون ووجدوا فرصة ما، انطلقت الكلاب تعوي، وتفتن المسلمين وبسطاء الناس عن طرق الخير والفلاح!!

*   *   *

والفرق بين الجماعات الإسلامية الحقيقية، والوظيفية هو أن الأولى هدفها الرئيس هو: “عودة الإسلام إلى الحياة مرة أخرى، ليتولى شرعه دفة الحكم والتوجيه والقيادة والتربية والفكر والثقافة” و” تحرير الأمة من الأنظمة الباغية الفاسدة المفسدة، وتحريرها من المحتل الأجنبي ومن هيمنته” بينما تقف الجماعات الوظيفية بالمرصاد أمام هذين الهدفين مستغلة “الدين” ذاته لتشتيت الجهود، وإفساد الأهداف، وإرباك الصفوف، ونشر الفتنة !!.

وأخطر ما تواجهه جماعة تعمل للإسلام هو هذه الجماعات الوظيفية، فهي أخطر من العدو المباشر.. فهي تملك نفس الراية والشعارات والخطاب الذي تملكه الجماعات الحقيقية، ومن ثم تستطيع خداع المسلمين البسطاء الذي لا يستطيعون التمييز بينهما، ولكن لا مناص عن الصبر والمواجهة الحكيمة والصبورة مع مثل هؤلاء، واحتواء خطابهم، وكشف دجلهم بشكل مستمر، بأسلوب راقي الخطاب، محكم المنهج، متتابع الخطوات، ويا لها من مهمة عظيمة وشاقة، ولكن أجرها عند الله عظيم.. وأما من استغل الدين ليفسد به عمل المصلحين، فويل له من عذاب مهين بما صد عن سبيل الله كثيراً.

كتبها/ أحمد طه

رابط :

https://ommaty1401.blogspot.com/2017/05/blog-post.html?m=1

إقرأ أيضا :

*كتب أحدهم* :
أ‏سئلة عابرة لا اكثر .. !

ياترى اين الثوار السوريين الاحرار والمقاتلين الشاميين الاشداء والمناضلين العرب الوطنيين ، اين التحدي والتوعد والحماس والغيرة والحمية والعروبة والوطنية التي رأيناها عندما كان العدو ” بشار” ، ولماذا توقف كل ذلك فجأة عندما اصبح العدو “نتنياهو” ؟

اين العرعور والعريفي والقرني ، اين العلماء والفتاوى وتحليل الدماء والتدريب على الذبح والقتل والتفجير والدعوة للقتال في سبيل الله والحفاظ على السُنة الشريفة وحفظ اعراض الصحابة الكرام ، اين الجنة وحور العين وانهار العسل واللبن والخمر ، لماذا توقف التحشيد بإسم الدين من كل بقاع الارض لنصرة اخواننا في “غزة” ، كما دعيتم كل انسان على وجه الارض سابقاً لنصرة الثوار في “سوريا” ؟

اين الدعم الدولي والأمريكي والاوربي والتركي وغيره اللا محدود بالمال والسلاح والعتاد والغذاء والمعدات وكل ذلك السخاء والكرم للمعارضة السورية لنصرة اخواننا في غزة وتحرير “فلسطين”، كما فعلوا لدعم المعارضة للإطاحة ببشار وتحرير ” سوريا” ؟

اين التغطية الاعلامية الإ سلامية و العربية والعالمية المتواصلة وإنتاج الالآف من المقاطع والافلام والوثائقيات والحملات الاعلامية الدرامية والانسانية التي فضحت جرائم ” بشار” حسب وصفكم ، ولماذا توقفت وتبخر كل ذلك الزخم والنشاط عندما بدأ “نتنياهو” بارتكاب المجازر والجرائم امام العالم في فلسطين ولبنان ؟!

ولماذا نرى اليوم ان كل من وقف مع الثورة السورية ضد بشار يقف اليوم في صف نتنياهو وإسرائيل بغض النظر عن المبررات ؟ وماذا لو نججت الثورة السورية وتمت فعلاً الاطاحة ببشار ، على من سيوجه ثوار سوريا سلاحهم وهم الذين يشكرون نتياهو بعد كل جريمة في حرب غزة ؟! … *انتهى*