"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

8 من علامات للساعة الصغرى فشت بين الناس 

وهنا سنسلط الضوء على علامات كثيرة نبأنا بها رسول الله صلى الله عليه و و آله و سلم نعيشها واقعًا عيانًا في وقتنا الحاضر لندرك أن باجتماع أغلبها في عصرنا فإننا على مشارف النهاية لهذه الرحلة الدنيوية التي نُمتحن فيها.

1-إسناد الأمر إلى غير أهله

لعل من أبرز أشراط الساعة إسناد الأمر إلى غير أهله، ففي صحيح البخاري قال صلى الله عليه وسلم:

“إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة”.

وهذه حالة يئن لها ضمير الصادقين الباغين مصلحة أمتهم حين يشهدون رفعة أسافل الناس وتهميش أرفعهم…

2-اختلال المقاييس

لقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن المقاييس التي يقوم بها الرجال تختل قبل قيام الساعة، وقد أخرج الإمام أحمد وابن ماجة والحاكم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة)، قيل: وما الرويبضة؟ قال: (الرجل التافه يتكلم في أمر العامة)

وفي الصحيحين عن حذيفة رضي الله عنه فيما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم:

“حتى يقال للرجل: ما أجلده! ما أظرفه! ما أعقله! وما في قلبه مثقال حبة من خردل من أيمان”!

وقد روى الإمام عبد الله بن المبارك بسنده عن أبي أمية الجمحي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“إن من أشراط السَّاعة ثلاثًا: إحداهن: أن يلتمس العلم عند الأصاغر…”.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“يكون في آخر الزمان دجالون كذابون، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لا يضلونكم ولا يفتنونكم”

كما جاء في مسند أحمد حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم:

“إن بين يدي السَّاعة: …. شهادة الزور، وكتمان شهادة الحق”.

وفي الحديث القدسي الصحيح:

“لك أجر الصحابة الذين هاجروا، أن تعبد الله في زمن الفتن، في زمن أن يكذب الصادق، وأن يصدق الكذوب، أن يؤتمن الخائن، أن يخون الأمين، في زمن الأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف، في زمن أن يصبح المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، في زمن النساء الكاسيات العاريات، المائلات المميلات، الملعونات في هذا الزمن”

فمن لم يشهد هذه الأسقام اليوم بين الناس…؟!

3-الفساد بين الناس

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما نقله صحيح البخاري:

“ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف”

وقال صلى الله عليه وسلم:

“لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون قبلها شبراً بشبر، وذراعاً بذراع”، قيل له: يا رسول الله، كفارس والروم، قال: من الناس إلا أولئك. وفي رواية عن أبي سعيد: قلنا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: “فمن؟!”.

وها نحن اليوم نبصر شريحة كبيرة من المسلمين يتبعون الغرب في كل شيء ولو دخلوا جحر الضب لدخلوه، وحين نتأمل الجفوة التي تفشت بين جموع المسلمين-إلا لمصلحة-ندرك معنى حديث ابن مسعود الذي رواه أحمد؛ حين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“إن من أشراط السَّاعة أن يسلم الرجل على الرجل، لا يسلم عليه إلا للمعرفة”.

وفي مسند أحمد عن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السَّاعة؟ فقال:

“علمها عند ربي، لا يجليها لوقتها إلا هو، ولكن أخبركم بمشارطها، وما يكون بين يديها، إن بين يديها فتنة وهرجًا”. قالوا: يا رسول الله! الفتنة قد عرفناها فالهرج ما هو؟ قال: “بلسان الحبشة: القتل. ويلقى بين الناس التناكر، فلا يكاد أحد أن يعرف أحدًا”.

فوقوع التناكر يكون عند كثرة الفتن فيحكم الناس المصالح وحظوظ النفس؛ وتنتشر بينهم الأنانية البغيضة، فتتلاشى القيم الأخلاقية وتتبدد الأخوة الإيمانية ويندثر الحب في الله، والتعاون على البر والتقوى تدريجيا كلما طغت الأهواء وحب الدنيا.

4-الموت

وهذا ما نبأنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول في الحديث المتفق عليه:

“إن بين يدي الساعة لأيامًا ينزل فيها الجهل ويرتفع العلم ويكثر فيها الهرج، والهرج القتل”.

وها نحن في كل يوم نرى أعداد القتلى تتناقلها الأخبار فيتجاوز الإحصاء الآلاف من القتلى، ولا يعجب له أحد! وعن أنس بن مالك رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال:

“إن من أمارات السَّاعة…. أن يظهر موت الفجأة”

وهذا ما يُسمى السكتة القلبية وكذلك الجلطات التي تؤدي للموت المفاجئ.

5-الفتن

وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة. فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

“إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقًا عليه أن يدلُّ أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء الفتنة، فيرقق بعضها بعضًا، وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه، هذه…. فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة؛ فلتأتِه منيته، وهو يؤمن بالله واليوم الآخر”.

وهذه من أشراط السَّاعة ظهور الفتن العظيمة التي يلتبس فيها الحق بالباطل، فتزلزل الإيمان ويتغير الحال من إيمان إلى كفر ومن كفر إلى إيمان بين اليوم والآخر، ويجدر الإشارة إلى أن أكثر الفتن التي ظهرت في المسلمين كان منبعها من المشرق، من حيث يطلع قرن الشيطان، وهذا مطابق لما أخبر به نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم  كما جاء في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق يقول:

“ألا  إن الفتنة ها هنا، ألا إن الفتنة ها هنا، من حيث يطلع قرن الشيطان” رواه الشيخان،

وعن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: دعا النبي صلى الله عليه وسلم :

“اللهم بارك لنا في  صاعنا ومدنا، وبارك لنا في شامنا ويمننا”. فقال رجل من القوم: يا نبي الله! وفي عراقنا. قال: “إن بها قرن الشيطان، وتهيج الفتن، وإن الجفاء بالمشرق” رواه الطبراني، ورواته ثقات

والذي ظهر بابالمشرق الدعوة الوهابية التكفيرية التي يعاني منها العالم أجمع الآن وتحسدت في صورة داعس ( Isis)

6-المال الحرام

إننا نعيش اليوم في عصر أصبحت فيه الربا منقبة، وانتشاره بين الناس عادة محببة، وعدم المبالاة بأكل الحرام دهاء ومكرمة، فقد روى الطبراني الحديث عن ابن مسعود رض الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

“بين يدي السَّاعة يظهر الربا”.

وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال، أمن حلال أم من حرام”.

7-التطاول في البنيان

وفي حديث عمر رضي الله عنه في إجابة عن سؤال عن أمارات الساعة. قال:

«أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العَالَةَ رعَاءَ الشَّاءِ يتطاولون في البنيان»

8-الكوارث في الأرض

ومما ثبت من أشراط، ما جاء في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“لا تقوم السَّاعة حتى تكثر الزلازل”.

وروى الترمذي عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف”. فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله! ومتى ذلك؟ قال: “إذا ظهرت القيان والمعازف، وشربت الخمور”.

وإذا كان المسخ يحتمل أن يكون معنويًا أيضا؛ فإن كثيرًا من المستحلين للمعاصي قد مسخت قلوبهم، فأصبحوا لا يفرقون بين الحلال والحرام.

علامات تفشت

وقال صلى الله عليه وسلم:

(إن من أشراط الساعة أن يفيض المال، ويكثر الجهل، وتظهر الفتن وتفشو التجارة) رواه النسائي والحاكم.

وللبخاري في الأدب المفرد وأحمد عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم:

(إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان شهادة الحق، وظهور القلم).

وروى الإمام أحمد والحاكم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“لا تقوم السَّاعة حتى يظهر الفحش، والتفاحش، وقطيعة الرحم، وسوء المجاورة”.

وفي مسند أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد؛ كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة”.

وروى الطبراني عن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

“لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا يزداد الناس إلا شحًا”.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه؛ قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول:

“إن من أشراط السَّاعة أن يمر الرجل بالمسجد؛ لا يصلي فيه ركعتين” (صحيح ابن خزيمة).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(يخرج في هذه الأمة في آخر الزمان رجال معهم أسياط كأنها أذناب البقر يغدون في سخط الله ويروحون في غضبه) (السلسلة الصحيحة).

وقد شهدت الأرض في بعض زواياها من شدة البؤس على معظم الناس ما قاله عليه الصلاة والسلام:

(ولا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل يقول: يا ليتني مكانه) متفق عليه.

ثم لنتأمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، فَتَكُونُ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَالشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَتَكُونُ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ، وَيَكُونُ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ، وَتَكُونُ السَّاعَةُ كَالضَّرَمَةِ بِالنَّارِ) (رواه الترمذي)

وهذه نعيشها جميعا، وعن أبي هريرة رضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“لا تقوم السَّاعة حتى تظهر الفتن، ويكثر الكذب، وتتقارب الأسواق”

ولعل تقارب الأسواق لكثرة انتشارها وتطور وسائل النقل وكذلك الشراء عن طريق الأنترنت.

(ولا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد) رواه أبو داود وابن ماجة عن أنس رضي الله عنه.

(ولا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً) ومن لم يشهده بعد!  و (لا تقوم الساعة حتى يسود كل قبيلة منافقوها) ولا زال صيت المنافقين ينتشر ويُروج لهم، ويقول عليه الصلاة والسلام:(سيكون قوم يأكلون بألسنتهم) وإي نعم قد شهدنا هذا الحديث مبصرا اليوم، (يكون في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين) كما رواه الترمذي عن أبي هريرة.

ومع هذه الأشراط المؤسفة يظهر معها علامة مبشرة يعرفها الصالحون في الأمة، وهي صدق رؤيا المؤمن في آخر الزمان، وكلما كان المرء صادقًا في إيمانه، كانت رؤياه صادقة، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“إذا اقترب الزمان؛ لم تكد رؤيا المسلم تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا، ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءًا من النبوة”. رواه مسلم.

كان هذا جمع لأبرز علامات الساعة الصغرى التي نعيشها في واقعنا المعاصر، ولم يبق لنا إلا الحديث حول ما ينتظرنا من أشراط صغرى معدودة وكبرى معلومة لم تتحقق بعد وفي تدبرها عبر وبصائر.