بريطانيا درست خططاً تعيد رسم خرائط غزة وسيناء وتيران وصنافير لإقامة مناطق عازلة بين مصر وإسرائيل- وثائق بريطانية

BBC :

الوثائق لم تشر إلى ما إذا كانت بريطانيا قد تحدث مع الدول المعنية بشأن خطط إنشاء المناطق العازلة المقترحة.

  • Author,عـامـر سـلطـان
  • Role,بي بي سي نيوز عربي- لندن

تكشف وثائق بريطانية عن أن الحكومة البريطانية درست خططاً عدة شملت دمج جزء من سيناء، وقطاع غزة، وجزيرتي تيران وصنافير، وجزء من الأردن لإنشاء منطقة عازلة بين مصر وإسرائيل، في إطار تسوية الصراع بين إسرائيل والعرب، وتأمين تدفق النفط من الشرق الأوسط إلى الغرب.

طٌرحت تلك المشروعات بعد فشل الحرب الثلاثية، البريطانية الفرنسية الإسرائيلية، على مصر رداً على تأميم الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر قناة السويس في 26 يوليو/تموز عام 1956، فيما عرف بأزمة السويس.

بعد انتهاء الحرب الفاشلة، في 11 نوفمبر/تشرين الأول عام 1956، تلكأت إسرائيل في الانسحاب من سيناء، لكنها اضطرت لمغادرتها بضغط دولي في شهر مارس/آذار عام 1957.

وتكشف وثائق وزارة الخارجية البريطانية، التي اطلعت عليها، أن الحكومة تلقت مشروعاً باسم “خطة لسيناء” اقترحتها إليزابيث مونوريو، رئيسة قسم الشرق الأوسط في مؤسسة الإيكونومسيت في 13 ديسمبر/ كانون الأول عام 1956، أي قبل انسحاب إسرائيل من سيناء بحوالى 3 شهور.

كانت مونوريو، في حينها، تتمتع بصلات قوية في الشرق الأوسط، وبسمعة كبيرة بعد تأليفها كتبا عدة عن المنطقة. ومن أشهرها كتاب “اللحظة البريطانية في الشرق الأوسط”، الذي استعرض فيه محاولات بريطانيا بين عامي 1914 و1956 ضمان الوصول إلى نفط المنطقة وإصلاح السياسات فيها، والتوفيق بين العرب واليهود في فلسطين.

ومحور الخطة هو استغلال سيطرة إسرائيل على سيناء لإقناع مصر بالتنازل عن جزء منها لإقامة منطقة دولية باسم “قطاع سيناء”.

مزايا المشروع

القوات الإسرائيلية تتقدم إلى رفح في غزة خلال حرب 1956

صدر الصورة،GETTY IMAGES

التعليق على الصورة،القوات الإسرائيلية تتقدم إلى رفح في غزة خلال حرب السويس 1956

في عرضها للمشروع على الحكومة البريطانية، قالت مونوريو إن الهدف العام هو “التخلص من اعتماد أوروبا على طريق وحيد من المحيط الهندي، وإتاحة وسيلة إضافية لنقل صادرات نفط الشرق الأوسط”.

وحذرت من أنه “بحلول عام 1965، سيكون الموقف الذي تواجهه إمدادات النفط إلى الدول الغربية أسوأ حتى مما تعرضت له الصناعة الأوروبية الغربية في عام 1956″.

وتطرقت مونوريو إلى وضع إمدادات النفط الأمريكية، مشيرة إلى أنه “بحلول عام 1975 يتوقع أن تبدأ فيه القارة الأمريكية في استيراد نحو 140 مليون طن سنويا من نفط الشرق الأوسط، مقارنة بصادراتها البالغة 30 مليون طن الآن، فإن الضربة التي تتعرض لها الصناعة الأمريكية ستكون كاسحة”.

وبشرت بتوطين مئات آلاف الفلسطينيين في “قطاع سيناء” المقترح. وهذا، وفقا لنص الخطة، يحقق هدف ” إزالة الخطر اليومي المتمثل في انفجار الوضع في فلسطين”.

بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.

وطرحت الخطة فكرة إنشاء قناة ثانية ( بديلة لقناة السويس) التي قالت مونوريو إن “حفرها حلم في الخيال الآن”. ورغم إشارتها إلى أن تضاريس المنطقة المقترحة جبلية ولا مجال للمقارنة بينها وبين الأراضي المستوية عند برزخ السويس، فإن “إمكانية (حفر القناة الثانية) سوف توجد، وقد تخفض السلوك الاحتكاري لقناة السويس”.

ما هي حدود “قطاع سيناء”؟

يشمل المشروع:

* قطاع غزة بالكامل

* قطاعا عرضه 20 ميلا ( قرابة 33 كيلومترا) من سيناء، ويمتد من البحر المتوسط إلى خليج العقبة.

* جزيرتي تيران وصنافير عند المدخل الجنوبي لخليج العقبة (اللتين احتلتهما إسرائيل في شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 1956).

وذكرت الخطة بأن الجزيرتين تمّكنان مصر من التحكم في الممر المائي الدولي إلى خليج العقبة، الأمر “الذي مكّن مصر في الماضي من التجرؤ على عرقلة حرية المرور في الممرات التي تقع ضمن مياهها الإقليمية”.

وسجلت مونوريو ملاحظة بشأن تيران وصنافير قائلة: “المسافة بين ساحل السعودية وتيران هي أربعة أميال بحرية، والمسافة بين تيران وسيناء المصرية هي ثلاثة أميال بحرية. و الممر الأخير، أي بين مصر وتيران، هو الرئيسي في حركة الملاحة”.

كيف ستُدار المنطقة وتُؤمَن؟

ستكون الإدارة دولية، وتمارسها إحدى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، وتقدم تقريرا سنويا إلى الجمعية العامة للمنظمة.

وللتأمين، اقترحت الخطة تشكيل قوة مدنية تتمتع بمساندة الأمم المتحدة، أو بضمانات واسعة لممارسة السلطة في المنطقة. ولا تملك هذه القوة سلاحا إلا بما يحقق أهدافا شرطية أو جباية الإيرادات.

ما هي مصادر التمويل؟

ستُعطى الوكالة المختارة للإدارة قروضا يقدمها الدائنون الأساسيون الذين سوف يستفيدون من “قطاع سيناء”، لحين تشغيل المنطقة وتمكنها من الاعتماد على نفسها ماليا. وتشارك في التمويل شركات النفط الأوروبية والآسيوية المستفيدة. وتوقعت الخطة أن تكفي الرسوم، التي تدفعها الشركات، لتمويل احتياجات الإدارة والتأمين.

هل يمكن أن تقبل مصر المشروع؟

راهنت مونوريو على حاجة مصر إلى المال في مشروعات التنمية. وقالت إن “رفض مصر للأموال سوف يضع حكومتها في مواجهة الشعب الذي يعتقد بأنه ينبغي إنفاق مواردهم على التنمية والرفاهية و ليس على مغامرات تتجاوز الحدود”. وأضافت أن إسرائيل في الموقف ذاته، مشيرة إلى أن إقامة منطقة عازلة بينها وبين مصر ستؤدي إلى “خفض الميزانيات العسكرية بقدر يتناسب مع الموارد المحلية وبرامج التنمية”.

ماذا عن السعودية؟

توقعت الخطة أن تكون المملكة أكثر الدول العربية استعدادا لقبول إنشاء “قطاع سيناء”، إذ “ستمكنها من إنشاء خط أنابيب سعودي خالص ينقل النفط السعودي إلى البحر المتوسط، ما يوفر الوقت والمال”. وقالت مونوريو إن الخطة ستوفر “سوقا للغاز الطبيعي السعودي والكويتي”، وتوقعت أن “يكون هذا أيضا مغريا” للبلدين.

ودفاعا عن توقيت طرح الخطة قبل جلاء إسرائيل عن سيناء، قالت المؤلفة البريطانية إن “التنفيذ سيكون أكثر صعوبة بمجرد عودة الأرض (شبه جزيرة سيناء) إلى أيادي المصريين”.

الجيش الإسرائيلي انسحب من سيناء في 7 مارس/أذار عام 1957 بعد ضغوط دولية
الجيش الإسرائيلي انسحب من سيناء في 7 مارس/أذار عام 1957 بعد ضغوط دولية.

تحذير من “انفجار آخر”

عندما أرسلت مونوريو خطتها في رسالة بعنوان “قطاع سيناء” إلى سير والتر مومكتون، وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني، قالت إدارة شؤون منطقة الشام في الخارجية البريطانية إنها تدرس بالفعل اقتراحاً بإنشاء “قطاع محايد عبر شبه جزيرة سيناء”، وإنها “أعدت ورقة بشأنه إلى لجنة شؤون الشرق الأوسط بالخارجية”.

وتعليقا على رسالة مونوريو، قالت الإدارة، في برقية سرية، إنه عندما ناقشت اللجنة الورقة البريطانية “كان هناك اتفاق عام على الصعوبات، التي ينطوي عليها إنشاء مثل هذا القطاع، تتجاوز قيمته كعازل بين إسرائيل ومصر”.

غير أنها أشارت إلى أن ويليام ديفيد أورمسبي-غور، وزير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية “اختلف مع اللجنة بهذا الشأن، مشيرا إلى أن الخطة، خاصة من وجهة نظر سياسية، واضحة، وأعظم بكثير مما قد تظنه اللجنة”.

وفي اقتراحها، أكدت مونوريو أن القطاع المقترح يجب أن يُقتطع فقط من سيناء المصرية، وأضافت أن في ذلك ميزة، موضحة أنه “من المستحيل اقتطاع جزء من إسرائيل”. وأشارت إلى أن “اقتطاع جزء من الأراضي المصرية التي استولت عليها إسرائيل يُمكن أن يُقدم على أنه أمر مفروض على إسرائيل، ومكسب لمصر”.

وأضافت أنه “في الوقت الحالي، يمكن جعل إسرائيل تتنازل عن أراض استولت عليها، وجعل مصر تتنازل عن أراض خسرتها إلى منتصر”.

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمتابعة مستقبل العالم و الأحداث الخطرة و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم في العالم على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها للمجامع والمراكز العلمية و الجامعات والعلماء في العالم.

شاهد أيضاً

بسبب حصار قوات صنعاء.. ميناء إيلات يعلن إفلاسه رسمياً

YNP : أكد موقع “World Cargo News”، إعلان ميناء إيلات التابع للكيان الصهيوني، رسمياً إفلاسه …