الخليج الجديد :
يشعر العديد من المسيحيين أن العداء المتزايد تجاههم يهدف إلى طردهم، في ظل تصاعد وتيرة اعتداءات المستوطنين اليهود في البلدة القديمة في القدس، وكذلك على الرهبان والسيّاح المسيحيين القادمين من مختلف دول العالم.
ويبرز المسيحيون المحليون عندما ينضمون إلى الشعائر الدينية، حيث تقود المجموعات الكشفية الفلسطينية والأرمنية المواكب الدينية.
لكن في الأشهر الأخيرة، قال مسيحيون يعيشون في شرق المدينة المحتلة إنهم شهدوا زيادة في المضايقات وأعمال العنف ضدهم.
في بداية العام، على جبل صهيون، حيث يعتقد المسيحيون أن “العشاء الأخير” قد حدث، شوهد مراهقان أرثوذكسيان متطرفان يهوديان على الكاميرات الأمنية وهم يدنسون القبور في المقبرة الأنجليكانية.
وتم تحطيم الصلبان وشواهد القبور، وقالت الشرطة الإسرائيلية في وقت لاحق إنه تم اعتقال شخصين.
في نهاية يناير/كانون الثاني، ألحق حشد من اليهود المتطرفين أضراراً بالممتلكات ورموا بالكراسي في مشاهد عنيفة في مطعم مملوك للأرمن بجوار “البوابة الجديدة” في المدينة القديمة، رافقتها صيحات “الموت للعرب، الموت للمسيحيين”.
وفي الشهر التالي، قام سائح أمريكي يهودي متدين بتخريب تمثال للمسيح بمطرقة في كنيسة الجلد على “درب الصليب”.
مقطع فيديو تم تصويره في مكان الحادث، يُسمعُ فيه حارس فلسطيني وهو يصرخ “اتصل بالشرطة”، بينما الرجل الذي ألقاه على الأرض ينادي: “لا يُسمح لك بالحصول على أصنام”، وقيل إنه يخضع لتقييم نفسي.
كما حطم المستوطنون اليهود شواهد قبور وصلبان أكثر من 30 قبرًا في المقبرة البروتستانتية، وخطوا شعارات عنصرية على جدران البطريركية الأرمنية في البلدة القديمة، وعبارات “الموت للأرمن، والموت للمسيحيين”.
واستولى المستوطنون اليهود كذلك على المزيد والمزيد من الممتلكات، حيث يُنظر إلى المستوطنات على أنها غير قانونية بموجب القانون الدولي، لكن إسرائيل لا توافق.
غطاء رسمي
يأتي ذلك في وقت ينخرط في هذه الاعتداءات شخصيات إسرائيلية رسمية، مثل نائب رئيس البلدية في القدس أرييه كينغ، الذي يقود عشرات المستوطنين للهجوم على السياح المسيحيين.
ويقول رئيس التجمع الوطني المسيحي في القدس دميتري دلياني: “منذ قدوم حكومة نتنياهو اليمينة المتطرفة ازدادت نسبة الاعتداءات الإرهابية على الرهبان والمسيحيين وعلى السياح أيضًا، والتي ترتكبها عصابات المستوطنين، الذين يستهدفون التواجد المسيحي في البلدة القديمة، خاصة منطقة الحي المسيحي في باب الخليل، وحي الأرمن، مدعومين من التصريحات التحريضية من قبل حكومة الاحتلال، التي تعتبر غطاء سياسيا لهؤلاء المتطرفين لممارسة جرائمهم ضد المسيحين في البلدة القديمة”.
ويضيف دلياني: “فضلًا عن التصريحات التحريضية من قبل حكومة نتنياهو، هناك غطاء حكومي يدعم هذه الاعتداءات من خلال وجود إيتمار بن غفير، وزير الأمن الداخلي الذي أعطى مزيدا من الدعم والتغطية على جرائم المستوطنين، ووجود وزير المال بتسلئيل سموتريتش الذي رفع الموازنة المقدمة للمستوطنين”.
وعلى مر السنين، أصبحت حالات البصق والسب ودفع الكهنة في البلدة القديمة أمرًا روتينيًا. وعلاوة على ذلك، يقول قادة الكنيسة إنه كان هناك المزيد من الإعتداءات الطائفية في الآونة الأخيرة.
يقول المطران ويليم شوملي من البطريركية اللاتينية: “يحدث هذا بسبب كراهية وتعصب وتطرف جزء من المجتمع الإسرائيلي”، مضيفاً: “إنها أقلية من الناس”.
فيما يقول مراقبون إن “الهدف من هذه الاعتداءات هو تقليل عدد المسيحين المتواجدين في البلدة القديمة، من خلال ترهيبهم وجعلهم دون حماية وأمان، ونطالب العالم بالتدخل لوقف هذه الاعتداءات الممنهجة ضد التواجد المسيحي في القدس، والذي يتناقص يومًا بعد يوم”.
ويشيرون إلى أن صعود اليمين المتطرف في السياسة الإسرائيلية قد لعب دوراً في زيادة الاعتداءات.
وتضم الحكومة الإسرائيلية الحالية قوميين متطرفين، مثل وزير المالية الذي يدعو إلى سياسات تظهر عدم التسامح مع أولئك الذين لا يشاركونهم دينهم.
المصدر | الخليج الجديد
تزايد الاعتداءات على مسيحيي القدس في اطار مشروع تهويد المدينة
أوري إرليخ المتحدث باسم منظمة علماء الآثار، أكد أنه “على مر السنين، استثمر الاحتلال مليارات الشواقل في مشاريع سياحية أثرية بزعم ترسيخ السردية اليهودية لتغيير الطريقة التي يُنظر بها للمدينة، وفي الأسابيع الأخيرة، كما في كل عام، أعلن الاحتلال استثمارا إضافيا بعشرات ملايين الشواقل في الحفريات الأثرية، والمشاريع التي تديرها جمعية “إلعاد” اليمينية المتطرفة، بزعم أن هذه المشاريع تروي قصة القدس اليهودية، مع تخصيص جزء كبير من الميزانية لجلب الجنود والطلاب للمشاركة في الحفريات والفعاليات الثقافية بهذه المواقع”.
وأضاف في مقال نشره موقع” زمن إسرائيل “، أنه “سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن كل هذا لن يكون له عواقب عملية، فمنذ أسبوعين تظاهر عشرات اليهود أمام مركز ديفيدسون، قرب الحائط الغربي، ضد وجود مجموعة من المسيحيين الذين وصلوا هناك، وقد طُلب من ضباط الشرطة حماية زوار الموقع بأجسادهم، وصدّ المتظاهرين الذين بصقوا على المسيحيين، وصرخوا عليهم، واتهموهم بالقيام بعمليات تبشيرية، ومن بين المتظاهرين الحاخام “تاو” ونائب رئيس بلدية القدس المحتلة “آرييه كينغ””.
وأشار إرليخ إلى أن “السلوك اليهودي ضد المسيحيين في القدس المحتلة يشكل انتهاكا لحرية الدين والعبادة، ويشرعن العنف ضد رجال الدين، وقد تميز الخطاب الإسرائيلي بأنه يقدم اليهود للعالم على أنهم وجه متعصب ومتطرف، حتى أصبحت ممارسة تهويد القدس تتم من خلال المشاريع السياحية في قلب الأحياء الفلسطينية، مثل الموقع الأثري لمدينة داود، وأصبحت جمعية عطيرات كوهانيم شرعية، ويسعى وزراء الحكومة للارتباط بها، ولم تعد عبارة “تهويد القدس” مستهجنة”.
وأكد أنه “عندما يكون تهويد القدس جزءًا من الحياة اليومية للإسرائيليين، فإن الهجوم على الأرض ضد كل ما هو غير يهودي في المدينة أصبح يوميًا، فقبل حوالي أسبوع من المظاهرة ضد المسيحيين، حصلت مسيرة للأعلام في الحي الإسلامي من أجل تحدّي الطابع الإسلامي للمنطقة، وفي الأشهر الأخيرة وقعت عدة حوادث تخريب ضد الكنائس والمقابر المسيحية في المدينة، وأصبح ما كان في السابق ملكًا لأقلية متطرفة عملت بطريقة متطورة لتهويد المدينة، أمرًا يكاد يكون روتينًا إسرائيليًا”.
وختم بالقول إن “مشروع تهويد المدينة المقدسة بدأ كمبادرة استيطانية في الأحياء الفلسطينية، واستمر بوضع أحد أهم المواقع الأثرية في العالم في أيدي جمعية سياسية هدفها المعلن تهويد المنطقة، والآن وصل إلى النقطة التي أصبح فيها كل من ليس يهوديا في المنطقة محل اعتداء من قبل الجمهور الإسرائيلي، الساعي نحو محاربة كل الظواهر غير اليهودية، والهادف لاقتلاعهم من جذورهم المزروعة في القدس منذ قرون عديدة”.
تكشف هذه الجهود التهويدية عن عدم توقف الجماعات الاستيطانية اليهودية عن اختراع الوسائل وتزوير الحقائق لإثبات مزاعمها التاريخية بتهويد القدس المحتلة، وآخرها ما ابتدعته عن استهداف الوجود المسيحي في المدينة المقدسة، من خلال الاعتداء على مسيرات المسيحيين فيها، وهدم معالمهم التاريخية، وضرب رجال الدين من الرهبان والقساوسة، استكمالا لما يحصل من استهداف بحق المسلمين، في مساع واضحة لنفي كل ما هو غير يهودي في القدس المحتلة.
*عربي 21
شفقنا