ما أجمل الليالي الرمضانية في حي الحسين والسيدة زينب وشارع المعز بالقاهرة تلك الأحياء القادرة على أن تنقلك إلى عالم آخر ملىء بالطاقة الإيجابية والراحة النفسية ومشاهد الاحتفالات الرمضانية االتي تمتزج مع عراقة وتاريخ المكان الذي يضم أهم الأثار الإسلامية، لينقسم يومك في رمضان بين الصلاة والروحانيات والجلسات الدينية وحلقات الذكر والتنزة وقضاء الأوقات الممتعة وسط جموع الشعب بإختلاف فئاتهم وطبقاتهم الإجتماعية المختلفة وكذلك السياح الأجانب والإخوة العرب الذين يحتشدون في الساحة الحسينية وعلى المطاعم والمقاهي وخاصة مقهى الفيشاوي أحد معالم الحسين وخان الخليلي أقدم مقاهي القاهرة والتي يعود تاريخها لعام 1797 ميلادية.
تنتظر معظم الأسر المصرية قدوم الشهر الكريم لتنتهز الفرصة لتقضي الليالي الرمضانية في أمتع وأحلى أوقاتها هناك، فهو المكان الذى لايضاهيه مكانا في القاهرة منذ قديم الأزل بنفحاته وسهراته الرمضانية وروحانياته التي تشعر بها منذ دخولك للمكان حيث يذهب الجميع للإفطار والسحور والتنزة وسط الأجواء الرمضانية الفريدة التي تتميز به تلك البقعة الساحرة في القاهرة.
سحور وإفطار الصائمين في السيدة والحسين
بمجرد أن تطأ قدميك ساحة الحسين أوالسيدة زينب تشتم رائحة رمضان الزكية وتلمع عينيك بالنور والأضواء التي تزين المكان كله من البيوت المحيطة والساحة والمآذن، حيث يشع كل شىء من حولك بنفحات الشهر الكريم والزينات المختلفة التي تكسوا المنطقة، فمشاهد الإحتفالية الرمضانية هناك لن تراها في أي مكان آخر، وحول الساحة الحسينية تجد موائد الرحمن مفتوحة طوال أيام الشهر الكريم للفقراء والمحتاجين وعابري السبيل والعديد من مشاهد الخير والتكافل الإجتماعي بين الناس وبعضها، كذلك القادرين والطبقات المختلفة تأتي لتتناول السحور أو الإفطار في المطاعم التي تحيط بالمكان للاستمتاع بالأجواء الرمضانية مع العائلة أو الإصدقاء وإلتقاط الصور التذكارية في هذه المنطقة الأثرية الشعبية، ولا يقتصر ذلك على المصريين فقط بل يشارك السياح في هذه الأجواء وقضاء الليالي الرمضانية وتناول الطعام في جوء ملىء بالإحتفالات والبرامج الخاصة التي تقدمها الفرق الشعبية والغنائية والدينية وعازفي الموسيقى هناك.
الكافيهات والمقاهي ومشروبات رمضانية
يقول شادى عبد اللطيف شاب يعمل في أحدى الكافيهات بمنطقة الحسين، لا يخلو المكان أبدا من الزائريين ولكن تزداد الوفود في شهر رمضان لرغبة الجميع في المجيء هنا والاستمتاع بالأجواء الروحانية وصلاة التراويح والعبادات وترديد الأناشيد الدينية الاحتفالية وتناول الإفطار ثم قضاء أوقاتهم على المقاهي والكافيهات، حيث يستمعون ويشاركون الفرق الشعبية والمطربين الذين يتواجدون في كل مكان على المقاهى والساحات، وكذلك عروض فرق التنورة التي تجوب الشوارع في أجواء كرنفالية خاصة بالشهر الكريم.
التمرهندى والعرق سوس والسحلب والشيشة هي أكثر المشروبات التي يطلبها الزائرين في شهر رمضان حسبما أكد شادي، مشيرا إلى أن هذه المشروبات تتوافر بكثرة في تلك الأيام عن باقي شهور العام.
ويضيف يبدأ العائلات والسائحون الذين يقضون معظم يومهم في الحسين والسيدة وشارع المعز، في التوافد قبل أذان المغرب بوقت كافي حتى يحجزون أماكنهم في المطاعم لتناول الإفطار ثم يقضون العبادات وصلاة التراويح وحلقات الذكر، ويواصلون سهراتهم في الحفلات الدينية والفرق الغنائية والشعبية ويواصلون ليلتهم بتناول السحور في رحاب الحسين والسيدة ويقضون وقتهم حتى شروق الشمس.
الفقراء وعابري السبيل لهم نصيبا في الأجواء الرمضانية بالحسين
يحرص الفقراء وعابري السبيل على التواجد حول مساجد الحسين والسيدة زينب حيث يساعدهم القادرون للمشاركة والإستمتاع بالأجواء الرمضانية بإفطارهم في موائد الرحمن وسحورهم أيضا وكذلك مساعدتهم مادياً لقضاء حوائجهم، فالجميع يسارعون لفعل الخير وتقديم يد العون لهم، كما يساعدهم البعض بالملابس الجديدة في نهاية الشهرالكريم ليحتفلون بالعيد وإدخال الفرحة في قلوبهم.
صلاة التروايح وحلقات الذكر والروحانيات في السيدة زينب والحسين
حي السيدة زينب من أهم الأحياء الشعبية في مصر وخلال شهر رمضان يتوافد عليه أعداد كبيرة من الزائريين والمصلين لقضاء صلاة التراويح في المسجد والساحات وحضور حلقات الذكر والإستمتاع بالروحانيات وأجواء رمضان المباركة بجوار أهل البيت والتبارك بهم، يتزين المكان بالأضواء الكثيفة والزينات المختلفة طوال الشهر الكريم في جميع محيط المكان والفوانيس وخلال تواجدك هناك تسمع الأغانى الرمضانية القديمة والتراثية في كل مكان وكذلك تتزين المساجد جميعها والمأذن بالأضاءة في مشهد رائع لاتجده ولاتشعر به سوى هناك.
مقهى الفيشاوى التاريخية أقدم مقاهى القاهرة
بعد تناول الفطار والإنتهاء من العبادات وصلاة التراويح يبدأ الزائريين في التجول والإستمتاع بالاجواء ومشاهد المعالم الأثرية الأسلامية وكذلك يقضون وقتهم على المقاهي لتناول المشوربات والشيشة وسط الحفلات الغنائية والفرق الشعبية ولعل من أشهر تلك المقاهي هي “مقهى الفيشاوى” أحد معالم منطقة الحسين وأقدم مقهى في القاهرة، حيث يعود تاريخ إنشائها لعام 1797م، وتتميز بطابعها الشرقى الأصيل وزخارفها ونقوشها ومشغولات الأرابيسك والأبانوس الذي يزينها ومقاعدها الخشبية المشغولة فهي تحفة فنية في حد ذاتها.
يقول محمود إبراهيم أحد المترددين على مقهى الفيشاوي أنها شاهده على التاريخ حيث عاصرت ملوك وأمراء وروؤساء وكان يتردد عليها كبار ومشاهير مصر مثل الأديب العالمي نجيب محفوظ حيث كان المكان المفضل له وعبد الحليم وأم كلثوم وعبد الوهاب وحتى الرؤساء العرب، فجميع من يتزورن الحسين والسيدة لا يفوتهم الجلوس على مقهى الفيشاوي الشاهدة على تاريخ مصر الثقافي والسياسي والحضاري والفني.
شارع المعز لدين الله الفاطمي متحف أثري إسلامي مفتوح
يعد شارع المعز لدين الله الفاطمي من أهم وأشهر الشوارع التاريخية والأثرية المصرية وأقدمها، فبجانب طابعه التاريخي العريق وما يحتويه من أثار أسلامية، له خصوصية فريدة عن باقي الأماكن الأخرى، وتتوافد عليه الأسر المصرية والزائرين من السائحون طوال العام ولكنه في شهر رمضان يتفرد بأجواء خاصة، حيث يمتلىء بالأضواء والزينة والعائلات التي تأتي بكثرة لتستمتع بالأجواء الرمضانية هناك، فهو يتميز بكونه متحف أثري مفتوح للجميع ويضم مجموعة كبيرة من المساجد الأثرية والأماكن التاريخية مثل مدرسة الناصر محمد بن قلاوون وباب زويلة والسبيل ومنطقة النحاسين، وحمام السلطان، كما أن الشارع في حد ذاته أثر حيث تم إنشائه في عهد الفاطميين ويتزين بالنقوش التاريخية والتحف المعمارية التي تملىء الجدران والأماكن الأثرية به.
يتميز الشارع أيضا بعدد كبير من محلات الذهب والفضة وحرفي النحاس ومشغولاتهم التي تعبر عن فن أصيل وعريق توارثوه عبر الأجيال حيث يعرف عنه أنه يتمركز فيه أكبر الحرفيين والتجاريين ويتردد عليه المواطنون لشراء تلك القطع الفنية وما يحتاجونه من تحف ومشغولات ونجف وإكسسورارت وغيرها، وخلال شهر رمضان تطوف خلاله الفرق الغنائية والشعبية بجانب المطاعم والكافيهات التي تمتلىء بالزوار.
شريف نادي
حياة جميلة