وتعرض اليمن طوال السنوات الماضية لعملية استنزاف واسعة لقواه وموارده في ظل اشتعال متواصل لأزمات اقتصادية متعاقبة عادة ما يكون المواطن اليمني ضحيتها، في حين بات الإنسان والاقتصاد يواجهان ليس أزمة واحدة، بل أزمات مركبة على مختلف الصُعد.
ويقول البنك الدولي، في تقرير صادر نهاية العام 2022، إن اليمن لا يزال واحداً من أفقر البلدان وأكثرها حاجة للدعم والمساعدة وسط معاناة من انعدام الامن الغذائي ، حيث يؤدي استمرار الصراع والتدهور الاقتصادي الحاد وانهيار الخدمات الأساسية إلى تفاقم الوضع المحفوف بالمخاطر بالفعل. ويؤكد القطاع الخاص في اليمن أنه في حالة صدمة وألم شديد تجاه حادثة التدافع في استلام المحتاجين لمساعدات نقدية معتادة موسمياً وسنوياً على صرفها للمواطنين في مواسم مختلفة.
ويقول مسؤول الاتصال والإعلام بالغرفة التجارية والصناعية المركزية في أمانة العاصمة صنعاء أحمد حسن، لـ”العربي الجديد”، إن القطاع الخاص اليمني يسعى إلى القيام بدوره الوطني في استمرار عجلة التنمية والمسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع في ظروف صعبة واستثنائية على مدى ثماني سنوات.
كما أن استمرار حالة الحرب والحصار الاقتصادي وتوقف الكثير من الأنشطة الاقتصادية بحسب مؤسسات القطاع الخاص في اليمن، ووقف صرف الرواتب، وعدم الوصول إلى سلام شامل، كل هذا ساهم بشكل رئيس في توسع حالة الفقر والاحتياج لدى المواطن اليمني.
وعبر مواطنون يمنيون بسخط شديد عما وصلت إليه الأمور في البلاد من التردي المعيشي، الذي جعل معظم سكان البلاد يقتاتون على الكفاف ويعتمدون على المساعدات بعد أن تخلت جميع السلطات عنهم، وسط تقاعسها عن القيام بدورها في معالجة مشاكلهم والتخفيف من حدة الأزمات التي يواجهونها، ليس أقلها صرف رواتب الموظفين المدنيين.
ويعتبر أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز محمد قحطان، في حديث مع “العربي الجديد”، أن تراجع الأنشطة الاقتصادية والتنموية والاستثمارية من أهم أسباب توسع رقعة الفقر بالنظر إلى تضاؤل عملية توليد فرص العمل في بلد يعاني من بطالة مزمنة، إضافة إلى انعدام الدخل مع توقف رواتب الموظفين المدنيين، إذ كانت الدولة مشغلاً رئيساً للأيدي العاملة، وتستوعب عدداً كبيراً من الموظفين في الخدمة المدنية الذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها من دون رواتب، ولا دخل ومصادر عيش متاحة.
في السياق، ترى وزارة التخطيط والتعاون الدولي، في تقرير صادر عام 2020 عن قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية، أن الفقر في اليمن ظاهرة مزمنة وواسعة الانتشار منذ عقود من الزمن، مع تجاوز نسبته أكثر من 80 في المائة خلال سنوات الحرب، فالملايين من الناس في البلاد فقراء ومعرضون بشكل خاص لمزيج أو سلسلة من الصدمات والمخاطر الشديدة والمتغيرة.
ويعزو الباحث الاقتصادي مجد إبراهيم، في حديثه مع “العربي الجديد”، تفاقم الفقر المدقع في البلاد إلى حقيقة أن اليمن يستورد ما لا يقل عن 90 في المائة من السلع الغذائية الأساسية، كالأرز والقمح والسكر من الخارج؛ وتزداد أسعار السلع والخدمات الأساسية باستمرار؛ إضافة إلى انتشار البطالة بين السكان وسط محدودية فرص الدخل.